قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية ذئاب لا تعرف الحب ج1 للكاتبة منال سالم الفصل التاسع والعشرون

رواية ذئاب لا تعرف الحب الجزء الأول منال سالم

رواية ذئاب لا تعرف الحب ج1 للكاتبة منال سالم الفصل التاسع والعشرون

تعلن طائرة شركة مصر للطيران عن وصول رحلتها القادمة من العاصمة الإيطالية روما إلى مطار القاهرة الدولي، برجاء ربط الأحزمة، وإلتزام المقاعد .. شكراً

أفاق أوس من شروده على صوت الميكروفون الداخلي بالطائرة، فزفر في ضيق، ونظر حوله بوجهه المكفهر، ثم فك أزرار قميصه حتى منتصف صدره، ومسح بكف يده قطرات العرق البارد التي تكونت على جبينه، و صر على أسنانه في غضب وهو يحدث نفسه ب ..:
-بأكرهكم كلكم .. بأكرهكم ...!

سيطر هو على أنفاسه المتلاحقة حتى عاد للتنفس بإنتظام من جديد، وراقب حركة توقف الطائرة بأعين كالصقر، ثم حل وثاق حزام الآمان الخاص بمقعده، ونهض على الفور من عليه - كمن لدغه عقرب للتو، وجذب حقيبة صغيرة كانت موضوعة بالخزانة الخاصة به، ثم سار في اتجاه باب الطائرة بوجه صارم للغاية ..

في شاليه عائلة الجندي،،،،،

طرقت ناريمان باب غرفة ليان مرة واحدة قبل أن تدلف إلى الداخل وهي عابسة الوجه، ثم ألقت نظرة على ابنتها التي جلست على طرف الفراش، ومولية ظهرها إياها، وشاردة بدرجة كبيرة

طرقت ناريمان بقدمها الأرض عدة مرات، ولوت فمها وهي تنطق ب ..:
-إنتي كنتي فين ؟ عاجبك اللي باباكي عمله ده ؟ المفروض تردي على مكالماتي، مش سيباني طول اليوم ومش سألة فيا ولا حتى بتاخدي إذني في حاجة ! ها ! كنتي فين ؟

لم تجبها ليان بل ظلت صامتة كالصنم مما جعل ناريمان تنفعل أكثر، وتندفع في اتجاهها بغضب، ثم أمسكتها من ذراعها وجذبتها عنوة من على طرف الفراش، ونظرت لها بغيظ وهي تصرخ فيها ب ..:
-انتي مش بتحسي ؟ أنا بأكلمك من الصبح وانتي باردة مش عندك دم ولا إحساس باللي عملتيه

أشاحت ليان بذراعها بقوة لتتحرر من قبضتها، ثم رمقتها بنظرات مهينة تحمل الإنكسار قبل أن تجيبها بصوت مختنق:
-هو يعني وجودي كان هايفرق معاكي في حاجة ؟
-بنت !
-روحي يا مامي عاتبي حد تاني غيري أنا

إنزعجت ناريمان أكثر، وقطبت جبينها، ثم بنبرة عصبية صاحت فيها ب ..:
-ليان ! إنتي ازاي بتتكلمي بالأسلوب الوقح ده معايا ؟ أكيد أخوكي هو السبب، طبعاً ما بيصدق يلاقي فرصة وآآ...

قاطعتها ليان بحدة وهي تهدر بصوتها المتشنج ب ..:
-بس بقى، روحي شوفي نفسك الأول

صدحت ناريمان بغضب جم وهي تعتبها ب ..:
-آآ.. قصدك ايه ؟ انتي اتجننتي ؟ إزاي تتجرأي عليا كده، ده أنا مامتك
-لأ ما اتجننتش، روحي شوفي كنتي في حضن مين الأول قبل ما تيجي وتلوميني على اللي بأعمله
قالتها ليان بقسوة تامة وهي تنظر في عيني ناريمان مباشرة دون أن تطرف للحظة ..

في حين جحظت الأخيرة بعينيها في صدمة، وتملكها الإرتباك، واكتسى وجهها سريعاً بعلامات الذهول، وابتلعت ريقها الذي جف بخوف، ثم تابعت ليان حديثها الجاد ب ..:
-روحي قولي لأخويا كنت بتعمل ايه مع غيري وخلتني ضحية لغيره يلعب بيا
-هاه

أشارت ليان بإصبعها في وجهها وهي تصرخ ب:
-قبل ما تلوموني على أي حاجة بأعملها وتحاسبوني، حاسبوا نفسكم الأول، شوفوا عملتوا ايه .. يالا .. مستنية إيه ؟!

صمتت لثوانٍ معدودة قبل أن تكمل بنبرة أكثر سخطاً:
-فكراني مخدتش بالي من الغراميات مع آنكل ممدوح ..

ثم نظرت إلى والدتها بإشمئزاز، ولوت شفتيها في إستنكار صريح وهي تكمل عبارتها ب:
-كلكم مقرفين، كلكم كدابين وغشاشين .. أنا بأكرهكم، وبأكره نفسي، وبأكره كل حاجة في العيلة دي

اقتربت منها ناريمان، وأحاطتها بذراعيها لتضمها إلى صدرها وهي تآمرها بهدوء ب:
-اسكتي يا ليان، اسكتي يا بنتي

دفعتها ليان بعنف وهي تتراجع خطوة للخلف، ثم نهرتها ب:
-ابعدي ايدك عني، ماتلمسنيش

أشارت ناريمان بكلتا يديها، وحاولت أن تبدو هادئة وهي تبرر لها موقفها ب:
-إهدي طيب، وأنا هاقولك الحقيقة، أكيد إنتي فهمتي حاجة غلط، أنا وآنكل ممدوح مجرد Friends، وآآ ..

صرت ليان على أسنانها في غضب واضح وهي تقاطعها ب:
-أنا شوفتك بعيني، عاوزة إيه تاني، إنتي استحالة تكوني أم، مافيش أم تعمل كده وبنتها معاها .. سبيني بقى .. سبيني واطلعي برا

تراجعت ناريمان للخلف في خوف وهي غير قادرة على إستيعاب ما قالته هي للتو .. ونظرت لها بنظرات زائغة، كما إرتجفت شفتيها بشدة فوضعت كفي يدها عليهما، وبدأت تعض أناملها من الرعب، وهزت رأسها بطريقة لا إرادية وقد مر ببالها مقتطفات من ماضيها ...

هزت ناريمان رأسها بعصبية وهي تبكي بطريقة هيسترية على أحد الأَسِرةِ البيضاء في ذلك المشفى الخاص بإحدى الدول العربية والذي يعتبر والدها – الطبيب شوقى علام – شريك أساسي فيه،، وتعالت شهقاتها عالياً، فحاول والدها تهدئتها ب:
-اهدي يا ناريمان، إنتي أقوى من كده، دي إرادة ربنا
-لأ .. مش ممكن، إشمعنا أنا ؟
-شششش .. محدش يقدر يعترض على قضاء الله، ودلوقتي في بدائل وآآ..

قاطعته بصوتها المختنق من كثرة البكاء:
-إزاي هتوافق يا دادي إنك تعمل كده ؟ ده أنا بنتك !

نظر لها بحزن، وبصوت آسف أجابها ب:
-الموضوع فيه حياتك، ودي اللي تهمني يا بنتي

ثم إلتفت إلى الجراح الشاب الواقف بجواره، ونظر إليه برجاء قبل أن ينطق ب:
-ما تقولها يا د. مهاب ؟

تنحنح مهاب وهو مكور قبضة يده بالقرب من فمه، ثم نظر بحذر ناحية ناريمان وبصوت هاديء ورخيم قال:
-يا آنسة ناريمان، لازم نستأصل الرحم، وكل تأخير في ميعاد العملية بيعرضك أكتر للخطر

-استحالة أوافق على كده، انتو مش عارفين إن ده معناه، إني آآ.. مش هاقدر .. آآآ..
ثم إختنقت الكلمات في حلقها، وبكت بحرقة أكبر .. فزم مهاب فمه، ونظر إلى الطبيب شوقي وهز كتفيه في حيرة، فأطرق الأخير رأسه في آسى على ابنته، ثم انصرف من الغرفة وهو يغمغم بكلمات غير مسموعة ...
في حين عاود مهاب النظر إلى ناريمان، واقترب من فراشها، ثم جلس إلى جوارها، وأمسك بكف يدها، وإحتضنه بين راحتي يده، وبنبرة خافتة أردف ب..:
-متخافيش، أنا هافضل معاكي، إنتي في أمان بين ايديا
-إنت آآ...

تحدث مهاب بطريقة مراوغة وهو يضغط على كل كلمة وهو ينطق ب:
-أنا مش عاوزك تفكري في حاجة، وصدقيني اللي جاي هايكون أفضل بكتير .. طول ما إنتي معايا ...!

ضيقت هي عينيها الدامعتين في عدم فهم، ونظرت له بإستغراب، فابتسم هو لها إبتسامة عادية، وربت على كفها ورفعه إلى فمه وقبله بحنو و..:
-إنتي هاتكوني بخير .. هاتكوني بخير ...!

ثم مسح بكف يده الأخر وجنتها المبللة بالعبرات، وهز رأسه بحركات بسيطة ليبث في نفسها الطمأنينة ..

راقبهما من الخارج الطبيب شوقي، فتنهد في إرتياح، وإعتلى ثغرة ابتسامة أمل ...

عودة للوقت الحاضر،،،،،،

سار ممدوح على الشاطيء وهو ينفخ نيران غضب من صدره، فكلمات مهاب كانت لها أكبر الأثر في إشعال ذلك البركان الخامد في صدره ..
لم يتوقف عن صر أسنانه، ولا عن إطلاق السباب اللاذع طوال سيره ..
ثم لمح صَدَفة ملاقاة على الشاطيء، فإنحنى بجذعه للأسفل ليلتقطها بيده، ثم ألقاها بكل ما أوتي من قوة إلى داخل مياه البحر الداكنة، وتحدث مع نفسه بصوت حانق ب:
-آه يا بن ال ***، عملت كل اللي طلبته مني زمان، ونفذتلك كل حاجة، والوقتي بتعاملني كأني حيوان ومتطفل عليك، وناسي إنتو خدتوا مني إيه، وحرقتوا قلبي على بناتي ..

ضيق عينيه بقساوة، ثم بنبرة متوعدة أردف ب:
-ماشي يا مهاب ال ***، مش بالساهل إني أسيبك تتهنى في حياتك ...!

في شاليه ما بالساحل الشمالي،،،

تغنجت لوزة بجسدها البارز من أسفل قميص نومها العاري ذي اللون الروز وهي تقف أمام المرآة، ثم لمحت بضع آثار لإعتداء أوس عليها، فتحسست تلك المواضع بأطراف أصابعها، ثم عضت على شفتيها في ضيق، وأشاحت بوجهها بعيداً عن المرآة ونظرت في اتجاه فارس الممدد على الفراش والممسك بالهاتف المحمول في يده، ونظرت له بفضول وسألته:
-بتعمل ايه ؟
-بأظبط الفولدر بتاع صور المحروسة عشان أما أطبعهم وأبعتهم هدية للباشا في مكتبه
-أها .. طب سيبه وتعالى عندي
-طيب، أنا قربت أخلص أهوو

ثم عض على شفتيه بطريقة شهوانية وهو يتأمل صور ليان بتمعن شديد و..
-آآآآخ .. كانت بت جامدة فحت من فوق لتحت !

-ماتتعدل يا فارس ..!
قالتها لوزة محذرة وهي تطلق شرارة حادة من عينيها

-مقصدش يا لوزة، إنتي مالكيش زي، بس برضوه، الواحد بيموت في الحرام، وحرام الجمال ده كان يتساي على طول من غير ما آآ...

هدرت هي به عالياً ب:
-أووف، فارس

إنتفض فزعاً في مكانه، وألقى بالهاتف إلى جواره، ونهض عن الفراش وهو يجيبها بنبرة شبه خائفة ب:
-ماشي، ماشي ..!

في منزل تقى عوض الله،،،،

أفاقت تقى من نومها على صوت والدتها الذي يأتي من خارج الغرفة ب:
-يا تقى، إنتي يا بت، اصحي إحنا بقينا الضهر

تثاءبت هي بهدوء، ثم فتحت عينيها بتثاقل وهي تتمطع بجسدها المرهق في الفراش، ثم اعتدلت في نومتها، وأجابتها بصوت ناعس:
-حاضر يا ماما، هاغسل وشي واجيلك
-انجزي طيب

خرجت تقى من الغرفة وهي ممسكة بمنشفة قديمة في يدها، ونظرت في إتجاه والدتها، ورسمت على شفتيها إبتسامة عذبة ..
لم تنظر لها فردوس، بل إنحنت بجسدها على تلك الخزانة القديمة لتخرج حذائها منها، وبصوت جاف أردفت ب:
-عاوزة ألحق أنزل السوق أجيب خضار منه، وبعدها هاطلع على المصنع، البت زينات قالتلي إنها كلمت الأسطى حسين عني، ووافق إني أرجع تاني بس هايخصم مني اسبوع

اتسعت حدقتي عين تقى في فرحة وهي تنطق ب:
-بجد يا ماما ؟ ده خبر حلو أوي

زمت فردوس ثغرها للأمام، ووضعت إحدى قدميها بداخل ( فردةٍ ) من حذائها القديم، و بنبرة يائسة قالت:
-يا رب تكون صادقة بس في كلامها، وماتكونش بتسرح بيا، أنا مش ناقصة غلب أكتر من كده

وقفت تقى إلى جوار والدتها، وجثت على ركبتيها لتلمع حذائها بطرف كم قميصها، وبصوت متفائل تحدثت ب:
-إن شاء الله هايطلع كلامها جد وربنا هيكرمنا
-إن شاءالله

في نفس التوقيت سمعت كلتاهما صوت قرع جرس باب المنزل، فأشارت فردوس لإبنتها بعينيها لتذهب ناحيته وهي تآمرها ب:
-افتحي الباب، تلاقيها خالتك إجلال جاية تشار علينا، صبحي عليها عقبال ما أربط الطرحة دي بدبوس
-طيب
أومأت هي برأسها موافقة، ثم سارت حيثما أشارت ...

تهادت تقى في خطواتها وهي تتجه نحو الباب، ثم ألقت بالمنشفة القديمة على كتفها، ورسمت على شفتيها إبتسامة رقيقة وهي تفتح مقبضه ..
ولكن .. سرعان ما تلاشت تعابير وجهها المشرقة، وتحول للذبول، وإختفت الدماء الدافئة من عروقها ليحل محلها الشحوب، وإسودت عينيها فجأة بعدما إتسعتا من الصدمة، وإرتجفت شفتيها الصغيرتين في رعب واضح .. ودب الفزع في خلايا جسدها المنهك، وبدأت ترتعش بشدة، وتتنفس بصعوبة ...

-إيييه يا تقى ! كنتي مفكراني هاسيبك بالساهل كده
قالها أوس بثقة وهو ينظر لها بقسوة، وإبتسامة تحدي تظهر من بين أسنانه ...

أولته تقى ظهرها، وكانت على وشك الركض بخطوات متعثرة تجاه غرفة أمها وهي تحاول الصراخ مستغيثة بها، ولكنها تسمرت في مكانها حينما رأتها تقف خلفها ومسلطة أنظارها عليه، فتنفست الصعداء، وشعرت إلى حد ما بالإرتياح .. ثم أسرعت ناحيتها، وإختبئت خلفها، ونظرت إليه بتوجس ..

ولج أوس إلى صالة المنزل بخطوات متمهلة، وجاب ببصره المكان، ونجح في إيصال مشاعر التأفف من حالتهما البائسة لهما ...

حدجته فردوس بنظرات قوية، وبنبرة حادة صرخت فيه ب:
-جاي هنا ليه يا بيه ؟ عندك سرقة جديدة ومش لاقي حد تتهمه بيها ؟

ابتسم لها أوس من زاوية فمه في تهكم، ولم يعقبْ ..
في حين ابتلعت تقى ريقها في خوف، ونظرت إليه بذعر من أعلى كتف والدتها ..

تحركت فردوس خطوة ناحيته، وظل وجهها مكفهراً، وبصلابة قالت له:
-لو معندكش حاجة تقولها يبقى تتفضل من غير مطرود

لم ينظر أوس إلى فردوس، بل سلط أنظاره على تقى المذعورة ورمقها بنظراته الغامضة .. ثم ببروده المعتاد أولاها ظهره، ونظر إلى الأريكة المتواجدة بالقرب من باب المنزل، وسار في اتجاهها ..

وقف أوس أمام الأريكة، ثم إنحنى قليلاً بجذعه ليمسح عليها بأطراف أنامله، ثم نفخ في الغبار العالق بإصبعيه بطريقة مستفزة .. ومن ثم جلس على الأريكة وأراح ظهره للخلف، وإستند بمرفقيه على مسنديها، ومن ثَم وضع ساقه فوق الأخرى بطرقة واثقة للغاية ...

زفرت فردوس في ضيق، ونظرت إليه شزراً وهي تنطق ب:
-يا بيه عاوز إيه مننا تاني ؟

إبتسم أوس إبتسامة شيطانية، وهز ساقه بحركة ثابتة، ثم نظر لفردوس نظرات مطولة ذات مغزى، و بنبرة ماكرة بادر ب:
-مسألتيش نفسك إنتي خرجتي إزاي من المصيبة اللي كنتي فيها ؟

فغرت فردوس شفتيها في حيرة واضحة، وإستدارت برأسها نصف إستدارة ناحية تقى، ثم عاودت النظر إليه، وسألته بجدية:
-قصدك ايه ؟ مش .. مش إنت اتنازلت عن المحضر !

-أها
هز أوس رأسه موافقاً، ثم أنزل ساقه، وشبّك كفي يده معاً، وآمال جذعه للأمام ونظر إلى فردوس بحدة وهو يتابع بغموض ب:
-بس مسألتيش برضوه نفسك إيه اللي خلاني أعمل كده ؟!

صمت هو للحظات قبل أن يكمل بنفس الثقة ب:
-يعني مش معقول أنا من النوع اللي بأسيب حقي ببساطة، أكيد هايكون في مقابل !

ثم سلط عينيه على تقى، وغمز لها بطرف عينه بطريقة مريبة قبل أن يوجه حديثه لها ب:
- ولا إيه رأيك يا تقى ...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة