قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية ذئاب لا تعرف الحب الجزء الثاني بقلم منال سالم الفصل الرابع والثلاثون

رواية ذئاب لا تعرف الحب الجزء 2 بقلم منال سالم

رواية ذئاب لا تعرف الحب الجزء الثاني بقلم منال سالم الفصل الرابع والثلاثون

في المقر الرئيسي لشركات الجندي للصلب
سار عدي بخطوات سريعة إلى حد ما في الرواق المؤدي إلى غرفة الخدمات الأمنية - و المتواجدة في الجانب الخلفي من الشركة - حيث تجلس فيها زوجته ليان..
كان الفضول والحيرة يعتصران عقله لمعرفة سبب إشتباكها مع هذا الرجل..
وقد حاول قدر الإمكان أن يتحكم في غضبه وفي إنفعالاته حتى لا يرتكب حماقة يندم عليها لاحقاً..

وصل إلى باب الغرفة، وإستمع إلى نحيب وصراخ ليان من الداخل وهي تقول:
-افتح الباب خليني أموته، مش هاسيبه، ده السبب في كل اللي أنا فيه
أدار هو المقبض، وفتح الباب ووقف متسمراً في مكانه، مراقباً إياها بأعين كالصقر.. ثم سألها ببرود:
-مين ده يا.. يا مدام ؟
بادلته هي نظرات حادة، وركضت نحوه، وأمسكت به من ياقته وهي تهدر بصوت مختنق:
-بتسألني مين ده ؟ عني مش عارفه ؟

رفع حاجبه للأعلى في استغراب واضح، وسألها بجدية وهو يحاول إبعاد يديها عن ياقته:
-نعم ؟ انتي قصدك ايه ؟
لم تفلته ليان بل إستمرت في حالة هياجها العصبي وهي تجيبه قائلة:
-هو ده اللي ضحك عليا واستغلني، هو ده اللي وهمني إنه بيحبني واتجوزني كدب، سيبني أموته، قول للأمن بتوعك يجبوه عندي وأنا هاقتله، أيوه هاقتله!
إتسعت مقلتي عدي في محجريهما من الصدمة، وتحول وجهه للجمود..

كذلك ألجمت المفاجأة لسانه، فعجز عن الرد عليها.. ورغم هذا حاول عقله سريعاً أن يستجمع خيوط الأمر معاً..
بينما تابعت ليان صراخها الباكي ب:
-هو ده اللي خلاني أوافق عليك، واتجوزك، وأرمي نفسي في النار بإيدي
تبدلت حالته للصدمة الممزوجة بالغضب.. وإتضحت الصورة كاملة في عقله.. إذن فذلك البغيض المحبوس في غرفة الأمن هو من إعتدى عليها بصورة مقنعة..
وهي كانت ضحيته المغيبة..

راقبهما الحارس الأمني الأخر بفضول، ولكنه لم ينبس بكلمة، بل أطرق رأسه للأسفل، وتراجع خطوة للخلف وكأنه صنم لا يسمع ولا يرى ولا يتكلم...
أجهشت ببكاءٍ أشد وهو تكمل قائلة بصراخ أعنف:
-خليني أروح أقتله بايدي دول، أنا معدش فارق معايا حاجة، أنا مش عندي أهل ولا آآ..
قاطعها عدي بصوت راجي بعد أن احتضن وجهها بكفيه، ونظر لها بنظرات حزينة:
-ششششش.. اسكتي يا ليان، إهدي
حاولت هي أن تتحدث مجدداً، ولكن وضع عدي يده على فمها، فكممه، ولف اليد الأخرى خلف رأسها، وضمها إلى صدره عنوة..

ثم استدار برأسه ناحية الحارس ورمقه بنظرات نارية وهو يأمره بصرامة:
-اطلع برا الوقتي
هز الحارس الأمني رأسه وهو يجيبه بتلعثم قائلاً:
-آآ.. أوامر معاليك يا فندم
تابعه عدي بنظراته الحادة إلى أن إنصرف خارج الغرفة، فدفع الباب بقدمه لينغلق على كليهما..

لم تستكن ليان على صدره، بل قاومته بعصبية لتبتعد برأسها عنه، فأرخى ذراعه عنها، وأبعد يده عن فمها، فهتف قائلة بصوت محتد ومختنق:
-اوعى ايدك، عاوز تكتم نفسي ليه انت كمان ؟ ما هي دي الحقيقة، أهلي طلعوا مش أهلي، وجوزي ضحك عليا، واللي وقعني في وهم الحب موجود هنا، وانتوا عارفينه كويس، سيبني أقتله وأروح في داهية
أشار لها بيديه متوسلاً بعد أن ابتلع تلك الغصة المريرة في حلقه قائلاً:
-اهدي يا ليان، اهدي!

تشنجت أكثر وهي تصرخ ببكاء حارق لتتابع بصوت متآلم وهي تتراجع للخلف مشيرة بإصبعها:
-أنا كنت مفكرة ان الحيوان ده هايعوضني عن الحب والاهتمام، فاترميت في حضنه.. اشتكيله! ولما شوفت مامي في حضن عشيقها، هو لعب عليا صح واستغلني، بالظبط زي ما انت كملت اللعبة وضيعت اللي باقي من عمري!
مط فمه قائلاً برجاء:
-ششش.

دفنت وجهها بين كفيها ليختنق صوتها وهي تضيف:
-وكله في ذنب أنا مش عملته، عشان ينتقموا من أوس ضعت أنا، ضيعوني! آآآآه!
نظر لها بإشفاق واضح.. فهي تعاني حقاً من تبعات ما مرت به، وهو كغيره استغلها لأغراضه الدنيئة..
أزاحت يديها عن وجهها ليرى بوضوح تلك الحمرة الغاضبة تكسوه، تلاحقت أنفاسها بصورة مقلقة وهي تهدر بصوت مبحوح:
-افتح الباب ده!

اقترب منها عدي وهو يشير بكفيه أمام وجهها، وهتف متوعداً:
-اهدي، أنا هاجيبلك حقك منه!
استمرت في هز رأسها مستنكرة كل شيء، فحاول عدي أن يحتضنها بذراعيه، ولكنها دفعته بكل قسوة، وهدرت فيه بصوتها المبحوح قائلة:
-اوعى، كلكم زي بعض كدابين، منافقين، وأنا كرهت كلكم وكرهت نفسي والدنيا اللي أنا عايشة فيها!

شعر بحزن عميق يسيطر عليه عقب رؤيتها على تلك الحالة البائسة، ولمعت عينيه أسفاً وندماً.. وأخذ نفساً عميقاً ليسيطر على نفسه، وجاهد ليبقى هادئاً أمامها رغم حالة الغضب العارمة التي تثور بداخله..
نادها هو بصوت شبه خافت قائلاً برجاء:
-ليان، بصي آآ..
أصبحت الرؤية أمامها مشوشة بدرجة كبيرة، وبدت كما لو كانت تعاني من صعوبة في التنفس وهي تصرخ مقاطعة اياه بآلم:
-ليه أتحمل ده كله لوحدي ليه ؟

أمسك بها من كتفيها، ونظر في عينيها بتوسل، وهتف بجدية:
-اسمعيني يا ليان، أنا ها..آآ...
قاطعته مرة أخرى بصوت مختنق ب:
-إنت.. انت آآ..آآآه
نظر لها عدي بخوف حقيقي، فقد شحب لون وجهها، وبدأت تعلو شهقاتها كمن يختنق..فهتف بإسمها مذعوراً:
-ليان، ليان.

ثم تراخى جسدها، فأسندها بين ذراعيه، وإنحنى بجذعه ليحملها من أسفل ركبتيها، بينما مالت هي برأسها على صدره، ثم وضعها على الفراش الصغير الموجود في زاوية الغرفة..
جثى عدي على ركبته أمامها، ومد يده ليمسد على رأسها، ثم مسح على وجهها برفق، وهتف لها بإصرار واضح:
-هاجيب حقك يا ليان، مش هاسيبه!
كانت تتنفس بصعوبة واضحة، وجسدها يرتعش بصورة مخيفة، فأمسك بكفها وضغط عليه قليلاً، ومن ثم رفعه إلى فمه وقبله قبلة عميقة، وأردف قائلاً بتوعد:
-صدقيني.. هادفن اللي عمل فيكي كده بالحيا!

في قصر عائلة الجندي
ظل مهاب واقفاً في مكانه خارج القصر محاولاً الإتصال بعدي هاتفياً، ولكن الأخير لم يجبْ عن إتصالاته المتكررة، فقال بصوت محتقن:
-وده مش بيرد ليه هو التاني! طب هاوصل لليان ازاي ؟
ثم نظر ناحية القصر، وأردف قائلاً بسخط:
-إنتي السبب يا ناريمان، كانت كل حاجة ماشية كويس لكن إنتي خربتيها بغباءك!
نفخ من الضيق وهو ينظر في شاشة هاتفه المحمول محدثاً نفسه ب:
-طب أجرب أتصل بأوس أسئله يمكن تكون جت عنده، أو يعرف حاجة عنها!

بداخل سيارة أوس
بدل أوس شريحة هاتفه المحمول، وبدأ في تفقد قائمة الأسماء لديه، ولكنه تفاجيء بإتصال يَرَد إليه من والده، فضيق عينيه في إستغراب، ولوى فمه منزعجاً.. ولم يجبْ على إتصاله..
ولكن تكرر اتصاله به مجدداً، فنفخ في ضيق، وضغط على زر الإيجاب قائلاً بفتور:
-ألو!
سمع صوت والده يصدح عالياً وهو يقول:
-انت مش بترد ليه ؟
تنهد بعمق ثم اجابه ببرود مستفز:
-عادي
سأله مهاب بصوت محتد:
-اختك مكالمتكش ؟

رد عليه بإيجاز متسائلاً بنبرة غير مبالية:
-لأ.. وهاتكلمني ليه ؟
أضاف قائلاً بقلق واضح في نبرة صوته:
-حصلت كارثة عندنا من شوية، ليان اختك شدت مع ناريمان وأنا كنت عاوزك آآآ..
قاطعه أوس بصوت جاد ب:
-مايفرقش معايا اللي حصل معاكو!
استشاط مهاب غضباً عقب رده الأخير، فهتف قائلاً بحنق شديد:
-هاتفضل لحد امتى بارد كده ؟

أجابه أوس بصوت قاتم وهو ينظر مباشرة أمامه:
-وليه مستغرب ده، ما أنا بأعمل زي ما كان بيتعمل فيا زمان، كنت بأتحرق من جوايا، وإنت كنت بارد معايا، فمستغرب اسلوبي ليه ؟ ما انت ربيتني على كده!
لوى مهاب فمه وهو يتابع متهكماً:
-أنا أصلاً مربتكش يا أوس
تقوس فم أوس بإبتسامة ساخرة وهو يجيبه بنبرة غير عابئة:
-ما هي دي الحقيقة يا دكتور مهاب
صاح فيه مهاب بصوت صارم قائلاً:
-اقفل، أنا هاتصرف بمعرفتي
لم يجبْ عليه أوس، بل ضغط على زر إنهاء الإتصال، وظل محدقاً أمامه في الفراغ محدثاً نفسه بصوت محتج:
-بتستغربوا تصرفاتي ليه وإنتو من البداية عاملتوني كده، وعلمتوني أتعامل كده!

في قصر عائلة الجندي
جلست ناريمان على المقعد الوثير المتواجد بغرفة نومها، وظلت تهز ساقيها بعصبية مفرطة، في حين راقبتها المدبرة عفاف بنظرات أسفة على حال تلك العائلة البائسة..
فهم جميعاً يعيشون في شقاء مستمر رغم ثرائهم الفاحش.. لا يعرفون معنى الترابط الأسري، ولا للحب العفوي للأبوين..
دائماً كانت تظن أن ربة هذا القصر سيدة باردة المشاعر في التعامل مع ابنتها، ولم تجدْ بها يوماً حِمية الأم على صغيرتها.. واليوم عرفت السبب الحقيقي لتلك التصرفات..

فهي لم تكنْ يوماً أماً حقيقية.. بل نسخة زائفة لصورتها أمام الجميع..
مسحت ناريمان على وجهها الذي بدى شاحباً بدرجة كبيرة، ونظرت إلى عفاف بنظرات زائغة وهي تصرخ قائلة:
-بتبصيلي كده ليه ؟
أبعدت عفاف نظراتها عنها، وأجفلت عينيها وهي تجيبها بهدوء حذر:
-مافيش حاجة يا هانم
هتفت ناريمان بصوت متوتر للغاية ب:
-أنا.. أنا معملتش حاجة!
ثم أشاحت بوجهها للجانب، وتابعت بصوت محتد:
-أنا تعبت من القصر ده، ومن اللي فيه!

صمتت عفاف ولم تجبها.. في حين إستأنفت ناريمان حديثها المضطرب قائلة بإرتباك:
-أنا.. أنا زهقت من كل حاجة هنا، نفسي أرتاح
لم تقتنع عفاف بما قالته الأخيرة، وتحاشت النظر إليها حتى لا ترى نظراتها الساخطة.. واكتفت بالإيماء برأسها إيماءة خفيفة..
تلمست ناريمان خصلات شعرها، وقالت بتوتر:
-أنا.. أنا عاوزة سجاير، شوفيلي يا عفاف سجاير بسرعة!
-بس يا هانم آآ..
قاطعتها ناريمان بصوت صادح وهي تشير بإصبعها:
-يوووه، اعملي اللي بأقولك عليه!
نظرت لها عفاف من طرف عينها قبل أن تتركها وتتجه إلى خارج الغرفة..

في المقر الرئيسي لشركات الجندي للصلب
اعتدل عدي في وقفته، ونظر إلى ليان بحزن واضح في عينيه المشتعلتين من الغضب..
ثم اتجه ناحية باب الغرفة، وفتحه، ووقف على عتبتها، وتلفت حوله ليجد حارس الأمن يقف على بعد، فأشار له بعينيه وهو يصيح بصوت غليظ:
-تقف على الباب هنا، وتمنع أي حد يدخل جوا على المدام لحد ما أرجع، فاهم
ركض حارس الأمن نحوه، وهو يجيبه بنبرة رسمية:
-أوامر سيادتك.

أضاف عدي قائلاً بصرامة وهو يرمقه بنظرات قوية:
-ولو كلمة واحدة بس خرجت من اللي حصل جوا برا، هأقطع رقبتك، مفهوم!
هز الأخير رأسه موافقاً وهو يرد قائلاً بخفوت:
-اطمن يا باشا
تركه عدي وإنصرف مسرعاً في اتجاه غرفة الأمن حيث يتواجد فارس بداخلها...

في قصر عائلة الجندي
رن هاتف ناريمان، فنفضت دخان سيجارتها، وتركت الشرفة، وتوجهت نحو الطاولة لتلتقط هاتفها بأنامل مرتعشة، ثم نظرت إلى شاشته فوجدت اسم هياتم يُضيئها..
زفرت بضيق واضح قائلة:
-أووف، مش نقصاكي الوقتي
ثم ألقت الهاتف على الفراش، وولجت إلى الشرفة مجدداً، ودخنت ما تبقى من سيجارتها بشراهة..
ظل الهاتف يرن بصورة متواصلة مما جعل ناريمان تصرخ غاضبة وهي تتجه نحوه ب:
-يوووه، مش عاوزة أكلم حد الوقتي! أوووف، لسه محدش بيريحني خالص!

تفحصت هي أرقام المتصلين، فوجدت عدداً من أعضاء جمعيتها الخيرية، فنفخت في إنزعاج، ثم حدثت نفسها قائلة بحيرة:
-في ايه عشان كل دول يتصول بيا السعادي!
اضطرت في النهاية أن تعاود الإتصال ب هياتم، ثم وضعت الهاتف على أذنها، وأردفت قائلة بضيق:
-هاي هياتم
هتفت هياتم قائلة بنبرة مستفهمة:
-اهلا يا مدام ناريمان، حضرتك مش بترد عليا ليه ؟

ردت عليها ناريمان بعدم إكتراث وهي تنفث دخان سيجارتها:
-سوري، كنت مشغولة شوية!
تابعت هياتم بصوت جاد قائلة:
-طب يا مدام ناريمان أنا بأكد على حضرتك إن الحفلة بالليل
ضيقت ناريمان عينيها بحيرة بائنة، ورددت بإستغراب:
-حفلة!

أجابتها هي بصوت جاد:
-أيوه، الحفلة السنوية الخاصة بالجمعية، هو حضرتك نسيتي ولا ايه ؟
عبست ناريمان بوجهها، وقطبت جبينها في ضيق، ثم زفرت بصوت مكتوم..
وحدثت نفسها قائلة بتذمر:
-وده وقته!
طال صمت ناريمان، فشعرت هياتم بالقلق، وسألتها متوجسة ب:
-ها يا مدام ناريمان، حضرتك معايا ؟
تنحنحت بخفوت، ثم ردت عليها بإقتضاب:
-احم.. ايوه
أردفت هياتم قائلة بحماس:
-احنا هانكون في إنتظار حضرتك النهاردة
-أوكي..

تابعت هي بنفس الصوت المتحمس هاتفة:
-تمام.. مش هاعطلك أكتر من كده، وهابلغ الجميع بإني وصلت لحضرتك، وإنك شور ( أكيد ) هتشرفينا
ردت عليها ناريمان بإيجاز ب:
-اوكي.. باي!
ثم ألقت بالهاتف على الفراش، ورفعت يديها على رأسها، وغرزت أصابعها في خصلات شعرها، وأطرقت رأسها للأسفل، ثم زفرت في توتر وهي تقول:
-أووف، أنا نسيت خالص الموضوع، حفلة ايه اللي هاحضرها وأنا بالشكل ده!

أنزلت يديها، وإلتفت برأسها ناحية المرآة لتنظر إلى هيئتها، ثم قالت بذعر:
-أوبس.. ده شكلي بشع خالص، ايه المنظر ده، مش ممكن أروح الحفلة بالشكل ده، لازم أروح اظبط كل حاجة في البيوتي سنتر!
خطت بخطوات سريعة ناحية المرحاض، ولكنها توقفت في مكانها، وسألت نفسها بحيرة وعلامات الضجر جلية على وجهها:
-طب وليان، هاعمل ايه في موضوعها ؟!

نفخت في ضيق، وتابعت قائلة بسخط:
-يوووه.. كل حاجة في المكان ده بقت صعب اوي ومقرفة!
أخذت نفساً عميقاً، وزفرته على مهل، ثم أضافت بهدوء مصطنع:
-اهدي يا ناريمان، مافيش حاجة تستاهل، أنا هانسى كل حاجة الوقتي، وهاركز بس في البارتي.. ايوه أهم حاجة صورتي قصاد الناس ومظهري، ومش لازم حد يعرف باللي بيحصل هنا!

في المقر الرئيسي لشركات الجندي للصلب
وقف عدي أمام مكتب الأمن، وأشار بإصبعه للحرس المرابط أمامه قائلاً بصرامة:
-مش عاوز حد يقرب من هنا لحد ما أخلص مع الكلب اللي جوا
-تمام يا باشا
ثم أمسك بالمقبض وأداره، ودلف إلى الداخل ووجهه يوحي بشر مطلق..
ابتلع فارس ريقه بخوف واضح في عينيه وهو يرى تبدل وجه عدي للأسوأ..

حاول أن يبدو مسيطراً على نفسه أمامه، واستجمع شجاعته قائلاً بتلعثم:
-انتو.. انتو حاسبني هنا ليه ؟ أنا.. أنا معملتش حاجة!
سلط عدي أنظاره على الحارس الأخر الواقف بجوار سجينه، وأشار برأسه وهو يقول بصوت قاتم:
-اطلع برا مع زمايلك
رد عليه بصوت خافت ورسمي ب:
-حاضر يا عدي باشا
إزداد توتر فارس بدرجة كبيرة بعد تلك العبارات الأخيرة، وإرتعدت فرائصه.. وتلفت حوله بريبة وهو يتسائل بذعر:
-هو.. هوفي ايه ؟

تابع عدي الحارس بنظراته المحتقنة إلى أن انصرف من الغرفة، وأغلق الباب خلفه، فسلط أنظاره على عدي، وأردف قائلاً بحنق:
-دلوقتي نقدر نتحاسب على القديم كله
ارتجف أكثر وهو يردد بخوف:
-أنا.. أنا مش فاهم حاجة!
نزع عدي سترته، وألقاها على الأرضية، ثم شمر عن ساعديه، وأجابه بصوت قاتم وهو يحدجه بتلك النظرات الشرسة المتوعدة:
-وأنا هافهمك كويس
اتسعت عيني فارس في هلع، وسأله برعب:
-ف.. في ايه يا بيه ؟ إنت.. انت هاتعمل ايه ؟

سدد عدي أول لكمة عنيفة في وجه فارس، مما جعلت الأخير يترنح بجسده المقيد على المقعد للخلف، ومن ثم يفقد توازنه، ويسقط على الأرضية..
صرخ فارس متآلماً وهو يهتف برعب:
-أنا معملتش حاجة يا بيه ؟
جثى عليه عدي، وظل يكيل له لكمات مؤلمة واحدة تلو الأخرى دون توقف، فصرخ فارس متوسلاً:
-آآآه.. حرام يا بيه، آآآآه
سبه عدي بصوت محتد قائلاً:
-مش هارحم م**** أهلك!

ثم لكمه في صدره ووجهه مرة أخرى ولكن بقسوة، فتأوه فارس بآلم شديد، وذرف الدماء من أنفه وفمه..
صاح فيه عدي قائلاً بغضب:
-عملت فيها كده ليه يا بن ال *** ؟!
كز فارس على أسنانه متآلما وهو يسأله بصوت متحشرج:
-آآآآه.. مين دي.. ؟!
هتف عدي غاضباً وهو يصفعه بعنف:
-ليان الجندي يا *****

أصدر فارس أنيناً واضحاً وهو يحاول أن ينطق قائلاً:
-آآآه.. آآ.. أنا.. آآآآ..
تابع عدي ضربه الوحشي عليه وهو يهتف ب:
-ايه مفكر إنها مش هاتقول عنك، ده أنت وقعت مع ناس مابتحرمش حد!
تكور فارس على نفسه متألماً، وقال بصوت مختنق وهو مغمض العينين:
-مش.. مش أنا، آآآآه!

صاح عدي بجنون وهو يركله أسفل معدته بعد أن نهض عنه:
-ده أنت هاتشوف عذاب الدنيا والأخرة معايا يا ****
عصر فارس عينيه من شدة الآلم، وصرخ متوسلاً:
-آآآآآآه.. آآآآآه.. لألأ.. أنا.. أنا عبد المأمور يا عدي بيه، ماليش دعوة بحاجة ؟
سأله عدي بشراسة واضحة وهو يعيد ركله:
-مين اللي خلاك تعمل كده يا بن ال ******.

رد عليه الأخير بتلهف قائلاً:
-آآآه.. دي.. دي البت ل.. لوزة
توقف عدي عما يفعل، وسأله بإهتمام كبير وهو يحدجه بنظراته الحادة:
-مين؟
نظر له فارس بنصف عين وهو يتابع قائلاً بخوف:
-لوزة يا بيه، لوزة بتاعة الباشا أوس
جحظ عدي بعينيه في ذهول كبير، وردد قائلاً بصدمة:
-ايييييييه...؟!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة