قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية ذئاب لا تعرف الحب الجزء الثاني بقلم منال سالم الفصل الثامن عشر

رواية ذئاب لا تعرف الحب الجزء 2 بقلم منال سالم

رواية ذئاب لا تعرف الحب الجزء الثاني بقلم منال سالم الفصل الثامن عشر

في قصر عائلة الجندي
حاولت ناريمان الإتصال بممدوح ولكن كان هاتفه غير متاح، فإنتابها القلق، وألقت بهاتفها على الأريكة وحدثت نفسها بضجر قائلة:
-أووف، فينك يا ممدوح، إختفائك ده مش مريحني، هو أنا ناقصة قلق ! مش هاينفع أصبر أكتر من كده، لازم أروحلك
وبالفعل عقدت العزم على زيارة عشيقها، فأسرعت ناحية غرفة تبديل ملابسها، وإنتقت لنفسها بزة كلاسيكية كحلية، وألقتها على الفراش، ثم توجهت ناحية باب الغرفة، وولجت للخارج، وصاحت بصوت عالي وهي تقف بجوار الدرابزون:
-عفاف !

أجابتها الأخيرة على الفور من الأسفل بهدوء:
-نعم يا هانم
-خلي السواق يجهز بالعربية عشان انا خارجة كمان شوية
تنحنحت عفاف بصوت خافت قبل أن تجيبها بتردد:
-بس يا هانم، مدام هياتم اتصلت وبلغتني إنها جاية لحضرتك عشان آآآ...
قاطعتها ناريمان بتذمر قائلة:
-يوووه، ده مش وقتها خالص !

-طب حضرتك تؤمريني بإيه يا هانم ؟
إنتظرت هي أن تجيبها على سؤالها، وراقبتها في صمت ..
وقفت ناريمان تفكر مع نفسها بصوت شبه مسموع وهي تلوي شفتيها:
-هاتكون عاوزاني فيه ايه؟ أنا لو مش سألت فيها هتفضل تزهقني، وانا عارفاها فظيعة !
تنهدت بإستسلام وهي تأمر مخدومتها ب:
-استني، متقوليش حاجة للسواق، أنا هاقابلها الأول
أومأت عفاف برأسها إيماءة خفيفة وهي ترد عليها بإنصياع:
-حاضر يا هانم

في المقر الرئيسي لشركات الجندي للصلب
مالت السكرتيرة بحذر على سطح مكتب رب عملها " أوس " لتضع تلك الملفات الهامة عليه قبل أن يشير لها بإصبعه لتنصرف .. أومأت برأسها إيماءة خفيفة لتعلن إمتثالها لأوامره الصامتة، ولم يخفْ عنها رؤية تلك الإبتسامة الغريبة التي تعلو ثغره .. فقلما رأته يبتسم ..
كان يهتز بمقعده الجلدي العريض بحركات خفيفة وهو يطالع بنظرات غير مكترثة ما دُون في تلك الأوراق ..

تجسد أمامه على تلك الملفات صورة تقى وهي تقاومه بشراسة أثناء معاشرته لها قسراً، فبرزت أسنانه خلف إبتسامته الشيطانية وهو يحدث نفسه بتفاخر قائلاً:
-صحيح مافيش حاجة جت بالساهل، بس في الأخر خدت اللي أنا عاوزه منك !
أرجع ظهره للخلف، ووضع ساقه فوق الأخرى وتابع بنفس التباهي العجيب:
-ومانكرش إنك الوحيدة اللي عرفتي ترضيني صح، وخليتني أثبت لنفسي إني مش آآآآ...

أغمض عينيه القاسيتين ولم يكمل عبارته ليقاوم هجوم ذكريات ماضيه البعيدة، ثم أخذ نفساً عميقاً وزفره على مهل، وإنتصب في جلسته، ثم طرق على سطح مكتبه الزجاجي، وأردف بصوت حاسم لنفسه وهو محدق أمامه بنظرات حادة:
-الماضي مالوش في حياتك مكان يا أوس، إنتهى !
نهض من على المقعد، وهاتف السكرتيرة قائلاً بصرامة:
-إلغي كل مواعيد النهاردة، وحددي ميعاد بديل على الأسبوع الجاي
أجابته بصوت خافت قائلة:
-تمام يا فندم.

وضع أوس إصبعيه أعلى طرف أنفه، وأردف بصوته المتصلب:
-أه، وشوفيلي في حاجة مهمة عندي الأسبوع ده ولا لأ
ردت عليه دون تردد وهي تنظر في المفكرة الصغيرة التي بحوزتها:
-في يا فندم الاتفاق على صفقة مع المستثمر الكويتي آآ...
قاطعها بجدية وهو يمرر يده في شعر رأسه:
-أها .. خلاص فاكر، رتبي الاجتماع معاه وبلغيني بالميعاد النهائي للمقابلة
هزت رأسها موافقة وهي تدون شيء ما بالمفكرة:
-حاضر يا أوس باشا
أسند أوس سماعة الهاتف دون أن يضيف كلمة أخرى، ثم جمع مفاتيحه الخاصة، وهاتفه المحمول، وتوجه صوب باب الغرفة ووجهه شبه متشنج ...

اضطرت ليان آسفة أن تسافر مع زوجها المخادع عُدي إلى أحد البلدان الأسيوية لقضاء شهر عسلها الزائف حتى تكتمل الصورة الإجتماعية المصطنعة للعروسين السعيدين ..
كانت تبغض كل لحظة تقضيها معه، فهو خدعها، واستغلها حتى يصل إلى مبتغاه ..
سارت على الشاطيء بمفردها فور أن وصلت إلى المنتجع السياحي، و حدثت نفسها بعتاب قائلة:
-أنا اللي سلمت نفسي ليه، أنا اللي مش سمعت لحد !

أدمعت عينيها وهي تكمل بنبرة حزينة:
-بس أنا مش عملت ده من نفسي، أنا .. أنا كنت بأهرب من اللي مامي عملته، بس .. بس وقعت في عذاب مش بينتهي !
تنهدت في حزن مرير وهي تتابع حديث نفسها ب:
-أه لو كنت أعرف حقيقته من الأول كنت فضلت زي ما انا .. At least ( على الأقل ) كنت هاتصرف مع الكلب فارس .. لكن عدي .. مش سهل خالص، وأنا ضعت .. فعلا ضعت معاهم الاتنين .. آآآآآآه !
صرخت بمرارة كبيرة وهي تلقي بجسدها على الرمال الناعمة فلحظاتها معهما جعلتها تشمئز من حالها وتكره سذاجتها التي أوقعتها في الفخ مرتين ..
أطلقت لنفسها العنان لتبكي حالها ..

فلم يعد بيدها حيلة سوى البكاء على بقاياها ...
وعدي - على الجانب الأخر - لم يكترث على الإطلاق بمشاعرها الساخطة نحوه ..
فغايته الأهم هو إيهام الجميع بأنه العاشق المتيم، وأنه بطل قصة حب أسطورية حتى يغطي تماماً على ما قيل عنه في السابق من أنه عاجز جنسياً ويستعيد سمعته بين عالم الذكور ...

كان يراقبها من على بعد من الشرفة المطلة على الشاطيء وهو يحتسي كأس الخمر الخاص به، وثغره يعلوه إبتسامة زهو ..
رأها تنهار على الرمال، فإزدادت عينيه لمعاناً، وحدث نفسه بتشفي قائلاً:
-كانت ضربة معلم يا عدي، عرفت تنقي ضحيتك صح ! دلوقتي أقدر أرتاح وما أفكرش في اللي فات، واحدة زي دي مش هاتقدر تقف قصادك ..!
شعر بتأنيب الضمير قليلاً وهو يُذكر حاله بكونها شقيقة رفيقه المقرب، ولكنه برر فعلته الشنعاء تلك ب:
-صحيح هي جت في أختك يا أوس، بس هي قامت بدورها زي ما أنا طول عمري بأقوم بدوري معاك، يعني خدمة قصاد خدمة !

في منزل أوس بمنطقة المعادي،،،،
تسرب بخار الماء المتجمع بكثافة من فتحات التهوية الجانبية في المرحاض فبدى كما لو كانت هناك أدخنة متصاعدة من داخل المنزل ...
لاحظت إحدى الجارات صعود تلك الأبخرة إليها وتسربها عبر نافذة مطبخها، فتوجست خيفة من أن يكون هناك إندلاع للحريق، فهاتفت حارس البناية عبر جهاز ( الإنتركام ) قائلة بضيق:
-في دخان مالي البرج، شوف في ايه !
سألها الحارس بعدم فهم وهو يزم فمه الغليظ:
-دخان فين ده يا ست الهوانم ؟

ردت عليه بحدة وهي عاقدة لحاجبيها:
-معرفش، بس أنا اتخنقت في شقتي، فاتصرف وبلغ المطافي ولا البوليس، إحنا مش ناقصين كارثة
هز رأسه عدة مرات قائلاً بتلهف:
-حاضر يا هانم، أنا هاطلع أفتش عن الدخان ده
نفخت بإنزعاج وهي تأمره ب:
-بسرعة يالا
-على طول أهوو، استر يا رب.

ركض حارس البناية في إتجاه الرواق المجاور للمصعد لكي يتابع الوضع من أسفل ال " منور " الجانبي الذي تطل فيه نوافذ المطابخ والمراحيض على بعضها البعض
وبالفعل لاحظ إنبعاث للأدخنة الكثيفة من فتحة التهوية الملحقة بالمرحاض الخاص بالطابق المتواجد فيه منزل أوس الجندي، فإنتابه الهلع، وصرخ بذعر:
-يا سنة سوووخة يا ولاد، ده بيت الباشا !
أخرج حارس البناية هاتفه المحمول من جيب جلبابه، وبتعجل ضغط على زر قائمة الأسماء لديه، ليبحث عن اسم أوس الجندي، ثم ضغط على زر الإتصال، وابتلع ريقه في توجس مخيف وهو ينتظر إجابته عليه...

على الجانب الأخر بداخل سيارة أوس،،
كان هو ممسكاً بالمقود بيد واحدة، ومسنداً يده الأخرى على طرف النافذة ..
نظر للطريق وللسيارات من حوله بنظرات غير مكترثة من خلف نظارته القاتمة ..
مسح بلسانه على أسنانه، ونفخ في ضيق بسبب زحام السيارات وتدافع سائقيها في الإشارات المرورية، فأردف بحنق:
-مافيش وقت الشوارع فيه تبقى فاضية، حاجة تخنق
رن هاتفه الموضوع على " تابلوه " السيارة، فمد يده ليلتقطه، وقرأ اسم المتصل بإستغراب، وحدث نفسه بصوت جاد:
-البواب !

أجاب على إتصاله بجمود قائلاً:
-عاوز إيه ؟
هتف الحارس بنبرة هلعة وهو ينظر للأعلى:
-إلحق يا باشا في دخان طالع من الحمام عندك، هو .. هو حضرتك نسيت آآآ...
قاطعه أوس بصوت حاد متسائلاً بشراسة:
-دخان ! إنت بتقول ايه ؟
رد عليه بصوت متقطع وهو يرتجف خوفاً من ردة فعله المخيفة:
-يا.. يا باشا، أنا .. أنا واقف في المنور، وآآ.. وشايف دخان طالع من عندك
جحظت عيني أوس في صدمة، وخفق قلبه بشدة وهو يجيبه بهتاف عالي:
-إيييييييييييييييييه !

تابع الحارس حديثه متسائلاً بخوف:
-أبلغ يا .. يا باشا ال .. آآ.. المطافي ؟
رد عليه أوس بصوت صارم يحمل التحذير الشديد:
-إياك تتصل بحد، أنا جاي !
ثم ألقى بالهاتف إلى جواره، وأدار المقود للجانب، و ضغط على دواسة البنزين وإنطلق بسرعة رهيبة متخطياً الإشارات المرورية في إتجاه منزله الذي كان يبعد مسافة قريبة عن مكانه الحالي ...
سلط عينيه على الطريق، ونطق من بين أسنانه بخوف شبه حقيقي:
-تقى !

لم يعرف لماذا أصابته حالة من التوتر والإضطراب حينما علم بوجود حريق في منزله وخاصة وهي حبيسة منزله ..
دار في رأسه عشرات الأسئلة التي حاول أن يجد إجابة مقنعة لها ..
إيعقل أن تنهي حياتها بعد ما فعله بها ؟ هل دفعها للإنتحار بإصراره على التلذذ بتعذيبها، فقررت هي أن تضع حداً لهذا الآلم اللامتناهي بيدها لا بيده ؟
هل هي أضعف حقاً من تحمل وحشيته فوجدت السبيل لإنهاء حياتها ؟

لماذا كل هذا الخوف الرهيب على فقدانها ؟ أيخشى أن يخسرها بعد معاناة من البحث عن مثيلتها، تلك البريئة الساذجة التي أثبت معها أنه لم يعد يهاب الماضي ؟
أم يخاف فقدانها قبل أن يحتفل بإنتصاره عليها تلك التي تجرأت وتحدت رجولته وقوته المفرطة ؟
مجرد التفكير في إختفائها للأبد من حياته وعدم تمتعه بها - بعد شعور الإرتياح الذي لم يعرف طعمه إلا معها - أربكه كثيراً ...
حقاً هناك دافع لهذا الشعور المخيف الذي سيطر تماماً على عقله، وإنعكس على ضربات قلبه وتلاحق أنفاسه المضطربة ...

في قصر عائلة الجندي،،،
مدت ناريمان يدها لتصافح هياتم التي كانت ترسم إبتسامة عريضة على محياها وهي تقول:
-سوري يا مدام ناريمان هاعطلك شوية
تقوست شفتيها وهي تجيبها بصوت شبه منزعج:
-لأ عادي.

ثم أشارت لها بالجلوس على الأريكة، فأردفت هياتم قائلة بحماس:
-إحم .. معلش أنا بس بأجهز لترتيب حفل الجمعية السنوي، وكنت عاوزة أخد رأيك في شوية اقتراحات
أومأت برأسها وهي تجيبها متشدقة:
-أها .. طب يا ريت بسرعة عشان عندي مواعيد
نظرت لها هياتم بإستغراب، وردت بجدية ب:
-طب .. طب أجيلك وقت تاني !

-لأ خلاص، قوليلي بس على الاقتراحات وأنا هاشوف هاعمل ايه
مدت هياتم يدها بحافظة بلاستيكية تحتوي على أوراق ما نحو ناريمان وهي تبتسم بهدوء:
-دي نبذة مختصرة عن اللي بأفكر فيه، يعني حابة يكون الإحتفال السنادي مختلف شوية
مطت ناريمان شفتيها في إهتمام زائفة وهي تغمغم بإيجاز:
-ممم ... أها.

-احنا هانضيف جهودنا كمان في دار الأيتام والمسنين، والحالات الإجتماعية وآآآ..
قاطعتها بوجه شبه متجهم وهي تسند الأوراق على الطاولة الرخامية:
-أنا هارجع الورق ده وأقولك رأيي
شعرت هياتم بالحرج من ردودها المقتضبة وخاصة إن تعبيرات وجهها توحي بالإنزعاج، فردت عليها بإبتسامة مجاملة:
-اوكي يا مدام ناريمان .. أستأذن أنا الوقتي.

تنهدت ناريمان بإرتياح وهي تنهض عن الأريكة، وتمتمت ب:
-اوكي يا هياتم، سوري وقتي ضيق ومش عارفة أخد راحتي معاكي
رسمت هياتم إبتسامة رقيقة على ثغرها وهي تتمتم بهدوء:
-ولا يهمك، تتعوض تاني
-أكيد، لازم نقعد مع بعض، وأنا هأقرى ال Notes ( الملحوظات ) دي وهأرد عليكي
-تمام .. See you ( أشوفك قريب )
-شور، باي.

وتبادلت الإثنتين المصافحة، وولجت بعدها هياتم إلى الخارج، فأسرعت ناريمان نحو الدرج وهي تهتف بصوت عالي وآمر:
-عفاف، خلي السواق يجهز
-حاضر يا هانم
صعدت هي على الدرج بخطوات سريعة وهي تحدث نفسها بضيق:
-إتأخرت خالص !

وصل أوس بسيارته أمام مدخل البناية حيث وجد حارس العقار منتظراً إياه وعلى وجهه توتر ممزوج بالخوف الشديد ..
ترجل من السيارة، وصفق بابها بقوة، ثم ركض في إتجاهه صارخاً بصرامة:
-اتصلت بحد ؟
أجابه الحارس وهو يحاول اللحاق به بصوت مرتعد:
-لأ يا باشا .. أنا .. أنا واقف مستني سيادتك من بدري
أشار له أوس بإصبعه وهو يركض ناحية المصعد قائلاً بحدة:
-خليك هنا عند البوابة، ومعاك الموبايل، وأنا لو آآ...

قاطعه الحارس بإصرار وهو يقف خلفه:
-أنا طالع معاك يا باشا
دلف أوس إلى داخل المصعد، وإستدار بجسده ليواجهه، ثم رمقه بنظرات مميتة، وأمره بصوته الصارم:
-إنت تترزع هنا مكانك، فاهم !
رد عليه بإعتراض قائلاً:
-بس آآآ...

كانت نظرات أوس لوحدها كافية ليتراجع الحارس سريعاً عن إصراره، فقال بخوف:
-اللي تؤمر بيه يا باشا
ثم ضغط أوس على زر إغلاق باب المصعد وهو مستمر في حدجه بنظرات قاتلة تسمر على إثرها الحارس في مكانه ...
إبتلع الأخير ريقه، وغمغم قائلاً بذعر:
-عديها يا رب على خير، شكلها ليلة مش فايتة !

تنفس أوس بصعوبة داخل المصعد، وسلط بصره للأعلى، ثم ضرب بعنف على الباب الحديدي وهو يهتف بإهتياج:
-عملتي ايه يا تقى ؟ مش هارحمك لو موتي نفسك، مش هاسيبك تعملي ده، مش هاسيبك ...!

بعد أقل من دقيقة كان المصعد في قد وصل للطابق المنشود ..
وما إن فُتحت الأبواب حتى ركض أوس في إتجاه باب منزله، ووضع سريعاً المفتاح في موضعه وأدارلينفتح الباب على مصرعيه فإندفعت فجأة سحابة كثيفة من بخار الماء للخارج فإنطلق على إثرها جهاز الإنذار الخاص بالحرائق الموضوع في الرواق الخارجي ...
صفق أوس الباب خلفه، وركض بسرعة في إتجاه المرحاض وهو يصرخ بحدة:
-تقى ! كح ... تقى !

سعل لأكثر من مرة بسبب إستنشاقه للبخار الكثيف، ووضع ذراعه على فتحتي أنفه ليتمكن من التنفس ...
ولج هو إلى داخل غرفة النوم، فوجد الرؤية بها غير واضحة ..
وأدار عينيه ناحية باب المرحاض، فوجد الأبخرة تنبعث منه ...
لذا دون تردد ركض بخطوات سريعة فوق بقايا زجاج المرآة المحطم محدثاً صوتاً رهيباً وهو يدلف إلى داخل المرحاض ..
كانت المفاجأة الصادمة له - والتي أصابته بالذعر والخوف في آن واحد - حينما وجد الأرضية غارقة بالمياه الملونة بالدماء الحمراء ..
-إيه ده !

إنقبض قلبه سريعاً، وبحث بعينيه عن تقى وسط تلك الأبخرة التي تغطي المكان، وتجعل الرؤية غير واضحة تماماً ..
وبالفعل رأها ممددة في المغطس – وهي عارية تماماً - ولكن دون حراك ورأسها على وشك الغرق بسبب إمتلائه بالمياه ..
ركض في إتجاهها، وإنحنى بجذعه للأمام عليها، وصرخ فيها قائلاً:
-تقى .. تقى !

ثم مد يده ليغلق الصنبور، وأحاطها من ظهرها بذراعه الأخر ليقربها منه، فوجدها فاقدة للوعي، وشاحبة الوجه، وجسدها بارد للغاية ...
وضع قبضته على وجنتها، ولطمها بقوة محاولاً إفاقتها وهو يصرخ بتوتر:
-ردي عليا، إيه اللي عملتيه ده ؟
ولكن كانت محاولاته دون جدوى
رأى أوس ذلك الجرح الغائر في مقدمة رأسها، فلمسه بأصابعه وضغط عليه محاولاً منع النزيف وهو يهتف بإنفعال:
-ردي عليا يا تقى، قومي وكلميني، مش هاسمحلك تسبيني !
مد يده ليلتقط كفها، فرأى جرحاً أخراً في رسغها، فصعق، وتبدلت نظراته للهلع ...
لم ينتظر للحظة، حيث أحكم لف ذراعه حول ظهرها، ووضع الذراع الأخرى أسفل ركبتيها وحملها من المغطس، وركض بها إلى غرفة النوم ...

أسندها أوس على الفراش، وعاد مجدداً لداخل المرحاض ليسحب المنشفة القطنية من على الرف الزجاجي، وجثى فوقها، وحاول تجفيف جسدها وشعرها ..
ثم نزل عن الفراش، و أسرع نحو خزانة الملابس ليفتحها ويبحث عن شيء ترتديه يستر جسدها، ولكن للأسف لم يجد ما يناسبها ..
فكل ما وضعه بالداخل كان لإجل إمتاعه هو ... لذا صفق الضلفة بعنف، وفتح ضلفته الخاصة، وألقى بمحتوياتها على الأرضية محاولاً إيجاد أي شيء ..
كان عقله غير مستوعب لما يحدث ..
فالثواني قد تشكل فارقاً حيوياً في حياتها ..

وضع كلتا يديه على رأسه في حيرة، وضغط عليها بشدة محاولاً الوصول لحل عاجل في تلك الكارثة ..
نظر لها أوس بخوف وهو يراها تزداد شحوباً ...
ثم ركل الضلفة بقدمه وهو يصرخ بإهتياج:
-لييييييه ! مش هاسيبك تضيعي مني مهما حصل !

لوهلة عجز عن التفكير فيما يفعله، وكان على وشك الإنفجار من الغضب .. ثم رأى " تي شيرتاً " داخلياً خاصاً به من اللون الأبيض ملقى على الجانب، فإلتقطه على عجالة، وكذلك سحب" بوكسره " - ( ملابس داخلية رجالية ) الرياضي ذو اللون الرمادي والمحفور عليه تلك الماركة العالمية الشهيرة - من على الرف، وأسرع ناحيتها ..
حاول هو على عجالة إلباسها التي شيرت أولاً، ثم البوكسر الرياضي، ومن ثم دار بعينيه في الأرضية محاولاً إيجاد قماشة ما يوقف بها النزيف، فدفعه تفكيره للنظر نحو طرف الفراش ...

إندفع أوس نحو الوسائد الموضوعة على الطرف، وسحب إحداهم، ونزع غطائها، ومزقه بشراسة، ثم جثى على ركبته أمام تقى، وقام بلف القماش الممزق حول رسغها محاولاً منع إستمرار النزيف ..
وكذلك فعل مع رأسها ...
ثم خلع سترته، وألبسها إياها محاولاً تدفئتها بعد أن تحول جسدها إلى كتلة باردة مصحوبة بالشحوب ..
ومن ثم قام بحملها مجدداً، وركض بها في خارج الغرفة في إتجاه باب المنزل و...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة