قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية ذئاب لا تعرف الحب الجزء الثاني بقلم منال سالم الفصل السادس عشر

رواية ذئاب لا تعرف الحب الجزء 2 بقلم منال سالم

رواية ذئاب لا تعرف الحب الجزء الثاني بقلم منال سالم الفصل السادس عشر

في منزل ممدوح الجديد،،،،
تجاهل ممدوح الإتصالات الهاتفية المتكررة لناريمان، ووضع الهاتف على وضعية الصامت، فشاغله الأكبر الآن هو التأكد من شكوكه ..
هو يعلم أن الإنخراط في الماضي سيفتح أبواباً من الحجيم، ولكن لا بديل عنه من أجل الوصول للحقيقة ..

فتح هو الضلفة الخاصة بخزانة ملابسه بعد أن وقف أمامها، وانحنى بجذعه للأسفل، وأخرج حقيبة جلدية سوداء .. ثم أسندها على الفراش، وجلس إلى جوارها ..
بلمسات خشنة تحسس تلك الحقيبة، ومسح على سطحها ببطء قبل أن يعبث بالقفل الخاص بها ليفتحها ..
أخذ نفساً عميقاً، وزفره على مهل، وبنظرات مترقبة بدأ يفحص محتواها ..
أمسك هو بعدة أوراق صفراء قديمة، وطرحها جانباً، وظل ينظر إلى الملفات الموضوعة أسفلها، إلى أن لمح مبتغاه .. فمد يده بحذر نحوه، ومن ثم سحب مظروفاً بالياً، وأغلق الحقيبة على ما فيها ..

زفر ممدوح مجدداً ذلك الهواء الثقيل المحبوس في صدره، وحدث نفسه قائلاً:
-استحالة تكون دي تهيؤات !
فتح المظروف وأخرج منه عدة صور فوتغرافية قديمة .. ثم بدأ في تفحصها واحدة تلو الأخرى إلى أن وقعت عيناه على الصورة المنشودة ..
فألقى بالبقية على الفراش، وظل محدقاً لبرهة بها ..
ارتسمت علامات الإندهاش الممزوجة بالخوف على تعابير وجهه ..
تلاحقت أنفاسه قليلاً وهو يرى صورتها المشابهة بدرجة مخيفة لها ..

نعم إنها زوجته تهاني في ثوب عرسها .. نسخة من ليان ..
ظل محدقاً بالصورة لعدة دقائق محاولاً إيجاد التفسير المنطقي لهذا التشابه العجيب:
-مش ممكن الشبه ده، مش معقول، في حاجة غايبة عني !
ابتلع ريقه بتوتر، وتابع بجدية واضحة ب:
-لازم أعرف الحقيقة، لأن ده .. ده معناه إن في إحتمال كبير إنها تكون .. تكون ...!
إتسعت مقلتيه في صدمة غير مستوعباً لتلك الفكرة التي عجز لسانه عن النطق بها ..

في منزل تقى عوض الله،،،،
صارعت تقى بذراعيها مجموعة من الذئاب الضارية التي تجمعت حولها لتفترسها ..
ركضت لمسافات بعيدة، ولكن تلك الذئاب باتت على وشك الإمساك بها ..
صرخت مستغيثة بوالدتها ناظرة لها بتوسل شديد:
-إلحقيني يا ماما .. هايموتني
رمقتها والدتها بنظرات مرتعدة، وحاولت التحرك من مكانها، ولكن كانت قدميها ملتصقتين بالأرضية ..
مدت يدها لتمسك بها، لكنها لم تصل إليها ..
فغرت فمها لتلبي ندائها .. ولكن كان صوتها مكتوماً ..

أدركت الحقيقة المفزعة .. هي بكماء .. فقدت القدرة على النطق ..
ركضت تقى في إتجاهها، ولكن كان هناك حائلاً زجاجياً يمنعها من الوصول إليها، فتوسلت لها ببكاء حارق ب:
-هاموت يا ماما، ماتسبنيش .. حوشيهم عني، ساعديني يا أمي !
لهثت فردوس بصعوبة بالغة وهي تحاول إزاحة قدميها، والتحدث لتجيبها ..
لكن دون جدوى .. عجزت عن فعل أي شيء لها
نظرت بذعر حينما رأت اقتراب الذئاب منها، لقد أوشكوا على نهش لحمها .. والنيل منها، فصرخت بفزع رهيب يصم الآذان قائلة:
-أمه ...!

نهضت فردوس من على الفراش وهي تصرخ بذعر غريب بعد أن رأت كابوساً مفزعاً قائلة:
-بنتي .. تقى !
تعالى صدرها اللاهث وهي تحاول ضبط أنفاسها المتلاحقة، ومسح عرقها المتصبب من معظم جسدها ..
نظرت إلى جوارها، فوجدت زوجها غافلاً ..
فتنهدت في يأس، وحدثت نفسها بحزن مرير ب:
-يا مين يجمعني بيكي تانية يا غالية ! آآآآآه .. يا حرقة قلبي عليكي !

أزاحت الملاءة من عليها، ونهضت من على الفراش، وولجت خارج الغرفة، وسارت في إتجاه المطبخ ..
ملأت كوباً معدنياً بالمياه الباردة، وإرتشفت منه البعض .. ثم تابعت حديثها الحزين ب:
-يا ترى فين أراضيكي يا حتة من قلبي ؟
أسندت الكوب في الحوض، وحدقت أمامها في الفراغ .. وتنهدت بمرارة ..
ظلت شادرة لبعض الوقت تسترجع في ذاكرتها ذلك الكابوس المزعج الذي أيقظها بفزع من نومها ..
ثم فكرت بصوت مسموع:
-أنا لازم أروح القصر ده تاني أسأل عليها، هي أكيد هناك، والراجل المفتري ده مخبيها، مش هاستنى حد يقولي أعمل ايه، أنا هادور عليها بنفسي !

في منزل أوس بمنطقة المعادي
تمدد أوس في المغطس لبرهة من الزمن وهو مغمض العينين، مرتخي العضلات، ساكن بدرجة غير معقولة ...
لا يعرف كم مر عليه من الوقت وهو على تلك الحالة المستكينة ..
ولكن شعوره بالإرتياح النفسي جعله يهدأ تماماً ..
تمطع بعضلات ذراعيه وهو ينهض عن المغطس، ثم لف خصره بمنشفة قطنية ووقف يتأمل حالة في المرآة ..

كانت قسمات وجهه تعكس الكثير عن حالته النفسية الحالية بالرغم من أثار الخدوش البادية على عنقه وأذنيه، وجانبي وجهه ..
فنظراته العميقة توحي بالكثير من الرضا عن حاله .. وإبتسامة إنتصار تطفو على ثغره ..
فهو إكتسب ثقة رهيبة في قدراته الجسمانية بعد أن تمكن من إخضاع تلك الساذجة لسيطرته ..
نظر لنفسه بزهو .. ولكن لم يدمْ الحال كثيراً، فطائف ذكرى ذلك المغتصب لم يكن يدعه لحاله ..
فصورته البغيضة تعود لتتجسد على المرآة وكأنها تسخر منه ..

سمع صوته من بعيد يقتحم حياته هامساً بإستهزاء:
-لا برافو، بتعرف تضرب، مممم.. عجبتني يا .. يا أوس !
تشنجت عضلات وجهه، وإهتز بعنف ..
جحظ بعينيه الصغيرتين المذعورتين وهو يرى إبتسامة ممدوح الماجنة أثناء اقترابه منه ..
إزدادت ضربات قلبه، وتسارعت حد الموت وهو يقيده ليراوده عن نفسه ليُسلي نفسه ويتمتع به بشذوذ مرعب ..
أجبر أوس نفسه على عدم التفكير فيما مضى، وضرب المرآة بقبضته، ثم كز على أسنانه مردفاً بإختناق:
ب:
-أنا أقوى منه، هو معدتش ليه وجود في حياتي، معدتش موجود !

كانت جاحظة العينين، محدقة بالحائط المواجه لها، فاقدة للإدراك الحسي والذهني ..
لم ترمش عينيها إلا لتزيح تلك العبرات العالقة بأهدابها ..
فقدت معنى الحياة بعد الذي صار معها ..
ولِما تشعر بها وقد فقدت عذريتها على يد ذئب لا يعرف الحب ؟
أغتيلت برائتها فقط لتلبية هواجس مريضة لدى شخص غير طبيعي ..

لم تخطيء في حقه ولم تحاول حتى الإقتراب منه أو الدخول في عالمه ..
بل إنها لم تتجرأ عليه إلا حينما أجبرتها الظروف على هذا ..
هي كانت تدافع عن أسرتها، تحميهم من بطش شخص متجبر ..
هي كانت تساند والدتها التي أرهقتها ظروف الحياة وأضنتها فتعرضت للظلم البائن، فأرادت نصرتها ..
إنهالت العبرات أكثر لتبلل وجنتيها وعنقها والوسادة، ولكنها لم تكنْ لتطفيء النيران المتأججة بصدرها ...
كانت متصلبة الذراعين بسبب تقييدها لساعات بمسند الفراش ..
ولكنها لم تتحرك أو تشتكي، ولما الشكوى وقد فقدت روحها بعد ما حدث ؟

خرج أوس من المرحاض وهو ملتف بالمنشفة و منتصب الجسد، وفروة رأسه تقطر ماءاً ..
نظر إليها بعدم إكتراث، ثم حدثها بفظاظة قائلاً:
-كانت ليلة صح ؟
لم تجبه بل ظلت صامتة، فتعجب من سكونها، فأراد أن يتسلى أكثر فتابع بوقاحة:
-لأحسن تكوني مش قادرة من ليلة امبارح !
إحتقن جسدها غضباً من كلماته المستفزة، ولكنها أثرت الصمت ..
إلتقط سيجارته الفاخرة، ولكنه لم يجد قداحته ليشعلها .. فنظر في إتجاه المرآة، فوجدها مسنودة هناك، فلوى فمه، ثم أشعلها بتلذذ بعد أن سلط عينيه على تقى..

مرر عينيه القاتمتين ببطء على جسدها - شبه المتعري - مستمعاً برؤية أثار قوته عليها .. ونفث بشراهة دخان سيجارته الكثيف ...
رأى رسغيها وهما مرفوعان للأعلى، فتذكر نسيانه لحل وثاق يديها، فدنا من الفراش بهدوء وبحركة إنحنائية عادية حل وثاق حزامه الجلدي من المسند ليرتخي ذراعيها للأسفل ..

تفاجيء بحالة الجمود المسيطرة عليها .. فجلس على طرف الفراش، ونظر لها بتمعن
مد يده نحو رسغيها المقيدين، ونزع عنهما حزامه الجلدي ..
فوجده قد طبع معالمه عليهما مكملاً حلقة تسليته .. ثم تركهما لتتأوه بصوت مكتوم وهي تضم ذراعيها إلى صدرها ..
نفث مجدداً دخان سيجارته، ثم مرر إصبعه على ظهرها العاري مصيباً إياها بالقشعريرة والتقزز معاً من لمسته المؤلمة عليها ..
تقوس فمه في إشتهاء وهو يأمرها ببرود:
-قومي يالا.

إنكمشت بجسدها، وحاولت أن تبتعد عنه .. لكن حالة الآلم الرهيبة المسيطرة عليها جعلتها عاجزة عن التحرك ..
نهض هو من جوارها، وأطفأ سيجارته في المنفضة الموضوعة على الكومود ..
ثم دقق النظر في الخدوش البادية على وجهه في إنعكاس صورته بالمرآة، ومن ثَمَّ عاود النظر إلى تقى، وحدجها بنظرات جافة وتابع بصوت جاد:
-متعودتش إن واحدة تعمل فيا كده .. بس منكرش إنك عجبتيني !
تحسس بأصابعه أثار الخدوش، ثم حدث نفسه بخفوت قائلاً:
-بيتهيألي في سبرتو جوا في الحمام !

ثم سار في إتجاه المرحاض، ودلف إلى الداخل بحثاً عن مطهرٍ ما..
أغمضت تقى عينيها لتمنح الفرصة الأخيرة لعبراتها لكي تنهمر رغماً عنها متجاوزة مناسك الآلم التي خاضتها قبل سويعات قلائل ..
ثم مسحت تلك العبرات الحارقة بكفيها، وأخذت نفساً عميقاً لتمنع حالها من البكاء المرير ..
وبخطوات حذرة حاولت النهوض من على الفراش
عضت على شفتيها السفلى وهي تقاوم الشعور بالآلم الجسدي ..

وقفت بصعوبة على ساقيها، وضمت ذراعها الأيسر إلى صدرها لتحول دون سقوط فستانها عنها ..
وحاولت أن تستند بذراعها الأخر على الكومود الملاصق للفراش ..
سارت ببطء شديد خطوتين للأمام محاولة الحفاظ على إتزانها ..
أشاحت بوجهها للجانب فرأت إنعكاس صورتها في المرآة
بقايا أنثى .. حُطام امرأة ..

تحولت المرآة أمام عينيها لشاشة سينمائية تعرض مقتطفات مما تعرضت له مع ذلك الذئب الوحشي حتى مطلع الفجر ..
إرتفع صدرها وهبط بسبب أنفاسها اللاهثة .. رأت على معصميها أثار تعذيبه جلية .. فإزدادت شهقاتها ..
لم تتحمل رؤية نفسها بتلك الصورة المقيتة .. فنظرت حولها بطريقة مريبة .. ولمحت تلك المزهرية الصغيرة على الطاولة، فهرولت نحوها، وقبضت عليها، ثم قذفتها بعنف في إتجاه المرآة لتحدث دوياً هائلاً قبل أن يتساقط الزجاج محطماً على الأرضية ..

كما إنتابتها حالة من الصراخ الهيستري، والتي على إثر كليهما ركض أوس خارج المرحاض قبل أن يكمل إرتداء ملابسه ..
نظر لها بإندهاش وهو مقطب الجبين وعابس الوجه .. ثم إلتفت ناحية المرآة ليراها محطمة تماماً ... فإزداد إنعقاد ما بين حاجبيه، وإستدار لينظر إليها بنظرات حانقة وهو يصيح فيها بصرامة:
-إنتي عملتي إيه ؟
صرت على أسنانها وهي تصرخ عالياً بعصبية:
-إنت مش بني آدم، مش بني آدم !

نظر لها بإستهزاء، ثم قهقه عالياً بطريقة مستفزة، وفجأة سكن تماماً، وتحولت ملامحه للجمود لينطق بصوت قاتم:
-أنا أوس الجندي مش أي حد ! أنا اللي بأخد حقي أول باول ومش بأسمح لمين يقف قصادي أو بس يفكر حتى يتحداني .. أنا اللي عرفت أخليكي تحت رجلي وواقفة كده قصادي، أنا اللي ملكتك وخليتك بتاعتي !
لم يغبْ عن عقلها للحظة ما فعله بها بطريقة وحشية لا رحمة فيها، فنظرت له بشراسة قبل أن تهجم عليه قائلة بإنفعال واضح:
-هاموتك زي ما دبحتني .. مش هاسيبك، هاموتك، هاتموت على إيدي..!

حاولت تقى أن تنال منه، وإنهالت عليه بقبضتيها الضعيفتين محاولة إلحاق الأذى به في صدره فلكمته عدة مرات فيه، ولكنه لم يتحرك قيد أنملة، ثم رفعتهما نحو وجهه لتخدشه بكل غل في وجنتيه ..
ولكن لم يؤثر به أي شيء مما تفعله .. فقد تمكن من الإمساك بها، وأحكم سيطرته عليها ولف ذراعيها ليقيدها بهما دون مجهود يذكر، ثم أدارها بخفة ليلتصق ظهرها بصدره، ومال على أذنها برأسه ليهمس لها بأنفاسه الحارقة التي تبغضها ب:
-واضح إنك عاوزة تعيدي ليلة امبارح، وأنا مش هاحرمك من ده، ما أنا برضوه هاشوف كيفك زي ما بتشوفيني !

-لألألألألأ
كانت تلك أخر صرخات لتقى قبل أن يلقي بها أوس على فراشه ليشل حركتها تماماً، ويتمكن منها ويثبتها بمهارة إعتادها، ومن ثم إغتصبها مجدداً بعنف غير مسبوق فقضى على أخر ما تبقى لديها من مقاومة ...!

في جناح العرائس بالفندق الشهير،،،
جفا النوم جفني ليان التي قضت ليلتها وهي تبكي بحسرة على حالها .. نظرت بإحتقار نحو عدي الذي يغط في نوم عميق وظلت تندب حظها البائس الذي جعلها تقبل به زوجاً يعوضها عما مضى ...
لم تتخيل أن تقع مرة أخرى فريسة سائغة في براثن شخص خدعها تحت شعار الحب النقي .. واستغل الظروف ليوقعها في شباكه ..
وهي كالغبية توهمت أنها وجدت من يعوضها عما حدث لها، ولم تنتبه لحقارة زوجها ..
لقد حذرها أوس منه من قبل، وهي لم تصغْ إليه .. بل أصرت عليه وكأنه الملاذ لها ..

هي هربت من واقع آليم إلى واقع أسوأ بكثير مما تخيلت ..
لقد بات لزاماً عليها أن تتقبل تلك الحقيقة المُرة ..
هي لن تتجرأ على البوح بما عرفته عنه لأي فرد من أسرتها حتى لا تثير شماتتهم وسخطهم .. فهي الوحيدة الملامة في النهاية على سوء إختيارها .. ولن يتمكن أحد تلك المرة من مساعدتها، فهي من جَنَت على نفسها
تثاءب عدي وهو يحاول فتح جفنيه الثقيلين، فوجد زوجته هائمة .. تضم ركبتيها إلى صدرها .. وجهها شاحب، ملامحها كالموتى ..

أغمض عينيه مرة أخرى، وتثاءب بصوت خشن، ثم مد كفه ناحية كتفها، وضربها بقوة .. فإنتبهت هي له، ورمقته بتلك النظرات النارية، فنظر لها بنصف عين، وهتف بصوت ناعس يحمل التهكم:
-صباحية مباركة يا .. يا عروسة
صرت على أسنانها وهي تجيبه بحنق:
-بتتريق حضرتك ؟!
اعتدل في نومته، وعقد ذراعيه خلف رأسه، وحدق بالسقف، ونظر لها من طرف عينه قبل أن يجيبها ببرود:
-أيوه .. أصلي بصراحة مبسوط من المقلب اللي شربتيه.

احتقنت عينيها أكثر من رده البارد، وسألته بصوت مختنق وهي تضربه في صدره بكف يدها:
-عملت فيا كده ليه ؟
أمسك عدي بمعصمها، وضغط عليه بقسوة جعلها تتأوه من الآلم، ثم قربه من فمه، وقبله بطريقة اشمئزت هي منه .. ثم جلس في الفراش ونظر له بحدة وهو يجيبها بنبرة تحمل التهديد:
-وهو أنا عملت حاجة أصلاً ؟
سحبت معصمها من قبضته، وفركته بغيظ، ثم نظرت له بإزدراء وهي تهته محتدة ب:
-انت .. إنت ضحكت عليا واستغليت اللي حصل ليا، واتجوزتني !

زم فمه للجانب وهو ينهض عن الفراش، ووقف يتمطع بذراعيه في الهواء، وإلتفت برأسه نصف إلتفاتة ليجيبها بهدوء مستفز:
-مش بالظبط، ما إنتي اتبسطتي مع السافل اللي قبلي !
حدجته بنظرات محتقنة وهي تنطق بصوت محتد:
-آآآه يا آآ...
قاطعها محذراً بغلظة وهو يرمقها بنظراته الغير مهتمة:
-إياكي تغلطي، فاهمة !
كزت على أسنانها أكثر، وظهر صوتها مهتاجاً وهي تصيح قائلة:
-أومال عاوز تفهمني إنك عملت ده كله عشان بتحبني ؟!

قهقه عدي بصوت عالياً مثيراً سخطها أكثر، وأجابها بجموح:
-حب، لأ طبعاً، أنا مش بتاع حب، أنا ممكن أكون معجب بالجمال الطبيعي، بالأنوثة المتفجرة، بالمسائل إياها، لكن معمريش حبيت حد إلا .. إلا اللي ما تتسمى طلقيتي، بس غارت في داهية، والحب مالوش مكان في حياتي !
ضيقت عينيها المتورمتين وهي تسأله بغضب:
-طب اتجوزتني ليه ؟

إبتسم لها إبتسامة صفراء برزت من خلف أسنانه وهو يغمز لها قائلاً:
-المصلحة يا بيبي !
لم تفهم مقصده، فهتفت بضيق:
-نعم ؟!
اقترب عدي منها، ووقف قبالتها ورمقها بنظرات مهينة .. ثم أردف بنبرة ساخطة:
-انتي كنتي محتاجني عشان أتستر على فضايحك الوسخة، وأنا كنت محتاجك عشان أداري على آآآآ... ما إنتي فاهمة بقى يا مدام !
كانت كلماته الأخيرة كعود الثقاب الذي أشعل فتيل غضبها، فصرخت فيه عالياً وهي تسبه ببشاعة:
-آآآه يا ****، يا آآآ..

أطبق بكف يده على فكها، ومنعها من إكمال سبابها، ونظر لها بشراسة وهو يحذرها قائلاً:
-أحسنلك تلمي لسانك ده بدل ما أندمك على كل كلمة هاتقوليها !
ثم دفعها للخلف بعنف، فإختل توازنها وسقطت على الفراش ..
حاولت ليان أن تلملم شتات نفسها وهددته بصوت مرتعد قائلة:
-مش خايف لأفضحك، وأقولهم عليك !
نظر لها بإستخفاف وهو يرفع حاجبه للأعلى متسائلاً بفضول:
-تقولي لمين بالظبط ؟
ضيقت عينيها بقسوة لتجيبه دون تردد ب:
-لأهلي !

مط ثغره للجانبين، ولوح لها بكف يده وهو يتابع بنبرة ساخرة:
-مممممم.. بجد ! طب إتفضلي .. وأظن انهم ماهيصدقوا ينقذوكي مني !
بادلته نظرات متحدية وهي تهتف عالياً ب:
-طب مش خايف من أوس ليعرف باللي .. باللي انت عملته !
هز كتفيه في عدم إكتراث، وأجابها ببرود واضح:
-لأ طبعاً، لأنه بنفسه عارف حقيقتي، وهو حذرك مني، بس انتي ركبتي دماغك ووافقتي عليا بالبلاوي بتاعتي كلها !

هنا أدركت ليان حجم الكارثة التي أوقعت نفسها فيها .. فلا مهرب الآن لها من مصيرها المحتوم ..
دفنت وجهها بين راحتي يديها وهي تصرخ بغضب:
-مكونتش أعرف، مكونتش أعرف !
حك عدي رأسه عدة مرات، وأكمل بصوت جاف:
-مش هاتفرق كتير تعرفي ولا لأ .. لأني اللي أنا عاوزه خلاص حصل، وعاوزك من هنا ورايح تعملي اللي هاقولك ايه
رفعت وجهها لتنظر له بعينيها الحمراوتين، وهتفت متحدية:
-إنت بتحلم !

جلس هو إلى جوارها على الفراش، ونظر لها بإستهزاء وهو يرد عليها بصرامة:
-لأ يا مدام، ده اللي هاتنفذيه بالحرف، وإتقي شري أحسنلك !
صرت على أسنانها وهي ترمقه بنظرات نارية، ثم هتفت بصوت مختنق:
-أنا بأكرهك .. بأكرهك
لوى فمه في عدم إكتراث، وأردف متهكماً:
-ومين قالك تحبيني أصلاً، ده حتى وحشة في حقي إن مزة زيك تحبني، أنا عاوزك كده كرهاني، وقرفانة مني !

في منزل ممدوح الجديد،،،،
ظل ممدوح يجوب غرفته ذهاباً وإياباً وهو ممسك بتلك الصورة الفوتغرافية القديمة لزوجته ..
لم يتوقف عقله للحظة عن التفكير في ليان، وظل يسأل نفسه بتوتر رهيب:
-مش معقول تكون هي، لأ .. أنا .. أنا مش مصدق، ده .. ده الشبه واحد، أنا .. أنا لازم أعرف الحقيقة
أسرع ناحية هاتفه الموضوع على الطاولة ليهاتف ناريمان، ولكنه توقف قبل أن يضغط على زر الإتصال، وتابع بجدية:
-ما هي أكيد مش هاتقول الحقيقة، ممكن تكدب، طب هاعمل ايه، دي نسخة من تهاني، وانا مش هاتوه عن مراتي !

إبتلع ريقه بعصبية وهو يجلس على طرف الفراش، وأكمل قائلاً:
-لازم أنفرد بناريمان وأسيطر عليها كويس .. أسرار مهاب معاها هي وبس، ووجوده الوقتي ممكن يخليها تخاف تقولي أي حاجة !
أخذ نفساً عميقاً، وزفره ببطء شديد ليسيطر على إنفعالاته قبل أن يتابع بنفس الصوت الجاد:
-إهدى يا ممدوح، وخد كل حاجة بالراحة وبالعقل عشان توصل للي إنت عاوزه !
ثم صمت للحظة وأضاف قائلاً:
-أه لو طلع الموضوع زي ما أنا شاكك، قسماً بالله هاندمك يا مهاب على كل حاجة واولها ابنك !

في منزل تقى عوض الله،،،،
أسندت فردوس صينية الطعام على الكومود المجاور لفراش زوجها، ومسدت على رأسه، ثم إنحنت لتقبله، وهمست له قائلة:
-أنا نازلة يا عوض !
ثم تنهدت في يأس بعد أن إعتدلت في وقفتها، وأردفت بخفوت:
-هاروح أشوف بنتنا تقى .. !
نظر لها عوض بنظرات زائغة، ولم ينبس بكلمة ..

لوت فمها للجانب، وتابعت بصوت حزين:
-الأكل جاهز، لو جوعت مد إيدك وكل .. أنا .. أنا مش هتأخر ..
تحركت بخطوات متثاقلة في إتجاه باب الغرفة، ورمقت زوجها بنظرات أخيرة، ثم قالت بنبرة تحمل التفاؤل:
-إدعيلي ربنا يعترني فيها .. قلبي بيقولي إنها موجودة هناك...!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة