قصص و روايات - روايات صعيدية :

رواية ذات الكتاب الأحمر للكاتبة شاهندة الفصل السابع

رواية ذات الكتاب الأحمر للكاتبة شاهندة الفصل السابع

رواية ذات الكتاب الأحمر للكاتبة شاهندة الفصل السابع

دلفت السيارة من خلال باب حديدي عتيق إلى حديقة كبيرة تمتلئ بالأشجار وتنتهي بمنزل مهيب تنير أضواءه عتمة الليل، وما إن فتح ماهر باب السيارة مغادرا حتى هبت بعض النسائم التي حملت لها شعورا عميقاً بالرهبة، هبطت من السيارة بدورها وتبعته بصمت تحمل الصغير الذي نام بعد أن غيرت حفاضه ومنحته طعامه، فتح باب المنزل ثم دلف إلى المنزل الصامت، قال ماهر ببرود:.

ماما نايمة دلوقتي، هوريكي أوضتك اللي هتنامي فيها مع صلاح وبكرة الصبح هاجي آخده عشان ماما تشوفه.
هزت رأسها بصمت فتقدمها بهدوء لتتبعه. توقف وإستدار إليها قائلا:
هاتي صلاح أشيله.
تمسكت به دون إرادة منها وهي تطالع ماهر بخوف بدا على ملامحها، ليقول الأخير بهدوء:.

صلاح يبقى ابن أخويا واللي فاضلنا منه يعني لايمكن هأذيه أو أضره أو أخطفه حتي، مينفعش كل ما آجي أقرب منه أحس إنك خايفة عليه مني، احنا صحيح رفضنا جواز أخويا من أختك بس ده ابننا. لحمنا ودمنا. ياريت متخليش الماضي قدامك عشان ده هيأثر على حاضر صلاح ومستقبله.
كادت ان تصرخ قائلة:.

الماضي ده أخد أختي مني وانتوا كنتوا السبب، ومش هسمح ليكوا تاخدوا صلاح مني مهما حصل، خايفة عليه أكيد بس مش هسمح لخوفي يغلبني بالعكس هيقويني ويقدرني أحافظ على وجوده معايا.

وجدته يمد يده إليها فترددت للحظة قبل أن تمد يدها بالصغير له فحمله من بين يديها ليرتعش جسدها بالكامل حين لامست أنامله يدها بعفوية، تمالكت نفسها بسرعة حتى لا يلاحظ ارتجافتها تلك فيظن انها تأثرت به بينما كل ماتشعر به تجاهه هو شعور عميق بالنفور، فبسببه رفضت السيدة كريمة تقبل زيجة أخيه من فتاة بسيطة لا جاه لها ولا مال وبسببه ابتعدا الزوجين فارين بعشقهما بعيدا وبسببه عانت أختها في فترة حملها وكادت أن تفقده حيث لم تجد المال للعلاج وكان بمقدوره أن يساعدهما فلا يضطر الزوجين لرهن المنزل حتى يستطيعا الحجز بمستشفى خاص جعلتها تحتفظ بالجنين وتكمل فترة حملها على خير، كان من الممكن بكل بساطة أن يدعم أخاه ولكنه تخلي عنه فكانت النتيجة فراق وموت وفي النهاية يطالبها بكل هدوء ان تتخلى عن الصبي. لا لن تتخلى عنه أبدا وليفعل ما يستطيع فسيجدها أمامه دوماً، تتحداه بكل قوة.

أفاقت من أفكارها على صوته وهو يقول:
هبعتلك منيرة الصبح تجهزي صلاح عشان آخده لماما.
وجدت نفسها تقول:
هاخده ليها بنفسي.
عقد حاجبيه فأردفت:
صلاح مش متعود يبقى مع حد غريب وانتوا بالنسبة له ناس غريبة اول مرة يشوفهم فهيبقي عصبي وممكن يعيط وده هيتعب والدتك وأعتقد أن ده شيء هيكون مرفوض واكيد كمان مش مستحب أبداً بالنسبة لك. مش كدة؟
طالعها ببرود حيث لاحظ نبرتها الساخرة التي أنهت بها جملتها ليقول بتحدي:.

أي حاجة ممكن تضايق أمي او تتعبها فيها أذى ليا وساعتها ممكن أعمل أي حاجة عشان أمنع ده. هسيبك تيجي مع صلاح وهو بيشوف امي بس بحذرك لو كلمة منك ضايقتها هتتعاملي معايا أنا شخصياً وساعتها مش هتحبي أبدا الوش التاني لماهر بدران.

طالعها بنظرة أرسلت الخوف لأوصالها ثم استدار مغادراً الحجرة لتلتفت إلى هذا الصغير النائم في السرير وتتجه إليه تتمدد جواره دون أن تبدل ملابسها وتحيطه بذراعيها لتشعر مجدداً بأمان إنتزعه منها هذا الماهر بكلمات بسيطة لتدرك أنها خطت بقدميها جحر الشيطان وعليها ان تأخذ حذرها حتى لا تلدغها حيّاته وترديها قتيلة.
هلّ الصباح.

كان لها دوماً صباحاً معطر بالياسمين تتمنى فيه الخير للجميع، تتفاءل دوماً بشمس تزيل عتمة الحياة وتنير اليوم بضياء وأمل ونقاء وإبتسامة، لم تيأس أبداً من أن صباحها ذات يوم سيأتي لها بأحلامها ولكنها اليوم لاترى في صباحها إشراقة أمل بل تراه مفعم بشعور عميق بالخوف. تدرك في قرارة نفسها أن عائلة بدران وعلى رأسهم هذا الرجل حاد القسمات يروها أقل شأناً منهم، وأن هذا الماهر مااصطحبها مع صلاح سوي لإنه يخشى أن تسوء حالة والدته ان هي أطالت الصراع معه علي حضانة الطفل، وأنه في أقرب وقت سيتخلص منها ويأخذ الصغير. تمسكت بطفلها تحتضنه وتقبل رأسه بحب، لا تريد أن تنزله أرضاً رغم ثقل وزنه، تشعر انها لو تركته يبتعد عنها ولو للثانية فسيكون فراق للأبد.

انتفضت على صوت طرقات فادركت أنها الخادمة أتت تستدعيها فسمحت لها بالدخول، لتقول الخادمة باابتسامة:
صباح الخير ياهانم.
هانم! بين ليلة وضحاها تحولت من مروة ل مروة هانم. يالسخرية القدر.
صباح النور.
البيه الكبير قالي أوصلك مع البيه الصغير لأوضة الهانم الكبيرة.
انا جاهزة.

تقدمتها الخادمة فاتبعتها مروة حتي آخر الرواق حيث توقفت أمام احد الحجرات وطرقت الباب فسمح لها بالدخول، فتحت الباب وأشارت الأخيرة بالدخول فدلفت مروة تتطلع إلى قاطني الحجرة، وقعت عيناها على سيدة مسنة تستلقي في السرير مستندة بظهرها إلى وسادة، تتطلع إلى الصغير في يدها بلهفة امتزجت بحب جعل الدموع تترقرق في عينيها، لتقول بصوت ضعيف متهدج النبرات:
هو ده صلاح ياماهر. هو ده حفيدي؟

حانت من مروة نظرة إلى الرجل الذي وقف جوار والدته يطالع الأولي بنظرة ثاقبة وملامح جامدة تبدلت كلية ماان سمع صوت السيدة كريمة، ولدهشتها رأته يركع على الفور جوارها يمسك يدها بحنان قائلا:
هو ياأمي. هو.
لم تنظر والدته إليه بل تعلقت عيناها بالصغير وقد بدأت دموعها بالتساقط وهي تقول:
شبهكوا قوي وخصوصاً صلاح، وكأنه نسخة صغيرة منه فيما عدا لون العينين أخدهم منك.

نفضت مروة عنها دهشتها وتقدمت تجاه السيدة كريمة حتى أصبحت جوارها، مدت إليها يدها بالصغير فتمسك بملابسها وكأنه يأبى الإبتعاد عنها، نهض ماهر واقفاً ينوي ان ياخذه عنوة ويمنحه لوالدته فأشارت له الأخيرة بالتوقف، تعاود النظر للصغير تبتسم قائلة من وسط دموعها وهي تمد يديها إليه:
تعالي لتيتة ياحبيبي. هغنيلك أغنية..
كان فيه مرة طفل صغير كان طيوب
عمر شقاوته ولا مقالبه ماكانوا بالنسبة له عيوب.

أصل برائته ويا حلاوته خلوه يسحر أي قلوب
ولما يزعل حد يصالحه وبكدة كان دايما محبوب.

مع انتهاء الأغنية كان الطفل قد استجاب لصوت السيدة العذب فذهب إليها لتأخذه في حضنها تبكي مع آخر كلماتها، شعرت مروة بقلبها ينفطر لمرأي هذا المشهد، تدرك بكل وضوح ان خوفها من هذه السيدة لا أساس له فيبدو انها ام حنون فقدت ولدها فوجدت في الصغير العوض عنه كما وجدته مروة عوضا لها عن غياب اختها، بينما حانت منها نظرة إلى الرجل الواقف أمامها فوجدته يطالع هذا المشهد بعينين حزينتين أثارا تساؤلاتها، تلاقت عيناه مع عينيها في هذه اللحظة فعادت ملامحه باردة لا تعكس شيئاً، بينما تململ الصغير وعاد للبكاء يرفع يده باتجاه مروة قائلا:.

ماما.
ترددت مروة في أخذه منها فأشارت لها السيدة كريمة براسها تشجعها، حملت مروة الصغير بينما تمسح كريمة دموعها بأناملها قائلة بطيبة:
معلش يابنتي مرحبتش بيكي، متتخيليش فرحتي بإني شفت صلاح أخيراً عاملة فية إيه.
وكان ممكن تشوفيه من سنة لو كانت بلغتنا بوجوده.
شعرت مروة بالغيظ قائلة:
قلتلك اني حاولت أبلغكم.
محاولتيش كفاية.
اسكت ياماهر.

صمت هذا العملاق على الفور ماان سمع أمر والدته واعتدل في وقفته لتختفي السخرية تماما من وجهه حتى يُخيل إلى مروة انه عاد طفلا صغيراً أمامها، بينما قالت كريمة بنبرة آسفة:.

معلش يابنتي، أعذريه. أنا كنت بموت ولما عرفت ان ليا حفيد دبت الروح فيا من تاني. أكيد كان ليكِ أسبابك اللي خليتك متتصليش مرة تانية بينا او متجيش اسكندرية عشان تبلغينا بوجوده بنفسك، مش مهم الماضي دلوقتي، لازم ننساه عشان صلاح ولا إيه ياولاد؟
رمقت مروة ماهر بنظرة حانقة بادلها إياها الأخير ثم أشاح بوجهه عنها لتستطرد كريمة قائلة بحزن:
ياريت تسمعوا الكلام عشان اقدر أعيش اليومين اللي فاضلينلي مع صلاح بسلام.

بعيد الشر عنك ياماما.
بعيد الشر عنك ياكريمة هانم.
تداخلت الكلمات فرمق كل منهما الآخر بنظرة طويلة جعلت كريمة تنقل بصرها بينهما قبل أن تبتسم للحظة بوهن ثم تخفي ابتسامتها قائلة:
من فضلكم سيبوني دلوقتي أرتاح شوية ولو مكنش فيها تعب ليكِ يابنتي، ابقى تعالى مع صلاح بعد الضهر أقعد معاه شوية.
مفيهاش تعب ولا حاجة ياكريمة هانم. أنا تحت أمرك.
الأمر لله يابنتي.

ابتسمت لها مروة قبل أن تستدير مغادرة يتابعها ماهر بعينين باردتين، استدار لأمه قائلا:
هسيبك ترتاحي وهرجعلك بعد شوية.
بشويش على مروة ياابني، دي سابت كل حاجة وجت معاك عشان تسعد ست كبيرة بحفيدها.
وليه متقوليش جاية طمعانة في فلوس صلاح؟

لسة بتحكم على الناس باللي حصل معاك زمان، ياابني مش كل الستات وحشة ولا كلهم بيبقوا طمعانين في الفلوس، فيه في الدنيا دي قلوب بيضا ونقية زي الألماس لما بتعمل حاجة بتعملها لوجه الله.

في زمانا ده مع الأسف مبقاش فيه الألماسة الحرة اللي تحس بيها انك ملكت الدنيا ومافيها، الألماس الموجود عبارة عن أحجار مزيفة وقت ما تمتلكيها بتحسي انك خسرتي كتير قوي ومع الأسف خسارة ورا خسارة بتثبت حقيقة حاولت أنكرها كتير وهي ان الألماسات البيور اللي زيك وزي تيتة سميحة انقرضوا مع مرور الزمن ياامي.
كادت ان تقول شيئاً ولكنه أسرع يردف وهو يربت على يدها قائلاً:.

زي ماقلتي، انتِ تعبتي ولازم ترتاحي هسيبك وارجعلك كمان شوية.
استدار مغادراً فتنهدت تتابعه بعينيها قبل أن تقول:
لو مكنتش قدرت تشوف في عيون البنت دي قوة ونقاء الألماس ياماهر يبقى مشكلتك أكبر مما تصورت.

تأمل طاهر هذا الرجل الذي يطالعه بنظرة متفحصة، لا تبدو على ملامحه إمارات الشر والغدر كما وصفته له آيات ولكنه يثق بوجود الشر في قلبه ليس لإنه كاتب إعتاد أن يرى أبطاله مضطهدين من قبل أُناس يشبهون هذه الشخصية القابعة أمامه ولكن ليقينه بها هي، حبيبته آيات لا يمكن أن تكون كاذبة يجعلها نقاؤها أصدق الناس على وجه الأرض.
ممكن أعرف سبب الزيارة دي إيه يااستاذ طاهر؟
أخرجه السؤال من أفكاره ليتنحنح قائلا:.

الحقيقة أنا جاي النهاردة أطلب إيد الدكتورة آيات.
عقد رأفت حاجبيه بشدة قائلا:
وانت تعرفها منين؟
بتعالج جدي، الحقيقة من أول لحظة شفتها فيها وقلبي اتعلق بيها واتمنيت تكون شريكة حياتي.
أمسك رأفت غليونه ووضعه في فمه يشعله بهدوء ثم ينفث الدخان قبل أن يقول ببرود:
مع الأسف يااستاذ طاهر، مشاعرك دي هتضطر تحتفظ بيها لنفسك لإننا معندناش بنات للجواز.
نهض طاهر واقفا بينما رأفت يردف قائلا:.

بنت أخويا آيات مخطوبة لإبني عصام وفرحهم الشهر الجاي.
بس أنا مش موافقة ياعمي على عصام.
استدار الاثنان يطالعان صاحبة الصوت التي وقفت تطالع عمها بقوة فتنت طاهر مجددا وجعلته أسيرها، بينما تدلف هي دافعة كرسي جلست عليه سيدة تشبهها كثيرا، ليوقن من انها والدتها ابتسم لها مرحباً فبادلته إبتسامته بأخرى، بينما قال رأفت بغضب:
سامعة بنتك ياحورية؟

وانا قلت إيه يعني ياعمي؟ الجواز قسمة ونصيب. طلب وقبول وانا رافضة ابن عمي.
وموافقة علي الكاتب ده؟
قالها بسخرية أثارت حنق طاهر ولكنه تمالك نفسه حين استمع إليها تقول:
أيوة موافقة لإني بحبه.
بضع كلمات منها جعلت خفقات قلبه تتسارع وكأنهم في سباق ماراثوني ليتطلع إلى عينيها بنظرة حب رأتها السيدة حورية بوضوح فاطمأنت على فتاتها بينما غفلت عنها آيات وهي تطالع بقوة هذا الذي قال بحنق:.

شايفة بنتك بتقول إيه؟ مش موافقة على ابني رجل الأعمال عصام رأفت وموافقة على حتة كاتب...
من فضلك أنا مقبلش تستهين بيا، أنا كاتب كبير وليا اسمي وثروتي تعادل ثروتكم وأكبر، أنا مش جاي من الشارع وطمعان فيكم. انا جاي أتقدم عشان بحب بنتكم من كل قلبي وعايز ارتبط بيها وبتمنى توافقوا.
قال عبارته بصدق حتي كادت ان تصدق أحرفه ولكنها تدرك انه كغيره من الرجال مخادع ويستطيع تزييف مشاعره من أجل إتقان تمثيليه.

سمعت يارأفت؟ قدامك أهو بيقولك بيحبها وهي بتحبه وهيتجوزوا. انت مش كنت عايز تجوزها لعصام عشان خايف عليها تفضل على عنادها ومتتجوزش. أهو جه اللي أقنعها بالجواز. ايه مشكلتك بقى؟
معنديش مشاكل، مادام انتوا شايفين انه عريس مناسب ليها يبقى رأيي ملوش اي أهمية ووجودي ملوش لازمة عن إذنكم هسيبكم مع بعض تتفاهموا براحتكم.

تركهم مغادرا بخطوات غاضبة بينما تنادي السيدة حورية بإسمه ولكنه لم يعرها اهتماماً، لتضع آيات يدها على كتف والدتها قائلة بتردد:
ماما انا..
قاطعها والدتها قائلة:
متقلقيش ياقلبي، عمك هيزعله يومين وبعدين يروق، هو في الآخر ميهموش غير سعادتك. المهم عندي انك تكوني مبسوطة. مش انتِ مبسوطة؟
هزت رأسها بابتسامة باهتة، فتقدم منهما طاهر في هذه اللحظة وركع أمام حورية فطالعته آيات بدهشة وهو يقول:.

مش عايزك انتِ كمان تقلقي عليها، أوعدك اني أحبها وأحطها جوة قلبي وعيوني طول العمر واني عمري في يوم ماازعلها ولا أخليها تنام وعيونها مدمعة.
ابتسمت حورية قائلة بحنان:
مش عايزة اكتر من كدة. ربنا يسعدكم يا ولادي.
نهض طاهر يطالع هذه التي تأملته بحيرة تتساءل عن سبب فعلته تلك وكيف شعر بدواخل امها ومنحها ماتحتاجه تماماً من طمأنينة قبل أن يقول:.

لو تسمحيلي. هاجي آخدك بكرة للجواهرجي عشان تختاري شبكتك وعشان المرحوم والدك مش هنعمل حفلة بس اوعدك بفرح يليق بأميرة قدرت تتربع على عرش قلبي وتكون ملكته بلا منازع.
هزت رأسها دون وعي فإبتسم مستأذنا بالإنصراف لتتابعه وهو يغادر بقلب تصارعت مشاعره، تتعجب من كلمات يغدقها عليها لم تطلبها منه في اتفاقهما ولكنها جعلت تمثيليتهما تبدو حقيقية تماما ولو لم تكن شريكة بها لصدقتها كلية.

ابن حلال وباين عليه بيحبك قوي ياأيوش. ماتيجي نقعد في أوضتك وتحكيلي عنه اكتر.
ها. أحكيلك عنه إيه بس؟
كل اللي تعرفيه.
وهل اعرف عنه شيئاً؟ ليمر بخاطرها شريط الذكريات وتجد بعض الأشياء التي ذكرها عنه جده في بعض أحاديثهما، ستخبرها بما قاله وربما تزيد قليلاً من عندها. لا بأس. لقد مر اليوم بسلام وكانت النتيجة افضل بكثير مما توقعت لذا فلتحمد الله على ذلك ولتدعوه ان تنقضي هذه الليلة أيضاً، بسلام.

قالت مروة باستنكار:
اتصالحتوا؟ازاي ياسعاد قدرتي تسامحي بسهولة كدة بعد اللي عمله فيكي.
مكنش في وعيه يامروة وجالي واعتذر ووعدني ميكررهاش.
وصدقتيه؟ الراجل اللي بيشرب الهباب اللي بيشربه جوزك مبيقدرش يوفي بوعوده.
كان لازم أديله فرصة عشان خاطر بنتي، انتِ متعرفيش حالتها النفسية كانت عاملة ازاي اليومين اللي فاتوا دول.
وهي أخبارها إيه دلوقتي؟

لسة على حالها رغم أنها عرفت اني اتصالحت مع باباها بس لسة مبتاكلش، يادوب بغصب عليها تاكل لقمتين بالعافية، وجت من عند ماما النهاردة دخلت نامت علطول.
ياحبيبتي ياتقي، اللي شافته برضه مش قليل عليها.
أكيد، المهم سيبك مني وقوليلي عاملة ايه مع عيلة بدران؟
تنهدت مروة قائلة:
الحقيقة خوفي قل شوية بعد ماقابلت كريمة هانم وقعدت معاها نتكلم شوية، بتعاملني حلو وبتدردش معايا عن حياتي وحياة اختي وجوزها الله يرحمهم.

الله يرحمهم.
لكن ابنها الكبير أعوذ بالله، مش طايقني اساسا ولو عليه هيطردني من البيت ويفرق بيني وبين صلاح، ده لما دخل عليا انا ومامته وشافني قاعدة جنبها بنتكلم بصلي حتة بصة وكأني بسرق أمه.
أكيد فاكرك طمعانة فيهم زي ماقولتيلي بس لما يعرفك هيتاكد انه غلطان ويعتذرلك كمان.
مش عايزاه ياستي يعتذرلي ولا يبقى ليه اي احتكاك بيا أساساً، أنا عايزاه يسيبني في حالي وبس.
واشتغلتي؟

لسة. بكرة هسأله عملي ايه في الموضوع ده.
ياحبيبتي يابنتي.
قالت مروة بقلق:
مالها تقي ياسعاد؟
سخنة مولعة مش عارفة من إيه؟
أكيد أخدت دور برد، وديها لدكتور.
هعملها كمادات ولو الحرارة منزلتش هوديها لدكتور.
ابقى طمنيني ياسعاد.
أكيد يامروة، سلام دلوقت.
أغلقت سعاد الهاتف وهي تسرع لتحضر طبق به ماء وقطعة قماش نظيفة، تدعوا الله أن يشفي ابنتها ولا يُريها فيها أي سوء ابداً.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة