قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية ذئاب لا تعرف الحب الجزء الثاني بقلم منال سالم الفصل الرابع والعشرون

رواية ذئاب لا تعرف الحب الجزء 2 بقلم منال سالم

رواية ذئاب لا تعرف الحب الجزء الثاني بقلم منال سالم الفصل الرابع والعشرون

في منزل ممدوح
تأوهت ناريمان بإستمتاع عجيب وأصابع يدي ممدوح تدلك كتفيها العاريين وهي ممددة على الفراش، و نصف جسدها ملتف فقط بملاءة صغيرة..
نظر لها بحنق شديد وهو يحاول التحكم في أعصابه من أجل الوصول إلى الحقيقة.. وضغط على عظامها برفق، ثم تسائل بخفوت:
-مبسوطة يا نارو ؟

أغمضت عينيها وهي تسند رأسها على مرفقيها، وأجابته بصوت شبه خافت:
-آه يا حبيبي!
تنهدت في إرهاق قبل أن تكمل بنبرة منزعجة:
-إنت مش عارف أنا أد ايه تعبانة، وكنت محتاجة المساج ده أوي، الضغط كتير أوي عليا!
إنحنى بجسده عليها، وقبل رأسها، ثم همس في أذنها بمكر:
-هانت يا حبيبتي، كلها شوية، وهانرتاح كلنا
-أها
ثم نزل بيديه على أسفل جسدها ليداعبها ويلهب مشاعرها أكثر، فإستجابت لرغباتها، وإنساقت وراء الملذات المحرمة مع عشيقها..

في مشفى الجندي الخاص
جلست عفاف على المقعد المعدني المواجه لمكتب الإستقبال، وظلت تدعو الله في نفسها أن يرفق بتقى ويهون عليها..
فركت أصابع يديها في توتر، وظلت تراقب المتواجدين بنظرات شبه زائغة..
مر ببالها نظرات أوس المتوعدة لتلك البائسة وهي تزف إليه.. فإبتلعت غصة في حلقها لأنها وقفت عاجزة ولم تمنعه عن التمادي معها .
لم تقاوم عبرات الخزي حينما إنهمرت من مقلتيها، فهي تستحق اللوم والمحاسبة بسبب صمتها عن بطش أوس، وخوفها من خسارة عملها في مقابل خسارة فتاة بريئة كتقى لحياتها..

أخرجت تنهيدة حارقة من صدرها وهي تهمس ب:
-آآآه لو كنت أعرف، آآآآه..!
شعرت عفاف بإهتزازة خفيفة في حقيبتها، فإنتبهت لها، ومدت يدها بداخلها، ثم إلتقطت هاتفها المحمول، ونظرت إلى شاشته لتقرأ إسم المتصل..
تنهدت في تعب وهي تحدث نفسها قائلة:
-أحمد! وده عاوز إيه ؟!
وبنبرة حزينة ردت على إتصاله الهاتفي:
-أيوه يا أحمد!
بادلها السؤال بصوت جاد وشبه هاديء ب:
-ازيك يا مدام عفاف، أخبارك ايه ؟

أجابته بنبرة منكسرة وهي مطرقة لرأسها، وتعبث باليد الأخرى في أشطرة حقيبتها:
-الحمدلله
تردد أحمد في سؤالها مباشرة عن أحوال تقى، فحاول أن يختلق عذراً واهياً.. لذا أردف بهدوء حذر ب:
-أنا قولت أطمن عليكي
ردت قائلة بصوتها المختنق:
-كتر خيرك يا بني
لم ينكر أحمد أنه استشعر نبرة الحزن في صوتها، وإزداد خفقان قلبه من حدوث الأبشع لمحبوبته، لذا إستجمع شجاعته وسألها دون تردد ب:
-مالك ؟ أنا حاسس إن في حاجة مضيقاكي يا مدام عفاف، قوليلي، وأنا موجود!
أجابته بإقتضاب وهي تضع إصبعها على فتحتي أنفها:
-لأ.. أبداً.

زفر في ضيق لأنه لم يجد الرد الشافي لقلبه الملتاع، فهتف بإصرار:
-ماتكسفيش مني يا مدام عفاف، ده أنا زي أخوكي الصغير، ولو في حاجة آآآآ...
لم تصغ عفاف إلى بقية جملته، فقد فكرت لبرهة في الإستعانة به، فهو الوحيد الذي أوصل تقى من قبل إلى أهلها حينما كانت عاجزة عن السير، وبالتالي ربما يساعدها في الوصول إليهم وطمأنتهم عليها، فربما يقتلهم الشوق لمعرفة أي خبر عنها.. وهي تخشى أن تفقد تلك المسكينة حياتها دون أن يعرفوا أي شيء عنها..
نعم.. هي تود أن تساعدها، ولكنها تخشى أن تسوء الأمور، لذا أردفت بحذر ب:
-أحمد!

شعر من نبرة صوتها الأخيرة بأن هناك بارقة أمل في معرفة أخبار تقى، لذا هتف بحماس:
-ايوه يا مدام عفاف
أخذت هي نفساً عميقاً، وزفرته على مهل وهي تسأله بتأني:
-إنت.. إنت تعرف بيت أهل تقى ؟
إنتبهت حواسه بالكامل لها، وتسارعت دقات قلبه، ونفخ لأكثر من مرة ليسيطر على إنفعالاته، ثم سألها بإهتمام جلي:
-أيوه، ليه ؟
ترددت وهي تجيبه بصوت متقطع ب:
-أصل.. أصل..آآآآ

سألها بلهفة واضحة في نبرة صوته وهو يضع يده الأخرى على رأسه ضاغطاً عليها بقوة محاولاً التقليل من تدفق الدماء إليها:
-في حاجة حصلتلها ؟
تنهدت بحزن وأردفت بنبرة مريرة:
-أنا.. أنا مش عارفة أقولك ايه، بس لو تقدر توصلهم عرفني
إنقبض قلبه أكثر، وتوترت حركة عينيه، وسألها بخوف:
-أه اقدر، بس ليه ؟
مطت شفتيها وهي ترد عليه بحذر:
-يعني آآآ..

قاطعها بصوت جاد وقد فقد التحكم في أعصابه:
-مدام عفاف إنتي كده بتقلقيني عليها، طمنيني الله يكرمك، مالها تقى ؟
أغمضت عينيها لوهلة، فقد شعرت أنها تسرعت حينما طلبت مساعدته، فربما يتهور ويفعل ما لا يُحمد عقباه..
فتحت عينيها وردت عليه بتنهيدة حزينة:
-بص أنا مش هاقدر أقول حاجة، لكن لو تعرف تطمن أهلها عليها يبقى كتر خيرك
إنتفض أحمد في مكانه، وصاح منفعلاً ب:
-مدام عفاف انتي بتكدبي، في حاجة حصلت لتقى، وإنتي مش عاوزة تقولي.

صمتت ولم تجبه، فإزدادت شكوكه، وهتف بضيق:
-ردي عليا، هي حصلها حاجة ؟ ماتسبنيش كده يا مدام عفاف
أدركت هي خطئها، وعاتبت نفسها لأنها أجابت عليه من البداية، فزفرت في إرهاق، وتوسلت له بهدوء:
-لو سمحت إهدى
إنفجر غاضباً وهو يصرخ في الهاتف:
-لأ.. أنا مش هاهدى إلا لما تقوليلي.

لوت هي فمها للجانب، وأبعدت الهاتف عن أذنها، ثم أخذت نفساً عميقاً، وزفرته على عجالة، وتابعت بصوت حاسم:
-من فضلك يا أحمد ماتضغطش عليا لأني مش هاقول حاجة، بس كل اللي أقدر أقولهولك ادعيلها، وطمن أهلها عليها!
تشنجت ملامح وجهه بعد عبارتها الأخيرة، وهتف بصوت محتد:
-معناه إيه الكلام ده ؟
ردت عليه بإيجاز:
-أنا مضطرية أقفل، مع السلامة
صرخ بإهتياج متوسلاً إياها ب:
-استني يا مدام عفاف، استني، ألووو.. ألوووو!

كانت تلك أخر كلمات صارخة قد إستمعت لها عفاف قبل أن تغلق الهاتف تماماً..
كتمت أنينها وهي تبرر ل نفسها موقفها، فقالت:
-كده أحسن، مافيش داعي أخلي الموضوع يكبر
ثم سلطت أنظارها على موظفة الإستقبال التي أشارت لها بيدها لتنتفض هي من على المقعد وتركض في إتجاهها..
وقفت أمامها وسألتها بخوف:
-ها يا بنتي ؟

أسندت الموظفة سماعة الهاتف الأرضي، ونظرت لها بثبات وهي تجيبها بجدية:
-بصي أنا إتكلمت مع مدير المستشفى
-ها، وبعدين ؟
-الزيارة ممنوعة تماماً لأوس باشاً، لكن البنت التانية مافيش كلام عليها!
لمعت عينيها ببريق من الأمل وهي تسألها بتلهف:
-يعني أقدر أشوفها ؟
أجابتها الموظفة بفتور ب:
-هي في العناية المركزة، بس ممكن تبصي عليها من برا.

تنهدت بإرتياح، وأومأت برأسها وهي ترد عليها قائلة:
-ماشي.. المهم أشوفها
أشارت لها الموظفة بإصبعها قبل أن تنطق بنبرة جادة:
-أوكي.. لحظة وهابعت معاكي حد يوديكي
إستدارت عفاف برأسها للخلف، وهتفت بحماس:
-دليني وأنا أروح لوحدي، ماتتعبيش نفسك.

هزت رأسها نافية وهي تجيبها بإصرار:
-لأ مش هاينفع، انتي لو هاتشوفي البنت هيرافقك واحد، لكن المدير منبه إنه مش عاوز حد يزور أوس باشا، ولأن حضرتك تعرفي الاتنين، فهيبعت معاكي حد عشان يتأكد من كلامه
مطت فمها للأمام متذمرة بسبب هذا القرار العجيب، فلماذا تحتاج إلى مرافق وهي لن تسبب الأذى لكليهما.. فقلبها متلهف للإطمئنان على حال تقى قبل أوس لأنها مدركة للمآسي التي وقعت بها..
، ورغم هذا أردفت بإستسلام:
-طيب

إنتاب أحمد حالة من الهياج العصبي وهو يحاول الإتصال بالمدبرة عفاف مراراً وتكراراً، ولكن للأسف كان هاتفها مغلقاً..
ركل بقدمه الأرض، وصاح بعنف:
-هوصلها برضوه يا عفاف، مهما خبيتي عني
فرك وجهه بكلتا يديه، ونفخ في حنق.. ثم غمغم قائلاً:
-طب أعمل ايه، هي هاتكون فين بالظبط ؟
إحتقنت عينيه أكثر وصارتا حمراوتين، وصر على أسنانه قائلاً بغل:
-الزفت في المستشفى بتاعه، طب هايكون سابها فين ؟ ماهو مش معقول هايفضل مخبيها..

نفخ في يأس، وتابع بإحباط:
-طب هي عفاف قالت أطمن أهلها عليها، وادعيلها، يبقى اكيد عارفة مكانها، بس مش عاوزة أتقول.. وجمال قالي إنها راحت المستشفى عند المخفي ده
جحظت عينيه فجأة، وبرقت بلمعان عجيب وهو يهتف بصدمة:
-تقى معاه في المستشفى! هي أكيد هناك
كور قبضة يده وضرب بها كفه الأخر، ودار حول نفسه مغتاظاً وهو يفكر في طريقة للوصول إليها.

حدث نفسه بصوت مسموع قائلاً:
-عشان أعرف أروح هناك لازم يبقى معايا حد من عيلتها، أنا لوحدي مش هاعرف أوصلها، أيوه، مافيش قدامي إلا أمها!
إبتلع ريقه ليستأنف حديثه بتوعد وإصرار:
-الولية هاتموت وتعرف حاجة عن بنتها، وأنا هوصل لتقى عن طريقها، وهوريك يا باشا أحمد الغلبان ده إزاي هايقدر ياخدها منك!
ثم ركض في إتجاه الطريق الرئيسي، وأشار لإحدى سيارات الأجرة وهو يهتف بصوت مرتفع:
-تاكسي!

في مشفى الجندي الخاص
سارت المدبرة عفاف - وهي تضم حقيبتها إلى صدرها - بصحبة أحد الممرضين نحو المصعد، ثم استقله كليهما ليصلا إلى الطابق العلوي حيث توجد غرف العناية المركزة..
كان قلبها يخفق بشدة وهي تتخيل الأسوأ.. حاولت أن تبدو متماسكة أمام ذلك الغريب، فهي الوحيدة التي تعرف ما الذي حدث ومن المتسبب لها في هذا الجرح الذي لن يلتئم أبداً..

أشار لها الممرض بكف يده وهو يتحدث بنبرة رسمية:
-الأوضة اللي هناك يا مدام
هزت رأسها قليلاً، وهي تجيبه بخوف:
-شكراً..
سارت بخطوات متعثرة نحو الغرفة المُشار إليها، وتنفست بصعوبة وهي تصغي إلى ذلك الصوت المشترك بين كل الغرف – ذبذبات جهاز ضربات القلب – والذي جعل دقات قلبها تتسارع مع تلك الأصوات..
ظلت تدعو الله في نفسها ألا يجعل المصاب جللاً..

إبتلعت ريقها بصعوبة شديدة وهي تنظر في إتجاه الحائط الزجاجي حيث غرفة تقى..
شهقت على الفور حينما رأتها ممددة من خلف الزجاج، ومثبت بجسدها الهزيل الأجهزة الطبية، ووضعت كلتا يديها على فمها
بدى الذعر تعبير أساسي من تعبيرات وجهها الشاحب
كما ظلت تهز رأسها في رفض واضح لما حدث، وإستنكار تام لتلك الجريمة الشنعاء في حقها، حتى وإن كانت تحت مسمى الزواج، فيظل الإغتصاب إغتصاب..
ذرفت عبرات الحسرة والأسف عليها، فهي كإبنتها التي لم تلدها..

ومر ببالها ذكرى رؤيتها لأول مرة في قصر الجندي.. هي كانت تعاني منذ وطأت قدميها ذلك المكان إلى أن إنتهى بها المطاف جسد ممدد لا روح فيه..
أبعدت يديها على فمها، وأسندتها على الحائط الزجاجي، وإنتحبت وهي تحدث نفسها قائلة:
-ليه يحصلك ده كله ؟ ليه ؟ ذنبك إيه يا بنتي عشان يبقى حالك كده ؟ آآآآه.. يا حسرة قلب أمك عليكي!
تذكرت صورتها وهي تتوسل لها باكية من أجل تهريبها خارج منزل أوس.. كم كانت تمثل طوق النجاة بالنسبة لها، ولكنها خذلتها، فأصبحت شريكة في تلك الجريمة حتى وإن لم تفعل شيء..

فصمتها وعجزها عن الدفاع عنها جعلاها شريكة في إنتهاك إنسانيتها..
طرقت بيدها على الحائط الزجاجي وهي تلوم نفسها بشدة، وبدموع حارقة تابعت ب:
-أنا السبب! يا ريتني كنت وقفت معاكي، يا ريتني ساعدتك، مكنش ده بقى حالك، آآآآآه.. أنا السبب!

وصل أحمد إلى أول مدخل الحارة الشعبية، وأسرع في خطاه نحو البناية القديمة الموجود بها منزل تقى..
فقلبه يدفعه للتصرف فوراً من أجل إنقاذها إن كانت لا تزال مع ذلك البغيض
تنهد وهو يلهث، وحدث نفسه قائلاً:
-يا رب أمها تكون موجودة، هاتبقى مصيبة لو ملقتهاش، عاوز ألحق تقى قبل ما يخفيها ابن ال ***، ومعرفش أوصلها!

رأه منسي الذي كان يتجه إلى المقهى، فإمتعض وجهه، وحك رأسه الحليق بحيرة، ونطق بإنزعاج:
-أنا شوفت الواد ده قبل كده، فين ياض يا منسي، فين ؟
لوى فمه للجانب، ودعك ذقنه قليلاً، ثم هتف فجأة:
-أيوه، هو بعينه، ده الواد اللي جه سأل عن بيت فردوس أم تقى!
ثم ضيق عينيه أكثر، وتسائل بفضول:
-طب جاي هنا ليه ؟

في منزل تقى عوض الله
دق أحمد باب المنزل، وقرع الجرس لأكثر من مرة حتى يستجيب من بالداخل..
تنهد في إرتياح حينما سمع صوت فردوس يأتيه عالياً ب:
-جاية أهوو!
حاول أن يلتقط أنفاسه اللاهثة ريثما تفتح له، فقد صعد الدرج ركضاً..
ما هي إلا ثوانٍ معدودة حتى رأها أمامه، فأردف على عجالة ب:
-معلش يا ست فردوس، أنا جايلك من غير ميعاد، بس آآآ..

قاطعته بصوت جاد وهي تتفرس تعابير وجهه المشدودة:
-خير يا بني في إيه ؟
أخذ نفساً عميقاً، وزفره على عجالة، ثم أجابها بهدوء حذر:
-أنا عرفت مكان بنتك تقى
-إييييييه!
صاحت بها فردوس غير مصدقة ما قاله تواً، وقفت متسمرة في مكانها لوهلة محاولة إستيعاب تلك المفاجئة..
ترقرقت العبرات في عينيها، وإرتسمت تعابير الفرحة على محياها..

أشار لها أحمد بكفيه بحركة دائرية وهو يصيح بجدية:
-يالا يا ست فردوس، إلبسي أوام عشان نروح نجيبها
نظرت له بذهول، وسألته بصوت مصدوم ب:
-إنت.. إنت بتكلم جد ؟
رد عليها قائلاً:بحماس زائد
-هو في هزار في الحاجات دي
أشارت له بيدها ليدلف للداخل وهي تطلب منه بفرحة:
-طب.. طب خش يا بني، إنت مش غريب
أومأ برأسه موافقاً، ورد بإيجاز:
-حاضر.

إبتعدت عنه خطوتين، ثم إستدارت بجسدها لتواجهه، وقالت دون تردد:
- ثواني أجيبلك حاجة تشربها عقبال ما ألبس
هز رأسه معترضاً، وتابع بصرامة:
-لألألألأ.. مش عاوز حاجة، استعجلي بس الله يكرمك، عاوزين نلحقها
أثارت كلمته الأخيرة حفيظتها، فرفعت حاجبها للأعلى في حيرة، وسألته بعدم فهم:
-نلحقها ؟ ليه ؟

رد عليها بإقتضاب وهو يلوح بكلتا يديه بحركة دائرية:
-هافهمك في السكة
هزت رأسها موافقة، وأردفت بخفوت:
-ماشي، استناني يا بني!
ثم رفعت عينيها الباكيتين إلى السماء، وهتفت بتفاؤل وهي تتجه لغرفتها:
-ألف حمد وشكر ليك يا رب، يا ما إنت كريم يا رب!

ولجت فردوس إلى داخل، وأسرعت ناحية ضلفة خزانة الملابس، وسحبت عباءتها السوداء، وإرتدتها فوق ملابسها المنزلية، ثم إتجهت نحو الفراش، وإنحنت لتقبل رأس زوجها، وأدمعت عينيها أكثر وهي تهتف بشوق:
-بنتك لاقيناها يا عوض، بنتنا هاترجع لحضننا تاني، أنا هاروح أشوفها، وأجيبها عندنا..!
قبلته مجدداً على جبينه، وركضت مسرعة للخارج وهي تلف رأسها بحجابها، ثم هتفت بجدية:
-أنا جاهزة، يالا بينا
إتجه أحمد صوب باب المنزل، وفتحه، وتفاجيء بوجود شخص ما يسد عليه الطريق، فقطب جبينه، وإعترته الدهشة، وسأله بإستغراب:
-إنت مين ؟

إقتحم منسي المكان بجسده، ورمق أحمد بنظرات إحتقارية متأملاً هيئته بتأفف واضح من رأسه حتى أخمص قدميه، وهو يرد عليه متسائلاً بصوت شبه متصلب:
-لأ عندك، ده أنا اللي المفروض أسألك إنت مين ؟ وبتعمل ايه هنا ؟
عقدت فردوس حاجبيها في ذهول، فقد تفاجئت هي الأخرى بوجوده أمام باب منزلها، وهتفت بإندهاش:
-م.. منسي!
حدجها بنظرات حائرة وهو يسألها بإهتمام:
-على فين العزم يا ست فردوس ؟

ردت عليه بجدية وهي عابسة الوجه:
-أنا رايحة أشوف بنتي، وسع شوية
فغر منسي فمه للأسفل وهو ينطق ب:
-تقى!
أجابته هي بصوت حاسم:
-أيوه
-طب.. طب هي فين ؟
-لسه هاشوف ؟
وضع أحمد يده على كتف منسي، وضغط عليه وهو يرمقه بنظرات حادة، ثم أردف بصوت قاتم:
-ممكن يا أخ إنت تاخد جمب خلينا نمشي، إحنا مش ناقصين عطلة!

لوى منسي فمه في إستخفاف وهو يرمقه بنظرات مستفزة، ثم أزاح يده من على كتفه، وتسائل بسخرية:
-أخ! وده مين كمان اللي بيتكلم ؟
رد عليه أحمد بإقتضاب ب:
-مايخصكش
إرتفعت نبرة صوت منسي وهو يجيبه بحدة:
-لأ يخصني، أي حاجة تبع عيلة عم عوض تخصني
وقف أحمد قبالة منسي، ونظر له بتحدٍ سافر، ثم تابع بصوت صارم دون أن تطرف عينيه:
-أنا ماليش فيه، خدلك جمب!

رفض منسي أن يتزحزح من مكانه، وصاح محتجاً:
-بس أنا ليا، عندك إعتراض ؟!
أجابه أحمد بصوت جاد:
-اه.. عندي
نظر له بإستخفاف، ثم لوى فمه وهو يسأله بتهكم:
-ليه إن شاءالله ؟
تردد أحمد للحظة قبل أن يجيبه بحسم:
-لأنها.. آآ.. آآ.. خطيبتي...!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة