قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية ذئاب لا تعرف الحب الجزء الثاني بقلم منال سالم الفصل الرابع

رواية ذئاب لا تعرف الحب الجزء 2 بقلم منال سالم

رواية ذئاب لا تعرف الحب الجزء الثاني بقلم منال سالم الفصل الرابع

في منزل أوس بمنطقة المعادي،،،،

تسمرت تقى في مكانها عقب عبارته الأخيرة، ولم تنطق ببنس كلمة، وظلت فقط محدقة به بنظرات خالية من الحياة ..
فكلماته كانت كالخناجر المسمومة التي تذبحها بلا رحمة ..
فهو يتفنن في كسرها بشتى الطرق، ولم يتوان للحظة عن إخضاعها.. فقط لأنها تحدته، و وقفت إلى جوار والدتها، ورفضت أن يطغى عليها ظلما، فتحملت هي النتائج بمفردها ...

تحرك أوس صوب باب منزله ذي اللون البني الداكن، ثم إستدار بجسده ليرمقها بنظرات شامتة وأخيرة قبل أن يمسك بمقبض الباب ويديره لينفتح ..
لوى فمه في سخط، ثم تحدث بصوت آجش وجاف ب:
-هاسيبك تعيشي اللحظة في مملكتي المتواضعة

ثم لوح بذراعه الأيمن في الهواء، وضحك بطريقة ساخرة ومصطنعة .. وولج للخارج وصفق الباب من خلفه بقوة ..

إنتفضت تقى فزعة، وضمت قبضتي يدها إلى صدرها في خوف بعد أن فغرت شفتيها من الصدمة ..
أغمضت عينيها لثوانٍ لتستوعب ما حدث، ولكنها سريعاً ما أعادت فتحهما حيث سمعت هي صوت المفتاح وهو يُدار من الخارج ليوصد الباب عليها، فتصبح بحق ( سجينته ) ...

ركض تقى في إتجاه الباب، ثم أمسكت بالمقبض، وحاولت فتحه، ولكن للأسف كان موصوداً عليها ..
شهقت في فزع، وهزت الباب بعنف لعلها تنجح في فتحه رغم تيقنها من أن محاولتها يائسة ..
إلتفتت بجسدها، وأسندت ظهرها على ذلك الباب الخشبي، ثم أجهشت بالبكاء المصحوب بالصراخ والعويل، وظلت تهز رأسها بصورة منفعلة ..
أغرقت الدموع وجنتيها، وتسربت إلى فمها، فتذوقت مرارتهم، وإنتحبت أكثر ..
لم تعد تتحمل هي الوقوف على قدميها، فإنهارت على الأرضية الرخامية، وضمت ركبتيها إلى صدرها، ودفنت وجهها بين راحتي يدها .. وتعالى صوت بكاؤها المرير..

ثم حدثت نفسها بصوت مختنق ومسموع ب:
-ليه كل ده بيحصلي ؟ اشمعنى أنا ؟! لييييه !

أبعدت راحتيها عن وجهها، ثم بدأت تطرق برأسها على الباب وهي تنتحب ..
ووضعت يديها على شعرها، وغرست أصابعها في خصلاته المتبعثرة والمتلبدة، وحركت رأسها بطريقة عشوائية بعد أن توقفت عن طرق الباب بها ..
إنتفخ أنفها وإزداد إحمرار وتورم عينيها .. ووجدت صعوبة في التنفس بسهولة، وجاهدت لتلتقط أنفاسها، ثم أغمضت عينيها، وبدى وجهها أكثر شحوباً عما مضى ..
تراخت عضلات ذراعيها أولاً، ثم لحق بها باقي جسدها، وإنفرج ثغرها .. ومالت بجسدها للجانب الأيسر .. وفقدت وعيها وهي قابعة في مكانها ..

بداخل سيارة أوس،،،،،

ركب أوس سيارته بعد أن رمق حارس البناية بنظراته النارية المعتادة، ثم أمسك بالمرآة الأمامية، وعَدل من وضعيتها، ونظر إلى نفسه بتفاخر فيها .. ثم رأى شبح الإبتسامة التي تطفو على ثغره، فشعر بنشوة الإنتصار .. ورغبة جامحة في الصعود إليها ورؤيتها ذليلة عاجزة عن فعل أي شيء ..
وضع يده على رأسه ليمرره على شعره الكث، ثم حدث نفسه بثقة ب:
-ماتخلقش لسه اللي يقف قصادك يا أوس !

أدار محرك السيارة، وإستعد للإنطلاق بها .. ولكن رن هاتفه المحمول، فمد يده بداخل جيب بنطاله ليخرجه، ثم نظر إلى اسم المتصل، فنفخ في ضيق، وتشنجت تعابير وجهه، ثم وضع الهاتف على أذنه بعد أن ضغط على زر الإيجاب، وأردف بنبرة جافة ب:
-خير

صرخ مهاب فيه بصوت غاضب ب:
-إنت فين ؟ أنا عاوزك حالاً
لوى فمه قليلاً، ثم سأله ببرود وهو يحدق في مرآة السيارة الجانبية ب:
-ليه ؟
خرج صوت أبيه عنيفاً منفعلاً وهو يهتف ب:
-يعني مش عارف اللي اختك هببته، والفضيحة اللي جلبتهالنا ؟!

أبعد أوس الهاتف عن أذنه، ونظر شزراً حوله، ثم أردف بتهكم بائن في نبرة صوته ب:
-مش الهانم حلت مشاكلها خلاص ؟ وجودي هايفرق في ايه ؟
إزداد إنفعاله، فصرخ فيه ب:
-إنت أخوها، ولازم يبقالك رأي !
إبتسم أوس ساخراً، ثم تابع حديثه بسخط وتهكم أشد ب:
-كفاية عليها إنك أبوها، وناريمان هانم أمها !
-إنت عاوز تجنني ؟!
قالها مهاب وهو يكز على أسنانه من شدة الغضب ..

زفر أوس بإنزعاج، ثم قطب جبينه، وأردف بصرامة ب:
-دكتور مهاب، أنا مش فاضي ورايا حاجات تانية أهم من جوازة ليان هانم بنت الحسب والنسب
إغتاظ مهاب من رد إبنه القاسي، فإشتعل حنقاً، وهتف بإهتياج حاد ب:
-ياخي خلي عندك دم، ده اللي هايتجوزها صاحبك !

لوى فمه في إستهجان، ثم أجابة بنبرة غير مبالية ب:
-مش فارقة، صاحبي من غيره، بنتك اللي اختارت حياتها، فتستحمل بقى .. سلام ...!
ألقى أوس بالهاتف بعصبية على ( تابلوه ) السيارة بعد أن أنهى المكالمة، ثم ضرب بقبضتيه على المقود، وصر على أسنانه، وحدث نفسه بإنفعال ب:
-تولع، هي طالعة زي أمها، وس** !
أدار مجدداً المحرك، ثم لف المقود بحركة دائرية بعد أن ضغط على دواسة البنزين لينطلق بسيارته بسرعة عالية ...

في منزل الجارة أم بطة،،،،

صاحت أم بطة عالياً في وجه بناتها الجالسات أمام التلفاز بعد أن أحضرت صحناً مليئاً بالخضراوات الطازجة لتقطعهم ب:
-فزي ( قومي ) منك ليها شوفوا كوم الغسيل اللي جوا، واغسلوها، وواحدة فيكم تتنحرر وتنضف الأطباق اللي بايتة في الحوض من إمبارح
-يوووه .. هو إحنا مش هانترحم بقى من الشقى بتاع كل يوم
قالتها إبنتها الصغرى بتذمر واضح وهي تنهض عن السجادة

رفعت أم بطة حاجبيها غاضبة، ثم سبتها وقالت بسخط واضح:
-داهية تاخدك إنتي والتحف اللي معاكي، يالا يا بت منك ليها، هو أنا خلفة عِلل

كانت إبنتها الكبرى بطة جالسة إلى جوارها على تلك الأريكة القديمة، ثم إلتفتت برأسها لها ..
في البداية نظرت لها مطولاً، وأجفلت عينيها للأسفل ترثي حالها، وحاولت أن تبدو هادئة أمام أخوتها، ولكن لا يمكن لأحد أن ينكر تعابير الحزن المرسومة عليها .. خاصة وأنها عروس جديدة، ومن المفترض أن تكون علامات السعادة والفرحة هي التي تطغى عليها ..
تنهدت بطة في آسى، ثم أردفت بنبرة شبه حزينة ب:
-ما بالراحة يامه على اخواتي

نظرت أم بطة لها بنظرات إستهجان، ثم لوت فمها في عدم إقتناع، وعنفتها ب:
-بلا وكسة، دول خلفة الندامة والشوم، مانيش ملاحقة من طلباتهم، إمتى يجي بس اللي يزيح همهم عن قلبي ..!
إحتقن وجهها بالدماء الغاضبة، ونظرت لوالدتها بإستنكار، وتسائلت بسخط واضح:
-بقى عاوزة ترميهم يامه زي ما رمتيني ؟!

رمقتها أم بطة بنظرات غير مبالية، ثم زمت فمها قليلاً، وأردفت بعدم إكتراث وهي تقطع الخضراوات ب:
-إتنيلي ! هو إنتي تعرفي حاجة
تشنجت بطة وهي تجيبها بحنق واضح ب:
-يامه ده أنا في غلب ما يعلم بيه إلا ربنا

نظرت لها والدتها من طرف عينها، ثم لكزتها في كتفها بكوعها، و هتفت بنبرة محتدة:
-إحمدي ربنا إني عرفت أسترك
لوت بطة شفتيها في تأفف، وردت عليها بصوت خافت ومتذمر:
-يا ريتك ما عرفتي يامه، يا ريتك !
ضيقت أم بطة عينيها فهي لم تستمع جيداً إلى ما قالته الأخيرة، ثم رفعت أحد حاجبيها في تعجب، و تسائلت بإهتمام:
-بتقولي إيه يا بت سمعيني ؟

أخرجت بطة تنهيدة حارة من صدرها، ثم أجابتها بصوت يائس وهي مجفلة لعينيها:
-بأقول يامه مش كنتي صبرتي شوية لحد ما أخلص الدبلون، وبعد كده كنت أتهبب أتجوز
لوحت أم بطة بالسكين في الهواء، وسلطت أنظارها على الخضراوات المقطعة، وإنتقت قطعة فاسدة، وألقتها على الأرضية، ثم أردفت بفتور:
-بلا دبلون بلا قرف، هناخد منه إيه يعني ؟
كزت بطة على أسنانها، و أجابتها بإنفعال وقسمات وجهها متشنجة للغاية ب:
-كنت هاخد حد انضف من اللي أنا متجوزاه

أسندت والدتها السكين بداخل الصحن، ثم ثنيت ساقها أسفلها، وإلتفتت بجسدها للجانب قليلاً، ورمقت إبنتها بنظرات جادة، ثم شرعت حديثها بحدة ب:
-يا بت أحمدي ربنا، هو حد لاقي رجالة يتجوزها اليومين دول !
لوت هي فمها للجانب في سخرية، و قالت بتهكم:
-مش أما يكون المحروس أصلاً راجل !

إرتسمت علامات الإستفهام والحيرة على وجه أم بطة، فأمسكت بذراع إبنتها، وسألتها بحدة ب:
-قصدك إيه يا بت ؟
أزاحت بطة ذراعها من قبضة والدتها، ثم تنهدت في إنهاك، وأردفت بقنوط وهي تصر على أسنانها:
-يامه .. ده .. ده مابيعرفش يعمل أي حاجة.
ضربتها والدتها في كتفها بخفة، وإعتدلت في جلستها، وأنزلت ساقها للأسفل، وقالت بنبرة عادية:
-إنتي اللي حمارة ومش عارفة تخدي جوزك تحت عبك

تشنجت بطة من ردود والدتها المستفزة، فهتفت بنبرة عالية ب:
-طوعي إيه بس، ده آآ..
قاطعتها والدتها بصوت جاد وهي تميل برأسها نحوها ب:
-ماهو لو تسمعي كلامي وتخلفي منه حتت عيل هاتبقي فرخة بكشك عنده !
ضيقت بطة حدقتيها، ونظرت لوالدتها بتمعن، وأردفت بإستخفاف:
-أخلف ؟
هزت أم بطة رأسها وهي ترد عليها بحماس زائد ب:
-اه ياختي، ده حتى المثل بيقولك اغلبيه بالعيال يغلبك بالمال

زمت إبنتها شفتيها بطريقة ساخطة، وضربت كفيها ببعضهما البعض، وتحدث بنبرة متحسرة ب:
-وأنا هاشوف خلفة منين يا حسرة، مش لما يعرف الأول !
اتسعت مقلتي والدتها في ذهول عقب العبارة الأخيرة، وفغرت شفتيها في إندهاش، وهتفت محتجة ب:
-هاه، يخربيتك، إيه الكلام اللي يخرب البيوت ده ؟!
نكست بطة رأسها في حزن، وتنهدت بمرارة، وقالت بنبرة آسفة:
-دي الحقيقة يامه

إزدادت حالة الذهول لدى والدتها، وتلاشت تعبيراتها الباردة، ولطمت على صدرها، وأردفت بخفوت وتحسر ب:
-حقيقة، يا نهار اسوح !
صمتت كلتاهما لثوانٍ، وساد هدوء مشحون بالكثير من المشاعر المتنوعة .. فبطة ترثي حالها البائس، وحظها النحس الذي جعل والدتها تلقي بها في براثن أحد أشباه الرجال ..
أما حال والدتها لا يسر على الإطلاق، فهي تخشى أن تطلب إبنتها الطلاق بسبب عجز زوجها، وبالتالي صبح عبئاً ثقيلاُ عليها، ولكن بلقب مطلقة .. وهي بالكاد تستطيع تدبر أحوال بناتها ...

نهضت أم بطة عن الأريكة القديمة، ثم أسندت صحن الطعام مكانها، وأمسكت برسغ إبنتها، وجذبتها بقوة، وهي تهتف بها بصرامة ب:
-طب قومي معايا أما نتكلم جوا بدل حد من اخواتك يسمعنا
زمت بطة شفتيها بتذمر، وقالت بإعتراض:
-بس يامه آآ...
نهرتها والدتها بحدة وهي تأمرها بصوت صارخ ب:
-قومي يا بت
إستسلمت بطة لأوامر والدتها، فالجدال معها لن يفيد، ولحقت بها وهي تتحدث بخفوت ب:
-طيب

ولجت كلتاهما إلى داخل غرفة نوم بطة، ثم أجلست أم بطة إبنتها على طرف الفراش بعد أن أزاحت الملابس المبعثرة من عليه .. وعادت لتوصد باب الغرفة عليهما حتى تضمن عدم إقتحام أي من بناتها للغرفة، أو التصنت عليهما ..

صمتت بطة ولم تبدأ الحديث وراقبت والدتها وهي تتصرف بغرابة ..
تحركت أم بطة في إتجاه إبنتها، ووقفت قبالتها، وسألتها بنبرة قوية وهي تحدجها بنظرات حادة ب:
-معناه ايه الكلام اللي قولتيه من شوية ؟

تنهدت بطة في يأس وأجفلت عينيها في حزن بائن بعد أن أشاحت بوجهها للجانب
غضبت والدتها من حالة الفتور البادية على إبنتها، فوضعت يدها على ذقنها، وأجبرتها على النظر إليها وهي تسألها مجدداً بصوت شبه محتد ب:
-يا بت إنطقي، معناته إيه كلامك اللي قولتيه برا ؟

وضعت بطة يدها على قبضة والدتها، وأزاحتها برفق عن فكها، ثم أجابتها بإمتعاض وهي تنظر لها بحزن دفين ب:
-يامه ما الكلام مبين نفسه، مش محتاجة قوالة
ارتسمت علامات الخوف المصحوبة بالإندهاش على وجهها، وأردفت بتوجس ب:
-قصدك إنه آآآ..

لوت بطة فمها في سخط، وقالت مقاطعة على مضض:
-اه بالظبط يامه
لطمت والدتها على وجنتيها، وجحظت بعينيها في ذعر، وتابعت بصدمة:
-يادي النصيبة السودة
ضمت بطة ذراعها إلى صدرها، وأسندت طرف ذقنها على ذراعها الأخر، ونظرت للأسفل في حزن، وأردفت بتذمر:
-شوفتي بختي الأسود، أديني لا طولت بلح الشام ولا عنب اليمن

حدجتها أم بطة بنظرات ساخطة قبل أن تصرخ فيها بإهتياج:
-فقرية من يومك
إغتاظت بطة من تحميلها اللوم في تلك المسألة، فنهضت عن الفراش، وصرخت محتجة وهي تشيح بيدها في الهواء ب:
-مش لو كنت استنيت شوية وما اتجوزتش البني آدم ده كان آآآ...
صاحت والدتها مقاطعة بصرامة ب:
-اخرسي يا بت، إنت هاتعلي صوتك، ده نصيبك، إرضي بيه

كزت على أسنانها من الغيظ، وإحتقنت عينيها وإكتسيتا بحمرة الغضب، وصرخت متشنجة ب:
-حتى في دي كمان، ايه مش من حقي أشتكي
إبتعدت عنها والدتها، وأولتها ظهرها، ثم أمرتها بصوت صارم ب:
-لا تشتكي ولا تقولي حاجة، إكفي على الخبر ماجور
ثم زمت شفتيها في إستهجان، وحدثت نفسها بخفوت ب:
-أل جت الحزينة تفرح مالقتلهاش مطرح ...!

في مقهى ما شعبي،،،

تحرك العامل – ذو الملابس القديمة – وهو يحمل الصينية الممتلئة بأقداح الشاي الساخنة في إتجاه إحدى الطاولات الخشبية الصغيرة، ثم إنحنى بحذر بجذعه للأمام، ومد يده ليتناول الأقداح وأسندها عليها، ثم صاح بصوت عالي ب:
-شاي في الخمسينة يا بهوات
مد أحد الشباب ذوي الملامح الجامدة والبشرة السمراء يده ليمسك بقدحه، وقال بنبرة عادية:
-اشرب شايك يا أبو حميد قبل ما يبرد
نظر له حارس الأمن السابق ( أحمد ) بنظرات حادة قبل أن يجيبه بصوت آجش ب:
-شوية كده

صر أحمد على أسنانه في غل وهو يتذكر الإهانة المريرة التي تعرض لها على يد رب عمله السابق، وكيف دفعه إهتمامه بتلك الجميلة البريئة إلى الإعتداء عليه بالضرب الوحشي حتى كاد يفقد روحه لولا العناية الإلهية .. كور قبضته في غضب، وظل محدقاً أمامه لبرهة ..
لم ينسْ بسهولة ما مر به .. فقد قضى الفترة الماضية طريح الفراش، لا يقدر حتى على الدخول بمفرده للمرحاض ..

كم كان يعاني بحق إلى أن استرد صحته، وتمكن من الوقوف على قدميه مجدداً ..
أما عن تقى، الفتاة التي خطفت لُبه وقلبه وشغلت تفكيره لأيام طوال، فهو لم يعرف عنها أي شيء، و لم يرغب في أن تراه وهو في تلك الحالة المزرية ..
أراد أن يستعيد عافيته أولاً، ثم يذهب للإطمئنان عليها، ومن ثم رد الصاع صاعين لهذا الأوس البري ..

نظر له شاب أخر بنظرات حائرة بعد أن طال صمته، وسأله مستفهماً ب:
-إنت برضوه لسه موضوع إنك تنتقم من البيه ده في دماغك ؟
كور حارس الأمن أحمد قبضة يده في غضب، وأجابه بصوت حانق:
-هو أنا نسيته أصلاً
وضع الشاب الأول يده على ظهره، فإنتبه أحمد له، ونظر له بنظرات فارغة، فأردف الشاب الأول محذراً ب:
-يا عم أحمد شوف حالك، إنت مش ناقص بلاوي، ده راجل قادر وفاجر

ضيق أحمد عينيه في توعد، وصاح غاضباً ب:
-حتى لو كان إيه، النار اللي جوايا مش هاتبرد إلا لما أنتقم منه
هز الشاب الثاني رأسه في يأس، وهتف بنبرة جادة ب:
-لا حول ولا قوة إلا بالله، يا سيدي راعي لقمة عيشك، وركز في آآآ...
قاطعه أحمد بصوت حازم ب:
-مش هاركز غير في إني أخد بتاري منه وبسسسسس !

سأله الشاب الأول بفضول ب:
-طب هاتعمل ايه ؟
حدق أحمد أمامه في نقطة ما بالفراغ، وبصوت خشن أجابه ب:
-أنا فكرت في حاجة كده، لو ظبطت يبقى مية مية
-اللي هي ايه بالظبط ؟
لمعت عيناه ببريق شيطاني، ثم قال متوعداً ب:
-أنا..!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة