قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية ذئاب لا تعرف الحب الجزء الثاني بقلم منال سالم الفصل التاسع والثلاثون

رواية ذئاب لا تعرف الحب الجزء 2 بقلم منال سالم

رواية ذئاب لا تعرف الحب الجزء الثاني بقلم منال سالم الفصل التاسع والثلاثون

عند المخزن القديم التابع لشركات الجندي للصلب
فغرت لوزة ثغرها في صدمة بعد أن تلقت تلك الصفعة المؤلمة على وجنتها، ونظرت لأوس بنظرات مشدوهة غير مصدقة ما فعله..
أفاقت من صدمتها تلك بعد لحظات قائلة بصوت متقطع:
-إنت.. انت بتضربني ؟
هدر بها أوس بصوت قاتم قائلاً وهو يحدجها بنظراته المشتعلة:
-هو إنتي شوفتي حاجة يا ***** يا *****
ثم قبض على ذراعها، وهزها بعنف وهو يصرخ بها بصوت جهوري:
-مش أوس الجندي اللي يتلعب عليه، ولا يضحك على أخته!

لم يخلو وجهها من تعابيره الصادمة، وابتلعت ريقها وهي تردد بتلعثم:
-هاه، إنت.. إنت عرفت ؟!
رد على تساؤلها بتهكم وهو يرمقها بسخط:
-هو إنتي مكونتش عاوزاني أعرف
-آآ..
هزها بعنف مجدداً وهو يغرز أظافره في ذراعها ليزيد من آلمها قائلاً بإهتياج:
-عملتي كده ليه ؟

أجابته بصوت منفعل وهي تشير بإصبعها:
-عشان أحرق قلبك على اختك زي ما حرقت قلبي عليك
حدجها بنظرات شيطانية نارية، بينما تابعت هي بصراخ هادر غير عابئة بما سيفعله بها وقد نجحت في تحرير ذراعها من قبضته ب:
-ماهو مش أنا اللي اترمى زي الكلاب وغيري يخدك على الجاهز، وأولع أنا، لأ يا باشا، لوزة مش رخيصة للدرجادي، ده أنا لحمي مر، ومُر أوي، وماسبش حد حطيته في دماغي!

إكتفى أوس بتقويس فمه بسخط متابعاً إياها بتوعد بعد أن ظنت أنها قد نالت الفرصة لتجيش عما بصدرها.. فقد كان يريدها أن تفصح أكثر لتكتمل خطته معها بتشفي دون أن يندم للحظة معها..
-ممم..
أخذت هي نفساً عميقاً، وزفرته وهي تصرخ بصوت منفعل وهي تشير بإصبعها:
-وإنت بقى مليت دماغي، وروقت كيفي زي ما أنا كنت بأشوف مزاجك!
إنتظرت منه أن يهتاج أو يثور، ولكن صمته المريب جعلها تمتد في حديثها النزق قائلة:
-هو انت فاكرني هبلة أسيبك بالساهل، يبقى ماتعرفش لوزة كويس!

حدجها بنظرات مخيفة وهو يسألها بإيجاز:
-خلصتي ؟
هزت رأسها نافية وهي تهتف بصوت أكثر حدة:
-لأ لسه يا باشا، أنا قلبي بيقيد نار لما بأشوفك مع حد تاني، مين غيري استحملت اللي بتعمله زيي، وكملت معاك السنين دي كلها.. أنا موجودة جواك يا باشا، بأجري في دمك.. صعب أوي أسيبك تبعد عني، ولا واحدة تلوف عليك غيري!

صرخ في وجهها قائلاً:
-تقومي تستغلي أختي وتوقعيها
إلتوى فمها بإبتسامة متهكمة وهي تجيبه بتشفي:
-كانت قرصة ودن، كنت عاوزة أشوفك مذلول زي ما أنا بأتذل معاك!
ثم تبدلت نبرة صوتها للضيق، وعبست بوجهها أكثر، وزادت نظراتها المحتقنة وهي تتابع قائلة:
-بس ولا فرق معاك اللي حصلها، وهي كملت حياتها عادي، وأنا اللي بقيت بأتكوي بناري أكتر.. وإنت يا باشا عايش حياتك ولا همك ايه اللي بيجرى في الدنيا، وشوفت نفسك مع غيري!

ضيق عينيه في فضول، وسألها بجمود:
-قصدك مين ؟
هتفت بجموح وهي ترمقه بنظراتها الإحتقارية:
-البت الزبالة اللي اتلميت عليها في البيت إياه، اللي شاف ليالينا الوسخة كلها، وهي أخدة هناك مكاني، ومتربعة فيه عشان تشوف مزاجك، بس مهما عملت مش هاتكون زيي!
هوت يده فجأة على وجهها ليصفعها بقوة أشد وهو يهدر بها بصوت متشنج وهو يقتلها بنظراته النارية:
-اخرسي، هي فعلاً مش زيك، ولا تشبهك في شيء!

شعرت بفكها يحطم من قوة صفعته، ووضعت يدها عليه لترى الدماء تذرف من بين أسنانها.. فشهقت بصوت منفعل قائلة:
-آآآي.. اضربني تاني يا باشا، ما أنا واخدة عليكي، وبأتبسط أوي من ده، زيك بالظبط، ماهو المزاج واحد، ولا هي نستك ده ؟ تلاقيها مش بتشوف شغلها كويس!
أطبق على عنقها بقبضة يده، وإعتصره بقوة مفرطة جعلتها تختنق بشدة، وتلهث بصعوبة محاولة التنفس، وصرخ فيها بصوت هادر قائلاً وهو يحدجها بنظراته المميتة:
-اخرسي، ماتجبيش سيرتها على لسانك القذر ده، هي أشرف من أي حد، هي مراتي يا *****.

أخرجت لسانها محاولة إلتقاط أنفاسها وهي تقول:
-آآآ.. لآ..آآآآ
زاد من قوة ضعطته وهو يكز على أسنانه قائلاً بشراسة:
-مراتي اللي اسمها انضف من واحدة زيك تتكلم عنها
تلون وجهها بزرقة غريبة وهي تحاول الإستغاثة قائلة:
-آآآ..كح..آآ.. ه.. هاموت!

إتسعت حدقتيه الحمراوتين لترمقها بنظراته المخيفة، وأكمل قائلاً بنبرة مميتة:
-إنتي غلطتي، وهتتحاسبي يا *****
هنا تدخل أحد الأفراد الذين يرتدون زياً مدنياً، ولكن هيئته توحي بأنه من رجال الشرطة، وهتف قائلاً بصوت جاد من على مسافة شبه قريبة:
-سيبها يا باشا، إحنا هنتعامل معاها!
ثم اقترب منه بحذر، ووضع يده على كتفه، وربت عليه بخفة قائلاً بنبرة شبه متوسلة:
-من فضلك يا باشا
لم يهتم به أوس، ولم يستدر نحوه، بل ظل مطبقاً على عنقها، محدجاً إياها بنظراته القاتلة، ورد قائلاً بصوت غليظ:
-مش هاسيبها إلا ميتة!

حاول الضابط إزاحه ذراعه بعيداً عن عنقها قائلاً بنبرة جادة:
-هي اعترفت يا باشا، واحنا هانكمل الباقي!
لم يطرف له جفن، وهتف قائلاً بقساوة:
-مش فارق معايا، الكلب اللي جوا اعترف عليها
نظر له الضابط برجاء قائلاً بصوت شبه منزعج بعد أن رأى علامات الإختناق جلية عليها:
-يا باشا، دي بت ***** ماتستهلش توسخ ايدك!

بعد محاولات جادة من الضابط مع أوس، تركها هو بصعوبة، فسعلت بصوت قوي، وتحشرج صوتها وحاولت إلتقاط أنفاسها، فقد كانت قاب قوسين أو أدنى من لفظ أنفاسها الأخيرة على يده..
وضعت يديها على عنقها لتتحسسه، وأطرقت رأسها للأسفل..
بينما سحب رجلين من الداخل فارس الذي تراخى جسده بفعل الضربات المبرحة، وألقوه عند قدمي أوس الجندي، فنظرت إليه لوزة بذعر..

كان فارس يبكي بحرقة، ويصدر أنيناً خافتاً وهو يحاول التكور على نفسه، ثم وضع يده أسفل معدته ليتحسس الجزء السفلي من جسده، والذي كان ملوثاً بالدماء..
لم تفهم هي سبب بكائه الجلي.. ولكن خفقات قلبها المرتعدة، ونظرات فارس المخذوله تشير إلى أنه تعرض لإيذاء وحشي له صله برجولته..
ومن ثم رفعت بصرها المرتجف ناحية وجه أوس لتتفرس تعبيراته المخيفة..

أشار هو لها بإصبعه وهو يتابع بصوت قاتم ونظرات متشفية:
-كلبك أهوو.. معدتش ينفع بنكلة، وعرف قيمة اللي عمله كويس، وهايفتكره لحد أخر عمره، ده لو فضل عايش
سألته بصوت مبحوح ومتلعثم وهي توزع أنظارها المذعورة بينهما:
-إنت.. إنت عملت فيه إيه ؟
رد على سؤالها بنبرة مخيفة ب:
-قولي هاعمل فيكي ايه ؟

رأت في عينيه الإنتقام الحقيقي من جريمتها، فحاولت أن تستجديه قائلة بنبرة شبه نادمة:
-أنا مغلطتش عشان تعمل كل ده، أنا واحدة بتحبك، وعملت كل اللي انت عاوزه عشان ترضيك!
تجهم وجه أوس وإزداد قتامة، فخشي الضابط أن يتهور ويرتكب ما لا يحمد عقباه على مرآى ومسمع منه، فقال بنبرة رسمية بعد أن تحرك ليقف أمامه ويسد عليه الطريق:
-باشا، ماتوسخش إيدك مع واحدة زيها، المحاضر متظبطة، وأنا هأخليها تتروق في الحجز.

لم يحدْ أوس بنظراته النارية عنها، وهتف قائلاً بجمود:
-عاوزها تخش القسم مفضوحة، سامعني!
أومأ الضابط برأسه قائلاً بثقة:
-ده أقل واجب معاها
تراجعت للخلف بخوف بائن على كل جسدها، وابتلعت ريقها وصرخت مذعورة:
-إنت.. إنتو هاتعملوا ايه ؟
أجابها أوس بصوت مخيف قائلاً:
-شغل آداب.. حاجة مش غريبة عليكي يا.. يا *****!
صرخت بأعلى صوتها وهي تشير بكفي يدها في الهواء:
-لألألألألألألأ...!

في الملهى الجديد
إبتسم ممدوح وهو يرى تلك الشابة الجديدة بجسدها المغري وهي تتلوى بحركات مثيرة أمامه لتزيد من رغبته فيها، وإستجابت هي بإحترافية لنظراته المتفحصة لجسدها المشتعل بالأنوثة..
وأتقنت بمهارة دورها كما علمها رب عملها بهججة ليغدق عليها الرواد بسخاء..
وما إن إنتهت من فقرتها الغنائية حتى أسرعت بالإستجابة لطلبه، وجلست ملاصقة له، فمد ذراعه حول كتفيها، ونظر لها بشهوة قائلاً:
-وجه جديد
ردت عليه رحمة بنعومة شديدة ألهبته:
-أيوه.. ها يجي مني ؟

إبتسم لها بإبتسامة مراوغة وهو يجيبها بمكر:
-أكيد، بهججة بيعرف ينقي موظفينه كويس
هزت كتفيها بطريقة مثيرة وهي تجيبه قائلة بدلال:
-عندك حق
مد ممدوح أصابعه ليتحسس بشرتها متسائلاً بلؤم:
-قوليلي بقى إنتي عندك كام سنة ؟
ردت عليه بتساؤل بصوت مغري وهي تتأمله بنظرات ذات مغزى:
-تديني كام ؟
فهم نظراتها الوضيعة، فمط فمه ليقول بعبث:
-مممم.. خليها بيني وبينك أحسن.

-ممم.. وماله، طالما كله بحسابه
أضاف قائلاً بثقة وهو يرمقها بنظراته المتعالية:
-لأ مع ممدوح متعديش.. هاغرقك فلوس
إزدادت ابتسامتها الطامعة اتساعاً.. فمال عليها ليهمس لها في أذنها بشيء ما، فضحكت هي بطريقة رقيعة، وغمزت له بطرف عينها وهي تتابع قائلة:
-خلاص.. زي ما تحب!

قطع حديثهما اللعوب رنين هاتف ممدوح، فتراجع بجسده للخلف، ومد يده في جيب سترته، ليخرج الهاتف وينظر إلى شاشته، فوجد اسم ناريمان يضيئها، فمط فمه في إستهجان، ثم تجاهلها، ولكن رن مجدداً معلناً وصول رسالة نصية، فقرأها دون اكتراث لوهلة، ولكن تبدلت ملامحه للجمود والصدمة، فأزاح ذراعه بعيداً عن رحمة، وقال بجدية:
-ثواني كده وجايلك
ثم نهض عن أريكته المريحة، وإتجه بخطوات أقرب إلى الركض نحو الخارج
تابعته رحمة بنظرات ساخطة، وحدثت نفسها بتهكم قائلة:
-باينه من إياهم بتاع كلام وبس.. أوووف.. المصلحة خدها الغراب وطار..!

نزل ممدوح على درجات الملهى وهو يضع هاتفه المحمول على أذنه، ومحدقاً أمامه بنظرات قلقة..
هتف قائلاً بصوت شبه منزعج حينما ردت عليه ناريمان ب:
-ايه اللي انتي كتباه ده ؟
أجابته قائلة بسخط ب:
-ماهو انتو مش عاوز ترد على تليفوناتي
سألها بصوت جاد وهو يتجه نحو سيارته:
-يعني ايه تهاني ظهرت ؟
ردت عليه بصوت منفعل قائلة:
-يعني زي ما بأقولك تهاني عايشة وشوفتها واشتبكنا مع بعض!
أخذ نفساً عميقاً ليسيطر على إنفعالاته، وزفره على مهل ليسألها بجدية:
-احكيلي بالظبط اللي حصل.

وقفت تهاني أمام محل البقالة الموجود على مقربة من بنايتهم السكنية القديمة لتتحدث بصوت جاد قائلة:
-ممكن الموبايل لو سمحت
نظر له صاحب المحل بإستغراب، فملامح تلك السيدة مألوفة، ولكن يتعذر عليه تخمين هويتها..
شعرت هي بغرابة نظراته لها، ولم تهتم.. بل أعادت تكرار طلبها بصوت مهذب، فإستجاب لها قائلاً:
-إحم.. لامؤاخذة.. اتفضلي، بس الدقيقة بنص جنية
-حاضر.

تناولت الهاتف المحمول منه، ونظرت إلى الكارت الصغير المطوي في يدها، وأولت ظهرها لصاحب المحل، واتصلت برقم ما..
ثم وضعت الهاتف على أذنها لتستمع إلى صوت هاديء يجيب عليها ب:
-أيوه
هتفت قائلة بتلهف وهي تضع يدها على مقرب من فمها:
-دكتورة رجاء
-مين معايا ؟
-أنا تهاني
ردت عليها الطبيبة رجاء باستغراب ب:
-حاجة تهاني!
ثم سألتها بإهتمام دون تردد للحظة:
-انتي فين ؟ واختفتي فجأة ساعة الحفلة، وآآ..

قاطعتها تهاني بصوت أقرب للهمس وهي تتلفت حولها:
-دكتورة رجاء أنا عاوزاكي في حاجة مهمة
ردت عليها بإيجاز ب:
-اتفضلي
اخفضت تهاني نبرة صوتها أكثر، وهمست قائلة بحذر وهي مطرقة الرأس:
-هي حاجة بخصوص بنت أختي ومش هاينفع أقولها في التليفون
أجابتها الطبيبة رجاء بإهتمام ب:
-طب هاتيها وتعالي الدار
هزت تهاني رأسها رافضة، وقالت بإعتراض:
-لأ مش هاينفع، أنا مش عاوزة أجي هناك!

تنهدت بصوت مسموع، وأضافت قائلة بإهتمام:
-طب قوليلي فكرة عنه!
تلعثم صوتها وهي تجيبها بحذر ب:
-الموضوع اصله آآآ.. آآآ.. يعني صعب يتحكي كده!
مطت رجاء شفتيها، وصمتت للحظات قبل أن تجيبها بصوت جاد:
-ممم.. طب بصي اكتبي في ورقة عنوان العيادة بتاعتي، وتعاليلي على هناك، أنا بأكون متواجدة من بعد الساعة 6 بالليل
هتفت تهاني بنبرة متحمسة وقد أدمعت عينيها:
-ربنا يباركلك يا دكتورة رجاء، أنا مش هانسى معروفك ده.

-أنا معملتش لسه حاجة
مسحت بطرف إصبعها تلك العبرات العالقة بأهدابها وهي تكمل قائلة بإمتنان:
-كفاية إنك مش بتتأخري عن حد
ردت عليها بهدوء ب:
-ده واجبي، خلاص هستناكي بكرة، وإن شاء الله خير
-يا رب.

في سيارة ممدوح
تابع ممدوح حديثه الخطير مع ناريمان بشأن ظهور تهاني في الحفل السنوي للجمعية الخيرية بداخل سيارته حتى لا يستمع إليه أي أحد، ونهرها بحدة لتعاملها بإستهتار مع الموضوع.. وأضاف قائلاً بصوت محتد:
-إنتي بغباءك فضحتي نفسك!
خرج صوتها صارخاً من الهاتف ب:
-وأنا كنت أعرف منين يعني إني هاشوفها!
حك ممدوح رأسه، ثم أردف قائلاً بهدوء حذر:
-خلاص سيبك من اللي حصل الوقتي، واعرفي مكانها فين.

سألته بنبرة حائرة ب:
-إزاي؟
رد عليها بصوت جاد وهو يدير محرك سيارته:
-شوفي مين اللي جابها عندك، ماهو استحالة تكون دخلت النادي ده منها لنفسها!
-أها
-اسألي كل الناس
ابتلعت ريقها لتسأله مجدداً بضيق:
-طب.. طب والسوشيال ميديا والكلام اللي اتنشر عني ؟
أجابها بصوت غير مكترث وهو يدير عجلة القيادة:
-كبري منه، إحنا نركز بس في تهاني ومكانها
-اوكي.

أضاف ممدوح قائلاً بجدية شديدة وهو مسلط أنظاره على الطريق:
-ناريمان، حطي في بالك إن وجود تهاني بيهددنا كلنا، وهايقلب الدنيا علينا
أجابته بتنهيدة إنهاك قائلة:
-ما أنا عارفة ده كويس، أومال يعني بأكلمك ليه
سألها بإهتمام واضح وهو يلوي فمه:
-وجوزك عرف ؟

ردت عليه بفتور ب:
-لأ.. مش بيرد عليا
هتف قائلاً بصرامة وهو عابس الوجه:
-عرفيه هو كمان، ماهو متنيل معانا في البلوى دي
ردت عليه بضجر ب:
-مش أما يعبرني الأول
زفر بصوت مسموع وهو يصرخ قائلاً:
-يوووه، ناريمان انسي مشاكلك مع مهاب الوقتي لحد ما نتصرف مع المصيبة دي
-اوكي.. اوكي
ثم أضاف قائلاً بجدية:
-وكلميني لما تعرفي حاجة
-ماشي
-سلام!

في منزل تقى عوض الله
غفت تقى بعد حالة الهياج العصبي التي أصابتها في حضن والدها الذي جلس إلى جوارها على الفراش.. ثم بكل هدوء وحذر إنسل من بين ذراعيها ليتركها بمفردها وسار بخطى متعرجة نحو الخارج
خرجت تهاني وهي تحمل في يدها مشروباً دافئاً من المطبخ، ولحقت بها فردوس وهي تسألها بخفوت:
-يعني إنتي متأكدة إنها هتوافق تعالجها ؟

إستدارت تهاني بجسدها، ونظرت لها بإرهاق وهي تجيبها بصوت منخفض:
-بأمر الله، هي مش بتتأخر عن حد
لوت هي فمها بسخط قائلة:
-يا ريته يجي بفايدة
إكفهر وجه تهاني من ردود أختها المحبطة، والتي تعبث على اليأس وفقدان الأمل، وهتفت قائلة بصوت شبه حاد:
-إن شاء الله، طالما هنمشي على العلاج النفسي الصح هيفرق معاها أوي
ثم تركتها وإتجهت ناحية الغرفة، ولكن أوقفها صوت فردوس المتسائل بفضول:
-بس هي هتاخد أد ايه مننا ؟

إلتفتت برأسها ناحيتها، وعقدت ما بين حاجبيها لتجيب على تساؤلها قائلة:
-يعني ايه، مش فاهمة ؟
حركت إصبعيها بطريقة تشير إلى دفع مبلغ مادي قائلة بضيق:
-فلوس يعني!
نفخت تهاني في إنهاك، وحدجت أختها بنظراتها المنزعجة قائلة بإقتضاب
-معرفش
أضافت فردوس قائلة بتذمر:
-أنا مش حمل تكاليف زيادة، ده أنا يدوب ممشية البيت بالضالين
ردت عليها تهاني قائلة بجدية:
-ماتشليش هم، أنا هاتصرف.

مطت فردوس فمها في سخط وأردفت قائلة بتهكم:
-هاتتصرفي منين، وإنتي يا حسرة لا شغلة ولا مشغلة!
صرخت فيها تهاني قائلة بحدة وهي تحدجها بنظرات محتقنة:
-فردوس
فشاغل أختها الأكبر هو تدبير المال وإنفاقه وليس سلامة إبنتها الوحيدة، نعم سندها في تلك الدنيا القاسية لا يقارن بأي أموال..
رأت فردوس نظرات الغضب والإستهجان واضحة على تعبيرات وجهها، فحاولت أن تلطف من الأمر قليلاً، فرفعت كفها في وجهها وهي تقول ببرود مستفز:
-أنا مقصدتش، بس دي الحقيقة.

رمقتها بنظرات حانقة وهي ترد عليها بإستنكار:
-خلاص، هاتصرف، وربنا هايكرم
تنهدت في يأس فهي تعلم ضيق ذات اليد مع أسرتها البائسة، ولكنها لم ترد أن تتشاجر مع أختها، لذا تابعت بفتور:
-ماشي
نظرت تهاني بسخط لها، فقد إستكفت من النقاش غير المجدي معها، وأردفت قائلة بصوت متصلب:
-أنا داخلة أنام مع تقى
قطبت فردوس جبينها، ورفعت حاجبها للأعلى قليلاً قائلة بإستغراب:
-مش هاتسهري شوية ونحكي.

ردت عليها تهاني بصوت ممتعض ب:
-لأ.. أنا تعبانة
لوت فمها للجانب وهي تهمس بعدم اكتراث:
-براحتك
ثم تابعتها بنظرات مطولة حتى توارت عنها، وحدثت نفسها قائلة بتذمر وهي تزم ثغرها:
-وأدي أخرتها هم زفتي بينطر على ميت غمر..!

في قصر عائلة الجندي
صاح مهاب بصوت جهوري في وجه ناريمان حينما أبلغته بظهور تهاني مجدداً قائلاً:
-وساكتة
هتفت هي قائلة بنبرة محتدة:
-ما إنت مش معبرني
رمقها بنظراته البغيضة قائلاً بسخط:
-اه طبعاً، حطي كل بلاويكي عليا
لم تهتم برده المستفز، بل سألته بإهتمام وهي تعبث بخصلات شعرها:
-طب هاتتصرف إزاي ؟

رد عليها بصوت قاتم وهو يفرك وجهه في حيرة:
-معرفش، هافكر الأول
فكرت هي في أن تذيل حاجز الضيق بينهما بإدعائها الإهتمام بمعرفة أحوال ليان، فسألته بصوت متقطع وهي تختلس النظرات إليه:
-آآآ.. طب.. طب وعرفت حاجة عن ليان ؟
أجابها مهاب بصوت بارد وهو يلقي بجسده على الفراش:
-أيوه.. هي مع جوزها!
سألتها مرة أخرى وهي تتابعه بنظراتها قائلة بإهتمام زائف:
-هي بخير ؟

هز رأسها مجيباً إياها بإختصار ب:
-أها..
-اوكي..
ثم حدق مهاب أمامه ليحدث نفسه بضجر ب:
-كل حاجة بتتعقد، أنا محتاج أرتب أموري كلها، وإلا اللي بنيته في سنين هايتهد في ثواني...!

في منزل ما بمنطقة مصر الجديدة
جاب أوس بعينين حادتين كالصقر تفاصيل وديكورات ذلك المنزل الجديد الذي اقترحه مكتب الإستشارات العقارية عليه لكي يمكث فيه..
فالصالة متسعة للغاية ومفروشة على أحدث طراز..
كذلك يوجد بالمنزل أربع غرفات أخرى، منهما إثنين للنوم، وواحدة معيشة، وأخرى معدة كمكتب، بالإضافة إلى وجود ثلاث مراحيض، واحد ملحق بغرفة الإستقبال الخارجية، وإثنين بغرف النوم.. ومطبخ متسع بجوار باب المنزل..
بدى على وجه أوس علامات الجمود رغم بريق الإعجاب الذي ظهر في مقلتيه..

ثم إستدار بجسده ليواجه المهندس المسئول قائلاً بجدية:
-تمام، هاخده
اتسعت ابتسامة المهندس، وتشدق قائلاً بحماس جلي:
-المكان يتشرف بيك يا فندم، وتقدر وقت ما توقع على العقود تستلم المفتاح فوراً
أولاه أوس ظهره، وتابع قائلاً بصوت صارم:
-التفاصيل دي كلها المحامي هيخلصها معاك الوقتي
برزت أسنان المهندس وهو يجيبه بسعادة:
-أوكي يا باشا، وإحنا تحت أمرك
ثم تحرك أوس خطوتين للأمام ليكمل حديثه الواثق مع نفسه وقد إلتوى فمه بإبتسامة مغترة:
-كل حاجة هاتكون جاهزة يا تقى! ما إنتي هتنوري بيتك ده.. بكرة...!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة