قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية راقصة الحانة للكاتبة نورا عبدالعزيز الفصل الثاني والعشرون

رواية راقصة الحانة للكاتبة نورا عبدالعزيز كاملة

رواية راقصة الحانة للكاتبة نورا عبدالعزيز الفصل الثاني والعشرون

 فركض مسرعاً آلي هناك فرأى الباب الزجاجي يفتح وتخرج منه وهي ترتدي تيشرت وبنطلون أزرق اللون زي العمليات وبيديها قفازاتها البيضاء وعلي رأسها طاقية طبية وفوق فمها كمامة لم يظهر منها سوي عيناها الخضراء وبقدمها حذاء طبي، توقف مكانه ينظر عليها وهي تخلع قفازاتها بتعب وتثني رقبتها يمين ويسار بأرهاق وعيناها تكاد تفتحهما، رفعت رأسها للأعلي لكي تقوس ظهرها للخلف فوقعت عيناها عليه أزدردت لعوبها بصعوبة ونظرت حولها وهي تغلق قبضتها بقوة أعتادت علي رؤيته أمامها في الأوان الأخير، فتحاشت النظر له وخلعت طاقيتها والكمامة وهي تذهب وتأبي النظر عليه فيضحك الجميع عليها ويلقبوها بالمجنونة لكن أوقفها صوته القوي وهو يناديها:
- دمــوع.

توقفت قدمها بصدمة وكأنها شلت مكانها وفقدت السيطرة علي تحريكها ثم رفعت نظرها له بصدمة وتقابلت عيناهما معاً بداخل كلاً منهما صدمة قوية وشغف بهوس للأخر، أشتاقت له حد الموت فقد كانت علي وشك الأستسلام لهوسها به ليقتل عقلها وتفقده وتجن حقاً لتتخلص من عذابها، نظر لها بشغف ودفء كبيرة بعد أن كان يعيش مع صورها وكونها زوجته حقاً ومازالت تنتظره في بيته الي أن تجسدت أمامه حية وينبض قلبها له، نادها مجدداً وهو ينظر لعيناها:
- دمـــوع.

- عــ.. مـــ... ــه
قالتها بتلعثم شديد وصوت مبحوح غير مصدقة ما تراه وأنه حي وإمامها يناديها، فتح ذراعيه لها مُبتسماً، دمعت عيناها بألم ومازالت غير واعية في صدمتها فركضت نحوه مُسرعة وأرتطمت بصدره الصلب وهي تلف ذراعيها حول خصره ورأسها علي صدره وتبكي بشهقات قوية عالية وتمتمت:
- أنا كنت عارفة أنك ممشتش، أنت قولتلي مش هسيبك، عمه أنت واحشتني أوي أنا عـــ...

مالت رأسها للخلف بعد أن شعر بأرتخاء جسدها بين ذراعيه فاقدة للوعي، مسكها بحذر حتي لا تسقط منه، وأنحني قليلاً يحملها علي ذراعيه برفق وذهب آلي غرفتها وضعها علي سريرها وحاول أفاقتها بهدوء، فتحت عيناها الخضراء ببطئ شديد وتعب فرأته أمامها نظرت حولها ووجدت نفسها بغرفتها هتفت بصدمة:
- أنت عايش ؟؟ طب أزاي ؟؟.

أجابها وهو يمسح بيديه علي رأسها بحنان قائلاً:
- نامي الأول انتي صاحية بقالك 30 ساعة ولما تصحي أحكيلك وتحكيلي كل حاجة.
وذهب ليغلق باب الغرفة من الداخل لكي لا يدخل أحد عليهم وستائر النوافذ الخشبية يغلقها...

- أنت بجد حقيقي يعني أنا لما أصحي هيلاقيك هنا مش هتختفي
قالتها بلهفة بنبرة هادئة من التعب، فهتف بحنان وهو يصعد علي سريرها الصغير بحجم الاريكة قائلاً:
- لا أنا كمان هنام معاكي عشان منمتش من أمبارح.
مدد جسده بجوارها وأدخل ذراعه أسفل رأسها ويطوقها بالأخر، هتفت ببراءة وهي بين ذراعيه وداخل أحضانه:
- أنا بحبك.
نظر لعيناها مباشرة بدفء وشغف ثم هتف بخفوت هامساً لها قائلاً:
- نامي عشان أنا دلوقتي جوزك غير كل مرة ممكن أعمل مصايب وكوارث.

ابتسمت له وعيناها تغمض شي فشي فبدأ يمسح علي رأسها حتي غاصت في نومها في أقل من دقائق، ظل يتأملها لكي يطمن قلبه بأنها هنا بجواره حقاً وأنها زوجته وملكه الأن فكر بوالده ووالدته ماذا سيفعل حينما يعود هل سيغفر لهم عذابه هو وحبيبته ؟؟ بعد ما قرأه في دفاترها وبعد ما اخبره حسن به عنها وكيف سأت حالتها تدريجياً وهي تعيش في حبه وحده حتي وصلت لطلب دكتور نفسي هل سيغفر كل هذا لهم ؟؟ هل لأنهم والديه يحق لهم ما فعله به ؟؟ هل سيقبل بما فعله بعد أن سلبه شبابه الذي كان سيقضيه بجوارها ؟؟...

أستيقظت أثير علي صوت أطفالها، ففتحت عيناها بتعب ووجد ماليكة تجلس علي السرير بجوارها و مالك من الجهة الاخري ويقظوها.
هتفت ماليكة بحزن طفولي شديد قائلة:
- ياماما قومي الباث ( الباص ) مشي وثابنا ( سابنا ) مش هنروح المدرثة ( المدرسة ).

- قومي ألبسي وودينا المدلسة ( المدرسة)
قالها مالك وهو ينظر لها بنرفزة طفولية جميلة، فهتف بهم بصراخ قائلة:
- ألبس ايه واوديكم فين آنا قادرة أتحرك من مكاني، الباص مشي تعالوا كملوا ناموا.
وجذبتهم لفراشها لكي يناموا بحضنها، أدخلتهما تحت الغطاء وطوقتهما وهي تقول:
- الجو برد وانتوا بتتخانقوا علي المدرسة، أتغطوا كويس ياقلب ماما لأحسن تبردوا...

ووضعت قبلات علي جبينهما بحنان وعادت لنومها، عاد علي من عمله صباحاً بعد إنهاء قضيته ودلف آلي الغرفة، أبتسم بتعب وأتجه نحو سريره بسعادة وهو يضع يده علي الغطاء ويقول:
- حبيبي آنا جيت ياروحي قومي.
وإبعد الغطاء عنها وشهق بقوة حين وجد أطفاله في سريره، أقترب منهم ورآهم ثلاثتهم ناموا كالملاك الصغار وزفر بتعب وذهب آلي الحمام بأستلام لواقعه ووجود أطفاله...

فتحت دموع عيناها بتعب وهي تمطي جسدها ولكنها لا تستطيع من ضيق المكان، وجدته بجوارها نائم وهي في حضنه أسفل ذراعيه، تحسست وجهه برفق لتتأكد بأنه حي أمامها فتح عيناه من لمستها وتقابلت عيناهم تحكي كل شئ عن عشقهما وأشتياقهما لبعضهم البعض طوال هذه السنوات و تأكدت من شئ واحد أنه حي ولم يبحث عنها، دفعته بقوة بعيداً عنها فسقط علي آلأرض بدهشة من فعلتها صرخت به وهي تقوم من سريرها:
- أنت عايش أهو امال ايه مات دي.

تألم من دفعتها وهو يقف يتاوه بوجع، وقفت بلهفة وخوف عليه وهرعت نحوه تتفحصه بأستياء وتقول مُردفة:
- أنت كويس في حاجة بتوجعك.
مسك يدها بحنان فنظرت لعيناه مباشرة بصمت فقال بدفء ولهجة عاشقة:
- اللي كان واجعني خف من ساعة ما شوفتك.

ووضع يدها على قلبه، أرتبكت من نظراته فبدأ قلبها يسرع بضرباته بعد عودة حبيبه فعادت للحياة معه، جذبت يدها من قبضته وأشاحت نظرها عنه بخجل وتوردت وجنتها بشدة وقالت بخفوت خاجلة منه:
- ممكن تخرج برا عايزة أغير هدومي.

- عادي أنا زي جوزك برضو
قالها وهو يقرص وجنتها برفق، تألمت من يده بوجع فأبعدت يده عنها، نظر بدهشة من ألمها فهل ضعف جسدها مع قلبها خرج من الغرفة وظل ينتظرها خرجت من غرفتها بعد نصف ساعة مُرتدية بنطلون جينز وتيشرت أسود وعليه جاكيت جلدي وحول عنقها وشاحها الصوف وطاقيتها الوردية رأته يقف أمام باب الغرفة فتركته ورحلت ذهب خلفها حتى سيارتها وركب معاها وهي صامتة، ذهبت للبحر ثم ترجلت من السيارة وهو معاها، توقفت تكاد رأسها تنفجر من التفكير فأستدارت له بعقل يكاد يجن وسألته بغضب:
- أنت عايش أزاي بقى ممكن أفهم.

مسك يدها بحنان وهو يقول:
- تعالى نقعد وأحكيلك.
نزعت يدها بقوة من يده بغضب صدم من فعلتها اهذه طفلته آلتي كانت تعانقه بالشوارع وتطلب بقبلة في الشارع منه دون توقف، صرخت بأنفعال شديد:
- انت عايش أزاي كلهم قالوا آنك موت، آنا حتى معايا شهادة وفاتك أزاي ده ممكن أعرف وكنت فين كل ده.

قصي كلها كل شيء منذ أن فاق من غيبوبته حتى آن أخبروه بموتها وأعطوه شهادة وفاتها وكيف عاش معاها في بيته مع صورتها، صرخت وهي تبكي بأنهيار من حديثه أكثر قائلة:
- يعني أنتوا لعبتوا بيا وبمشاعري لدرجتي سهل عندكم اللعب بالناس وقلوبهم.
أمتلك وجهها بين كفيه بحنان ليهديها قليلاً ويخفف من بكاءها ثم هتف بحنان قائلاً:
- أنا عمري ما لعبت بيكي يادموع أنا عشت بحبك وهموت وأنا بحبك.

دفعته بقوة بعيداً عنها وقالت بصراخ وغيظ شديد:
- حب إيه ده عذاب مش حب، أنا مش عايزة الحب ده كله كدب وخداع ومش عايزك أنت كمان، لدرجتي سيادة اللواء مش عايزني جاله قلب يطلع شهادة وفاة لأبنه وليه عشان يخلص مني آنا مش عايزك...

- أنتي مراتي يادموع
قالها إلياس بغضب شديد من حديثها ورفضها له فأجابته بعيون باكية وصوت غليظ:
- تطلقني آو نقطع الورقتين دول ونرتاح.

أستدارت بحزن وتركته ورحلت وهي تبكي بقلب مجروح من قسوة العالم وضعت يدها علي فمها تكتم صوت بكاءها، نادها بحزن عميق وقلب مقبوض قائلاً:
- دمــوع أنا مظلوم.
صمت للحظة وهو يراها ترحل بعيداً عنه، ثم أكمل حديثه بصوت ضعيف قائلاً:
- و بحبك.

عضت شفاتها السفلى بغيظ وهي تبكي بوجع ثم أستدارت له ونظرت لعيناه بضعف فحقاً هي بدونه جسد بلا روح منتظر الموت فقط، حدقت به بحيرة ثم أبتسمت له أبتسامة مُشرقة تنير حياته ودنياه وركضت نحوه بسرعة جنونية، رأها تركض له فركض مسرعاً لها فأرتطمت بجسده وحملها عن الأرض وهو يعانقها بقوة وهي تلف ذراعيها حول عنقه ورأسها علي كتفه بسعادة وهتفت ببراءة ونبرة عاشقة دافئة قائلة:
- وأنا بحبك.

دار بها بقوة حتى سقطت طاقيتها من فوق رأسها وتطاير شعرها مع دورانه يداعب وجهه وأنزلها عن الأرض ويديه كما هما على خصرها فأنزلت ذراعيها فوق صدره، نظر لعيناها بحنان وحب نظرات عاشق عثر على حبيبه بعد عمراً طويل، بادلته نظراتها بخجل شديد ووجنتها زادت حمرتها منه ضحك عليها وهتف مازحاً من نضجها:
- بقيتي تتكسفي يادموع.

أبتسمت وهي تضربه على صدره بغيظ منه، فهتف مصطنع الألم قائلاً:
- يابت براحة راعي آن حبيبك راجل عجوز دلوقتي .
ضحكت بقوة عليه وقالت بغزل وعفوية:
- في عجوز حلو كدة وشعره بني وعينه عسلية لالالا آنا مقدرش علي كدة.

فرت هاربة منه وهي تضحك وهو ينظر عليها بسعادة ويردف بسعادة قائلاً:
- متغيرتيش يا دموع مهما تعملي وتكبري وتبقي دكتورة وبرضو عيلة زي ما أنتي.
وقفت خلفه وركبت علي ظهره بسعادة وهتفت وهي تتشبث بعنقه بذراعها الأيمن حتي لا تسقط من فوقه وتمدد ذراعها الآخر في الهواء وتقول بطفولية وسعادة تغمرها بعودته لحياتها قائلة:
- يلا أجرى.

مسك ذراعها بحذر وهتف بضجر قائلاً:
- أجرى ايه بقولك راجل عجوز تقولي أجرى.
قرصت وجنته برفق وهي تضع رأسها علي كتفه لتنظر له وقالت بخفوت:
- أنا عايزك تجري أجري بقي.

نظر بجانبه لها تأمل بسمتها المُبهجة وبريق عيناها الساحر وشعرها المسدول علي كتفه هو ثم هتف بتذمر شديد عليها قائلاً:
- مش عايز اجري الجري دا للأطفال.
هزت قدميها بضجر طفولي وقالت بأصرار شديد قائلة:
- أنا طفلة وعايزة ألعب أجرى بقي .

- مش عايز
قالها وهو يخطو بها للأمام ثم تحولت خطواته للركض وهي تمدد ذراعها في الهواء وتضحك بسعادة وهو يفعل المثل، جذبها من ذراعها بمهارة فأنزلها من فوق ظهره وجعلها علي ذراعيه أمامه، نظرت عليه بخجل وهتفت بطفولية شديدة قائلة:
- بتبصلي كدة ليه.

تأملها بصمت شديد وهي بين ذراعيه ثم نزل بنظره علي شفتيها وبدأ في الانحناء نحوها فرفعت يدها بخجل من نظراته وهي تضع خصلات شعرها خلف أذنها بأرتباك فصرخت بهلع شديد وهي تقفز من فوق ذراعيه قائلة:
- طاقيتي.
وركضت للخلف تبحث عن طاقيتها وهاربة منه، عض شفاته بغيظ من هروبها وذهب خلفها...

أستيقظ علي عصراً علي صوت أبنه وهو يدخل الغرفة يصرخ بهلع وبكاء:
- بابا.. بابا أصحي يا بابا.
فتح عيناه بضجر شديد وهو يجذب الغطاء علي عيناه ويردف قائلاً:
- اخرج ياض العب مع أختك وأطفي النور ده.

صعد مالك علي سريره وهو يرفع الغطاء عنه يقول ببكاء وخوف:
- أصحي ماما وقعت ومش بتلد ( بترد ) علينا قوم يا علي شوف ملاتك (مراتك ).
فزع من سريره بخوف وقفز منه بهلع شديد، خرج ووجدها علي آلأرض تفتح عيناها بصعوبة وتساندها الخادمة ومعاها ماليكة جلس علي الأرض بجوارها وهو يقول:
- حصل ايه.

أجابته بخفوت شديد وهي تقف معاهم قائلة:
- مفيش يا حبيبي سلامتك.
- ياماما تعالي نروح لدكتور انتي كل شوية تقعي كدة
قالتها ماليكة بتذمر فنظر علي لها بدهشة وقال:
- كل شوية هي دي مش أول مرة تحصل.

أشارت إليه ماليكة ومالك بنعم، ضربتهما أثير علي كتفهما بتذمر برفق قائلة:
- أجروا العبوا، متشغلش بالك ياحبيبي شوية دوخة وبتروح لحالها.
- لازم تروحي للدكتور علي الأقل نطمن وخلاص
قالها علي وهو يأخذها من الخادمة ويدخل للغرفتهما أستسلمت لرغبته بعد ألحاح قوي منه...

أوقف السيارة أمام عمارة جديدة وعليها لافتة ( مأذون شرعي) نظرت للافتة بصمت ثم له وهتفت بهدوء قائلة:
- إحنا هنا ليه مش المفروض...

- المفروض أتجوزك يادموع، أنا متجوزتكيش عرفي عشان خايف الناس تعرف آو عشان نبقى في السر أنا اتجوزتك عرفي عشان كنتي قاصر ودلوقتي أنتي مش قاصر يبقى المفروض الوحيد اللي انا اعرفه أني اتجوزك شرعي
قالها بحزم وهو ينظر لها بجدية شديدة في ملامحه، هتفت بهدوء توضيح وجه نظرها له قائلة:
- مش قصدي كدة آنا قصدي تتكلم مع باباك الأول وتفهم منه عمل آللي عمله فينا ده ليه وليه بيكرهني أوي كدة.

زفر بضيق وهو يفتح باب السيارة ويتمتم بجدية:
- أنزلي يادموع.
نظرت له وهو يترجل من السيارة بلا مبالاة ثم تتنهدت بقوة، فتح لها باب السيارة ناظراً لها بجدية، فهتفت بتوتر من نظراته:
- نازلة اهو.

ترجلت من السيارة، أخذها ودخل العمارة متجه آلي مكتب المأذون الشرعي ليجعلها زوجته رسمياً وشرعاً، ضربات مختلفة بقلبها لعودته وما يفعله فهي حقاً زوجته منذ سنوات، فتح باب المصعد وخرج منه رجلين ليجذبها نحوه برفق وغيرة فرفعت نظرها له بخجل، تتأمل ملامحه الذي لم تتغير كثير عن السابق مازال جسده قوية كما كان وعضلاته بارزه وصدره ممشوق وشعره كثيف كالمعتاد يرفعه للأعلي يبدو من مظهره أنه رجل في نهاية العشرينات من عمره وليس رجل يملك من العمر 41 عام ملامحه الجدية وحدته لم تتغير مازال يغضب من أقل شئ ويوقف عقله عن التفكير حين يتعلق الأمر بها...،

شعر بنظرها المصلط عليه فأدار رأسه لها ووجدها شاردة الذهن به ولم تشعر بأنه ينظر عليها تتفحصه بدقة شديدة، أنحني قليلاً لها ليبقي بمستواها وهي واقفة وجعل رأسه مقابل رأسها، فاقت من شرودها علي قربه بخجل شديد منه وأحمرت وجنتها تزيد من جمالها الساحر وملامحها الصغيرة التي يعشقها ثم هتف بصوت خافت وأنفاسه الدافئة تداعب أنفها وعيناها قائلاً:
- آنا حلو وموز أوي كدة لدرجة آنك تسرحي فيا.

رفعت يدها بخفوت شديد وعيناها تبتسمان له ببريقهما الساحر ووضعت أناملها الصغيرة علي وجنته تتحسس لحيته البسيطة البنية بحب وأشتاق ثم هتفت بخفوت شديد ومازالت يدها علي وجهه قائلة:
- أنت أحلي حاجة في حياتي كلها والفرحة الوحيدة اللي عرفتها وشوفتها من غيرك حياتي كلها دموع ووجع مستكتر عليا ابصلك شوية وأفرح قلبي بعد الوجع اللي شافوا ده كله.

وضع يده علي يدها فوق وجنته بسعادة تغمرهما معاً بعد أن أعاد النبض لقلوبهما ثم قال بحنان:
- سلامتك من الوجع والدموع ياقلبي، أوعدك مفيش وجع تاني ولا دموع هتنزل من عيناكي تاني وعد ياحبيبتي.

توقف المصعد بهم، مسك يدها بحماس وخرج بها مُبتسمة بسعادة بعد وعده بداخلها حماس كبير لتكون زوجته رسمياً رغماً عن الجميع وكل من فرقوهم، في أقل من ساعة عقد قرانه عليها وأصبحت زوجته خرج بها من المكتب وركب السيارة وهو يقول:
- إعملي أجازة النهاردة من الشغل عشان هتقفلي التليفون.

نظرت له بدهشة وهي تغلق الباب وسألته بضجر شديد قائلة:
- هو من أولها هنقول مفيش شغل ومعنديش ستات تشتغل...
بتر الحديث من فمها بقبلة رقيقة فوق شفتيها سريعة، أتسعت عيناها الخضراء علي مصراعيها بذهول من فعلته وتجمدت مكانها وهي تنظر له، هتف بخفوت هامساً لها قرب أذنها وهو يحاصرها في كرسيها قائلاً:
- آنا قولت اجازة النهاردة وبعدين في شهر عسل مش هتنازل عن يوم واحد فيه...

إزدردت لعوبها بصعوبة مُرتبكة من فعلته وزاد أحمرار وجنتها وكأن دماءها بالكامل تدفقت الي رأسها فقط مع بشرتها البيضاء جعلوها جميلة فاتنة بسحر خاص ونارد لها وحدها، نظر لجمالها في حمرتها وأرتباكها الذي أصابها الفواق من قبلته فوضعت يدها على فمها بأحراج، نزع يدها برفق ناظراً لعيناها وحبيبات العشق الذي يسكنه لسنوات مضت تفيض منهما ثم أنحني نحوها يقترب منها ووضع شفتيه بدلا من يدها فأغمضت عيناها بأستسلام وأقصي درجات السعادة بعد أن نالت قبلة منه طالبت بها منذ زمن بعيد بطفولية وسط الشوارع...

كان يقف أمام مركز الإستقبال ينظر علي تقارير المرضي، فجاءت سلمي له ووقفت بجواره بتعب وغيظ منه بعد أن إدخلها العمليات بديل له، أخذت كوب القهوة من يده وأرتشفت القليل منه ووقفت تتأمله وهو يمضي بعض التقارير...

- بقولك ايه ياابو علي ما تيجي تتجوزني وتكسب فيا ثواب وأهو تلاقي واحدة تاخد بالها منك بدل ما انت شبه المتشردين كدة
قالتها سلمي بمرح وهي تقرص وجنته بتعب وأرهاق، أعطي التقارير للممرضة ثم مسكها من كتفها ويأخذها معه وهو يقول بجدية:
- هو أنا طلقت عشان أتجوز تاني ثم انتي الحاجة الوحيدة اللي تنفعي تعميلها آنك تروحي تنامي بقالك يومين كاملين منمتيش.

صرخت به وهو يدفعها من كتفها ويأخذها آلي مكتبها رغماً عنها، قائلة:
- ماهو كله بسببك كان زماني نايمة احلي نومه وبحلم بحسونتي حبيبي.
قهقه بشدة من الضحك عليها ثم قال مازحاً:
- روحي نامي وأحلمي بحسونتك زي مانتي عايزة.
- وهتجوزني
قالتها سلمي وهي تستدير برأسها له وهو يمشي خلفها ويمسكها من إكتافها، ضربها علي رأسها مبتسماً ثم تركها وذهب...

دلف إلياس بها إلى جناح بفندق سياحي يطل علي البحر مباشرة، ركضت الي الداخل بسعادة طفولية تغمرها وفتحت الباب الجرار الكبير ورأت السرير كبير الحجم فركضت نحوه وجلست وهي تقول بأنبهار شديد:
- أنت عارف أنا منمتش علي سرير بالحجم دي من أمتي، يااااا أكبر سرير شوفته كان بتاعك في البيت بس ده أحلي بكتير واااااووو.

قالت جملتها الأخيرة وهي تمدد جسدها علي السرير تجرب النوم عليه بفرحة كبير وهو يقف علي الباب مُتكي بكتفه عليه عاقداً ذراعيه أمام صدره ويضحك عليها وهي تتقلب في السرير يميناً ويساراً علي شكل حلقات حتي سقطت طاقيتها الوردية عن رأسها مع لعبها ضحك وهو لا يصدق بأن هذه الطفلة حقاً جراحة وتنقذ الناس بسذاجتها هذه..،

ظلت تتقلب في السرير بفرحة صانعة حلقات دائرية بجسدها يميناً ويساراً حتي أصطدمت بشئ صلب قوية رفعت نظرها ووجدت نفسها ملتصقة بصدره الصلب وهو يثني ذراعه الأيسر أسفل رأسه وينظر لها، رفع يده اليمني يرتب شعرها المبعثر من لهوها فأبقت ساكنة تماماً تنظر عليه فقط وهي تشعر بأنامله تترك خصلات شعرها بحنان وتنزل لوجهها وعيناها ومنهم آلي خصرها النحيل يحاصرها بذراعه وصدره ثم أنحني قليلاً يقبل جبينها ثم عيناها بأثارة وخفوت فأغمضت عيناها بأستسلام مُستمتعة بتلك القبلات الناعمة منه التي تذيب قلبها حتى زادت ضرباته وتكاد آن تكسر ضلوعه من قوتها بقلبها وكيانها فرفعت يدها تتشبث بذراعه الموضوع علي خصرها وهو يضع قبلته التالية على عينها الأخرى بحنان قبلة طويلة ناعمة ثم أبتعد عنها وهمس بجوار أذنها وأنفاسه الدافئة تداعب أذنها قائلاً:
- هنأجل اي حاجة لغاية ما تجيبي فستانك أعملك فرحك آللي بتحلمي به.

فتحت عيناها بخفوت ثم هتفت ببراءة:
- أنا مش عايزة فرح آنا فرحى الكبير آنك رجعتلي سالم مش هطمع أكتر.
أبتعد عنها وهو يحملها من منتصف السرير على ذراعيه وهو يقول:
- من حقك ياحبيبتي تطمعي زي كل البنات وتعملي فرح وشهر عسل...

إنزلها علي السرير مجدداً برفق فوق وسادتها، مسك يدها بين كفيه بحنان ويكمل حديثه قائلاً:
- أطمعي فيا يادموع زي ما أنتي عايزة لأبعد الحدود أوعي تبطلي تطمعي فيا آنا عايزك طماعة فيا آنا وبس.

تشبثت بيدها في كفه وجذبت نفسها للأعلي لتجلس على السرير ثم عانقت بقوة وهي تقول بحب:
- أنا عمري ما كنت طماعة في حاجة قد ما أنا طماعة في حبك وطمعي وصلني لمرحلة الهوس والجنان بحبك وأنا راضية بس أوعدني أنك تبقي حقيقي خايفة تطلع تهيوات آو حلم أصحي ملاقكش جنبي.

أربت على ظهرها بحنان مبتسماً ثم قال:
- حقيقة ياحبيبتي حقيقة.
أبتعدت عنه وذراعيه مازال حول عنقه فقالت بهمس وعيناها تحتضن عيناه بعشق يفيض من قلوبهما:
- قول والله.
- والله
قالها بخفوت شديد وهو يضع خصلات شعرها خلف أذنها وبسمتها ترسم في ملامحه بالكامل...

سقطت على علي كرسيه بصدمة ألجمته وقال بتلعثم شديد:
- ورم... أثير... مراتي...
إربت الدكتور علي كتفه بأسف...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة