قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية راسين في الحلال للكاتبة منال سالم الفصل الحادي عشر

رواية راسين في الحلال للكاتبة منال سالم الفصل الحادي عشر

رواية راسين في الحلال للكاتبة منال سالم الفصل الحادي عشر

لم يتوقف برنامج ( الواتس آب ) عن تلقى إشعارات بوجود محادثات كثيرة، وتعابير رمزية بلا حصر، فما قاله آياز اليوم في المدرسة كان محور الإهتمام..
تباينت ردود الأفعال حول رده الصادم والصارم في آن واحد...
-هناء: (( أنا ماشوفتش اللي حصل ))
-جانيت: (( ما إنتي مكونتيش موجودة ))
-سارة: (( المشكلة أنا اللي كنت بكلمه، والاحراج كله ليا ))
-عاليا: (( أحسن حاجة نخلينا في حالنا، ونبعد عنه وعن اللي زيه )).

-هناء: (( اكيد هيحتاج لواحدة مننا، وإحنا هنوريه الوش الخشب ))
-ميادة: (( فعلا، ده هو وقع في إيد من لا يرحم ))
-منة: ((هو متنطط على إيه، ده في زيه أد كده ))
-ميادة: (( بالظبط ))
-سارة: (( أومال فين بقية البنات؟ محدش فيهم قال رأيه ))
-جانيت: (( ممكن يكونوا مش موجودين ))
-هناء: (( أما هيدخلوا على الواتس أكيد هيقروا الشات ))
-أية: (( أنا ماينفعش ماتعملش معاه، هو هيبقى في وشي كل يوم )).

-منة: (( صدري بس الوش الجبس وهو هيعرف إن الله حق ))
-أية: (( إن شاء الله ))
ظل الوضع هكذا في المحادثة الجماعية بين الفتيات لبعض الوقت، وإنتقلوا لمواضيع أخرى للحديث عنها..
وعلى الجانب الأخر، إتصلت ليلة ب ( ريمان ) لتطمئن على أحوالها و..
-بجد بنت مستفزة، أنا مش طايقاها خالص
قالتها ريمان بنبرة منزعجة، وهي تحاول وضع الطلاء على أظافر قدمها..
زمت ليلة شفتيها قليلاً، وقالت بحماس:.

-كبري دماغك منها، وخلينا نشوف هنعمل ايه مع فلانتينو الكي جي
-ده بني آدم قليل الذوق، مفكر إن أنا اللي بوظتله حاجته
-معلش، أي حد كان في مكانه هيفكر كده
تركت ريمان فرشاة الطلاء، وضيقت عينيها، ثم قالت بإنفعال:
-إنتي معايا ولا معاه
-لا معاكي ولا معاه، بس هو الموقف بيقول إن آآآ...
-خلاص خلاص قفلي على السيرة دي، وخلينا نشوف هانلبس ايه بكرة
زفرت ليلة في ضيق، ثم تشدقت ب:
-أووف، شوفتي أبلتك إعتماد هاتعمل فينا ايه؟

لوت هي شفتيها في امتعاض، وتسائلت بإحباط ب:
-إيه تاني؟
أخذت ليلة نفساً مطولاً، وزفرته على مهل، ثم أردفت ب:
-هي عاوزانا نلبس شبه بتوع مصر سرفيس ( شركة النظافة )
ضيقت ريمان عينيها، وعقدت ما بين حاجبيها في استغراب، وقالت بدهشة:
-نعم، أنا مش فاهمة!
-يعني هي عاوزانا نلبس تي شيرت أورانج خامته رديئة جداً، ومعاها كاب كحلي باين
أخرجت ريمان لسانها في تأفف، وإكفهر وجهها بإشمئزاز واضح، وتحدثت على مضض ب:
-إيه القرف ده.

لوت ليلة فمها للجانب، ثم قالت متهكمة:
-بتقولك نيو لوك
-ده نيو زفت على دماغها
قالتها ريمان بضيق جلي، ثم نهضت عن الفراش، وإتجهت ناحية خزانة ملابسها لتنتقي ما سترتديه في الغد..
في حين ضحكت ليلة لبعض الوقت، ثم تابعت بثقة ب:
-أنا مش هالبس اللي هي بتقول عليه ده
-ولا أنا كمان
-أوكي، هانشوف باقي البنات هايقولوا ايه.

أسندت ريمان الفستان الأصفر ذي الحمالات العريضة، والتنورة المطبوع عليها رسومات طفولية على المقعد المواجه لمكتبها، وأومأت برأسها وهي تجيبها ب:
-تمام، بس احنا مش هنخليها هتهزقنا عل أخر الزمن وتخلي منظرنا مش حلو قصاد الأهالي ولا الأطفال
-متفقين.

في فيلا سرحان عليوه،
في غرفة آياز،
إستند رامي بظهره على طرف الفراش، وأمسك بهاتفه المحمول بين يديه، وظل يمارس أحد تطبيقات الألعاب..
في حين إستغرق آياز وقتاً طويلاً في الانتهاء من إعداد خطة الدراسة، وتحضير بعض الدروس الخاصة بمنهجه الدراسي...
شعر رامي بعد برهة بالملل، فأغلق هاتفه، وألقاه إلى جواره، ونظر في اتجاه إبن خالته بإستغراب..

كان الأخير يحاول تصميم برنامجاً ما لتسهيل شرح بعض المفردات اللغوية بطريقة مصورة، وتناسى تماماً وجود رامي، فأمسك هو بالوسادة وألقاها على رأس آياز، فإنتبه له بعد ان تأوه من الآلم، وقال بإندهاش:
-آوتش، ايه يا بني، في ايه؟
ثم وضع يده على رأسه ليحكها، في حين نظر له رامي شزراً، وقال بإمتعاض:
-هاتنجز اللي بتعمله ده امتى، أنا زهقت!
-شوية
أشار له بيده، ثم قال متهكماً وهو ينظر له:.

-ده انت بقالك ساعة أعد على البتاع ده، إيه يا عم، تكونش بتخترع الذرة وأنا معرفش
ابتسم آياز له إبتسامة مجاملة، وأجابه بهدوء:
-لأ ده شغلي
-طب يالا، بدل ما أقوم وأسيبك
ضغط آياز على عدة أزرار، ونهض عن المقعد، ثم تسائل وهو مسلط أنظاره على شاشة حاسوبه المحمول ب:
-إنت رايح فين أصلاً؟
-كان عندي ( Race ) ريس النهاردة، وكنت عاوزك معايا
قطب آياز ما بين حاجبيه، ونظر إليه بإندهاش وهو يسأله ب:.

-انت لسه بتشارك في السباقات؟
ابتسم له رامي بغرور، ونفخ صدره في ثقة، ثم قال بكل فخر:
-هو أنا بطلت أصلاً
ثم أخفض نبرة صوته قليلاً، وتابع ب:
-بس محدش يعرف أي حاجة عن الموضوع ده، ده سر بيني وبينك
مط آياز شفتيه، وعقد ساعديه أمام صدره، ثم تحدث ب:
-ممممممم، اوكي
-إنت عارف خالتك مش هاتسيبني لو عرفت باللي بأعمله، ده غير أبويا، الاسطوانة بتاعة كل يوم، وأنا مش ناقص وجع دماغ لو حد عرف بده
-أها، Don t worry.

-المهم، إنت جاي معايا ولا لأ؟
-جاي..
ظهرت إبتسامة عريضة من بين أسنانه، ثم قال بحماس جلي:
-اشطا عليك يا برنس، أيوه بقى، ده أنا هابهرك.

أبعدت وردة أذنها عن الباب، وعضت على شفتها السفلى الغليظة، وهزت رأسها عدة مرات، ثم قالت بمكر:
-يا وجعة سودة، بيعمل حاجة اسمها أبصر ايه ( رست ) ( بست ) والنبي ما أنا فاكرة، يا حظك الحلو يا وردة، كده أنا أقدر أذله بيها لو موجفش معايا وخلى سي إزاز يتعلج بيا..
ثم برزت في عينيها لمحة شيطانية، وتابعت بتلهف ب:
-بركاتك يا شيخ مبروووك، البشاير هلت أهي..!

في منزل عاليا راشد،
إنتهت عاليا من إرتداء فستان السواريه الأسود – ذي الرقبة العالية، والأكمام الواسعة، والذيل الطويل – ونظرت إلى هيئتها في المرآة، وقامت بتثبيت حجابها بدبابيس فضية لامعة، وإنحنت بجسدها للأمام قليلاً لترتدي حذائها ذي الكعب العالي، وقامت بوضع ملمع الشفاه، وعضت على شفتيها لتتأكد من إنتشاره عليهما...

رن هاتفها المحمول، فأسرعت ناحية الفراش، وإلتقطته بأصابعها، ووضعته على أذنها، وابتعلت ريقها، وأجابت بتلهف ب:
-أيوه يا طنط، أنا لبست خلاص
ثم حاولت أن تجمع أشيائها المتناثرة في أرجاء غرفتها، وتابعت ب:
-أوكي، هاخد تاكسي وأحصلكم على هناك، بس متتأخروش عليا المشوار بعيد وكده..
ثم زمت شفتيها للأمام بعد أنعلقت حقيبة يدها الصغيرة على كتفها، وأكملت بجدية ب:.

-مممم، تمام، يعني هي الكوافيرة خلصت معاها، خلاص ماشي، أنا على العموم نازلة أهوو، أوكي، باي!
إنهت هي المكالمة معها، ووضعت الهاتف في حقيبتها بعد أن نظرت إلى شاشته، ثم قالت بتذمر:
-أوف نسيت أشحن موبايلي، ربنا يستر ومايفصلش مني
وإتجهت بعدها ناحية باب غرفتها، وولجت للخارج...

في كافيه ما بأحد المولات،
أمسكت رانيا بقائمة المشروبات لتنتقي ما تريده منها، فنظرت لها نشوى الجالسة إلى جوارها بإندهاش، وأسندت ذقنها على مرفقها، وتشدقت ب:
-بجد إنتي جايبة البرود ده كله منين، ده أنا لو مكانك بعد اللي حصل ماوريش وشي لحد
-عادي، إنتي عارفة إنه مش بيفرق معايا
-ده أنا كنت هاموت في جلدي لما لاقيت ريمان وشلتها جايين عليا وبيدوروا عليكي
مطت رانيا شفتيها في عدم إكتراث، وقالت بفتور:.

-سيبك منهم، دول شلة بايخة أصلاً، وأنا مش بأطيقهم
ضيقت نشوى عينيها، وأردفت محذرة ب:
-بس لو هما حطوكي في دماغهم مش هتخلصي منهم
-أووف بقى، أنا زهقت
-يا روني أنا خايفة عليكي
-إنسيهم، وخلينا نشوف هانشرب ايه
لوت نشوى شفتيها في عدم إقتناع، ونظرت إلى قائمة المشروبات وقالت بفتور:
-ماشي.

بداخل إحدى سيارات الأجرة،
نظرت عاليا إلى صورتها المنعكسة على الكاميرا لتتأكد من هيئتها المرتبة، ثم حولت بصرها ناحية السائق وطلبت منه بتلهف:
-بسرعة يا أسطى الله يكرمك، لأحسن أنا متأخرة أوي
نظر لها السائق من طرف عينه عبر المرآة الأمامية، وأجابها بصوت آجش ب:
-ما إنتي شايفة يا مدام السكة عاملة إزاي
رمقته هي بنظرات محتقنة قبل أن تتابع بغيظ ب:
-مدام!

تجاهلها السائق عن عمد وسلط بصره على الطريق، فغمغمت هي بخفوت لنفسها ب:
-سواقين أخر زمن، أل مدام أل...!

بداخل سيارة رامي عليوه،
أمسك رامي بالمقود بيد واحدة، وباليد الأخرى حاول تشغيل المسجل الموجود على ( تابلوه ) السيارة
في حين كان آياز مشغول بإرسال رسائل نصية إلى والدته بالخارج، ثم نطق ب:
-رامي حبيبي، معلش نزلني عند بنك (، ) عاوز أسحب فلوس بالفيزا
-ماشي، بس حاول تنجز عشان أنا كده هتأخر على ال ( Race )، وإنت عارفني مواعيدي ( شارب ) Sharp
ابتسم له آياز نصف إبتسامة، وأضاف مازحاً:.

-ماشي يا عم شارب، أوقف هنا، في ركنة أهي
-أوكي
وبالفعل صف رامي سيارته بالقرب من أحد البنوك، وترجل آياز منها، وإتجه لماكينة الصراف الآلي...
ظل رامي يطرق بأصابعه على المقود وهو يوزع بصره ما بين الطريق وبين ابن خالته..
عاد آياز بعد لحظات ووجهه شبه منزعج، وأطل برأسه من نافذة السيارة وأردف ب:
-رامي معلش روح إنت السباق بتاعك لأن الظاهر في مشكلة في كارت الفيزا، وأنا كده هأخرك معايا.

نظر له رامي بإستغراب وهو يرفع أحد حاجبيه، وتسائل بجدية ب:
-مشكلة إيه دي؟
زفر آياز في ضيق، ثم أجابه ب:
-بيقولي العملية لا تصلح، error، وكلام من النوع ده
-مممممم
-فأنا داخل خدمة العملاء جوا، هاشوف هأعمل ايه معاهم
إزداد إنعقاد ما بين حاجبيه، وأضاف بثقة:
-بس اللي أعرفه إن البنك مش شغال بالليل
-لأ شغال، موظف ال Security قالي إن موظفين خدمة العملاء موجودين
-ماشي براحتك
زم آياز شفتيه للأمام، وقال بنبرة آسفة:.

-سوري رامي، كنت حابب أبقى معاك
-ولا يهمك يا معلم، تتعوض إن شاء الله
-لو خلصت بدري هاجيلك
-ماتشغلش بالك إنت بيا، خلص اللي وراك وطمني
ابتسم له آياز بإمتنان، ولوح له بيده قائلاً:
-تمام، باي يا رامي
-سلام يا برنس
قالها رامي وهو يدير محرك السيارة ليبدأ التحرك بعيداً عن إبن خالته...
كان الزحام شديداً، فلجأ هو إلى طريق جانبي مختصر ليصل إلى وجهته دون أي تأخير...

بداخل سيارة الأجرة،
قاد السائق بسرعة عالية على أحد الطرق الفرعية والخالية كي يتمكن من إيصال زبونته إلى وجهتها في الميعاد المناسب...
ولكنه أثناء قيادته لها شعر بأن محركها به خطب ما، فهو يصدر زمجرة غريبة، ولمح بودار دخان أبيض ينبعث من أسفل الغطاء الأمامي، فأوقف السيارة بجوار أحد الأرصفة، فإنتبهت عاليا لما يحدث، وضيقت عينيها في حيرة، ثم تسائلت بإستغراب ب:
-إنت وقفت ليه يا أسطى؟

-ثواني كده يا مُدام، العربية باين فيها حاجة
-يعني هتتأخر؟
-أشوف بس الكابوت الأول، وبعدين نتكلم
زمت هي شفتيها، وقالت على مضض:
-ماشي، أديني مستنية
ترجل السائق من السيارة، وإتجه ناحية غطائها ليكشف عن المحرك، بينما أخرجت عاليا المرآة الصغيرة من حقيبتها، وأخذت تعدل من وضعية الكحل بعينيها الواسعتين..

تمتم السائق بكلمات غاضبة، ووضع يده على رأسه وحكها بقوة، وظل ينظر حوله بريبة، ثم سار في اتجاه الباب الخلفي، ومال للأمام بجذعه، وأسند كف يده على النافذة الخلفية، وأردف بنبرة منزعجة ب:
-معلش بقى يا مدام، حاولي تشوفي تاكسي تاني لأحسن العربية خربت
لوت عاليا ثغرها، ونظرت إليه بإندهاش وهي تتسائل بضيق ب:
-ايه؟ تاكسي تاني؟ ليه؟ في ايه اللي حصل؟
هرش السائق في رأسه، ونظر إلى الجانب، وتذمر قائلاً:.

-الماتور سخن وباين عليها ليلة غبرة
لوحت عاليا بيدها ثم أضافت بإصرار:
-طب وأنا ذنبي ايه، وصلني الأول وبعدين شوف اللي حصل لعربيتك
حدجها السائق بنظرات مغتاظة قبل أن يصيح منفعلاً:
-يا مدام بأقولك الماتور متنيل على عينه، والعربية مش هاتدور في سنتها، وإنتي تقوليلي أوصلك
-الله مش أنا دفعالك فلوس، ولا راكبة ببلاش
إكفهر وجه السائق أكثر، ورمقها بنظرات شرسة قبل أن ينفعل وهو يشير بيده ب:.

-يا ستي خدي فلوسك، العربية بركت قدامك أهي
أخفضت عاليا رأسها، وحدثت نفسها بخفوت وهي تضع حقيبتها على كتفها ب:
-يادي القرف، هو أنا ناقصة عطلة
ثم فتحت باب السيارة، وترجلت هي الأخرى منها، ورفعت ذيل فستانها الذي إلتف حول كعب حذائها، وسارت بضعة خطوات على جانب الطريق باحثة عن سيارة أجرة...
ولكن كان الطريق أمامها شبه خالي من السيارات - سواء الملاكي أو الأجرة - فجابت ببصرها المكان، وقالت متبرمة:.

-ده الشارع ( خرمز ) ((مظلم )) على الأخر، هلاقي مين بس اللي هايعبرني السعادي.

في نفس التوقيت مر رامي بسيارته في ذلك الطريق الفرعي، ولمح إحدى الفتيات من على بعد – وذلك بسبب إنعكاس الإضاءة على فصوص فستانها اللامع - وهي تحاول الإشارة بذراعها لسيارة أجرة، ولكن ما من مجيب لها..
فلم يكترث بها، وحدث نفسه ب:
-ده مين الأهبل اللي هايقف لواحدة في الشارع المقطوع ده.

ثم مر على مقربة منها، وتعمد تشغيل إضاءة مصابيح السيارة الأمامية في وجهها، فغطت عينيها كي تتجنب الإضاءة الشديدة، وهدرت هي بصوت مرتفع ب:
-خلاص يا عم إنت، أنا إتعميت، كانت نقصاك إنت كمان
ساورت الشكوك رامي حول ماهية ذلك الصوت المألوف بالنسبة له، فأمعن النظر في ملامحها من المرآة الأمامية، وصاح مشدوهاً ب:
-مش معقول، إنتي برضوه...!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة