قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية ذئاب لا تعرف الحب الجزء الثالث تأليف منال سالم الفصل السابع والأربعون

رواية ذئاب لا تعرف الحب الجزء 3 بقلم منال سالم

رواية ذئاب لا تعرف الحب الجزء الثالث تأليف منال سالم الفصل السابع والأربعون

( وانحنت لأجلها الذئاب )

في فيلا عدي
أفاق عدي على صوت رنين هاتفه المحمول، فحرك يده عبثاً محاولاً الإمساك به من على الكومود .. ثم وضعه على أذنه، وأجاب بصوت ناعس:
-ألو .. مين ؟
رد عليه أوس متسائلاً بجدية:
-هايكون مين غيري، هو انت لسه نايم ؟
أجابه عدي بنبرة ثقيلة:
-أها!
سأله أوس بإهتمام:
-ليان عاملة ايه معاك ؟

رد عليه بإمتعاض:
-معرفش، هي نايمة في حتة، وأنا في حتة
تابع أوس قائلاً بسخرية:
-واضح إنك مشرفنا
رد عليه عدي بمزاح:
-أه على الأخر!
صاح أوس بنبرة شبه آمرة:
-طب اصحالي كده شوية، وركز معايا
رد عليه عدي متسائلاً بقلق:
- هو الساعة كام الوقتي ؟
أجابه رفيقه بهدوء:
-اطمن لسه بدري
لوى عدي فمه مغتاظاً، وهتف بإنزعاج:
-طب بتقلق منام أمي ليه ؟
رد عليه أوس ببرود:
-عشان عاوزك
نفخ بنفاذ صبر، وإعتدل في نومته، وسأله بإقتضاب:
-قول في ايه ؟

رد عليه أوس بهدوء جاد:
-تابع شغل الشركة بدالي النهاردة، واحضر الاجتماعات المسائية!
سأله عدي بإستغراب وهو يفرك وجهه بكفه:
-ليه ؟
أجابه أوس ببرود:
-مش فاضي!
تثاءب عدي وهو يتابع قائلاً:
-ماشي يا عريس!
أضاف أوس قائلاً بتحذير:
-وخد بالك من ليان، مش عاوزين فضايح!
رد عليه الأخير بتنهيدة متعبة:
-طيب، أي أوامر تاني
أجابه أوس بإيجاز:
-لأ .. سلام.

زفر عدي بعد أن أنهى المكالمة بصوت مسموع، ثم حدق في التوقيت في هاتفه، وتمتم بكلمات مغتاظة من رفيقه الذي أرق منامه .. ثم تحرك زاحفاً على الفراش، وحدث نفسه قائلاً بضيق:
-ألحق أخد دش، وأفطر قبل ما أشوف هاعمل ايه في الشغل ومع .. ليان!

في غرفة النوم الأخرى
غطت ليان في نوم عميق، وتمددت بجسدها على الفراش بطريقة عجيبة ..
دق عدي الباب بخفة قبل أن يلج للداخل، وتفاجيء بهيئتها المضحكة لكنه لم يصدر صوتا، واتجه لخزينة الملابس ليخرج ثيابه، وأسندها على الأريكة، ثم سار بحذر في إتجاه المرحاض ليغتسل ..
تململت هي الفراش، ودفنت وجهها في الوسادة أكثر، وأصدرت صوتاً وهي نائمة ..

بعد عدة دقائق خرج عدي من المرحاض وهو يلف خصره بمنشفة قطنية، وطوق عنقه بأخرى، وحدق في ليان بإندهاش عجيب .. وتسمر مكانه ليراقبها بذهول ..
فرك فروة رأسه المبتلة بأصابعه وتسائل بتعجب وهو يرفع حاجبه للأعلى:
-هو إنتي طلعتي منهم ؟ طب إزاي أنا مخدتش بالي ؟!
إرتفعت نبرة صوتها قليلاً، فضاقت نظراته، وإنزعج منها قائلاً بخفوت:
-لأ ده انتي غلبتيني!

إلتوى ثغره بإبتسامة عابثة وهو يتأمل حركة ساقيها، وفكر أن يلهو معها قليلاً خاصة وأن شقيقها قد أفسد صباحه ..
فرمقها بنظرات ماكرة .. ثم دنا من الفراش، وسحب المنشفة من حول عنقه ولوح بها عالياً في الهواء، و استخدمها في صفع خاصرتها بقوة، فهبت ليان مذعورة من نومتها، وصرخت بصدمة:
-آآآه، في ايه!

إبتسم لها بلؤم، فحدجته بنظرات مشتعلة، ونهرته قائلة وهي تشير بكفها:
-في حد يصحي حد كده ؟
تمطع عدي بذراعيه أمامها بعد أن ألقى بالمنشفة على كتفه، وشبك كفيه خلف رأسه لترى هي صدره العاري بوضوح، فإتسعت مقلتيها في صدمة، ورمشت عدة مرات، وإكتسى وجهها بحمرة بائنة ..
ثم تعمد أن يغطي صدره بالمنشفة، واستنكر نظراتها قائلاً بتسلية:
-يا كسوفي، بتبصيلي كده ليه ؟ شكلي عاجبك ؟

خجلت هي من عبارته الأخيرة، وتلعثمت قائلة:
-أنا .. انا مش بأبصلك، أنا ..آآ.. بأزعق!
سلط أنظاره عليها، وهتف متسائلاً بمرح:
-وهو اللي يزعق يتنح بالشكل ده ؟
أسبلت عينيها، وهتفت محتجة وهي تلوح بيدها:
-ده شكلي لما بأزعق، بأتنح في اللي قدامي!
تقوس فمه بإبتسامة مغرية، وغمز لها قائلاً بهدوء وهو يقترب منها:
-مكونتش أعرف!

أصبحت المسافة بينهما قريبة للغاية، وأربكها رؤيته بتلك الحالة أمامها، وشعرت بتأثيره عليها .. فتحول وجهها للون ثمرة الطماطم، وشعرت بسخونة تنبعث من وجنتيها .. فإزدردت ريقها بتوتر .. وتراجعت ببطء على الفراش حتى إلتصق ظهرها بالحائط .. فحصارها عدي بذراعيه، وقرب رأسه منها، فأدارتها للجانب، وشعرت بأنفاسه تلفح بشرتها ..
دارت برأسها فكرة مثيرة، وظنت أنه سيحاول التودد إليها وإختطاف قبلة من على شفتيها ..

رمقها عدي بنظرات ممعنة، وإستشعر تأثير حضوره القريب عليها، ولكنه تمالك نفسه كي لا يضحك، و همس لها مازحاً:
-اغسلي وشك وسنانك عشان ريحة بؤك تبقى حلوة قبل ما آآ... ما آآ..
إتسعت مقلتيها بإندهاش أعجب من كلماته الوقحة، والغير متوقعة، وأدارت رأسها نحوه، ورمقته بنظرات مشتعلة، فتابع قائلاً بسخرية:
-تنزلي تحضريلنا الفطار!

احتقن وجهها بشدة، فإبتسم لها إبتسامة مستفزة، وتراجع للخلف، فصاحت بغضب:
-إنت بتقول اييييه ؟
عبس بوجهه، وأضاف قائلاً بجمود:
-متتأخريش بس!
كورت قبضتها بغل، وكزت على أسنانها مغتاظة من فظاظته ..
بينما أشار لها بإصبعيه وهو يكمل ببرود:
-ويالا عشان هالبس هدومي، ولا عادي أشيل الفوطة قصادك ؟ أنا معنديش مانع أجرب!

وضعت يدها على خصرها، وتحدته بعدم إكتراث:
-شيل مابيهمنيش
ظنت ليان أنها حيلة أخرى من ألاعيبه التي يخدعها بها، ولكنها تفاجئت به ينزعها، فغطت وجهها بكفيها مصدومة، وصرخت مستنكرة وهي تقفز من على الفراش:
-No, no , no ( لا )!
رمقها عدي بنظرات مدهوشة وهو يهز رأسه قائلاً بإستغراب شديد:
-احنا متجوزين يا ليو، مش ماشين مع بعض يا هبلة!

في منزل أوس الجديد
أشعل أوس سيجارة أخرى وهو يكمل حديثه الهاتفي قائلاً بجدية:
-تمام، أنا هابعتلك على الايميل الشكل اللي عاوزه، بس يتنفذ على طول، أنا محتاج كل حاجة تكون جاهزة النهاردة
حك طرف ذقنه بإبهامه، وأضاف نافياً بهدوء:
-أها .. لأ بلاش!
مط فمه للأمام، وحدق أمامه في الفراغ، وأكمل قائلاً:
-كده تمام، وعاوز متابعة لبقية إجراءات السفر، طب والباسبورتات هاتكون عندي امتى ؟

تقوست شفتيه قليلاً لتلوح إبتسامة خفيفة عليهما وهو يتابع:
-حلو .. أها دي مفاجأة!
هز رأسه بحركة ثابتة، وتنحنح قائلاً بإقتضاب:
-احم .. ماشي، سلام!
ثم أنهى المكالمة وهو يتنهد بإرتياح .. فقد إكتمل جزء جديد من مفاجئته التي يعدها لتقى ..

في فيلا عدي
تحركت ليان بخطوات متكاسلة نحو المطبخ الموجود بالطابق السفلي ..
فركت عينيها بأصابعها، وولجت إليه وهي تتثاءب ..
نفضت شعرها الثائر للوراء، وبحثت بعينيها عن الخادمة، لكنها لم تجد أي أحد بداخله، فعقدت ما بين جبينها، وحكت فروتها وهي تتسائل بحيرة:
-هو مافيش حد هنا ولا إيه ؟
أجابها عدي وهو يعتدل في وقفته بعد أن كان مختبئاً أسفل الطاولة الرخامية التي تتوسطه:
-لأ.

شهقت بفزع وهي تضم كفيها إلى صدرها، ورمقته بنظرات حادة، وصاحت متذمرة:
-خضتني حرام عليك! مش تعمل حس ولا حاجة!
أجابها ببرود وهو يضع الملعقة على الطاولة:
-مش كنت بأجيب المعلقة اللي وقعت تحت التربيذة!
نفخت بضيق زائف، بينما أسند هو أمامها صحن مليء بالبيض الطازج، وعلبة السمن، وقطع البسطرمة، وأشار قائلاً بجدية:
-اعمليلنا فطار يا ليو، عشان ألحق أكل وأروح الشركة.

أشارت بإصبعها وهي تجيبه بنبرة متلعثمة:
-هو .. هو أنا اللي هاجهزه ؟
أومأ برأسه إيجاباً وهو يرد عليها:
-اكيد
هزت كتفيها قائلة بتأفف:
-بس أنا ماليش في جو الطبيخ والحركات دي!
رمقها بنظرات حادة، وعاتبها مستنكراً:
-أومال هاتبقي ست بيت شاطرة إزاي ؟

ردت عليه ببرود وهي تشير بإبهامها:
-عفاف هي اللي بتطبخ، مش أنا، وبعدين انت مش كان عندك شغالة هنا ؟
أجابها بتذمر:
-هي أجازة النهاردة، اتصرفي بقى واعملي أي حاجة
إستندت بكفيها على سطح الطاولة، وسألته ببرود:
-ودول المفروض أعمل بيهم ايه ؟
رد عليها بثقة وهو يتحرك نحوها:
-بيض بالبسطرمة، حاجة سهلة!

حكت مقدمة رأسها، وطالعت تلك الصحون بنظرات مطولة، فوقف عدي خلفها، ومال على أذنها، وهمس قائلاً:
-مستنيكي تبهريني!
إلتفتت نحوه برأسها، وتفاجئت من إقترابه المغري، فخفق قلبها بقوة، ونهج صدرها بتوتر ملحوظ ..
رمقها عدي بنظرات رومانسية، ثم باغتها بطبع قبلة صغيرة على وجنتها، فزادت من اضطرابها ..
وابتسم لها قائلاً بحنو:
-وحشني وجودك معايا هنا!

ضغطت على شفتيها وقد تلاحقت أنفاسها، فلف ذراعه حول ظهرها، وقربها إليه أكثر، وهمس بتنهيدة آسرة:
-ب.. بأحبك!
ثم مال عليها وأطبق على شفتيها بشفتيه، وقبلها بحرارة عميقة ..
أغمضت ليان عينيها متأثرة، وطوقت عنق عدي بساعديها، ولف هو الأخر ذراعيه حولها، وعاشا لحظات من الرومانسية البحتة، ذابت فيها حواجز الجليد بينهما، واستشعرا فيها حاجتهما إلى بعضهما البعض ...

أبعد عدي رأسه عنها، وطالعها بنظرات مشتاقة، بينما حبست ليان أنفاسها مترقبة إياه لفعل المزيد ..
تحسس وجهها بأنامله، وهمس لها بتنهيدة متقطعة:
-ماتنسيش البيض بالبسطرمة
فتحت ليان نظراتها مشدوهة، فرأت إبتسامة ساخرة متشكلة على محياه، فكزت على أسنانها مغتاظة منه .. ثم لوح لها بإصبعيه، وتركها وأنصرف ..
غمغمت بكلمات غاضبة، وأولته ظهرها، وهزت ساقيها بعصبية ..

نفخت لأكثر من مرة، وحدقت مجدداً في الصحون بنظرات منزعجة ..
وتسائلت مع نفسها بضيق:
-وده بيتعمل إزاي أصلا ؟ أها .. افتكرت!
بحثت عن مقلاة في الأدراج، وبالفعل وجدت ضالتها، ثم أسندتها على الموقد بعد أن أشعلته، وأفرغت فيها قدراً كبيراً من السمن، وقامت بوضع قطع البسطرمة فيها، ثم صبت فوق البيض دون أن تخفقه، وأضافت مقدار ملعقتين كبيرتين من ملح الطعام .. وقلبت الخليط معاً ..
وما إن انتهت حتى أفرغت محتويات المقلاة في صحن نظيف، ونظرت إلى نفسها بتفاخر .. وقربت الصحن من أنفها لتستنشق رائحته، وأردفت قائلاً بنبرة متغطرسة:
-واو .. أنا أنفع اكون شيف!

تابع عدي في غرفة المعيشة أخر المستجدات عبر هاتفه المحمول .. ونظر إلى ساعة يده بإستغراب، فقد إستغرقت ليان وقتاً مطولاً في إعداد الإفطار .. لكنه لمحها تقترب منه، وإبتسامة زهو تعلو ثغرها ..
فرمقها بنظرات إعجاب ..
أسندت هي الصحن أمامه، ووضعت شوكة معه، وهتفت بغرور:
-دوق وقولي إيه رأيك ؟
مط فمه ليضيف بترقب:
-اوكي!

تناول عدي بضع اللقيمات من الصحن، ولم تخلو من على وجهه تلك الإبتسامة البشوشة، فسألته ليان بتلهف وهي تراقب ردة فعله بدقة:
-ها ؟ عجبك!
مسح فمه بمنشفة ورقية إلتقطتها من العلبة، وأجابها بنفس الإبتسامة الهادئة:
-حلو يا حبيبتي، تسلم إيدك، بس متعملهوش تاني!
رفعت حاجبيها للأعلى مصدومة، وسألته بإندهاش:
-ليه ؟
أجابها قائلاً بسخرية:
-ده ملح انجليزي يا بنتي، ده أنا ضغطي على!
فغرت شفتيها غير مصدقة:
-ايه، طب إزاي ؟

اقتطع قطعة صغيرة بالشوكة، ومد يده بها نحوها وهو يقول:
-دوقي، وجربي!
تذوقت القطعة الصغيرة، فإنكمشت تعابير وجهها بإشمئزاز جلي، وهتفت بتقزز بعد أن بصقتها في منشفة ورقية:
-يععع .. ايه القرف ده!
-إنتي بتقوليلي!
قالها عدي مستنكراً وهو يرمقها بنظرات شبه معاتبة ...
تهدل كتفيها، وعبست تعابير وجهها، وأردفت قائلة بإستياء:
-أنا مبعرفش أعمل حاجة خالص، بأفشل على طول!

اقترب منها عدي، ومسح على ظهرها برفق، وأردف قائلاً بنبرة مشجعة:
-متقوليش كده يا ليو، بالعكس انتي بتحاولي، وده في حد ذاته كويس
هزت رأسها نافية، وقالت معترضة بيأس:
-بس بأفشل في النهاية، زي الدراسة بالظبط
تابع عدي قائلاً بجدية:
-الموضوع ده بالذات أنا كنت هأكلمك فيه
استدارت ليان برأسها نحوه، ورمقها بنظرات مطولة وهو يكمل بهدوء جاد:
-ليو، أنا مش عاوزك تهملي دراستك، انتي السنادي ضاعت منك، وآآ.. وأنا مش حابب مراتي تكون أقل من أصحابها في تعليمهم!

ردت عليه بتهكم وهي تطلق تنهيدة مطولة:
-يعني مش عارف الوضع كان عامل ازاي ؟
ساد الصمت بينهما للحظات قبل أن يقطعه عدي قائلاً بجدية وهو يضع قبضته على كفها:
-خلاص هو انتهى، مش عاوزين نحكي فيه كتير، انتي بس ركزي في اللي جاي، وأنا معاكي فيه، تمام ؟
هزت رأسها بإيماءة خفيفة وهي تقول بهمس:
-اها!

داعب طرف أنفها بإصبعه، وهتف قائلاً بحماس:
-طب يالا غيري هدومك عشان أنا عازمك على فطار حلو برا!
إرتسم على وجهها ابتسامة رقيقة، وردت عليه بصوت خفيض:
-أوكي!
ثم نهضت من جواره، وتحركت بخطوات أقرب للركض، فتابعها بنظراته التي تتوق شوقاً – وبشدة - إليها ...

في سيارة أوس الجندي
راقبت تقى الطريق بنظرات حائرة، وعاودت النظر إلى أوس الذي قاد السيارة بنفسه - وكان مرتدياً أرقى بِذاته ( ذات اللون الأسود ) على غير عادته - وسألته بفضول وهي تطالعه بإعجاب من هيئته المنمقة:
-هو احنا رايحين فين ؟
أجابها مبتسماً وهو يرمقها بنظرات حانية:
-هاتعرفي كمان شوية!
إلتوى ثغرها بإبتسامة رقيقة وهي تسأله بخجل:
-اوعى تقول إنها مفاجأة!
رد عليها بثقة غامزاً لها:
-هي بالظبط كده!

فركت أصابع يديها بتوتر، وأسبلت عينيها لتحدق في فستانها - ذي اللون الأوفوايت - والذي أصر أوس على إرتدائها إياه ..
بعد برهة، صف هو السيارة أمام منطقة راقية على ضفاف النيل، وترجل منها، ثم دار حولها، وفتح الباب الملاصق لزوجته، وأمسك بيدها وهي تترجل منها ..
جابت تقى المكان بأنظارها، فرأت عدة مطاعم عائمة، فإلتفتت نحوه، وتسائلت بحيرة:
-هو احنا بنعمل ايه هنا ؟

أجابها بنبرة عميقة وهو يسحب ذراعها لتتأبط فيه:
-هتعرفي يا حبيبتي!
سار الإثنين سوياً عبر طريق مغطى بالسجاد الأحمر حتى وصل كليهما إلى بوابة المطعم العائم، فأمسك أوس زوجته جيداً وهي تصعد على درجاته المعدنية ..
رحب طاقم الإستقبال، ومدير المطعم بأوس ترحيباً واضحاً ..
ابتلعت تقى ريقها، وتأملت بإنبهار واضح على ملامح وجهها تصميم المطعم الراقي ..

عُزفت موسيقى هادئة وساحرة فور دخولهما للقاعة الرئيسية، فسلطت تقى أنظارها على تلك الفرقة الموسيقية التي تجلس في أحد الأركان .. وتورد وجهها خجلاً ..
خطت على الأرضية الخشبية والتي أضاءت تدريجياً بإضاءة رقيقة أدهشتها للغاية ..
كما أحاطت بهما مجموعة من الفتيات الصغيرات اللاتي يرتدين زي الباليه الشهير وهن يحملن في أيديهن شموعاً مضيئة .. وظل يرقصن بحركات راقية أبهرتها أكثر ..
خفق قلب تقى بقوة، ونظرت إلى أوس غير مصدقة ما فعله ..
بينما إبتسم هو لها بعذوبة، وهمس قائلاً:
-أنا حابب نحتفل على إنفراد بحياتنا الجديدة ..!

لف أوس ذراعه حول خصرها، وأمسك بكف يدها بقبضته الأخرى، وقربها إليه، فإلتصقت بصدره، وإستندت بكفها عليه، وحدقت فيه بنظرات فرحة ..
راقصها بحركات بسيطة للغاية، ودار بها بخفة، ثم تابع قائلاً بهمس:
-يمكن هو مش فرح كبير زي اللي كان نفسك فيه، بس حبيت أعمل حاجة تكون مختلفة، وتعجبك!
رمقته بنظرات ممتنة، وردت عليه بسعادة:
-أنا متخيلتش إنك تعمل كل ده ؟ طب عملت ده إزاي وامتى ؟ وآآ..

-ششششش! متفكريش في حاجة، أنا هنا عشانك!
ثم توقف عن الحركة بعد أن أشار للفرقة الموسيقية لكي تهديء من عزفها، وأرخى ذراعه عن خصرها، وتراجع مبتعداً خطوة للخلف ليجثو أمامها على ركبته وهو يرمقها بنظرات متيمة للغاية، وممسكاً بأناملها بأطراف أصابعه، وأردف متسائلاً بنبرة رومانسية هادئة:
-تقبلي نكمل حياتنا اللي جاية مع بعض ؟

وضعت يدها على فمها غير مصدقة، وتسارعت أنفاسها اللاهثة وهي تطالعه بأعين لامعة ..
دس يده الأخرى في جيبه، وأخرج منها حذاء الرضيع، ولكن تلك المرة شبك في طرفي رباطه خاتماً رقيقاً مصنوعاً من الألماس، وتابع بنبرة هامسة تحمل الشوق:
-وتكوني أم لولاد كتير شبهك انتي ؟

زادت خفقات قلبها، وترقرقت العبرات في عينيها الزرقاوتين تأثراً بما فعله من أجلها ..
ثم أنزلت يدها الأخرى لتمسك بحذاء الرضيع وهي توميء برأسها موافقة ..
نهض أوس عن الأرضية بحذر، وإعتدل في وقفته، ثم جذبها أكثر إليه، وضمها إلى صدره، ولف ذراعيه حولها، ثم رفعها من خصرها للأعلى، ودار بها عدة مرات وهو يهتف بسعادة:
-بأحبك يا تقى ...!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة