قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية راسين في الحلال للكاتبة منال سالم الفصل الرابع

رواية راسين في الحلال للكاتبة منال سالم الفصل الرابع

رواية راسين في الحلال للكاتبة منال سالم الفصل الرابع

في غرفة المعلمات بمبنى رياض الأطفال بمدرسة اللافانيا،
جلست الفتيات يتحدثن سوياً ويثرثرن كالعادة عما حدث بالأمس لهن سواء في منازلهن أو مع أفراد عائلتهن..
في نفس الوقت شعرت ريمان بصداع خفيف في رأسها، فنهضت عن مقعدها، و...
-ريمان بنبرة هادئة وهي تحدق بالجميع: أنا هاروح أعمل كوفي ميكس لنفسي، حد عاوز معايا؟
-ليلة بعدم اكتراث: أنا مش عاوزة
-فريال بنبرةعادية: ماشي يا ريموو، أعمليلي بليز معاكي.

نهضت سارة هي الأخرى عن مقعدها، ونظرت في اتجاه ريمان و...
-سارة مبتسمة في هدوء: بصي اسبقينا انتي على البوفية سخني المياه، وأنا هاشوف البنات وأحصلك
-ريمان بجدية: بس أوعي تتأخري عليا
-سارة بنبرة متحمسة: لأ دقيقتين بالكتير وأجيلك
-ريمان مبتسمة ابتسامة خفيفة: أوكي
خرجت ريمان من الغرفة وهي تحمل في يدها كيس ( القهوة السريعة ) واتجهت ناحية المطبخ الصغير الملحق بالمبنى...

بعد لحظات دلفت السكرتيرة أية إلى داخل الغرفة وهي تلهث بصعوبة، ثم انحنت قليلاً بجسدها للأمام، ووضعت يدها على صدرها لتلتقط أنفاسها، بينما تعجبت المعلمات الموجودات بالغرفة من حالتها، و...
-فريال متسائلة باستغراب: مالك يا أية؟
-سارة بإندهاش: خدي نفسك يا بنتي
-رانيا بتوتر: اوعى يكون في اجتماع تاني، احنا مش بنخلص أبداً
-نشوى بجدية: يا بنات اسكتوا شوية، سيبوها تاخد نفسها الأول.

رفعت أية يدها في الهواء لتطلب منهم الهدوء قليلاً، و...
-أية بنبرة لاهثة: اس، اسمعوني بس
-رانيا متسائلة بحيرة: في ايه؟
أخذت أية نفساً عميقاً، ثم زفرته مرة واحدة، واعتدلت في وقفتها، ورمقت الجميع بنظرات ثابتة و..
-أية بنبرة شبه عالية: في واحد مز موجود عندنا في الكي جي
-الجميع بإندهاش: اييييييه!
تعالت بعض الهمهمات والثرثرات الجانبية، فلم تفهم أية ما الذي يتحدثن عنه، لذا رفعت صوتها أكثر و...

-أية بنبرة شبه هادرة: بصوا هو أنا معرفش هو مين، لكن هو موجود عند مس إعتماد
-رانيا بتلهف: انتي بتهزري صح؟
-أية وهي تهز رأسها بالنفي: لأ طبعاً
-نشوى بنبرة متشوقة، ونظرات جاحظة: أوبا مز في الكي جي، دي من عجائب الدنيا السبع
-سحر بهدوء: احنا واخدين على كده
-رانيا بنبرة شبه جادة وتحمل الحماسة في طياتها: طب أنا عاوزة أشوف المز ده
-سارة باستغراب: طب مش احنا المفروض نشوف الأول مين عاوز يشرب آآآ...

-ليلة مقاطعة بمزاح: وده وقت أكل ولا شرب
-نشوى بتلهف: على رأيك، ده وقت المز
-أية بجدية، ونظرات ثابتة: بقولكم ايه أنا هارجع المكتب قبل ما يخرج من عند مس اعتماد، ولو عاوزين تشوفوه تعالوا، اوكي..
ثم تركت الفتيات في حيرتهن، وسارت مسرعة في اتجاه غرفة مكتبها...

في نفس التوقيت دلفت عاليا إلى داخل الغرفة ووجهها عابس نوعاً ما، وهي تتمتم بكلمات غير مفهومة، وأسندت حقيبتيها على الطاولة المستديرة، ثم سحبت أقرب مقعد لتلقي بجسدها عليه، واقتربت منها سارة و...
-سارة متسائلة بحيرة: مالك يا عاليا؟ ايه اللي أخرك كده
زفرت هي في ضيق بعد أن أخذت نفساً مطولاً، ثم استدارت برأسها في اتجاهها و...

-عاليا بحنق، ونظرات ضيقة: الزفت السواق اللي بيوصلني لهنا الأجرة مش عاجباه، وكان بيتخانق معايا وخلى واحد غريب يتدخل ويدفعلي الأجرة
-سارة بنبرة متشوقة: انتي هاتكروتي الحكاية ولا ايه، قوليلي كل حاجة بالتفصيل
زفرت عاليا مجدداً في ضيق، وحاولت أن تتهرب من حصار رفيقتها سارة لها، ولكن أصرت الأخيرة على معرفة كل شيء..
مالت رانيا على نشوى وهمست لها ب...

-رانيا بخفوت شديد، ونظرات ثاقبة كالصقر: بقولك ايه عاوزين نشوف المز اللي أية بتقول عليه
-نشوى بإمتعاض وهي تلوي شفتيها: يا بت اهدي على نفسك شوية، هو أي حاجة أية تقولها هانجري وراها، مش عاوزاكي تباني مدلوقة كده
-رانيا وهي تعقد حاجبيها في جدية: مش يمكن يكون كلامها جد
-نشوى بنبرة أقرب للهمس: وافرضي مقلب عملاه عشان تشوف مين فينا اللي هاتريل على الراجل، محدش هنا سهل، خدي بالك يا رووني.

-رانيا بضيق واضح: اوووف، يعني احنا مش هانروح نطل عليه
-نشوى بجدية وهي تهز رأسها بالنفي: لأ طبعاً، على الأقل في الأخر مش الوقتي
-رانيا على مضض: طيب.

زفرت ريمان في انزعاج بسبب تأخر سارة في الحضور إليها، وخاصة انها قد انتهت من غلي المياه، فوقفت في مكانها حائرة، ثم حسمت أمرها بإعداد كوب القهوة السريعة لها فقط، وبالفعل صبت محتويات الكيس وقلبته مع المياه، وأمسكت بكوبها الزجاجي، ودلفت إلى خارج المطبخ وهي تحاول جاهدة ألا تسكب محتوياته بسبب حرارته العالية..

في نفس التوقيت كان آياز قد انتهى من مقابلة المديرة، وسار في الاتجاه الذي أتى منه وهو متحمس للفوز بتلك الوظيفة الجديدة..
استدار هو برأسه ناحية اليسار ليتفحص أعمال الأطفال اليدوية المعلقة على الحوائط، واعتلى ثغره ابتسامة اعجاب، ولم ينتبه إلى ريمان القادمة في اتجاهه.

شهقت ريمان في فزع حينما رأت ذلك الشاب على وشك الاصطدام بها فتوقفت فجأة عن السير لتتحاشاه، ولكن اندفعت محتويات الكوب الساخن في اتجاهه، وبللت سترته، فتسمر هو في مكانه، وأطرق رأسه للأسفل ليتفحص ملابسه..

اتسعت عينيها في رعب ممزوج بالإحراج، واندفعت ( لا إرادياً ) في اتجاه تلك الطاولة الصغيرة الموضوعة في منتصف الردهة لتحضر من عليها بعض المناشف الورقية لتجفف بها ملابسه، وسارت عائدة ناحيته، ثم مدت يدها المرتعشة ناحية السترة لتمسحها و...
-ريمان بنبرة متلعثمة وهي مجفلة لعينيها: I am so sorry, I didn t mean it ( أنا أسفة جداً، لم أقصد هذا ).

لم ينظر آياز إليها، بل ظل مسلطاً بصره على السترة التي تلطخت بفعل القهوة، وأشار لها بيده لكي لا تقترب و...
-آياز بنبرة شبه منزعجة: It s okay ( حصل خير )
-ريمان بتوتر شديد: والله I didn t see you، بليز accept my apology ( أنا ماشوفتكش، من فضلك تقبل إعتذاري ).

اكتفى آياز بإبتسامة باردة لا معنى لها، ثم تركها، وانصرف، بينما ظلت هي واقفة في مكانها والذهول الممزوج بالقلق مسيطر عليها، وحاولت أن تتحدث معه ولكنه كان قد تلاشى من أمام ناظريها كالشبح..
لمحت العاملة ناصرة آياز وهو يسير غاضباً في اتجاه مدخل المبنى، فركضت خلفه و...
-ناصرة بنبرة عالية: يا، يا، أستاذ، م، اسمها ايه، أيوه مستر، يا مستر.

توقف آياز عن السير، والتفت برأسه في اتجاه العاملة، ورمقها بنظرات جادة، بينما لمحت هي تلك البقعة الكبيرة التي لطخت حلته وأفسدت هيئته، فاعتلى ثغرها ابتسامة عريضة، وظنت أنه لن يفهمها و...
-ناصرة مبتسمة في بلاهة وهي تمزح: انت ريلت على نفسك، ههههههههههههه، شكلك يضحك يا مستر
حدجها هو بنظرات ساخطة، وعبست ملامح وجهه أكثر، و...
-آياز بحدة: It s not your business ( هذا ليس من شانك ).

-ناصرة بعدم مبالاة: أنا مش فاهمة أيتها حاجة من اللي بترطنه ده، بس الجاكيتة بتاعتك لامؤاخذة في دي الكلمة ( وسخة ) ومش آآ...
صر آياز على أسنانه في حنق، وانزعج أكثر من طريقة العاملة الساخرة على هيئته، فأطلق سبة باللغة الانجليزية، وتركها وانصرف إلى خارج المبنى تماماً..
تعجبت ناصرة من حالته وضربت كفها بالأخر و...
-ناصرة وهي تزم شفتيها في تأفف: فعلاً، أخرت خدمة الغُز علقة...!

عادت أية إلى غرفة مكتبها، وقبل أن تدخل إليه، رأت ريمان متسمرة في مكانها، وعلى وجهها علامات عبوس غريبة، فرفعت حاجبيها في اندهاش، وقطبت جبينها في استغراب، و...
-أية لنفسها بخفوت: هي مالها دي؟!
كانت على وشك الذهاب ناحيتها، ولكنها سمعت صوت رنين الهاتف من داخل الغرفة، فركضت سريعاً لكي تجيب عليه، و...
-أية هاتفياً بنبرة لاهثة: أيوه يا مس اعتماد...
ثم صمتت للحظة لكي تستمع إلى ما تطلبه منها، و...

-أية بهدوء وهي ترمش بعينيها: طيب، تمام، مممم، اوكي، ممم، حاضر هابلغ الجميع مافيش غياب بكرة، اوكي..
أنهت هي المكالمة معها، ومن ثم تنهدت في ارهاق و...
-أية لنفسها بتعب: اوووف، قلبي كان هايقف، الحمدلله إني لحقت أرد عليها وإلا كان زماني خدت كلمتين في جنابي منها
ثم صمتت للحظة لتذكر نفسها بذلك الشاب الوسيم الذي كان متواجداً قبل قليل في مكتب المديرة، فضربت جبينها بقبضة يدها في ندم و...

-أية بضيق: اوووف، طالما اتصلت بيا يبقى المز مشى من عندها، يا خسارة البنات مش لحقوا يشوفوه..!

اتجه آياز خارج بوابة المدرسة، وبحث بعينيه عن ابن خالته رامي فلم يجده في مكانه، فأخفض بصره لينظر إلى سترته المتسخة، ثم زم شفتيه في سخط و...
-آياز بإنزعاج: راح فين ده كمان! اليوم قفل معايا بدري
ثم وضع يده بداخل جيب بنطاله، وأخرج هاتفه المحمول ليهاتفه و...
-آياز هاتفياً بضيق: انت فين؟
-رامي هاتفياُ بهدوء: أنا موجود، انت عملت ايه
-آياز وهو يتنهد في انزعاج: كله تمام، بس ادلق عليا قهوة.

-رامي ضاحكاً: هههههههههههه، يالا معلش، دلق القهوة خير
-آياز بلهجة شبه آمرة: طب تعالى يالا، مش معقول هافضل واقف كده والناس تتفرج عليا
-رامي مازحاً: بشكلك الحلو زيادة عن اللزوم ده، أكيد الكل هيتفرج عليك
-آياز بضيق واضح: رامي، come back quickly ( ارجع بسرعة
-رامي بإيجاز: تمام.

في غرفة المعلمات بمبنى رياض الأطفال،
عادت ريمان للغرفة وهي تغمغم بخفوت غير مستوعبة ما فعلته للتو مع ذاك الغريب الذي لم تتبين ملامح وجهه، فرأتها سارة على تلك الحالة، فضيقت عينيها، وسلطت أنظارها عليها و...
-سارة باستغراب: مالك انتي كمان؟
-ريمان بخفوت، ونظرات زائغة: أنا عملت كارثة
اعتدلت عاليا هي الأخرى في جلستها، ووضعت ساقاً فوق الأخرى، و...
-عاليا بجدية: هو يوم قفيل باين عليه.

-سارة متسائلة بفضول: عملتي ايه انتي التانية؟
-ريمان بقلق: أنا وقعت الكوفي ميكس على واحد
-سارة بنبرة أقرب للجدية: واحد مين؟
-ريمان بإقتضاب: معرفش، بس هو اتضايق أوي
-عاليا وهي تلوي شفتيها في تهكم: يعني بعد ما سلختيه عاوزاه يضحكلك مثلاً
رفعت سارة كفي يدها في الهواء، و...
-سارة بلهجة آمرة، ونظرات دقيقة: أنا عاوزة أسمع انتي عملتي ايه، قولي يالا وبالتفصيل الممل.

قربت ليلة مقعدها من الثلاث فتيات، وجلست ملاصقة إلى ريمان، و...
-ليلة متسائلة بتوجس: اوعي يكون الواد المز اللي أية قالتلنا عليه هو اللي اتسلق؟
-ريمان بإنزعاج: معرفش
-سارة بجدية: ششش، اسكتوا كلكم خلينا نعرف كل اللي حصل
وبدأ صوت الهمهمات والهمسات الجانبية في الانتشار بينهن، تابعت رانيا ما يحدث بين مجموعة الفتيات بنظرات حادة و...
-رانيا بخفوت: نووشة، بيتهيألي الكل مشغول، تعالي احنا نبص على المز.

-نشوى مبتسمة في لؤم: اوكي، بس يا رب مايكونش مشى
ثم نهضت كلتاهما عن مقعديهما، فالتفتت سحر لهما و...
-سحر متسائلة بنبرة عادية: رايحين فين يا بنات
-رانيا بتلعثم: آآآ، ه، هانعمل حاجة تتشرب
مطت فريال ذراعيها في الهواء لكي تتمطع قليلاً، ثم أرخت جسدها المرهق، و..
-فريال بنبرة متعشمة: طب بليز يا رووني اعمليلي نسكافيه معاكي
-رانيا بإيجاز: طيب..

ثم أشارت لرفيقتها نشوى بعينيها لكي تسير معها إلى الخارج، وبالفعل اتجهت كلتاهما إلى مكتب السكرتيرة أية، ووقفتا في الخارج وقبل أن يحدقا في باب غرفة الأستاذة اعتماد تفاجئا بها تفتح الباب، فتراجعتا للخلف وتملكهما التوتر..
حدجتهما الأستاذة إعتماد بنظرات متفحصة، و...
-اعتماد متسائلة بنبرة رسمية: عاوزين حاجة يا بنات
استدارت نشوى برأسها في اتجاه رانيا، وتبادلت كلتاهما النظرات الحائرة، و...

-نشوى بارتباك: آآ، لأ
-رانيا بتلعثم: أنا، قصدي، آآ، احنا بنعمل مشروبات وآآ..
-اعتماد بنبرة جادة وهي تشير بيدها: من فضلكم خلصوا اللي وراكم، مافيش وقت نضيعه، اتفضلوا يالا
-نشوى وهي تتنحنح في حرج: احم، حاضر
-رانيا وهي تلوي فمها في انزعاج: طيب
ثم تأبطت كلتاهما في ذراع الأخرى، وسارتا عائدتين إلى غرفة المعلمات.

في سيارة رامي،
قاد رامي سيارته عائداً إلى الفيلا التي يقطن بها مع عائلته، وكان بين الحين والأخر يلتفت برأسه في اتجاه آياز ليرمقه بنظرات متفحصة لهيئته، ولأكثر من مرة حاول أن يسيطر على نفسه كي لا يضحك على هيئة آياز، في حين بدى الإنزعاج جلياً على الأخير، و...
-آياز بحنق: بص قدامك، مش كل شوية هاتبص كده
-رامي بنبرة مرحة: بصراحة ومن غير زعل، شكلك مسخرة على الأخر
-آياز بوجه ممتعض، ونبرة منفعلة: خلاص بقى.

-رامي متابعاُ بسخرية: يعني ده بس اللي حصلك من أول مقابلة، أومال لو شغلوك عندهم، هترجعلنا بهدومك مقطعة
-آياز بنبرة شبه حادة: رامي، خلاص كفاية، ده حصل بدون قصد، فمافيش داعي تشتغلني كل شوية
-رامي مبتسماً في مرح: ماشي، ماشي، مش هاتكلم تاني...!
استدار آياز برأسه في اتجاه النافذة، وسلط بصره على الطريق، وزفر لأكثر من مرة بتأفف وهو يتذكر ما حدث، ثم...

-آياز لنفسه بجدية: مش لازم أسمح لأي حد مهما كان يهزأني ولا يقلل من قيمتي...!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة