قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية ذئاب لا تعرف الحب الجزء الثاني بقلم منال سالم الفصل الخامس والأربعون

رواية ذئاب لا تعرف الحب الجزء 2 بقلم منال سالم

رواية ذئاب لا تعرف الحب الجزء الثاني بقلم منال سالم الفصل الخامس والأربعون

في منزل تقى عوض الله
صاحت فردوس بقوة وهي تنظر بغل إلى تلك المتكبرة التي اقتحمت منزلها وترمقها بنظراتها المهينة سائلة إياها ب:
-إنتي مين ؟
ثم إلتفت برأسها ناحية ممدوح، وتابعت بقوة:
-وبتتهجموا عليا في بيتي ليه ؟

أفاقت تقى من حالة الحزن الرهيبة المسيطرة عليها على صوت والدتها الصادح خارج غرفتها، ورفعت رأسها عن الوسادة، وسلطت أنظارها على باب الغرفة..
إستمعت هي إلى صوت همهمات عالية وصراخ هادر فإنقبض قلبها بشدة، ووضعت يدها على صدرها، وحبست أنفاسها..
إزداد الصراخ بالخارج، فإبتلعت ريقها في خوف .
وبخطوات حذرة نهضت عن الفراش بعد أن أزاحت الملاءة، ثم سارت على أطراف أصابعها لتقترب أكثر وتفهم ما يدور.. أسندت تقى ظهرها على الباب، ومالت برأسها عليه لتصغي بإنتباه لما يقال في الخارج..

أشار ممدوح بيده لفردوس، وأجاب عليها قائلاً ببرود مستفز:
-ماتتكلميش معاها وكلميني أنا
رمقته فردوس بنظرات ساخطة، وأكملت سؤالها بصوتٍ شبه محتد ب:
-عاوز ايه يا حضرت ؟
رد عليها بهدوء حذر دون أن تطرف عينيه الحادتين:
-أنا قولتلك عاوز تهاني !

تتفرس فردوس في تفاصيل وجهه، فهي أول مرة ترى شخصاً كذلك الرجل المهيب – عدا أوس الجندي – يأتي للسؤال عن أختها التي كانت مصدر تعب وإرهاق لها منذ سنوات.. لذا سألته بجمود:
-وعاوزها ليه ؟ وصفتك ايه عشان تتكلم كده ؟
عض على شفته السفلى وهو يجيبها بحذر:
-أنا.. أنا من معارفها
رفعت حاجبها للأعلى في إستنكار، ولوت فمها في تهكم قائلة:
-يا سلام !
هز رأسه بخفة قائلا ً:
-أها..

استشاطت ناريمان من الهدوء العجيب المسيطر على ممدوح، وتماديه في الحوار مع تلك المرأة الحقيرة – من وجهة نظرها – ومسايرتها إياها، لذا هتفت بنزق وهي ترمقها بنظرات إستعلاء:
-بصي يا بتاعة انتي، اختك المجنونة دي كانت بتتعالج عند دار مسنين تبعي، وعملت شوشرة وقلق، وأنا آآ...
إلتفت ممدوح برأسه فجأة للخلف، وحدجها بنظرات شرسة وهو يهتف بها بصرامة:
-ناريمان بلاش الطريقة دي، أنا بأتفاهم مع الحاجة !

ثم أخذ نفساً عميقاً وزفره على مهل، ثم أردف بحذر:
-شوفي يا حاجة، اختك تهاني ليها مصلحة معانا، وإحنا زيها، فعاوزين نتكلم سوا
عقدت فردوس ما بين حاجبيها في إهتمام، وسألته بإستغراب:
-مصلحة ؟
أجابها بثقة وهو يشير بيده:
-أيوه، حاجة هاتستفيد منها
لمعت عيني فردوس ببريق مريب، وهتفت بإهتمام:
-تقصد فلوس ؟
مط فمه وهو يجيبها بإقتضاب:
-يعني.. حاجة زي كده.

إرتسم على وجهها إبتسامة ماكرة، وظنت أن عائلتها ربما تجني مالاً من وراء هذين الشخصين..
وربطت بين حوار أختها السابق عن عدم القلق بشأن أي تكاليف مادية تخص علاج ابنتها، وبين حديث هذا الرجل عن مصلحة ما..
شعرت بالإنتشاء، وتملكها حماس غريب.. وحاولت أن تسيطر على إنفعالاتها لتبدو غير متأثرة بما قاله..
تنحنحت بصوت متحشرج وهي تقول بخفوت:
-بس هي مش هنا
زفر ممدوح في ضيق، وتسائل بإنزعاج:
-وهاترجع امتى ؟
هزت كتفيها نافية وهي تجيبه بنبرة غير مبالية:
-معرفش

في نفس التوقيت، وصل أوس إلى الطابق المتواجد به منزل زوجته..
احتقنت عينيه بشدة بعد أن سمع صوت هذا الرجل المقيت، وتصلبت عروقه وبرزت بوضوح من الغضب..
أسرع في خطواته، ووقف على عتبة الباب ليتفحص المتواجدين به..
وبنظرات سريعة رأى ناريمان وفردوس والبغيض ممدوح..
اكفهر وجهه أكثر، وتشنجت شفتيه وهما تنطقان بتهكم ب:
-حزب الشيطان متجمع هنا !

حدق الجميع به في ذهول، وبدت المفاجأة جلية على وجوههم..
ابتلعت فردوس ريقها في خوف، وتراجعت للخلف لتعطي لنفسها مساحة للفرار..
في حين سلط ممدوح نظراته المنزعجة عليه، ولوى فمه في إزدراء..
بينما رمشت ناريمان بعينيها، وهتفت قائلة بصوت محتد:
-اتكلم كويس، ماتنساش إن أنا آآ...
قاطعها أوس بنبرة متصلبة وهو يحدجها بنظراته المخيفة:
-أوعي تقولي أمي ولا حتى مرات ابويا، لأنك أبعد ما يكون عن ده.

على الجانب الأخر، إرتعدت أطراف تقى بذعر حينما سمعت صوت أوس يصدح بالخارج..
عضت على أصابعها من الخوف، وإرتجفت شفتيها، وخفق قلبها بقوة..
كتمت بيدها فمها حتى لا تصدر أي صوت فينتبه لوجودها..
وبحثت بعينيها عن أي شيء لتسد به الباب فلا يستطيع إقتحامه إن تطورت الأمور..
ولكن كانت غرفتها – كالعادة – خالية من أي شيء يصلح للإستخدام..
ولم يكن أمامها إلا الأريكة، ولكن إن حاولت تحريكها، ستصدر صوتاً قوياً يلفت إنتباهه..
لذا فكرت أن تظل كما هي، صامتة تماماً، حتى تضمن سلامتها منه..

استشاطت ناريمان غضباً، وإلتفتت برأسها نحو ممدوح، وهدرت قائلة بحنق:
-شايف يا ممدوح هو بيتكلم إزاي
ضحك أوس بطريقة ساخرة قبل أن يصمت فجأة ليرمق الإثنين بنظرات إحتقارية وهو يقول بسخط:
-طبعاً لازم تشتكيني للباشا اللي دايما واقف في ضلك
صاح ممدوح بصوت محتد وهو يشير بإصبعه محذراً بعد أن تحول وجهه لكتلة من الحمرة الغاضبة:
-أوس، إلزم حدودك معايا !

تحرك أوس للأمام حتى وقف قبالته، وحدجه بنظرات متحدية وهو ينطق بصوت جامد وشرس:
-وإن ما لتزمتش هاتعمل ايه ؟ أها.. نسيت صحيح، ده مكانك الطبيعي من زمان، ومعروف عنك إنك بتلم بواقي غيرك
رمقه ممدوح بنظرات محتقنة وهو يهتف بنبرة مهددة:
-أوس.. بلاش إنت !
اشتعلت عينيه بغضب جم وهو يصر على أسنانه قائلاً بتحدٍ سافر:
-وإلا إيه يا ممدوح بيه ؟ ما تكمل تهديدك !
لوح أوس بإصبعه في وجهه متابعاً بشراسة:
-لأحسن تكون فاكرني أوس الصغير بتاع زمان، اللي كان بيخاف منك، وبيستخبى أول ما يسمع صوتك، ويتمنى الموت قبل ما تقرب منه وتحط ايدك القذرة عليه !
ابتلع ممدوح ريقه بتوتر.. وصمت ولم يعقب..

كذلك وصلت تهاني إلى مدخل الحارة وهي تتنهد بحزن وإرهاق..
لم يكن بالأمر الهين أن تكتشف أن إحدى رضيعتيها على قيد الحياة، ومع هذا تعذر عليها الوصول إليها وضمها إلى حضنها، أو حتى التمتع برؤية وجهها..
كم أن الحياة مجحفة معها بصورة مؤسفة ولم تنصفها يوماً، فسلبت منها في لحظة كل متعها.. وتركت لها البؤس والشقاء لتتجرعه على مدار السنوات..
أدمعت عينيها طوال الطريق قهراً على حياتها التي ضاعت سُدى.. وحيدة بدون أبنائها.. فقيرة بدون أموالها، فاقدة لعقلها..
وفجأة تسمرت مكانها حينما رأت حشد السيارات المتجمع أمام بنايتهم..

فإبتلعت ريقها بإرتباك، وحدثت نفسها قائلة بتوجس:
-هو.. هو في ايه هنا ؟ ايه كل العربيات دي ؟!
ثم اقتربت من بنايتها، فوجدت أفراد الحراسة يسدون المدخل، فتسائلت بخوف:
-هو.. ايه اللي بيحصل هنا يا بني ؟
رمقها أحد الحراس بنظرات قوية، وهو يجيبها بجمود مشيراً بكف يده:
-اطلعي بيتك يا حاجة وماتسأليش !
فغرت شفتيها بقلق ب:
-هه !

في منزل تقى عوض الله
أكمل أوس حديثه بصوت هادر ومنفعل وهو يرمقه بنظراته النارية:
-إنت علمتني أكون زيك، نسخة ( وسخة ) في تصرفاتها وطريقتها مع الناس، أفعص أي حد يفكر بس يقف قصادي، أستمتع بتعذيب اللي قدامي لحد ما يموت في جلده من مجرد تخيل اللي هاعمله فيه
هدر به ممدوح بإنفعال قائلاً:
-اسكت، اسكت !
إحتج أوس قائلاً بغضب شديد محدجاً إياه بنظرات مميتة:
-وليه أسكت، خايف أفضحك وأقول عن هتكك للأعراض، ولا خايف أتكلم عن اغتصابك للأطفال !

احتقن وجه ممدوح بالدماء، وقال بإرتباك واضح:
-إنت.. إنت مش طبيعي، بطل تخاريفك دي !
صرخ أوس بعصبية وهو يشير بكف يده في وجهه:
-دي الحقيقة السودة اللي محدش عرفها عنك إلا أنا، وبفضلك بقت زي ما إنت شايف، مع تربية صاحبك بقيت أسوأ بكتير منكم انتو الاتنين !
وزعت ناريمان أنظارها على الإثنين بعدم فهم متسائلة بضيق:
-هو بيقول إيه ؟

أصغت تقى لكل كلمة تقال بإنصات تام، وجحظت بعينيها مصدومة وهي تشهق بصوت مكتوم.. فقد برر أوس تصرفاته العنيفة بتربيته الغير سوية..
ورغم هذا لا تزال ترتعد منه.. فوجوده معها في مكان واحد يجعلها تتمنى الموت على أن تظل إلى جواره..
كذلك هناك صدام قوي بين الجميع.. وهذا الباب يقف حائلاً بينها وبينهم..

كذلك تنبه عوض إلى صوت الصياح الذي جعله يفيق من نومته.. وظن في البداية أنها مشاجرة دائرة خارج المنزل، ولكن حينما إزداد الصوت قوة تيقن أنها بداخل منزله المتواضع..
فجاهد لينهض بتثاقل عن الفراش..

في نفس التوقيت وصلت تهاني إلى عتبة المنزل، وإتسعت مقلتيها بصدمة رهيبة وهي ترى شبح طليقها من الجانب أمامها..
رمشت بعينيها لتتأكد من أنها ليست مجرد أوهام.. وإلتفتت إلى مصدر الصوت الأنثوي لتزداد إندهاشتها حينما رأتها.. تلك التي ساهمت في القضاء على أخر أمل في حياتها السابقة..

فغرت فمها محاولة النطق، ولكن هربت الكلمات من حلقها..
صدح صوت أوس قائلاً بتهكم ساخر وهو يشير بكفي يده:
-نيجي بقى للهانم العظيمة، سيدة المجتمع الراقي، اللي مفهمة الكل إنها أكتر إنسانة خيرة في الكون، وإنها مش بتستحمل تشوف حد غلبان من غير ما تمد ايدها عشان تساعده.. طلعت ايه بقى أكبر كدابة ومزورة !
احتقن وجه ناريمان، وهتفت فيه بشدة وهي ترمقه بنظراتها الغاضبة:
-ايه الكلام الفارغ ده !

خفق قلب تهاني بقوة حينما وقعت عينيها على ذلك الشاب الفتي الذي يقف بشموخ عجيب أمامها
هي لم ترْ وجهه بعد، ولكن حضوره الطاغي، وهيبته القوية كافية لتعرف من هو..
إرتجفت شفتيها وهي تحاول النطق بإسمه فهمست قائلة:
-آآ.. أوس !

سلط أوس أنظاره القاتمة على ممدوح وهو يضيف قائلاً بقساوة:
-صحيح الهانم مقالتلكش إن ليان مش بنتها
حدق ممدوح بمقلتيه مشدوها، وهتف قائلاً بصدمة
-نعم !
أكمل أوس ببرود وهو يهز رأسه بتفاخر بعد أن فجر القنبلة المدوية في وجه الحاضرين:
-أيوه.. هي مش بنتها، دي بنت تهاني مراتك، أمي، فاكرها ؟!

شُدهت تهاني هي الأخرى بما قاله أوس، فقد أكد الحقيقة التي عرفتها قبل قليل على لسان المدبرة عفاف..
وشعرت أن ساقيها لا تقويان على حملها..
صدمت فردوس هي الأخرى من الحوار الدائر، والمصارحة الكبرى بين جميع الأطراف..
وحدثت نفسها قائلة بإندهاش:
-يا سنة سوخة يا ولاد، ايه ده كله !
إلتوى فم أوس بإبتسامة قاسية وهو يضيف قائلاً بسخرية:
-واضح كده إنك كنت متأرطس من زمان !

صرخ ممدوح في ناريمان وهو يرمقها بنظرات حادة ب:
-ايه الكلام اللي بيقوله ده يا ناريمان ؟
ابتلعت ريقها بخوف بائن، وتراجعت مبتعدة وهي تهز رأسها نافية وتهتف بصوت متقطع:
-آآ.. ده.. ده بيكدب، مش حقيقي !
هدر أوس بصوت جهوري وهو يسلط أنظاره المحتقنة على ناريمان قائلاً:
-لأ أنا مش كداب، ليان سمعتك وإنتي بتقولي ده للباشا مهاب جوزك.. صحيح إيه شعورك وإنتي الصبح في حضن عشيقك، وأخر النهار في حضن جوزك ؟!

صرخت فيه ناريمان بإهتياج:
-اخرس
أمسك ممدوح بكتفي ناريمان، وهزها بعنف وهو يصيح بجموح ضاغطا عليها بقوة:
-ردي عليا يا ناريمان، ليان بنتي ولا لأ ؟ قولي، إنطقي !
لم تتحمل ناريمان الضغط على أعصابها، فصرخت باكية ب:
-ايوه بنتك !
فغر فمه مدهوشاً بعد أن إرتخت قبضتيه قليلاُ:
-هاه !
تابعت ناريمان حديثها نحيب ب:
-مهاب هو السبب، أنا.. أنا ماليش دعوة، هو اللي عمل كده
-يعني.. يعني ليان عايشة مامتتش ؟ ليه عملتي كده فيا ؟

بكت ناريمان بحرقة ولم تجبه.. فأبعد ممدوح قبضتيه عنها، ونظر حوله بنظرات زائغة وهو يكمل قائلاً بإضطراب:
-أنا كنت شاكك من الأول لما شوفتها في الفرح، حسيت بالشبه الكبير بينها وبين أمها !
أضاف أوس قائلاً بسخرية وهو يحاول دفع ممدوح للجنون:
-شوف القسوة يا جدع، بنتك تبقى قصاد عينك، وتقولك يا أنكل !
هدر به ممدوح قائلاً بإنفعال وهو يشير بإصبعه:
-اسكت متكالمش خالص.

تقوس فم أوس وهو يجيبه بصوت متصلب للغاية يحمل الإهانة:
-لأ هاتكلم يا بيه، يا محترم، يا متربي، ده من رحمة ربنا إنه حرمك منها، سابك كده زي الكلب مفكر إنها ماتت، وهي عايشة وبتكبر في حضن أب وأم تانيين، بس حظها وحش للأسف، وقعت مع اتنين أوسخ من بعض !
اندفع ممدوح نحوه ليهجم عليه قائلاً بإهتياج:
-هاموتك يا أوس
أمسك به أوس من ذراعيه، ونظر له بشراسة وقد نجح في إيقافه وتثبيته في مكانه، في حين شعر ممدوح بقوته الشديدة عليه، وعجزه عن تحرير نفسه حتى من قبضتيه..

حدثت فردوس نفسها قائلة بنبرة متفاجئة وهي تتوارى خلف الجميع:
-عيني عليكي يا تهاني، كل ده حصلك إنتي وعيالك !
.. صر أوس على أسنانه بقوة، ثم نظر مباشرة في عيني عدوه الأول وهو يقول بشراسة مخيفة:
-مش هاتقدر، أوس بتاع زمان العيل اللي.. اللي ايدك طالته وهو ضعيف مات، واللي قدامك ده واحد قادر يدوس عليك برجله ويفعصك قبل ما تفكر بس تلمسه !
في تلك اللحظة، أفاقت تهاني من حالة الجمود المسيطرة عليها، وإنطلقت للداخل وهي تصرخ بإهتياج مريب:
-عملتوا في ولادي إيييييه ؟ خدتوهم غصبي عني ليييييه ؟!

ضيق أوس عينيه بإستغراب بعد أن رفع وجهه في وجه تلك السيدة ذات القسمات المجعدة..
وإتسعت مقلتيه بصدمة حينما تأكد من ملامحها التي لم ينساها رغم ما خطه الزمن عليها من خطوطه..
إندهش ممدوح هو الأخر من رؤية تهاني، ولكنها لم تكن بالصدمة القوية التي تجعله غير قادر على إستيعابها..
فصاح بصوت مرتبك:
-ت.. تهاني !

إلتصق ظهر ناريمان بالحائط وهي ترمش بعينيها في خوف، فقد إنهار كل شيء.. وتكشفت الحقائق أمام الجميع..
هجمت تهاني على ممدوح وخدشته في وجهه وهي تصرخ بعنف قائلة:
-عملت ايه في عيالي ؟ وديتهم فين ؟!
قبض ممدوح على معصميها، ودفعها للخلف وهو يبعد وجهه عنها قائلاً بسخط:
-ابعدي عني !
قاومته بشراسة غير مسبوقة، وهدرت به بصراخ:
-لأ مش هابعد، هاخد حق عيالي منك، مش هاسيبك تموت إبني !
كز ممدوح على أسنانه قائلاً بعصبية:
-امشي من هنا.

وقف أوس متسمراً في مكانه مشدوهاً بما يحدث ؟
رمشت فردوس بعينيها وهي ترى أختها تتشاجر مع ذلك الغريب، فلطمت على صدرها قائلة:
-يا نصيبتي !
ثم سارت بخطوات سريعة في إتجاه اختها لتدافع عنها هي الأخرى وهي تصرخ بغضب:
-سيب اختي يا جدع، ابعد عنها، جك حش وسطك !
صاح بهما ممدوح بعصبية وهو يلكزهما:
-لمي نفسك إنتي وهي !
لوت ناريمان فمها في تأفف واضح قائلة بإشمئزاز:
-ياي، مش ممكن !

فتح عوض الله باب غرفته ليتجه إلى الصالة فوجد أشخاص غرباء بها، فرمق الجميع بنظرات حائرة، وصاح بصوت مبحوح وهو يمر بجوار باب غرفة إبنته:
-انتو مين ؟ وبتعملوا ايه هنا ؟
أدار أوس رأسه في إتجاهه، ورمقه بنظرات متفرسة لحالته الوهنة.. ثم عاود النظر تلقائياً إلى ممدوح والسيدتين بنظرات فاترة..

إنتفضت تقى في غرفتها مذعورة حينما سمعت صوت والدها يأتي من الخارج، وشهقت بخوف شديد..
فقد كانت تخشى عليه من أن يصيبه مكروه، وخاصة أن حالته لا تتحمل أي شيء.. فعفوياً أدارت المقبض، وإندفعت بلا تفكير للخارج هاتفة بصوتٍ عالٍ ومرتجف:
-بابا !
إنتبهت حواس أوس بالكامل إلى ذلك الصوت الذي إشتاق لسماعه كثيراً، ولف رأسه نحوه دون تردد..
لمعت مقلتيه الغاضبتين ببريق غريب حينما رأها أمامه وهي تقف أمام باب غرفتها..

وتبدلت ملامحه المتصلبة إلى الإرتياح وهو يراها تتحرك كما كانت من قبل..
لم تنظر هي نحوه، بل كانت تبحث بعينيها المرهقتين عن شخص ما..
لم يدرْ بنفسه وهو يتحرك نحوها هاتفاً بإسمها بنبرة مشتاقة ب:
-تقى !
رفعت رأسها نحوه ونظرت له برعب وهي ترتجف من اقترابه المحتوم منها و...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة