قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية ذئاب لا تعرف الحب الجزء الثاني بقلم منال سالم الفصل الخامس والثلاثون

رواية ذئاب لا تعرف الحب الجزء 2 بقلم منال سالم

رواية ذئاب لا تعرف الحب الجزء الثاني بقلم منال سالم الفصل الخامس والثلاثون

في سيارة أوس الجندي
تحرك أوس بسيارته بعيداً عن تلك البناية التي تحمل ذكرياته المخجلة والمشينة نادما حقا على ما إرتكبه، وخاصة جريمته النكراء من تقى
.. ثم قادها بحذر في إتجاه مقر شركته الرئيسي..
ظل طوال الطريق يفكر في طريقة للبدء من جديد وإستعادة زوجته تقى.. فهو يعلم أنه بحاجة إلى استعادة عافيته بالكامل حتى يتمكن من هذا..
أمسك بالمقود بيد، وباليد الأخرى بحث عن إسم المحامي الخاص بالعائلة ليهاتفه..

وبالفعل ضغط على زر الإتصال به، ووضع الهاتف على وضعية السماعة الخارجية، وسلط أنظاره على الطريق، وأصغى بإنتباه إلى رنين الهاتف..
انتظر بفارغ الصبر أن يجيبه المحامي، وكز على أسنانه مغتاظاً لعدم إجابته، وأردف قائلاً بصوت متصلب:
-رد!
عاود الإتصال به وهو يوزع نظراته بين مرآة السيارة الأمامية والجانبية..
ثم سمع صوتاً هادئاً يأتيه من الهاتف قائلاً:
-أوس باشا، مش مصدق نفسي، حضرتك بنفسك اللي بتتصل.

لوى أوس فمه وهو يضيف بسخط:
-ساعة عشان ترد عليا
ابتلع المحامي ريقه، ورد عليه بتوتر قائلاً:
-أسف يا باشا، كان عندي جلسة في المحكمة وآآآ..
قاطعه أوس بصوت صارم ب:
-اسكت واسمعني كويس!
-اتفضل
أخذ أوس نفساً عميقاً، وزفره وهو يقول بهدوء جدي:
-عاوزك آآآ...

في المقر الرئيسي لشركات الجندي للصلب
ظلت حالة الذهول المصحوبة بالإندهاش مسيطرة على عدي عقب معرفة المتسبب الحقيقي فيما حدث لليان..
لم يخطر بباله أن تكون تلك العاهرة الرخيصة هي من تقف وراء هذه الخدعة الدنيئة..
وبكل خسة نجحت في إيقاع ليان في مصيدتها، ونالت من عرضها بسهولة..

غليت الدماء في عروقه أكثر، وإنقض على فارس وإعتدى عليه إعتداءاً أكثر وحشية عن ذي قبل..
وتعالت صيحات وتأوهات الأخير بصورة مخيفة..
لم يتدخل أي من الحراسة الأمنية فيما يحدث، بل راقبوا الممر جيداً، واكتفوا بتبادل النظرات الحائرة.. فلن يجرؤ أحدهم على سؤال عدي عما يحدث بالداخل..

بعد عدة دقائق خرج عدي من الغرفة ووجهه يتصبب عرقاً غزيراً، وصدره يعلو ويهبط بسرعة، وأردف قائلاً بصوت لاهث:
-الكلب اللي جوا ده يتشحن في عربية من عريبات الشركة، ويتبعت على المخزن
استدارت الحراسة الأمنية نحوه، وهتف أحدهم قائلاً بجدية:
-أوامرك يا باشا!
أنزل عدي أكمام قميصه، وتابع قائلاً بضيق:
-ومش عاوز حد ياخد باله، مفهوم!
-تمام يا فندم
خطى عدي في الإتجاه المعاكس ليعاود أدراجه ناحية غرفة الخدمات الأمنية

في منزل عبد الحق بالزقاق الشعبي
دارت بطة في غرفة نومها ذهاباً وإياباً وهي تفكر بإهتمام شديد في تنفيذ خطوتها التالية في خطتها الموضوعة للإنتقام من إحسان..
وضعت إصبعها على فمها، وظلت تهزه بحركة ثابتة وتحدث نفسها بجدية قائلة:
-مش لازم أغلط خالص وأنا بأعمل كده، وإلا كل تعبي هايروح على الفاضي، والولية دي هاتركب عليا وتدلدل!

ثم سارت على أطراف أصابعها في إتجاه الباب، وفتحته بحذر شديد، وإختلست النظرات للخارج لترى إحسان، والتي كانت مندمجة في مشاهدة إحدى الأفلام العربية القديمة وتتناول الفول السوداني واللب الأسمر الشهير، فتراجعت للخلف بهدوء، وأغلقت الباب، وإرتسم على ثغرها إبتسامة شيطانية، وهتفت قائلة بثقة:
-والوقتي هيبدأ ملعوبي معاكي يا حيزبونة!

بحثت بطة عن ملابسها الغير نظيفة، وبعض من ثياب زوجها، وقامت بجمعهم، ثم إتجهت إلى الخارج حيث يتواجد المرحاض، وقامت بإحضار طبق بلاستيكي واسع، ووضعت به تلك الملابس، وأضافت إليهم الماء، ثم تركتهم، وأحضرت مسحوق الغسيل ونثرته على الأرضية.. وتأكدت من وجود تجمعات للمياه لتضمن حدوث إنزلاق وهمي..

ثم وضعت يدها على صدرها، وأخرجت من جيبها زجاجة صغيرة بها صبغة الطعام الحمراء، وتقوس فمها بإبتسامة شرسة وهي تقول:
-جه الدور عليكي يا ولية عشان تدوقي شوية من اللي بتعمليه فيا!
ثم ألقت جزء من محتويات الزجاجة على الأرضية لتصطبغ سريعاً باللون الأحمر..
كذلك بللت طرف قميصها المنزلي بالماء، وتأكدت من تلونه هو الأخر بالصبغة.. وعمدت إلى نكش شعرها..
ثم إتجهت نحو نافذة المرحاض العلوية الصغيرة، وألقت بالزجاجة خارجه.. ثم أخذت نفساً عميقاً، وفجأة صرخت بصوت مخيف ومرتفع وهي تردد:
-حرام عليكي، أنا عملتلك اييييه، يا ناس إلحقوني، هاموووت.. آآآآه.. آآآآآه

هبت إحسان من مكانها مذعورة على إثر الصراخ الهادر، وركضت في إتجاه المرحاض وهي تسأل بإستفهام:
-في ايه بت، بتصوتي كده ليه ؟
ثم وقفت على عتبة المرحاض تنظر إلى بطة بإندهاش واضح..
فغرت هي فمها مصدومة حينما رأت الفوضى الموجودة على الأرضية.. في حين تابعت بطة صراخها قائلة بتشنج وهي تمزق قميصها من الأعلى:
-يالهوي، آآآآه، ليه بتضربيني، ده أنا حبلى، آآآآآه، ارحميني شوية، طب اللي في بطني ذنبه ايييه، آآآآه، يا ناس حوشوها عني.. آآآآه!

جحظت إحسان بعينيها في صدمة، وأشارت لها بيدها وهي تهتف بعدم فهم:
-انتي يا بنت ال *** بتقولي ايه ؟ هو أنا جيت جمبك ؟
تابعت بطة صراخها المخيف قائلة:
-آآآآه.. ابعدي عني، آآآآه، أنا هاروح لأمي.. يا ناس هاتسقطني
ثم تعمدت بطة الإنزلاق أمامها ليبدو كما لو كانت أسقطتها عمداً، فتبلل قميصها بالمياه الملونة بالصبغة الحمراء..
نظرت لها إحسان بإندهاش، واحتجت قائلة:
-يا بنت الأبلسة، ايه اللي بتعمليه ده!

ثم سمعت كلتاهما صوت طرقات عنيفة على باب المنزل، فتركتها إحسان، وخطت مسرعة نحوه..
ثم فتحته، وتفاجئت بتجمع بعض الجيران، وسؤال إحداهن بقلق:
-في ايه اللي بيحصل عندك يا أم عبده ؟
مطت إحسان شفتيها، وكذلك هزت كتفيها في حيرة وهي تجيبها بنبرة مصدومة:
-وربنا ياختي ما اعرف، البت اتهبلت في عقلها
أضافت جارة أخرى قائلة بتوجس:
-ده احنا سامعين صويت وصريخ لم التايهين يا ست إحسان
-آآآآآآه.. الحقوني يا ناس.

قالتها بطة بصوت مبحوح من الداخل، فإندفع على إثر صوتها جميع المتواجدين إلى الداخل، فرأوا بطة ممددة على الأرضية وملابسها ملوثة.. فظنوا أنها دمائها، فشهقت إحداهن بفزع، وأضاف أحد ما قائلاً بتوجس:
-حرام عليكي يا حاجة احسان، انتي عملتي ايه في مرات ابنك
نظرت له إحسان بصدمة وهي تجيبه مدافعة عن نفسها قائلة ك
-ماجتش جمبها يا ناس
تأوهت بطة بصوت مرتفع، وعضت على شفتها متآلمة وهي تقول بتوسل:
-آآآآه.. خرجوني من هنا، ودوني عند أمي، ماتسبونيش معاها.. آآآآآه.. بطني آآآآآه.

إنحنت إحدى السيدات عليها، وقامت بإسنادها من أسفل إبطيها قائلة بإهتمام:
-تعالي يا بنتي اتسندي عليا
أضاف رجل أخر بصوت ضجر متواجد بخارج المرحاض:
-لا حول ولا قوة إلا بالله، مافيش في قلبك شوية رحمة
لوحت إحسان بكفي يدها في الهواء قائلة بإعتراض:
-ماجتش جمبها!

صاحت إحداهن بإزدراء:
-اتقوا الله فيها دي نفس برضوه!
ثم تعاونت سيدتين في إسناد بطة وإخراجها خارج المرحاض، وتأمل البقية بذعر ما ظنوا أنها دماء تقطر منها..
نشجت بطة وهي تتعكز على السيدتين قائلة برجاء:
-رجعوني عند أمي.. أنا مش قادرة، آآآه.. ايييه الدم ده، هو أنا بأسقط ولا إيييه ؟ آآآآه...!
وبالفعل خرجت بطة من المنزل وقلبها يرقص طرباً لنجاح خظتها إلى الآن..

وأصدرت أنيناً مكتوماً وهي تستند على الدرج لتكمل تمثيليتها بنجاح، في حين راقبها بقية الجيران بحسرة وحزن، وسمعت إحداهن وهي تقول:
-ربنا يسترها، شكل الحكاية مش هاتعدي على خير
في حين أضافت أخرى تقف إلى جوارها:
-ولية مفترية، معذبة البت ومعندهاش شفقة
كاد فم بطة يتلوى بإبتسامة إنتصار، ولكنها جاهدت لتخفي فرحتها.. فعليها أن تبدو حتى أخر لحظة المجني عليها..
أسرعت إحدى السيدات بإحضار عباءة سوداء لتغطيتها حتى لا يتفحص رجال الحارة جسدها المتكشف..
وتبرعت أخرى بحجابها لتغطي شعرها الأشعث..
وبسرعة البرق إنتشر خبر إعتداء إحسان على زوجة ابنها، وشروعها في إجهاضها.. فأصبح الجميع ما بين مستنكر ومتذمر..

في المقر الرئيسي لشركات الجندي للصلب:
صعد عدي إلى مكتبه ووجهه محتقن بالدماء الغاضبة..
رأته السكرتيرة فتعجبت من تبدل حاله، ودلفت خلفه لتسأله بإهتمام:
-أجهز يا فندم لل آآآآ..
قاطعها بصوت جهوري وهو يوليها ظهره قائلاً:
-الغي كل حاجة النهاردة، مش عاوز أشوف بني آدم
نظرت له بإستغراب وهي تتابع بصوت مضطرب:
-بس يا عدي بيه حضرتك قولتى آآ...

إلتفت بجسده لينظر لها بنظرات حادة وهو يقاطعها بصوت محتد:
-أنا قولت ايه ؟ مافيش حاجة هاتتعمل النهاردة، مفهوم!
أومأت برأسها عدة مرات وهي تجيبه بتوتر:
-تمام.. اللي.. اللي تؤمر بيه يا فندم
ثم أسرعت في خطاها خارج المكتب والفضول يقتلها لمعرفة ما الذي حدث خلال النصف ساعة الماضية..

في نفس الوقت، كان أوس الجندي يصف سيارته أمام المدخل الرئيسي، فركض أحد رجال الحراسة الأمنية نحوه، وهتف بصوت مرتفع:
-أوس باشا، حمدلله على سلامتك، ده الشركة نورت
أشار له أوس بإصبعه من نافذة السيارة قائلاً بخفوت:
-شششش
تنحنحت بصوت خافض وأطرق رأسه، ثم قال بجدية:
-احم.. تمام معاليك.. هادي خبر إن حضرتك جيت
رد عليه أوس بصوت هاديء وآمر:
-امشي.

تراجع الحارس الأمني بظهره للخلف وهو مطأطأ لرأسه، في حين ترجل أوس من السيارة، وتأمل المكان بنظرات متفحصة، ثم صفق الباب بقوة، وسار بخطوات ثابتة نحو البوابة الزجاجية..
رحب الجميع به حينما رأوه يدلف للداخل، بينما سار هو بثقة وثبات دون أن ينطق بكلمة..
كذلك تفحصوا خلسة تعبيرات وجهه الجامدة، والتي لم تتغير كثيراً، بل على العكس كانت أكثر جموداً وصلابة عن ذي قبل، وكأن شيئاً لم يمسه أو يحدث له..
أسرع الساعي بفتح باب المصعد له، وتنحى جانباً، فولج هو للداخل، وضغط على زر الإغلاق..

في منزل أم بطة
تفاجئت أم بطة بدقات قوية على باب منزلها، فركضت مهرولة لتفتحه، وصُدمت حينما رأت إبنتها بحالتها الرثة ومعها بضعة نساء يحاوطن إياها، فطلمت على صدرها، وقالت وهي تشهق برعب:
-يانصيبتي، في ايه اللي حصل ؟
تأوهت بطة بآلم زائف وهي تنطق بصوت مبحوح:
-إلحقيني يامه.. آآآآه.. آآآه
صرخت بذعر وهي تسأل بقلق واضح:
-بنتي، جرالك ايه ؟ مالها يا نسوان ؟ ما تنطقوا
هتفت إحداهن بحزن واضح في نبرتها:
-أم عبده الله يسامحها بقى!

نظرت لها أم بطة في خوف، وسألتها بتوجس:
-عملت فيها ايه ؟
زمت تلك السيدة شفتيها في ضيق، وأجابتها بإنزعاج:
-ضربتها وطردتها، وآآ..
جحظت أم بطة بذهول حينما رأت ملابس إبنتها المتسخة، فظنت أنها دماؤها، فصرخت متسائلة بشهقة:
-يالهوي، ايه الدم ده ؟
أنزلت بطة يدها لتمسك بأسفل معدتها، وتلوت قائلة بآلم:
-آآآآه.. بطني.. آآآآه
سألتها أمها بنبرة خائفة وهي تحاول إمساكها:
-في يا بت ؟

صرت بطة على أسنانها، وهتفت بصوت متشنج:
-آآآآه.. خديني جوا على أوضتي يامه
أشارت والدتها للسيدات المتواجدات بيدها، وهتفت قائلة برجاء:
-ايدكم معايا يا نسوان
أسندت إحداهن بطة من خصرها، وقالت بجدية:
-حاضر يا أم بطة
بينما أضافت أخرى بصوت حزين:
-ربنا يلطف بيها!

في المقر الرئيسي لشركات الجندي للصلب
تفاجيء عدي بوجود أوس في مقر الشركة حينما أبلغته السكرتيرة بعودته، فركض ناحية مكتبه، ودلف إلى الداخل وهو يقول بصوت مرتفع:
-أوس
أدار أوس مقعده الجلدي الكبير لينظر إلى رفيقه عدي بنظرات ثابتة، ورد عليه بهدوء شديد:
-اهلاً عدي
تحرك عدي نحوه بخطوات سريعة، وأسند كفيه على السطح الزجاجي لمكتبه قائلاً بحنق:
-تعالى معايا حالاً
نظر له أوس بثبات وهو يسأله ببرود:
-خير ؟

هتف عدي بصوت متشنج وهو يحرك جسده بعصبية:
-ليان أختك
-مالها ؟
أجابه بصوت منفعل وهو يشير بكفه:
-أنا عرفت مين اللي عمل فيها الملعوب إياه
ضيق أوس عينيه في إهتمام واضح، ثم سأله بصوت متصلب:
-قصدك ايه ؟
سرد عدي على عجالة ما حدث مع ليان بعد إصطدامها خارج الشركة بفارس وإنهيارها، وإمساك الأمن به، ومن ثم إعترافه بتخطيط لوزة للإنتقام منه عن طريق شقيقته..

هنا إنتفض أوس من على مقعده، وتحولت مقلتيه لجمرتين متقدتين، وصاح بصوت قاتم:
-بتقول مين، لوزة ؟!
كز عدي على أسنانه قائلاً بحنق وهو مكور قبضة يده:
-ايوه البت ال ****** دي هي اللي سلطت الواد ال *** ده على ليان ولعبوها صح عليها وآآآ..
إشتعلت عينيه أكثر وهو يضيف قائلاً بشراسة:
-آه يا بنت ال******، بقى انتي تعملي معايا أنا كده، وتضربيني في اختي!
هتف عدي قائلاً بصوته المحتد وهو يشير بإصبعه للخلف:
-الكلب بتاعها أنا فرمته، وشحنته على مخزنا القديم عشان أكمل تصفية حسابي معاه!

رفع أوس كفه في وجه عدي قائلاً بتوعد حقيقي:
-لأ ده تسيبهولي!
طرق عدي على السطح الزجاجي بقبضة يده بقوة وهو يصرخ بإحتقان، وناظراً إلى أوس بنظرات محتدة:
-أنا هادفنه يا أوس بإيدي، هادفنه خليك سامع!
رد عليه أوس بصوت قاتم ونظرات قوية:
-مش لوحدك، يالا بينا على هناك!

ثم دار حول مكتبه، ووقف إلى جوار عدي الذي أكمل قائلاً بشراسة:
-ورحمة الغاليين كله لأخليه آآآ...
قاطعه أوس بصوت مخيف قائلاً وهو محدقاً في الفراغ بنظرات أكثر قساوة:
-ششششش.. الليلة دي من أولها لأخرها عندي، وأوس الجندي مش بيسيب تاره...!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة