قصص و روايات - روايات صعيدية :

رواية ذات الكتاب الأحمر للكاتبة شاهندة الفصل السابع عشر

رواية ذات الكتاب الأحمر للكاتبة شاهندة الفصل السابع عشر

رواية ذات الكتاب الأحمر للكاتبة شاهندة الفصل السابع عشر

نحن على وشك الهبوط في مطار روما، برجاء ربط الأحزمة و..
تجاهلت آيات باقي توجيهات المضيفة وهي تلتفت بوجهها لمرافقها قائلة بحيرة:
انت مش قايل هنوصل الساعة 12 وان مواعيد الطيران بتبقى دقيقة جداً؟لسة ربع ساعة بحالها.
ابتسم طاهر قائلاً:
أول مرة تسافري بطيارة مش كدة؟
هزت رأسها فأردف قائلاً:
عشان كدة مسكتي ايدي بالجامد اول ماالطيارة طلعت وحفرتي فيها بضوافرك ولا كأنك كنتِ بتحفري في قناة السويس.
قالت بخجل:.

مش للدرجة دي ياطاهر، بس فعلا انا كنت خايفة قوي والطيارة بتطلع في السما، الموضوع مش سهل زي ماكنت فاكرة. وآسفة يعني على الجروح دي، انا مش عارفة عملت كدة ازاي؟

لا يهمك صغيرتي حتى الجراح قد عشقتها مادامت من صنع يديكِ، مال قليلاً يضع لها حزام الأمان فحبست أنفاسها وقد شعرت به يضمها دون أن يلمسها، رفع وجهه فتجمد للحظة وهو يرى عينيها المحدقتين به وحمرة خجلها التي أعلنت بكل وضوح تأثرها به، مد يده وأعاد بضع خصلات من شعرها خلف أذنها فانتابتها رعشة طفيفة كاد أن يميل ويختطف قبلة من شفتيها اللتان انفرجتا قليلاً لكنه نفض الفكرة واعتلت ثغره ابتسامة حانية، تراجع على إثرها يضع حزام الأمان بدوره بينما أفرجت هي عن أنفاسها الحبيسة، ترفع يدها وتعدل من وضع شعرها بارتباك، ليقول بهدوء لا يعكس مشاعر تأججت بخافقه وطالبته بالاعتراف بهيمنتها على نبضاته:.

التنبيه ده عشان أخطر أوقات بتكون الإقلاع والهبوط، فلازم يكون قبلها عشان الكل يبقى منتبه وتعرف المضيفات ان ممنوع يزعجوا الطيارين نهائي كمان يعرف الطيارين ان ممنوع الكلام أو النقاش في الوقت ده ويركزوا كل انتباههم على الطيارة والمدرج.
تنحنحت قائلة:
احمم وعرفت الكلام ده منين؟
التفت اليها بوجهه قائلاً:
كانت بطلة رواية من رواياتي كابتن طيار وزي ماقلتلك بعمل سيرش كامل عن أي حاجة بكتبها.

وياتري عملت البحث عن طريق جوجل ولا عملته ميداني؟
هل تفوح من كلماتها الغيرة كما وصلته ذبذباتها؟
من ده على ده، الكاتب عشان يكون مبدع لازم يتحرى الصدق في كلماته ويتأكد من كل معلومة بيكتبها.
نظرت إلى الأمام تقول من بين أسنانها:
انت هتقولي.
على فكرة هبطنا على الأرض بسلام يا أميرتي.

قالها بمرح جعلها تنظر من النافذة جوارها بذهول، لترى انهما قاما بذلك بالفعل، كيف لم تنتبه ولم تخف؟حديثها معه السبب. التفتت بوجهها إليه تمنحه نظرة امتنان فهز رأسه بإيماءة خفيفة مع ابتسامة جعلت خفقات قلبها تتسارع بجنون فعادت بناظريها إلى الخارج ترفع يدها وتضعها على خافقها تحاول أن تهدئ من سرعة خفقاتها حتى لا يلاحظها مرافقها.

كانت تقرأ في هذا الكتاب الذي أهداها إياه ماهر بالأمس حين دعاها إلى مكتبه ومنحه لها وحين أصابتها الدهشة لتدرك أنه الكتاب الذي تاقت لقرائته تسأله بحيرة عن سر معرفته بذلك فيرد عليها بكلمات قالها ببساطة ولكنها فعلت بقلبها الأعاجيب:
رغبات عيلتي أوامر، وانا شفت في عيونك يوم ما كنا بنشتري الفساتين رغبتك في أن يكون عندك الكتاب ده.

تذكرت وقتها أنها بالفعل توقفت في هذا اليوم أمام المكتبة المجاورة لمحل الفساتين عندما لفت انتباهها وجود الكتاب لديهم، هل انتبه حقاً يومها لرغبتها الشديدة في اقتناء الكتاب؟حقاً انه شديد الملاحظة الي جانب أنه أعدها من العائلة ونسبها إليهم وهذا أطار صوابها وجعلها كلية تحت سحره.

ضحكات الصغير مع الجدة كريمة جعلتها تنحي الكتاب جانباً وتبتسم حين رأت الجدة تهمس في أذن صلاح ببضع كلمات فتنطلق ضحكاته مجدداً بمرح، سألتها مروة قائلة:
ياترى اللي بتقوليهوله سر ولا ممكن أعرفه؟بصراحة عمري ماشفت صلاح بيضحك بالشكل ده وعندي فضول أعرف السبب.
ابتسمت الجدة تربت على رأس الصغير بحنان قائلة:
مبقولش حاجة مهمة بس الظاهر صلاح الصغير زي صلاح الكبير مجرد ماتهمسي في ودنه ميقدرش يمسك نفسه و يضحك علطول.

آه صحيح افتكرت، مرة كان صلاح و مها الله يرحمهم عندي في البيت وكانت مها بتعمل الشاي عشان تديني فرصة اتعرف على صلاح وأتأكد انها اختارت صح، وفعلا الجواب بيبان من عنوانه، الله يرحمه كان راجل بسيط و أخلاقه عالية ونبيلة وكمان باين عليه قد ايه كان بيحبها، خدنا على بعض بسرعة ولما جابت اختي الشاي وجت تديني كوبايتي كنت لسة هوشوشه في ودنه وأقوله دلوقتي اختي هتقولي انا مش عارفة ازاي يامروة بتشربي كوباية الشاي باربع معالق سكر وتفضلي رفيعة كدة، كانت دي عادتها كل ماتديني كوباية شاي. المهم لسة هقوله كدة لقيته بيضحك بشكل مش طبيعي، بصيتله وكأنه انسان فضائي. انت بتضحك على ايه بس ده انا لسة مقلتش حاجة، قامت اختي قالتلي متستغربيش مبيستحملش الوشوشة بتزغزغه، لما بلاقيه زعلان ومتضايق بس أوشوشه وساعتها الضحكة تنور وشه من تاني. وقتها بصلها بحنية وبعدين قالي كلمتين مش ممكن هنساهم أبداً. قاللي محدش يعرف بالموضوع ده غير ماما ومها وانتِ يامروة وده معناه انك بقيتي من عيلتي.

اغروقت عينا الجدة بالدموع وهي تقول بصوت يقطر منه الحزن:
ربنا يرحمه ويرحمها ويصبر قلوبنا على فراقهم يابنتي.
يارب.
التفتا بوجهيهما إلى المتحدث فوجداه ماهر يقف خلفهم ويطالعهم بعيون لامعة، احتارت مروة في تفسير لمعتها هل هما هكذا ام انها لمعة العبرات؟

اقترب منهم ثم جثا بجوار والدته، قبل يدها بحب فربتت على رأسه بحنان، ثم رفع وجهه ومد يده يداعب الصغير في صورة ملأت قلب مروة بالعشق، ابتسم حين أمسك الصغير بإصبعه وجعل يهز يده فمد يده الحرة وداعب أذنه قائلا:.

على فكرة انا كمان كنت عارف ان صلاح بيغير من ودانه، وكنت كل ماأحب أضايقه واحنا صغيرين كنت بوشوشه، وفي مرة قاللي انه بيعتبرها نقطة ضعفه وانه مش حابب حد برة العيلة يعرفها ولما قلتله وايه يعني لما حد يعرفها. قاللي هيستغلها وقاللي كمان اني مش هفهمه لاني معنديش نقطة ضعف، مكنش يعرف انه هو نقطة ضعفي واني دايما كنت بخاف حد يإذيه فبعدت عنه كل حاجة شفتها مش مناسبة ليه لحد مافي النهاية انا اللي أذيته وحرمته من سعادته بوجودنا جنبه يوم فرحه، وحرمته كمان من وجودنا جنبه في آخر أيامه وحرمتنا منه والنتيجة أهي بتمنى يرجع بينا الزمن وأنا أقوله استنى متمشيش جايين معاك نطلب ايديها، مش هنسيبك وهنفضل جنبك لحد آخر لحظة في عمرنا، بس للأسف لا الأماني بتتحقق ولا الزمن بيرجع ولا الميت بيصحي من تاني. واللي بيفضل بس ذكريات مليانة ندم، بتجرح القلب بسكينة تلمة وكل ماالجرح يلم تيجي ذكرى تانية تفتحه وتخليه جرح مبيطيبش ونزيف مبيقفش. صلاح شبه اخويا قوي ياماما، وانا اللي حرمته منه. وحرمت الطفل البريء ده من حنان الأم والأب عشان غبي. انا نفسي اموت ياأمي عشان محسش بكل الوجع اللي في قلبي ده. وجع مبقتش قادر أتحمله.

كانت الدموع تجري من عيون مروة تشاركها فيها الجدة، حتى ماهر سقطت عبراته واحدة تلو الأخرى وقد سقط قناع القوة الذي كان يدعيه لتظهر مشاعره جلية ربما للمرة الأولي، دفن رأسه في حجر أمه يخفيها لتربت امه على رأسه بحنان حزين تقول بألم:
هون على نفسك ياابني، الموت علينا حق وانت ملكش ذنب.

اهتز جسده فلم تعد مروة تتحمل رؤيته هكذا، لتنهض وتحمل صلاح الذي وجم من مرأي الدموع وتضعه على الأرجيحة وتغلق باب الأمان ثم تعود وتجثوا جواره تسحبه من ذراعه ليواجهها، اطرق برأسه فهزته قائلة:
ماهر بصلي.
ظل مطرق الرأس فقالت بحزم اكبر:
قلتلك بصلي.
رفع إليها عينان حزينتان أصاباها في صميم قلبها بسهم يقطر حزناً لتردف قائلة بثبات:.

الموت علينا حق فعلا زي ماما كريمة قالت، ملناش يد فيه ولا ذنب. انت اتصرفت بحسن نية، كان قصدك مصلحة اخوك، غلطت لكن ماأذنبتش ولا كان قصدك تجرحه، هو كمان مكنش زعلان منك، كان كل ما سيرتك تيجي يقول عليك الكبير، الكبير اللي خد باله من شركة باباه وكبرها، الكبير اللي كان دايماً في ضهره وضهر اي حد من عيلته، الكبير اللي بيفكر في الكل ومبيفكرش في نفسه، الكبير اللي معاه مبتخافش من اي حاجة وتحت سقف بيته بتكون في امان، الكبير اللي بيساعد الغلبان ومبيستعرضش خيره، انا مبقاليش كتير هنا ورغم اني مكنتش بصدق صلاح لكن وجودي تحت سقف بيتك خلاني متأكدة انه كان معاه حق في كل كلمة قالها والدليل اني هنا وهنا بس حسيت بالأمان ومبقتش خايفة على نفسي ولا على صلاح، هنا وياكم عرفت طعم العيلة وحسيت بخوفها على أفرادها، هنا وهنا بس عرفت ان اللي بيبقى منكم بتخافوا عليه زي نفسكم وأكتر وبتعملوا المستحيل عشان ميتأذاش، ربنا بيحبكم وبيحبني وعشان كدة عوضنا عن غياب أحبابنا بصلاح هيكبر وسطنا وهنحبه زي مامته وباباه وهنعرفه قد ايه كانوا بيحبوه وده هيكون العلاج لجروحنا، مش هنقدر نعمل كدة الا لو آمنت انك هتقدر، آمن بنفسك زي ماآمنا بيك كلنا ياماهر.

تطلع إلى عينيها فوجد بهم حقاً إيماناً به بث في قلبه شعوراً لا يوصف، حانت منه نظرة إلى الصغير الذي كان يطرق على باب الأرجوحة ثم إلى والدته التي هزت رأسها بحنان وهي تمسح دموعها بأناملها ليعود بنظراته إلى مروة يطالعها بنظرة اشعلت الدماء في شرايينها لتنتبه لأول مرة لوضعها فأزالت يديها عن كتفيه ونهضت بإضطراب، نهض بدوره دون أن يحيد بنظراته عنها، كاد ان يقول شيئاً ولكن قاطعه رنين هاتفه فإستأذنهما بالإجابة، ابتعد قليلاً فتابعته مروة بعينيها قبل أن تنتبه الي كلمات السيدة كريمة حين قالت:.

مش عارفة أشكرك ازاي يابنتي على كلامك اللي قلتيه لماهر من شوية، فوقتيه وأنقذتيه من دوامة كانت هتسحبه، كنت شايفاه بيروحلها شوية بشوية ومكنتش عارفة ارجعه منها ازاي، من يوم مادخلتي حياتنا وحسيت ماهر بيقاوم دوامته والنهارده رميتيله طوق نجاة اتمسك بيه، وجود صلاح في حياتنا وأهمية وجود عمه في حياته عشان ياخد باله منه ويحميه. أمل كبير بإذن الله ينجي ماهر من شعور بالذنب كان هيضيعه لو سيطر عليه.

متشكرنيش ياكريمة هانم أنا قلت اللي في قلبي.
مقلتيش كل اللي في قلبك بس في يوم هتقوليه.
قطبت جبينها بحيرة وكادت ان تسأل السيدة كريمة عن مقصدها ولكن قاطعها عودة ماهر الذي قال لوالدته:
عليّة رجعت من السفر، هروح اغير بسرعة و اجيبها من المطار ياأمي.
شاب ملامح والدته بعض الحزن مالبث أن زال وهي تقول ببشر:
روح ياابني، ومتتاخروش هخلي دادة منيرة تعملها الأكل اللي بتحبه.

هز رأسه ثم اسرع مغادراً تتابعه مروة بحيرة مسائلة عن هوية هذه الفتاة التي كان خبر رجوعها مثيرا لحالة من السعادة لدي الام وولدها، توقف ماهر فجأة واستدار يمنحها نظرة طويلة حزينة احتارت في تفسيرها، قبل أن يغادر بخطوات سريعة وكأنه يهرب من المكان، عادت مروة بناظريها للسيدة كريمة قائلة:
هي مين عليّة دي ياكريمة هانم؟
قالت كريمة بحزن:.

صحيح انتِ متعرفيهاش، عليّة تبقى بنت عم ولادي و كانت المفروض هتبقي خطيبة صلاح الله يرحمه ولما اتجوز ماهر اتقدملها عشان ميجرحهاش أصله بيعزها قوي ومتربية بينهم.
اعتصار حارق للقلب وغصة بالحلق اعجزتها عن الحديث للحظات قبل أن تقول بصعوبة:
يعني عليّة تبقى خطيبة..
ماهر. أيوة يابنتي. هروح انا أقول لدادة منيرة وانتِ خدي بالك من صلاح على ماأرجع.

توجهت بكرسيها تجاه المنزل بينما وجدت مروة قدماها غير قادرتان على حملها فجلست على أقرب كرسي، تضع وجهها بين كفيها، تدع دموعها تعبر عن احساسها في تلك اللحظة، يهتز جسدها بخفة، كاد الذي يتابعها من نافذة حجرته أن يهبط ويأخذها بين ذراعيه يدعها تبكي على صدره وتفرغ حزنها، يخرجها من اليأس إلى الأمل كما فعلت معه ولكنه منذ اللحظة التي تذكر فيها خطبته لعليّة أدرك أن قصتهما لن تكتمل وعليهما النسيان، ورغم سعادته منذ لحظات بإكتشافه مشاعرها تجاهه كما اكتشف مشاعره سابقاً، إلا أن القدر يحتم عليه مجدداً تجاهل الحب والكفر به.

اهدي يانهال، متقلقيش ياحبيبتي، أنا راجعة القاهرة علطول. هحجز في أول قطر. نهال مش عايزاكي تخافي طول ماانا موجودة مفهوم ياحبيبتي.

أغلقت الهاتف ثم ألقته على السرير، تزفر بقوة. من أي شيء قُد قلب والدها؟ من الحجر. باعها مرة فلم يكفه واحدة فأراد بيع الأخرى، فتاة صغيرة في مقتبل عمرها يلقيها لرجل في الأربعينات من عمره ولديه زوجة أولى فقط لإن لديه مايكفي من المال ليشتريها. لا لن تسمح بذلك أبداً، ان لم تحارب لأجلها ستحارب لأجل أختها حتى آخر رمق.

أمسكت هاتفها ثم اتصلت بشركة النقل وحجزت تذكرة في قطار الساعة الخامسة ثم اتصلت بصديقتها مروة فلم تجب اتصالاتها، زفرت ثم خطر ببالها فجأة فبحثت عن رقمه واتصلت به، لم يجب في بادىء الأمر، ولكنه مع الاتصال الثاني أجاب قائلاً:
السلام عليكم.

لثوان وجدت نفسها عاجزة عن الحديث وقد بدا صوته غريباً على مسامعها، جامد النبرات على نحو مخيف. كادت ان تغلق الهاتف ولكنها أدركت كم سيبدو ذلك سخيفاً، وجدت الدموع تتحجر بمقلتيها ثم تتساقط تباعاً على وجنتيها، كتمت شهقاتها فوجدت صوته يعود لطبيعته وهو يقول بلهفة:
سعاد انتِ كويسة؟ سعاد طمنيني عليكي؟ متسكتيش بالشكل ده؟ طيب متعيطيش. فيكي إيه؟ ياريتني ماسيبتك ومشيت.
ومين اللي طلب منك تمشي؟

كاد ان يقول عقلي الذي رفض مشاعر قلبي ولكنه اكتفي بقول:
مش مهم انا رجعت ليه. المهم طمنيني عليكي، مالك ياسعاد؟ ايه اللي مزعلك بالشكل ده؟
بابا.
عمل ايه تاني؟
عايز يجوز نهال لعم متبولي.
الخردواتي؟ ده أصغر منه بكام سنة بس ومتجوز كمان.
مشافش غير فلوسه ومهموش غير اللي هيجنيه من وراها.

مستحيل يحصل، انا مش هقف المرة دي عاجز عن منع الجوازة دي زي المرة اللي فاتت، مش هسمح لعمي يمنعني تاني، هو زودها قوي المرة دي ونهال أكيد مش موافقة.
قصدك ايه بالكلام ده؟ انت حاولت تمنع جوازي من أشرف؟
كنت شايفك كتير عليه، كنت رافض بكل قوتي، كنت شايفك مع حد يقدر يسعدك لانه بيحبك من كل قلبه، بس انتِ وافقتي وموافقتك عجزتني عن اني أساعدك وقفتني مكاني لا عارف أتقدم خطوة ولا أتأخر.

وليه بسمع الكلام ده لأول مرة يامحمد؟
وهتستفيدي إيه لما تسمعيه؟ الواقع بيفرض نفسه ياسعاد والواقع هنا انك متجوزة أشرف وأي رفض من اي حد للجوازة دي لا هيقدم ولا يأخر.
معاك حق بس واقع اختي لازم يتغير ومادام انا وانت رافضين يبقى هنقدر نمنع الجوازة دي وننقذها من مصير أسوأ حتى من مصيري. انا راجعة القاهرة النهاردة ومحتاجاك جنبي، ياترى هتقف جنبي وتساعدني؟

مش محتاجة سؤال. انا جنبك وهفضل جنبك طول عمري، وقت ماتحتاجيني هتلاقيني.
اكسبتها كلماته قوة وجعلتها ترى انها قادرة على التحدي، لذا قالت بثبات:
يبقى أشوفك على خير.
هستناكي في محطة القطر. سلام.

اغلقت الهاتف وتنهدت بعمق، لماذا لم ترى سوي الآن انها كلما احتاجت للقوة كانت تلجأ إليه، وانه لطالما دعمها وساندها في كل وقت. ماعدا هذا الوقت الذي احتاجت مشورته في أمر زواجها، ظل صامتاً متباعداً وترك الأمر بيدها فأسقط في يدها.
انا مش هعرف أسافر وانتِ كدة يامروة.
مسحت مروة دموعها قائلة:
لأ سافري ومتخافيش علية، انا هبقي كويسة، يومين وهنساه وكويس ان احنا لسة في البداية ومتعلقتش بيه قوي.

اللي زينا لما بيحب بيتعلق قوي من البدايات لأننا مبنحبش الا راجل لقينا فيه كل اللي بنحلم بيه. الحنية. الأمان. السند. الاهتمام والحب فوقتها مشاعرنا اللي حوشناها بتتجمع بسرعة وتتعلق بيه بقوة لأنها استنه عمر بحاله.
حتي لو كنت اتعلقت بيه قوي برضه مع الأيام هنساه، هو مرتبط بواحدة تانية وخلاص النصيب فرقنا والبكا على الأطلال واللبن المسكوب لا يفيد زي مابيقولوا.

سيبك من اللغة العربية والشعارات الكدابة دي دلوقتي واتكلمي من قلبك، قوليلي هيقدر يستحمل.
قلبي قوي ياسعاد، فوق ماتتصوري، قوي بإيمانه ان كل أزمة بتعدي وكل حزن مهما كان كبير بيصغر، قوي بإيمانه ان ربنا رحيم بيه وانه قادر يفرج همه ويسعده وان بكرة اكيد أحلى.
هو ده الكلام وهي دي مروة صاحبتي اللي أعرفها.

طيب مروة صاحبتك بتقولك يلا روحي بقى عشان تلحقي القطر وتلحقي نهال، خليكي قوية قصاد باباكي ومتضعفيش. وسيبيني بقى أروح اقابل ضرتي.
رُغما عنها ابتسمت سعاد قائلة:
ربنا يقويك يامروتي.
ويقويكي ياسوسو، خدي بالك من نفسك وطمنيني عليكي اول ماتوصلي. سلام.
سلام ياحبيبتي.

أغلقت سعاد الهاتف ثم تنهدت وهي تنهض وتحمل حقيبتها، تتجه إلى الخارج تهبط إلى حيث انتظرتها طفلتها في حديقة الفندق، تغادره معها متجهتان إلى محطة القطار.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة