قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية ذئاب لا تعرف الحب الجزء الثاني بقلم منال سالم الفصل الثالث

رواية ذئاب لا تعرف الحب الجزء 2 بقلم منال سالم

رواية ذئاب لا تعرف الحب الجزء الثاني بقلم منال سالم الفصل الثالث

في دار رعاية المسنين
حدقت تهاني بسقفية الغرفة، وأمعنت النظر فيها بدقة غريبة .. فلون الطلاء ذكرها بحالها وهي قابعة في ذاك المشفى النفسي بعد أن إنهارت أمام مكتبها المحترق بأطفالها الصغار ..
كان شعوراً قاسياً للغاية .. أن تفقد كل شيء في لحظة واحدة، أن تتدمر عائلتها ويتخلى عنها زوجها .. وتتحول من أم مكلومة فقدت فلذات كبدها إلى مجرمة مدانة ومهددة بالعقاب الوخيم على جرائم لم ترتكبها ..

لم يستطع عقلها تحمل كل تلك الصدمات دفعة واحدة، فإنهار، وإنهارت معه .. فواقعها أسوأ بكثير من أن تعيشه بكامل قواها العقلية ..
وها هي اليوم تستعيد جزءاً بعد الأخر من ذلك الماضي المرير ..
أغمضت عينيها لتترك لعبراتها الفرصة للإنهمار لتغرق وجنتيها ووسادتها ..
شهقت بصوتٍ مكتوم وهي تردد:
-خدوا مني كل حاجة، ورموني .. حرقوا قلبي وحرقوني .. آآآآآه .. آآآآآه

تعالت شهقاتها المصحوبة بالعويل وهي تبكي بحرقة .. فإنتبهت لصوتها المشرفة المتواجدة بالخارج، فولجت إلى الغرفة، ونظرت إليها بإشفاق، ثم تحركت نحوها، ووقفت أمام الفراش، ورمقتها بنظرات ساخطة، وهي تردفت بضيق:
-خلاص يا تهاني، مش كل يوم الموال ده !

أولتها تهاني ظهرها بعد أن نظرت لها شزراً، ثم أكملت نحيبها بصوت مكتوم، فزفرت المشرفة بإنزعاج، ولوت فمها للجانب، وتابعت بإمتعاض:
-خلاص براحتك، أنا غرضي مصلحتك، هاتفضلي تنكدي على نفسك، ومحدش هاينفعك بحاجة

لم تجبها تهاني بل ظل يتردد صوت أنينها المختنق ..
نفخت المشرفة مجدداً، ورمقتها بنظرات غير مبالية، ثم تراجعت مبتعدة عنها وهي تحدثها ببرود قائلة:
-على العموم أنا بأفكرك إن ميعاد الأكل بعد نص ساعة، لو مجتيش أنا هابعتهولك هنا

صرت تهاني على أسنانها من الضيق، وتشبثت بوسادتها، وحدثت نفسها بتشنج وهي تذرف دموعها ب:
-خدوا كل حاجة مني وسابولي العلقم والمُر اطفحه لوحدي .. آآآآآه !

في منزل أوس بمنطقة المعادي،،،،

إزدادت إرتجافة تقى وهي تقف بمفردها في منتصف الصالة الواسعة بمنزل ذلك الهمجي الذي أجبرها على المجيء معه إلى منزله ..
كانت تلوم نفسها لألاف المرات لخنوعها له، ثم تحاول تبرير موافقتها على مطالبه المجحفة بأن الوضع مؤقت وأنه لم يكن أمامها أي بديل أخر ..
كانت نظراتها زائغة، وقلبها ينبض بقوة بين ضلوعها، أنفاسها لاهثة رغم إنتظام تنفسها .. فكل شيء من حولها بوحي بخطر محدق بها ..

راقبها أوس بنظرات متشفية متلذذاً برؤيتها ذليلة خاضعة له ..
ورغم تعابير وجهه الجامدة إلا أن عينيه كانت توحيان بشر دفين ..
تحرك هو في إتجاهها بثبات، فإنتفضت فزعة في مكانها، ونظرت بذعر له، وتراجعت بيأس للخلف – رغم تأكدها من عدم وجود أي مهرب لها من سجنها الحالي – محاولة تجنبه ..

توقف هو عن الحركة، ثم وضع يده في جيبي بنطاله، وإنتصب في وقفته مزهواً بنفسه، ثم هتف بصرامة ب:
-ده المكان اللي هاتقعدي فيه الفترة اللي جاية كلها، ومش مسمحولك تخرجي من هنا
أومأت برأسها عدة مرات موافقة، ورمشت بعينيها بتوتر ملحوظ، ثم ابتلعت ريقها .. ولم تعقب ..

إستدار أوس برأسه للجانبين ليتأمل منزله، والذي كان يحتاج إلى نظافة جادة، بنظرات غير مبالية .. ولوى فمه قليلاً في تأفف، ثم أخرج يده من جيبه، ووضعها على طرف أنفه، وحكه قليلاً، وتحدث بصوت خشن وآجش ب:
-ده بيتي، حاجة تخصني زيك بالظبط .. صحيح هو مش متروق بس يقضي الغرض ..!

اختلست تقى النظرات من طرف عينها لترى ذلك المكان، فلمحت عدة زجاجات فارغة على إحدى الطاولات المسطحة والمنخفضة .. وكذلك كؤوس وأكواب زجاجية ملاقاة بجوارها ..
تحرك بؤبؤ عينيها ناحية تلك الزجاجات محاولة استكشاف طبيعتهم، فرأت تلك التحف الغالية الموضوعة على المرآة الذهبية الكبيرة .. كما رأت أيضاً غرفة الطعام حديثة الطراز، والأرائك الجلدية البيضاء الموضوعة بالقرب منها ..

كان أثاث المنزل يبدو باهظ الثمن رغم عدم إنتظامه، ولكنها لم ترْ مثله من قبل إلا في الأفلام التي تتحدث عن الأثرياء ..

راقبها هو بصمت، وظل يدرس تعبيرات وجهها المصدومة مما تراه حولها، ثم فرقع بأصابعه أمام وجهها ليلفت إنتباهها الذي كان منصباً على تأمل المكان بحذر ..
إرتعش جسدها على ذلك الصوت القوي، وإنتبهت له، وضيقت عينيها لتنظر إليه بتوجس شديد ..
زم أوس شفتيه قليلاً، ثم تشدق ب:
-أنا هانزل شوية وراجعلك تاني ..!

ثم صمت للحظة قبل أن يتابع بنبرة قوية ب:
-بس مش راجع لوحدي يا .. يا عروسة !

جحظت عينيها حينما سمعت ذلك اللقب الذي أطلقه عليها ..
في العادة تخجل الفتاة وتحمر وجنتيها حينما يتم نعتها بالعروس، ولكن في حالة تقى، إزداد شحوب وجهها، هربت الدماء من عروقها، تراقصت العبرات في مقلتيها..
تمعن أوس في رد فعلها – المسلي – وإرتسم على ثغره إبتسامة إنتصار، ثم أردف بصرامة ب:
-جهزي نفسك لليلة فرحك

-أنا ..آآ.. ..م...مش موافقة ...!
قالتها تقى بصوت مرتعد وصادم بالنسبة له ..
هي لا تعرف من أين أتت لها الشجاعة لتجيبه بذلك الرد المفاجيء، ولكن تعابير وجهها المذعورة، ونبرة صوتها الخائفة جعلته يقهقه بطريقة عالية ساخراً منها، ومستهزئاً بشجاعتها الزائفة ..

وفجأة توقف عن الضحك، وعبس بوجهه، وضيق عينيه القاتمتين، وحدجها بنظرات مميتة، فإنتفض قلبها، وتعالت دقاته ..
وتراجعت بقدميها المرتعشتين للخلف .. وضمت يديها إلى صدرها، ونظرت إليه بخوف شديد ..
سار أوس في اتجاهها بخطوات قوية محدثاً صوتاً حاداً على الأرضية الرخامية اللامعة ..
إلتصق ظهرها بالحائط، فإلتفتت برأسها كالمذعورة للجانبين محاولة البحث عن أي مهرب لها .. ولكن للأسف لم تستطعْ، فقد حاصرها أوس بذراعيه، حيث أسندهما على الحائط، فأصبحت هي أسيرته ( العذراء ) ..

لم ترمش عينيه للحظة وهو ينظر لها بقساوة لم تعهدها أبداً في حياتها إلا منه ..
لم تهتز عضلة واحدة من جسده وهو متصلب أمامها محاصراً إياها دون أن يلمسها ..
إزدادت إرتجافتها، وإنتفضت كالفرخ بين ذراعيه، وحاولت أن تستجمع شجاعتها المصطنعة مرة أخرى، ولكن هيهات، فكل شيء تلاشى تماماً .. وحل محله الخوف والرعب ..

راقب أوس كل حركة مذعورة تصدر منها بغرور وتفاخر، فهو يرى في هزيمتها وإنكسارها إنتصاره عليها .. تلك التي تجرأت عليه يوماً ...
حرك هو ذراعه الأيمن قليلاً ناحية وجهها، فأبعدت رأسها بذعر للجانب، وإنكمشت على نفسها، وتشنج كتفيها، وإرتجفت شفتيها، وتحركت عينيها الزرقاوتين برعب، ورمشت بأهدابها الكثيفة بلا توقف، فإعتلى ثغره إبتسامة لئيمة وهو يرى كم الخوف الذي تعانيه من مجرد حركة أصدرها ..
تملكه الغرور أن يزيد من حدة خوفها، لذا مد إصبعيه نحو خصلات شعرها المتلبد، وأمسك بخصلة ولفها حول إصبعيها، فإهتزت رأسها بخوف أشد ..
ثم من بين أسنانه القوية، تحدث بشراسة ب:
-سمعيني قولتي إيه كده تاني

-أنا .. أنا م ..م آآ..
خرج صوتها ضعيفاً متقطعاً متلعثماً وهي تحاول إجابته ..
رفع أوس نبرة صوته لتصير أكثر حدة وصرامة وهو يهتف بعنف ب:
-أنا محدش إتجرأ على إنه يعصيني !

ثم جذب خصلة شعرها أكثر، فصرخت متألمة، وأغمضت عينيها الدامعتين، فحدجها بإزدراء، وزاد من جذبه لها، وكز على أسنانه وهو يضيف بجموح:
-واللي فكر بس يعمل كده، أنا بأدفنه تحت رجلي ...!

إنسابت العبرات على وجنتيها، وحاولت أن تتحدث، ولكن خرج صوتها مختنقاً مكتوماً حينما أردفت ب:
-أنا .. أنا عاوزة .. ح...حد من أهلي يكون معايا .. بس .. !

أرخى هو إصبعه إلى حد ما، ولكنه لم يفلت خصلة شعرها .. ثم ردد ببرود ب:
-أهلك !

أومأت برأسها عدة مرات، وأجابته بنبرة مرتعدة وهي تنظر إليه بخوف:
-آآ.. أيوه، أنا مش طالبة أكتر من كده

لوى فمه قليلاً لتبرز أسنانه من جانبها، ثم مال برأسه عليها، فتقلصت المسافة إلى سنتيمترات معدودة، فخشيت على نفسها أن يرتكب حماقة ما، فأغمضت عينيها، وتشنجت قسمات وجهها، فلمح هو ذلك العرق النابض أعلى عنقها، فعض على شفته السفلى، ثم اقترب من أذنها، ونفث أنفاسه عليها قبل أن ينطق بصوت خافت يحمل السخرية:
-ده على أساس إنك عروسة !

إبتلعت هي إهانته بمرارة، فجوفها صار كالعلقم، ثم فتحت عينيها، وجاهدت لتبعد عنه وجهها - الذي كان قاب قوسين أو ادنى من لمسه - وأجابته بتلعثم ب:
-أنا ... أنا مش آآآ...
تشنجت أكثر وهي تتحدث، فبات صوتها مبحوحاً غير واضحاً، فأبعد أوس رأسه للخلف، وأرخى ذراعه الأيسر .. ولكنه ظل ممسكاً بخصلة شعرها، وسألها بحدة:
-ها .. مش ايه ؟
صمتت ولم تجبه، فإغتاظ منها، وصرخ بعنف فيها ب:
-إنطقي !

ببسالة أمسكت تقى بخصلة شعرها، وجذبتها من إصبعه، ثم إنسلت من بين ذراعيه، لتتراجع عدة خطوات مبتعدة عنه، ونظرت إليه بحذر، وأجابته بنبرة مريرة ب:
-أنا مش عروسة زي ما بتقول
نظر أوس إليها بعد ما فعلته بنوع من الإعجاب، ثم زم ثغره، وأردف بنبرة جادة ب:
-ممممم .. حركة جريئة منك، هاعديها بمزاجي

ثم عقد ساعديه أمام صدره، وتأملها بتمعن شديد .. فهي كانت ترتجف رغم تلك الشجاعة الزائفة التي تحاول إظهارها أمامه، فعينيها تفضحاها، وشفتيها الذابلتين لا تستطيعان إخفاء صك أسنانها .. فكل ذرة في كيانها تصرخ من الخوف ..

ابتلعت تقى ريقها مجدداً، ونظرت له بتوجس .. فهي لا تدري خطوته القادمة معها .. هي مازالت تجهل تصرفاته المباغتة رغم يقينها بنواياه الغير بريئة ..
ساد صمت مليء بالتوتر للحظات قبل أن يتسائل هو بصوت قوي وجاف ب:
-أومال إنتي ايه بالظبط ؟

ضمت هي قبضتي يدها معاً، وألصقتهما بصدرها اللاهث .. ثم بنبرة مهزومة أجابته ب:
-أنا بأعتبر نفسي واحدة محكوم عليها بالموت
قهقه أوس مجدداً بعد أن حل ساعديه، وأرجع رأسه للخلف لتزداد ضحكاته الساخرة والمستهزأة بها ..
ثم صمت فجأة لتتحول قسمات وجهه للصرامة والعبوس، وحدجها بنظرات قاتلة وهو يرد عليها بحدة ب:
-ده مصيرك معايا يا تقى .. الموت ...!

احتقنت عينيها بحمرة غاضبة، وتسربت بعض الدماء التي تغلي في عروقها إلى وجنتيها ليتورد وجهها الشاحب قليلاً ..
أكثر ما أشعل غيظها هو إستهانته بحياتها، وإستخافه بقدسية الزواج .. فهو لا يقدر قيمة الزواج ولا الشرف ولا العائلة ولا أي شيء .. الأمر سيان بالنسبة له ..
هو يعتبرها مجرد تسلية رخيصة، فتاة يسعى بإنتقام أعمى لكسر كبريائها، وتحطيم نفسها، وتدنيس روحها النقية ..
وبالنسبة لها حضور عائلتها الوحيدة كافٍ لكي تتحمل قسوته اللامتناهية معها بعد أن سلبها رغماً عنها حريتها ..

أنزلت تقى قبضتيها إلى جانبها، وعضت على شفتيها .. لم يعدْ لديها ما تخسره، والأمل الوحيد لكي ترى عائلتها وتطمئن على والدتها هو بحضورهم إلى هذا المكان، ورؤية والدتها لعفة ابنتها، والتأكد من طهرها وحسن سيرتها ..
لذا تجرأت مجدداً وجازفت بتكرار مطلبها، حيث هتفت بنبرة شبه محتدة وهي مكورة لقبضة يدها اليمنى ب:
-واللي بيموت بالإعدام بيبقاله طلبات، وانا مش طالبة غير إن حد من أهلى يحضر آآ...

قاطعها هو برفع كف يده في وجهها، ثم صدح بصوته الصارم والمخيف ب:
-بسسسسسس !

إنتفضت تقى فزعة على صراخه القوي في مكانها، وإرتعشت ساقيها، وبدت كمن يوشك على السقوط .. ولكنها تماسكت أمامه ..
تحرك أوس في إتجاهها، فخافت على نفسها منه، وتراجعت للخلف .. بينما استمر هو في الاقتراب منها
سيطر عليها الرعب بحق وهي ترى في عينيه شراسة غير متناهية ..
فإستدارت برأسها للخلف لترى أين تسير ...
بينما أشار هو بإصبعه في وجهها محذراً وهو يهتف بصوت عنيف ب:
-إنتي أخرك معايا أبلغهم بإنك اتجوزتي، غير كده لأ .. !

ابتلعت تقى ريقها، واستمرت في التراجع بحذر للخلف، وقالت بتلعثم وهي تنظر إليه بذعر ب:
-بس أنا كنت آآآ..
قاطعها هو مجدداً بصوت أعنف ب:
-خلاص، انتهى !

أصطدم ظهر تقى بالحائط الأخر، فأسرع أوس في خطواتها ليمسك بها قبل أن تفلت منه، وبالفعل غرس أظافره في ذراعيها، فتأوهت من الآلم، وأصدرت أنين خافت، وأطرقت رأسها للأسفل ..
حدجها هو بنظرات شيطانية مرعبة، ثم هزها بعنف وهو يهدر بقسوة ب:
-ده اللي عندي، ومش هايتعمل غير كده يا تقى، إنتي فاهمة !

هزت تقى رأسها موافقة، وأجابته على عجالة بصوت خائف ب:
-ط... طيب
أرخى ذراعيه عنها، وحدجها بنظرات اكثر حدة، ثم تحرك مبتعداً للخلف ..
ضمت تقى ذراعيها إلى صدرها، وتحسست موضع الآلم ..
وقاومت تلك العبرات التي تتسابق للإنهمار على وجنتيها، ثم فكرت في حل ما قد يحول دون إتمام تلك الزيجة المشؤومة الليلة، فبادرت بقول:
-أنا .. أنا كنت عاوزة شوية حاجات كده وآآآ...

إستدار أوس ليواجهها بوجهه المتجهم، ونظراته الدقيقة والحادة، ثم بصوت جاف وجاد يحمل الصرامة هتف ب:
-في ساعات كل حاجة هاتكون موجودة عنك
فغرت هي شفتيها من الرعب بعد أن اتسعت عينيها من الخوف، ونطقت معترضة ب:
-بس كده .. أنا .. انا مش هالحق آآ...
نفخ أوس من الضيق، ووضع يده على رأسه، ثم حكها عدة مرات بطريقة غاضبة ..
-أنا مش عاوزة غير آآآ...
لم تكمل هي عبارتها الأخيرة حيث قاطعها هو بصرامة شديدة وهو يحدجها بنظراته المميتة، ثم صاح بنفاذ صبر ب:
-خلاص ! اسكتي

أومأت تقى برأسها موافقة، وإكتفت بالنظر إليه بحذر ..
فكر هو للحظات فيما قالته ..
ودار حول الغرفة وهو يفرك وجهه براحة يده، ثم إلتفت بجسده نحوها، ليحدجها بنظرات قاتمة وهو يردف بغلظة وتوعد ب:
- ماشي، قدامك مهلة كام يوم تجهزي فيها

شعرت تقى بالإرتياح بعد جملته الأخيرة .. وإرتخت قسمات وجهها المتشنجة نوعاً ما، فقد بات أمامها فرصة للتفكير وتدبر أمرها قبل أن يغتالها ذلك الجلاد .. فقد تجدد الأمل لديها نوعاً ما .. إذ ربما يمكن خلال تلك الفترة أن تصل إلى ما قد يُنجيها من براثنه ..

راقب أوس بتفحص ردة فعلها، فأيقن أنها عاقدة العزم على فعل شيء ما، لذا أراد إخافتها وبث الرعب في نفسها، وتبديد أحلامها الوردية، فأردف وهو يصر على أسنانه بقسوة ب:
-ماتفرحيش كده لأنها آآآ..
ثم صمت لثانية ليتركها في حيرة من أمرها قبل أن يتابع بنبرة شيطانية ب:
-دي هاتبقى ليلة إعدامك يا .. يا عروسة

ثم رسم على ثغره إبتسامة لئيمة، وراقب علامات الخوف التي إكتست على قسمات وجهها، وكذلك نظرات الذعر التي برزت من عينيها بطريقة أغرته للاستمرار في إذلالها ..
تنحنح بخشونة، ونظر لها بنظرات مليئة بالغرور والثقة .. ثم تابع بصوت قاسي ب:
-وأنا بنفسي هتأكد إن كل حاجة هاتكون جاهزة ومناسبة ل... لجنازتك...!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة