قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية راسين في الحلال للكاتبة منال سالم الفصل السابع عشر

رواية راسين في الحلال للكاتبة منال سالم الفصل السابع عشر

رواية راسين في الحلال للكاتبة منال سالم الفصل السابع عشر

في غرفة مكتب المديرة بمبنى الرياض،
طلبت ليلة بإختصار من المديرة إعتماد إحضار بعض شرائط الزينة من مخزن الأدوات المدرسية والمكتبية الخاص بأعضاء التدريس، ولكنها تفاجئت بها تخبرها بجدية ب:
-للأسف مش متوافر هناك
رمشت ليلة بعينيها مصدومة، وتسائلت بتوتر بادي على تعبيرات وجهها:
-طب وهنتصرف إزاي؟ ده لسه ناقص نص المدخل!
مطت إعتماد فمها للأمام، وتسائلت بنبرة رسمية:
-ممم، مافيش أي زيادات مع البنات؟

هزت ليلة رأسها نافية وهي تجيبها بضيق:
-لأ، أنا سألتهم وقالولي خلصوا!
صمتت المديرة إعتماد للحظات لتفكر في حل سريع، ثم شرعت حديثها قائلة بهدوء نسبي:
-طيب، في مكتبة قريبة من هنا بتفتح من بدري، هاعملك مأمورية وتروحي تجيبي على أد الكمية اللي ناقصة!
تنهدت ليلة في إرتياح عقب سماعها هذا الإقتراح، ومن ثم تسائلت بحماس:
-طب ينفع أخد حد من البنات معايا؟
أومأت برأسها موافقة وهي تجيبها بصوت جاد وحازم:.

-اوكي، بس بسرعة يا مس ليلة، احنا مش عندنا وقت كتير، خلي مس أية السكرتيرة تعملك المأمورية، وهاتهالي أوقعها!
هزت رأسها عدة مرات قائلة:
-على طول يا مس اعتماد
ثم أولتها ظهرها، وإنصرفت إلى خارج غرفة المكتب..

في غرفة المعلمات،
إنتهت حنان من رص جميع الهدايا في الصناديق الكرتونية الخاصة بكل فصل دراسي، ثم ناولتها إلى جانيت التي قامت بوضعها على الطاولة، ونظرت إلى تلك الورقة المطوية في يدها، وأردفت قائلة بهدوء وهي تشير بيدها:
-تمام، كل الهدايا جاهزة، ودول بتوع البيبي كلاس!
نظرت إليها هناء بنظرات سعيدة، وردت عليها بحماس:
-اشطا، أنا هاخد بتوعي
عبست منة بوجهها، وصاحت محتجة:.

-لأ يا هناء، دول بتوعي أصلاً، أنا بأحب اللون البينك أوي!
هزت هناء كتفيها معترضة وهي تقول:
-يووه يا منة، أنا بأحبه أكتر منك
في نفس الوقت، دلفت هبة إلى داخل الغرفة، ولم تلاحظ وجود آياز بسبب إختفائه وراء الصناديق الكرتونية، فهتفت قائلة بصوت مرتفع:
-بنات!
سلطت هناء أنظارها عليها، وسألتها بإستغراب:
-خير يا هبة؟
أردفت هبة قائلة دون إكتراث وهي تلوح بيديها:
-سمعتوا عن موضوع مقلب العصير!

إنتبه آياز للحديث الدائر، ورفع رأسه للأعلى لينظر نحو صاحبة الصوت، ولكنه لم يتمكن من رؤيتها بوضوح، فقد كانت الصناديق تحجب الرؤية عنه...
ضيقت منة عينيها في إندهاش، وفغرت شفتيها ب:
-مقلب!
إستدارت جانيت برأسها نحوها متسائلة بهدوء:
-ده عبارة عن ايه ده؟
ردت هبة على تساؤلاتهم بحيرة ب:
-أنا اللي بسألكم؟
هزت هناء كتفيها، وزمت شفتيها لتجيبها بفتور:
-لأ مش عارفة الصراحة.

هتفت منى قائلة بصوت شبه محتد وهي تشير بكف يدها:
-ما تقولي يا بنتي في ايه؟
أخذت هبة نفساً عميقاً، وزفرته على عجالة، ثم ردت عليهن قائلة بنبرة غير مبالية:
-وأنا في التويلت سمعت رانيا بتكلم عن مقلب عصير عملته في المز الأمريكاني ولبسته لريمو
إرتسم على أوجه المعلمات علامات الذهول الممزوجة بالصدمة، فقد كان آياز يجلس معهن في الغرفة، وحديث هبة غير المكترث عنه يضعهن في موقف حرج معه..

بينما أصيب هو بصدمة بعد تلك العبارات القوية عنه، وفغر فمه مندهشاً، ولكنه لم يعقب، اكتفى بالتحديق أمامه بذهول
شهقت هناء قائلة وهي تضع يديها على ثغرها، ونظرت إلى رفيقتها منة بتوتر:
-أوبا
بينما تابعت هبة حديثها بحماس وهي تلوح بيديها في الهواء، وعينيها تلمعان بشدة:
-حتة الباسكويتة ده ليهم حق يتشاكلوا عليه، ده لسه بسلوفانته!
فغرت حنان ثغرها مشدوهة بكلمات هبة الصريحة، وهمست هناء قائلة بإرتباك:.

-أوبا، كده كملت وش
ركضت منة في إتجاه هبة، ثم أمسكت بها من ذراعها، ودفعتها جبراً للخلف وهي تهتف بجدية واضحة:
-تعالي برا يا هبة!
إستغربت هبة مما تفعله معها زميلتها، وسألتها مندهشة:
-في ايه؟
مالت عليها برأسها، وأجابتها بخفوت جاد:
-المز اللي بتكلمي عنه موجود هنا معانا!
إتسعت مقلتي هبة في حرج شديد، ورفعت حاجبيها للأعلى، وصاحت معاتبة:
-مش تقولولي أسكت بدل ما أنا عمالة أكر كل حاجة كده!

ردت عليها منة بصوت شبه محتد:
-هو حد لحق يوقفك!
حركت هبة فمها للجانبين، وأردفت قائلة بتوتر واضح في تعابير وجهها وتصرفاتها:
-ربنا يستر
ثم إبتلعت ريقها وتسائلت بإضطراب:
-هو بيفهم عربي؟
لوت منة فمها للجانب وأجابتها بثقة وهي ترمقها بنظرات إستنكار:
-أكيد طبعاً!

حك آياز رأسه قليلاً، وظل يعبث بقلمه الحبر في حيرة بائنة على قسماته، بينما ساد صمت حرج في الأجواء..
إختلس هو النظرات نحو المعلمات المتواجدات بالغرفة، فلاحظ التوتر البادي عليهن، فضغط على شفتيه، وحدث نفسه مستفهما:
-عصير، رانيا، مز، ممممم، ريمو! هما بيتكلموا عن موضوع ال juice اللي كان على ال Stuff بتاعي!

أجفل عينيه قليلاً، وحاول ربط ما حدث في السابق بما قيل قبل لحظات، وتنهد بعمق وهو يتابع حديث نفسه ب:
-واضح كده أني ظلمت حد في الموضوع ده!
فرك آياز وجهه بكفيه بعد أن ترك القلم الحبر على سطح الطاولة، ثم أرجع رأسه للخلف، وتسائل بفضول:
-بس ليه هي عملت كده؟

في ردهة الإستقبال بمبنى الرياض،
سارت ليلة في إتجاه عاليا وهي تحمل ورقة صغيرة مطوية في يدها، ثم هتفت بصوت شبه مرتفع:
-تعالي معايا يا عاليا!
رمقتها عاليا بنظرات إستغراب، وسألتها بهدوء:
-على فين؟
أجابتها ليلة وهي تشير بكف يدها:
-أنا خدت مأمورية وهانطلع نجيب شرايط الزينة من برا
إستدارت عاليا برأسها للخلف، وتابعت قائلة بصوت جاد:
-أوبس، بس أنا عندي لسه آآآ...
قاطعتها ليلة بنبرة إستعطاف وهي تسبل عينيها:.

-بليز عاليا، أنا مش هاعرف أروح لوحدي، بليز، بليز!
إبتسمت لها عاليا برقة، ثم أومأت برسها قائلة:
-اوكي، يالا!
إحتضنتها ليلة على الفور، وضمتها بقوة إلى صدرها قائلة بإمتنان:
-حبيبتي، حبيبتي!
ثم قبلتها من وجنتها، فتشدقت الأخيرة قائلة بنبرة مرحة:
-قلبي يا لولو، هاجيب بس ال bag بتاعتي
-اوكي.

خارج مبنى الرياض،
نفخ رامي من الضيق بعد أن مل من كثرة الإنتظار، ثم تنهد قائلاً بإنزعاج:
-واضح إن ماليش نصيب أشوفها، تتعوض بقى!
فرك عينيه قليلاً، ثم وضع نظارته الشمسية على وجهه، ومن ثم أدار محرك سيارته، ولف عجلة القيادة، وكان على وشك الإنصراف حينما استشعر قلبه حضورها، فإلتفت برأسه عفوياً نحو البوابة الرئيسية فرأها تخرج من البوابة وإبتسامة مشرقة مرتسمة على ثغرها وهي تحدث رفيقتها..

فإعتلى ثغره إبتسامة عريضة، وهتف محدثاً نفسه بحماس:
-ده أنا حظي من السما!
ثم حرك السيارة في إتجاههما، فسد عليهما الطريق بها، وسلط أنظاره عليها، وإبتسم لها ببلاهة..
إنتفضت عليا مذعورة في مكانها، ولم تنتبه إليه، بل إكتفت بالنظر شزراً، وصاحت قائلة بغضب وهي تضرب بكفها مقدمة السيارة:
-مش تفتح، ولا احنا هوا قداكم؟!
ترجل رامي من السيارة، وإبتسم قائلاً ببرود:
-برضوه لسانك الفلة ده!

إتسعت عينيها مصدومة، وهتفت قائلة بذهول:
-إنت!
تسمرت ليلة في مكانها مشدوهة بما يحدث، ثم أدارت رأسها في إتجاه عاليا، ورمقتها بنظرات فضولية متسائلة بإستغراب وهي تشير بإصبعها نحوه:
-هو انتي تعرفيه يا عاليا؟
عقدت عاليا ساعديها أمام صدرها، وردت عليها بضجر وهي تلوي شفتيها:
-معرفة القرف!
أغلق رامي باب سيارته، ودار حولها ليقف قبالة عاليا، ثم رفع نظارته الشمسية أعلى جبهته، وحدق بها بنظرات مطولة، وسألها بهدوء:.

-عاملة ايه النهاردة؟ وأخبار الدوخة والترجيع معاكي ايه؟
إرتسمت علامات التقزز على وجه ليلة وهي تتسائل بإشمئزاز:
-دوخة وترجيع، هو في ايه؟
نفخت عاليا بغضب، وأجابتها بصوت محتد وهي ترمقه بنظرات ساخطة:
-واحد ثقيل ورزل بيطاردني في كل مكان!
رفع رامي كفه في وجهها، وهتف قائلاً بإحتجاج:
-لأ عندك، انتي اللي بتيجي في سكتي!
أرخت ساعديها، وكورت قبضتها، وأسندتها عند منتصف خصرها لتصيح بتذمر:.

-يا سلام، طب وحضرتك ايه اللي جايبك عند مدرستي؟
تنحنح رامي بصوت خافت، ووضع إصبعه على مقدمة أنفه ليداعبه قليلاً، ثم أجفل عينيه، وأجابها بتلعثم:
-أنا، آآ، أنا جاي هنا آآ...
قاطعته بصوت غاضب وهي تشير بيدها:
-طبعاً مش عندك حاجة تقولها
هتف رامي بثقة زائفة بعد أن إنتصب في وقفته:
-لأ، أنا جاي بصفتي ولي أمر
ضيقت ليلة عينيها في عدم إقتناع، وسألته بإهتمام:
-إنت Parent عندنا؟
نظر إليها رامي وأجابها بإيجاز:
-أيوه!

سألته ليلة بفضول أكبر وهي تتفرس ملامحه:
-والد مين بالظبط؟
لوت عاليا فمها بسخط وهي تضيف بإستخفاف:
-ها قول؟
حاول رامي أن يرسم ملامح الجدية على تعبيرات وجهه التي تفضحه، فتشدق قائلاً بصوت آجش ومحتج:
-أكيد يعني مش واقف هنا هزار!
سلطت عاليا أنظارها على السيارة، وسألته بضيق:
-وفين ابنك ولا بنتك؟
أشار رامي بعينيه للأمام قائلاً بحماس:
-موجود جوا
إلتفتت عاليا برأسها للخلف، وسألته بإعتراض وهي ترمقه بنظراتها الحادة:.

-جوا إزاي والبوابة أصلاً مش فتحت لحد؟!
إبتسم لها رامي بإستفزاز، ثم غمزها وهو يتابع قائلاً:
-هو موجود، بس إنتي اللي مش واخدة بالك، ومركزة معايا!
نفخت عاليا في وجهه بضيق واضح، ثم وضعت قبضتها على ذراع ليلة، ودفعتها وهي تقول بإنزعاج:
-يوووه، يالا يا بنتي، ده فاضي، وهيعطلنا، واحنا مش عندنا وقت
تحركت الإثنتين للأمام متجاهلين وجوده، فلحق هو بهما متسائلاً بفضول
-رايحين فين؟

توقفت عاليا عن السير، وأدارت رأسها في إتجاهه، ونظرت له بحدة، ثم أشارت بإصبعها محذرة وهي تنهره:
-لو سمحت متعطلناش!
إبتسم لها ببلاهة قائلاً:
-قوليلي بس يا أبلة، وانا أساعدك
نظرت له بإزدراء، ثم تأبطت ذراع ليلة، وردت عليه بغضب واضح في نبرتها:
-المساعد ربنا
تابعهما رامي بنظراته، وأعاد وضع نظارته على عينيه وهو يهمس لنفسه ب:
-وراكي، هانروح من بعض فين!

عند غرفة المعلمات،
قامت جانيت بتوزيع صناديق هدايا الأطفال المغلفة على جميع المعلمات، وتهامسن فيما بينهن على ما قالته هبة، ولم تسلم هي من عتابهن اللاذع نتيجة تصرفها الطائش وتسرعها في التفوه بأي شيء دون أن تأخذ حذرها...

نفضت ريمان يديها من التراب العالق بهما، وسارت في إتجاه غرفة المعلمات لتجدهن واقفات بالخارج، فقطبت جبينها، ونظرت لهن مندهشة، ثم أكملت سيرها نحوهن، ومن ثم تسائلت بنبرة عادية وهي توزع أنظارها بينهن:
-في ايه يا بنات واقفين كده ليه برا؟
أجابتها هناء بتنهيدة إنزعاج:
-أصل هبة عملت كارثة جوا
إزداد إنعقاد ما بين حاجبيها، وسألتها بإستفهام أكبر:
-كارثة ايه؟
أضافت جانيت قائلة بضيق:
-أووف، دي كانت حاجة رهيبة!

أشارت منة لريمان بكفها، فانحنت عليها الأخيرة، فهمست لها في أذنها قائلة:
-أصلها قالت قصاد آياز انه المز اللي بيتخانقوا عليه
فغرت ريمان شفتيها مصدومة، ورمشت بعينيها في عدم تصديق، ثم هتفت بحرج:
-انتي بتكلمي جد؟
مطت منة شفتيها في ضيق وهي تجيبها:
-اه، وهو كان أعد وسمع ده كله عنه
وضعت ريمان يدها على فمها، وتابعت قائلة بخجل:
-أووف، يادي الفضايح!
لوحت منة بكفيها لتضيف قائلة بمزاح:.

-هي فضايح بعقل، كده الراجل خد فكرة لوز اللوز عننا!
إبتسمت جانيت برقة لتضيف بصوت هاديء وهي مسلطة أنظارها على ريمان:
-خدي المفاجأة، إن إنتي إشرافك معاه!
شهقت ريمان بصدمة وهي جاحظة العينين:
-ايييييه!
ظلت لبرهة في حالة ذهول بعد ما سمعته، هي وهو في فصل واحد، وهي لا تطيق البقاء معه للحظة، وهو على نفس الحال، فيجمعهما الإشراف سوياً..
أضافت جانيت قائلة وهي تشير بإصبعها لتنتبه هي لها بعد شرودها:
-ورانيا كمان!

إزدادت حالة الصدمة ليها، فالوضع بات مأساوياً بالنسبة لها، لذا هتفت محتجة وهي عابسة الوجه:
-لأ بتهزي!
هزت جانيت رأسها بهدوء وهي تكمل ب:
-هو التوزيع كده!
زمت ريمان شفتيها وصاحت بإعتراض:
-لأ يا جانيت، أنا مش موافقة
ردت عليها جانيت بهدوئها المعتاد:
-طب أجيب مين مكانك، وكل واحدة ليها دورها!
نفخت ريمان بضيق وأضافت قائلة بتذمر:
-أوف، أنا مش عاوزة أكون معاه.

إبتسمت لها جانيت، ووضعت يدها على كتفها، وربتت عليها قائلة بصوت رقيق:
-معلش، هي ساعة بالكتير وخلاص
ضربت ريمان الأرض بقدمها بعصبية، وتابعت بإنفعال:
-ياباي يا جانيت، كنتي حطي أي حد تاني
رمشت جانيت بعينيها وهي تضيف ببراءة:
-ما إنتي معاكي رانيا
إغتاظت ريمان من ردها، وصاحت بضجر:
-أنا أصلاً مش بأطيقها
ثم أولتها ظهرها، وظلت تنفخ بعصبية..
تنهدت جانيت بتعب، وتابعت قائلة بتوسل:.

-معلش استحملوا بعض يا ريمو، هي ساعة وخلاص بقى، بليز، أنا عندي لسه شغل أد كده
صرت ريمان على أسنانها لتضيف بحنق:
-بجد اليوم قفل معايا، إن كانت هي ولا اللي اسمه آياز ده!
ثم إلتفتت بجسدها كليةً لتنظر إلى جانيت، فتفاجئت بآياز يقف على عتبة الغرفة ومحدقاً بها بنظرات حانقة، فإبتلعت ريقها بصعوبة، وتوردت وجنتيها، وأجفلت عينيها سريعاً في حرج شديد منه...!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة