قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية دواعي أمنية للكاتبة منال سالم الفصل الثامن عشر

رواية دواعي أمنية للكاتبة منال سالم الفصل الثامن عشر

رواية دواعي أمنية للكاتبة منال سالم الفصل الثامن عشر

في الوحدة التدريبية العسكرية،
هب مسعد منتفضاً من مكانه بذعر، واتسعت مقلتيه في رعب جلي بعد أن أبلغته إيناس هاتفياً بقرار شقيقته إسراء المفاجيء بزيارة العائلة وقضاء عدة أيام معهم...
وضع يده على رأسه ليضغط عليها بتوتر كبير، وهتف بتوجس وقد إرتفع حاجباه للأعلى:
-يادي المصيبة! إنتي بتهزري صح؟!
ردت عليه إيناس بجدية:
-بهزر ايه، دي جاية أخر النهار!
شهق مرعوباً وهو يصيح بها:
-نعم!
فرك وجهه بكفه، وتابع بهلع:.

-دي كده كملت على اﻷخر!
سألته إيناس بهدوء:
-ناوي على ايه؟ وهاتتصرف ازاي؟
أجابها بتخوف وهو ينظر حوله بنظرات زائغة:
-مش عارف، أنا حاسس إني هاتشل، يا ربي إسراء!
زفر بضيق، وتابع حديثه بضجر:
-هو أنا كنت ناقصها هي كمان، وطبعا جوز المعيز جايين معاها!
ردت عليه إيناس بإمتعاض:
-سيف وفارس، أكيد! ما إنت عارف إنها مش بتتحرك من غيرهم
لوى مسعد ثغره ليضيف بتهكم:
-أمك بتعمل كماشة على البت!
أجابته بجدية:.

-ايوه، انت لسه واخد بالك، مش أنا ملمحالك في أخر مكالمة بده!
أكمل مسعد قائلاً بحنق:
-انا حاسس إني هاتجلط وأنا بعيد ومتكتف كده ومش في إيدي حاجة أعملها!
هتفت إيناس بهدوء حذر:
-بص أنا هحاول على أد ما أقدر أفصل بين القوات، وإنت اتصرف وتعالى، مش تغيب كتير يا مسعد!
صاح بها بنبرة محتدة:
-هو بمزاج أهلي!
نفخت بغيظ وهي ترد عليه:
-يووه ماليش دعوة، أنا هنا لوحدي ومش هاعرف أسّد مع إسراء وماما!

ما لم يتوقعه مسعد على الإطلاق هو قدوم شقيقته الكبرى للمكوث في المنزل، فحضورها يعني وجود كارثة لا محالة..
هي ليست من النوع الهين السهل، ولكنها تحاول دائماً فرض نفسها على الأخرين، ونزع ما تريده منهم من معلومات بطرق مريبة..
تنهد بقلق، وأوضح قائلاً بتوجس:
-الاتنين دول لما بيتلموا على بعض بيبقى بيخططوا لكارثة أزلية!
ردت عليه إيناس بتعجل:.

-طيب فكر مع نفسك كده وعرفني على اللي ناوي عليه، و أنا هاقفل عشان اشوف الدنيا حواليا!
صاح بها مسعد مؤكداً بجدية:
-ماشي، وخليكي معايا على الخط أول بأول الله يكرمك!
ردت عليه بإيجاز:
-اوكي، يالا باي
أنهى المكالمة، ووضع هاتفه في جيبه، وتابع بنبرة خائفة:
-سترك يا رب، جيب العواقب سليمة وماتفضحناش يا رب قصاد صابرين!
ضرب كفاً على الأخر، وسار بلا وجهة محددة وهو يضيف لنفسه بإستنكار:.

-إسراء و أمي، يا منجي من المهالك!
...
في منزل مسعد غراب،
أعطت إيناس تحذيرات شديدة اللهجة لسابين لتتخذ حذرها عند قدوم شقيقتها الكبرى إسراء، فزيارتها تلك ليست عادية بالمرة، بل هناك غرضاً خفياً يكمن ورائها..
تفهمت اﻷخيرة خوفها، ووعدتها بثقة وهي تبتسم لها:
-اطمني! مش يحصل مشكلة إيناس!
هزت إيناس رأسها نافية، وهتفت بجدية:
-هو مش هايحصل مشكلة قولي بلاوي سودة وزرقة وبكل اﻷلوان! أنا عملت اللي عليا ونبهتك!

حركت سابين رأسها بإيماءة خفيفة وهي ترد عليها:
-اوكي، I will take care( سوف أخذ حذري )
ثم تركتها في الغرفة، وذهبت لتساعد والدتها في تجهيز الطعام وأعمال المنزل التي لا تنتهي...
...
في الوحدة التدريبية العسكرية،
أفرغ مسعد طاقته العصبية والمشحونة بداخله في اللكم بعنف في إحدى معدات الملاكمة و المجهزة لهذا الغرض...

لم يتوقف عقله للحظة عن التفكير في عواقب زيارة أخته إسراء، فهي ليست كإيناس في عدم اهتمامها بتوافه الأمور، بل أسوأ مما يمكن أن يتخيله أحد، ومعنى قدومها في هذا التوقيت تحديدا وجود مخطط ما تحضر له والدته..
رأه باسل وهو في تلك الحالة فسأله مستفهما:
-انت يا بني بنادي عليك من بدري!
ردت عليه مسعد بتبرم وهو يمسح حبات عرقه بظهر قفازه:
-والله ولا سامعك ولا شايفك!
نظر له باسل بإندهاش، وسأله مستفهماً:.

-ليه؟ في حاجة جدت؟!
أجابه مسعد بنبرة ساخطة:
-قول في مصيبة هتحصل وتطبل فوق نافوخ اللي جابوني!
تشنجت تعابير وجه باسل، وضاقت نظراته، وردد بقلق:
-يا ساتر يا رب!
تساءل مسعد بغرابة وهو عابس الوجه:
-هو ماينفعش اخد مرضي ولا اعتيادي زي البشر العاديين
أجابه باسل بهدوء:
-يا مسعد احنا مش بتوع الكلام ده ومش عندنا أصلا
أضاف مسعد قائلاً بسخط:
-رفدي من الجيش هايجي على ايديهم!

لم يستطع باسل سبب إنفعال وتوتر رفيقه بتلك الصورة المزعجة، فسأله بجدية وهو يحاول فهم ما يدور:
-ما تفهمني بس ايه اللي حصل! مش إنت بتكلم إيناس ومتابع معاها أول بأول؟!
أومأ برأسه بحركة جدية، وأجابه بتوجس:
-ايوه، بس اللي عدى كله كوم، واللي جاي كوم تاني خالص!
تساءل باسل بإهتمام أكبر وهو محدق في رفيقه:
-تقصد ايه؟
أجابه بإختصار، لكن نبرته كانت تحمل الكثير من الخوف:
-إسراء!

عقد باسل ما بين حاجبيه بإستغراب، وتساءل قائلاً عن هوية صاحبة ذلك الإسم:
-مين دي؟
رد عليه مسعد بسخرية وهو يلوي فمه:
-الشاويش عطية اختي
ابتسم باسل لدعابته، وسأله بهدوء:
-مالها يعني؟
أجابه مسعد بإقتضاب:
-جاية زيارة
هز باسل كتفيه في عدم مبالاة، وردد متساءلاً بتعجب من تخوف رفيقه الكبير من زيارة شقيقته والتي من المفترض أن تكون زيارة عائلية ودية:
-طب ودي فيها ايه؟
أجابه مسعد بتهكم:
-دي فيها ﻷخفيها..!

اندهش باسل من تعبير مسعد الصادم، وانفرج ثغره بتعجب أكبر..
وحدق في رفيقه بريبة، تابع الأخير بجدية وهو ينزع قفازيه:
-أنا أحسن حاجة اعملها أروح أشوفلي واسطة تنزلني أجازة يومين!
لم يقتنع باسل بردة فعله المبالغ فيها، وسأله باستغراب:
-أنا مش فاهم انت قلقان كده ليه؟!
التفت مسعد نحوه برأسه، ورد عليه بسخط:
-قلقان! دي المينيمام شارج ( الحد الأدنى ) للي جوايا!

في مكتب ما بجهة سيادية،
طرق القائد العسكري - ذو الرتبة العالية – بأصابع يده بحركة ثابتة على سطح المكتب، وتابع حديثه الهاتفي قائلا بصوت هاديء:
-احنا متابعينها كويس، ورجالتنا معاها بس مش عارفين إننا مراقبينهم!
صمت للحظات ليتابع حديث الطرف الأخر، وأكمل بهدوء:
-هندخل في الوقت المناسب!
هز رأسه بإيماءة خفيفة وهو يتابع بجدية:
-أكيد، قبلها هاتكون هناك
التوى ثغره بشبح إبتسامة واثقة وهو يردد:.

-تمام، لو جد حاجة هنخطركم بيها
صمت لثوانٍ ثم أضاف بصوت رسمي:
-أها، تمام، تمام، مع السلامة!
أنهى المكالمة، وأرجع جسده للخلف على المقعد ليريح ظهره، وظل يفكر ملياً فيما تم إبلاغه خلال تلك المكالمة من قرارات هامة ومصيرية..
حل الوجوم على تعابيره، وانتصب في جلسته ليشبك كفيه معاً بعد أن أسندهما على سطح المكتب..
تنهد بحزن واضح، وهز رأسه مستنكراً وهو يحدث نفسه بضيق:.

-هاتكوم خسارة كبيرة من بعدك يا سيادة الفريق! بس اﻷوامر كده...!

في منزل مسعد غراب،
حدقت سابين في تلك الصور الفوتغرافية الصغيرة التي احتفظت بها في حافظة نقودها، والتي كانت تجمعها بعائلتها ورفاقها..
تنهدت بعمق، ولمعت عيناها نوعاً ما..
هي تشتاق إليهم، وتشعر بالحنين إلى حياتها السابقة رغم إحساسي الدفيء والألفة اللذين تنعمان بهما هنا..

أعادت وضعهم بداخل حافظة نقودها، ثم أسندتها بداخل درج الكومود، وأغلقته، وتمددت على الفراش لتتابع تذكر ذكرياتها السابقة والمرحة معهم في مخيلتها..

على الجانب الأخر، إنتهت إيناس من ترتيب وتنظيف المنزل ليكون جاهزاً لإستقبال أختها الكبرى إسراء وطفليها المزعجين..
لم يخفَ على اللواء محمد ذلك المخطط المكشوف الذي تعد له زوجته، فهو يعلم شخصية ابنته جيداً، ومتيقن من تصرفاتها المعروفة للجميع، وحضورها اليوم فقط من أجل سابين..
دعا الله في نفسه أن تمر تلك الزيارة مرور الكرام حتى لا تتعرض حياة تلك الضيفة الأجنبية للخطر..

اقترب هو من ابنته الصغرى، وهمس لها محذراً:
-إيناس خدي بالك كويس من سابين
ردت عليه بخفوت:
-حاضر يا بابا، أنا عيني هاتكون عليها
هز رأسه بإيماءة خفيفة وهو يتابع بهمس جاد:
-تمام، وانا على أد ما أقدر هاشغل أختك، بس انتي عارفاها
ردت عليه إيناس مؤكدة:
-ايوه، انت هاتقولي عليها يا بابا، إيش حال مكونتش أعدة معاكو وعارفة دماغها!

خرجت صفية من المطبخ لترص الصحون الفارغة على الطاولة فلمحت زوجها وابنتها يتحدثان بصورة مريبة، فاقتربت منهما بحرص، وصاحت فجأة بصوت جهوري:
-انتو بتتودودوا في ايه؟
انتفضت إيناس فزعة في مكانها، وهتفت بعتاب:
-جرى ايه يا ماما، مش تعملي حس كده بدل ما تخضينا!
ردت عليها والدتها بضجر وهي تنظر لها شزراً:
-سلامتك من الخضة يا عين أمك
أضاف محمد متساءلاً بإمتعاض:
-مالك يا صفية، حطانا في دماغك ليه؟

أجابته بنبرة ضائقة وهي ترمق كلاهما بنظرات غير مريحة:
-حالكم مش عاجبني، طول اليوم دماغكم في دماغ بعض وهاتك يا كلام!
رد عليها بتهكم ساخر:
-الله، هو أنا بأكلم حد غريب، مش بنتي!
بينما تابعت إيناس بسخط:
-ليه محسسانا إننا متصحابين مش أب وبنته
حدجتها والدتها بنظرات قوية وهي تعنفها على جملتها الأخيرة:
-بت اتلمي، عيب الكلام اللي بتقوليه ده
ضغطت إيناس على شفتيها لترد على مضض:
-ماشي!

استمع ثلاثتهم إلى صوت قرع الجرس، فحدقوا في باب المنزل، وأشارت صفية إلى ابنتها قائلة بحماس:
-روحي افتحي لأختك، أكيد جت
ابتلعت إيناس ريقها بتوجس، وتمتمت بخفوت:
-استر يا رب!
وبالفعل تحركت في إتجاه الباب لتفتحه، ورسمت على ثغرها إبتسامة بلهاء وهي محدقة في شقيقتها الواقفة أمامه، ثم رددت بفرح زائف:
-إسراء! وحشتينا يا غالية!

تغنجت إسراء - ذات ملامح الوجه الجادة والبشرة الخمرية، والطول المعقول – بجسدها وهي تهتف بتلهف:
-نوسة، ازيك يا بت، تعالي في حضن أختك
ثم فتحت ذراعيها لتجذب شقيقتها إليها، وإنهالت على وجنتيها بالقبلات..
أسرعت صفية ناحية الباب لترحب بإبنتها وهي تصيح بنبرة فرحة للغاية:
-يا مرحب بالغالية!
ثم لكزت إيناس في كتفها لتدفعها للجانب وهي تقول بتبرم:
-وسعي يا نوسة لأختك، خليها تدخل بدل ما هي واقفة على الباب.

ردت عليها إيناس بتذمر:
-هو أنا حوشتها، ماهي بتسلم عليا يا ماما
دنت إسراء من والدتها، وتبادلت كلتاهما الأحضان الدافئة والقبلات وهما تقولان:
-منورة بيت أبوكي يا إسراء
ردت عليها ابنتها بإبتسامة عريضة:
-الله يخليكي يا ماما، والله كلكم واحشني
إشرأبت صفية بعنقها للأعلى، ونظرت بعينيها للجانبين وكأنها تبحث عن شيء ما، ثم تساءلت بإستغراب:
-أومال العيال فين؟ أوعي تكوني ماجبتهومش!
أجابتها إسراء وهي تمصمص شفتيها:.

-هو أنا بردك هاعرف أروح حتة من غيرهم، هما تحت، بيجيبوا شيبسي وبسكوت من الكشك اللي على الناصية
لطمت صفية على صدرها بتخوف، وهتفت متوجسة:
-وسيبتيهم لوحدهم كده، مش خايفة عليهم
ردت عليها إسراء بثقة:
-يا ماما دول يخوفوا بلد
هتفت صفية بتضرع:
-ربنا يحميهم وتفرحي دايما بيهم
ابتسمت لوالدتها وهي تقول:
-يا رب
ولجت إسراء للداخل، فرأت والدها جالساً على الأريكة، فاتجهت نحوه، ونهض هو ليحتضنها ويرحب بها وهو يردد بهدوء:.

-ازيك يا إسراء يا بنتي
ردت عليه بإبتسامة عريضة:
-الحمدلله يا بابا، أخبارك انت ايه؟
أجابها بصوت رخيم:
-بخير يا بنتي
جلس ثلاثتهم على الأريكة، بينما وقفت إيناس على مقربة منهم تتابع بحذر ما يحدث..
بحثت إسراء بعينيها عن سابين فلم تجدها، فتساءلت بفضول:
-اومال فين ال آآ...
قاطعتها والدتها بخفوت وهي تضغط على فخذها بكفها:
-مش وقته يا بت، استني شوية!
التفتت إسراء برأسها ناحية أمها، وهمست لها وهي تكز على أسنانها:.

-الله يا ماما، ده أنا جاية مخصوص عشانها!
ردت عليها أمها بصوت خفيض للغاية:
-ما أنا عارفة بس مش على المكشوف كده
استمعت سابين إلى صوت الترحيب بالابنة الكبرى، فخرجت من الغرفة وهي في كامل أناقتها، وارتدت فستاناً صيفياً من اللون الأبيض الممزوج بالأزرق، وعقصت شعرها كذيل حصان، وأغرقت نفسها بعطر هاديء الرائحة..
رسمت على ثغرها ابتسامة ودودة، وهمست بخجل وهي تدنو من الصالة:
-هاي!

اتسعت حدقتي إسراء في صدمة حينما رأتها، ورمقتها بنظرات متفحصة لها من رأسها لأخمص قدميها، وهمست بذهول:
-هي دي؟
ردت عليها والدتها بإمتعاض:
-أيوه، هو في غيرها!
ظهر الإعجاب واضحاً على قسمات وجهها وهي تردد بحماس:
-دي جامدة أوي!
لكزتها صفية في جانبها بعد أن أغاظها ردها، وصرت على أسنانها لتقول بخفوت:
-هو أنا مش عارفة يعني!
مصمصت إسراء شفتيها، وغمغمت بإنبهار وهي ترفع حاجبها للأعلى:
-اه ليكي حق تخافي على بابا!

نهضت هي عن الأريكة، واتجهت نحوها لترحب بها وهي تقول بحماسة وود:
-أهلا يا حبيبتي، أنا إسراء أخت نوسة صاحبتك، ال سيستر ( الأخت ) بتاعتها يعني!
ابتسمت لها سابين مجاملة، وردت برقة:
-هاي إسراء
مدت إسراء يدها لتمسك بكفها، وتحسست ملمسه الناعم بإعجاب، ورددت بحماسة وهي ترمقها بنظرات منبهرة:
-والله حلوة ونغشة وطيعمة وطرية!
نظرت لها سابين بإستغراب واضح من تصرفاتها الغير مفهومة، وسألتها بصوت رقيق بلكنتها المثيرة:.

-هاه، إنتي قولي ايه؟
ردت عليها إسراء بإبتسامة عريضة:
-بأقول إنتي زي القمر، تعالي في حضني
ثم جذبتها عنوة لتسقط في أحضانها، وإنهالت على كل وجنة من وجهها بقبلات متتابعة متتالية جعلت سابين تصعق مما تلقته من كم هائل من القبلات العميقة على صدغيها..
-جدو، تيتة هيييه
قالها الصغيرين سيف وفارس معاً بصوت مرتفع وجهوري..
التفتت صفية نحوهما، وهتفت بسعادة:
-تعالوا يا حبايب تيتة في حضنها.

ارتمى الصغيرين في حضنها، وقبلتهما بود، فأردف سيف قائلاً:
-وحشتينا يا تيتة
بينما أضاف فارس متساءلاً:
-ازيك يا تيتة؟
ردت عليهما بنبرة دافئة:
-انتو كمان وحشتوني أوي
مال سيف برأسه للجانب ليحدق بنظرات متأملة في سابين، وتساءل بنزق:
-هي دي يا تيتة عروسة جدو؟
اتسعت حدقتيها في صدمة من سؤاله المباغت، ونهرته قائلة:
-عيب يا ولد، شششش، في حد يقول كده!
رد عليها سيف بعدم اكتراث:.

-أه، ماما قالت لبابا إنها جاية عشان تشوف عروسة جدو
أضاف فارس قائلاً بصراحة:
-لأ هي قالت خطافة الرجالة
كزت صفية على أسنانها مصدومة، وهتفت بخفوت:
-يا نصيبتي!
استدارت صفية برأسها للجانب ورمقت ابنتها بنظرات حادة ومغتاظة منها، ثم تحركت نحوها بعد أن نهضت عن الأريكة، وأمسكت بها من ذراعها، وجذبتها للجانب لتهمس في أذنها بحنق:
-جرى ايه يا إسراء، هو انتي بتكلمي مع جوزك قصاد العيال!
ردت عليها إسراء بإنزعاج زائف:.

-أبداً والله يا ماما، دول هما الجوز على طول فوق دماغي!
دنا فارس من سابين، وحدق فيها بنظرات مباشرة متفحصاً إياها، وسألها بفضول:
-هو إنتي كده طبيعي ولا سيلكون؟
ارتفع حاجبي سابين للأعلى في صدمة واضحة من حديث ذلك الصغير الفظ، وانفرجت شفتيها في ذهول عجيب...
عنفته إسراء قائلة بحدة:
-يخربيتك واد، ده كلام تقوله!
ثم رسمت ابتسامة زائفة، وبررت ما قاله:.

-هو فارس كده لسانه دايماً سابقه، واللي في قلبه على لسانه، طالع بقى لخاله مسعد
تمتمت إيناس التي كانت تتابع المشهد في صمت مع نفسها قائلة بسخط:
-والله مسعد مظلوم في الحكاية دي! إنتي وعيالك يتفاتلكم بلاد!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة