قصص و روايات - روايات صعيدية :

رواية ذات الكتاب الأحمر للكاتبة شاهندة الفصل الثالث والعشرون

رواية ذات الكتاب الأحمر للكاتبة شاهندة الفصل الثالث والعشرون

رواية ذات الكتاب الأحمر للكاتبة شاهندة الفصل الثالث والعشرون

كانت تفرك يديها بتوتر تشعر بالحيرة والاضطراب، ماالذي حدث لها فأصبحت بين ليلة وضحاها تائهة في صراع بين ذاتها القديمة وذاتها الآن؟ولماذا أثرت فيها كلماته بهذا الشكل؟ عقدت حاجبيها بقوة، لقد استدعته إلى هنا عن طريق الهاتف تخبره أن يأتيها بأقصى سرعة، ربما هي فكرة غير صائبة فما الذي ستقوله له؟ انها اليوم ضائعة تماماً فلم يخطر ببالها سواه للحديث. عجيب أمرها حتى على نفسها، نهضت تأخذ حقيبتها وتنصرف معتذرة له عن موعدهما وما ان استدارت حتى وجدته أمامها يطالعها بعيون نفذت إلى أعماقها فارسلت إليها رعشة، تعلقت عيونها بخاصته فوجدته يقول بهدوء:.

كنتِ ماشية؟
أشاحت بعينيها عنه قائلة:
افتكرت ميعاد مهم، كنت لسة هتصل بيك واعتذرلك.
مال فمه باابتسامة ساخرة وهو يتقدم جالساً يقول:
مستنية ايه؟ يلا روحي عشان تلحقيه.
هو مين؟
الميعاد المهم. انتِ نسيتي؟
ليميل إلى الأمام عاقداً كفيه وهو يردف قائلاً:
مبتعرفيش تكدبي ياعليّة ودي ميزة متخسريهاش.
جلست تقول باضطراب:
انت عايز مني ايه يامراد؟
تراجع في مقعده قائلاً:.

عايزك ترجعي عليّة بتاعة زمان عشان عليّة اللي قدامي مش عاجباني.
مالي بس؟ ماانا كويسة اهو.

انتِ بتضحكي على نفسك ولا عليا، لو بجد شايفة انك كويسة مكنتيش جيتي النهاردة وقابلتيني، مستنية مني ايه؟ أسكت على حالك زي ماهر عشان خايف عليكِ من الانهيار، لأ مش هسكت لإني عارفك اكتر من ماهر. انتِ مش محتاجة ايد تتمسكي بيها عشان توصلي لبر أمان زي ايد صلاح زمان وايد ماهر دلوقت، أ تقدري لوحدك تعدي كل أزمة ومحنة في حياتك ولو محتاجة ايد فده عشان تشاركك قراراتك مش تكوني ضل ليها.
قالت بحنق وهي تنهض:.

انت أكيد اتجننت. ايه الكلام الفارغ اللي بتقوله ده؟
أمسك يدها قبل أن تغادر قائلاً:.

زمان كنا احنا التلاتة دايماً مع بعض. قريبين من بعض، وشفت اللي بتحاولي تدفنيه جواكِ. قوة بتحوليها لضعف وقلة حيلة لإنك فاكرة انهم كدة هيوصلوكي لقلب اللي انتِ عايزاه لكن بالعكس زهق منك وراح لغيرك، ولما فقتي من صدمتك حاولتي تكوني عكس نفسك وتظهري التحرر والقوة فبرضه زودتيها وفي الآخر هتخسري عارفة ليه؟ لأنك مش ضعيفة ومش قوية، انتِ مزيج مابين الاتنين، اتولد احساس جواكِ مش قادر أفهمه وهو ان طبيعتك مش هتعجب اللي قدامك بتحاولي تتلوني باللون اللي يناسبه مع انك لو أظهرتي طبيعتك هتتحبي من القلب.

نفضت يدها من يده قائلة:
تصدق انا غلطانة اني جيت وقابلتك، أنا مش عارفة جيت ليه أساساً.
لإنك حسيتي بمشاعري ناحيتك ونفسك تصدقيها، لإني الوحيد اللي انتِ عارفة انه شايفك من جوة وعجبني اللي شايفه كمان.
اتسعت عيناها قائلة:
انت بتقول ايه؟
تنهد قائلاً:.

بقول اللي خبيته في قلبي كتير عشان مخونش صاحبي مع اني حبيتك لكن هو محبكيش. بقول اللي أنتِ مش قادرة تعترفي بيه رغم انه واضح والدليل على كدة وجودك معايا بعد كلامي ماأثر فيكِ. انتِ نفسك تكوني معايا بس مش قادرة تتخلى عن فكرة ان قدرك تتجوزي ابن عمك واليوم اللي الفكرة دي هتروح من بالك هتشوفي مشاعرك على حقيقتها بس بتمنى مكونش وقتها يإست وبدأت ادور على حد يشاركني حياتي وينسيني مشاعري ناحيتك لاني بجد تعبت.

انا مش هقف دقيقة واحدة كمان أسمع فيها الكلام الفارغ ده، انا بحب ابن عمي ومبحبكش ولا يمكن هحبك.
غادرت بخطوات واسعة بينما يتابعها بعينيه وقد أطلت منهما شتى المشاعر التي أبرزها الحزن يقول بهمس:
قاومي مشاعرك قد ماتقدري ياعليّة بس في النهاية هتستسلمي وقت ماتحسيني بضيع من ايديكِ.

كانت جليلة ترفع قدح القهوة إلى شفتيها تتناول رشفة منه وهي تشاهد نهال تلعب السلم والثعبان مع تقي بينما جلست سعاد الي جوارها تشرب قهوتها وتتأملهما بدورها، اغمضت جليلة عيناها تتلذذ بالقهوة قبل أن تقول:
طول عمرك بتعملي فنجال قهوة يعدل الدماغ علطول ياسعاد.
بالهنا والشفا ياخالتي.
ترددت جليلة للحظة قبل أن تسأل:
أخبار جوزك إيه؟
ظهر الحزن على ملامح سعاد على الفور وهي تقول:.

منعرفش عنه حاجة من ساعة مادخل المصحة عشان يتعالج.
ربنا يرجعهولك بالسلامة ويهديه.
يارب.
لتردف بارتباك قائلة:
وأخبار محمد إيه؟
تنهدت الخالة قائلة:
بيحضر حاجته عشان يسافر.
وانتِ ياخالتي عاملة ايه بعد ماعرفت انه هيسافر؟
هعمل ايه بس يابنتي؟ مضطرة اقبل عشان خاطره، انتِ مشفتيش حاله بقى عامل ازاي، جايز لما يبعد حاله يتحسن ويبقى كويس.
قالت سعاد بألم:
أنا السبب ياخالتي، ياريتني مت قبل ما...

قاطعتها خالتها قائلة بلوعة:
بعيد الشر عنك يابنتي، ربنا يديكي العمر لأجل خاطر بنتك وخاطرنا، ده أنتِ الشمس اللي نورت عيلتنا، ربنا يسامحه أبوكِ هو السبب. لو كان آمن بالقسمة والنصيب مكنش ده بقى حالنا كلنا.
هزت سعاد رأسها قائلة بحزن:
ربنا يسامحه ويسامحني انا كمان لو مكنتش فضلت اقوله انت اخويا اللي مخلفتوش امي، لو كنت فهمت وقتها مشاعره ومشاعري كان اعترفلي بحبه واتغيرت حياتنا.
قطبت الخالة جبينها قائلة:.

لو كنتِ فهمتي مشاعرك، قصدك ايه يابنتي؟ انتِ..
قاطعتها قائلة:
ملوش لازمة الكلام ده دلوقتي، انتِ قلتيها بنفسك. كل شيء قسمة ونصيب وربنا يرضينا بقسمتنا ويوفقنا قادر ياكريم. هقوم اعملك فنجال قهوة تاني ياخالتي أصل الفنجال ده برد.
نهضت تتجه إلى المطبخ لتقول خالتها بحزن:.

انتِ طلعتي كمان بتحبيه يابنت أختي، آه من العذاب اللي انتوا عايشين، اصل مفيش أصعب من الفراق عن اللي بتحبوه واسألوني أنا. 15 سنة ولسة بشوفه جنبي وحوالية، لسة بشم ريحته وبسمع صوته. لسة معايا جوة قلبي وحضني وبفكر فيه في كل لحظة. شوقي ليه مخلي النوم مجافيني. الفراق بيزود الحب ويقيد نارها فربنا يعينكوا ياحبايبي على نارها.

طرقت الباب ثم دلفت إليه فوجدته يعتدل جالساً في السرير على وشك النهوض، أسرعت تضع الصينية جانباً وهي تقول:
انت رايح فين؟
كان يتحاشي النظر إليها قائلاً:
انا بقيت كويس و..
قاطعته قائلة:
مش معنى أن الحرارة نزلت وقدرت تشم نفسك يبقى تبذل مجهود المفروض ترتاح شوية. انت مكنتش حاسس بنفسك النهاردة الصبح.
بس انا دلوقتي احسن، مش لازم نضيع وقت، انا سمعت مامتك وهي بتكلمك وبتطلب منك نرجع.

اقتربت منه حتى أصبحت أمامه تماماً لتجثو على ركبتيها فتكون على مرمى بصره تقول بحنان:
ومسمعتنيش لما قلتلها انك تعبان واني مش هقدر أنزل مصر قبل ماأتأكد انك كويس وبخير.

طالع عيناها الجميلتين بقلب يإنّ لضمها إليه، بات جسده بالكامل يطالبه بها وكأنه لن يهدأ او يرتاح حتى ينالها، قربها الشديد منه في الأيام الأخيرة ومعاملتها الحانية تجاهه أيقظا فيه رغبته كحبيب يود ارتواءاً لمشاعره، قد يكتفى بغمرة او قبلة ولكنه سيخيفها وقد يؤذيها ان فقد السيطرة على مشاعره، لذا لابد وأن يبتعد عنها ويعودا إلى القاهرة فهناك قد تكون بأمان منه حتى يقضي الله أمره وتكون حلاله.
بتفكر في إيه؟

أشاح بوجهه عنها قائلاً:
في حبيبتي.
ظهر الألم في مقلتيها فنهضت ببطئ تقول:
وحشتك؟
هذا الألم في صوتها جعله يعود بعينيه إليها فرأي ملامحها عادية لا تحمل ماأمل ان يجده فيها، ليقول بهدوء:
اكيد وحشاني.
اتجهت إلى الطاولة وسحبت الصينية التي تحمل طبق الشوربة تناوله إياه وهي تقول:
يبقى لازم تتعافي عشان ترجعلها، اشرب الشوربة دي وبإذن الله تبقى كويس، ماهو مكنش ينفع تخرج بالليل من غير جاكت.

اخذ منها الصينية بيد مرتعشة كادت ان تفلتها فأسرعت تسندها، تلامست الأيدي وتلاقت العينان فتوقف الزمن واحتبست الأنفاس، ظهر ماخفي ووارته القلوب فاقتربت الوجوه حتى كادت الشفاه ان تتلامس، تراجع طاهر في اللحظة الأخيرة وهو ينظر إليها بحيرة، فشعرت بخجل يغمرها من شعر رأسها حتى أخمص قدميها، تركت له الصينية وغادرت على الفور، تذهب إلى حجرتها وتغلق الباب تسند رأسها إليه، تغمض عيناها وماحدث منذ قليل يتراءي أمامها لتضرب رأسها بخفة مراراً إلى الباب تقول بحنق:.

غبية. كان مرة لازم يرفضك عشان تتأكدي انه بيحب واحدة تانية غيرك. فضلتي تكرهي الرجالة وتقولي مستحيل هحب ولما حبيتي حبيتي واحد مرتبط. اشربي بقى ودوقي العذاب ياآيات. لأنك خلاص حبيتيه وده حب اتولد ومش هيموت في قلبك مهما حصل.
يعني أنتِ كنت عارفة؟
أكيد طبعاً المشاعر مبتستخباش ومحمد حبك من كل قلبه وكان باين في كل نظرة وكل اهتمام خصّك بيهم.
وإزاي انا كنت عامية بالشكل ده ومخدتش بالي؟

التعود ياسعاد، أنتِ اتعودت على وجوده في حياتك واهتمامه بيكِ حسيتيه اهتمام اخوي فاتعاملتي على الأساس ده، ولما كبرتي واتجوزتي وقدرتي تفهمي الفرق بين الأخ والحبيب، سديتي ودانك عن مشاعرك وكدبتي نفسك لأنك مش حابة تخسريه، لحد ماخلاص اتقالت بكل وضوح واللي انتِ خفتي منه حصل. خسرتيه وخسارته عندك أقوى من كل خسارة. وعشان كدة زعلانة ومقهورة وبتكلميني عشان اصبرك وتصبريني.

أصبرك. ليه يامروة ايه اللي حصل؟ مش آخر مرة كلمتك كنت عايشة في دنيا من الخيال.
الخيال قلب غم، مش قادرة اعيش وانا شايفاه من نصيب واحدة غيري، مش قادرة اتخيل ان قصتي معاه انتهت من قبل ماتبدأ. عارفة نفسي في ايه دلوقتي؟
نفسك في ايه؟
ارجع لمروة قبل ماتقابله. مروة اللي كانت عايشة مرتاحة البال، مبقتش عارفة أنام ولا اعيش من غير ماافكر فيه وأشتاق إليه وأتمناه. العذاب ده كتير قوي على قلبي.

أدرك جيدا ماتشعرين به. أراه يسري في دمي وأحشائي، اتمنى لو تغير القدر وكان من نصيبي ولكن تظل الأحلام بعيدة المنال على من كُتب عليه الفراق عن أحبته.
روحتي فين ياسعاد؟
معاكِ ياقلبي وحاسة بيكِ. ايه رأيك تيجي القاهرة مع صلاح زيارة سريعة. وأهو تبعدي عنه شوية؟
قالت مروة بحزن:
هو أصلاً مش موجود. سافر.
سافر فين؟
القاهرة. عنده شغل.
وحشك مش كدة؟

قوي ياسعاد وكأني بقالي عمر بحاله مشفتوش مع ان لسة ممرش ساعات على فراقه.
تفتقديه مثلما أفتقد محمد. كما نحن تعساء ياصغيرتي.
سعاد هي نهال عاملة ايه دلوقت؟
كويسة قوي. الحمد لله هترجع المدرسة من بكرة وتنتظم تاني فيها.
وباباكِ لسة ساكت؟
على الأغلب خايف من الناس اللي بعتهملي عمي رءوف وعشان كدة مبيتكلمش.

مش عارفة ليه مش مطمنة لسكوته ده. عموماً خدي بالك من نفسك ومن نهال وتقى. وانا في أقرب فرصة هظبط اموري وهجيلكم.
هنستناكِ. انتِ كمان خدي بالك من نفسك وحاولي تنسى واهو غيابه فرصة تساعدك على كدة.
بيقولوا الفراق بيزيد الاشتياق. ربنا يصبرني ويصبرك ياقلبي. أشوف وشك بخير.
تلاقي الخير ياروما. سلام ياحبيبتي.

أغلقت مروة الهاتف قبل أن تبحث في هاتفها عن أغنية تسللت إلى مسامعها فتنهدت وهي تضع الهاتف جانباً تسحب الوسادة وتترك كلمات المطربة تعبر عن احاسيسها في هذه اللحظة.
أنساك.! ده كلام.؟ أنساك.! يا سلام.!
أهو ده اللى مش ممكن أبداً. ولا أفكر فيه أبداً
ده مستحيل قلبي يميل ويحب يوم غيرك أبدا أبدا أبدا أهوده اللى مش ممكن أبدا
ولا ليله ولا يوم. أنا دقت النوم. ايام بعدك
كان قلبك فين؟ وحنانك فين؟ كان فين قلبك؟

أنا أنسى جفاك وعذابى معاك ما أنساش حبك
أنساك ده كلام انساك يا سلام
واحب تانى ليه وأعمل فى حبك إيه
ده مستحيل قلبى يميل ويحب يوم غيرك أبداً
أهو ده اللى مش ممكن أبداً
اقترب مسعود من أشرف يمنحه رداء ممرض وهو يقول:.

تلبس ده وتستني نص ساعة بالظبط وتخرج من الباب ده، هسيبهولك مفتوح، هتغطي وشك بالطاقية دي وتمشي طوالي. هتلاقي في آخر الطرقة سلمين يمين وشمال، انزل من السلم الشمال وامشي علطول لغاية ماتلاقي بوابة فاضية، أخرج منها وبإذن الله هتكون برة المستشفى دي، تقول لبنتك كل سنة وهي طيبة وترجع تاني. هي ساعة زمن او ساعتين بالكتير وهتتبدل الحراسة ونروح في داهية.
كان أشرف يرتدي لباس الممرض بينما يقول بابتسامة:.

متقلقش ياراجل ياطيب. هرجع قبل تبديل الحراسة والشيك اللي ادتهولك هاخده وهسلمك الفلوس بداله. كتر خيرك ساعدتني وقبلت الشيك ووثقت فيا ومش ممكن أضيع الثقة دي أو أضرك. ها. إيه رأيك كدة؟
تمام قوي. متنساش نص ساعة وتخرج. همشي انا بقى عشان ألحق أظبط أموري.
ما إن خرج مسعود حتى اتسعت ابتسامة أشرف ليقول بهمس منتصر:.

أما مغفل صحيح. محدش قالك قبل كدة لا تآمن لمدمن ولا تسلمله أمرك. أصله عبد لكيفه وهيطعنك أول ماتديله ضهرك.
وضع القبعة على رأسه يعد الدقائق بإنتظار انقضاء الساعة حتى يحصل على حريته ويعود لإدمان يسري في دمه وبات لديه يقين الآن من أنه لن يشفي منه أبداً.

كاد طاهر أن يغلق حقيبة السفر حين وقع بصره على هذه العلبة فمد يده وتناولها يفتحها ويطالع مابها. قلم على شكل ممثل أمريكي يشبهه في الملامح، تذكر هذا اليوم الذي كانا يتجولان فيها في قرية (ماتيرا) أجمل قرى إيطاليا بسبب كهوفها ومناظرها الطبيعية الرائعة ومنازلها المصفحة على التلال الي جانب شوارعها المرشوشة بالحصي والمتاحف الرائعة مما جعلها قبلة المنتجين لأفلام هوليود. وجعل ايضاً بعض السكان الأصليين ينتجون اقلاماً وأدوات مكتبية على أشكال الممثلين ويبيعونها للسياح، توقفت يومها آيات أمام إحدى هؤلاء الباعة وانتقت هذا القلم ثم منحته إياه قائلة:.

الممثل ده شبهك على فكرة. خلي القلم معاك هدية مني وكل ماتكتب فيه بعد ماتخلص تمثيليتنا هتلاقي نفسك بتفتكرني.
تأمل ملامحها بحب هامساً:
انتِ عايزانى افتكرك بقي؟غريبة. مش انتِ اللي قلتي في أول يوم شفتك فيه مش هلحق اعرفك كل الموضوع كان يوم وكل واحد يروح لحاله.
شاب ملامحها اضطراباً وهي تقول:
انت لسة فاكر، ميبقاش قلبك اسود بقى. احنا كلنا مع بعض عيش وملح وقضينا مع بعض وقت كبير. طبيعي اني هفتكرك وتفتكرني.

ماشي ياستي. طيب لما همسك القلم ده وأكتب بيه هفتكرك، لكن أنتِ هتفتكريني ازاي؟
كل ماهفتكر بابا هفتكرك، يعني تقريبا في كل وقت. لو عرفت بابا كنت فهمت قد ايه بتشبهو.

أغمض عيونه في تلك اللحظة، يتذكر احساسه وقتها، كم شعر بالذنب وتمني لو لم يقرأ مذكراتها. يعرف انه يتصرف بطبيعته التي تشبه أباها حقاً ولكن تصفحه لهذه الذكريات أوجد لديه احساس عميق بأنه يخدعها، ربما لو صارحها بالأمر سيرتاح. لماذا يخشى التصريح لها بالحقيقة وقد بات الآن يشعر بأنها تُكن له بعض المشاعر؟ تضعف تجاهه رغما عنها على مايبدو ورغم أنه يتألم لصدها ولكنه يدرك انه ان اقترب منها لن يتوقف حتى تصبح له. الي جانب أنه يود مصارحتها بكل شيء لإنه يريدها بكل ذرة في كيانه ويعلم انها تريده لذا عندما يعود لمصر سيعلنها صراحة.

أنتِ الفتاة التي أحب
اخفيت عنكِ هويتها حتى تؤمنين بالحب بعد ان كفرتي به
فبالله عليكِ لا تجوري على قلبي تلومينه بالخداع
فما كان هناك سبيل آخر سواه لأعيد لكِ إيمانك بالحب
انظري خلف الزيف ستجدين جوهر يسطع بداخله إسمك ويعكس صورتك.
انظري إلى قلبي ستجدينه قد وشم بحبك منذ أن رآكِ هناك في هذا المقهى تكتبين في هذا الكتاب الأحمر، تتلذذين بالقهوة والموسيقى وكأنك تشاركيني شغفي وما أحب.

وحين عرفتك أكثر أدركت أنك من حلمت بها طوال عمري، شريكة الروح وحبيبة الفؤاد لذا لن أتخلى عنكِ أبداً وسأحارب من أجلك كل شيء حتى ظنونك.

أعاد القلم إلى موضعه ثم أغلق الحقيبة وحملها إلى الخارج حيث تنتظره آيات التي أشاحت بعينيها عن عيونه، تتقدمه إلى السيارة، جلست جواره في صمت بينما يطوي الأرض إلى المطار يلقى عليها نظرة بين الحين والآخر ليجدها شاردة في الخارج متجهمة الملامح. ليدرك بوضوح ان مهمته ليست سهلة على الإطلاق ولكنه أهلاً لها.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة