قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية راسين في الحلال للكاتبة منال سالم الفصل الثاني والعشرون

رواية راسين في الحلال للكاتبة منال سالم الفصل الثاني والعشرون

رواية راسين في الحلال للكاتبة منال سالم الفصل الثاني والعشرون

في غرفة الوسائط المتعددة،
أفاقت ليلة من حالة الصدمة التي إنتابتها سريعاً، وإعتدلت في جلستها على المقعد، وتشنج كتفيها وهي تتسائل بضيق:
-حضرتك بتعمل ايه هنا؟
ابتسم لها أيمن وهو يغلق باب الغرفة مجيباً إياها:
-أنا شغال Part-timer ( دوام جزئي ) هنا
عقدت ما بين حاجبيها، وهتفت مندهشة:
-مش فهماك بصراحة!
لوح بيده في الهواء وهو يفسر لها بهدوء:
-يعني لما الإدارة هنا بتحتاجني بأجي
-مممم...

ثم إزدادت إبتسامته الواثقة إتساعاً وهو يضيف:
-عامة هي فرصة حلوة إني أشوفك تاني في نفس اليوم
عبست بوجهها أكثر متمتمة بهمس:
-بالنسبالي لأ!
قطب جبينه وهو يسألها مستفهماً:
-بتقولي حاجة؟
نظرت له بحدة، ثم أجابته بنفاذ صبر:
-عاوزة أنجز الصور بتوعنا
حك أيمن جبينه بإصبعيه، وتحرك نحوها قائلاً:
-بس دول قدامهم وقت
زفرت من الضيق وهي تتسائل ب:
-أد ايه يعني؟
فرك طرف ذقنه بكفه ليجيبها بغموض:
-ممم، يعني نقول ساعة اتنين!

إتسعت مقلتيها في صدمة واضحة، وهتفت بسخرية:
-اييييه؟ ليه هاتحمضهم وتطبعهم!
ابتسم لها قائلاً:
-مش كده، بس هاعمل فلترة للصور وآآ...
قاطعته بصوت شبه منفعل:
-لألألألأ، أنا مش فاضية للحوار ده كله، انت نزلهم زي ما هما وخلاص
استغرب أيمن من حدتها في التعامل معه، فحاول أن يكون هادئاً بقدر المستطاع وهو يتابع بجدية:
-مش هاينفع، كده يبقى آآ...
قاطعته مجدداً بصوت محتد وهي تشير بإصبعها:.

-شوف يا كابتن أنا already ( تقريباً ) متأخرة، ومش عاوزة أضيع وقت أكتر من كده
اقترب منها أيمن، ورمقها بنظرات شبه معاتبة قائلاً:
-كابتن! لحقتي تنسي اسمي يا مس ليلة، شوفتي أنا فاكر اسمك ازاي!
توردت وجنتيها قليلاً وهو ينطق بإسمها على شفتيه، وحاولت أن تخفي إرتباكها بالصياح بحدة:
-هو احنا جايين نتعرف؟ ده شغل، ولولا الحظ مكونتش شوفتني
أشار لها أيمن بكفيه قائلاً بحذر:.

-تمام، تمام، مافيش داعي للنرفزة، انا هاعمل كل حاجة وتقدري تمشي
هزت رأسها نافية وهي تلوي شفتيها لتجيبه بإصرار:
-لأ، هاستنى لحد ما أشوف الصور
مط فمه في حيرة، ثم أخذ نفساً عميقاً وزفره على مهل، وتابع بصوته الرخيم:
-طيب، أنا هحاول أخلص بدري
-طب يالا
-أوكي، ممكن بس آآ..
ثم أشار لها بعينيه، فقد كانت ليلة تسد عليه المدخل إلى الحاسوب، فضيقت عينيها أكثر لتسأله بإستغراب:
-ممكن ايه؟
ضغط على شفتيه قائلاً بصوت آجش:.

-حضرتك ممكن تديني Space ( مساحة ) أقعد فيها، لأني مش عارف أعدي
إزدادت حمرة وجنتيها، وتحركت بالمقعد للخلف وهي تقول بحرج:
-احم، أها، اتفضل
نظر لها بإمتنان قائلاً بإيجاز:
-شكراً
فتح أيمن جهاز الحاسوب، وقام بإيصال ذاكرة الكاميرا عن طريق الوصلة الخاصة بها، ثم نقل الصور التي إلتقطها بمهارة وحرفية إلى ملف خاص بالجهاز..

إستدار هو برأسه ناحيتها ليتأمل وجهها عن كثب، فرمقها بنظرات إعجاب لهيئتها المنمقة رغم بساطتها، ثم أدرك أنه قد خرج عن سياق مهامه الوظيفية، وكذلك خشي أن توبخه بحدة إن رأته ينظر لها بتفحص، فهتف بجمود:
-حضرتك بصي على الصور، وقوليلي رأيك في اللي يتحط، وأنا هافلترهم براحتي بعد كده
لم تنظر ليلة نحوه، واجابته بإقتضاب:
-اوكي.

تفقدت هي الصور الفوتغرافية على عجالة، خاصة وأنها كانت تشعر بالحرج الشديد بسبب قرب مقعدها من مقعده وإحتمالية تلامس ذراعيهما إذا ما مال هو عليها- أو حدث العكس - دون قصد..
جاهدت لتبقى دون أي إرتباك بادي عليها، ثم تنحنحت بخفوت وهي تتشدق ب:
-تمام، مافيش حاجة وحشة
ابتسم لها بغرور وهو يجيبها بنبرة متفاخرة:
-ده شغلي يا مس ليلة.

وظل محدقاً بها لعلها تنظر إليه، لكنها لم تلتفت ولو لثانية، وظلت أنظارها مسلطة على شاشة الحاسوب..
وفجأة هبت واقفة من مقعدها لتقول بجدية:
-أوكي يا مستر، أنا مش هاعطلك أكتر من كده
نهض أيمن هو الأخر ليردف قائلاً بإستغراب أعجب:
-ولا عطلة ولا حاجة، بالعكس آآ...
لم تمهله هي الفرصة لإتمام جملته، حيث قاطعته ببرود:
-سلامو عليكم
هز كتفيه في تعجب من حالها الغريب، ورد عليها بهدوئه المعتاد:
-وعليكم السلام!

وتابعها بأنظاره إلى أن أغلقت الباب خلفها، فوضع يده على رأسه، وفركها وهو يحدث نفسه مبتسماً:
-حقيقي نرفوزة وروحها في مناخيرها بس يجي منها!

في فيلا سرحان عليوه،
دفع آياز الأجرة للسائق الذي أوقف سيارته أمام البوابة الخارجية للفيلا، ثم توجه للداخل بخطوات مرهقة..
كما كان يبدو على وجهه التعب والإنهاك..
وما إن رأته وردة وهو مقبل عليها بحالته تلك حتى انتفضت من مكانها فزعة، وصاحت بقلق:
-يا حوستي، سي إزاز؟ مالك ياخويا؟
نفخ من الضيق، ثم أشار بكفه قائلاً:
-بليز فلاور، Leave me alone ( دعيني لشأني )
فغرت فمها في حيرة متسائلة بفضول:.

-ليفة! هو إنت عاوز تستحمى؟
زفر بإنزعاج بائن قائلاً:
-أووف، لأ أنا مش ناقصك
تنهدت وردة بحرارة، ثم أسبلت عينيها، ورمقتها بنظرات عاشقة، وهتفت بنزق:
-ماتقولي على اللي تعبك وأنا أريحك
لوى فمه قائلاً بسخط:
-No, thanks ( لا، شكراً )
هتفت بحماس بادي في كل تفصيلة من وجهها:
-طب أنا عندي اللي يهدي بالك ويهديلك العاصي
تنهد بإنهاك قائلاً:
-فلاور، نتكلم بعدين
أسبلت عينيها بغرابة لتقول بتلهف:.

-يا سي إزاز، أصل انت حليوة وألاجة، وتلاقي حد عينه الله أكبر تفلق الحجر رشقك عين من إياهم..!
عقد حاجبيه في عدم فهم وتسائل بنفاذ صبر:
-What؟
لوت ثغرها لتجيبه بجدية:
-العالم السّو مش سايبن حد في حاله، أنا هاقولك على الوصفة اللي تحميك من عينهم السودة
سألها آياز بنبرة مستفهمة وهو محدق بها:
-وصفة؟ ده حاجة تبع الأكل؟
لوحت بيدها أمام وجهه موضحة بإهتمام:.

-أكل ايه بس يا سي إزاز، ده حجاب بيعمله الشيخ مبروك، حاجة تكفيك شر المستخبي، وتصد عنك آذاهم
بدى على وجهه الإندهاش، فسألها بفضول:
-آذى! مين دول؟
أمسكت بياقة عباءتها البسيطة وهزتها في الهواء وهي تهتف بخوف:
-حابس حابس يجعل كلامنا خفيف عليهم!
ثم مالت بجسدها للأمام قليلاً، وهمست بحذر:
-دول أسيادنا اللي تحت الأرض، حوش يا اللي بتحوش!
رد عليه ببرود وهو يرفع حاجبه للأعلى:
-عفاريت يعني.

ضربت على فمها بكف يدها وهي تتوسله بذعر:
-شششش، لأحسن يؤذوك
إمتعض وجهه أكثر، وزاد عبوساً، ثم صاح بضيق:
-فلاور، وسعي، أنا مش ناقص stupidity ( غباء ) على أخر اليوم
حاولت هي أن تتلفظ ما قاله، فقالت بتلعثم:
-س، آآ، هاه
أشار لها بيده وهو يتحرك مبتعداً:
-روحي لحالك
تنهدت بعمق وهي محدقة بنظرات عاشقة، ثم غمغمت مع نفسها قائلة:.

-حالي هو إنت يا سي إزاز، ياخواتي ليه حجاب الشيخ مبروك مجبش نتيجة معاك، لأحسن يكون ضحك عليا واستغلني ولطش المعلوم! نهاره طين!

قابل آياز خالته السيدة سوزان أثناء صعوده على الدرج، فسألته الأخيرة بإهتمام واضح:
-إيه الأخبار معاك يا حبيبي؟
رد عليها بتعب وهو يحاول الإبتسام:
-good
حدقت هي فيه بنظرات متفرسة، ثم أردفت قائلة بإهتمام:
-مش باين عليك
أخذ آياز نفساً عميقاً، وأجابها بحزن:
-بصراحة مكونتش أتوقع الوضع في مصر بالشكل ده
ردت عليه خالته بصوت هاديء وهي تربت على ذراعه:
-كان لازم تجرب عشان تصدقنا يا آياز!
-اها.

أكملت حديثها قائلة بجدية:
-لو مش عاوز تكمل، سيب الشغل فوراً، واشتغل مع عمك سرحان، هو هيفرح بده أوي
هز رأسه نافياً وهو يرمش بعينيه:
-لأ، أنا مش من النوع اللي بأستسلم بسهولة
-ربنا معاك
-Thanks
ابتسمت له سوزان قائلة:
-طب إرتاح إنت، وهابعتلك وردة بالغدى
هتف آياز بتوسل وهو يكمل صعوده على الدرج:
-لأ، بليز بلاش فلاور، أنا هرتاح من غير حاجة
إزدادت ابتسامتها المشرقة وضوحاً مضيفة:
-دي بنت لذيذة
رد عليها بجدية:.

-هي حلوة وكيوت وnice بس أنا مش آآ...
في نفس التوقيت كانت وردة في طريقها للمطبخ حينما استمعت مصادفة إلى حديثه الأخير عنها، فرقص قلبها طرباً لكلماته، وتسارعت دقاته فرحة، وتهللت أساريرها وهي تحدث نفسها بسعادة:
-هاه، سي إزاز بيقول عني حلوة، بركاتك يا شيخ مبروووك، ده أني لازم أروحله أتشكرله بنفسي، الحجاب اشتغل يا ناس
ثم أسرعت بالركض في إتجاه المطبخ، بينما تابعت سوزان حديثها بنبرة هادئة:.

-أوكي يا حبيبي، أنا موجودة لو عوزت حاجة
-تمام
أخرجت وردة الحجاب من أحد الأدراج، ثم قبلته بعمق، وضمته بكفيها إلى صدرها، وأغمضت عينيها، وتنهدت بحرارة لتتمتم مع نفسها ب:
-هاح، ميتا ( إمتى ) تيجي البلد وتطلبني من أهلي يا سي إزاز، ونتجوز ونجيب أورطة عيال من عينتك دي يا قمر!

في المساء،
اشتعل موقع الواتساب برسائل المعلمات حول ما دار اليوم والضغوط الشديدة في أول أيام الدراسة، وتشعب الحوار الرئيسي إلى حوارات خاصة ثنائية عن بعض المواقف الشخصية...
عقدت عاليا ساقيها معاً، وتنهدت بتعب وهي تعيد وضع الوسادة خلف رأسها، ثم طبعت على لوحة المفاتيح الخاصة بهاتفها المحمول بعض الكلمات الخاصة بحوارها التالي..
-عاليا: (( لا بجد أوفر )).

-ريمان: (( أنا كنت هاتفرس، ده زي ما يكونوا قاصدين يغيظوني ))
-عاليا: (( متكبريش الموضوع، هما مش يستهلوا منك تضيعي وقتك في التفكير ))
-ريمان: (( مضايقة يا عاليا، انتي مش شوفتي شكلهم سوا ))
-عاليا: (( ما إنتي عارفة رانيا، هاتجيبه من برا، هو ده طبعها، بتريل على أي واحد ))
-ريمان: (( حلوة الكلمة دي ))
-عاليا: (( فكك إنتي منها، وركزي في شغلك، بكرة يومك ))
-ريمان: (( أيوه، أنا متفائلة خير )).

-عاليا: (( إنتي جايلك حبة اطفال سكر أصلاً، كلهم ممتازين وشاطرين ))
-ريمان: (( طبعاً، دول معروفين من السنة اللي فاتت )).

على الجانب الأخر، سردت ليلة لسارة موقفها الغريب مع المصور أيمن، فكتبت لها الأخيرة ,,,,,
-سارة: (( ماتحطيش في بالك، كله عادي ))
-ليلة: (( أنا خايفة بس يفكرني بنت من إياهم، من اللي بيتمحكوا في أي واحد والسلام ))
-سارة: (( ليه إن شاء الله؟ موقف وعدى، انسيه، وبعدين هاتشوفيه تاني فين؟ هو خلاص يوم في الكي جي وانتهى ))
-ليلة: (( على رأيك! )).

في إحدى المناطق الصحراوية المخصصة لسباقات السيارات،
جلس رامي على مقدمة سيارته، ورفع العلبة المعدنية للمشروب البارد على فمه ليرتشف منها القليل قبل أن يكمل حديثه الجاد مع آياز ب:
-ما أنا من الأول قايلك، شغل الحضانات ده أخره تنضيف ودادة
لوى آياز فمه، وعقد ساعديه أمام صدره وهو مستند على مقدمة السيارة إلى جواره، وظل محدقاً في الفراغ أمامه مجيباً إياه بفتور:
-افتكرت إنك بتشتغلني!

لكزه رامي في كتفه بخفة، وبرر قائلاً
-أنا حذرتك، وإنت مصدقتنيش
تنهد بإحباط ليضيف بعد أن أرخى مرفقيه، ودس كفيه في جيبي بنطاله:
-حاسس إن المحصلة في النهاية زيرو!
-معلش
أخرج آياز كفيه من جيبه، ثم فرك وجهه بتعب، وهتف قائلاً بتقزز:
-إنت، إنت لو تشوف شكل الولد وهو بيمسح فيا إيده الملزقة ولا الحاجات الخضرا الغريبة اللي نازلة من مناخيره
نهره رامي قائلاً بإشمئزاز:
-كفاية يا عم، مش عاوز أشوف ولا أتخيل!

نفخ آياز، وتابع قائلاً بتأفف:
-ده مشهد تعذيبي نفسي بحت من تنفيذ حتت أطفال مش واصلين لركبتك!
أضاف رامي قائلاً بمزاح:
-ماهو الطفل عبارة عن كائن طفيلي لزج يعيش ويتعايش على الأخرين
-ده الوصف السليم ليه
ربت رامي على كتف آياز قائلاً:
-الله يعينك، هما المدرسات بيتهبلوا من قليل
استدار آياز برأسه لينظر إلى ابن خالته قائلاً بسخط:
-أنا محتاج أتعقم كل يوم قبل وبعد السكول
ابتسم له رامي وهو يرد عليه مازحاً:.

-خلي في جيبك ديتول، أو أقولك هات فينيك بيجيب نتيجة حلوة!
احتقنت عينيه بغيظ وهو يوبخه:
-انت هتهزر
تعالت ضحكات رامي وحاول أن يسيطر على نفسه، ولكنه فشل، ثم تابع قائلاً بصوت متقطع:
-مش قادر، أصلي متخيلك، ههههههه
نفخ آياز من الضيق، واعتدل في وقفته، ثم حذره وهو يرمقه بنظرات قوية:
-خلاص يا رامي، خف عليا
أومأ رامي برأسه موافقاً، وأضاف قائلاً بضحك:
-ماشي! هههههههههه لأ، مش ممكن، كائن أخضر لزج بيلزق فيك.

عبس آياز بوجهه، ثم تحرك للأمام قائلاً بعصبية:
-هامشي!
قفز رامي من على السيارة، ولحق بإبن خالته، وأمسك بذراعه متوسلاً:
-استنى يا إيزو، هاسكت والله!
زفر آياز مجدداً، وجاب بعينيه المكان ليتأمل ساحة السباق..
في حين عض رامي على شفتيه، وتردد في الإستفسار منه عن عاليا التي تشغل تفكيره مؤخراً، فهو لا يحب أن يفصح عما يخصه..

ولكنه حسم أمره بالسؤال عنها، لذا أخذ نفساً عميقاً، وأخرجه على عجالة، وتنحنح قائلاً بخفوت:
-احم، آآ، أنا كنت عاوز أسألك عن حاجة كده
إلتفت آياز نحوه، وسلط نظراته الغامضة عليه متسائلاً ب:
-حاجة ايه؟
ابتسم رامي ببلاهة ليردف قائلاً:
-الأبلوات معاك اخبارهم ايه؟
-مش فاهمك
أوضح رامي أكثر سؤاله الغامض ب:
-الميس، المدرسة يعني!
هز آياز كتفيه في عدم مبالاة، واجابه بفتور:
-عادي.

سأله رامي بفضول أكثر وهو يرمقه بنظرات مترقبة:
-طب اتعرفت على حد فيهم؟
-مش أوي، هما أصلاً مش الاستايل بتاعي
-تمام
أدرك رامي أنه لن يتمكن من معرفة ما يريد ما لم يسأله مباشرة، لذا سأله بنزق:
-طب، آآ، طب شوفت مدرسة هناك اسمها عاليا؟!
أجابه آياز باستغراب بائن على وجهه:
-عاليا!
-اها
ثم عاود سؤاله بفضول:
-بتسأل ليه؟
تحاشى رامي النظر إليه حتى لا يفتضح أمره، ثم رد عليه مدعياً عدم المبالاة:.

-عادي يعني، أصلها معرفة لحد عندي في المعرض
غمز له آياز بنظرات ذات مغزى قائلاً:
-مممم، عليا؟!
رسم رامي على وجهه علامات عدم الإكتراث، ودافع بنبرة شبه فاترة:
-لا عليا ولا عليك، ده السؤال لله يعني، مش حاجة، فمتخدش في بالك!
أجابه آياز بهدوء رغم عدم إقتناعه بما قاله الأخير:
-بص هو اللي اعرفه ان في واحدة اسمها رانيا، بس راغية بشكل رهيب!
هتف رامي بتهلف وقد لمعت عينيه:
-لأ هي اسمها عاليا مش رانيا.

هز آياز كتفيه في حيرة قائلاً:
-مش عارف بصراحة، ممكن أكون شوفتها بس معرفش اسمها
أراد رامي أن ينهي الحوار سريعاً حتى لا يشك ابن خالته فيه، لذا اتجه نحو سيارته، وقال ببرود:
-بأقولك ايه، كبر دماغك!
ثم وقف إلى جوار باب السيارة، وتسائل بحماس:
-هاتركب معايا في ال Race ( السباق ) اللي جاي
أجابه آياز بجدية:
-No ( لأ )، ماليش مزاج، أنا مش في المود
-اوكي، براحتك ادعيلي
-معاك ربنا!

ثم ركب هو داخل سيارته، وربط حزام الأمان، وأمسك بقبضتيه بالمقود، وتنفس بعمق محدثاً نفسه ب:
-يا مسهل، يا ريت كل حاجة تكون زي سباق العربيات، كان الواحد وصل للي عاوزه بسرعة، بدل ماهو دايس فرامل على طول..!

في منزل ما،
جلس غالبية العائلة على الأريكة الواسعة في غرفة المعيشة، وأمسك الجد بالمصحف الشريف ليقرأ فيه، وتفقد الزوج الرسائل الإلكترونية على هاتفه، في حين أشارت الأستاذة حنان بيدها لابنها الأصغر قائلة بهدوء:
-خلص الهوم ورك بسرعة
رد عليها الصغير ببراءة:
-اوكي يا مامي
ثم ابتسمت لإبنتها الكبرى وهي تربت على ظهرها:
-برافو عليكي، كده صح، كملي ده كمان
-حاضر
إلتفتت حنان إلى والدها الرجل الوقور، وتابعت قائلة:.

-ها، ايه رأيك يا بابا؟
أجابها والدها بنبرة متريثة:
-والله أخوكي المفروض اللي يقول رأيه في الموضوع ده
هزت رأسها موافقة إياه وهي تضيف:
-عندك حق يا بابا، بس أنا بأخد رأي حضرتك الأول
تابع هو قائلاً بجدية:
-ممم، والله لو البنت مناسبة، مافيش مانع عندي!
هتفت حنان بحماس:
-هي محترمة وأخلاق وبنت ناس ومن أصل طيب!
أشار لها بإصبعه مكملاً بصوته الآجش:
-الرك في النهاية على أخوكي.

-ده صحيح، وأما يرجع بكرة من السفر إن شاء الله هافتحه، واللي فيه الخير يقدمه ربنا
سألها والدها بإهتمام:
-إن شاء الله، هي اسمها ايه البنت دي؟
ردت عليه بهدوء وهي تبتسم له:
-سارة يا بابا، اسمها سارة...!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة