قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية ذئاب لا تعرف الحب الجزء الثالث تأليف منال سالم الفصل التاسع

رواية ذئاب لا تعرف الحب الجزء 3 بقلم منال سالم

رواية ذئاب لا تعرف الحب الجزء الثالث تأليف منال سالم الفصل التاسع

( وانحنت لأجلها الذئاب )

في مكتب الصحفي وفيق
ألقى الصحفي وفيق بجسده على المقعد بعد أن سحبه للخلف، وزفر بصوت مسموع وهو يسب قائلاً:
-يخربيته الواد عصفورة، شبحني في الفلوس!
ثم إلتوى فمه بإبتسامة شيطانية، وأخرج من جيبه هاتفه المحمول، وأكمل قائلاً بلؤم:
-بس جايب حاجات انما ايه، قاتلة!
ابتسم له بكر ليتسائل بحماس:
-يعني هنحط أخبار جديدة على الموقع ؟
برقت عيني وفيق بوميض خبيث وهو يجيبه بثقة:
-طبعاً، وبالفيديوهات كمان!

تسائل بكر بفضول وهو يعبث بحاسوبه المحمول:
-عن ايه المرادي ؟
تمطع وفيق بجسده وهو يجيبه بجمود:
-هو احنا ورانا حاجة غير عيلة الجندي!
ردد بكر عفوياً:
-تقصد أوس ومراته ؟
أومأ برأسه مجيباً إياه بنبرة دنيئة:
-أها .. بس الدور ده مع أبوه، واتهام صريح لمراته بخيانتها، و خد كمان صاحبه فوق البيعة!

اتسعت عيني بكر بشدة، وهتف بحماسة واضحة:
-أوبا، ده كده ولعت
-طبعاً ..
قام وفيق بعرض مقاطع الفيديو المسجلة على هاتفه – والتي نقلها من على هاتف حمدي عصفورة - على رفيقه بكر .. فصدم الأخير مما رأه، ومن الإتهامات المجحفة لمهاب الجندي ومدى جبروته وتسلطه ...
تابع وفيق قائلاً بمكر رهيب:
-احنا دورنا نوجه أصابع الاتهام للمدام
قطب بكر حاجبيه بشدة، وإحتج قائلاً:
-بس .. بس الفيديو بيقول إنها آآآ...

قاطعه وفيق بنبرة عابثة وهو يرفع حاجبيه للأعلى:
-احنا هنقص الجزء الأخير من الفيديو ده .. وهنعمل زووم على المقطع ده، ونكرره، والمشاهد بقى يحكم!
ابتلع بكر ريقه بتوتر .. فما سيقوم بفعله ربما يؤدي لحدوث فاجعة كبرى، خاصة وأنه يعبث مع أخطر الأشخاص .. واستخدام تلك الأساليب الخسيسة والدنيئة في عرض حياتهم الخاصة على العامة غير محمود العواقب .. لذا تسائل بتوجس:
-طب.. طب لو الحقيقة اتعرفت ؟

أرجع وفيق ظهره للخلف في مقعده، ورد بجمود:
-محدش هايعرف
ثم مسح بلسانه على أسنانه الصفراء ليضيف بعدم إكتراث:
-وبعدين مش هما اللي قايلين الكلام ده على لسانهم، ولا أنا جايب حاجة من برا!
رمقه بكر بنظرات متعجبة وهو ينعته قائلاً:
-ده انت دماغك سم!
قهقه وفيق بتفاجر، ورد عليه بنبرة مغترة:
-طبعاً، هي مهنة الصحافة بالساهل

وبالفعل قام الصحفي وفيق بنشر مقتطفات من الفيديوهات بعد إجراءات تعديلات عليها على موقعه الإخباري وإضافة عناوين مثيرة للغاية، وبسرعة البرق تم تداولها وإنتشارها على كافة المواقع ذات الصلة ...

في مشفى الجندي الخاص
وصل المحامي نصيف إلى المشفى، وطالب مقابلة مهاب على الفور، فسمح له بالصعود، وأرشده أحد الممرضين إلى مكتبه، واصطحبه أخر إليه ..
جلس نصيف على الأريكة الجلدية، وظل يهز ساقيه بعصبية مفرطة وهو يتطلع إلى الباب ..
نظر في ساعة يده عدة مرات قبل أن يهب واقفاً من مكانه:
-لأ كده كتير ..

في تلك اللحظة فتح مهاب الباب، وولج إلى الداخل، ونظر إليه بهدوء، ثم أشار له ليجلس قائلاً:
-واقف ليه يا أستاذ نصيف، اتفضل اقعد
هتف نصيف قائلاً بتذمر:
-أنا مش جاي أقعد ولا أضايف، أنا جاي أبلغك ببلوى على النت!
نفخ مهاب من الضيق وهو يسأله:
-في ايه تاني ؟

سرد له المحامي نصيف ما ورد على المواقع الإخبارية، فإنفجر مهاب غضباً، وقذف بمحتويات مكتبه على الأرضية ..
لم يتفاجيء نصيف من تصرفه، بل على العكس زاد الطين بلة، وأضاف بحنق:
-الأخبار مالية المواقع يا د. مهاب، لازم تاخد بالك، وعشان كده أنا جيت بنفسي أحذرك
صاح مهاب بعصبية وهو جاحظ العينين:
-بنت ال ... فتحت العين علينا!
-ربنا يستر من اللي جاي
كز مهاب على أسنانه ليتسائل بغلظة:
-بس مين ابن ال **** اللي صورني ؟

هز نصيف كتفيه ليقول بهدوء:
-مش عارف، بس من الواضح ان ده مخطط معمول عشان يوقعك
احتقنت عينيه بشراسة مخيفة، وهتف بوعيد:
-مش مهاب الجندي اللي يوقع بالساهل
مط نصيف فمه ليضيف بنبرة فاترة:
-عامة أنا موجود وهاتابع معاك كل حاجة
اقترب منه مهاب، وحدق به قائلاً بصوت متشنج:
-اعرفلي بس مين ورا الأخبار دي يا نصيف
-حاضر يا باشا!

أسندت تهاني تقى بعد أن سمح لها الطبيب بالإنصراف، وأوقفت إحدى سيارات الأجرة لتستقلها الإثنتين عائدتين إلى الحارة ..
وطوال الطريق ظلت خالتها توصيها بعدم إبلاغ أي أحد عن مسألة حملها حتى تستقر الأوضاع .. فلم تبد الأخيرة إعتراضها، وأسندت رأسها على كتف خالتها، وظلت شاردة تفكر فيما وصلت إليه حياتها، وكيف عصفت بها الحياة في مصائب جمة في أسابيع معدودة ...

بعد برهة وصل السائق إلى مدخل الحارة، فأشارت له تهاني بكفها:
-ايوه، على جنب هنا يا اسطى
انتبهت تقى إلى صوت خالتها التي تابعت قائلة بجدية وهي تلكز السائق في كتفه:
-اتفضل يا بني
إلتفت السائق برأسه نحوها، ومد يده ليتلقط الأجرة منها، وشرع حديثه قائلاً بصوت متحشرج:
-متشكر يا ست.

عدلت تقى من وضعية رأسها، وتنهدت بإنهاك .. بينما ترجلت تهاني من السيارة، ومدت يدها لتمسك بإبنة اختها وهي تقول بصوت دافيء:
-انزلي يا بنتي
إستندت تقى على ذراع خالتها، وتأبطت بها، وسارت الإثنتين بخطوات بطيئة عبر مدخل الحارة ..
حدق معظم المارة بهما بغموض وفضول، ولكن لم تهتم تقى بنظرات من حولها .. فأقل ما يشغل بالها الآن هو كيف يفكر بها الجيران ..

صعدت تقى على الدرج أولاً، ولحقت بها تهاني وهي تلهث بتعب ..
قابلتهما مصادفة الجارة إجلال، فهتفت بسعادة:
-حمدلله على السلامة يا تقى، منورة يا بنتي
ردت عليها الأخيرة بفتور:
-الله يسلمك
وتابعت صعودها دون أن تضيف كلمة أخرى ...

نظرت لها إجلال بإندهاش وهي عابسة الوجه، وتسائلت بقلق:
-هي مالها يا ست تهاني ؟
أجابتها تهاني بنبرة منهكة:
-معلش تعبانة شوية، اعذريها!
زمت شفتيها لتسألها مستفهمة وهي تضع إصبعيها أسفل ذقنها:
-اه ياختي، ربنا معاها .. بس هي جاية زيارة ولا آآ... ؟
ردت عليها تهاني بتنهيدة مطولة:
-لأ اعدة عندنا شوية.

قطبت جبينها بإستغراب، وسألتها بفضول:
-ليه ؟ هو في حاجة حصلت لا سمح الله
زفرت تهاني بصوت مسموع وهي تجيبها بنفاذ صبر:
-بعدين يا حاجة إجلال، متأخذناش جايين من مشوار متعب!
شعرت الجارة إجلال بالحرج، وردت عليها بإرتباك:
-اه وماله، خدوا راحتكم ..!

قرعت تقى الجرس، ففتحت لها والدتها، وشهقت مصدومة حينما رأتها أمامها:
-تقى
إرتمت هي في أحضان والدتها، وضمتها بإشتياق واضح إليها وهي تقول بصوت مختنق:
-ماما!
فرغم بيتها المتهالك إلا أنه الوحيد الذي تشعر بين جدرانه بالدفء والأمان .. وفيه تجد السكينة لكل أوجاعها التي لا تفارقها ..
حاوطتها والدتها بذراعيها، ومسحت على رأسها قائلة بسعادة:
-والله وليكي وحشة يا بت!

ثم أرخت ذراعيها قليلاً، وأدارت رأسها للخلف لتهتف بصوت مرتفع:
-تعالى يا عوض، بنتك رجعت
إتكأ عوض على عصاه وهو يخرج من غرفته لترفع تقى رأسها في إتجاهه، وتهتف بصوت شبه باكي:
-بابا
ثم ركضت نحوه، وألقت بجسدها في حضنه الدافيء الذي أشعرها بالأمان الحقيقي .. فوجود والدها في حياتها هو أكبر نعمة تعرف قيمتها ..
مسح والدها على ظهرها، وردد بصوته الثقيل:
-ت.. تقى.

إنتحب صوتها وهي تهمس له:
-وحشني حضنك اوي، أد ايه أنا محتاجة أكون جواه
ثم تركت لنفسها العنان لتبكي في أحضانه، فواساها بنظراته المطمئنة، وظل يربت على ظهرها
تعجبت فردوس من حالتها، وأمعنت النظر في هيئتها، وتسائلت بإندهاش:
-هو انتي جاية زيارة ؟ ولا آآآ...
مسحت تقى عبراتها بأناملها، واعتدلت في وقفتها، ثم إستدارت لتواجه والدتها، وقبل أن تنفرج شفتيها لتجيبها، صاحت تهاني بجدية:
-خشي ارتاحي يا تقى، مش وقت حكايات.

وقفت تقى مترددة في مكانها .. فأصرت تهاني على دخولها وعدم الحديث .. فإمتثلت لطلبها، وسارت بتثاقل نحوها ..
اغتاظت فردوس من أختها، وهتفت بضجر:
-مخلتيش البت ترد عليا ليه وتقولي هي جاية زيارة ولا لأ، ولا انتي عاوزة تحصل فضيحة زي كل مرة هنا ؟
نهرتها بضيق وهي ترمقها بنظرات معاتبة:
-مش وقته يا فردوس، سيبي البت ترتاح الأول
سألتها فردوس بإلحاح:
-يعني هي هتقعد معانا ؟
ردت عليها تهاني بإقتضاب:
-أيوه
لطمت فردوس على صدرها لتشهق فجأة وهي تقول:
-هو .. هو ابنك طلقها ؟

نظرت لها تهاني شزراً، وزفرت منزعجة:
-يوووه، مش وقت أسئلة يا فردوس
سألتها فردوس بغضب:
-ما تريحيني يا ستي، هو طلقها ولا لأ ؟
-لأ ..
قالتها تهاني وهي تتحرك صوب غرفة تقى، فلحقت بها فردوس، وأوقفتها من ذراعها لتقول متذمرة:
-استني يا تهاني، فهميني في ايه بالظبط ؟ مش كانت راحت مع ابنك، وخلاص قال تخصه وعمل أفلام هنا في الحارة وآآ...
قاطعتها بنفاذ صبر وهي تزيح قبضتها عنها:
-مش وقته يا فردوس، انتي مش شايفانا جايين خلصانين.

-ايوه شايفة وبسأل!
-أوووف
تابعت فردوس قائلة بتفرس:
-وبعدين البت وشها مخطوف، وشكلها مبهدل، مش عاوزاني أقلق ؟!
لوت تهاني فمها قائلة بضجر:
-يعني يا فردوس مش هترتاحي أبدا
ردت عليها بجدية:
-الله مش بنتي
أخذت تهاني نفساً عميقاً، وزفرته بإنهاك لتجيبها:
-هي عملت حادثة مع أوس
لطمت فردوس مجدداً على صدرها وهي تصيح بصدمة:
-يا لهوي.

رفعت تهاني بصرها للسماء لتقول بنبرة متوسلة:
-ربنا معاك يا ابني ويتولاك، ويزيح عنك ويقومك من اللي انت فيه، يا قادر يا كريم
تسائلت فردوس بإستفسار أكبر:
-يعني انتوا سيبتوه في المشتشفى وجيتوا هنا ؟
ردت عليها تهاني بحزن:
-حاجة زي كده
اغتاظت فردوس من ردود اختها المبهمة عليها، فهتفت بصوت محتج:
-يا ستي ما توضحي كلامك معايا، ولا انا غريبة وماليش لازمة ؟
أجابتها تهاني بصوت حانق:
-ايوه سيبناه
حركت فردوس فمها للجانبين بحركة مستنكرة، وأضافت بسخط
-عادي كده ؟

رمقتها تهاني بنظرات حادة، وتابعت قائلة بيأس:
-وفي ايدينا ايه نعمله، ماهو أبوه ربنا ينتقم منه جه وخده!
ثم تحركت للأمام، فأسرعت فردوس ورائها، وهتفت بفضول:
-ايه ده ايه ده، أبوه، وخده .. انتي هتكروتيني في الموضوع!
نفخت تهاني بضيق واضح:
-يووه يا فردوس، سيبني ارتاح وبعد كده هاحكيلك
ردت عليها فردوس بإنزعاج:
-ماشي يا اختي .. هانروح من بعض فين، ما بوزنا في بوز بعض!

مرت عدة أيام على تقى وهي في حالة شرود مستمرة .. تحاول إستيعاب فكرة كونها ستصبح أماً بعد بضعة أشهر ..
أخافها التفكير في هذا الأمر كثيراً .. فهي تعاني لوحدها، وتكابد الكثير من أجل استعادة نفسها، فكيف ستأتي بطفل لهذا العالم المقيت ليشاطرها الظلم والقهر .. ويعاني مثلما عانت ..

وما زاد من ذعرها هو تذكرها لكلمات مهاب المهددة بالإنتقام منها، فماذا لو عرف بأمر حملها .. هل سينقل إنتقامه نحو جنينها ؟
احتمالية حدوث تلك الفكرة جعلت قلبها يخفق بقلق شديد ..
تابعتها خالتها بأسف .. هي تشعر بحيرتها، وبالإرتباك والمشاعر المختلطة التي تسيطر عليها ..
هي لم تتعافْ بعد من مأساتها مع أوس، فكيف ستتأقلم مع فكرة تأسيس أسرة ووجود طفل ..

ورغم السعادة الخفية في نفسها لكونها ستصبح جدة، إلا أنها حافظت على هدوئها أمامها .. وأولتها الرعاية والإهتمام ..
ومع هذا كانت تقى تتناول لقيمات بسيطة من الطعام بعد إلحاح، فهي قد فقدت شهيتها لكل شيء ..
ظل الفضول الممزوج بالحيرة يشغل بال فردوس، ولم يتوقف عقلها عن التفكير في مصير ابنتها قليلة الحيلة والحظ ..
شعرت بوجود أمر مريب في نظرات تهاني لإبنتها، وكذلك في كلماتها المقتضبة إليها .. ولاحظت ذبول وجهها، وحالة الإعياء المستمرة، وقلة شهيتها للطعام، ورغبتها بالجلوس بمفردها .. بالإضافة لنومها بالساعات، والإنهاك المستمر رغم قلة نشاطها المبذول ..
حاولت هي أن تستدرج أختها في الحديث، لكن الأخيرة كانت أكثر حرصاً في عدم الإفصاح عن أي شيء ..

لم تتوقف المواقع الإخبارية عن تناول الأخبار المتعلقة بعائلة الجندي ..
وتفنن البعض في إطلاق أكاذيب مغلوطة عن وجود علاقات غرامية تخص أوس وزوجته، وسعي الإثنين للإنتقام من بعضهما البعض بالإنغماس أكثر في الملذات المحرمة ..
وكان لموقع الصحفي وفيق نصيب الأسد في إطلاق تلك الأخبار .. وحقق متابعات فائقة، وأرباحاً لا تقدر ..

كما حاولت تهاني الإطمئنان على صحة ابنها عن طريق عدي الذي كان يبلغها بأي تطور يخصه أولاً بأول ..
كذلك إبتاع هو لها هاتفاً محمولاً لكي تتواصل معه هاتفياً دون الحاجة إلى زيارته في الشركة خاصة وأنه كان يخشى عليها من التعرض للإيذاء بسبب الإجراءات الأمنية المشددة والمفروضة على كل ما يخص عائلة الجندي من أجل إبعاد أعين الصحافة والمتلصصين ...

في مشفى الجندي الخاص
غرزت الممرضة إبرة طبية في المحلول المعلق إلى جوار فراش أوس، وتابعت مؤشراته الحيوية بإهتمام .. ثم أمسكت باللوحة المعدنية المعلقة على مقدمة الفراش، ودونت عليها بعض الملحوظات ..
أسندتها في مكانها .. واتجهت إلى خارج الغرفة ..
تحرك جفني أوس بحركات عصبية متتالية .. ومال رأسه للجانب .. وبدأت أنفاسه تتسارع إلى حد ما .. ثم أدار رأسه عفوياً للجانب الأخر، وزادت حدة أنفاسه..
إنفرج فمه ليشهق بصوت متحشرج بعد أن فتح عينيه فجأة:
-ت... تقى!

رمش بعينيه عدة مرات لتعتاد عينيه على الإضاءة الموجودة بالغرفة .. ثم حرك رأسه قليلاً ليتأمل المكان من حوله ..
حاول أن يسترجع ما حدث معه، فإقتحم عقله الكثير من الذكريات المتداخلة ..
رؤيته لتقى لأول مرة، وصدامها معه .. ثم تحديها إياه .. إصراره على كسرها وإخناعها له ..
ثم سعيه لأخذها قسراً، تدميره لعائلتها واستغلاله للظروف .. استسلامها له .. ومواجهتهما المصيرية، ثم قسوته المفرطة، وإعتدائه اللا آدمي معها، وعنفه الذي أدى إلى لحظة إنهياره، وكشفه أمام نفسه لتضح معاناته النفسية ..

خوفه من فقدانها .. محاولته لإستعادتها .. ضميره المعذب .. روحه التي إحترقت شوقاً إليها .. نبذها له .. رغبته في تعويضها، استمرار كرهها له .. ثم اللحظة الفارقة حينما أوشك على خسارتها أمام عينيه، فوهة المسدس المصوبة نحو صدره، صراخها بإسمه .. وشعوره بالسكون حينما رقد في أحضانها .. وأخيراً ما إلتقطته أذنيه مسامحتها إياه ...

اتسعت مقلتيه المحتقنتين بشدة، وبحث عنها حوله، فخفق قلبه ذعراً لعدم وجودها، وخشي أن يكون قد حدث لها مكروهاً ..
فدون أدنى تفكير، إستند بمرفقيه ليحاول النهوض من على الفراش، ولكنه تأوه من الآلم الشديد الذي إجتاح صدره، فكف عن المحاولة، وسعل بصوت متحشرج .. ومن ثَمَ صاح بصوت جهوري مخيف:
-تقى ...؟!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة