قصص و روايات - روايات صعيدية :

رواية ذات الكتاب الأحمر للكاتبة شاهندة الفصل الثاني والعشرون

رواية ذات الكتاب الأحمر للكاتبة شاهندة الفصل الثاني والعشرون

رواية ذات الكتاب الأحمر للكاتبة شاهندة الفصل الثاني والعشرون

مالك ياأشرف حزين كدة ليه؟
بكرة عيد ميلاد تقي.
تقي!
بنتي اللي كلمتك عنها.
أيوة ايوة افتكرتها، كل سنة وهي طيبة.
وانت طيب. كان نفسي اشوفها وآخدها في حضني وأقولها كل سنة وانتِ طيبة.
لا حول ولا قوة الا بالله، قطعت قلبي.
أمسك أشرف يد مسعود فجأة قائلاً:
متعرفش تخرجني من هنا يامسعود، ساعة زمن واحدة أعايد بنتي وأرجع علطول.
ظهر الخوف على ملامح مسعود قائلاً:
ياريت بس..

من غير بس، أنت أب وحاسس باللي انا فيه، خرجني من هنا ينوبك ثواب، ساعة واحدة وهرجع وهديك اللي انت عايزه.
مش مسألة فلوس..
قاطعه قائلاً:
عارف ياسيدي عارف، اعتبر الفلوس دي مني عشان خاطر بنتك اللي زي بنتي، اعملها العملية وطمن قلبك عليها زي ماهتطمني على بنتي.
ظهر التفكير على وجه مسعود قبل أن يطالع أشرف مشيراً بسبابته قائلاً:
انت قلت ساعة واحدة.

كاد أشرف أن يبتسم منتصرا ولكنه أخفي ابتسامته في اللحظة الأخيرة قائلاً:
هي ساعة واحدة هقولها فيها كل سنة وانتِ طيبة واديلها هديتها وأرجع علطول.
تمام. بس مش النهاردة، طقم الحراسة جامد ومش هعرف اهربك منهم، بكرة الباب الوراني عليه واحد صاحبي هاخده أشرب معاه الشاي على ماتهرب انت. اتفقنا؟
اتفقنا طبعا، ربنا يبارك فيك.
هز الرجل رأسه ثم ناوله الدواء وغادر. بينما قفز أشرف فرحاً وقد قرب وقت خلاصه من هذا العذاب.

شايفة عمايل بنتك ياهانم؟ بقالها كام يوم مسافرة مع راجل غريب ومنعرفش عنها حاجة.
طالعته حورية قائلة ببرود:
مين قالك بس اني معرفش عنها حاجة، آيات وطاهر بيكلموني كل يوم وبيقولولي على كل حاجة بيعملوها.
قال عصام بسخرية:
مش كل حاجة طبعا.
أخرس أنا مربية بنتي كويس وعارفة أخلاقها، ده غير اني واثقة في طاهر والا مكنتش وافقت تسافر معاه الرحلة دي.

ياحورية افهمي، اذا كنتِ انتِ واثقة فيها فده مش هيمنع الناس تتكلم وتجيب في سيرتها لما يعرفوا انها سافرت معاه لوحدهم.
ظهر التفكير على ملامح حورية بينما غمز رأفت لعصام قبل أن يردف قائلاً:
الناس مبترحمش ودي سمعة عيلة بحالها متخليش قلبك الطيب يعميكي عن الغلط اللي بيحصل ده، آيات لازم ترجع والنهارده قبل بكرة.

هكلمها مش عشان خايفة على سمعتها، قلتلك انا واثقة من اخلاق بنتي وخطيبها وكلام الناس مش اهم عندي من سعادتها اللي واصلالي من خلال صوتها وملامحها، لكن عشان هي فعلاً وحشتني ونفسي الاقيها جنبي النهاردة قبل بكرة. عن اذنكم.
غادرت حورية بكرسيها بينما اقترب رأفت من عصام قائلاً بغضب:
الرجل أكل عقل الولية وبنتها، وده معناه حاجة واحدة وبس. لازم نتصرف بأقصى سرعة والا كل حاجة هتروح مننا.
قصدك...

اول لما ترجع آيات من السفر هنخطفها هي وخطيبها ونقتلهم، لازم تبان كأنها حادثة سرقة. مفهوم ياعصام؟
هز عصام رأسه وهو يبتسم بشر قائلاً:
مفهوم يابابا.

كانت تجول في الردهة تتعجب من عدم ظهور طاهر حتى الآن، وقفت تتطالع ساعتها التي تشير إلى الواحدة ظهراً، من المفترض أن يكونا الآن في طريقهما للبندقية كما أخبرها طاهر البارحة إذاً ماالذي يؤخره، هل استغرق بالنوم؟ نظرت إلى الأعلى بتردد مالبثت ان حسمته وهي تتجه بخطوات سريعة إلى حجرته، طرقت الباب بخفة فلم يجبها احد، عادت وطرقته بقوة ولكن لحيرتها ظل الصمت إجابتها، عقدت حاجبيها تمد يد مترددة تجاه مقبض الباب ثم مالبثت ان أخذت نفساً عميقاً وفتحته، رأته على الفور متمدداً بسريره، نائم بعمق بينما هي تنتظره بالأسفل تشعر بالسوء بسبب البارحة، نادته بحنق فلم يستيقظ، اقتربت منه حتى أصبحت جواره، كادت أن تناديه مجدداً ولكنها توقفت وهي تتأمل ملامحه النائمة، وسيم. تعلم هي ذلك تمام المعرفة ولكن ملامحه الساكنة أضفت صورة إلى ذكرياتها عنه لا تظنها قد تنمحي أبداً، قالت بصوت مضطرب:.

طاهر. اصحى ياطاهر اتأخرنا.
آيات.
همسة بإسمها منه جعلتها تنصت إليه، يبدو أنه مازال نائماً وهو يحلم بها على مايبدو، ترى كيف جائته بأحلامه؟
مدت يدها تربت على يده قائلة:
ياطاهر اصحى...

قطعت جملتها وهي تشعر بيده ساخنة للغاية تحت يدها لتعقد حاجبيها وهي تلاحظ لأول مرة تعرق جبينه وقميصه، وضعت يدها على جبهته لتدرك بما لايدع مجالاً للشك أنه مريض، تتذكر خروجه البارحة ليلاً دون معطفه، لابد وأن البرد قد أصابه بنزلة برد جعلته يعاني من الحرارة على مايبدو، أسرعت إلى خزانة الحمام تبحث عن خافض للحرارة فوجدته ثم عادت إليه تسكب كوباً من الماء وتجلس جواره ترفع رأسه عن الوسادة وتضع حبة الدواء في فمه تململ يفتح فمه بصعوبة ليشرب المياه، فتح عيونه فقابلته عيونها القلقة، ارسل إليها نظرة حانية لو لم يكن قلبها ملكاً له لسلبته هذه النظرة تماماً قبل أن يغلق أهدابه مجدداً ويعود للنوم، أعادت رأسه إلى الوسادة بحرص ثم نهضت لتحضر قماشة نظيفة ومياه تخفض بها حرارته، تنوي بعدها اعداد بعض الشوربة له آملة ان يكون فيما تفعله علاج طاهر المناسب، تدرك أنه لو لم يكن كافياً فستضطر لأخذه للمشفى في هذا البلد الغريب وكم يصعب عليها ذلك.

نظرت إلى وجهها بالمرآة، ترددت كلماته في رأسها بوضوح.
لا بقى على لسانك حدود ولا تصرفاتك او حتي لبسك بقوا شبهك
مش دي عليّة اللي اتربت وسطينا
ماهر مش هتعجبه واحدة استهترت حتى بنفسها
ماهر هتشده واحدة هيشوف فيها مراته مش عشيقته
صراحتي وجعتك ياريت تفضل واجعاكِ زي ما جعني حالك ياعليّة.

وضعت كلتا يديها على أذنيها تحاول أن تخرس صوته الذي يدوي في أذنها ولكن هيهات، ظلت كلماته تتردد في أذنها تجبرها على الاعتراف بأنه على صواب، لقد تغيرت كثيراً حتى باتت لا تعرف نفسها، لقد باتت تشبه نفين أكثر فأكثر. لتتساءل بحيرة. هل أرادت أن تجذب إليها ماهر بكينونتها الجديدة أم أرادت منه نفوراً؟ أو ربما لا علاقة لماهر بالأمر وهي فقط تعاقب نفسها لرفض صلاح إياها وتفضيله هذه المرأة عليها، ولكن لماذا فضلها عليها وهي تشبه ذاتها القديمة؟ ربما لم يكن العيب فيها وإنما هو الحب يهبه الله لمن يشاء. تباً لصراع في العقل والقلب سيودي بها إلى الجنون، تحتاج للحديث مع أحدهم كي ترتاح، أطل وجه السيدة كريمة في مخيلتها، نعم هي من ستستطيع سبر أغوارها وتقديم النصيحة إليها، خرجت تتقدم تجاه حجرتها حتى أصبحت أمام الباب مدت يدها تجاه مقبض الباب فتوقفت قبل أن تمسه وصوت كريمة يصلها وهي تقول:.

مش عايزاكِ يابنتي تزعلي منها، عليّة تبان قاسية ومعندهاش رحمة بس هي مش كدة لو كنتِ عرفتيها قبل مالمرحوم ي...
صمتت كريمة فقالت مروة:.

عارفة ومقدرة ياكريمة هانم، وصدقيني مش زعلانة من آنسة عليّة بالعكس أنا حاسة بيها وبوجعها اللي بتحاول تتغلب عليه بتصرفاتها وكلامها، دوامة آخداها في وسطها مش هتخليها تهدي ولا ترتاح غير لما تإذي نفسها وأنا خايفة عليها. متستغربيش. انا شايفاها ضحية، واحدة حبت من كل قلبها وصلاح الله يرحمه محبهاش وبدل ما يقولها. عشمها بالجواز وفجأة اتخلى عنها، طبيعي جداً تنهار زي ماحضرتك قلتيلي وطريقتها دي مش أكتر من درع حاطاه حواليها عشان متنجرحش تاني، مش عارفة انها بتجرح نفسها بايديها وفي يوم هتتإذي لو مفاقتش.

ده اللي دايماً بقوله لماهر عشان ياخد باله منها ومتتإذيش.
متخافيش ياكريمة هانم، أستاذ ماهر قدها وقدود واللي بيقرب منه بيبقى في أمان وميتخافش عليه.
اغمضت عليّة عيونها بألم وهي تتراجع مبتعدة لا ترغب في سماع المزيد، تشعر بالشفقة علي حالها تقطر من كلماتهما، حتى تلك الفتاة التي ظنتها سيئة، تباً هل ساءت أحوالها إلى هذا الحد؟ أسرعت بمغادرة المنزل بينما قالت كريمة وهي تحدج مروة بنظرات فاحصة:
بتحبيه مش كدة؟

رفعت إليها مروة عيون مصدومة فأردفت كريمة قائلة:
مفيش داعي تنكري، أنا متأكدة.
أطرقت مروة برأسها قائلة بحزن:
حتى لو، الحب مش كل حاجة في حياتنا، فيه حاجة اسمها القسمة والنصيب وزي ماانتِ شايفة قسمتي مش معاه.
هتتتازلي عن حبك بسهولة كدة؟
رفعت إليها عينان حائرتان وهي تقول:
وعايزاني أعمل إيه؟ أحارب عشان مين وهو نفسه طلب مني الانسحاب. الحب قدرى لكن قسمتي الفراق.
هتقدرى تنسيه وتكملي؟

مش هقدر أنساه بس هكمل، هكمل عشان خاطر صلاح، أما ماهر فصفحته كان لازم تتقفل من اول ماشفت الغلاف بس فضولي خلاني أفتح كتابه وأقلب بين صفحاته فعجبني اللي قريته فيه وحبيته ودي كانت غلطتي الوحيدة اللي هدفع تمنها عمر بحاله.
مروة انتِ..
قاطعتها قائلة:
انا ولا حاجة بالنسبة له، حتى لو جواه مشاعر بالنسبة لي فلسة شايفني قليلة ومستهلش حبه زي ماشاف اختي زمان قليلة على صلاح.
لأ انتِ فاهمة غلط، ماهر...

قاطعتها مجدداً قائلة بحزم:
أرجوكِ ياكريمة هانم، ياريت منجيبش السيرة دي تاني ونفتح في جراح بتمنى تلم، من فضلك عشان خاطر صلاح الصغير على الأقل.
فتحت كريمة فاهها لتتحدث ولكنها أحجمت عن ذلك وهي تدرك أن كلامها الآن لن يفيد وسيزيد الوضع سوءاً لذا من الأفضل لو صمتت. ، مؤقتاً.

كان يجمع كتبه ويضعها في صندوق بينما يزيح جانبا كتاباً سيأخذه معه في سفره، فتح أدراج مكتبه واحداً تلو الآخر يضع الكتب جميعها بالصندوق، توقفت يداه حين رأي هذا الكتاب، سحبه على الفور وتلمس غلافه بحنين، ثم جلس يفتحه فإذا بصورتها تطل أمامه، تطالعه وكأنها تخترقه بنظراتها البريئة، لم يرى هذه الإبتسامة الخالصة على وجهها منذ أخذت لهما هذه الصورة حين كانا برحلة في الثانوية العامة، وقتها ذهبت معهم إلى الرحلة بعد ان أخبرت أباها أنها رحلة ضرورية من أجل أن ترى معالم الإسكندرية التي تدرسها وان الرحلة للإناث فقط وليست مختلطة، كان يوماً لن ينساه أبداً قضى فيه معها أجمل لحظاته على الإطلاق، لعبا ومرحا وضحكا وحين أخذت لهما هذه الصورة طلبت منه الاحتفاظ بها فلو رآها والدها لأقام الدنيا وأقعدها على رأسها، مد يده يلمس ضفيرتها بحنان، قبل أن يقلب الصورة ويقرأ المكتوب خلفها.

يا سيِّدتي كنتِ أهم امرأةٍ في تاريخي قبل رحيل العامْ. أنتِ الآنَ. أهمُّ امرأةٍ بعد ولادة هذا العامْ. أنتِ امرأةٌ لا أحسبها بالساعاتِ وبالأيَّامْ. أنتِ امرأةٌ. صُنعَت من فاكهة الشِّعرِ. ومن ذهب الأحلامْ. أنتِ امرأةٌ. كانت تسكن جسدي قبل ملايين الأعوامْ.
قلب الصورة مرة أخرى وهو يطالعها مردداً باقي القصيدة.

يا سيِّدتي لا تَهتّمي في إيقاع الوقتِ وأسماء السنواتْ أنتِ امرأةٌ تبقى امرأةً. في كلَِ الأوقاتْ. سوف أحِبُّكِ. عند دخول القرن الواحد والعشرينَ. وعند دخول القرن الخامس والعشرينَ. وعند دخول القرن التاسع والعشرينَ. وسوفَ أحبُّكِ. حين تجفُّ مياهُ البَحْرِ. وتحترقُ الغاباتْ.

دمعت عيناه تدريجياً حتى وجد نفسه يبكي وبقوة يضم صورتها إلى صدره بينما تتعالى وتيرة شهقاته. وقفت والدته على باب حجرته لا تدري ماذا تفعل؟ هل تدخل إليه وتواسيه أم تتركه يفرغ مكنون صدره حتى يرتاح قلبه، لتنكس رأسها وهي تعلم انه أبداً لن يرتاح حتى ينساها وكيف السبيل إلى نسيانها وقد هواها القلب ومن أكثر منها قد يدرك الهوى الذي ما ان يصيب القلب حتى يسكنه ولا يخرج منه حتى يتوقف القلب عن الخفقان.

كانت نهال تسكن في حضن أمها التي تساقطت دموعها غزيرة وهي تقول:
سامحيني يابنتي، غصب عني ياضنايا بعدك عني بس أعمل إيه حكم القوي.
قالت سعاد بحنق:
وليه مجيتيش معانا ياماما؟ ليه فضلتي قاعدة معاه؟ايه اللي يخليكي تقعدي مع راجل بيهينك ويجرحك؟ راجل بينتقم فيكي من واحدة رفضته وهانت رجولته زي مانفسه المريضة مصوراله.
وانتِ قعدتي مع أشرف ليه ياسعاد؟القسمة والنصيب يابنتي.

متقارنيش نفسك بيا ياماما، انا قعدت مع أشرف عشان خاطر تقي، عندي امل يتعدل عشانها. لكن احنا خلاص واحدة اتجوزت والتانية كان هيجوزها غصب عنها يبقى ليه لسة قاعدة معاه؟
عشان بتحبه يابنتي.
استداروا يطالعون الخالة جليلة التي جاءت للتو ووجدت الباب مفتوحاً لتسمع حديثهم، ابتسمت سعاد بترحاب قائلة:
اتفضلي ياخالتي واقفة ع الباب كدة ليه؟

دلفت جليلة فنكست سميرة وجهها بخجل حين طالعتها عيون جليلة العاتبة، التي ماان اقتربت من أختها قالت:
ساكتة ليه ياسميرة ماتردي على بنتك وقوليلها بحبه ياسعاد، بحبه لدرجة اني ضحيت بأختي عشانه، ودلوقتي بضحي ببناتي ولو طولت أضحى بنفسي هعملها لانه أغلى عندي من نفسي.
رفعت سميرة رأسها تواجه اختها قائلة:
وهو لما أحب جوزي عيب ولا حرام ياجليلة؟ ماانتِ حبيتي جوزك.

حبيته لإنه يستاهل، كان راجل بكل معنى الكلمة، لا في يوم جه عليه ولا جرح ابني بكلمة، لكن انتِ معمية باسم الحب، مش قادرة تشوفي انه بيإذيكي وبيإذي بناتك. الحب مبيإذيش ياسميرة ولا بيضعف بالعكس بيقوي.
بلاش كلام المدارس ده ياجليلة.
طب وكلام ربنا، مش ربنا قال في كتابه الكريم.

وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ? إِنَّ فِي ذَ?لِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ.
فين المودة فين الرحمة وفين السكن؟
نهضت سميرة تقول في عصبية:
انتِ عايزة ايه دلوقت؟ عايزة تخربينها وتقعدي على تلها.
طالعتها جليلة بعيون ثابتة بهما عتاب أرسل رعشة إلى قلب سميرة فارتجفت أوصالها حزنا واختها تقول:.

عايزاكِ تفوقي قبل فوات الأوان، لا انتِ ولا بناتك تستاهلوا اللي بيعملوا فيكم توفيق واللي آخرته زي ماانتِ شايفة، واحدة بتتكرر معاها حكايتك والتانية كان مصيرها هيكون أبشع لولا ستر ربنا.
ظهر الصراع على وجه سميرة قبل أن تقول بحنق:
انا سايبالكم الدنيا وماشية.
مشت باتجاه الباب فنادتها جليلة قائلة:
سميرة خدي بالك من نفسك يااختي. مبقالكيش غيرها.

توقفت سميرة للحظة متجمدة قبل أن تتابع سيرها بينما نظرت جليلة إلى نهال الباكية فأسرعت إلى حضنها، لتطالعهما سعاد بحزن ورُغما عنها نزلت دموعها رغم أنها أقسمت مراراً على الثبات وعدم ذرف الدموع.

طرقات على الباب ثم دلوف أحدهم، عرفته دون أن تلتفت إليه، خفقات قلبها المتسارعة أخبرتها أنه هو ثم رائحته المميزة التي انتشرت بالمكان وابتسامة السيدة كريمة الواسعة جعلوها توقن من أن من يقف خلفها الآن هو ماهر بدران، مالك قلبها الوحيد.
إزيك دلوقت ياماما؟ عاملة إيه؟
بخير ياحبيبي، مالك واقف كدة ليه. تعالي اقعد جنبي.
معلش مش هقدر، مستعجل لإني مسافر.
مسافر؟مسافر فين؟

قالتها كريمة عاقدة الحاجبين بينما صرخ بها قلب مروة ليقول هو بهدوء:
القاهرة، همضي عقد مع جمال الصايغ، يومين تلاتة بالكتير وهرجع.
وهو العقد مستاهل يومين تلاتة ياماهر؟
ها. لأ. بس ليا أصحاب هناك هقعد معاهم يومين عشان وحشوني.

هل افتقدت آصدقائك حقاً أم ترغب في الهرب ولملمة مشاعرك؟ تظن انك ان ابتعدت ستستطيعان تنساها، أفهمك ياصغيري وأرغب في إخبارك بأنك لن تستطيع النسيان أبداً فالفراق بين المحبين لا ينسيهم مشاعرهم بل يزيدها الحنين والشوق اشتعالاً.
انا فعلا إتأخرت، أشوف وشكم بخير.

اقترب مقبلاً يد والدته فربتت كريمة على راسه بحنان، تأملته مروة بحب ملأ عليها جوارحها وادمع مقلتيها، استقام يلقى نظرة عليها فأطرقت برأسها ارضاً على الفور ولكن ليس قبل أن يلمح مقلتيها الدامعتين فشعر بغصة في حلقه، مشي تجاه الباب قبل أن يتوقف قائلاً دون أن يلتفت:
ابقى سلمي على عليّة ياماما، مش موجودة في البيت ومبتردش على التليفون، الظاهر راحت النادي بدري.
حاضر ياابني.

غادر بينما ضمت مروة قبضتها يعتصر قلبها الحزن، فقد ذهب لوداع خطيبته بينما لم يكلف حتى نفسه وداعها وهي أمامه، لم تنظر إليه نعم، ولكنها كانت تنتظر منه أن. ، ان ماذا؟
يقترب منها ويجثوا جوارها يمسك يديها ويقول لها سأفتقدك بجنون حبيبتي. تباً لقلب سكنه الحب و آلمه العذاب وتباً لمستقبل تراه منذ الآن به غيم الضياع ومتاهة الألم وبحر من الأحزان.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة