قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية دواعي أمنية للكاتبة منال سالم الفصل الحادي عشر

رواية دواعي أمنية للكاتبة منال سالم الفصل الحادي عشر

رواية دواعي أمنية للكاتبة منال سالم الفصل الحادي عشر

في الصالة التدريبية،
سدد مسعد لكمة مباغتة بقصد إصابة باسل، لكنها وجدت طريقها في وجه سابين، والتي فقدت وعيها من إثر قوتها..
صُعق هو مما فعله، وهتف بإسمها مصدوماً:
-صابرين!
ثم جثى على ركبتيه سريعاً أمامها، ومد ذراعيه أسفل ظهرها ليرفعها قليلاً عن أرضية الحلبة وأسند رأسها على صدره، وحاول أفاقتها
عنفه باسل قائلاً بقلق وهو ينزع قفازيه:
-انت عملت ايه يا مسعد؟

ربت مسعد على وجنتها بكفه، ودافع عن نفسه قائلاً بتوتر:
-وربنا ما شوفتها، هو وشها اللي خبط في ايدي!
حدجه باسل بنظرات حادة، وعاتبه قائلاً بغلظة:
-وشها يا مفتري!
قبض على فكها بيده، وحركه للجانبين بحركة متوترة وهو يهتف بهلع:
-صابرين، فوقي!
جثى باسل قبالته، ونظر له شزراً وهو يقول بتبرم:
-انت كده بتفوقها؟
رفع مسعد رأسه لينظر في اتجاه رفيقه، ورد عليه بتذمر:
-وأنا كنت هاعرف منين إنها هاتقع بالقاضية!

حاول باسل تفحص حالة سابين، وتفقد رأسها ليتاكد من عدم وجود أي نزيف دموي، أو تجمع ما بها، وهتف بسخط من بين أسنانه:
-ده مش بعيد يكون جالها تربنة في المخ ولا إرتجاج!
قفز قلب مسعد في صدره خوفاً عقب جملة رفيقه الأخيرة، وصاح بإرتباك وهو يمسح على جبين سابين:
-بعد الشر، إن شاء الله تبقى كويسة!
دقق باسل النظر فيها، وتابع قائلاً بخوف:
-ربنا يستر وما يكونش عندها نزيف في المخ
رمقه مسعد بنظرات نارية، وهتف بحدة:.

-ايه يا عم بلاش تخوفني! دي لوكامية عادية مش إيد مرزبة!
لاحظ أحد الضباط وجود خطب ما بداخل الحلبة، فتساءل بإهتمام وهو يشرأب بعنقه للأعلى:
-خير يا رجالة، في حاجة حصلت؟
رد عليه باسل بتلعثم وهو يوزع أنظاره ما بين سابين ومسعد:
-هاه، ده مسعد آآ...
قاطعه مسعد قائلاً بإبتسامة عريضة تعمد رسمها على محياه:.

-لا مافيش يا باشا، الخبيرة تعبت، ضربة شمس، ما انتو عارفين أجانب بقى وكده، مالهومش في حلاوة شمسنا ولا خفة ضلنا!
أومأ الضابط برأسه متفهماً، ولوح بذراعه وهو يقول بهدوء:
-تمام، احنا موجودين لو في حاجة!
أدى له مسعد التحية العسكرية وهو يقول بإمتنان:
-شكراً، يدوم!

حدج باسل مسعد بنظرات ساخطة، فقد ذهل من كذبته الغير متوقعة، وبدى على تعابير وجهه علامات الاستنكار مقروءة للعيان، وضغط على شفتيه بقوة ليضبط إنفعالاته، وهمس بقسوة من بين أسنانه:
-ضربة شمس إزاي يا بني آدم واحنا جوا هنا؟!
ابتسم له مسعد بسخافة وهو يرد عليه بصوت خفيض:
-ماشيها ضربة شمس! مش ناقصين شوشرة، احنا هنتعامل معاها
سأله باسل بعدم اقتناع:
-طب هاتعمل ايه يا فالح؟
أشار له مسعد برأسه وهو يتابع بثقة:.

-فضيلي انت بس سكة في أوضة اللبس، وأنا هاتصرف
ضيق باسل نظراته، وأردف قائلاً بتوجس:
-يا خوفي تودينا في داهية
التوى ثغر مسعد بإبتسامة متغطرسة، ورد عليه بتفاخر:
-اطمن، ده أنا أفكاري هتعجبك!
نهض باسل عن أرضية الحلبة، وتلفت حوله بريبة، ثم عبر من خلال حبال الحلبة، وظل يتمتم بكلمات غير واضحة وهو يتجه نحو باب جانبي..

بينما لف مسعد ذراعه حول خصر سابين، ووضع ذراعه الأخر أسفل ركبتيها، ثم حملها واتجه بها نحو غرفة تبديل الملابس الملحقة بالصالة الرياضية..

في مكان أخر،
كان الفريق ضياء يتابع أحد العروض العسكرية بصحبة القادة في إحدى الكليات الحربية..
نظر إلى الضباط بزهو وفخر، ولكن سريعاً ما تبدلت قسمات وجهه المرتخية، وتشنجت نوعاً ما، فقد شعر بوخز حاد في صدره..

وضع يده على قلبه، وحاول فركه بحركة دائرية ثابتة، وجاهد للحفاظ على ثباته وهدوءه أمام الأخرين، ولكن زادت حدة الوخزات، وأصبحت أكثر شراسة فلم يستطع التحمل، وضغط على شفتيه بقوة مقاوماً إصدار شهقة مرعبة، وفجأة إنهار عن مقعده ليرتطم بالأرضية وهو يصرخ بفزع..
انتفض الجالسون إلى جواره من أماكنهم ليتجمعوا حوله ويروا ما حدث له..
وسريعاً سيطر الخوف الشديد على ملامحهم حينما رأوا اهتزازة جسده العنيفة...

-اطلبوا الاسعاف
قالها أحد القادة بصوت جهوري وهو يلوح بيده في الهواء..

في غرفة تبديل الملابس،
تأكد باسل من خلو غرفة التبديل من أي ضباط، كما تفحص المراحيض ليضمن عدم وجود أحد بها، ثم وقف بجوار الباب منتظراً قدوم مسعد الذي أومأ له برأسه وهو يلج للداخل..
تحرك الاثنين نحو المرحاض الداخلي بخطوات سريعة..

وقف مسعد أمام حوض الاغتسال، وأنزل سابين على قدميها، ولكنه أحاط بخصرها بذراعه، وأحكم قبضته عليها حتى لا تسقط منه، ثم أبعد بيده الأخرى خصلات شعرها المتدلية على وجهها، ورفع رأسه لينظر إلى باسل وهو يهتف فيه:
-افتح الحنفية خليني أحط دماغها تحت المياه
رد عليه باسل بتهكم:
-هي سكرانة يا مسعد؟
أجابه مسعد بجدية وهو يزيح خصلاتها:
-لأ، بس المياه بتجيب نتيجة مع أي حد.

فتح باسل الصنبور، وملأ كف يده بالمياه الباردة، ثم نثرها برفق على وجه سابين والتي أصدرت أنيناً خافتاً وهي تحرك رأسها بحركة بسيطة..
تنفس مسعد الصعداء بعد حركتها المحدودة، وهتف بإرتياح:
-الحمدلله، بتفوق أهي!
مال باسل برأسه للجانب ليطالع وجهها، ثم وضع يده على وجنتها ليربت عليها، وهمس لها بصوت هاديء:
-سابين، سمعاني، سابين
انزعج مسعد من تصرف رفيقه، وكز على أسنانه بضيق، ثم صاح بحنق:.

-تعالى أما نخليها تفرد جسمها برا
-ماشي
وبالفعل انحنى مسعد ليحملها بين ذراعيه بخفة، وتحرك بها نحو المقعد المعدني الموضوع في منتصف الممر بين خزانات الملابس، ثم أسندها برفق عليه، وجثى على ركبته أمامها، واحتضن كفها بين راحتي يده، وهمس لها بصوت خافت:
-صابرين، اصحي يا ماما، فوقي يا قمر!
نظر له باسل بإستخفاف، وردد بتهكم:
-ماما، ده منظر واحد بيفوق واحدة؟!

التفت مسعد برأسه نحوه، وحدجه بنظرات حادة وهو يرد عليه بضجر:
-سيبنالك انت الجنتلة كلها!
أضاف باسل قائلاً بجدية:
-أنا رأيي نروح بيها عند الدكتور آآ...
قاطعه مسعد بإمتعاض وهو يشير بيده:
-ايوه، وتقلب بسين وجيم، ودي أجنبية، وأخوك يتسوح فيها!
تابع باسل قائلاً بعتاب يحمل اللوم:
-ماهو اللي انت عملته مايصحش.

استشاط مسعد غضباً بسبب تلميحات باسل المتكررة عن كونه المخطيء الأول فيما حدث لسابين، وازعجه اهتمامه الزائد بها رغم محاولته هو إصلاح خطأه، فهدر بتذمر:
-تصدق بالله البوكس ده كان ليك، بس حظها الفقري خلاها تلبس فيه!
أصدرت سابين أنيناً خافتاً، وحركت رأسها للجانب، وهمست بصوت واهن:
-آآآه
انتفض باسل على إثر صوتها، وهتف بتلهف:
-اهي فاقت الحمدلله!

كز مسعد على أسنانه بحنق، ولم يعد يتحمل اهتمام باسل المبالغ فيه بسابين وكأنه المنقذ الشجاع الذي يفهم في كافة الأمور، وأصبح قاب قوسين أو أدنى من ارتكاب حماقة، فهتف بنزق:
-طب روح أمن لنا الجو بدل ما الناس تفكر إننا بنعمل حاجة شمال معاها
قطب باسل جبينه بشدة عقب عبارته الفظة، وعنفه بضيق:
-احترم نفسك! ده كلام يتقال قصادها
لوى مسعد فمه ليغمغم بتبرم:
-أل يعني هي هاتفهم معناه
ردت عليه سابين بصوت خفيض:.

-أنا، افهم انت، موسأد
تفاجيء بها محدقة به، فإرتخت ملامح وجهه المتشنجة، وهتف بسعادة:
-أهي، فهمتك يا باسل! يالا أمن الطريق
رفع باسل حاجبه للأعلى في تعجب من تبدل حال رفيقه الغير مفهوم، ورمقه بنظرات غامضة قبل أن يتركه ويتحرك نحو الممر..
اعتدلت سابين على المقعد، وأنزلت ساقيها للأسفل، ووضعت إصبعيها على مقدمة رأسها لتفركها..
جلس مسعد إلى جوارها، وظل يتأملها بنظرات غريبة لم يفعلها مع أي واحدة من قبل..

شرد في إيماءات وجهها المتشنجة إلى حد ما، وفي التواءة ثغرها وهي تتألم بخفوت، وتنهد بعمق وبحرارة...
رفعت سابين عينيها لتنظر إليه بإستغراب، وسألته بلكنة شبه متحشرجة:
-موسأد، إنت بصلي كده ليه؟
أغلق فمه المنفرج، وأجابها بإرتباك:
-هاه، ولا حاجة
تحسست موضع الآلم أعلى عينها اليمنى، وهمست بأنين:
-أوه، دي اوجعني
هز رأسه متفهماً، وهمس لها بتنهيدة مطولة:
-أها معلش.

عقدت سابين ما بين حاجبيها، ونظرت له بحيرة، وسألته بعدم فهم:
-ايه مآلش دي؟
أجابها بثقة:
-دي الكلمة الدراجة اللي بنطيب بيها خاطر أي حد، وهي شغالة مع الكل!
هزت رأسها متفهمة، وسألته بقلق وهي تمرر يدها في خصلات شعرها:
-اوكي! بس أنا شكلي لسه جود ( جيد )؟
جاب مسعد بنظراته تفاصيل وجهها بنظرات مطولة، وتشدق قائلاً بتلعثم:
-والله آآ...
ارتبكت قليلاً من نظراته المتأملة لها، وشعرت بوجود خطب ما بها، فتمتمت برقة:.

-قول موسأد!
سلط مسعد أنظاره على موضع إصابتها، وضغط على شفتيه ليقول بملامح ممتعضة:
-بصي هي قلبت شبه الوحمة!
رددت سابين بعدم فهم:
-وهمة!
أشار لها مسعد بيده وهو يحاول طمأنتها بإبتسامته المجاملة:
-شوفي، إنتي حطي عليها تلج، وهاتروح!
سألته بإيضاح:
-انت اقصد Ice ( ثلج )؟
أضاف قائلاً بجدية:
-يعني، بصي علاج الحالات دي دهنة مرهم هيموكلار، لغوسيها كده، ونصاية وهتروق!
سألته سابين بهلع وهي تتحسس إصابتها بحذر:.

-هي باينة أوي؟
رد عليها مسعد بإبتسامة واسعة:
-أنا هاعمل نفسي مش شايفها، بس هي هاتزرق وتقلب على أخضر قبل ما تدي اللون البنفسجي
شهقت سابين بفزع وهي تضع يدها على فمها:
-اوه
حاول مسعد التهوين من خطورة المسألة بعد أن لاحظ حالة القلق الممزوجة بالخوف البادية عليها، فأردف قائلاً بمزاح:
-قدري يا صابرين إن موسكيتو من بتوعنا علمت عليكي
ردت عليه بوجه عابس:
-دي إوجع جامد موسأد!
لامها مسعد قائلاً بضيق مصطنع:.

-ما انتي اللي غلطانة يا صابرين، جيتي في وش البونية، واتصدرتي، وأنا ايدي طارشة!
سألته سابين بخوف:
-دي ممكن مش روح؟
هز كتفيه في عدم مبالاة وهو يجيبها:
-والله على حسب النوايا!
هزت رأسها مستنكرة وهي تقول بأسف:
-هرام موسأد، هرام ( حرام )
كانت على وشك البكاء، فأمسك مسعد بكفيها، ومال بجسده نحوها وهو يقول بجدية:
-حقك عليا، أنا مقصدش، وأدي راسك أبوسها.

اقترب كثيراً منها ليقبل جبينها، فهبت مذعورة من مكانها، ورمقته بنظرات حادة وهي تقول بصوت شبه صارم:
-انت إمل ( اعمل ) ايه موسأد؟
وقف هو الأخر في مكانه، وأجابها بإبتسامة:
-بأبوس الواوا
لوحت بإصبعها محذرة وهي تقول بلهجة قاسية:
-Stop ( توقف عما تفعل )، مش إعمل ده!
عاد باسل من الخارج وهو ينظر إلى الاثنين بإستغراب، ثم صاح قائلاً بنبرة عالية وهو يدنو من سابين:
-سلامتك يا سابين، هو مايقصدش.

أدار مسعد رأسه في اتجاهه، ورد على مضض:
-ماهي البونية كانت من نصيبك، بس حظك نار
ابتسم له باسل مغيظاً إياه وهو يقول:
-الحمدلله
وضعت سابين يدها على إصابتها، وتأوهت وهي تقول:
-أوه، لسه موجودة
رد عليها مسعد بضجر وهو يدس يده في جيبه:
-خلاص بقى يا صابرين ماتبقيش إتمة
فغرت شفتيها لتسأله مستفهمة:
-ايه؟
أوضح لها قائلاً بإنهاك:
-يعني تبقي قافوشة كده، دي بونية مش حقنة عضل
هزت رأسها في حيرة، ورددت:
-أنا مش افهمك!

لكز باسل مسعد في كتفه بقوة وهو يقول محذراً:
-خف عليها مش كده يا مسعد!
نفخ الأخير بإنزعاج ليردد بنفاذ صبر:
-ماشي
رن هاتف باسل برقم غريب، فزفر في ضيق، وأردف قائلاً بإمتعاض:
-استنى أما أشوف مين قارف أهلي بالمكالمات دي!
أراد مسعد أن يستغل الفرصة ليوهم سابين أن لرفيقه معجبات كثر يهاتفن إياه حتى لا يترك لها الفرصة لتفكر به، فصاح بمرح:
-ايوه يا عم معاكسات ومعجبين وفانز! مش ملاحق!
رددت سابين بإستغراب واضح عليها:.

-فانز
ابتسم لها مسعد قائلاً بتباهي:
-أهوو، بعرف انجليش اهوو! ماليش أد
تقوس فم باسل بضيق وهو يقول:
-معجبين ايه بس، ده حد ثقيل قارف أهلى اتصالات ومش عارف أوصله
أضاف مسعد قائلاً بجدية:
-عليك وعلى التروكولر، هايجيب أمه
رد عليه باسل بنبرة شبه حانقة:
-أرقامه مش متسجلة، بيشتغلني
مط مسعد فمه ليهتف بإعجاب:
-ناصح!
توعد باسل بشراسة وهو يطالع شاشة هاتفه المحمول:
-أنا لو بس عرفت هو مين هانفخ اللي جابوه! مش هارحمه
-حقك.

أولاهما باسل جسده، وتابع بصوت جاد:
-طيب، هارد عليه، وارجعلكم
ابتسم مسعد بسعادة وهو يضيف:
-حلو، خد الباب في ايدك
التفت باسل برأسه نصف التفاتة، ورمقه بنظرات محذرة، وهدر بصوت صارم:
-مسعد
تنحنح الأخير في حرج، وهمس بإنصياع:
-بهزر، سيبه مفتوح على الأخر!
ثم تمتم مع نفسه بمزاح:
-هو احنا هنعرف نعمل حاجة أصلاً هنا ولا في حتة تانية!

في نفس التوقيت، طلبت هدير من إيناس أن تتصل بأحد الأرقام بإعتبار أنه الرقم الخاص بصاحبة مركز تجميل شهير، لكنها كانت مكيدة للإيقاع بها، فقد تعمدت تسجيل رقم باسل بإسم فتاة ما لتنطلي الخدعة عليها..
وبحسن نية طلبته إيناس دون توقع الغدر من رفيقتها، فتفاجئت بصوت رجولي يسألها بغلظة:
-مين معايا؟
قطبت إيناس جبينها مندهشة، وتابعت الرد عليه بإستغراب:
-حضرتك مش ده رقم آآ...
قاطعها باسل قائلاً بوقاحة:.

-ما تقولي إنتي مين يا *** بدل ما ****
فغرت إيناس شفتيها مصدومة من كم الشتائم اللاذعة التي تلقتها منه، وسبته قائلة بحنق:
-انت قليل الأدب، ازاي تكلمني أصلاً كده
هدر فيها باسل بفظاظة:
-ماهو انتو لو متربية أصلاً كنتي بطلتي حركاتك السافلة دي
صاحت فيه إيناس بإنفعال:
-لم لسانك بدل ما آآ..

وما إن تأكدت هدير من اندماج الاثنين في المكالمة حتى أسرعت بتنفيذ الجزء الثاني من خطتها، فصاحت متساءلة بنبرة عالية متعمدة أن يسمعها الطرف الأخر على الهاتف بوضوح:
-ها يا إيناس هتعرفي باسل إنك اللي بتتصلي بيه، ولا لسه هاتشتغليه كمان؟
صدمت إيناس مما قالته رفيقتها، ورمقتها بنظرات مذهولة، وهتفت بعدم استيعاب:
-ايه؟

حلت الصاعقة على رأس باسل بعد ما سمعه تواً، و ربط سريعاً بين ما قالته تلك الفتاة وشخصية صوت المتحدثة، وردد بغرابة:
-إيناس!
ظلت إيناس على حالتها المصدومة لوهلة، وعجزت عن النطق، فقد ألجمت المفاجأة لسانها الطليق، وهمست بصوت مرتبك ومتلعثم إلتقطه أذنيه:
-ب، باسل!
هب فيها بصوت صارخ أفزعها:
-هو ده رقمك يا إيناس، ردي عليا؟!
وقع الهاتف من يد إيناس، وركضت نحو رفيقتها، وارتجفت وهي تسألها بهلع:.

-هدير، انتي عملتي ايه؟
استطاعت أن تسمع صراخ باسل وهو يتساءل بغضب جم:
-سمعاني يا إيناس، انتي اللي بتشتغليني؟
رسمت هدير على وجهها قناع البرودة، وتساءل بهدوء وهي تعقد ساعديها أمام صدرها:
-في ايه يا نوسة؟
وضعت إيناس يديها على رأسها، وأغمضت عينيها بقوة وهي تلعن حظها العثر، فقد زجت بها رفيقتها في كارثة بكل المقاييس..

فتحت عينيها فجأة، وحدجت هدير بنظرات نارية محتدة، ثم أنزلت كفيها لتضعهما على كتفي هدير، وضغطت بأصابعها عليهما بقوة، وصرت على أسنانها بشراسة لتقول:
-هدير، انتي وقعتيني في مصيبة أنا مش أدها...!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة