قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية ذئاب لا تعرف الحب الجزء الثاني بقلم منال سالم الفصل الثالث والخمسون

رواية ذئاب لا تعرف الحب الجزء 2 بقلم منال سالم

رواية ذئاب لا تعرف الحب الجزء الثاني بقلم منال سالم الفصل الثالث والخمسون

في السجن العمومي
مال المحامي نصيف على ممدوح الجالس قبالته بجسده الممتليء، وهمس له بمكر ب:
-لو نفذت اللي قولتلك عليه هاتطلع من هنا
ضيق ممدوح عينيه بشدة، وأدف قائلاً بغل:
-طلعت مش سهل خالص يا مهاب !
تابع نصيف حديثه اللئيم ب:
-الباشا معانا على الخط، وهيلبس مراته الليلة كلها.

في حين حدث ممدوح نفسه قائلاً بسخط وهو يتذكر مواقف مهاب المشينة مع من يقف في طريقه منذ بدء صداقتهما حتى الآن:
-مممم.. طول عمرك بتطلع من أي حاجة كسبان، سواء تهاني أو ناريمان !
أشار نصيف بيده وهو يضيف بجدية:
-وأنا هاقدر أظبط القضية وأطلعك منها، بس إنت تقول أوكي
تقوس فمه بإبتسامة لئيمة وهو يجيبه بثقة:
-وماله، هاخسر ايه، أخرج بس من هنا، وبعد كده نتصافى على رواقة !
إبتسم نصيف بإرتياح وهو يقول:
-عظيم جدا، نراجع بقى اللي هاتقوله في باقي التحقيقات
-ماشي

في قصر عائلة الجندي
ضحك مهاب بصوت مرتفع وهو يضرب بقبضته في الهواء، ثم هتف بحماس:
-ايوه بقى، أهي جت لحد عندي الفرصة من غير ما أوسخ ايدي !
أخذ هو نفساً عميقاً، وفرد ذراعيه في الهواء، وتابع قائلاً بتباهي:
-والورق اللي معايا وخدته من شقتك يا ممدوح هايفيد أوي في إني اثبت الجريمة عليكو انتو الاتنين ! ضربة معلم بصحيح !
ثم إتجه ناحية الدرج وصعد عليه وهو يصفر بسعادة غامرة تعجب منها الخدم خاصة بعد إلقاء القبض على سيدة القصر بطريقة مهينة..

في مكتب وكيل النيابة
مدت ناريمان يديها المرتعشة لتمسك بكوب الماء الموضوع أمامها، ثم إرتشفت منه عدة قطرات، وأخذت نفساً عميقاً لتسيطر على بكائها المستمر، وأردفت قائلة بصوت مختنق:
-مش انا اللي قتلتها ؟
سألها وكيل النيابة بهدوء شديد وهو محدق بها:
-طب تفسري بإيه وجود مفتاح شقة ممدوح معاكي ؟
إبتلعت ريقها بإرتباك، وأجابته بتلعثم:
-أنا منكرش إنه اداني المفتاح، وأنا.. وأنا كنت بأزوره وآآ... آآ..

توترت هي أكثر ولم تكمل عبارتها الأخيرة، فأضاف وكيل النيابة قائلاً بنبرة رسمية:
-المتهم قال إنك كنتي على علاقة معاه !
إتسعت مقلتيها بصدمة، وشحب لون وجهها في رعب..
فقد كشف ذلك الخسيس علاقتهما، ولم يهتم بفضح أمرهما.. فحاولت أن تنكر ما قاله، فصرخت بحدة:
-هو.. هو كداب، محصلش !

أطرق وكيل النيابة رأسه قليلاً فهو لم يقتنع بما قالته، خاصة وأن إرتباكها الملحوظ يشير إلى تورطها في مسألة أعمق، ثم سلط أنظاره القوية عليها وسألها بجمود:
-كنتي فين وقت وقوع الجريمة ؟
توترت أكثر وهي ترد عليه بصوت مضطرب:
-كنت.. في القصر، والخدامين بتوعي يشهدوا بده
أجابها بهدوء وهو يهز رأسه:
-هنشوف الموضوع ده، والتحريات هتثبت صحته من عدمه.

ثم سمع كلاهما صوت دقات خفيفة على باب الغرفة، فهتف وكيل النيابة بصوت آمر:
-اتفضل
أدى العسكري التحية العسكرية وهو يقف منتبهاً أمامه، قائلاً بصوت رسمي:
-تمام يا فندم
سأله وكيل النيابة بجدية شديدة ب:
-في ايه يا عسكري ؟

-في واحد يا باشا برا بيقول إنه جوز المتهمة وجاي يدلي بأقواله
هتفت دون وعي وكأنها الغريق الذي يتعلق بقشاية:
-ايوه، جوزي هايقول الحقيقة، أنا بأثق فيه
أشار له بإصبعه وهو يأمره بصوت آجش:
-دخله يا عسكري
بعد لحظات دلف مهاب إلى الداخل وهو متجهم الوجه، و فمه ملتوي بتأفف، ثم حدج زوجته بنظرات مهينة قبل أن ينظر في إتجاه وكيل النيابة وهو يقول بصوت خشن وقوي:
-دكتور مهاب الجندي، جوز ال..آآ..
ثم نظر لها بإشمئزاز وهو يتابع بسخط:
-جوز المدام
شعرت ناريمان من نظراته المحتقرة لها، وتصرفاته الجادة أنه على وشك فعل كارثة ما..

أردف مهاب قائلاً بصوت محتد وهو يشير بإصبعه:
-أنا عاوز بس قبل ما أبدأ، أتهم المدام في بلاغ رسمي بإنها خاينة وإرتكبت زنا
فغرت ناريمان فمها بصدمة رهيبة قائلة:
-هاه، بتقول ايه ؟
مط وكيل النيابة رأسه في تعجب أشد، وردد بهدوء:
-ممممم، زنا !
ثم سلط مهاب أنظاره الشيطانية عليها ليكمل بثقة:
-وعندي ما يثبت كلامي
أشار له وكيل النيابة بكف يده ليجلس قائلاً بنبرة رسمية:
-اتفضل
جحظت ناريمان بمقلتيها المتورمتين في ذعر حقيقي، وإرتجف جسدها بشدة وهي تنتظر ما سيقوله زوجها ليقضي عليها للأبد...

عند المنتجع الشهير بالساحل الشمالي
توقفت سيارات أوس الجندي عند مدخل المنتجع، وأنزل سائق سيارته الأساسية الزجاج الملاصق له ليتحدث بنبرة رسمية وهو يشير بعينيه الحادتين:
-الباشا أوس وصل، بلغ الإدارة !
هز الحرس الأمني المرابط أمام المدخل رأسه بإيماءة واضحة وهو يهتف بحماس:
-تمام، حمدلله على السلامة يا فندم، شرفتوا المكان
ثم إستدار برأسه للخلف ولوح بيده لزملائه قائلاً بصوت مرتفع:
-افتح البوابات بسرعة للباشا.

تحركت السيارات بثبات عجيب لداخل المدخل الرئيسي للمنتجع المعروف بأنه خاص فقط بالطبقة المخملية..
حدقت تقى بنظرات مبهورة إلى المكان الذي لم تكن لتراه أبداً حتى في مخيلتها..
فغرت شفتيها في إعجاب واضح بالتصميم الراقي والفخم لكل جزئية في المنتجع، بدءا من المدخل الرخامي ذي الأرضية الإسفلتية، وما حوله من شجيرات خضراء تشكل ممراً منفصلاً يؤدي إلى بوابة أخرى رئيسية يقف عندها حرس أخرين، أسرعوا برفع الحاجز الحديدي لتكمل السيارات سيرها نحو الداخل..

وكأنها ترى جنة الله على الأرض متمثلة في هذا المكان..
الألوان المريحة للأعين في طلاء المباني الفاخرة والسماء الزرقاء مع الخضرة الغناء والهواء المنعش.. كذلك التصميمات المعمارية التي تدل على إبداع المهندسين المعماريين في تشيد هذا المنتجع..
بعد أقل من دقائق، توقفت السيارات أمام مدخل صغير.. وترجل على الفور أفراد الحراسة الخاصة من السيارات، وأسرع أحدهم بفتح باب سيارة أوس وتنحى للجانب
نظر أوس لتقى، وأشار لها بعينيه قائلاً بجدية:
-وصلنا، يالا !

ثم ترجل هو الأخر من السيارة، ونظر حوله بثبات..
ابتلعت تقى ريقها بتوتر.. وتحركت بحذر من على المقعد، وترجلت من السيارة لتجده يقف ملاصقاً للباب، فمطت شفتيها منزعجة وهي تحاول المرور من جواره دون أن يتلامسا..
أشار أحد رجال الحراسة الخاصة بيده وهو يقول بنبرة رسمية:
-اتفضل يا باشا من هنا
باغت أوس تقى بإمساكها من كف يدها بقبضته، فشهقت مصدومة، ولم يمهلها الفرصة للإعتراض أو المقاومة، وسار بخطوات ثابتة – وهو يسحبها خلفه عنوة - نحو الممر الخصوصي المؤدي إلى باب الفيلا..

في مكتب وكيل النيابة
صرخت ناريمان بإنفعال واضح بعد أن نهضت من مقعدها وهي تشير بكفيها في وجه مهاب قائلة:
-انت كداب، أنا مقتلهتاش، مقتلتهاش
رد عليها مهاب بصوت محتد وهو يحدجها بنظراته المميتة:
-لأ قتلتيها عشان ماتفضحش خياتك ليا يا مجرمة
صاح به وكيل النيابة قائلاً بصرامة:
-دكتور مهاب من فضلك ماتتكلمش.

صرخت ناريمان قائلة بعصبية وهي ترمقه بنظرات نارية:
-يا فندم هو كداب، ده هو بنفسه اللي قالي هاتي المفتاح وهايتصرف
لوى فمه مستهزئاً، ثم أجابها بسخط:
-والله ! طب وهاعمل كده ليه ؟ كنت بأخونك معاه يا زانية !
هدرت بجنون وهي تشير بإصبعها محذرة:
-مهاب، أنا مجنونة وممكن أفضح كل حاجة، ومش هاشيل الليلة لوحدي.

وضع ساقه فوق الأخرى، ونظر لها بجمود قائلاً بثقة بالغة:
-اللي أعرفه إن اللي عنده حاجة يثبتها
نظرت هي إلى وكيل النيابة بأعين محتقنة، وأشارت بإصبعها نحو زوجها، وصرخت بعصبية:
-هو ورا أي مصيبة بتحصل، ده راجل مش سهل، ومش بعيد هو اللي قتلها !
نظر له وكيل النيابة، وسأله بجدية:
-كنت فين وقت حدوث الجريمة ؟

رد عليه مهاب بهدوء مستفز ب:
-يا سعادت وكيل النيابة، وقت حدوث الجريمة وخيانتها ليا أنا كان عندي عملية جراحية دقيقة لمريض عندي، وتقدر تتأكد من أوراق المستشفى، ومن أهل المريض نفسه وكمان الفريق الطبي المعاون ليا
أشار وكيل النيابة بيده للكاتب الجالس بجواره ليتأكد من تسجيله لجميع أقوالهما، ثم أردف قائلاً بحذر:
-هاشوف الكلام ده كله !
أرجع مهاب ظهره للخلف، ونظر إلى زوجته بتشفي واضح من نظراته المزدرية لها، وإستمتع برؤيتها تُدمر أمامه.. وبرزت إبتسامة شيطانية من بين أسنانه..

في الفيلا القابعة بالمنتجع السياحي
أرخى أوس قبضته عن تقى بعد أن ولجا إلى داخل الفيلا الخاصة بهما..
رمقته هي بنظراتها الساخطة وهي عابسة الوجه، في حين تحرك هو في أرجاء المكان متفحصاً إياه بهدوء وهاتفاً بصوت رخيم:
-أوض النوم فوق، لكن هنا الريسبشن، وال Pool ( حمام السباحة )، والجاردن، وال Living، والتراس.. !
ثم أشار بإصبعه إلى رواق ما، وهو يضيف بنفس الهدوء:
-وهناك في حمام ومطبخ، انتي هاتعرفي تتعاملي ! مش هتاخدي وقت يعني، وعيشي حياتك !

صاحت به تقى بصوت محتد وهي تنظر له بنظرات غاضبة:
-جايبني من سجن ضيق لسجن أكبر ! وتقولي عيشي حياتك، لأ فعلاً معندكش إحساس !
إحتقن وجهه بسرعة وهو يهتف بصوت مرتفع:
-تقى !
رمقته بنظراتها المشتعلة وهي تتحداه بغضب:
-ايه ؟ هاتعمل ايه أكتر من اللي عملته فيا ؟

أخذ أوس نفساً عميقاً، وحبسه في صدره للحظة، ثم أضاف قائلاً بنبرة محذرة:
-نصيحة مني تلتزمي باللي هاقوله، وأنا هالتزم بإتفاقي معاكي
لوت فمها بسخط وهي تقول:
-ولو محصلش ؟ هاتدبحني تاني ؟ أنا عارفة إنك تقدر تعمل ده فيا، مش صعبة عليك، ماهو اللي بيقتل مرة، بيقتل مليون !
ضغط على شفتيه بقوة ليمنع نفسه من التفوه بأي حماقات.. ثم تابع قائلاً بصوت شبه متشنج:
-صدقيني أنا مش هاقرب منك طول ما إنتي معايا.

ضحكت بطريقة مستهزأة، وردت عليه بإستخفاف وهي تلوح بكفها في وجهه:
-بجد عاوزني أصدقك، طب بالمرة أقولك أنا بأحبك، ودايبة فيك، مش قادرة أعيش من غيرك، وأنسى اللي فات كله وكأنه محصلش خالص
أسبل عينيه وهو يضيف بإستعطاف:
-أنا عاوزك بس تديني فرصة أصلح اللي بينا
تجهم وجهها بشدة، ونظرت له بشراسة وهي تصرخ فيه بغضب:
-اللي بينا عمره ما هيتصلح أبداً، عارف ليه ؟ لأن اللي بيموت مش بيحيا تاني، مش بيحيا !

فرك وجهه بإنزعاج جلي بكف يده، ثم صر على أسنانه قائلاً بنبرة ضائقة:
-انسي اليومين دول أي حاجة حصلت
هدرت به بصوت مختنق وقد أدمعت عينيها:
-نعم، بالبساطة دي، لأ يا باشا، صعب أنسى جرح عشته حتى لو فاتت سنين، وده مش أي جرح، أنا كل يوم بأعيش نفس العذاب معاك، فعايزني أنسى، طب إزاي ؟!
أدرك أوس أن الجدال مع تقى سيزيد الطين بلة.. فهي مازالت تكرهه.. وتلومه بقسوة على جريمته.. وهو لن يعترض على هذا، فهو حقها.. ولكن أرهقه حقاً أنه يحاول إقناعها بفعل أبسط الأمور.. وفي المقابل يلقة معارضة محتدة منها..

نفخ في ضيق، وهتف قائلاً بنفاذ صبر وهو يوليها ظهره:
-خلاص، انا هاغير هدومي وهاشوف هنتغدى ايه !
وضعت تقى يدها في منتصف خصرها، وأشارت بإصبعها وهو ترمقه بنظرات مهينة قائلة بنبرة حادة:
-كمان عاوزني أكل معاك في طبق واحد
إلتفت لها برأسه نصف إلتفاتة، ورد عليها بجمود:
-متخافيش مش حاطط فيه سم !

صاحت هي قائلة بصوت غاضب وهي ترمقه بنظرات إحتقارية:
-ده أنا أموت من الجوع ومامديش إيدي في أكل معاك
لم يطقْ أوس إتهاماتها الباطلة له، فإندفع نحوها بعصبية جلية في تعبيرات وجهه، ثم أمسك بها من رسغيها، ودفعها للخلف وهو يسير بخطوات سريعة، فألصق ظهرها بالحائط، ثم رفع ذراعيها أعلى، وثبت رسغيها بقبضتيه، و
جز على أسنانه قائلاً بحنق جلي وهو يحاصرها، ومحدقاً بها بنظرات حادة ومشتعلة:
-تقى، من فضلك، التزمي معايا.. وده أفضل لينا ! ماشي ؟!

نظرت له برهبة شديدة من عنفه المعهود معها، وخشيت أن يتطور الأمر، ويحدث ما لا يحمد عقباه، فلم تنطق وإكتفت بالإيماء برأسها موافقة في خوف منه..
ضغط أوس على شفتيه بقوة، وتأمل حالتها المرعوبة منه بندم، وأرخى قبضتيه عنها قائلاً بضيق:
-شكراً !
ثم تراجع مبتعداً عنها، وأولاها ظهره، وحدث نفسه قائلاً بصدق حقيقي:
-أنا خايف عليكي، يا ريتك تحسي بده، وماتبصليش كده !
ثم ضرب بقبضته المكورة الدرابزون، وصعد عليه سريعاً.. بينما تابعته هي بنظرات محتدة وظلت تفرك رسغيها لتخفف من قوة أصابعه عليهما..

في المقر الرئيسي لشركات الجندي للصلب
إبتلع عدي أحد الأقراص الطبية، ثم أعقبه بشرب رشفة ما، وحرك رأسيه للجانبين، وحدث نفسه بجدية ب:
-يا ريت يجي بفايدة العلاج ده !
أمسك هو بهاتفه المحمول، وظل يلفه بحركة دائرية بأصابع يده..
وتابع حديث نفسه ب:
-تهاني دي أوصلها إزاي ؟ ما هو لو كلمت أوس في الموضوع ده ممكن مايفدنيش، وأنا محتاج أعرف الست دي، وأعرف طريقها ! ممم.. يا ترى مين أكتر حد ممكن يفيدني في الموضوع ده ؟!

ثم طرأ بباله الإتصال بالمدبرة عفاف لمعرفة تفاصيل أكثر عنها، فهي أكثر شخص كان مقيماً في قصر عائلة الجندي، وستكون الأكثر علماً بما يتردد هناك من أسماء عن بعض الشخصيات..
إبتسم لنفسه بزهو، وهتف قائلاً بحماس:
-مافيش إلا هي..!

في الفيلا القابعة بالمنتجع السياحي
لاحقاً، ولج أوس إلى داخل المرحاض ليغسل وجهه، ثم بدل ثيابه على عجالة وإرتدى ملابساً " كاجوال " على غير عادته - ( بنطال جينز أزرق داكن، وتي شيرت أبيض اللون ) أبرز عضلات ذراعيه، وقوة صدره – ومشط شعره بأصابع يده، ثم إتجه للخارج وهو يضع ساعته في يده..
بحث بعينيه عن تقى فوجدها جالسة في التراس الملحق بالفيلا، وممددة لساقيها على الطاولة، وتفرك في أصابعع قدميها..

فتحرك بحذر نحوها، وإستند بظهره على المدخل، وعقد ساعديه أمام صدره، وظل يتأملها في هدوء لعدة دقائق..
ثم إعتدل في وقفته، وتنحنح بصوت خشن، فإنتبهت هي له، ووإرتبكت من حضوره المفاجيء، ولم تنظر نحوه، وإنتصبت في جلستها بعد أن أنزلت ساقيها..
سار أوس عدة خطوات حتى وقف قبالتها، ثم أردف قائلاً بصوت رخيم:
-أنا طالع أتغدى مع الوفد، أوردر الأكل أنا خلاص طلبتهولك، و هايجيلك هنا مع واحد من الحرس
زمت فمها للجانب، ولم تجبه، وظظلت محدقة أمامها..

أخذ أوس نفساً عميقاً، وزفره على مهل، ثم تابع قائلاً بضيق:
-عامة أنا عندي شغل، مش راجع الوقتي خالص، فخدي راحتك، سلام !
ثم تركها وإنصرف دون أن يضيف كلمة أخرى، بينما إلتفتت هي برأسها بحذر لتنظر له من طرف عينها لتتأكد من رحيله..
تنهدت في إرتياح.. وأرخت عضلاتها المتشنجة بعد أن سمعت صوت الباب يغلق، وحدثت نفسها قائلة:
-أووف، خانقة !

في مطعم المنتجع السياحي
مد أوس يده ليصافح أعضاء الوفد الأجنبي الذي جاء إليه خصيصاً من أسبانيا للتعاقد على صفقات جديدة مع الشركة..
كان الوفد مكوناً من أربعة رجال وسيدتين، ومترجم مرافق لهم..
أشار لهم بيده ليجلسوا، وفرقع بأصابعه ليبتعد حرسه للخلف حتى يستطيع مناقشة ما يريد بأريحية تامة..

بعد أقل من دقيقة، حضر بعض الندلاء وهم يحملون صحون الطعام، ثم بدأوا برصه أمام الجميع بطريقة منمقة للغاية، وانصرفوا دون إحداث جلبة..
وضع أوس يده على جيب بنطاله الجينز الأمامي ليتفقد هاتفه المحمول، ولكنه لم يجده، فزفر في ضيق، ثم قال بصوت جاد وهو محدق بأعضاء الوفد:
-I am sorry , but I need to get my cellphone ( بأعتذر، ولكني بحاجة للحصول على هاتفي )
ثم مط فمه قليلاً، وتابع مبرراً:
-All the data on it , just give me 5 minutes ( كل البيانات الخاصة بالعمل موجودة عليه، فقط اعطوني 5 دقائق لإحضاره )
أومأ له رئيس الوفد برأسه قائلاً بإبتسامة هادئة:
-Take your time, sir ( خذ وقتك سيدي )

في الفيلا القابعة بالمنتجع
إستغلت تقى الفرصة بعد أن أحضر لها الحارس طعام الغذاء في تبديل ملابسها، والتنعم بحمام دافيء.. خاصة وأن أوس الجندي لن يعود إلا ليلاً.. فأمامها مساحة من الوقت لتفعل ما تريد دون أي إزعاج منه..
فتحت هي الحقيبة الخاصة بها، ونظرت إلى الثياب الموضوعة بداخلها..
ثم تنهدت في إنهاك وهي تحاول إنتقاء المناسب لها..

هزت رأسها بقبول وهي تسحب تلك المنامة الحريرية ذات اللون الأحمر الداكن منها.. ثم تركتها على الفراش، وإتجهت نحو المرحاض بعد أن نزعت ملابسها..
أغمضت تقى عينيها، وإسترخت بداخل المغطس بعد أن ملأته بالمياه، وأسندت ذراعيها بجوار جسدها.. وتركت للماء الدافيء الممزوج بالصابون السائل والمنعش الدور في تليين عضلاتها المتشنجة..
شعرت براحة عجيبة بعد بضعة دقائق من الهدوء التام بداخله..
حاولت ألا تفكر في شيء حتى لا تعكر صفو تلك اللحظات الجميلة..

في نفس التوقيت، وصل أوس إلى الفيلا بسيارته، وصفها أمام المدخل، ثم ركض بخفة في إتجاه الممر، ثم دلف إلى الفيلا..
إشرأب بعنقه لينظر إلى تقى في التراس وهو يتجه نحو الدرابزون، ولكنه لم يدقق النظر ليتأكد من وجودها.. حيث كان على عجلة من أمره، ونظر في ساعته لأكثر من مرة ليعرف التوقيت..

نهضت تقى من المغطس، ولفت جسدها بالمنشفة العريضة، ثم سحبت منشفة أخرى قطنية لتجفف بها شعرها المبتل..
نظرت إلى نفسها في مرآة المرحاض، فلاحظ تورد وجهها من جديد، وإنتشار الدموية به.. فإبتسمت لنفسها برضا.. ثم أحنت رأسها للأمام لتكمل تجفيف خصلات شعرها من الخلف..

وصل أوس إلى الغرفة، ودلف إلى الداخل وهو مركز تفكيره في إستخراج هاتفه من بدلته التي نزعها قبل أن يخرج، وتركها على الأريكة الوثيرة..
وبالفعل وجد هاتفه، وعبث به ثم دسه في جيبه، وإستدار عائداً للخارج..
ولكن لفت أنظاره تلك المنامة الحمراء الموضوعة على الفراش، فقطب جبينه بإستغراب، وضيق عينيه في فضول، وإتجه نحوها..
مد أوس أصابعه ليتحسسها.. ثم رفعها عن الفراش، وقربها من وجهه، وأغمض عينيه وهو يلامسها بوجهه..
وأخذ نفساً عميقاً حبسه في صدره، وتخيل زوجته وهي ترتديها له كزوجين طبيعين، فإلتوى فمه بإبتسامة عفوية..

أمالت تقى رأسها للأمام وهي تقوم بربط المنشفة عليها، ثم أدارت مقبض الباب لتخرج من المرحاض، و...!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة