قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية ذئاب لا تعرف الحب الجزء الثالث تأليف منال سالم الفصل الثامن والأربعون

رواية ذئاب لا تعرف الحب الجزء 3 بقلم منال سالم

رواية ذئاب لا تعرف الحب الجزء الثالث تأليف منال سالم الفصل الثامن والأربعون

( وانحنت لأجلها الذئاب )

في منزل تقى عوض الله
اتجهت تهاني لتفتح باب المنزل بعد أن إستمعت إلى دقات خافتة عليه، وإرتسم على ثغرها إبتسامة صافية حينما رأت عوض وبصحبته الشيخ أحمد، فرحبت بالأخير قائلة:
-وعليكم السلام، يا أهلا وسهلاً يا شيخنا، نورت البيت
أجابها بإبتسامة مهذبة وهو مطرق رأسه للأسفل:
-منور بأصحابه.

أشارت بيدها ليدلف إلى الداخل، وهتفت قائلة:
-اتفضل يا شيخنا
تنحنح هو بصوت خشن وهو يقول:
-يا رب يا ساتر
إستند عوض بكف يده المجعد على ظهر الشيخ، وتشدق ب:
-اتفضل يا شيخ أحمد، البيت بيتك!
رمقه الشيخ أحمد بنظرات ممتنة وهو يرد عليه:
-كتر خيرك يا عوض.

أضاف عوض قائلاً برجاء:
-معلش يا ست تهاني شوفيلي فردوس صاحية ولا لأ، الشيخ أحمد جاي يسلم عليها
هزت رأسها بحركة بسيطة وهي تجيبه:
-أه طبعاً، لحظة وهناديهالك
بعد لحظات ولجت فردوس إلى الصالة وعاونتها تهاني في الجلوس على الأريكة، فنهض الشيخ أحمد لتحيتها قائلاً بنبرة مهذبة:
-السلام عليكم ورحمة الله، إزيك يا ست فردوس.

ردت عليه بفتور وهي تستند بيدها على مسندي الأريكة:
-وعليكم السلام، نحمده!
تابع قائلاً بهدوء حذر:
-أنا جاي النهاردة اطمن عليكي بعد ما عرفت من عم عوض باللي جرالك!
لوت فمها بتهكم، ولم تعقب، فإستشعر الشيخ أحمد عدم ترحيبها بزيارته، ولكنه أكمل بهدوء:
-ده النبي عليه الصلاة والسلام وصى على سابع جار وأنا آآ...

قاطعته فردوس قائلة بسخط:
-جاي تطمن ولا تشمت فيا زي غيرك ؟!
رد عليها بإعتراض وقد تحول وجهه للعبوس:
-حاشا لله .. انا مش من الناس دي يا ست فردوس!
ردت عليه بحنق:
-كله بيقول كده
أخذ الشيخ أحمد نفساً عميقاً، وزفره على مهل، وأدار بمسبحته بأصابعه، وأكمل بهدوء جدي:
-أنا غيرهم يا ست فردوس .. وبعدين أنا جاي اعاتبك على اللي كنتي هاتعمليه مع بنتك!

زفرت بنفاذ صبر وهي تقول مدافعة عن نفسها:
-أنا مغلطتش، أنا نيتي كانت خير، وآآ...
قاطعها قائلاً بجدية:
-لا يا ست فردوس، إنتي غلطتي، وإرتكبتي ذنب كبير في حق بنتك!
رددت بإندهاش وهي متجهمة الملامح:
-ذنب!
أوضح لها قائلاً بنبرة رزينة:
-ايوه ربنا سبحانه وتعالى بيقول في كتابه العزيز (( وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا ))
ردت عليه فردوس بإعتراض جلي:
-بس أنا مقتلتش حد!

برر لها قائلاً بهدوء:
-إنتي أخدتي بنتك للتهلكة، ولمكان الله أعلم كان ممكن تنجو منه ولا لأ، وعصيتي المولى وعملتي شيء يغضبه!
إنقبض قلبها رهبة، وأردفت قائلة بتلعثم:
-بس هي كويسة وآآ... وحتة البتاعة اللي في بطنها كان ممكن تسقط من أي حاجة، وأنا ميكونش ليا لي دخل، يعني هي آآ...
قاطعها قائلاً بإعتراض وهو يشير بيده:
-لا يا ست فردوس، إنتي فاهمة غلط، ربنا – عزوجل - نفخ في رحم بنتك الروح، وجعلها تحمل من زوجها، والنطفة تحولت بمشيئته لعلقة، ومنها إلى مضغة، وبعدها بقت بتنبض جواها، فإنتي كنتي هتموتيها!

إرتجف جسد فردوس من كلماته الشيخ أحمد، وإستشعرت عِظم ذنبها .. ثم إبتلعت ريقها بتوجس، وضمت كفها إلى صدرها، فأحست بتسارع نبضات قلبها ...
أضاف الشيخ أحمد قائلاً بتوبيخ:
-ده بدل ما تقفي معاها، وتكون سند ليها، وتحمدي ربنا على نعمته عليكي إنه رزقك ببنت بارة تقية زيها ؟!
أدمعت عينيها الضريرتين متأثرة بما قاله، في حين أكمل هو بنبرة معاتبة:
-مين في الزمن ده لسه عندوا ولاد كده بالأخلاق دي ؟

تنهد بحزن وهو يتابع بنبرة جادة:
-انتي يا ست فردوس اتبطرتي على نعمة ربنا، فهو حرمك منها، وخلاكي تجربي إحساس ضياع النعمة!
أجهشت بالبكاء، وإنتحبت بشهقات متتالية، فأكمل محذراً:
-نصيحتي ليكي يا ست فردوس تتوبي، وتستغفري ربنا على أد ما تقدري لعله – سبحانه - يغفرلك ذنبك!
استشعرت خطئها بقوة، وأدركت أنها بالفعل عانت الكثير بعد فقدانها للبصر، بالإضافة إلى الوحدة والعزلة .. فقد باتت منبوذة، مكروهة من أقرب الناس إليها ..
لقد تأكدت من جريمتها، وأنها مذنبة من رأسها لأخمص قدميها ..

أنهى الشيخ أحمد حديثه قائلاً:
-أرجو إن كلامي يكون بفايدة معاكي، و تحسي بقلبك وبعقلك بالغلط اللي عملتيه في حق بنتك، واحمدي ربنا على عطاياه مهما كانت، هو رزقك بإنسانة كويسة ومحترمة، ودي نعمة في حد ذاتها، وإنتي أحسن من ناس كتير بيعانوا من عقوق أبنائهم وجحودهم!
تعالت شهقاتها، ورغم هذا لم يشفق عليها زوجها عوض، فهو يرى أنها لو بكت لسنوات فلن يكون هذا كافاً لتعويض ابنتها عن لحظة واحدة مما عانته ...

بعد مرور عدة أيام
في فيلا عدي
دندنت ليان بحماس وهي تستحم في المرحاض بعد أن عادت من المقر الرئيسي للمجموعة، فقد إصطحبها عدي معه لترى على أرض الواقع كيف يتم العمل هناك .. وتحمست كثيراً لأن تكون جزءاً من تلك المؤسسة العريقة التي شيدها شقيقها، وشاركه في هذا النجاح زوجها .. وتمنت بجدية أن تنتهي سريعاً من دراستها الجامعية لتلتحق بالعمل معهما ..

كذلك أعجبها الدقة والتنظيم في العمل، وروح الفريق البادية على جميع الموظفين ..
لم تغلق هي الباب جيداً، واكتفت بسحب الستارة البلاستيكية عليها ..
أنهى عدي إتصالاً هاتفياً مع أحد العملاء وهو يصعد على الدرج، ثم نزع رابطة عنقه، وحل أزرار قميصه، وولج إلى الغرفة وهو يصفر بخفوت ..
استمع إلى صوت دندنة خافتة تنبعث من المرحاض، فقطب جبينه متعجباً، وتسلل بحذر نحوه ..
إشرأب بعنقه محاولاً رؤيتها، فلمح طيفها من خلف الستار وهو يتراقص ..

لاح على ثغره إبتسامة عابثة، ودار برأسه الكثير من الأفكار المتهورة ..
هو يشتهي وجودها بقربه، ويُمني نفسه بقضاء أمتع الأوقات في أحضانها ..
وظل يؤجل كل فرصة سانحة للحصول على مبتغاه منها حتى لم يعد بقدرته التحمل أكثر من هذا ..
شعور بداخله يحثه على الإنطلاق معها، والبوح بمشاعره ..

ولذا لم يمهل نفسه فرصة للتفكير أو التريث، بل أسرع في نزع ثيابه، واتجه نحو المسبح .. فقد تمكن منه تماماً شغفه بها ...
شهقت ليان بذعر حينما رأت من يحاوطها من الخلف، وتلوت بجسدها محاولة تحريره، وكادت أن تصرخ بعنف طالبة للنجدة، ولكن طمأنها عدي قائلاً بعد أن كمم فمها:
-اهدي يا ليو، ده أنا!

إستكان جسدها نوعاً ما بعد أن إطمأنت منه، وتوقفت عن المقاومة، ولكن لم تهدأ الثورة الهائجة بداخلها ..
شعرت هي بسخونة بشرته عليها، فأشعل بها لهيب الحب ..
تذكرت هي أنها تقف أمامه بلا شيء يسترها .. فإصطبغ وجهها بحمرة مثيرة .. وأطرقت رأسها خجلاً منه، واضطربت مشاعرها بصورة جلية .. وبدت كالتائهة أمامه ..
همس لها عدي قائلاً بإشتياق:
-أنا بأعشقك يا ليو! بأحب كل حاجة فيكي، ونفسي فيكي أوي!

ثم طبع قبلة حارة على عنقها فألهبت مشاعرها نحوه أكثر .. وأدارت رأسها ناحيته وهي تجيبه بصوت لاهث:
-وأنا كمان!
حفزته كلماتها على المضي قدماً معها، وبدأ يبث إليها أشواقه الحارة مستخدماً طرقه المغرية التي أصابتها بالجنون واللهفة، وماهي إلا لحظات حتى انغمس الاثنين في لذة العشق، وسبحا سوياً في عالم خاص بهما، فإرتوت فيها ليان من بحور الغرام، وإرتشف فيها عدي من أنهر العسل المصفى .. وباتا لأول مرة منذ أشهر زوجين عاشقين منسجمين في روحهما وجسدهما ...

في مركز ما للإنجاب والحقن المجهري
مرت عدة أيام قبل أن يقرر عبد الحق وزوجته بطة الذهاب إلى المركز للتأكد من حدوث الحمل ..
ترقب الإثنين ظهور نتائج التحليل النهائية بفارغ الصبر ..
أمسكت بطة بكف زوجها، ونظرت إليه بقلق، وهمست بصوت متقطع ومتوتر:
-أنا خايفة أوي يا عبده
ضغط على أصابعها بقبضته، ورد عليه بترقب:
-اتعشمي في الله، وهو كريم!

تنهدت بحرارة وهي تضيف بإنزعاج:
-ربنا يكملها على خير!
هز رأسه عدة مرات وهو يقول بخفوت:
-إن شاء الله
بعد دقائق ولجت الطبيبة إلى الداخل وهي ترسم إبتسامة لطيفة على ثغرها، فهب الاثنين واقفين من مكانهما، فأردفت قائلة وهي تشير بيدها:
-سوري على التأخير، اتفضلوا اقعدوا!
سألها عبد الحق بتلهف:
-خير يا ضاكتورة ؟

إبتلعت بطة ريقها بخوف وهي تهتف بتلعثم:
-طمنينا الله يرضى عليكي!
ابتسمت لهما وهي تجيبهما قائلة:
-النتيجة إيجابية
تبادل الإثنين نظرات حائرة، وحبست بطة أنفاسها في صدرها، بينما تسائل عبد الحق بعدم فهم:
-يعني ايه ؟
هتفت بطة بتوتر كبير واضح على ملامحها ونظراتها:
-أنا مش فاهمة
زادت إبتسامة الطبيبة إشراقاً وهي تقول بهدوء:
-مبروك، الحمل حصل!

تلاحقت أنفاس بطة وهي تهتف بعدم تصديق:
-ايييييه!
رفع عبد الحق يديه عالياً للسماء، وصاح مهللاً:
-الله أكبر، يا ما إنت كريم يا رب، بطة مراتي حبلى!
أضافت الطبيبة قائلة بجدية:
-طبعاً في شوية حاجات هنعملها عشان الحمل يكمل بدون مشاكل وآآ...
قاطعها عبد الحق بنبرة سعيدة:
-اللي تؤمري بيه يا ضاكتورة هانفذه!

ثم إلتفت إلى زوجته، وإحتضنها بقوة، وصاح بنبرة أقرب للبكاء:
-الحمدلله يا بطة، ربنا عوضنا خير، وهايبقى عندنا عيل صغير!
بكت بطة غير مصدقة، ونظرت إلى زوجها بسعادة وهي تجيبه:
-أنا مش مصدقة والله، أنا .. أنا هابقى أم ويبقى عندي عيال!
إبتسم لها وهو يردد بفرحة:
-ايوه، وإن شاء الله يبقى عندنا بدل العيل اتنين وتلاتة وعشرة
هزت رأسها قائلة بإرتياح وهي تمسح بكفها عبراتها المنهمرة:
-واحد بس يرضيني!

في المقر الرئيسي لشركات الجندي للصلب
انتهى أوس من ترتيب كافة مواعيده خلال الفترة القادمة حتى يتسنى له أداء مناسك العمرة مع زوجته دون وجود أي تعطيل لأي أعمال مؤجلة أو عالقة ..
دقت السكرتيرة على الباب بخفة قبل أن تلج للداخل وهي تقول بهدوء ومشيرة بيدها:
-في يا فندم واحدة برا عاوزة تقابل حضرتك!
سألها بجمود وهو قاطب جبينه:
-مين دي ؟

ردت عليه بحذر وهي ترمش بعينيها:
-اسمها مدام تهاني
هتف مصدوماً وهو يضيق نظراته بشدة:
-ماما!
نهض عن مقعدة فجأة، و أشار لها بإصبعه وهو يأمرها قائلاً:
-دخليها بسرعة!
حركت رأسها بإيماءة خفيفة وهي ترد بخفوت:
-حاضر
ثم تحركت في إتجاه الباب بخطى ثابتة، وأشارت لتهاني بيديها لكي تمرق إلى الداخل، ثم إنصرفت هي وأغلقت الباب على كليهما ...
تحرك أوس نحو والدته، ورمقها بنظرات مندهشة وهو يسألها بجدية بالغة:
-حصل حاجة يا ماما ؟

ردت عليه بإبتسامة صافية وهي تجيبه:
-اطمن يا بني، كل حاجة بخير!
ثم مسحت على صدغه بكفها، وأضافت بنبرة دافئة:
-أنا جيت أطمن عليك، وأشوفك!
إرتسم على محياه ابتسامة هادئة وهو يقول بإيجاز:
-تمام
جلس الاثنين على الأريكة العريضة، فأردفت تهاني حديثها قائلة بهدوء وهي محدقة بإبنها:
-كنت عاوزة أخد رأيك في حاجة كده!

رفع أوس حاجبه للأعلى، وسألها بإهتمام وهو يطالعها بنظراته القوية:
-ايه هي ؟
تنفست تهاني بعمق، وأجابته بإرتباك:
-بص أنا فكرت في موضوع القصر، و..آآ.. وجه في بالي أعمله دار للمسنين
مط أوس فمه للأمام وتابع حديثها بإهتمام دون أن تحيد عينيه عنها ..
تنهدت مجدداً، وأكملت بجدية:
-أنا شايفة إن دي أكتر حاجة ممكن أستفيد بيها من القصر، في ناس كتير كبيرة، ظروفها وحشة ومتبهدلة، ومحتاجة للرعاية، فأنا نفسي أساعدهم زي ما لاقيت اللي ساعدني!

قطب أوس جبينه، وسألها بجدية:
-يعني انتي عاوزة ده ؟
أومأت برأسها وهي تجيبه قائلة بتوتر:
-ايوه، لو إنت معترض ممكن آآ...
قاطعها قائلاً بهدوء وهو يبتسم لها إبتسامة خطيرة:
-لأ يا ماما، اعتبريه اتعمل، وأنا بنفسي هاشوف إجراءات تحويله للدار، وهاخلصهالك بمعرفتي!
إتسعت إبتسامتها، وإحتضنت وجهه براحتيها، ورمقته بنظرات حنونة وهي تقول:
-ربنا يباركلك يا حبيبي ويفرح قلبك زي ما بتفرح قلوبنا!

أمسك أوس بكفي والدته، وقبلهما، ثم سألها بإهتمام:
-طب فكرتي هاتسميها ايه ؟
ردت عليه بلا تردد:
-أيوه، دار التقى!
إتسعت حدقتيه مصدوماً، وخفق قلبه إلى حد ما، وهتف بعدم تصديق:
-ايه ؟ تقى!
هزت رأسها إيجاباً وهي تقول مبررة:
-أيوه، مجاش في بالي إلا الاسم ده!

زادت إبتسامة أوس سعادة، وأرجع ظهره للخلف، ووضع كفيه على رأسه، وتابع بحماس:
-أنا مش عارف أقولك ايه، بجد مش مصدق، دار التقى!
ثم أغمض عينيه قليلاً، وتنهد في إرتياح، وإستدار ليواجه والدته، وتابع بجدية:
-إنتي كده هاتخليني أشاركك في المشروع ده
ردت عليه بخفوت:
-وماله يا حبيبي، وربنا يجعلنا من فاعلين الخير
-يا رب أمين
سألته تهاني بإهتمام:
-ها، هاتسافر امتى للعمرة ؟

أجابها أوس بهدوء وهو يشعل سيجارته:
-بكرة بأمر الله
سألته بجدية وهي تضيق نظراتها:
-وتقى عرفت ب آآ..
قاطعها نافياً وهو ينفث دخان سيجارته:
-لأ، لسه
إبتسمت له والدته وهي تضيف:
-أنا مش عاوزة أقولها حاجة، عشانها مفاجأة!
هز رأسه قليلاً وهو يرد عليها:
-أنا عارف يا ماما
تسائلت تهاني بقلق وهي تشير بيدها:
-بس تفتكر فردوس ممكن تتغير بعد ده كله ؟

غمز لها بعينيه نافياً، ثم أجابها على مضض:
-معتقدش، بس أهي فرصة تطهر نفسها من الغل اللي جواها!
زمت تهاني شفتيها وهي ترد بإقتضاب:
-ربنا يهديها ويصلح حالها!
ساد الصمت بينهما لعدة لحظات، وأضاف أوس بعدها قائلاً بتنهيدة مطولة وهو يطفيء سيجارته:
-أنا مش عاوز تقى تيجي في يوم وتلومني، أو حتى تتهمني إني خليتها تقطع علاقتها بأمها، مع إنها تستاهل أكتر من كده، بس كفاية اللي هي فيه!

ربتت تهاني على كتفه وهي تقول بإمتنان:
-حبيبي يا بني، ربنا يباركلي فيك، إنت مش عارف أد ايه أنا فخورة بيك!
إبتسم لها إبتسامة مجاملة ولم يعقب، بينما نهضت هي من مكانها، وأكملت بنبرة هادئة:
-هاقوم أنا بقى وأروح لأختك في الفيلا
نهض هو الأخر من مقعده، وهتف بجدية:
-ما لسه بدري، ده أنا ملحقتش اعمل معاكي الواجب!
وضعت يدها على صدغه، وإبتسمت له بصفاء وهي تقول:
-كفاية أشوفك وأطمن عليك، خلي بالك من نفسك، وسلم لى تقى لحد ما أشوفها بكرة!

هز رأسه قائلاً:
-حاضر
إحتضنته والدته مودعة إياه وهي تهتف ب:
-مع السلامة يا بني
-الله يسلمك
قالها أوس وهو يلوح لوالدته بكفه ..

بعد أقل من دقيقة ولج عدي إلى الداخل، وتسائل بفضول وهو يدير رأسه للخلف:
-ايه ده، هو مدام تهاني كانت هنا ؟
لوى أوس فمه قائلاً بإيجاز:
-مش أوي
عاتبه عدي بهدوء:
-طب مش تقولي كنت أسلم عليها!
أردف أوس قائلاً بلؤم وهو يغمز له:
-ما هي رايحالك الفيلا
فهم عدي المقصد من نظراته، ورد عليه بعبوس زائف:
-تمام، هابقى اشوفها هناك بقى!
تسائل أوس بمكر وهو يطالع رفيقه بنظرات متسلية:
-اخبارك ايه مع ليان ؟

تنحنح الأخير بصوت خشن وهو يجيبه بثقة بالغة:
-كله تمام يا باشا، وأدينا بنتعلم منك!
قهقه أوس بمرح، وتابع بهدوء:
-عظيم، هاسيبك تكمل باقي الشغل، ومش هوصيك!
أومأ عدي برأسه قائلاً بجدية:
-اطمن.

بدأ أوس في تجميع متعلقاته الشخصية، ووضعها في حقيبة خاصة به .. ثم دس هاتفه المحمول وكذلك سلسلة مفاتيحه في جيب سترته، وإرتدى ساعته الفضية .. وعدل من وضعية ياقته ..
تابعه عدي بنظراته، وهتف بحماس:
-اعمل حسابك، أنا اللي هوصلك للمطار!
رد عليه أوس بإختصار وهو يمسك بولاعته في يده:
-أكيد
هتف عدي بحماس وهو يشير بيده:
-ماتنساش تدعيلنا!

وضع أوس يده على كتف رفيقه، ورد عليه بهدوء:
-طبعاً، وعقبالك يا سيدي
مازحه عدي قائلاً:
-ماشي يا حاج أوس! بركاتك يا باشا!...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة