قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية راقصة الحانة للكاتبة نورا عبدالعزيز الفصل الثاني

رواية راقصة الحانة للكاتبة نورا عبدالعزيز كاملة

رواية راقصة الحانة للكاتبة نورا عبدالعزيز الفصل الثاني

أرتدت حذاءها وشنطتها وركضت بأقصي سرعتها في الطريق، ظلت نصف ساعة تركض بخوف حتي ظهرت أول سيارة علي الطريق وأشارت إليها لكي تتوقف، توقفت السيارة ودهشت حين نزل منها " سيد " وعيناه كالصقر الذي وجد فريسته وتشع غضب من هروبها التي لم تتوقف عنه..

أنقبض قلبها بخوف وصدرها يصعد ويهبط من أرتجفها، زحزحت قدمها بثقل إلى الخلف وهربت شجاعتها بعد أن جعلتها تهربها، أقترب منها بجحود ورمي سيجارته وهو ينفث دخانها بوجه " دموع "، مسكها من معصمها بقوة وأدخلها السيارة بقسوة وصدمت رأسها بالسيارة وهي تجهش في البكاء بخوف من تفكيرها وماذا سيفعل بها..

قاد بهما " رامي " وهو شاب فاسد يعمل ديلر مع سيد ويريد الزواج من دموع وهي ترفض بشدة عمره ثلاثة وعشرون عام..
نظر لها في المرآة فرمقته بنظرة أحتقار وأشاحت نظرها عنه...

في ڤيلة " معتصم "
نزل من الأعلي وهو يحمل جاكيته في قبضته وأتجه نحو السفرة حيث تجلس زوجته وأبنته الصغري وجدة زوجته العمياء...
- صباح الخير...
قالها " معتصم " وهو يضع جاكيته علي ظهر كرسيه، هتفت " كارما " وهي تطعم طفلتها ذات السابعة سنوات دون النظر له:
- صباح النور يا حبيبي

جلس علي مقعده وبدأ في تناول فطاره، وقفت " أريج " من كرسيها وذهبت نحو والدها وقالت ببراءة:
- بابي هنروح الملاهي بليل صح
- أريج بابي عنده شغل
قالتها " كارما " بحزم وهي تضع السندوتشات في شنطة طفلتها المدرسية

نظرت أريج لوالدها بحزن شديد وقوست شفتيها للأسفل بخيبة أمل، وقالت بلهجة حزينة دون معارضة حديث والدتها:
- أوكي مامي
وضع " معتصم " سبابته أسفل ذقن أبنته ورفع رأسها مبتسماً لها وقال بلهجة حنونة:
- هنروح الملاهي، مادام بابي وعدك يبقي هينفذ

أرتسمت بسمة مُبهجة علي شفتيها ولمعت عيناها ببراءتها وعانقت بسعادة وهي تردف قائلة:
- ميرسي يابابي.. أنا بحبك أوى
رن هاتفه برقم مُسجل، أبتعد عن أبنته وأخذ جاكيته وقبل رأس زوجته وخرج، ضحكت " أريج " بسعادة لأمها وأخذت شنطتها وخرجت لأتوبيس المدرسة ...

أنزلها " سيد " من السيارة بعنف وأغلق بابها بإنفعال، دلفها بها للحانة ودفعها بقوة للداخل فسقطت علي الأرض من دفعته، صرخ بها وعيناه تشع نار من الغضب وجبينته تتعرق من الغضب:
- بتهربي يابنت شريفة بعد كل اللي عملتهولك

خرجت " فريدة " من المطبخ علي صوت صراخه، ونزلت " نارين " من الأعلي... وقفت " دموع " وهي تجفف دموعها بيدها وقالت بتحدي وتمرد:
- اه بهرب وهفضل أحاول وأحاول طول ما فيا نفس وعايشة، وعمري ما هقبل بالحياة دي والعيشة معاك ولا هستسلم لجحيمك وسيطرة مراتك وحقدها، كلكم بتكرهوني ونفسكم أموت

كانت تتحدث وهي تنظر لسيد نظرة تحدي وتمنع دموعها من النزول رغم أرتجاف جسدها من نظرته وحدتها، أقتربت "نارين " منها من الخلف ومسكتها من شعرها وجذبتها للخلف بعنف، صرخت " دموع " من قوة قبضتها وتتألم...

أردفت " نارين " بجحود ولهجة قاسية وهي تمسكها من شعرها، قائلة:
- القطة المغمضة طلعها حس وبتزعق، اه بنكرهك وعايزينك تموتي عشان نرتاح من همك وقرفك

دفعتها " دموع " بقوة بعيد عنها وقالت بصراخ:
- خلاص سبوني أمشي وأريحكم من همي اللي تعبتكم، ومش هوريكم وشي تاني
قهقهت " نارين " بسخرية بصوت عالي وعقدت ذراعيها أمام صدرها وقالت بإذلال:
- أنتي مالكيش خروج من هنا غير وأنتي جثة غير كدة متحلميش يابنت شريفة، وطول ما أنتي عايشة هتفضلي هنا رقاصة وبس فاهمة

نظرت لها " دموع " بأشئمزاز وقالت بتحدي ونرفزة:
- لا مش فاهمة، أنا مش رقاصة أنا أنضف من وسختكم وقذرتكم دي، عالم تفرق وراجل شمام وبنات تبيع نفسها بالرخيص أنا مش زيك ولا من زبالتك دي...

قالتها بتحدي وهي تجول بعيناها بين عين " نارين وفريدة " وتبث لهم نظرات أحتقار وأشمئزاز، لم تشعر بشئ بعدها سوي أنقضاض " سيد " عليها بالضرب والعنف بقسوة وكأنها جسد بلاستيك لا يشعر ولا يتألم ولم ينتبه لصرخاتها أو بكاءها وهي تنتفض بين يده وهو يكمل ما يفعل بدون توقف...

أستيقظ إلياس عصراً علي صوت جرس الباب، وجد نفسه يجلس علي الكرسي كما تركته أمه، مسح وجهه بكفه بضيق ثم وقف وفتح الباب، وجد " علي " صديقه وابن خاله يقف علي الباب، دلف للداخل وترك له الباب مفتوح دون أن يتفوه بكلمة فدخل " علي " خلفه وهو يردف قائلاً:
- مساء الخير كل نوم، رنت عليك كتير

دخل " إلياس " المطبخ وهو يحدثه ببرود ولا مبالاة:
- رنت عليا، خير إن شاء الله تشرب قهوة

جلس " علي " علي الكرسي وهو يأخذ علبة السجائر الخاصة بإلياس من فوق الترابيزة وهتف بأهتمام:
- معتصم ناوي علي شحنة مخدرات محترمة بكمية كبيرة ومطمن أنك مش مركز معاه مش ناوي ترجع من الاجازة دي

خرج " إلياس " من المطبخ وهو يحمل فنجانين من القهوة وجلس بجواره وقال بلا مبالاة وعدم أهتمام:
- المكافحة فيها ضباط كتير وكلهم عايزين تريقة، طلعني من الموضوع ده آنا في اجازة متدوشنيش بشغلكم عشان مش مهتم، أشرب قهوتك ومع السلامة عشان خارج

تركه ببرود ودخل لغرفته ووقف " علي " بشفقة علي حال صديقه وما حدث لأسرته الصغيرة قبل أن تكبر...

جلست مُنكمشة في ذاتها فوق سريرها وترتجف بقوة من شدة قسوته عليها وضربها بهذه الحدة، صوت شهقتها يعلو في المكان بأكمله ولم تستطيع التوقف عن البكاء، دلفت " فريدة " الغرفة وضحكت بمياعة ساخرة منها وهي تبكي..

وأقتربت منها وهي تضع يدها في خصرها وقالت:
- قومي ياحلوة ألبسي وأنزلي شوفي شغلك
أخفت رأسها فيديها وهي تبكي وتلعن هذا المكان المخيف كالجحيم لها، فتحت " فريدة " الدولاب وأخرجت الملابس منه وقذفتها بوجه " دموع " بعنف وقالت:
- أبلتي بتقولك ألبسي بسرعة

وتركتها وخرجت، دموعها تسيل بغزارة وتنهمر علي وجنتها وكأن دموعها تؤكد أسمها
فهل كنت أمها تعلم بقدرها لذلك أسميتها بذلك الأسم البأس، أكنتي ياأمي تعلمي بدموعي التي تسيل دوماً دون توقف ؟؟
أقرأتي قدري وكفي حين كنت جنين في رحمك ؟؟
أسبب عذابي ياأمي هذا الأسم أم قدري الأليم ؟؟
كفي ضعف ياقلبي
كفي قسوة يا قدري
كفي عذاب يا عقلي
كفي دموع يا " دموع "

نظرت لهذه الملابس بأحتقار وقالت:
- مستحيل أفضل كدة، مستحيل
نظرت لشباك غرفتها بتحدي ثم وقفت من مكانها وأغلقت باب غرفتها بالمفتاح من الداخل...

كان " إلياس " يقود سيارته علي الطريق خالي بالكاد تمر عليه سيارة أخري في هذا الليل، ظهرت أمامه من العدم وهي تركض وتنظر خلفها بخوف تأبي إن يأخذها " سيد " مرة أخري، ضغط علي الفراميل مرة واحدة قبل أن يدهسها، وقفت أمام السيارة بهلع..
ترجل من سيارته بثقة ناظراً عليها وهو يتذكر ملامحها هي نفس الفتاة التي رأها أمس، ذهب إليها بهدوء وهو يضع يديه في جيبه بغرور وأقترب منها...

- مش تبصي لطريق وأنتي ماشية، حد يطلع فجأة كدة علي الطريق
قالها " إلياس " بصوت جهوري خشن وعيناه البنية تتشبث بعيناها الخضراء كعيون الصقر لفريسته العاجزة عن الهروب منه، ذهل من فعلتها حين أحتضنت يده بيدها الصغيرة فشعر بنعومة يدها وصغرها بين يده، شعر بجسده يذوب بلمسها وغروره ينهار أمام نظرتها البريئة الممزوجة بحزن ودموع تسكن جفنها...

هتفت " دموع " بنبرة حزينة تترجاه بتؤسل، قائلة:
- لو سمحت ممكن تخرجني من هنا، وديني أي مكان بعيد عن هنا
نظر للمكان حوله بأستغراب وعاد بنظره لها مجدداً فتاة ضئيلة رأسها بالكاد تصل لساعده، وسألها:
- أوديكي فين، فين أهلك وأزاي تخرجي لوحدك في وقت زي ده أصلاً

- اهي لاقيناها
قالها أحد الرجال مُحدثاً أصدقاءه وهو يشير عليها، نظرت بخوف نحوهما وأختبت خلف ظهره وتشبثت به بقوة وقالت بسرعة:
- أنا معنديش أهل ودول خطفني والنبي متخلهمش يخدوني عايزين يقتلوني.

قالتها بسرعة قبل آن يصلوا لهما، أرادته أن يقاومهم ويحاربهم ويمنعهم من إخذها بعد أن رأت " رامي " معاهم، أقتربوا الرجال منهما، نظر ليدها وهي تتشبث بجسده بقوة وتختبي خلفه ويشعر برجفتها، وقبل أن ينظر لهم ألتقت لكمة في وجهه علي سهو من " رامي"، ثم أخذها منه وأعطاها للرجال وهي تصرخ بهلع..
لم يشعر " إلياس " بشئ سوي وهو يسحب مسدسه من جرابه من خصره وأطلق رصاصة منه في العدم، أستدار الجميع له وأنتفض جسدها من رصاصته...

أردف " إلياس " بصوت غليظ وهو يقترب منهم، قائلة:
- أنت أتجننت ياروح أمك بتمد أيدك عليا وتأخدها مني
جذبها من يده وهو يصوب مسدسه علي رأس " رامي " وقال بتحدي:
- لو شايف نفسك دكر فكر تاخدها مني وأنا أخليهم يترحموا عليك...
أخرج أحد الرجال مسدسه وفور رؤية " إلياس" له أطلق رصاصة علي قدمه وقال:
- معاك دكر غيره، ولا لا

أخرج " رامي " مطواة من جيبه، أرتعبت " دموع " من الخوف فهي لا تعلم من هذا الرجل الذي أخرج مسدس من العدم وتتحمي به، جذبها " إلياس " وأخباها خلف ظهره ونظر لرامي بتحدي وهكذا رامي...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة