قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية ذئاب لا تعرف الحب الجزء الثاني بقلم منال سالم الفصل الرابع والخمسون

رواية ذئاب لا تعرف الحب الجزء 2 بقلم منال سالم

رواية ذئاب لا تعرف الحب الجزء الثاني بقلم منال سالم الفصل الرابع والخمسون

ولجت تقى إلى الغرفة وهي تعيد وضع المنشفة القطنية على شعرها المبتل.. وفجأة تسمرت في مكانها مصعوقة، وإتسعت حدقتيها في رعب حينما رفعت رأسها للأعلى لتجد أوس واقفاً أمامها وممسكاً بتلك المنامة..
إرتجفت شفتيها بشدة، ودبت قشعريرة قوية في جسدها، وشحب لون بشرتها بطريقة ملفتة، وخفق صدرها صعوداً وهبوطاً بإضطراب ملحوظ..
إستنشق أوس تلك الرائحة المنعشة للصابون التي ملأت أنفه، ففتح عينيه على الفور ليراها تقف مشدوهة أمامه..

أخفض عينيه تدريجياً – وعفوياً – على جسدها المبتل، ودقق النظر في بشرتها البيضاء المغرية، ورأى جسدها الملفوف بحرفية مثيرة في المنشفة، فسيطرت عليه رغبة معانقتها عناقاً طويلاً، ومزج جسديهما معاً ليصيرا كياناً واحداً...
ضمت تقى يديها بصورة لا إرادية إلى صدرها محاولة إخفاء مفاتنها من نظرات عينيه القوية والمسلطة عليها بطريقة أرعبتها وذكرتها بفعلته النكراء..
وتراجعت بخطوات حذرة - ومرتبكة للغاية - إلى الخلف..

مد أوس يده أمام وجهها قائلاً بجدية بعد أن لاحظ خوفها البائن في نظراتها المحدقة به:
-ماتخفيش.. أنا مش هاعملك حاجة !
هزت رأسها مستنكرة، وأجابته بصوت مرتجف:
-إنت.. إنت..لألألأ !
هتف قائلاً بصوت صارم:
-تقى، اهدي أنا مش جايلك !
ثم أدار رأسه للجانب، وتابع قائلاً بجدية أقل:
-أنا بس نسيت موبايلي وآآ..

قاطعته بصراخ حاد وقد أدمعت عينيها رعباً:
-إنت كداب.. آآ.. إنت استغفلتني، و.. وآآ.. وعملت الهيلمان ده كله عشان تكرر إنتقامك مني
فغر فمه مندهشاً بعد ظنها السيء به، وإحتقن وجهه نوعاً ماً، وصاح قائلاً بإعتراض:
-مش حقيقي، أنا قولتلك آآ...
قاطعته وهي تصرخ بجنون:
-لييييه ؟ حرام عليك !

خفق قلب أوس بقلق بالغ عليها بعد رأى تلك الحالة المذعورة المسيطرة عليها
فاقترب منها بخطوات حذرة وهو يقول بإستعطاف:
-اسمعيني يا تقى، أنا مكونتش جايلك، أنا آآ..
هتفت مقاطعة إياها بصوت متشنج ومختنق وهي تحدجه بنظراتها الإحتقارية:
-أنا بأكرهك، وهافضل أكرهك لحد ما أموت !
ثم أولته ظهرها، وركضت عائدة إلى داخل المرحاض، وصفقت الباب دون تردد، وأوصدته من خلفها، وإستندت عليه بظهرها.. وفردت ذراعيها عليه وظلت تشهق بصوت مرتفع..

إبتلع أوس غصة أشد مرارة عن ذي قبل في حلقه، وهتف بصوت محتد:
-استني يا تقى !
أجهشت هي بالبكاء الحارق، وتنهدت بصراخ، فزاد حزنه وآلمه عليها..
إختنق صدره من صوت بكائها، ووضع يديه على رأسه، وضغط عليها بعصبية وهو يدور حول نفسه حائراً في كيفية التصرف معها لتهدئتها..
كم يبغض أن تصير الظروف كلها ضده، ويصبح دائماً في نظرها الجلاد القاسي الذي نفذ فيها حكم الإعدام.. ويعجز عن إثبات صدق نواياه معها..

صر على أسنانه غاضباً، وإتجه إلى باب المرحاض، وأمسك بمقبضه بيد، وظل يديره محاولاً فتحه، وكور قبضة يده الأخرى ليطرق بها على الباب بقوة وهو يقول بإنفعال:
-افتحي يا تقى
صرخت قائلة بنشيج جلي وعينيها مغرورقتان بالدموع:
-سيبني أمشي من هنا !
إزداد ضيقه وهو يستمع إلى شهقاتها الموجعة، فهدر قائلاً بنبرة شبه مهددة:
-تقى، لو مافتحتيش الباب ده هاكسره !

شهقت بفزع وهي تكتم فمها بكفيها، وإنتفض جسدها بذعر.. ونظرت حولها بنظرات زائغة..
شعرت تقى أنها محاصرة منه، لا مفر لها من قبضته التي لا تغفر من أساء له..
تكررت مشاهد إغتصابها أمام عينيها.. وزادت رجفتها أكثر..
تسارعت دقات قلبها بصورة مقلقة، وإمتزجت مع صوت طرقات قبضه العنيفة على الباب..
إبتعدت برعب عن الباب، ونظرت له بهلع.. وظلت تنتفض بخوف في مكانها..

تشبثت بالمنشفة بقوة، ولامت حالها لأنها غفلت عن أخذ ما تستر به جسدها من عينيه القاسيتين التي تخترق جسدها وتعريها أكثر وأكثر..
وقعت عينيها على المناشف المرصوصة بالجانب، فجذبت واحدة أخرى، ولفتها حول كتفيها، وضمتها بقبضة يدها المرتعشة.. وحدثت نفسها قائلة بإرتعاد:
-لازم اهرب من هنا، مش هايدبحني تاني، مش هاخليه يموتني تاني !
ثم جابت بعينيها المرحاض محاولة البحث عن وسيلة للفرار..
فلم تجد سوى نافذة علوية أعلى المغطس، متوسطة العرض و مغلقة من الداخل، وموضوع عليها ستارة بلاستيكية زرقاء..

هتفت لنفسها قائلة بإصرار:
-ماقدميش إلا أنط، الموت أرحم من إنه يحط ايده عليا !
هرعت تقى ناحية المغطس، وصعدت على حافته بحذر، ثم مدت ساقها الأخرى لتقف على الحافة الموازية فتحافظ على توازنها ولا تسقط..
كما أسرعت برفع ذراعها للأعلى لتتمكن من فتح مقبض النافذة.. وظلت ضامة بيدها الأخرى لطرفي المنشفة المغطية لكتفيها.. ولكن كان المقبض مرتفع، فشبت بنفسها للأعلى محاولة الإمساك به

إنقبض قلب أوس بقلق بالغ حينما لم يجد أي رد من تقى عليه، فخشي أن يكون أصابها مكروه ما، وفقدت وعيها، فهتف صائحاً بذعر وهو يحاول فتح الباب عنوة:
-تقى، ردي عليا، تقى !
لم يمهل نفسه وقت للتفكير، فقد توقع الأسوأ لها، لذا تراجع مسرعاً عدة خطوات للخلف، وإندفع بقوة رهيبة نحو الباب ليرتطم به بجسده محاولاً تحطيمه..

فزعت تقى في مكانها وهي تستمع إلى صوت الإرتطام القوي.. وشهقت مذعورة، وتلاحقت أنفاسها بخوف أشد، وكادت أن تفقد توازنها..
ولكنها تماسكت، وظلت " تعافر " من أجل فتح المقبض، فقد كانت ترتجف بشدة، فعجزت عن فتحها بسهولة..

تراجع أوس مجدداً للخلف، وإنطلق بإندفاع عجيب نحو الباب ليصطدم به ويتمكن من فتحه...

في المقر الرئيسي لشركات الجندي للصلب
دلفت السكرتيرة إلى داخل مكتب عدي وهي تتهادى في مشيتها إلى أن وقفت قبالة مكتبه، وقالت بصوت خافت:
-عدي باشا، في واحدة برا منتظرة حضرتك إسمها عفاف !
هب واقفاً من مقعده، وصاح بتلهف وهو يشير بيده:
-عفاف ! دخليها بسرعة !
إبتسمت له وهي تجيبه:
-حاضر يا فندم.

ثم سارت عائدة نحو الباب لتهتف قائلة بهدوء:
-اتفضلي يا مدام، الباشا منتظرك
-شكراً
قالتها عفاف وهي تبتسم إبتسامة مجاملة للسكرتيرة أثناء دخولها المكتب..
مد عدي يده ليصافحها قائلاً بنبرة مرحبة:
-ازيك يا مدام عفاف، اتفضلي
-أنا بخير يا عدي باشا، أؤمري
أشار لها بيده لتجلس على الأريكة الجلدية العريضة قائلاً بجدية:
-اقعدي بس الأول
أومأت برأسها موافقة وهي ترد بصوت خافت:
-حاضر.

-مدام عفاف، أنا كلمتك وطلبت أشوفك عشان خاطر ليان !
هزت رأسها بخفة وهي تجيبه بنبرتها الهادئة:
-أيوه، ماحضرتك قولتي ده في التليفون !
مط فمه ليجيبها بصوت جاد وهو محدق بها:
-تمام، بس الحقيقة أنا كنت عاوز أسألك عن حاجة تانية تخص ليان ومهمة بالنسبالها جداً
قطبت جبينها في حيرة، وهتفت قائلة بإهتمام:
-اتفضل !
تنحنح بخفوت، ثم أردف قائلاً بحذر:
-تهاني !
ردت عليه بنبرة جادة وهي جامدة الملامح:
-مين ؟

حدق بها عدي وهو يتأمل ردة فعلها، وتابع قائلاً بصوت رخيم:
-تعرفي ايه عن تهاني دي يا عفاف
إرتكبت قليلاً، وزمت ثغرها.. وأجفلت عينيها متحاشية النظر نحوه، فأعاد سؤالها بإصرار:
-مدام عفاف، أنا مش فارق معايا تهاني دي، بس لأن ليان تهمني، وعلاجها ممكن يكون متوقف على وجود الإنسانة دي في حياتها فأنا عاوز أعرف تقربلها إيه !
ابتلعت ريقها بتوتر.. ونظرت له بقلق وهي تجيبه متوجسة:
-أنا.. معنديش أوامر أتكلم عنها أو عن أي حد !
سألها بإستغراب شديد وهو يتفرس في تعابير وجهها الغامضة:
-أوامر من مين ؟

ردت عليه بنبرة دبلوماسية وهي تفرك أصابع يديها بتوتر:
-مش من حد معين، بس إتعودت إن أي أسرار أعرفها ماتطلعش برا
إبتسم لها بإعجاب من أخلاقها النبيلة، وهتف قائلاً بإمتنان
-ده شيء عظيم !
ثم إنحنى بجسده نحوها، وتابع قائلاً بنبرة شبه راجية:
-بس.. بس لو السر اللي هاتقوليه ده يعتمد على حياة إنسانة غالية عندي وزي بنتك، هتتأخري عنها ؟!

-هاه
أضاف عدي قائلاً بإهتمام واضح في نبرته وقسمات وجهه، وحتى نظراته:
-مدام عفاف، إنتي شوفتي حالة ليان بقت عاملة إزاي، وأنا نفسي ترجع زي زمان، ونعيش حياتنا أنا وهي بطريقة طبيعية
صمت للحظة منتظراً ردها عليه، فأدرك أنه قاب قوسين أو أدنى من إقناعها، فأكمل قائلاً بجدية وهو مسلط أنظاره العميقة عليها:
-وأوعدك اللي هاتقوليه محدش هايعرف حاجة عنه حتى أوس !
همست قائلة بتلعثم ناظرة إليه بقلق:
-بس..آآ..

هز رأسه قائلاً بصوت هاديء وجاد:
-صدقيني يا مدام عفاف، ليان بالنسبالي بقت أهم حاجة في حياتي، وهاعمل اللي أقدر عليه عشان تخف، و نكمل حياتنا !
ظلت عفاف صامتة لبرهة تفكر بعقلانية فيما قاله، ثم حسمت أمرها قائلة بهدوء:
-خلاص يا باشا، أنا هاقولك !

في الفيلا القابعة بالمنتجع السياحي
اقتحم أوس المرحاض بعد أن تمكن من تحطيم بابه، وبحث بعينيه سريعاً عن تقى، فوجدها تحاول تسلق النافذة والفرار منها.. فإتسعت حدقتيه في صدمة، وهتف قائلاً بصوت جهوري:
-تقى !
لم تنظر هي نحوه، بل أكملت محاولتها البائسة في الهروب والذود بنفسها منه حتى لو كان مصيرها الموت...

ودون لحظة تردد واحدة، إندفع أوس نحو المغطس، ومد ذراعيه ليحاوطها من خصرها، ثم أنزلها عنوة من الأعلى..
صرخت تقى بإهتياج عنيف، وركلت بساقيها في الهواء، قائلة:
-لألألألأ.. !
أنزلها أوس على ساقيها، ولكنه لم يفلتها، بل أدارها لتواجهه، وحاول إحتواء إهتياجها العصبي بضمها بقوة إلى صدره، ومعانقتها بشدة..
إزدادت قوة صرخاتها، وضرباتها بيدها العاجزيتين لصدره وهي تهتف بجنون:
-ابعد عني، لألألألأ !

لم ينبس أوس بكلمة واحدة، بل إستمر في تطويقها بذراعيها، وثبت رأسها في صدره بطرف ذقنه.. وتحامل على نفسه خدشها له بقسوة، وعض على شفتيه بقوة محاولاً تهدئة نفسه، والسيطرة على نوبة هياجها..
مع كل لحظة كانت هي فيها في أحضانه، زادت حدة أنفاسها وذعرها بسبب خوفها من تكرار مأساة إنتهاك إنسانيتها..
أُعتصر قلبه آلماً من هلعها المبرر منه.. وحبس أنفاسه المحسورة على حالها..
فقد إفترسها بشراسة ذئاب لا تغفر لمن تخطى المحظور وتجرأ على مواجهتهم..

لذا ليس من الغريب أن تقاومه حتى أخر أنفاسها..
شعرت تقى بعظامها تعتصر من قوة ضمه إليها، وبأنفاسها تختنق في صدره، ويئست من تحرير نفسها منه..
لم تردْ أن تعيش تلك التجربة الموحشة من جديد وهي واعية.. فيكفيها عذاب أول مرة.. وويلاتها..
لذا لم يعد أمامها أي خيار سوى الإستسلام لقرار عقلها بالإنسحاب عن الواقع الملموس، وفقدان الوعي..
شعر أوس أنها إستكانت فجأة في أحضانه بعد دقائق من المقاومة الشرسة له..
فنظر لها بتوجس، فرأها قد غابت عن الوعي، فخفق قلبه رعباً عليها، وهتف قائلاً بذعر:
-تقى.. تقى !

ضربها بخفة على وجنتها لعلها تستجيب له، لكن بشرتها كانت باردة كالثلج، وشفتيها تميل للزرقة.. فتملكه الهلع عليها.. وإنحنى ليحملها من أسفل ركبتيها، ثم سار بها مسرعاً إلى خارج المرحاض..
أسندها أوس على الفراش، وأسرع بتدفئة جسدها بالأغطية الموضوعة..
ثم ركض كالمجنون نحو حقيبة السفر ليبحث فيها عن أدوية العلاج الخاصة بها والتي أوصاه الطبيب مختار بإستخدامها في حالة حدوث طاريء لها..

وبالفعل وجد غايته، وأسرع بإخراج إبرة طبية نظيفة، وإنتزع غطائها بفمه، وحقنها بالكمية المطلوبة من العقار الطبي..
ثم هرول عائداً إلى الفراش، وجثى على ركبته، وسحب ذراعها، ثم قام بغرز الإبرة فيه بحذر..
وما إن إنتهى حتى أسند الإبرة على الكومود، ونظر إليها بندم شديد، ومسد بيده على جبينها قائلاً بأسف:
-صدقيني يا تقى، أنا مقصدش أخوفك بالشكل ده !
ثم نهض عن الأرضية، وجلس على طرف الفراش، وتابع قائلاً بصوت مختنق وهو يمسح على وجنتها براحته:
-سامحيني يا تقى لو فكرتك باللي حصل.. سامحيني !

لاحقاً، تململت تقى في الفراش، وتمطعت بذراعيها، ثم تثاءبت بخفوت وهي تفتح جفنيها..
ثم رمشت بعينيها لعدة مرات محاولة تذكر ما حدث، فقد شعرت أن هناك أمراً ما غريباً قد حدث..
نظرت إلى ذراعها المغطى بأكمام زرقاء بإستغراب..
وجاهدت لتعرف كيف إرتدتها..

ثم هبت من نومتها بقلق بالغ، وأزاحت الغطاء عنها لتنظر إلى هيئتها بذعر، فقد تذكرت ما حدث لها تواً..
إبتلعت ريقها بخوف، وجابت بعينيها المكان متوجسة وتلمست جسدها بيدين مرتعشتين لتتأكد من عدم إصابتها بمكروه..
ثم إنتفضت في مكانها حينما رأت أوس يدلف إلى الغرفة وهو متأنق بشكل مريب ويرتدي حلته الرمادية الداكنة، ومن أسفلها قميصه الأسود..
إنكمشت على نفسها،وضمت ساقيها إلى صدرها بقلق بالغ..
وسلطت أنظارها المذعورة عليه..

بدى أوس غريباً وهو ينظر لها ببرود، ثم أردف قائلاً بنبرة ساخرة:
-كل ده نوم، ما صدقتي تنامي هنا بالساعات !
رمشت بعينيها في عدم فهم، وتابعته وهو يتحرك نحو التسريحة العريضة بتوجس شديد..
حدق أوس إلى إنعكاس صورته في المرآة، وأمسك بالمشط، وأعاد تمشيط شعره، ثم ألقاه دون إكتراث على التسريحة، وإلتفت إليها قليلاً لينظر لها من طرف عينه قائلاً بصوت رخيم:
-عاوزك تلبسي حاجة مناسبة عشان عندنا عشاء عمل، وماتقوليش لأ !

فغرت شفتيها المرتجفتين بصدمة، ونظرت له بحيرة وهي تهمس:
-هاه، ع.. عشا !
اقترب منها بعد أن دس يديه في جيبي بنطاله، ثم أضاف قائلاً بصوت جاد:
-ايوه، ده شغلي، وأنا مفهمك قبل ما نيجي، إنك معايا هنا في شغل، فيا ريت تجهزي بسرعة !
ثم أخرج يده اليسرى من جيبه ليرفعها أمام وجهه ونظر إلى ساعة يده قائلاً بجدية:
-معاكي 10 دقايق تلبسي فيهم، وأنا مستنيكي تحت.

شعرت تقى بالريبة مما يحدث، فأخر ما تتذكره هو إقتحام أوس للمرحاض، ثم تمكنه منها، وغيابها عن الوعي..
نظر لها أوس بجمود عجيب وكأن شيئاً لم يحدث، ثم تركها وإنصرف دون أن يضيف كلمة أخرى ومزيداً من حالة الغموض لديها..
إنتفضت هي من على الفراش بعد رحيله، وأسرعت ناحية المرحاض لتتأكد من عدم توهمها لتلك الذكريات القريبة..
وتسمرت في مكانها مصدومة، وإنفرجت شفتيها للأسفل في عدم تصديق حينما دققت النظر في باب المرحاض، وتفاجئت بأنه كما هو، لم يصيبه سوء..

نزل أوس على الدرج وعلى وجهه إبتسامة عابثة لم يستطع إخفائها أكثر من هذا.. فقد نجحت خطته بدرجة كبيرة، وإنطلت الخدعة على تقى.. وإلتوى فمه وهو يحدث نفسه بثقة وتفاخر:
-مش أي حد ينفع يكون أوس الجندي !

بعد فقدان تقى لوعيها وحقنها بمادة طبية مهدئة، أسرع أوس بالتفكير في حل سريع لما حدث..
هو لا يريد تكرار تلك المأساة معها، والوصول إلى مرحلة خطيرة في حالتها النفسية.. لذا هداه تفكيره إلى التصرف بحنكة معها، وإصلاح ما حدث..
قام أوس بإحضار منامة حريرية أخرى من الحقيبة، من اللون الأزرق، وذات أكمام طويلة، وعاد إلى الفراش، وبحذر شديد قام بنزع المنشفة الأولى التي تغطي كتفيها، فأغراه جسدها العاري، وتلمس بشرتها بتوتر فزادت رغبته فيها..

ولكنه قاوم هذا الشعور بشدة وأغمض عينيه محاولة إبعاد أي فكرة مثيرةعن عقله.. وأخذ أنفاساً عميقة، وحبسها في صدره، وزفرها على مهل شديد ليضبط حاله..
فرد الكنزة الخاصة بالمنامة، وحلها من أزراها، ثم لفها حول كتفي تقى، وقام بإلباسها إياها من ذراعيها.. وأحكم غلقها عليها، ثم بتوتر رهيب إنتزع عنها المنشفة الأخرى التي تغطي بقية جسدها.. وأكمل تلبيسها باقي المنامة..

ركز أوس كل تفكيره أثناء فعل هذا على عدم الإنجراف وراء أي أفكار مهلكة..
وبعد أن إنتهى، قام بتغطيتها جيداً حتى يضمن تدفئتها..
ثم أسرع بإبعاد المنامة الحمراء وتخلص منها، وأمسك بهاتفه المحمول، هاتف إدارة المنتجع قائلاً بجدية وهو مسلط أنظاره على زوجته:
-عاوز حد من الصيانة يجي فوراً..!
كذلك إعتذر عن حضوره لمأدبة الغذاء مع الوفد الأسباني ليشرف بنفسه على إتمام كل شيء وفق رغبته...
كما قام بإحضار المجفف، وتجفيف شعرها المبتل حتى لا يتجعد ويفضح أمره..

وبالفعل قامت إدارة المنتجع بإرسال عمال الصيانة حيث قاموا بإصلاح باب المرحاض، وتبديل التالف من المقابض..
ثم طلب أوس منهم تغيير ستائر المرحاض إلى لون وشكل أخر..
وتم ما أمر به في أقل من ساعة حيث تم إرسال عاملة أخرى ومعها ستائر بديلة من اللون البيج والمنقوشة بخيوط بنية..
كما تخلص من جميع المناشف الموجودة بالمرحاض وإستبدالها بأخرى نظيفة وجديدة ومختلفة الشكل، وأيضا تم تبديل الشامبو وسائل الإستحمام إلى أنواع أخرى مختلفة في الرائحة وتصميم الزجاجة...

تنهد أوس في إرتياح بعد تأكده من تغيير كل شيء، وعاد إلى الجلوس إلى جوار زوجته على الفراش، وأمسك بكفها بين راحتيه، ثم رفعه إلى فمه وقبله بحنو شديد وهو يضيف بهمس:
-مش هاتفتكري معايا أي حاجة تضايقك تاني مني...!

عودة للوقت الحالي
غرست تقى أصابعها في فروة رأسها، وحكت رأسها بحيرة، وعقدت ما بين حاجبيها في إندهاش واضح وهي تتأمل المرحاض بنظرات فاحصة..
ثم حدثت نفسها قائلة بإستغراب:
-استحالة أكون حلمت بكل ده...!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة