قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية راسين في الحلال للكاتبة منال سالم الفصل العاشر

رواية راسين في الحلال للكاتبة منال سالم الفصل العاشر

رواية راسين في الحلال للكاتبة منال سالم الفصل العاشر

في غرفة المعلمات بمبنى الرياض،
جحظت عاليا بعينيها حينما استدارت للخلف ووجدت رامي يبتسم لها إبتسامة عريضة، فإرتبكت على الفور، وحاولت أن تغطي شعرها وهي تصيح فيه ب..
-إنت، إنت بتعمل ايه هنا؟ ومين سامحلك تيجي الأوضة دي؟ إنت أصلاً إيه اللي دخلك المدرسة هنا؟
لم تحيد عاليا بعينيها عنه، بينما بادلها هو تلك النظرات المتفحصة لها ولهيئتها الغير مهندمة، ثم لوى زاوية فمه في تهكم، و..

-كل دي أسئلة، ما بالراحة شوية عشان أعرف أجاوبك
ثم نهض عن المقعد، وبدأ يتحرك في اتجاهها..
حاولت عاليا أن تعدل من وضعية حجابها، لكنه بدى لو كان يتعمد عدم الإنصياع لها، فإرتبكت أكثر، وتراجعت خطوة للخلف متحاشية النظر إليه، فخشيت أن تبدو أمامه كالبلهاء، لذا نهرته وهي تشير بإصبعها ب...
-لو سمحت خليك في مكانك، وإلا والله العظيم آآآ...

توقفت هي عن إكمال عبارتها حينما أشار هو لها بكفي يديه في الهواء لكي يطمئنها، و..
-طيب، طيب، بس إهدي
تراجعت عاليا في اتجاه المرآة الصغيرة المعلقة عند مدخل الغرفة، وبنبرة تحمل النرفزة تشدقت ب...
-ثواني خليني أظبط الطرحة دي
ثم سريعاً وضعت هي ( دبابيس ) الحجاب في فمها لكي تتمكن من ربطها جيداً..

في حين عقد رامي ساعديه أمام صدره، وإستند بظهره على الطاولة، وظل يتابع عاليا بنظرات متمهلة ومتعجبة في آن واحد، وبنبرة رخيمة تحدث ب...
-خدي راحتك يا أبلة!
لوت هي شفتيها في استنكار جلي، ورمقته بنظرة حادة من طرف عينها اليسرى، و..
-نعم؟ أبلة!
ابتسم هو لها بغرور، وبكل تعجرف تابع حديثه معها ب...
-أه أبلة، ولا تحبي أقولك عاليا، أنا شايف إن ده أفضل!

صرت هي على أسنانها في حنق غير مبرر، ثم كورت قبضة يدها وكأنها تريد لكمه فوراً على فكه:
-إنت، إنت!
حل هو ساعديه، ومد يده في اتجاهها ليصافحها وهو يبتسم لها:
-أنا رامي، تشرفت بيكي
رمقته عاليا بنظرات ساخطة، ثم هزت ساقها في عصبية بعد أن عقدت ساعديها أمام صدرها، وأردفت ب، :
-جاي هنا ليه؟
مط رامي فمه للأمام في برود، ثم ابتسم لها إبتسامة هادئة وهو ينظر لها بنظرات شبه ضيقة، و..

-هو المكان محظور عليا ولا حاجة يا، يا عاليا؟
تشنج وجهها، وبرزت عروق جبينها، ورفعت حاجبيها الاثنين في غيظ، و..
-أه طبعاً محظور عليك وعلى أي حد غريب يجي هنا من غير إذن
ابتسم رامي بثقة أكبر، ثم وضع يديه في جيبي بنطاله الخلفي، ونظر لها بغرور، وتنفس بهدوء ثم تابع ب، :
-أنا مافيش حاجة تقف في وشي، ده أنا رامي عليوه
حدجته هي بنظرات مغتاظة، ثم وضعت يدها في منتصف خصرها، وبنبرة متوعدة أردفت ب، :.

-والله، طيب! أنا هابلغ الأمن عنك وهاخليهم يطلعوك برا يا رامي قشوع ( اسم بطل فيلم مصري )...!
ضيق رامي عينيه أكثر في حيرة، ثم تسائل في فضول ب...
-مين رامي قشوع ده؟
وضعت هي إصبعيها على طرف ذقنها وكأنها تتوعده بالإنتقام، و..
-اصبر بس عليا...!
-على فكرة أنا اسمي رامي سرحان عليوه، مش قشوع ده!
-هه!

كانت عاليا على وشك الخروج من الغرفة حينما أسرع رامي في خطواته لكي يسبقها، ثم اعترض طريقها ووقف أمامها، بنبرة شبه راجية تحدث قائلاً:
-استني بس يا عاليا
صرت هي على أسنانها في ضيق، وأشارت بإصبعها، و..
-كمان عاليا كده حاف؟!
ابتسم رامي لها إبتسامة عريضة، ثم غمز لها وهو يتحدث بنبرة هامسة ب...
-بلاش حاف، خليها بالزبدة بالعسل بالمكسرات حتى، المهم بأي حاجة مسكرة زيك كده! ها مرضية يا عاليا؟

-والله، إنت قاصد تفور دمي
-ليه بس سوء الظن ده! ده أنا نيتي صافية
-مممم، طب وسع أحسنلك
-لالالا، أنا مش هاوسع إلا لما آآ...
قاطعته عاليا بصوتها الحاد وهي تهدر ب، :
-والله العظيم إنت مش هترتاح إلا لما أعملك فضيحة هنا
-يا بنتي هو انتي بتدوري على المشاكل بمغناطيس؟ أنا جاي هنا في شغل، إصبري شوية واسمعيني
هدأت نبرتها إلى حد ما، ورمقته بنظراتها الجادة:
-والله! وده من امتى ان شاء الله؟!
- احم، آآ، من زمان..

-تصدق انت باين عليك إنسان تافه وفاضي، وجاي تضيع وقت، وحظك وقعك معايا وآآ..
وضع رامي كف يده أمام وجهها ليجبرها على الصمت، ثم زم شفتيه في غضب، وأردف ب، :
-ششششششششش، بس، خلاص، بلاعة واتفتحت
-اييييه؟
وضع هو إصبعه على طرف فمه، وحركه بعصبية، و..
-هوس خلاص، أنا أصلاً مش جايلك، أنا جاي لابن خالتي
فتحت هي ثغرها في تهكم، ونظرت إليه بعدم إقتناع:
-ابن خالتك؟
-أيوه، ماهو متعين معاكم مدرس هنا.

تابعت عاليا حديثها بنفس النبرة المتهكمة، وهي تنظر إليه بنظرات شبه ساخطة، ثم تابعت ب، :
-يبقى حضرتك غلطان في العنوان، هنا مبني الكي جي للبنات وبس، ولو جاي فعلاً لابن خالتك زي ما بتقول يبقى شور هتلاقيه في المبنى الرئيسي مش هنا، فاتفضل بقى هوينا
أصر رامي على كلامه، ونفخ في إرهاق، ثم نظر لها مباشرة:
-لأ معلش، أنا متأكد من اللي بأقوله، وآآ..
قاطعته عالياً مجدداً بصوتها العالي وهي تصرخ فيه ب...

-واضح كده إن الكدب هواية عندك
لوى هو فمه في عدم تصديق، ورفع حاجبه للأعلى:
-نعم؟
نظرت إليه عاليا بنظرات أكثر سخطاً، وأشارت له بإصبعها وهي تحدثه بنبرة تحمل نوعاً من الإهانة ب...
-زي ما سمعتني، انت من النوع لما مش بتلاقي واحدة تديك ريق حلو، تعمل أي حجة فارغة والسلام عشان بس تزهقها وتقرفها في عيشتها يمكن تترمي عليك، وتعتبرك فارس احلامها الأول
رفع رامي حاجبيه في اعتراض:
- الكلام ده ليا أنا؟

أومأت هي برأسها موافقة قبل أن تكمل ب، :
- أه ليك طبعاً، وإن كنت بقى مفكرني مش عارفة إنت عملت ايه في المطعم تبقى غلطان، لأ أنا واعية لكل حاجة بتعملها كويس أوي...!
-وربنا أنا فعلا غلطان إني بأعمل معروف مع اللي زيك
وضعت كلتا يديها في منتصف خصرها، وضيقت عينيها بشدة وهي تنظر إليه في حنق:
-ايييه؟ اللي زيي؟
هز رامي رأسه بإصرار، ثم تابع بسخرية واضحة ب، :.

-أيوه، أصل انتو اللي يعملكم قيمة في الزمن ده ويعبركم، بتتنمردوا عليه
-والله!
ثم نظر إليها بنظرات متحدية، وبنبرة واثقة أكمل ب، :
-أيوه، جنس نمرود، وروحي إشتيكيني، وأنا مستنيكي هنا، بس متتأخريش...!
فغرت هي شفتيها في عدم استيعاب لما قاله للتو، في حين أشار هو لها بكف يده، ولم ينظر لها، وبكل فظاظة تحدث ب، :
-وسعي بقى، عشان عاوز هوا، وابقوا ركبوا تكييف هنا لأحسن الجو خانقة، ها، خانقة!

لم تصدق عاليا تصرف رامي الوقح معها، وتسمرت في مكانها لوهلة حتى أفاقت من شرودها، وكانت على وشك الإنفجار ثائرة، لكنها نظرت حولها فلم تجده، فمطت شفتيها في إحتجاج:
-ماشي يا رامي، ماشي..!

في غرفة الرسم،
ركضت ريمان ومعها سارة وسالي ومن قبلهن نشوى في اتجاه غرفة الرسم حيث من المفترض أن تكون رانيا متواجدة هناك، ولكن للأسف لم تجدها أياً منهن..
نفخت ريمان في غضب، وصرت على أسنانها في ضيق وهي تتحدث بنبرة منفعلة ب...
-راحت فين؟
هزت نشوى كتفيها في عدم فهم، ومطت ثغرها للأمام:
-معرفش
رمقتها ريمان بنظراتها المشتعلة:
-مش إنتي صاحبتها؟
أجابت عليها نشوى بتهكم واضح ب، :.

-ماشي، بس ده مش معناه إن أنا معايا خط سيرها يعني..!
-بس إنتو الاتنين ودنكم في بعض ليل نهار
-بقولك ايه يا ريمان، أنا مش فاضية للكلام ده، خلي كل واحدة تخلص اللي وراها
وقفت سارة إلى جوار ريمان، وأسندت كف يدها على كتفها، ونظرت لها بنظرات هادئة:
-اهدي يا ريموو، كل مشكلة وليها حل
التفتت لها ريمان ورمقتها بنظرات محتقنة قبل أن تنطق بنبرة متشنجة ب، :.

-يا سارة إنتي مش متخيلة رانيا عملت فيا ايه، ولا حتى المصيبة اللي لابستهاني
-خلاص، كل حاجة هاتتحل
-لأ مش هاتتحل لأنه كده مفكر إني أنا اللي بوظت حاجته
رفعت سالي حاجبها في تساؤل:
-مين ده؟
استدارت ريمان ناحيتها، ونظرت لها بنظرات عادية وهي تشير بيدها:
-المدرس الجديد
-مدرس...!
قالتها سارة بإستغراب قبل أن تتوقف جميع الآنسات عن الحديث حينما سمعن ذلك الصوت الصارم والمعروف للناظرة إعتماد:.

-في ايه اللي بيحصل هنا يا بنات؟ انتو مش متواجدين في أماكنكم ليه؟
تنحنحت نشوى في حرج، ونظرت لها بتوجس:
-أنا، أنا ماشية
تنفست سالي بهدوء، وبخطوات متمهلة تأبطت في ذراع سارة، ثم سارت في اتجاه الناظرة، ورمقتها بنظرات عادية:
-احنا خلصنا اللي ورانا يا مِس إعتماد، وكنا بنشوف إن كان في حد من زمايلنا محتاج مساعدة ولا حاجة
مطت الناظرة إعتماد شفتيها في إعجاب، وبنبرة مديح تحدثت ب، :.

-برافو يا مس سالي، بأحب فيكي روح الحماسة الزايدة دي
-العفو يا مس إعتماد، احنا بنتعلم من حضرتك
-ماشي يا مِس سالي، ربنا معاكو
ثم تركتهن وإنصرفت في اتجاه مكتبها، في حين أرخت سارة ذراعها قليلاً وهي تنظر إلى سالي و، :
-دراعي خدل، ماتريحيش أوي عليه
-يا بت ده إنتي ليكي الشرف إني ماسكة فيكي.

ظل وجه ريمان متجهماً، وعقدت ساعديها أمام صدرها، وبدأت في هز ساقيها بعصبية، وغمغمت مع نفسها بكلمات مبهمة تشير إلى حنقها، تبادلت كلاً من سارة وسالي النظرات ذات المغزى، ثم أشارت سالي لسارة بعينيها لكي تتحدث مع ريمان، فإمتثلت الأخيرة لطلبها، وبالفعل وقفت قبالة ريمان ثم وضعت يدها على ذراعها ومسحت عليه بنعومة، ونظرت لها بنظرات عادية وبصوتها المتحمس نطقت ب، :
-خلاص بقى يا ريموو، انسي اللي حصل.

هزت ريمان رأسها معترضة قبل أن تجيبها ب:
-لأ
-مش يمكن تكوني ظلماها!
بدى الانفعال واضحاً في صوت ريمان حينما أجابتها ب، :
-والله أبداً، ده أنا متأكدة إنها السبب في اللي حصل
خشيت سارة إن تمادت في الضغط على ريمان أن تزداد غضباً، لذا أخذت نفساً عميقاً، وزفرته على مهل، وبصوتها الرقيق تابعت حديثها ب، :
-بصي، فوتي المرة دي، وأوعدك بعد كده لو هي ليها يد في حاجة احنا مش هانسيبها
-بالظبط كده.

قالتها سالي حينما وقفت إلى جوار ريمان، ووضعت هي الأخرى يدها على كتفها
تراجعت ريمان خطوة للخلف، ونظرت إلى كلتاهما بأعين مشتعلة، ثم ردت عليهما بتذمر ب:
-لأ، إنتو مش فاهمين هي أحرجتني ازاي، وهو كده هايفكر إن أنا اللي عملت ده في حاجته
قطبت سارة جبينها، وبنبرة فضولية تسائلت ب، :
-حاجة مين ده؟
نفخت ريمان مجدداً من الضيق الجلي، ووضعت كفي يدها على وجهها لتخفيه، و..
-يوووه.

أشارت سالي لسارة بطرف عينها لكي تتوقف عن الحديث، ثم بادرت هي ب، :
-بقولكم ايه انتو الاتنين، تعالوا نتكلم في مكان تاني بدل ما نلاقي عفريت العلبة فوق دماغنا
ابتسمت سارة ببلاهة، ثم نظرت حولها في قلق، و، :
-على رأيك
أحاطت سالي ريمان بذراعها، ثم دفعتها لتسير معها وهي تتحدث بصوت هاديء ب، :
-يالا يا ريموو، يالا يا حبيبتي، وربنا يهديكي.

تجول رامي في الحديقة الملحقة بمبنى الرياض باحثاً عن آياز، وبالفعل وجده جالساً على أحد المقاعد الخشبية المثبتة في الأرضية، فإتجه نحوه وهو يصيح ب، :
-إيزوووو، باشا!
انتبه له آياز، ونظر في اتجاهه، ولوح له بيده ثم نهض عن مكانه، وبنبرة منزعجة أردف ب..
-تعالى يا رامي
جلس رامي إلى جوار آياز، فتنهد الأخير في إستياء، فنظر إليه رامي بإستغراب:
-مالك أخد جمب كده ليه؟

نفخ آياز مجدداً في ضيق جلي، ثم حدق مباشرة أمامه في الفراغ:
-اتخنقنت
رفع رامي حاجبه في اندهاش، ثم مال برأسه للجانب ليتمكن من التمعن في وجه ابن خالته، وتحدث ب، :
-بالسرعة دي
-هاعمل ايه، ماهو ربنا مسلط عليا واحدة كل ما تشوف حاجة تبعي تبوظها
ضيق رامي عينيه، وبنبرة فضولية تسائل ب، :
-مين دي؟
هز آياز كتفيه في حيرة، ثم لوح بذراعه في الهواء وهو يتحدث ب:
-مش عارف، أهي بنت من البنات اللي شغالين هنا.

لكزه رامي في ذراعه بخفة، ثم غمز له بطرف عينه، وبنبرة شبه ماكرة سأله:
-شبه الغفر، ولا مزة تستاهل؟!
لوى آياز فمه في استنكار قبل أن يجيبه ب، :
-يا عم انت فايق للكلام ده
-يا سيدي بأحاول أخليك تفك كده وتفرفش بدل ما أنت مقفل كده
-طب جبت الحاجة؟
ابتسم رامي نصف ابتسامة شبه ساخرة، ثم بنبرة مازحة أجابه ب، :
-أكيد طبعاً، أومال يعني جاي أشكيلك همي وتشكيلي همك.

ربت آياز على فخذ رامي لكي يحثه على النهوض، ثم بنبرة جادة تحدث ب:
-طب تعالى نشوفها
نهض رامي من جوار ابن خالته، ثم نظر في ساعة هاتفه المحمول قبل أن يوجه بصره نحو آياز:
-لأ شوفها انت براحتك، أنا يدوب ألحق أرجع المعرض
-انت مش ناوي تساعدني؟
عبس رامي بوجهه قليلاً، ومط فمه في ضيق:
-المساعد ربنا، وبعدين كفاية اللي حصل لحد كده، أنا مش ناقص أتخانق تاني
أثارت العبارة الأخيرة فضول آياز كثيراً، فسأله بإستغراب ب، :.

-تتخانق؟ هو في حد كلمك على البوابة؟
لم تتغير تعابير وجه رامي كثيراً، ولكنه تحدث بنبرة أقل إنزعاجاً:
-لأ، ماتخدش في بالك، سلام بقى يا إيزوو، والله يعينك على الوحوش اللي هنا
ابتسم له آياز مجاملاً، ثم بنبرة رخيمة أردف ب، :
-ايوه ادعيلي
-سلام يا كوتش، أشوفك أخر النهار
-أوكي، See ya ( أراك لاحقاً ).

بداخل غرفة الموسيقى،
نظرت جانيت إلى رانيا باستغراب شديد، خاصة وأن الأخيرة قد لجأت لتلك الغرفة لتختبيء فيها، وإدعت بالكذب أنها قادمة لتساعدها في إنجاز عملها في وقت قصير..
شردت رانيا بعقلها وأثارها الفضول لمعرفة توابع فعلتها مع ريمان وآياز، فهي متيقنة أن الأمر لن يمر مرور الكرام، خاصة وأن آياز ليس من النوع الذي يقبل الإهانة بسهولة، وكذلك ريمان..
تسائلت هي في نفسها بفضول زائد ب، :.

-طب هايكونوا اتخنقوا مع بعض ولا قطعوا هدوم بعض ولا عملوا ايه بالظبط؟ هاموت و أعرف اللي حصل بينهم، يوووه، ماهو الاتنين دماغهم جزم، بس، بس أنا ماليش دعوة بالموضوع، أنا هاعمل نفسي من بنها، وكأن مافيش حاجة حصلت، أيوه، دي أسلم طريقة عشان محدش يشك فيا، ربنا يعديها على خير
مطت جانيت شفتيها لأكثر من مرة، ثم تسائلت بجدية ب، :
-انتي هاتفضلي أعدة كده كتير؟
نظرت لها رانيا ببرود، ثم بكل فظاظة سألتها:.

-ليه في حاجة؟
-أنا عاوزة أرتب الأوضة، وانتي معطلاني، وواضح كده إنك هاتفضلي مبلطة في الخط كتير
لوت رانيا ثغرها في استهزاء، ثم زمت فمها وهي تجيبها ب:
-طيب شوية وهاقوم
اغتاظت جانيت من ردها المستفز، فتشدقت ب، :
-انتي مش قولتي هتساعديني
ارتبكت هي ولم تعرف بماذا تجيبها، فحاولت البحث عن كذبة مقنعة، فخرج صوتها متلعثماً حينما ردت عليها ب:
-أها، بس آآ، أنا، انا عندي حساسية من التراب
-بجد؟

قالتها جانيت وهي تحدجها بنظرات حادة غير مقتنعة بما تقوله
تنحنحت رانيا في حرج زائف، وتجنبت النظر في عينيها وهي تجيبها بخفوت ب:
-إحم، آآ، أيوه
-طب بما إنك تعبانة، فيا ريت تاخدي سكة بقى عشان أخلص شغلي، أنا مش عاوزة أتأخر بعد مواعيد الدراسة
-طيب.

لم تجد رانيا أي بدٍ من المكوث في الغرفة بعد أن تلاشت كل الحجج، لذاغ عضت على شفتها السفلى ونهضت عن المقعد، ثم سارت في اتجاه باب الغرفة ولكن أوقفها عن متابعة السير صوت جانيت الآمر ب، :
-رجعي الكرسي اللي كنتي أعدة عليه مكانه، معلش أنا مش بأحب أوضتي تبقى مفركشة
زفرت رانيا في حنق بعد أن ضيقت عينيها اللئيمتين قليلاً، وردت على مضض ب، :
-أووف، ماشي.

أعادت هي ترتيب المقعد في مكانه، ثم خرجت من الغرفة وهي تتمتم بكلمات ساخطة، ولكن لم تعبأ بها جانيت، بل إبتسمت في رضا وهي تحدث نفسها ب..
-بنت باردة، مش ينفع معاها إلا الاسلوب المستفز ده...!

في غرفة المعلمات بمبنى الرياض،
تزاحمت الغرفة بالمعلمات اللاتي كن يتحدثن عن طبيعة يومهن، ولم تلاحظ إحداهن حالة الضيق أو الشرود البادية على وجه عاليا..
إكتفت عاليا بتصنع الابتسام حتى تتجنب محاصرتها بالأسئلة..
وفجأة ساد الصمت الرهيب الغرفة حينما ولج إليها آياز، حيث حدقن به وتسائلن بتهامس بينهن عن هويته..
ابتسم آياز إبتسامة مجاملة للجميع، وبنبرة هادئة بدأ حديثه ب، :.

-Good afternoon Ladies ( مساء الخير سيداتي )، أنا آياز الشناوي، زميلكم الجديد في الكي جي
تابع آياز ردود الفعل الصادمة على تعابير أوجههن، فبادرت حنان ب:
-أهلا وسهلا بيك معانا، وإن شاء الله تكون سنة دراسية مثمرة
ابتسمت له ميادة ابتسامة مجاملة قبل أن تنطق ب..
-إن شاء الله يعجبك الشغل في الكي جي
-ايوه، هو في زي الكي جي وجماله
قالتها هبة وهي تنظر في اتجاه آياز بنظرات مطولة.

نظرت له ليلة بعينين متفحصتين قبل أن ترد عليه ب، :
-أهلا بيك معانا
تحمست سارة كثيراً حينما أردفت جملتها ب، :
-بص إحنا كلنا هنا اخواتك، ولو عوزت أي حاجة إن شاء الله مش هنتأخر عليك
هز آياز رأسه موافقاً على ردودهن، ولم يعقب وبحث بعينيه عن ريمان فوجدها تتحاشى النظر إليه، فلوى فمه في سخط، ونظر لها شزراً، ثم اتجه صوب الصندوق الكرتوني وجمع أشيائه، وبكل برود تحدث ب..

-شكراً على كلامكم ده، وأتمنى إن يكون في حدود للتعامل بينا، لأن أنا مجرد زميل هنا وبس...!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة