قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية دواعي أمنية للكاتبة منال سالم الفصل العاشر

رواية دواعي أمنية للكاتبة منال سالم الفصل العاشر

رواية دواعي أمنية للكاتبة منال سالم الفصل العاشر

حصلت هدير على رقم هاتف باسل المحمول من إيناس، وبدأت في رسم خطة ماكرة في ذهنها للتقرب منه أكثر..
لم تعبأ بحنثها بوعدها لصديقتها في عدم الإضرار بها أو حتى الإساءة إليها، فشاغلها الأكبر هو مرافقته بغض النظر عن أي شيء يمكن أن يحدث، ونفذت خطتها بالفعل، وبدأت في مهاتفته لتثير فضوله أولاً، ثم بعدها ستنتقل للخطوة التالية وهي التودد إليه..

كما تغاضت إيناس ( مؤقتاً ) عن فكرة تجميل نفسها وتعديل مظهرها بعد أن وجدت أن التكلفة ستكون باهظة بالنسبة لها وتفوق قدراتها المالية المتاحة، بالإضافة إلى توبيخ هدير لها لذهابها بمفردها لأحد المراكز دون انتظار رأيها الجوهري في تلك المسألة الحساسة من وجهة نظرها...

مر يومان على سابين وهي في متواجدة في مركز التدريب، وحاولت فيهما قدر إستطاعتها الإندماج والتكيف مع طبيعة الحياة هناك..
أرهقها محاولتها المضنية للنوم بسلام، ولكنها لم تحظَ على الساعات الوافية التي يحتاجها جسدها للإسترخاء، فبدى وجهها أكثر تعباً عن ذي قبل، وقلت نضارته إلى حد ما، ورغم هذا لم يقلل من جمالها الطبيعي..
و كالعادة لم تسلم من سخافات فادي المتكررة ونظراته الوقحة كلما رأها...

ولكن ما كان يريحها هو وجود مسعد دوماً إلى جوارها، وكذلك باسل الذي كان أكثر تفاهماً معها..
شعرت بالحنين إلى أهلها ورفاقها رغم عدم مضي وقت طويل، لكنها كانت تشتاق إلى وجودهم في حياتها..
أقنعت نفسها أنها فترة مؤقتة ستمر بأي حال من الأحوال لتعود كما كانت..

كذلك استغلت الفرصة في مراجعة دورها كخبيرة أجنبية جاءت لتقييم عدد من الضباط الأكفاء لتبدو مقنعة ومنطقية حينما يتم سؤالها مباغتة من قبل أي شخص وخاصة السمج الذي يلاحقها كظلها...

لم يتوقف عقل مسعد عن التفكير في ( صابرين ) التي استحوذت على عقله، فقد كانت مختلفة وغامضة بشكل مثير..
كذلك استشعر بفراسته التي قلما تظهر بأن هناك خطب ما وراء السماح بوجودها في وحدتهم الخاصة غير كونها خبيرة دولية وحصولها على امتيازات عجيبة، لم ينالها أحدهم مسبقاً، بالإضافة إلى صغر سنها الذي حيره كثيراً..

فهي تبدو أقل عمراً بكثير من خبيرة محكنة درست وأجرت الأبحاث الموثوقة على مدار سنوات عمرها القليلة..
ومع هذا حاول ألا يعطي الموضوع أكثر مما يستحق، فهي في النهاية قد جاءت إلى هنا من أجل تقييمه، وربما ستكون فرصته للوصول إلى هدفه السامي وهو الحرس الرئاسي..

أما باسل فقد أعجبته سابين كثيراً، فهي شابة ناضجة، مفعمة بالنشاط، وطموحة إلى أبعد الحدود..
ما أبهره حقاً، هو تمكنها من الحصول على ذلك المنصب الهام في تلك المؤسسة الدولية التي تمثلها بالرغم من كونها لم تتخطَ منتصف العشرينات..
تمنى أن يقابل في حياته فتاة مثلها، قادرة على فعل المستحيل وتحقيق أحلامها بإصرار، ورغم هذا كان حذراً فيما يتمناه، ففي النهاية وجودها مرتبط بوقت زمني، ومحدد بمهام بعينها..

ما أزعجه أيضاً خلال تلك الفترة هي تلك الاتصالات الهاتفية المتكررة من أرقام مجهولة في أوقات مختلفة من الليل، و ترفض الرد عليه رغم أسلوبه اللاذع في إهانة المتصل حينما يسأله عن هويته..
لكنه كان يستمع إلى صوت تنهيدات مطولة وعميقة، وهمسات خافتة بإسمه، فأثارت حنقه أكثر...

على الجانب الأخر، لم يقتنع فادي بمهمة سابين المتواجدة في مركز التدريب الخاص بهم بأي شكل، ولم تَخيل عليه وظيفتها كخبيرة دولية ذات مستوى رفيع، خاصة وأنها صغيرة السن، وعلى حسب بحثه المتأني على مواقع الانترنت المختلفة حول طبيعة الخبراء ومهامهم، وجد أن متوسط أعمارهم يتخطى حاجز الأربعين عاماً، وأبحاثهم الدولية تتخطى العشرات...
لذا فقد استنتج أنها ليست خبيرة بالمعنى التقليدي..

كذلك هي أنثى مثيرة، ولافتة للأنظار بطبيعتها المتحررة تتناقض تماماً مع هيئة الخبير المعتاد، وهي وحيدة في معقل الرجال الأشداء، ومعنى السماح لمثلها بالبقاء معهم أن وراءها سر خطير، فقرر أن يتحرى بنفسه عن السبب الحقيقي لوجودها، بالإضافة إلى شعوره بالتسلية لوجود من تثير رغباته كرجل يتوق للنساء، فزادت حماسته تجاهها...

في مركز التدريب،
تحركت سابين بتثاقل في اتجاه المرحاض بعد أن صدح صوت البروجي المزعج ليوقظها من أعمق أحلامها..
تثاءبت وهي تغسل وجهها بالمياه، وأمالت رأسها للأمام بعد أن أغمضت عينيها المتعبتين لتستند بكفيها على حافة الحوض..
بدت أكثر إرهاقاً عما مضى، وغفت للحظة قبل أن تشهق بذعر حينما تكرر الصوت المزعج مرة أخرى..
نفخت بتعب، وسارت عائدة إلى فراشها وهي تمتم بصوت ناعس:
-مش قادرة، أنا عاوزة أنام.

ثم ألقت بجسدها عليه لتغط في سبات عميق بعد عدة دقائق...
لم تشعر بمرور الوقت وهي غافية، فقد كان جسدها منهكاً للغاية، ولم تعدْ تستطيع الصمود أكثر من هذا...

وقف مسعد أمام باب غرفتها، وحدق فيه بإندهاش، ثم حك مؤخرة رأسه عدة مرات وهو يتساءل مع نفسه بقلق:
-هي مش ناوية تخرج النهاردة ولا ايه؟ دي اتأخرت أوي!
فرك طرف ذقنه بتوتر قليل، وتابع حديث نفسه بتوجس:
-طب أخبط عليها، وأشوف مالها، ولا استنى شوية! ماهو يمكن تكون في الحمام ولا حاجة، جايز عندها امساك ومش عارفة آآ...
أطرق رأسه في حرج ولم يتابع جملته، ثم ركل بقدمه الأرضية، وحسم أمره قائلاً:.

-أنا هاخبط عليها، ماهو مش معقول اسيبها كده، مش يمكن جرالها حاجة وأنا مش دريان!
اقترب من الباب، ودق عليه بخفة، وهتف بصوت عالي نسبياً:
-صابرين، صاحية؟
انتظر أن تجيبه، لكن لا شيء، فدق مجدداً بقوة أكبر، وصاح عالياً:
-يا صابرين، يا ست الخبرا، كل ده نوم، الضهر ادن!
لم يجد إجابة منها، فتوجس خيفة، وهدر بقلق:
-انتي كويسة؟ صابرين سمعاني؟
زاد من عنف الدقات عليه، وأكمل مهدداً:
-أنا هاكسر الباب لو مردتيش عليا.

بقي الوضع على ما هو عليه، فتراجع عدة خطوات للخلف قبل أن يندفع بقوة للأمام ليرتطم بالباب بقسوة محاولاً تحطيمه..
كرر فعلته مرتين بقوة، ومع المرة الثالثة انخلع الباب، وسقط أرضاً ليحدث دوياً هائلاً، فإنتفضت سابين فزعة على إثر الصوت الرهيب...
شهقت مذعورة حينما رأت طيف مظلم لشخص ما أمامها، وتوجست خيفة أن يكون ذلك الشخص أحد القتلة المحترفين الذين يسعون خلفها، فصرخت بهلع..
اقترب مسعد منها، وطمأنها قائلاً:.

-اهدي يا صابرين، ده أنا مسعد!
فركت عيناها بيديها، وحدقت فيه بتركيز، وسريعاً ما اكتست وجنتاها بحمرة غاضبة، وعاتبته قائلة بصوت محتشرج:
-ليه آملت ( عملت ) كده موسأد؟!
نظر لها بإستغراب، وأثار ريبته هلعها الغير مبرر، لكن ما أدهشه حقاً هو بكائها أمامه..
دفنت وجهها في راحتيها، وأكملت نحيبها المكتوم..
فغر مسعد فمه مشدوهاً، واقترب من فراشها، وجلس على طرفه، وأمسك بكفيها ليبعدهما عن وجهها، وسألها بقلق:.

-في ايه يا صابرين؟ للدرجادي أنا فزعتك؟
حاولت أن تضبط أنفاسها، وسحبت يديها من قبضتيه بهدوء، ومن ثم أجابته وهي تبكي:
-مش إمل ( اعمل ) كده موسأد، أنا هاف ( أخاف )
نظر لها بإشفاق، وشعر بوخزة في قلبه تجاه عبراتها، وأردف قائلاً بأسف:
-حقك عليا، أنا مقصدش والله
أغمضت عينيها، وظلت تنتحب بخفوت، فحاول التخفيف عليها، فهتف بإبتسامة عريضة:
-انتي برضوه اللي غلطانة يا صابرين، في حد ينام زي القتيل بعد الرقع ده كله!

فتحت عيناها اللامعتين لتنظر إليه في عدم فهم، وسألته بصوت مختنق:
-ايه؟
تابع قائلاً بعتاب زائف:
-وبعدين أنا استعوقتك!
انفرجت شفتيها في عدم فهم، فأكمل موضحاً:
-اقصد انتي اتأخرتي كتير، وده ماينفعش
عبست بوجهها وهي تعاتبه:
-بس مش جود ( جيد ) إنك تكسر باب كده موسأد
وأشارت بعينيها إليه، فاستدار برأسه للخلف، وعاود النظر إليها ليقول بثقة:
-مسمارين يا صابرين وكل حاجة ترجع زي ما كانت، إنتي جيتي في جمل!

رددت برقة وهي ترفع حاجبيها للأعلى:
-جمل؟!
أومأ برأسه إيجاباً وهو يوضح لها:
-اه، سفينة الصحراء، إنتي مش عارفة عربي يا صابرين ولا ايه؟
هزت رأسها بحركة خفيفة وهي تهمس:
-أها، اوكي!
تابع هو قائلاً بجدية وهو يغمز لها:
-بس اطمني، أنا مش هاقول لحد على اللي شوفته
رمشت بعينيها غير مستوعبة ما قاله تواً، فبرر لها وهو يشير بيده في الهواء:
-جو الريالة والشعر المنكوش والحركات دي، أنا واخد على كده!

شهقت مصدومة، وتوردت وجنتيها خجلاً منه، ووضعت يديها عفوياً على رأسها لتهندم من شعرها المشعث، واعتذرت بحرج:
-أوبس، سوري، شكلي بشع!
ابتسم لها قائلاً بمزاح:
-لما انتي شكلك كده بشع، أومال ايناس أختي يتقال عنها ايه لما بتصحى من النوم! يا بنتي ده انتي ملاك جمبها
سألته بفضول وهي تميل برأسها للجانب:
-إيناس! انت آندك ( عندك ) Sister( أخت )؟
أجابها مسعد بإنزعاج مصطنع:
-عندي 3 بعيد عندك، أسوأهم ايناس، نسخة مني!

ثم أخفض نبرة صوته، ومال عليها بجسده ليهمس لها بجدية:
-بصي هي مش شبهي أوي، بس زي ما تقولي احنا فولة واتقسمت نصين في خفة الدم والحلاوة والشقاوة واللي بالك فيه..!
أسبلت سابين عينيها خجلاً منه، وتراجعت للخلف قليلاً، وتشكل على وجهها علامات الحزن، وهمست قائلة:
-أنا مش آندي حد، I miss my family, my friends and my beloved ones ( أنا أفتقد عائلتي، واصدقائي، وكل أحبائي )
مط فمه في حزن زائف وهو يردد بضيق:.

-يا عيني عليكي ياختي!
تنهدت سابين بعمق، وأضافت بصوت شبه مختنق:
-آرف ( عارف ) موسأد، أنا نفسي في ايه؟
سألها بإهتمام:
-ايه؟
أجابته بصوت خفيض وهي تنظر أمامها بشرود:
-أنا مهتاج ( أحتاج ) آآ، Hug ( حضن ) أوي
حك جانب رأسه في محاولة للفهم، فكررت هي الكلمة الأخيرة مرة أخرى أمامه، فارتسم على ثغره ابتسامة عريضة بعد أن ظن أنه فهم مقصدها، وهتف بحماس:.

-تحجي! ماتقولي كده يا شيخة، وأنا والله نفسي أروح أحج وأعمل عمرة كمان، بس إن شاء الله هاقدم في القرعة اللي جاية، ويمكن تضرب معايا وأطلع! وساعتها هدعيلك يا ستي، يمكن ربنا يهديكي وتتحجبي كده، وأستتك، قصدي تتجوزي
هزت رأسها بإستياء من ثرثرته الزائدة، وردت عليه بضجر:
-اوه، لأ مش ده موسأد، أنا اتكلم عن هوضن ( حضن ).

ارتفع حاجباه للأعلى بعد أن فهم مقصدها الأساسي، وظهر على نبرته الحماسة وهو يرد عليها بعد أن فتح ذراعيه في الهواء:
-يا حرام، تعالي في حضن ابن خالتك
نظرت له بإندهاش وهي تقول:
-ايه؟
هز رأسه بأسف زائف وهو يبرر لها:
-ده أنا محروم من حنان الأم، خشي في حضني، خشي!
تصلبت تعابير وجهها، وصاحت فيه محذرة:
-موسأد!
أطرق رأسه حزناً، وعاتبها:
-ليه تقتلي الطموح جوايا يا صابرين؟ ده أنا غلبان!

ضيقت نظراتها لتصبح أكثر حدة، وصاحت بصرامة:
-إيب ( عيب ) موسأد، إيب!
غمز لها بعينه اليسرى وهو يمازحها:
-إيب، طالعة من بؤك زي السكر!
ثم همس لنفسه بسعادة:
-آآآخ، أموت أنا في الأخلاق
كتفت سابين ساعديها أمام صدرها، وهمست بنعومة:
-موسأد! بليز
هز رأسه موافقاً وهو يقول:
-حاضر، انتي أومريني بس!
ثم نهض من على الفراش، واتجه نحو الباب، واستدار بجسده نحوها ليكمل بجدية:
-بالمناسبة الورق بتاعك جه، هو مع باسل في الصالة.

رددت بإستغراب:
-صالة؟!
أوضح لها بهدوء وهو يشير بيده:
-ايوه، عندنا تدريب لياقة من بدري، وانتي مجاتيش، فهو احتفظ بيه معاه هناك، لو تحبي أجيبهولك هنا
هزت رأسها نافية، وأصرت قائلة:
-نو ( لأ )، انا هاجي معاك
ابتسم لها قائلاً بمرح:
-ماشي يا قمر، وأنا هاظبطلك الباب كده لحد ما أبعت حد يصلحه، خشي انتي بس البسي جوا، وأنا ستر وغطا عليكي هنا
ردت عليه برقة وهي تحرك رأسها إيجابا:
-اوكي.

في الصالة الرياضية،
أحكم فادي غلق رابطة قفازه الرياضي حول معصمه، وضرب به كفه الأخر بقوة، ثم سلط أنظاره على باسل الذي كان يتلاكم مع أحد زملائه، وهمس لنفسه بنبرة شبه مغلولة:
-هانروح من بعض فين؟
ثم تحرك بخطوات ثابتة في اتجاه الحلبة، وصاح بصوت جهوري:
-باشا، أنا جاهز!
أوقف باسل التدريب مع زميله، وأشار له برأسه ليشكره، ثم استدار نحو فادي، ورد عليه بثقة:
-وماله يا فادي، الرينج ( الحلبة ) مفتوح للكل.

ضرب مجدداً بكفيه معاً، وصاح بقوة وهو يحني جسده ليعبر عبر الحبال الغليظة:
-تمام يا باشا
اتخذ الاتنين وضعية الاستعداد، ثم تلاحما بشراسة، وسددا لبعضهما البعض اللكمات القوية..
بدى الحال كأنه قتال ضاري، وليس مجرد تدريب روتيني..
في نفس التوقيت، ولجت سابين مع مسعد إلى داخل الصالة وهي تبتسم، ولكن سريعاً ما اختفت ضحكتها، وحل محلها الوجوم حينما رأت ذلك التشابك العنيف..

وضعت يدها على فمها لتكتم شهقتها الخائفة، وتساءلت بقلق:
-أوبس، ده كده اوكي موسأد؟
اجابها مسعد بإبتسامة متباهية:
-ده العادي بتاعنا يا صابرين، متخافيش، دلوقتي تلاقي فادي متكوم على الأرض
لم يكمل هو جملته حتى انهار باسل أرضاً على إثر لكمة عنيفة مباغتة في وجهه، أعقبها جلوس فادي فوقه، ثم إنهال عليه بلكمات متتابعة أشد شراسة لم يتمكن من تفاديها، فشهقت سابين بفزع، وركضت نحو الحلبة..

انزعج مسعد من ردة فعلها القلقة عليه، وزفر في ضيق فما يحدث هو أمر طبيعي لا يحتاج للمبالغة، وسار خلفها بتكاسل نحو الحلبة..
انحنت سابين عبر الحبال، وجثت على ركبتيها أمام باسل بعد أن ابتعد فادي عنه، وتساءلت بخوف وهي تمد يدها نحوه:
-باسل، إنت أوكي، كويس؟
استند هو على مرفقيه ليعتدل، وأجابها بخفوت:
-أنا تمام
هتف فادي قائلاً بسخرية:
-جرى ايه يا خبيرة، مايبقاش قلبك رهيف! ده هزار مع الباشا!

رمقت سابين فادي بنظرات مشتعلة، ثم أشاحت بوجهها بعيداً عنه متعمدة تجاهله لتنظر في اتجاه مسعد، وهتفت بتوجس:
-موسأد، بليز check ( تفقد ) باسل
رد عليها باسل بهدوء:
-صدقيني أنا بخير، متقلقيش
أضاف مسعد قائلاً بإنزعاج واضح:
-ما هو زي الجن قصادك أهوو! ماجرالوش حاجة، جمدي قلبك كده
التوى ثغر فادي بإبتسامة ساخطة، وتساءل بسخرية:
-تحب تاخد دور يا باشا معايا؟
حدجه مسعد بنظرات نارية، ورد عليه بصوت قاتم:.

-مش النهاردة يا فادي
سلط فادي أنظاره على سابين، وسألها بتهكم:
-والخبيرة مانفسهاش تجرب هي كمان؟
أغاظها تحديه الساخر منها، فنهضت على ساقيها، واتجهت نحوه ووجهها متشنج للغاية، ثم أشارت بإصبعها وهي تكز على أسنانها بقوة لتقول:
-U know what ( إنت عارف )، إنت تستاهل تاخد بوكس في ( فيس ) بتاعك!
تحرك خطوة قبالتها حتى تقلصت المسافة بينهما كثيراً، ورمقها بنظرات جريئة أرجفتها، وأردف قائلاً بصلابة:
-طب ما تيالا!

تأججت النيران في صدر مسعد فجأة من حركته المهددة، ولم يشعر بنفسه إلا وهو يضع يده على كتف سابين ليضغط عليه بقسوة، فالتفتت نحوه وظهر على تعابير وجهها تعابير متألمة، لكنه لم يهتم، وأرجعها عنوة للخلف ليقف مكانها، وهتف قائلاً بتجهم وهو ينظر إلى ذلك السمج بنظرات محتدة للغاية:
-فادي، شوفلك سكة السعادي!
رد عليه بوقاحة محاولاً استفزازه:
-مش بنشوف الخبيرة ومزاجها
هدر فيه مسعد بإنفعال جلي:
-فادي!

أشار له الأخير بكفيه في الهواء، وتراجع منسحباً للخلف وهو يدندن بصافرة خافتة...
كور مسعد قبضة يده بحنق، وبدى عليه الانفعال واضحاً..
سمع صوت باسل من خلفه يقول:
-مالهاش لازمة العصبية يا مسعد، هو طول عمره معروف برخامته ورزالة أهله!

لم يتحمل مسعد أي تبرير من باسل يخص ذلك السمج، فقد اكتفى من أفعاله الفظة والوقحة تجاه سابين، فاستدار بجسده نحو باسل معتقداً أنه يقف خلفه، ورفع ذراعه ليسدد له بقبضته لكمة عنيفة ليسكته، ولكنها وجدت سبيلها في وجه سابين التي تحركت دون قصد في اتجاهه فأصابها إصابة مباشرة..
صرخت سابين متأوه من الآلم قبل أن تسقط مغشياً عليها على أرضية الحلبة...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة