قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية ذئاب لا تعرف الحب الجزء الثالث تأليف منال سالم الفصل الخامس والعشرون

رواية ذئاب لا تعرف الحب الجزء 3 بقلم منال سالم

رواية ذئاب لا تعرف الحب الجزء الثالث تأليف منال سالم الفصل الخامس والعشرون

( وانحنت لأجلها الذئاب )

في العيادة النسائية
انتهت الطبيبة بارسينيا من توقيع الكشف الطبي على تقى الممددة أمامها، والتي كانت في حالة يرثى لها، بداخل الغرفة المخصصة للكشف ..
دار أوس في غرفة مكتب الطبيبة ذهاباً وإياباً وهو يفرك وجهه وذقنه بعصبية ..
ظل ينفخ لأكثر من مرة وهو يحاول السيطرة على هدوئه ..
فتحت بارسينيا الباب، ودلفت للداخل ووجهها خالي من أي تعابير ..
إستدار أوس ناحيتها، ووقف قبالتها وسألها بتلهف:
-تقى مالها ؟

أجابته بجدية وهي تتجه نحو مكتبها الخشبي:
-مش عارفة أقول لحضرتك ايه، بس أنا لأكتر من مرة نبهت انها تبعد عن أي ضغوط نفسية خلال الفترة الأولى من الحمل، ده بيأثر جامد على الجنين!
سألها بهلع ونظراته معلقة بها:
-يعني ايه؟
ردت عليه بصوت منهك وهي تسحب مقعدها لتجلس عليه:
-هي الوقتي كويسة، بس محتاجة لهدوء نفسي، وراحة، مافيش داعي نتعب أعصابها كل شوية، لأن ده ممكن يجي بالعكس!

خفق قلبه خوفاً، وتسارعت دقاته .. وبدى على وشك الإنهيار وهو يخمن الأسوأ ...
انحنى بجذعه للأمام، وأسند كفيه على سطح مكتبها، وسألها برجفة خفيفة في نبرته:
-طب .. طب والجنين ؟
أجابته بهدوء وهي تشير بكفها:
-وضعه مستقر، لكن هي عندها حالة ضعف عام، وعاوزة تغذية واهتمام أكتر من كده.

تنهد بإرتياح .. ثم أضاف قائلاً بجدية بالغة:
-شوفي ايه اللي تحتاجه وأنا هانفذه كله
ردت بإبتسامة هادئة وهي تشبك كفيها معاً:
-زي ما قولت لحضرتك من شوية، الراحة والتغذية، والبعد عن أي ضغوط!
سألها مجدداً بإندفاع:
-طب أقدر اشوفها ؟

أجابته بنفس الإبتسامة الهادئة:
-ايوه، هي الممرضة معاها، وهاتجيبها وتيجي على هنا!
أومأ برأسه في سعادة، وإعتدل في وقفته، ومرر أصابع يده في فروته ...
في نفس التوقيت اهتز هاتفه الموضوع في جيبه، فأخرجه لينظر إلى اسم المتصل، فوجده عدي، فزم فمه، وضغط على زر الإيجاب، وهتف بضجر:
-ايوه يا عدي
سأله عدي هاتفياً بجدية:
-أوس انت فين ؟

أجابه بإيجاز:
-مع تقي
سأله عدي بإهتمام واضح:
-حصل حاجة ؟
رد عليه بتنهيدة منهكة:
-تعبت شوية
سأله مجدداً بقلق:
-طب هي كويسة الوقتي ؟
أجابه بإقتضاب وهو يدس يده في جيبه:
-يعني
أضاف عدي قائلاً بحذر:
-تمام .. طيب ينفع تيجي الشركة شوية
ضاقت عيني أوس قليلاً، وسأله بغموض:
-ليه ؟

رد عليه عدي بنبرة شبه منزعجة:
-في حاجة مهمة ماينفعش تتقال في التليفون!
تابع أوس قائلاً بجدية:
-وأنا مش هاينفع أسيب تقى لوحدها!
أردف عدي قائلاً بنزق:
-ماهو الموضوع يخصها برضوه
اتسعت عيني أوس بإرتياب، وهتف بصوت قاتم:
-ايييه ؟!

في المشفى الحكومي
ظل عبد الحق يجوب الممر ذهابا وإياباً وهو في حالة قلق شديدة مفركاً كفه بالأخر .. وتمتم بتلهف وهو يضرب الحائط الرمادي:
-استرها يارب، جيب العواقب سليمة!
لقد نقل زوجته بطة لهذا المشفى الحكومي بعد أن عاونها في إرتداء عباءتها السوداء ليتعامل الأطباء مع حالتها ..
لم يعرف ما الذي أصابها، ولكنها كانت في حالة بائسة ..

لم تتوقف عن الصراخ أو البكاء بسبب الآلم الذي إجتاح أسفل جسدها ..
بعد برهة خرجت إحدى الطبيبات من غرفة الطواريء، فركض نحوها، ولوح بذراعيه وهو يسألها بتوتر:
-طمنيني يا ضاكتورة! البت بطة مالها ؟
رمقته بنظرات متفحصة وهي تسأله بجمود:
-إنت جوزها ؟

هز رأسها بصورة هيسترية، وهتف بضجر:
-ايوه، هي كويسة ؟ قوليلي بس! دي .. دي كانت بتصوت وقلبت نافوخي وأنا مش عارف إيه اللي جرالها!
لوت فمها وهي تردد بهدوء:
-طب هستأذنك تيجي ورايا على المكتب!
جحظت عينيه بقلق، وسألها متلعثماً:
-هي .. هي كويسة ؟
أجابته بهدوء مستفز وهي تتحرك للأمام:
-هاحكيلك عن حالتها هناك
ابتلع ريقه، وغمغم برجاء:
-استر يا اللي بتستر!

بداخل عنبر المرضى الخاص بالسيدات بالمشفى
رفعت بطة صوتها بالبكاء والصياح والولوعة وهي تلطم على صدغيها قائلة بإهتياج:
-آآآه، منه لله، عملها فيا هو وأمه، أكيد هي اللي وزته عليا، آآآآه، ضيعوني الله ينتقم منهم
أمسكت الممرضة بذراعها، وهتفت فيها بحدة:
-اهدي يا مدام!
صرخت فيها بصوت هادر:
-اهدى، عاوزاني أهدى بعد اللي عرفته!
أضافت الممرضة بصوت شبه محتد:
-احمدي ربنا إنها جت على أد كده
أمسكت بطة بياقة عباءتها، وهزتها بعنف وهي تواصل عويلها:
-منكم لله يا بُعدة، تتشووا في نار جهنم قريب!

في غرفة مكتب الطبيبة
جلس عبد الحق على المقعد المقابل لمكتب الطبيبة، وأدار جسده ناحيتها، وسألها مستفهماً:
-أنا مش فاهم حاجة من اللي قولتيه ده كله
زفرت الطبيبة بإنهاك، وأسبلت عينيها وهي ترد عليه بهدوء:
-شوف يا أخ عبده، مراتك اتحطلها مادة حارة في منطقة حساسة للغاية من جسمها، دي أدت لتدمير الشعيرات الدموية المغزية للمنطقة بشكل كبير، وده طبعاً تأثيره بينعكس على قنوات فالوب والرحم
نظر لها ببلاهة، وبدى ساذجاً وهو يسألها بحيرة:
-يعني ايه ؟

أجابته بنبرة عادية ووجهها خالي من أي تعابير:
-ببساطة كده، المدام عندها صعوبة إنها تبقى حامل بعد كده!
هب من مقعده مصدوماً، وردد بتلعثم:
-هاه .. يعني .. يعني آآ...
قاطعته الطبيبة مضيفة بجدية وهي تشير بيدها:
-احنا بنعتبر ده جريمة، وآآ..
قاطعها عبد الحق متسائلاً بصوت مشدوه:
-يعني بطة مش هاتخلف ؟!

تنهدت بعمق وهي تجيبه بصوت شبه حزين:
-للأسف هايبقى صعب!
رفعت رأسها للأعلى، وتابعت بأمل زائف:
-لكن ده مش معناه إنه مستحيل، ممكن ب آآآ...
قاطعها عبد الحق بصراخ شبه باكي وهو يضع يديه على رأسه:
-عملتي فيها ايه يامه، حرام عليكي، خربتي بيتي، وضيعتي البت ..!

في المقر الرئيسي لشركات الجندي للصلب
صعد أوس لمكتبه بعد أن أوصل تقى إلى منزلهما، وأوصى المدبرة عفاف برعايتها ريثما يعود إليها ..
دلف إلى داخل المكتب ووجهه متشنج للغاية ..
جحظت عينيه بشراسة مخيفة حينما رأى الحارس أحمد أمامه، فبلا وعي أسرع نحوه ليفتك به، وانقض عليه، وأمسك به من ياقته، وهزه بعنف وهو يصيح بغلظة:
-انت جيتلي برجليك!
ثم أطبق على عنقه محاولاً خنقه، فصرخ أحمد مستغيثاً:
-آآآه، انا .. آآآ..

-سيبوه يا أوس، هايموت في ايدك
قالها عدي وهو يركض نحوه محاولاً إبعاد قبضتيه عن أحمد ..
كز أوس على أسنانه قائلاً بنبرة عدائية صريحة:
-مش هاسيبه إلا لما روحه تطلع!
كانت أصابعه قابضة بشراسة على عنق أحمد، فتمكن عدي بصعوبة من تحرير الأخير منه، ودفعه للخلف، ومن ثم وقف بجسده حائلاً بينهما ...
سعل أحمد سعال شديد وهو يكافح لإلتقاط أنفاسه ..

نهره عدي بضيق:
-ايه يا أوس، مش تستنى لما تفهم الأول
لوح أوس بذراعه بغضب، وهدر بصوت عنيف وهو يحدج أحمد بنظرات مهينة:
-عاوزني أفهم من ال *** ده إيه ؟
رد عليه أحمد بحذر وهو يضبط أنفاسه:
-كح ..كح .. أنا غرضي مصلحتك يا باشا، كح .. فهمه يا عدي بيه، كح!
أضاف عدي وهو يسحب أوس من ذراعه للخلف بهدوء:
-اهدى بس، واسمع مني للأخر

في المستوصف الشعبي
خرج الطبيب شامل للإستقبال وهو ينزع قفازيه، نظر في أوجه الجالسين بإشمئزاز .. ثم صاح بصوت هادر:
-مدبولي
ركضت ناحيته الممرض، وأطرق رأسه للأسفل وأجابه بخفوت:
-ايوه يا ضاكتور
سأله بتأفف وهو يحك ذقنه:
-فين أهل البت اللي عملت ختان ؟
أشار له مدبولي بعينيه وهو يجيبه هامساً:
-هناك يا ضاكتور شامل
حرك شامل أنفه للجانبين ليتنفس بصوت مسموع وهو يتابع بنبرة مزدرية:
-طيب، هي خمساية وهتفوق، خليهم يخشوا ياخدوها.

هز رأسه موافقاً وهو يتمتم ب:
-ماشي يا ضاكتور
وما إن رأته فردوس حتى أسرعت نحوه، وهتفت بإصرار:
-يا حالضاكتور، لو سمحت!
إستدار شامل برأسه نحوها، ورمقها بنظرات جارحة إلى حد ما، وسألها ببرود:
-عاوزة ايه ؟
تلعثمت وهي تجيبه قائلة:
-أنا .. انا كان عندي مشكلة وآآ...

قاطعها بنبرة غير مكترثة وهو يوليها ظهره:
-اتكلمي مع الممرضة، وهي آآ...
قاطعته بنبرة ملحة، وهي تنظر له بتوسل:
-ما انا اتكلمت معاها، وقالتلي هاتسألك، وأنا هنا من بدري، ومحدش إداني عُقاد نافع!
لوى فمه وهو يسألها بفتور:
-والمطلوب مني ايه ؟
أخفضت نبرة صوتها لتجيبه بحذر:
-بنتي آآ.. عاوزة تسقط!
بدى مهتماً عقب جملتها الأخيرة، ومط فمه للأمام:
-مممم..

تابعت هي بصوت جاد رغم همسه:
-وأنا تحت أمرك في اللي تطلبه، بس ريحنا من الهم ده!
فرك جبهته بفضول، ولمعت عينيه بتسلية، فهناك فريسة أخرى قادمة إلى عرينه، سوف يستمتع معها سراً قبل أن يتركها لغيره .. لذا بعد لحظات من الصمت المتعمد، أردف قائلاً بصوت آمر:
-تعالي ورايا، هانتكلم في مكتبي
تنهدت بإرتياح وهي تردد:
-ماشي!
ثم تبعته بخطوات سريعة وهي تتوسم خيراً أن تنطلي خدعتها، وينجح مخططتها، وتظفر في النهاية بكل شيء ..

في المقر الرئيسي لشركات الجندي للصلب
سرد عدي على أوس ما قصه الحارس الأمني أحمد من تخطيط عمه ومحاميه للإيقاع بزوجته، وتدمير سمعتها، وإيهام الجميع بأنها على علاقة آثمة بحارسه الأسبق، ومن ثم التخلص منهما ..
أصغى أوس بهدوء عجيب، ولكن احتقنت عينيه بصورة مخيفة .. وبدت تعبيرات وجهه على وشك الإنفجار ...
انتظر عدي أن يعلق عليه رفيقه، وحدق به، ولكن أدار الأخير رأسه في إتجاه أحمد وصاح به ببرود قاتل:
-إحمد ربنا إن انكتبلك عمر جديد، لأني مش هارحم أي حد يمس مراتي ولو بكلمة!
ضاقت عينيه أكثر ليبرز منهما شرر مخيف، وتابع بقسوة وهو يشير بإصبعه:
-برا!

اتسعت مقلتي عدي في ذهول، وانفرج فمه ليهتف بصدمة:
-استنى يا أوس، انت بتطرده قبل ما آآآ...
قاطعه أوس مهدداً وهو يحدجه بقوة:
-ده أحسنله، بدل ما أقتله!
ثم تركه وإتجه ناحية الحائط الزجاجي، وضرب عليه بقبضته المتكورة بعنف، وظل محدقاً أمامه بنظرات قاتمة ..

ابتلع عدي ريقه بتوجس، فما سمعه رفيقه ليس بالأمر الهين، فهناك مكيدة حيكت ضد زوجته تقى، ومدبرها هو عمه .. نفخ بإنزعاج، وأشاح بوجهه ناحية سطح مكتبه، فرأى المظروف المغلف عليه .. فزفر مجدداً بضيق ..
فما يحتويه هذا المغلف هو جزء أخر من منظومة الفضائح الغير أخلاقية .. وعليه أن يبلغ أوس بما عرفه تواً ..
بحرص شديد اقترب من أوس، ووقف إلى جواره، ثم وضع يده على طرف كتفه، وضغط عليه قليلاً وهو يردف بحذر:
-في حاجة تانية عاوز أقولك عليها!

لم يلتفت له أوس، بل ظلت نظراته معلقة بحركة السير أمامه ..
ضغط عدي على شفتيه متابعاً بإمتعاض:
-أنا .. أنا جبتلك كل التفاصيل عن اللي نشر عن .. آآ.. عن مراتك الكلام اياه
إستدار أوس برأسه ناحيته، وحدجه بنظرات مميتة، فدب الرعب في قلب عدي ..
نعم .. هو يعرف تلك النظرات الشرسة جيداً .. إنها لا تظهر بقسوتها تلك إلا حينما ينتوي أن يفعل أمراً خطيراً ..

إزدرد ريقه وهو يسأله متوجساً:
-انت ناوي تعمل ايه ؟
لمعت عيني أوس بقوة مخيفة وهو يجيبه بنبرة عدائية بحتة:
-هاتعرف...!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة