قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية دواعي أمنية للكاتبة منال سالم الفصل السابع عشر

رواية دواعي أمنية للكاتبة منال سالم الفصل السابع عشر

رواية دواعي أمنية للكاتبة منال سالم الفصل السابع عشر

في منزل مسعد غراب،
تعاونت إيناس مع سابين في حمل الحقائب سوياً بعد أن أوصلها مسعد وباسل إلى المدخل..
ثم ولجت الاثنتين بعدها إلى داخل المنزل..
تخلل جسد سابين شعوراً غريباً باﻷمان واﻷلفة، ذلك الشعور الذي عاشته في منزل عائلتها منذ زمن وتفتقده حاليا..
هناك دفئاً جاذباً في أركان هذا المكان البسيط..
وشعور قوي باﻹرتياح يتمكن منك فور أن تطأه بقدميك..

جابت هي صالة المنزل - وما وقعت عليه عيناها - بنظرات خاطفة وشمولية محاولة إكتشاف تفاصيله..
أفاقت من شرودها المؤقت على صوت سيدة ما ترحب بها بحماسة زائدة:
-يا ألف أهلا وسهلا، يا 300 مرحبا!
ثم أمسكت بها من كتفيها ودفعتها نحوها لتحتضنها رغما عنها، واعتصرتها بذراعيها، ثم قبلتها قبلات متتالية ومتكررة على وجنتيها حتى أنها شعرت برطوبتهما من فرط القبلات..

تعجبت سابين من طريقة الترحيب المبالغ فيها، ورسمت على ثغرها ابتسامة مهذبة، ولم تعلق...
أضافت صفية قائلة بود:
-إن شاء الله تعجبك أعدتنا هنا..
أومأت سابين برأسها بإيماءة خفيفة، واكتفت بالابتسام..
هتفت إيناس بتحمس:
-اتفضلي، نورتي البيت
مصمصت صفية شفتيها مستنكرة صمت تلك الشابة الغريبة، و تساءلت بفضول وهي ترمقها بنظراتها المتفحصة:
-هو انتي بتفهمي عربي على كده؟
ردت عليها سابين بإيجاز وهي تشير بيدها:
-شوية.

تابعت صفية حديثها بسخرية:
-ياختي بكرة لسانك يتعود على لغوتنا وترتني ( تتحدثي ) أحسن مننا!
انضم إليهن اللواء محمد، وتعمد رسم علامات الجدية على وجهه ليؤدي دوره المصطنع بإتقان، ثم استطرد حديثه قائلاً:
-مساء الخير يا بنتي، نورتي مصر!
ردت عليه سابين بإبتسامة رقيقة:
-ثانكس ( شكرا ً)
تساءلت صفية بفضول وهي تمرر نظراتها التفحصية على جسد سابين:
-وإنتي اسمك ايه بقى يا حلوة؟
أجابتها سابين بنعومة:
-سابين!

قطبت صفية جبينها بإستغراب من ذلك الاسم العجيب الذي تعذر عليها هي الأخرى ترديده، فهتفت بحيرة وهي تضع إصبعيها على طرف ذقنها:
-مين اللي سايبن يا حبيبتي؟ هو انتي كنتي مرتبطة وسبتي؟ فركشتي يعني!
لم تتعجب سابين من سؤالها الساذج، فهي قد اعتادت على طريقة مسعد في الحوار معها، ولم يكن من الغريب أن تبدو والدته مثله، لذلك أجابتها بهدوء دون أن تختفي ابتسامتها:
-انا اسمي سابين..!

هزت صفية رأسها بتفهم مصطنع وهي تقول:
-وماله يا حبيبتي، عاشت الاسامي!
ثم تمتمت مع نفسها بتبرم ونظراتها لم تفارق سابين:
-البت شكلها لونة ونغشة، ربنا يستر عليك يا حاج محمد منها، قلبي مش مطمنلها!
توجست هي خيفة من وجود تلك الجميلة في منزلها، فربما شبابها وحيويتها وصغر سنها قد يؤثر على زوجها، وتجعله ينظر إليها بطريقة غير مريحة..

لذا قررت هي أن تنتبه لها جيداً، وألا تجعلها تغيب عن ناظريها أبداً طوال مدة إقامتها في منزلها، فوجودها يشكل ناقوس خطر على استقرار عائلتها...

على مقربة من البناية،
أطل مسعد برأسه من نافذة سيارته ليحدق في شرفة بنايته بنظرات قلقة..
لم يكن من الصعب رؤية تعابير الإنزعاج والتوتر على قسماته وتصرفاته..
ظل هو يتمتم بكلمات غير واضحة، وهو يتضرع بصوت خافت للغاية..
نظر له باسل بإندهاش، وسأل بضجر بعد أن مل من كثرة الانتظار:
-ايه يا مسعد مش هانمشي بقى؟
رد عليه مسعد بنبرة متوترة وهو يعاود النظر للأعلى:
-مش قبل ما اطمن على سابين!

مط باسل فمه ليقول بعدم إكتراث:
-أكيد مش هايكون في حاجة حصلت!
تنهد بعمق وهو يرد عليه:
-مش عارف!
ثم هتف فجأة بنبرة متشائمة وهو يشير بيده:
-بس المصايب ما بتستناش حد، فجأة كده بتلاقيها راشقة في نافوخك!
حدق فيه باسل بتعجب، ورفع حاجبه للأعلى، ثم قال بحذر:
-ربك يسترها
غمغم باسل بتوجس خفيف:
-يا رب
هز رأسه بإيماءات ثابتة وهو يحدث نفسه بقلق:
-يا ترى يا حاجة صفية عملتي ايه في البُنية، يا خوفي من اللي جاي!
...

في منزل مسعد غراب،
وقفت السيدة صفية على عتبة باب غرفة ابنتها الصغرى، وأشارت بيدها موضحة وهي تقول بنبرة دافئة:
-دي بقى أوضتك يا حبيبتي!
ابتسمت لها سابين وهي تقول بخفوت حرج:
-ثانكس ( شكراً )
فتابعت السيدة صفية قائلة بتبرم قليل:
-كان بودي والله اقعدك في أوضة لوحدك، بس مافيش غير أوضة الواد مسعد، وهو محرج على حد فينا يخشها في غيابه!
هزت رأسها بتفهم وهي تقول بإيجاز:
-اوكي.

أضافت إيناس قائلة بحماس وهي تشير بذراعيها في الهواء:
-انتي هتنامي هنا معايا زي ما اتفقنا!
حركت سابين رأسها إيجاباً وهي تقول:
-اها، اوكي
تساءلت صفية بإبتسامة عريضة وهي تردد بتفاخر:
-اجيبلك تاكلي يا بنتي؟ ده انا عاملة صينية بطاطس بالفرن إنما ايه حكاية!
هزت سابين رأسها نافية وهي تجيبها بإعتراض:
-نو ( لا )، مش جآنة ( جعانة )!
تابعت صفية قائلة بجدية وهي تشير بيدها:.

-طب يا حبيبتي، لما تجوعي قوليلي وأنا اغرفلك، خدي راحتك في الأوضة وغيري إنتي بس هدومك..!
ثم دفعت بيدها إيناس للأمام وهي تضيف بتحمس:
-أنا هاخد البت دي وهستناكي برا!
نظرت لها سابين بود، وردت ممتنة:
-ثانكس ( شكرا )
تركت الاثنتين الغرفة لها لتكون على حريتها قليلاً، فتلفتت برأسها في المكان لتتأمله بدقة وهي تمني نفسها بغد أفضل..
...
في سيارة مسعد،.

ضرب مسعد بيده على مقود السيارة بتوتر، ثم أخرج رأسه من النافذة لينظر بتمعن في البناية وهو يتساءل بقلق ممزوج بالخوف:
-يا ترى يامه عاملة ايه معاها؟
رد عليه باسل بهدوء جاد وهو يسترخي بجسده على المقعد:
-اطمن يا مسعد!
هتف هو فجأة بإصرار عجيب:
-أنا بأقول اطلع اشوفها بنفسي!
انتصب باسل في جلسته، وقبض على ذراع رفيقه قبل أن يتهور ويترجل من السيارة، وصاح به بغلظة محذراً إياه:.

-لالالا، اثبت مكانك وركز مش تبوظ كل حاجة عشان لحظة تهور وجنان!
تراجع مسعد عن فكرته الطائشة، ونفخ بضيق وهو يقول:
-عندك حق..!
ثم ضرب بيده المقود بعصبية وهو يتابع بنبرة منزعجة:
-بس الحاجة صفية دؤرومة ومش بتريح نفسها، وأنا دماغي هتاكلني!
تنهد باسل بعمق، ثم أردف قائلاً بهدوء:
-انا رأيي تطلب ابوك تسأله عن الوضع، هايكون أفضل!
ابتسم مسعد لإقتراحه، ورد بإيجاز:
-طيب.

وبالفعل أمسك بهاتهف ليتصل بأبيه ليطمئن على حال سابين معهم، ولكن لم يجبْ اﻷخير على اتصالاته، فزاد قلقه
وهتف بتوجس من بين أسنانه التي يضغط عليها بقوة:
-مش بيرد نهائي!
اتسعت فجأة حدقتيه في هلع وهو يقول بنبرة مرتعدة:
-شكلهم اغتالوا البت، وربنا يعملوها!
قهقه باسل من عبارته الأخيرة، ورد عليه بصعوبة وهو يحاول تمالك نفسه:
-مش للدرجادي
لوى مسعد فمه بإمتعاض وحدجه بنظرات حادة وهو يردد:.

-بتضحك، ما أنت مش حاسس بالكارثة المتنقلة اللي برا!
أخذ نفساً عميقاً ليسيطر به على إنفعالاته المتوترة، وحبسه للحظات في صدره، ثم زفره دفعة واحدة وهو يهتف بتحمس كبير:
-بس النسناس اللي في البيت هي اللي هاتجيبلي أرارهم كلهم!
قطب باسل جبينه مهتماً، وضاقت نظراته نوعاً ما وهو محدق في صديقه، ثم سأله بحذر وهو يحافظ على ثبات وجهه خالياً من التعبيرات:
-تقصد ايناس!
رد عليه مسعد بجدية وهو يوميء برأسه:.

-اه هي مافيش غيرها!
وبالفعل حاول هو مهاتفة أخته الصغرى فأجابته بخفوت حذر بعد محاولتين للإتصال بها:
-اركز يا مسعد، هتكشفنا!
سألها مسعد بتوجس وهو يتطلع بأنظاره للأعلى:
-أمك عاملة ايه معاها؟
ردت عليه بصوت خفيض:
-هي بتعاملها على إنها ضرتها، وخطافة رجالة، وجاية تاخد أبونا منها، وبتعملها كشف هيئة!
اتسعت حدقتي مسعد بذهول، وهتف بخوف وهو يتخيل ما تفعله والدته بها:.

-نعم! يادي الفضايح كشف هيئة، احنا اتسوحنا ع ايد الحاجة صفية!
أوضحت إيناس بجدية:
-دي مفكرة إن بابا هيتجوز وجايب عروسته هنا!
ضرب مقدمة رأسه بكفه، وتمتم بتوجس:
-يا لهوي، شطحت معاها على الاخر!
صمتت إيناس للحظات قبل أن تهمس بصوت جاد:
-طب اقفل بقى عشان هي بتنادي عليا!
رد عليها بقلق وهو يفرك طرف ذقنه:
-ماشي يا نوسة وبلغيني كل شوية باللي بيحصل عندك
أضافت إيناس قائلة بمزاح:.

-حاضر، على اخر الزمن هشتغل spy ( جاسوس ) عندك!
تساءل مسعد بعدم فهم وهو عابس الوجه:
-ايه سبا دي؟ شتيمة يا بت؟!
كزت على أسنانها لتقول محذرة بلهجة مهددة:
-اقفل يا مسعد بدل ما أشنيرك عند ماما!
أغلق الهاتف في وجهها وهو يردد بسخط:
-مصلحجية دونية
رمقه باسل بنظرات مشتعلة، وصاح به بضيق واضح:
-في ايه يا مسعد مش كده، امسك لسانك شوية!

تعجب مسعد من دفاع باسل عن أخته، ولم يعلق بل أكمل بعدم اكتراث وهو يلقي بهاتفه على تابلوه السيارة:
-بت بايخة، بتتنطط عليا عشان عاملها قيمة!
لم يرد باسل أن يظهر ضيقه أكثر من هذا حتى لا يضطر إلى تبرير موقفه، فاكتفى بتحذيره قائلاً بجدية:
-ماتنساش احنا معتمدين عليها في المهمة دي وهي عينينا جوا البيت! ولو ضايقتها ممكن تقلب علينا!
حك مسعد فروة رأسه، ورد عليه بتفهم:
-على رأيك، ودي دماغها جزمة زي أخوها!

لكزه باسل في كتفه وهو يضيف قائلاً على مضض:
-طب انجز ويالا بينا على الوحدة، احنا اتأخرنا جامد وهنتنفخ!
هز رأسه إيجاباً، وتمتمت بتضرع:
-ماشي، سترك يا رب، عدي الليلالي على خير يا كريم لأجل عبدك الغلبان اللي هايتشنير من كل حتة لو باظت المهمة!
التفت هو ناحية باسل وسأله بفضول:
-اومال انت مش هتاخد عربيتك
رد عليه الأخير بتنهيدة مرهقة:
-لأ، هاسيبها هنا، اتوكل انت على الله!

أدار مسعد بعدها سيارته، و انطلق بها نحو وحدتهما العسكرية..

في منزل مسعد غراب،
أعدت السيدة صفية مائدة طعام فاخرة تليق بحشد من البشر، وليس لأجل ضيفة واحدة فقط..
تفاجئت سابين من كمية الطعام الموضوعة أمامها على الطعام، وفغرت فمها بإندهاش وهي تجوب بنظراتها على الأصناف الشهية المتراصة في الصحون، وحسبت سريعاً كمية السعرات الحرارية والوزن الزائد الذي ستكتسبه حال تناولها أي قطعة من هذا الطعام، فوجدت أنها ستتخطى حدود المألوف بمراحل كثيرة..

قطعت صفية تفكيرها المصدوم قائلة بنبرة ترحاب مضيافة:
-انتي مش محتاجة عزومة ده البيت بيتك!
ردت عليها سابين بتوجس وهي توميء بعينيها:
-بس ده too much، ( كثير جدا )!
مصمصت السيدة صفية شفتيها بحركة شعبية معروفة وهي ترد عليها بضجر:
-هو أنا لحقت أعمل حاجة، دي لقمة على ما قوسم، حاجة نفتح بيها نفسك!
بينما أضاف اللواء محمد بإبتسامة ودودة مشجعاً إياها:
-كلي يا بنتك، طنطك صفية نفسها حلو في الاكل!

ردت عليهما سابين معترضة بشدة:
-أنا مش أكل كل ده، أنا إمل ( بأعمل ) دايت!
لوت صفية شفتيها بإزدراء، وهتفت محتجة وهي ترفع حاجبها للأعلى مستنكرة ما قالته تواً:
-دايت! ياختي ايه التقاليع اللي طالعينلنا فيها دي، ايشي دايت ومايت وكلام كده مش فاهمينه!
رد عليها زوجها بهدوء وهو يشير بيده:
-سبيها على راحتها يا صفية!
ابتسمت سابين بتصنع، وشعرت بالإمتلاء لمجرد رؤيتها لكم الطعام، وأردفت قائلة برقة:.

-ممكن قوم انا، محتاجة أنام sleep!
هزت صفية رأسها بتفهم، وهتفت بتلهف:
-اه يا حبيبتي، خدي راحتك..!
ثم التفتت برأسها نحو ابنتها، وصاحت بحدة:
-قومي معاها، يالا ساعديها يا نوسة!
أومأت برأسها إيجاباً وهي تنهض عن مقعدها:
-حاضر يا ماما
تأبطت إيناس في ذراع سابين، ومالت عليها لتهمس لها بمكر:
-ايه رأيك فيا؟ أنفع أكون ممثلة؟!
ردت عليها سابين بصوت هامس للغاية وهي تغمز لها بعينيها:
-اها، برافو، good job.

مر يومان حاولت خلالهما سابين التأقلم مع الوضع الجديد..
لم تنكر أن وجودها مع عائلة مسعد أراحها كثيرا، وأشعرها بأنها فرداً من تلك العائلة..
كانت والدته مضيافة، ودودة، اجتماعية و ثرثارة مثله تماماً، وظنت أنه ربما ورث هذه الخصلة منها..
كذلك زاد التقارب مع إيناس التي كانت لديها شخصية متفردة...
وقفت هي أمام المرآة تطالع بشرود ما آلت إليه حياتها في اﻷشهر الأخيرة، وكيف وصلت إلى ذلك الوضع..

ثم انتبهت إلى صوت إيناس وهي تقول من خلفها بإبتسامة لطيفة:
-انتي ماشاء الله أمورة اوي، so beautiful
ردت عليها سابين بنبرة ممتنة وهي تنظر إلى إنعكاس صورتها في المرآة:
-ثانكس ( شكرا ). وأنتي كمان كيوت!
هزت إيناس رأسها نافية، وابتسمت لنفسها بسخرية مريرة، فهي تعلم جيداً رأي الأخرين في هيئتها، وتألمت من حديثهم الجارح والمهين لذاتها، وخاصة باسل الذي أشعرها بدونيتها وحقارتها..
وقفت هي إلى جوارها، وقالت محتجة:.

-لا لا، أنا مش حلوة زيك، أنا أجيب صفر من عشرة في مقياس الجمال!
تعجبت سابين مما قالته، وسألتها بفضول:
-ليه تقولي كده إيناس؟
تنهدت إيناس بإستياء، وردت عليها بنبرة حزينة وقد أسبلت عينيها:
-ده مش كلامي، ده رأي الناس فيا!
مطت سابين شفتيها بإستغراب أكبر، وتأملت إيناس بنظرات دقيقة شاملة، وهتفت معترضة على حديثها:
-بس أنا شوف غير كده!

اعتقدت إيناس أنها فقط تجاملها بحديثها الودي، فقط لأجل أخيها ولأنها تساعدها في ظروفها، لذا ابتسمت لها بتصنع، وردت بفتور:
-شكرا على مجاملتك!
ثم صمتت للحظة قبل أن تضيف بمرارة وقد لمعت عيناها قليلاً:
-بس انا عارفة نفسي كويس، ومتأكدة من رأي غيري فيا!
وكأنها بكلماتها تلك تتعمد تذكير نفسها دوماً بإهانة باسل حتى لا تتعلق بأوهام كاذبة..

لاحظت سابين شرودها، ولمحت نظرات حزينة في عينيها، فأدركت أن هناك خطب ما بتلك الصغيرة، وصاحت محتجة:
-دول رأيهم مش صح!
ثم وضعت يدها على كتفها، وضغطت عليه بأصابعها، ونظرت مباشرة في عينيها وهي تضيف بجدية:
-انتي ممكن إعملي حاجات بسيطة في your appearance ( مظهرك ) وتعدلي في الاستايل بتاعك، هتلاقي نفسك كيوت!
ابتسمت لها إيناس بتهكم وهي تقول:.

-كبري دماغك، أنا مش عاوزة أغير من نفسي عشان حد، أنا راضية بحالي كده، واللي عاوزني يتقبلني زي ما أنا!
هزت سابين رأسها بإعتراض ملحوظ، وأوضحت بهدوء مقصدها:
-أنا مش قول غيري نفسك، أنا قول إنتي عدلي في ستايلك!
تراجعت إيناس للخلف، وألقت بجسدها على الفراش، ثم قالت بفتور:
-سيبك مني، أنا مش فارق معايا ده كله، كفاية دراستي وبس
ردت عليها سابين بإلحاح:
-ده مش عطلك عن دراسة إيناس! ده آآ، مم، ستايل بس!

زفرت إيناس بنفاذ صبر وهي تقول:
-نبقى نشوف الحكاية دي بعدين!
ثم رسمت إبتسامة رقيقة على ثغرها وهي تسألها بفضول:
-المهم قوليلي، مبسوطة هنا معانا؟
أومأت سابين برأسها بإيماءة إيجابية وهي تجيبها:
-أوه ييس ( نعم )
غمزت لها إيناس وهي تسألها بمكر:
-طب تمام، يعني أطمن مسعد؟
هزت رأسها وهي تقول بخجل:
-أها.

على الجانب الأخر، تحدثت السيدة صفية مع ابنتها إسراء هاتفياً بصوت خافت وهي تتلفت حولها بحذر في صالة المنزل:
-ومن ساعتها وأنا حاطة عيني في وسط راسي
سألتها إسراء بإهتمام:
-هي حلوة للدرجادي يا ماما؟
أجابتها والدتها وهي تلوي ثغرها في سخط:
-أوي أوي، أنا خايفة على أبوكي منها
تساءلت إسراء بفضول:
-طب هو مسعد شافها؟
رفعت صفية حاجبها للأعلى مستنكرة ما قالته، وردت عليها بإمتعاض:.

-وهو هايشوفها فين يا حسرة؟ ده يا عين أمه مفحوت في الجيش!
اقترحت إسراء قائلة بمكر:
-طب ايه رأيك نزوق البت دي في سكته؟!
لم تعي صفية مقصد ابنتها جيداً، فرددت بحيرة:
-مش فهماكي يا بت!
أوضحت لها إسراء ما تريده قائلة بهدوء جاد:
-يعني طالما انتي خايفة منها أوي كده، ما نحط مسعد في طريقها يمكن الصنارة تغمز ولا حاجة!
اعترضت والدتها قائلة بتذمر:
-وهو أخوكي بتاع الكلام ده، ده رافض الجواز بالثلث!

بررت لها إسراء سبب رفضه:
-ده عشان البنات اللي كنتي بتجيبهم مش بيفهموا ولا بيقدروا، لكن دي على كلامك بت أمورة وحلوة، فيمكن تشبك معاه!
زمت صفية ثغرها، وتمتمت بقلق:
-مش عارفة، سيبني أدورها في دماغي!
أصرت إسراء على فكرتها وهتفت بنبرة مشجعة:
-ماشي يا ماما، بس ده من رأيي أسلم حل
ردت عليها والدتها بتنهيدة منهكة:
-طب يا إسراء إحنا بردك يا ضنايا منعرفش عنها حاجة خالص، إزاي بقى آآ...
قاطعتها إسراء قائلة بجدية:.

-بصي يا ماما، أنا هاكلم جوزي وأجي عندكم يومين، وهاطأس بنفسي عن كل اللي يخصها، وهاجيبلك أرارها كله من أول ما تولدت لحد ما جت عندك!
هتفت صفية بتلهف وقد إعتدلت في جلستها:
-بجد، أخيراً هاتحني علينا وتزوري أبوكي وأمك!
ردت عليها إسراء بإنهاك بائن في نبرتها:
-والله يا ماما نفسي أجيلكم من زمان بس العيال وقرفهم!

تفهمت والدتها ظروفها التي تعوق قدومها إلى منزل عائلتها بإستمرار خاصة وأنها تقيم في محافظة أخرى، وتشدقت بهدوء:
-ربنا يقويكي، خلاص هستناكي!
ردت عليها إسراء بنبرة متفائلة:
-بأمر الله، أشوفك على خير يا ماما، وسلمي على بابا والبت نوسة!
هزت صفية رأسها إيجاباً وهي تقول بإبتسامة مشرقة:
-يوصل يا حبيبتي، أسيبك في رعاية الله!

أغلقت هاتفها المحمول، وألقته في حجرها بعدم إكتراث، ثم إستندت بوجهها على راحة يدها، وغمغمت بتوعد بعد أن ضاقت نظراتها:
-أما نشوف أخرتها معاكي إيه يا بنت الأجانب...!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة