قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية راقصة الحانة للكاتبة نورا عبدالعزيز الفصل السادس

رواية راقصة الحانة للكاتبة نورا عبدالعزيز كاملة

رواية راقصة الحانة للكاتبة نورا عبدالعزيز الفصل السادس

سألها بذهول من أمنيتها الجميلة في علاج الفقراء وهو يخطو بجوارها، قائلاً:
- أنتي عايزة تكوني دكتورة وتعالج...

بتر حديثه ضرب قوية بالعصا الحديدية علي ظهره من " رامي " أسقطته أرضاً وصرخت هي بخوف عليه ورعب أمتلكها من ظهور " سيد " مجدداً في حياتها، أخذها " سيد " من شعرها بقوة، أغمض " إلياس " عيناه مُستسلماً لتلك الضربة القوية وعقله يذكره بأنه فقد زوجته وطفله بنفس المكان والآن " دموع "، ألتف جميعاً تاركوه علي الأرض وهي تقاوم بكل قوتها وتأبي الذهاب، حملها " رامي " علي كتفه جبراً وهي تصرخ به وتضربه، أسرع " سيد " أمامهم وفتح صندوق السيارة ليضعها به ورفع رأسه بهلع علي صوت أطلق رصاصة فرأى " إليـاس " علي الأرض كما هو وأطلق رصاصة من مسدسه فظهر " رامي "...

فخرجت صرخة قوية منها حين سقط وهي علي كتفه، أبعدت يده عنها وركضت نحو " إلياس" بخوف ثم جلست علي قدميها بجواره مسك يدها جيداً حتي لا يأخذها أحد منه ثم حاول الوقوف وهو يصوب مسدسه علي " سيد "
أنتفض " سيد " بخوف من أن يقتله كالأخر وركب سيارته وذهب، سقط " إلياس " علي الأرض بتعب فاقد الوعي، نادته بخوف شديد:
- عمه.. عمه رد عليا.

كانت جالسة في غرفتها على فراشها وتستمع لأغاني شاردة في نظرة عيناه الساحرة وشجاعته وهو يقاتل من أجل أنقذها، أبتسمت بسعادة تغمرها فور تذكرها لجملته:
- متخافيش أنا هنقذك...
أحتضنت " أثير " عروسته ببهجة أعترت قلبها، ضحكت أكثر وهي تنطق أسمه من شفتيها:
- علي، هو في كدة ياقلبي، علي
وضعت قبضتها علي قلبها الذي يدق كالمجنون به وأغمضت عيناها مُندمجة مع كلمات الأغنية ولحظاته البسيطة اليوم معها...

وقف " علي " أمام المرآة عاري الصدر يرتدي بنطلونه فقط، يعالج جرح كتفه البسيط وشعره مبلل بعد أستحممه، أنتهي من تطهير جرحه فرفع يده لجرح جبينته وحينها تذكر حين وضعت سبابهها الصغير علي جرحه وعيناها الخائفة عليه ورقتها مع جمالها البسيط رغم حالتها الفوضوية في هذا الموقف، أبتسم بهدوء واضعاً يده علي جبينه بحنان ويردف مُحدثاً صورته في المرآة قائلاً:

- أثير أسمها مش وحش علي فكرة ياعلي باشا ولا شكلها وحشة.
أتاه صوت من داخله يعرف أنه ينبع من عقله وأفكاره يقول:
- هي جميلة.
أجابه مُبتسماً لذاته في المرآة:
- جميلة بس وصوتها رقيق زي العصافير وبريق عيناها زي أشعة الشمس في لحظة الغروب فوق البحر.

سأله ذلك العقل بفضول شديد عن ما يحدث بقلب صاحبه:
- أنت حبتها ولا إيه، دي أخت صاحبك معقول الراجل أمنك أمانة وأتمنك علي أخته تروح تحبها من وراءه أخس عليك راجل ندل.
صرخ " علي " بصورته في المرآة بإستياء قائلاً:
- طب غور بقي من هنا مش عايز أسمع صوتك لحد الصبح كتك نيلة وش فقر طول عمرك.

وأخذ تيشرته بضجر من فوق كرسيه وأرتدته ثم تمدد علي سريره لكي ينام ولم يتوقف عقله عن مشاجرته وهكذا قلبه لم يتوقف عن التفكير بها...

أستيقظ " إلياس " صباحاً بتعب وهو يشعر بألم في ظهره أثر الضربة فشعر بثقل في يده، فتح عيناه ونظر إلي يده وجدها نائمة علي حافة السرير بجواره معاكسة له وتمسك يده بكلتا يدها يبدو أنها كانت تنتظره أن يعود لوعي فغلبها النوم من التعب وكثرة الأنتظار، نظر للسقف بملل دون حركة حتي لا يقظها وتذكر بعض لقطات أمس وهي تحاول الصعود به لشقته ولم تقوي علي حمل جسده أو مساندته بجسدها الضئيل فساعدها البواب وأبنه ولم يشعر بأي شيء بعدها، أعتدل في جلسته علي السرير وهو يتثاءب بكسل وجذب يده من يدها برفقها ثم قام من فراشه ووضع الغطاء عليها وترك الغرفة...

_ عملتي إيه ياماما في الموضوع اللي إلياس كلمك فيه
قالتها " أثير " وهي تأكل الكيك علي السفرة مع والدها ووالدتها.. .

أردفت " جميلة " وهي تقلب حبات السكر بالحليب بهدوء، قائلة:
- أديني كلمت واحدة حبيبتي في الأدارة ويارب توصل للملف بتاعها وبعدها هقدملها في المدرسة عندي مع بداية السنة الدراسية.

سألتها " أثير " بذهول وهي تترك الملعقة، قائلة:
- وهتلحقي ياماما ده الدراسة بعد أسبوعين.

أشارت إليها بنعم وقالت مؤكدة حديثها:
- أنتي ناسية إني مديرة المدرسة، أكيد هلحق المهم دموع تستعد بقي وتتأقلم علي المكان والبيئة أنتي ناسية أنها هتكون أكبر من كل الطلاب بثلاث سنين.

وقفت " أثير " ومسكت شنطتها وهي تقول:
- دموع شطارة وهتكون قدها، عن أذن حضرتك همشي عشان كدة هتأخر علي الكورس بتاعي وهيفوتني الأمتحان.

أردف " حبيب " وهو يقرأ الجريدة بلهجة صارمة، قائلاً:
- خلي بالك من نفسك، ومتتأخريش مش عايز أرن عليكي ومترديش عليا كفاية قلق.
- حاضر يابابا
قالتها وهي تسرع للباب لكي لا تتأخر أكثر عن موعدها...

خرجت " دموع " من الغرفة وهي تمطي جسدها بتكاسل وأرق شديد، تفرك عيناها بأناملها فوجدته يجهز الفطار علي السفرة من إجلها ويجلس علي الأريكة أمام التلفاز يشاهد الأخبار ويرتشف قهوته، أبتسمت بسعادة لسلامة صحته وركضت نحوه ثم جلست بجواره وهتفت بتساؤل:
- عمه أنت كويس مفيش حاجة بتوجعك.

ضحك وهو يدير رأسه للجهه الأخري علي تلك الكلمة التي تناديه بها " عمه " وقال وهو يلتف لها ببرود كالمعتاد من شخص مجروح حد الموت:
- إيه حكاية عمه دي آنا مش عجوز لدرجتي.

أردفت بخجل وهي تنظر له ببراءة، قائلة:
- حضرتك عندك كام سنة.
- 33 سنة
إجابها بتلقائية فور سؤالها، أبتسمت له وقالت ببهجة مُشرقة:
- طيب يعني حضرتك أكبر مني بــ 16 سنة يعني قد عمري مرتين تبقى عمه ولا لا.

قال بإقناع شديد من حديثها دون أي تعبير على وجهه:
- فعلاً أبقي عمه، قومي أفطرت عشان تنزلي تشتري مستلزمات مدرستك...

ترك الفنجان على الترابيزة ووقف متجهاً إلي المطبخ وهو يكمل حديثه قائلاً:
- يكون في علمك آنا مبحبش الطالب الفاشل مادام عايزة تكوني دكتورة لازم تذاكري كويس جدا.

أجابه بسعادة وهي تقف من مكانها:
- حاضر.
ألتف لها وقال محذراً:
- متثقيش في أي حد من اللي حواليكي مادام قررتي تعيشي وسط الناس لازم تعرفي أنهم غدارين ومتثقيش فيهم.

أشارت إليه بنعم وأقتربت منه بسذاجة ثم وقفت أمامه مباشرة وهتفت ببراءة مُردفة:
- على الأقل ينفع أثق فيك صح.

أستدار يعطيها ظهره وقال ببرود صارم:
- آللي زيك مش المفروض يثق في ضابط الشرطة.

شعرت بالأهانة من حديثه وتذكرت كونها مجرد راقصة حانة فرض القدر عليها هذا اللقب اللعين الذي يخشاه الجميع ويجعلهم ينفروه منها ومن قربها، فتجمعت دمعة في عيناها الخضراء تلوثهما وقالت بحزن شديد:
- بس أنا بثق فيك لأن بحس معاك بالأمان.

ذهل من جملتها فأستدار لها بسرعة ورأي بريق دموعها بداخل جفنيها، زفر بضيق من بكاءها وهتف بجدية:
- متتعوديش تعيطي علي كل كلمة تتقالك، متبينيش للي قدامك أنك ضعيفة لانه لو حس بضعفك هيدوس عليكي ويكسرك، الناس مش ملايكة زي ما في خيالك، الناس أخطر من أسد الغابة عليكي.

أشارت إليه بنعم وهي تحاول التوقف عن البكاء، وسألته بفضول:
- حضرتك نازل الشغل.

أستدار يعطيها ظهره ويقول ببرود وجحود قلب ميت:
- أنا في أجازة.

أسرعت هي إليه ووقفت أمامه مُبتسمة وعقدت ذراعيها أمام صدرها بغرور مُصطنع وملامح مضحكة ثم هتفت مُردفة:
- واضح إن الناس الشريرين كسروك أنت كمان، المفروض تقف من تاني وتنتقم منها متبطلش تحاول أنك ترجع حقك وتنفذ هدف، عن أذنك.

ودلفت إلي غرفتها، وقف مكانه يفكر في حديثها وكأنها ألقت عليه دلو من المياة الباردة لم يشعر بشئ سوي وهو يغير ملابسه ويأخذها لبيت أمه ومنه يذهب إلى القسم مُتجهاً إلي مكتبه ويلغي أجازته عائداً إلي عمله...

أختباء " سيد " في الحانة بخوف من تهور " إلياس " ولا يعلم ماذا حدث لرامي بعد أن تلقي رصاصة من ذلك الشرس... .

خرجت " أثير " من مركز اللغات بعد أن أنهت محاضرتها مع صديقتها " سارة ".
- علي كدة نحمد ربنا أنك رجعتلنا سليمة
قالتها " سارة " بإرتياح بعد أن قصت عليها " أثير " ما حدث وخطفها...
أبتسمت " أثير " وهتفت مُردفة:
- اه.

رمقتها " سارة " بعيناها وقالت بخبث:
- إيه الإبتسامة دي ها شكلك مخبية عني حاجة والله.
ضحكت " أثير " بخجل وقالت نافية هذا الحديث:
- لا لا لا محصلش مفيش حاجة أخبيها هخبي إيه يعني...
-ماشي مصيري هعرف يابيضة
قالتها " سارة " وهي تقف وتشير إلي الأتوبيس.

خرج " إلياس " من مكتبه بزفر وأغلق الباب بقوة.

- مالك شايط ليه من أولها
قالها " علي " وهو يأتي من خلفه، أجابه " إلياس " بضيق وهو ينظر أمامه:
- هو حد يشوفك وميشطتش أصلا، أنا رايح أشوف الطب الشرعي وصل لحاجة في القضية المنيلة دي علي دماغ اللي جابوها.

قهقه " علي " بقوة من أعماق قلبه ثم هتف مُردفاً:
- من أمتي القواضي بتبقي منيلة بنيلة ها، ولا قاعدة البيت حلوة ضباط أخر زمان.

أستدار " إلياس " له ثم رمقه بنظرة جدية وهتف برسمية قائلاً:
- ثابت ياحضرة الضابط .

وبتلقائية وضع " علي " يده بجوار جبينه وقال بألية:
- تمام يافندم.

أبتسم " إلياس " له بسخرية وقال:
- أنت مدور مكتب ياسيادة النقيب عن أذنك .

وتركه وخرج، عض " علي " شفتاه السفلي بغيظ وعاد إلى مكتبه بضيق ويحدث العسكري:
- دخلي يابني المتهم اللي عندك الله يخرب بيوتكم في اليوم المنيل دا... .

جلس يحقق مع المتهم ما يقارب لساعة إلا ربع ونفذ كل صبره بسبب دوران المتهم عليه وأنكره، سمع صوت مرتفع وضجيج شديد من الخارج وقف من مقعده وخرج إلي الخارج وصرخ بالجميع بنفاذ صبر وعدم تحمله للضجيج أكثر قائلاً:
- إيه يابهايم أنتوا أحنا فين هنا فبيت أبوكم، مش عايز أسمع صوت كلب فيكم.

أزدردت " أثير " لعوبها بخوف من شراسته ولهجته الحادة مع العساكر والمجرمين، أشار العسكري عليها هي وصديقتها وقال برسمية:
- ياباشا هم اللي بيتخانقوا ومش صابرين اننا نفهم منهم حاجة.

نظر نحوهم وذهل من وجودها بالقسم وتفتعل الشجار مع المجرمين، سألها بجدية وهو يضع يديه في جيبه بغرور قائلاً:
- خير يا أنسة عاملة دوشة ليه.

جمعت شجاعتها وتغاطت عن كونه وسيم أكثر اليوم برجولته وحدته في عمله وقالت بثقة:
- من ساعة ما دخلت بقول عايزة أعمل محضر ضد الحيوان ده.

أجابها الشاب وهو يضع يده علي كتفها لكي يديرها له قائلاً:
- يا أثير أنا مقصدتش حاجة من اللي في دماغك دي، حضرتك إحنا زملاء مفيش حاجة...

وقبل آن يكمل حديثه بترته هي من فمه بصفعة قوية علي وجهه ثم تردف بأشمئزاز وأحتقار قائلة:
- تاني مرة أيدك الحلوة دي متلمسنيش، وأحنا مش زملاء وحتي لو، ده ميدكش الحق تحط أيدك علي وسطي ياحيوان... .

نظرت الي " علي " وسألته بضيق قائلة:
- مكتب إلياس منين ياحضرة الضابط أخويا يعرف يجبلي حقي كويس من الأشكال دي.

أبتسم " علي " بتكلف وقال بهدوء:
- هو مش موجود بس أنا موجود وحقك هيرجع متقلقيش أتفضلي.. .

أنتفض هذا الشاب من مسار الموضوع وسيتحول لقضية بسببها، كادت أن تذهب خلفه مع " سارة " حتي أوقفها هذا الشاب وهو يمسك يدها ويردف بخوف:
- خلاص أنا أسف مش هتكرر مفيش داعي لمحضر وقضية أنا...

إستقبل لكمه قوية علي وجهه من " علي " أرجعته خطوة بدون إرادته، وصرخ " علي " بالعسكري الواقف أمامه بإنفعال شديد وغيرة من لمسه لهذه الفتاة التي لعبت بأوتار قلبه حتي سكنته بنظرة واحدة:
- خده ياعسكري لقحه في الحجز علي ما أفضاله وأبقي أتسل عليه ونشوف حكايته إيه ننوس عين أمه ده.

أخذها ودلف إلى مكتبه وطلب لها عصير هي وصديقتها، ثم سألها بهدوء:
- ايه الحكاية بقي.

كادت أن تجيبه ولكن قطعتها "سارة " بالحديث قائلة:
- أقول لحضرتك محسن...

سألها ببرود وهو يجلس علي كرسيه خلف المكتب، قائلاً:
- محسن مين.

- اللي حضرتك دخلته السجن معانا في الكورس ومن أول يوم عينه علي أثير أكمنها حلوة يعني وكل مرة وأحنا مروحين يعرض علينا أنه يوصلنا بس أحنا طبعاً بنرفض وبنتخانق معاه ده مرة حتى حاول يمسك أيدها بس هي رزعته بالقلم...
قالتها " سارة " بعفوية حتي قطعتها " أثير ".

نكزتها " أثير " في ذراعها بإحراج وهتفت بخفوت شديد وهي تضع يدها على وجهها تختبئ منه:
- موتك على أيدي النهاردة، متحكيله حكايتي من يوم ما أتولد أسكتي فضحتيني.

أبتسم " على " عليها ووضع يده أسفل رأسه مستمعاً بأعجاب لحديثهما وقال بفضول:
- كملي.

نظرت " سارة " لها بخوف من تهديدها ثم أزدردت لعوبها وقالت:
- بس كدة حضرتك النهاردة وأحنا مروحين عرف أنها أتخطفت فأصر يروحنا وأحنا رفضنا كالعادة راحة حط أيده على وسطها عشان متمشيش روحنا لمنا الناس عليه وجبنا علي هنا...

نقل نظره إليها فنظرت بسرعة أرضاً بأحراج شديد من هذا الموقف، سألها بقلق عليها واضح في عيناه:
- المهم أنتي كويسة ؟؟.

أشارت إليه بنعم، وقف بغضب شديد وغيرة عليها من هذا الفاسق وخرج من مكتبه يتواعد بأن يلقيه أسوء عقاب...

عاد " إلياس " إلي بيت والده مع أخته بعد أن أنهى الموضوع وأخذ تعاهد من " محسن " بعدم التعرض لها مجدداً، دلف إلي الداخل وأغلق الباب ثم أستدار ووقع نظره عليها وهى تجلس علي الأرض أمام ترابيزة الصالون وتذاكر بجهد وأتقان وشعرها البنى الناعم مسدول علي الجانبين يداعب وجهها، أقتربت " جميلة " منه وهتفت بحنان:
- حمد الله بالسلامة ياحبيبي أقعد أتعشي معانا بقي.

- تسلملي هتعشي في البيت
قالها " إلياس " وهو ينظر عليها وهي تكتب في الأوراق المتناثرة حولها، سمعت صوته فرفعت رأسها ناظرة له وفور تلقي عيناهما معاً رسمت بسمة طفولية علي وجهها ووقفت ذاهبة له وكأنه والدها وعاد من عمله.. وقفت بجواره وقالت بسذاجة:
- أتاخرت ليه، طنط جبتلي كتب عشان أذاكر.

مسح علي رأسها بحنان وقال:
- ذاكرتي يعني، المهم يلا خلينا نروح ونتكلم في البيت.

- خليها هنا هتنام مع أختك، أنت راجل وعايش لوحدك مينفعش
قالتها " جميلة " بجدية وهي ترمقه بنظرة تحذير من حديث الجيران عنه، مسكت " دموع " يده بخوف وقالت:
- أنا عايزة أروح مع عمه.

نظر ليدها المتشابكة بيده ثم لعيناها وهي تترجاه بأن لا يتركها هنا وحدها، تحدث وهو ينظر لعيناها الخضراء بهدوء شديد:
- دموع هتروح معايا يامي، محدش له حاجة عندي.

لا يعلم ماذا تفعل عيناها له منذ أول لقاء لهما معاً، أبتسمت له بسعادة تغمرها كالبلهاء وأخذها من يدها متشابكة بيده وخرج بها من الشقة حاملاً لها شنطتها في يده الأخري، فتح لها باب السيارة أولاً وجعلها تركب نظر ليديهما وكأنه يأبي أن يترك يدها زفر بضيق وهو يسحب يده من كفها الصغير ثم أغلق الباب لها وألتف ليركب هو الأخر بنرفزة، قال بهدوء:
- شكلك تعبانة نامي لما نوصل هصحيكي.

ضحكت له وهي تستدير له علي مقعدها تعطي ظهرها للباب وأردفت بعفوية قائلة:
- لا مش هنام، أنت روحت الشغل صح.

أشار إليها بنعم، أكملت حديثها ببراءة قائلة:
- المهم متكونش زعلت من كلامي أنا بجد خايفة عليك حسب اللي فهمته إنهم قتلوا مراتك وكانوا عايزين يموتك أنت مينفعش تقعد من الشغل وتهرب الهروب مش حل قد المواجهة مع أني خايفة عليك جداً من المواجهة دي.

نظر لعيناها وهو يقود سيارته وتذكر ما حدث بأكمله وخوفها عليه أبتسمت له ببراءة فأبتسم لها رأي سيارة نقل تأتي من جواره خلف بابها بسرعة قصوي علم بأنها ستقتلهما معاً، جذب رأسها بهلع وأخباها بصدره وهي مُبتسمة بدهشة من فعلته وبسرعة البرق صدمت السيارة سيارته من جانبها وأنكسر زجاج نافذة الباب بظهرها وأنقلبت سيارته نتيجة الصدمة القوي وهي بين صدره...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة