قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية راقصة الحانة للكاتبة نورا عبدالعزيز الفصل الثالث

رواية راقصة الحانة للكاتبة نورا عبدالعزيز كاملة

رواية راقصة الحانة للكاتبة نورا عبدالعزيز الفصل الثالث

أخرج " رامي " مطواة من جيبه، أرتعبت " دموع " من الخوف فهي لا تعلم من هذا الرجل الذي أخرج مسدس من العدم وتتحمي به، جذبها " إلياس " وأخباها خلف ظهره ونظر لرامي بتحدي وهكذا رامي ثم بدأ المهاجمة علي " إلياس "، أوقف " علي " سيارته علي بعد وهو يحاول أن يري شئ بعد أن سمع صوت الرصاصة، صرخت " دموع " بهلع حين جرح ذراع " إلياس " من المطواة، ترجل " علي " من سيارته علي صرختها وحين وصل وجد " إلياس " يكاد يخنق " رامي" بعد أن لكمه بعنف حتي سالت دماؤه..

- سيبوا يا إلياس أنت أتجننت هتضيع مستقبلك عشان كلب زي ده
قالها " علي " وهو يجذبه بعيداً عنه، و" إلياس " لم يشعر بشيء سوى بركان بداخله يثور ويريد قتل هذا الرجل، أخرج " علي " الكلبشات من جيبه ووضعها في يدهم جميعاً وأخذهم في السيارة، أستدار لها وأنتفض جسدها مصاحباً بشهقة قوية خرجت منها ومن هذا الوحش الذي كان يقاتل أمامها ومسدسه ومن أين ظهر صديقه هذا، دقائق معدودة حدث بها كل هذا ثم ذهبت عيناها إلي جرح ذراعه وهو ينزف، أشاح نظره عنها وعن نظرتها البريئة التي مزجها الخوف مع شعاع من الأمل بأنها ستكمل هروبها ...

- هربت يعني إيه هربت وأزاي، وأنتي كنتي فين
قالها " سيد " بأنفعال شديد وظهرت حبات العرق علي جبينه من شدة التوتر والخوف وأكمل حديثه بقلق وهو يضرب بكفه علي جبينه ,, قائلاً:
- دموع لو فتحت بواها هتودينا كلنا في داهية، ومن هنحس بحاجك غير وأحنا بين حبل المشنقة وهي بتلفه بأيدها حوالينا رقبتنا

رمقته "نارين " بنظرة غضب تلقي عليه مسئولية ما حدث، وقالت بلا مبالاة وبرود شديد:
- أتكلم عن نفسك بس، كله بسببك لو كنت كسرت رقبتها من أول مرة فكرت تخرج فيها عن طوعك مكنتش كررتها تاني، أشرب بقي أخرت دلعك فيها، ياما قولتلك أقتلها وأخلص منها زي ما قتلت أمها ومسمعتش كلامي... أهي هتوديك في داهية

سمع حديثها وزاد غضبه وهو يغلق قبضته من العجز ثم ذهب وأغلق باب الغرفة سريهاً قبل أن يسمعهما أحد وأقترب منها ومسكها من ذراعها بقوة وقال بصوت خشن به نبرة تحذير مهدداً لها:
- أنا مش حذرتك متفتحيش الموضوع ده تاني، أنا مش مجرم قدامك كانت مرة وراحت لحالها وأنتي شريكتي فيها يعني قبل ما تحذرني حذري نفسك، دموع متعرفش حكاية موت أمها أنسيها أنتي كمان لانك متعرفيش المرة الجاية لسانك ده هيعرف مين ويودينا فين.. أنتي فاهمة

دفعها علي السرير بغضب وخرج بقلق من هروب هذه الفتاة التي تعلم كل شئ عنهم وعن أعمالهم القذرة،أغلق باب الغرفة ونزل للأسفل فخرجت " فريدة " من خلف الستارة وأبتسمت ساخرة وقالت بمكر مُحدثة نفسها:
- كمان قتل ياحلاوتكم
دلفت لغرفتها بسعادة تغمرها بعد أن عملت سرهما ونقطة ضعف تنهي حياتهما وقت ما تريد...

نزلت من سيارته في ذهول وهي تنظر للمبنى وعليه لافته كبيرة الحجم مدون عليها " قسم شرطة الجزيرة "، أزدردت لعوبها بقلق وهتفت مُردفة:
- أحنا جينا هنا ليه
رمقها بنظرة حادة مُستغرباً توترها من القسم، وقبل آن يتحدث جاءها الجواب حين أقترب عسكري منه وحيه واضعاً يده بجوار جبينه يردف بلهجة رسمية:
- إلياس باشا نورت القسم كله

أشار إليه " إليـاس " بلا مبالاة بيده لكي يرحل، أوقفه " علي " بلهجة أمر قائلاً:
- خد العيال دي من هنا ياعكسري لقحهم في الحبس لحد ما أفضلهم وأتسلي فيهم ونشوف حكايتهم إيه
نفذ العسكري الأمر بدون أي معارضة، كاد " علي " أن يدخل خلفهم ولكن أوقفه " ألياس " بصوت غليظ يدل علي غضبه:
- أنت كنت بتراقبني صح، عمتك اللي قالتلك كدة وصلطتك عليا

أشاح " علي " نظره عن عيناه متحاشي النظر له بأحراج من فعلته وألتزم الصمت هارباً من الجواب عليه، صرخ " إلياس " به مُنفعلاً:
- هتفضلوا تدخلوا في حياتي لحد أمتي، كام مرة قولتلكم سيبوني فحالي وبطلوا تدوسوا علي جرحي ومشاعري أنا مش عيل صغير..

- أنتي مش قولتي أنهم خاطفينك أدخلي عشان أعملك محضر
قالها " علي " متجاهلاً حديثه وأنفعاله
نظرت " دموع " لإلياس بتوتر ثم أزدردت لعوبها بصعوبة وقالت بخفوت خوفاً من دخول هذا المكان:
- لا مش عاوزة أعمل محضر...

نظرا الأثنين لها بتساؤل، فقالت مُبررة جملتها وهي تنظر أرضاً تداري عنهما أرتباكها وكذبتها:
- كدة صاحبهم هيعرف مكاني وممكن يجي يأخدني تاني من هنا
أردف " علي " بحزم وبوجه عابث:
- لازم نعمل محضر عشانك وكمان في واحد منهم ضرب ظابط

رفعت رأسها بذهول وصدمة ألجمتها من جملته ثم نظرت لإلياس وعيناها تسأله بخوف أأنت حقاً ضابط شرطة، زحزحت قدميها للخلف بخوف وأخذ صدرها يصعد ويهبط من شدة خوفها...
أردف " إلياس " ببرود شديد وهو يفتح باب سيارته لها، قائلاً:
- أركبي

سأله " علي " مُستغرب رد فعله:
- أنت رايح فين وواخدها ؟
رمقته بتساؤل هي الأخري منتظرة رده، صرخ بأنفعال قائلاً:
- مالكش دعوة بيا، أعمل إيه وأروح فين حاجة متخصكش، أنت مش واصي عليا

صدمها رده لا بل كل شيء بهذا الرجل يصدمها ويدهشها، يفعل ما يريد دائماً غاضب كالثور ويهيج بكل من حوله وبأي شخص يقترب منه تلتهبه نيران غضبه، أدخلها السيارة جبراً وركب هو الأخر وقاد بها إلى حيث لا تعلم، ساد الصمت المكان وهي تنظر للشوارع بذهول شديد كطفلة صغيرة لأول مرة تأتي للعاصمة بل أول مرة تخرج من الحانة وطريقها المهجور، نظر عليها وعقله يتساءل من هذه الفتاة وكيف لديها هذه البراءة وبريق عيناها الخضراء

سألها ببرود وهو ينظر للطريق ويقود:
- ليكي حد في القاهرة
أشارت إليه مبتسمة بسعادة لهذه البداية والحياة التي طالماً حلمت بها وقالت بعذوبة صوتها ورقته:
- لا دي أول مرة أجي هنا

- عارف، وكمان عارف أنهم مش خاطفينك ولا حاجة
قالها ببرود كلوح ثلج، دهشت من رده وعاد الخوف من جديد يسير في جسدها بأكمله فأزدردت لعوبها وقالت بخفوت وصوت مبحوح:
- أنا، أنا مكنتش أقصد أكدب عليك بس كنت محتاجة مساعدتك بجد ...

أدار رأسه تجاهها ورمقها نظرة لا مبالاة وأنزلت رأسها أرضاً بخجل من كذبها عليه وتسير القشعريرة بجسدها وهي تشعر بنظراته مثبتة عليها...

خرج معتصم من بوابة الشركة وهو يضع الهاتف علي أذنه ويتحدث به
- يعني عملت إيه في الموضوع بتاعنا
أجابه " سعيد " عبر الهاتف بثقة:
- زي ما حضرتك أمرت أنا مراقبه 24 ساعة

فتح السائق الباب الخلفي للسيارة وركب " معتصم " وهو يقول بغيظ:
- وأستفدت إيه أنا من مراقبتك له، لحد دلوقتي موصلتش لنقطة ضعف له أضغط عليه بيه، حتي قتله منفعش، إلياس لو مماتش أو أشتغل معانا هيأذينا في شغلنا جامد

أردف " سعيد " بسرور، قائلاً:
- هو معاه بنت دلوقتي وقريب هخلصك منه لو الحمار ده معرفش يقتله هلبسه قضية وأنت عارف يعني إيه ظابط يلبس قضية...
- بسرعة يا سعيد أحنا معندناش وقت كتير
قالها وأغلق الخط، عاد برأسه للخلف وأغلق عيناه بتهكم وتعب..

دلف " إلياس " لشقته مُنهك من الأرهاق وعقله مشوش بعد أن سمع حكاية تلك الطفلة ومعاملة زوج أمها وزوجته لها وتركها لمدرستها وتعليمها لكي تصبح راقصة حانة وسط الرجال والخمر بكل مكان حولها ..
دلفت خلفه بخجل منكمشة في ذاتها وتتفحص المكان بعيناها بصمت، خائفة من وجودها معه رغم شعورها ببعض الأمان لوجوده بجوارها كان صراع متناقض يحدث بداخلها ولكنه أفضل من وجودها في الحانة تخضع لسيطرة زوج أمها وزوجته وبيع جسدها للحصول علي المال...

- المطبخ علي أيدك الشمال، والثلاجة فيها أكل كلي اللي عاوزة...
قالها ببرود وهو يتجه للداخل دون النظرلها
- أنت شرفت
سمع صوت والده من الريسبشن، قالها " حبيب " بصوت خشن غليظ يدل علي غضبه من أنبه،أستدار " إلياس " له ومسح جبينه بكفه بضجر وقال:
- أزيك يا بابا.. أدخلي أنتي

أشارت إليه بنعم وأستدارت لكب تدخل ولكن أوقفها والده بصوته وهو يقف مُتكي علي عكازه وأقترب منهما وهو يوجه حديثه لدموع، وقال:
- أستني عندك، أنتي مين، مين دي اللي جايبها بيتك ياحضرة الظابط وأنت عايش لوحدك، خلاص مبقاش يهمك حد ومالكش كبير
نظر " إلياس " للعدم ثم نظر لوالده لكي يبرر وجودها لوالده مُردفاً:
- يا بابا أنا...

بتر " حبيب " الحديث من فمه بصفعة قوية علي وجهه وهو يصرخ به بأنفعال:
- الأبن اللي يزعق لأمه ويطردها من بيته ميبقاش أبن، وميستاهلش يقولي بابا، بعد كل ده أخرتها تطردها من بيتك أخرت تربيتنا فيك دي بعد ما كبرتك وخليتك راجل الناس كلها تحلف بأخلاقه وأدابه تعمل كده في أمك وتروحها معيطة، مبقاش ليك كبير، أنا مخلفتش رجالة آنا معنديش عيال غير أثير وبس، كمل حياتك واجري وراء الغوازي وأشرب خمر وأقطع صلاتك وأبعد عن ربنا أتوف عليك يا عرة الرجالة...

تركه وخرج من الشقة غاضباً منه، وضع " إلياس " يا ده علي وجهه بصدمة من صفعة والده لها وقسوة حديثه، نظر لباب الشقة بحسرة وخذلان، شعر بيدها الصغيرة تربت علي كتفه بلطف أغلق عيناه بقوة ودلف إلى غرفته وتركها...

ترجل " سيد " من السيارة بوجه عابث ودلف إلى الحانة ثم جلس على أحد الكراسي، خرجت " نارين " من المطبخ وجلست بجواره وسألته:
- عملت إيه لاقيتها
أنفجر صارخاً بها بغضب يقول:
- بنت الكلب طلعت عند ظابط

شهقت " نارين " بخوف وسألته بقلق:
- وهتعمل إيه، كدة روحنا في داهيه
أجابها بثقة وهو يقف صاعداً للأعلي:
- متقلقيش أنا بعت اللي يجبها...

أستيقظ " إلياس" صباحاً علي صوت خطوات هادئة في الخارج، أخرج مسدسه من أسفل وسادته وقام من فراشه بخفوت دون أن يصدر أي صوت ووضع يده علي الزناد وفتح باب غرفته بخفوت وخرج إلي الخارج...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة