قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية ذئاب لا تعرف الحب الجزء الثاني بقلم منال سالم الفصل السادس

رواية ذئاب لا تعرف الحب الجزء 2 بقلم منال سالم

رواية ذئاب لا تعرف الحب الجزء الثاني بقلم منال سالم الفصل السادس

في منزل أوس بمنطقة المعادي
عاصفة من المشاعر المذعورة إجتاحت كيان تقى في تلك اللحظة ..
تسمرت مرتعدة في مكانها وهي ترتجف بجسدها الضعيف، عجزت قدماها عن الهرب، فقط ظلت محدقة به، لا يطرف لها جفن .. ولا ترمش لها عين ...
تحرك أوس في إتجاهها بخطواته الواثقة، وإبتسامته الشامتة تظهر جلية على ثغره ..

نظرت حولها بذعر، بحثت عن أي مهرب لها منه، ولكنها وجدت نفسها شبه محاصرة ..
فخفق قلبها، وإضطرب صدرها، وتلاحقت أنفاسها اللاهثة ..
تشبثت هي بضلفة الدولاب بكف يدها المرتجف وكأنها درع يحميها، وإنكمشت بجسدها على نفسها، وضمت ذراعها الأخر إلى صدرها ظناً منها أنها تحمي نفسها.. ثم أغمضت عينيها حينما رأته واقفاً بجسده القوي أمامها ..

حدق هو بها بتلذذ عجيب، ثم مد يده وأسندها على كفها الممسك بجانب الضلفة.. ففتحت عينيها في فزع حقيقي، ونظرت مباشرة في عينيه الجامدتين، وإزدادت إرتعادتها حينما رأت بريق الشر الذي ينبعث منهما ..
حاولت أن تسحب يدها من أسفل كفه، ولكنه أطبق عليها بأصابعه الغليظة، ثم وضع أصابع كفه الأخر على فكها، وأطبق عليه .. ثم مال برأسه عليها، فجحظت عينيها أكثر، وكادت أن تخرجا من محجريهما من شدة الخوف ..
خرج صوتها مبحوحاً مكتوماً وهي تتوسل له ب:
-آآ... إبعد عني آآآ..
-لأ يا تقى
قالها هو بصرامة وعناد جلي في نبرة صوته ..

قرب وجهه من وجهها حتى أوشكا على التلامس، ثم قوس فمه قليلاً وهو يحدثها بصوت خافت ب:
-عاوزك تعرفي إن الخوف الحقيقي لسه مجاش وقته !
هزت رأسها بفزع، وزاغت عيناها من خوفها الزائد منه ..
-هاه .. آآآ...

إلتوى فمه أكثر ليظهر إبتسامته الوضيعة من بين أسنانه، ثم تعمد أن يتحسس وجنتها بأنفه، فأثار إشمئزازها وتأففها منه .. وأغمضت عينيها بإنزعاج وضغطت عليهما، وحاولت أن تبعد وجهها عنه، ولكنها كانت أسيرة كفه القوي .. فهتفت بتشنج ب:
-لأ .. آآ.. لأ
إزداد عنجهية ونشوة وهو يراها أسيرة قوته ..
وضعت تقى يدها الأخرى على كفه محاولة إبعاده عن فكها الذي أوشك على تهشيمه من فرط عنفه معها .. ولكنه أبى ألا يتركها إلا بإرادته ..

في منزل الجارة حكمت
تغنجت رحمة بجسدها أمام المرآة الموضوعة في غرفتها بعد أن إرتدت فستاناً شبه عاري من اللون الفيروزي يبرز مفاتنها بإغراء جلي ..
كما كان أيضاً عاري الكتفين، ويصل إلى فوق ركبتيها بمسافة كشفت عن غالبية ساقيها .. وظهره مكشوف بطريقة مثيرة ..
مشطت رحمة شعرها، وأسدلته بالكامل بعد أن جمعته معاً على جانب كتفها، ثم وضعت كلتا يديها في منتصف خصرها، وبدأت تتمايل بجسدها في دلال ..
إعتلى شفتيها - الملطختين بأحمر الشفاه المغري – إبتسامة ماكرة وهي تتأمل هيئتها الجديدة .. ثم حدثت نفسها بغرور ب:
-كلها شوية ويتفتحلي أبواب الشهرة والمجد

في نفس التوقيت إقتحمت والدتها " حكمت " الغرفة وهي تحمل في يدها ملابس متسخة، وتهتف بصوت عالي ب:
-بت يا رحمة في عندك هدوم آآآ...
تنبهت هي إلى شكل إبنتها الجديد، فإتسعت عينيها مصدومة، وفغرت فمها في ذهول، ثم سريعاً ما إستعادت رشدها، وسألتها بجدية:
-ايه ده ؟ إنتي جبتي الهدوم دي منين ؟

هزت رحمة خصرها بمياعة، ثم إلتفتت برأسها نصف إلتفاتة لتنظر إلى والدتها من طرف عينها، وأجابتها بحماس ب:
-إيه رأيك ؟ أنفع !
-تنفعي في إيه بالظبط
-هو أنا مقولتلكيش
كورت الملابس إلى صدرها، وسارت في إتجاهها إلى أن وقفت خلفها، ثم سألتها بجدية وهي قاطبة لجبينها:
-تقوليلي ايه ؟

إبتسمت إبتسامة فخر، وهزت كتفيها برشاقة، وأجابتها بثقة:
-أنا هاشتغل في نايت كلوب
-يعني ايه ده
-يعني كباريه يامه، كباريه

أرخت حكمت ذراعها، فسقطت الملابس على الأرضية، ثم لطمت على صدرها، وشهقت بفزع وهي تصرخ ب:
-نعم ! كباريه يا روح أمك ؟!
ببرود مستفز أجابتها هي قائلة:
-اه يامه، ماله الكباريه
-ماله، يعني مش عارفه إنه آآآ...

قاطعتها رحمة بحدة وهي تشيح بأصابع يدها:
-إنتي مش ليكي في الأخر تاخدي فلوس، أهوو أنا اتفتحت قدامي سكة للشهرة
حجدتها حكمت بنظرات قاتلة وهي تهتف ب:
-من الزفت ده يا رحمة !

وضعت هي يدها في منتصف خصرها، ثم رفعت رأسها في ترفع، وصاحت بنبرة عالية:
-أيوه، ما أنا مش هاقضيها كليبات واقعة، أنا عاوزة أبقى فوق، فوق أوي
أمسكتها حكمت من ذراعها، ثم هزتها بضيق وهي تنظر لها بغيظ، ونهرتها ب:
-يا بت بلاش السكة دي، شوفي أي حاجة غيرها

أزاحت يدها من قبضة والدتها، ثم أولتها ظهرها، وعقدت ساعديها أمام صدرها، وتابعت بعدم إكتراث:
-مافيش إلا دي يامه، أنا عاوزة أوصل بقى، وتعبت من كح التراب وإني أذل نفسي للي يسوى واللي مايسواش
وقفت حكمت خلفها، وبنبرة شبه متوجسة أردفت ب:
-أنا خايفة عليكي

إستدارت رحمة بجسدها، ونظرت لها شزراً قبل أن تنطق بتهكم صريح:
-طب خلي حد تاني غيرك يقول كده
ثم إتجهت ناحية باب الغرفة وتابعت بسخط:
-سبيني بقى أشوف حالي خليني أتنتع من القرف ده ...!
ولجت رحمة خارج الغرفة تاركة والدتها " حكمت " في حالة ذهول تام ..

في منزل تقى عوض الله
جلست فردوس على طرف الفراش بجوار زوجها وهي ممسكة بملعقة مليئة بالحساء الساخن وتطعمه إياه بحنية غير معهودة منها ..
تنهدت في حزن وهي تنظر إليه بتفرس متذكرة حبه اللا محدود لإبنتهما ..
أجفلت عينيها، وحدثته بخفوت ب:
-يا ريتني كنت زيك يا عوض، قلبي حنين وطيب وبيشيل جواه هموم وماينطقش، إنت كنت فعلاً عامل زي الجمل، تتحمل وماتشتكيش .. آآآه ..

أطعمته مرة أخرى ثم تابعت بحزن ب:
-ربنا يشفيك ويزيح عنك، وترجع تملى البيت بحسك !
ثم رفعت بصرها للسماء، وناجت ربها بتوسل ب:
-ويردك يا بنتي لحضني وحضن أبوكي تاني، ونتلم زي الأول مع بعض

حاول عوض التحدث من بين شفتيه المشققتين بصوت ضعيف ب:
-ت.. ت.. تقى !
جحظت عينيها بذهول بعد أن سمعته يلفظ بإسم إبنتهما، فشهقت في فرح ب:
-تقى، إنت .. إنت فاكرها ؟

نظر لها عوض بإستغراب، ثم سألها بصوت خافض ب:
-هاه .. مين ؟
-تقى بنتنا يا عوض، ده إنت لسه قايل إسمها، إيه مش فاكرها ؟ ركز يا راجل، دي بنتك الوحيدة اللي بتحبها ودايماً كنت بتحاميلها، ها إفتكرتها ؟
لم يجبها هو بل تمدد على الفراش، وحدق في سقفية الغرفة، وشرد في ملكوت أخر .. فتنهدت بإحباط، وأردفت ب:
-عليه العوض ومنه العوض .. يا عوض ...!

في منزل أوس بمنطقة المعادي
اقترب أوس من أذنها، وهمس فيها بنبرة تشبه الفحيح ب:
-مش بالساهل تبعدي عني، إنتي ليا وبس ...!
تعمد أوس أن يصر على أسنانه وهو ينطق بالعبارة الأخيرة ليؤكد لها أنها ملكية خاصة به،و لن يتركها ترحل عنه أبداً ..

ثم أرخى كفيه عنها، وتراجع خطوة للخلف، وحدجها بنظرات مطولة وجريئة ممرراً عينيه ببطء على كل جزء في جسدها، فشعرت بأنها عارية أمامه بالرغم من أنها لم تبدل ثياب المشفى ..
ولكن نظراته الجارحة كانت تخترقها بسهولة تامة، وكأنها تعرف الطريق إلى مفاتنها .. فضمت ساعديها إلى صدرها لتخبئه عن عينيه الوقحتين، وثنت ساقها قليلاً، ولفتها حول الساق الأخرى متكورة أكثر على حالها ..

حانت منه إلتفاتة صغيرة من رأسه لطرف الفراش ليرى الصحن المليء بالفاكهة، فأخذ نفساً عميقاً، وزفره على مهل، ثم وضع كلتا يديه في جيبي بنطاله، و إنتصب في وقفته، وإبتسم لها بغرور وهو يحدثها ببرود ب:
-واضح إنك لاقيتي كمان الأكل اللي جبتهولك في التلاجة

مط شفتيه في إعجاب زائف ثم تابع بغطرسة ب:
-كده مافيش داعي أوريكي الشقة، إنتي ناصحة وهاتتصرفي
صمت للحظة قبل أن يكمل محذراً:
-بس يا ريت شطارتك دي ما تخلكيش تعملي اللي تندمي عليه

لم تنطق هي بكلمة واحدة، فقد فرت الكلمات من على شفتيها، وظلت فقط محدقة فيه برعب .. هو ينجح دائماً في إرهابها .. في بث الذعر داخل روحها المعذبة .. وهي لم تكفْ للحظة عن المقاومة، عن الدفاع عن حالها أمام قسوته التي تزداد يوماً بعد يوم ...
رمقها بنظرات مطولة ومتفحصة دارسة لكل ما فيها، ثم شرع حديثه بجمود ب:
-استعدي للي جاي !

ثم استعد للولوج من الغرفة، ولكن إستدار مرة أخيرة ليكمل بتهكم:
- أه صحيح، معلش منظر الشقة مش أد كده .. بس إنتي موجودة تروقيها .. !
ثم رسم على ثغره إبتسامة وضيعة قبل أن يتابع بنبرة مهينة:
-ما هي دي شغلتك الأصلية، خدامة، يعني حاجة مش جديدة عليكي... !

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة