قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية دواعي أمنية للكاتبة منال سالم الفصل التاسع عشر

رواية دواعي أمنية للكاتبة منال سالم الفصل التاسع عشر

رواية دواعي أمنية للكاتبة منال سالم الفصل التاسع عشر

في الوحدة التدريبية العسكرية،
تجمع الضباط في الساحة الرئيسية للوحدة بعد أن تم استدعائهم جميعا للتواجد في تلك الساعة المحددة..
تبادلوا فيما بينهم أحاديث جانبية حول طبيعة الموضوع العاجل الذي طرأ، وتطلب حضورهم..
بعد لحظات، انضم إليهم القائد – ذو الرتبة العالية – إلى الساحة فشد الجميع أجسادهم وانتصبوا في وقفتهم احتراماً له..
استطرد هو حديثه قائلا بصرامة:
-استرح!

ارتخت أجسادهم نوعاً ما، لكن ظلت عقولهم تفكر بلا توقف في سبب الاستدعاء الهام.
تابع القائد قائلاً بجدية:
-احنا اجتمعنا بيكم النهاردة عشان نبلغكم بعدة قرارات مصيرية!
نظرت أعينهم بترقب إليه، ولم يجرؤ أحد على سؤاله دون إذن شخصي..
توجس مسعد خيفة من طبيعة القرارات القادمة، وازدرد ريقه بتوتر، فطبيعة تلك اللقاءات الفجائية تحمل خلفها كوارث...
استأنف القائد حديثه بهدوء جاد:.

-كلنا عارفين أد ايه انتو رجالة وشايلين البلد وأمنها على كتافكم، ومتأخرتوش للحظة عن أي مهمة بتطلب منكم، وروحكم على كفكم، وكلنا مقدرين اللي بتعملوه، بس ساعات بنضطر نعمل حاجات غصب عننا لكن هي في النهاية عشان الصالح العام!
صمت رهيب ظل مسيطراً على الأجواء، فأضاف القائد بحذر:
-للأسف احنا مضطرين نلغي التشكيل الجديد
وجوم ممزوج بالصدمة حل على أوجه الجميع، وتبادلوا نظرات غامضة..

قفز قلب مسعد في قدميه من هول الخبر المؤسف، ولكنه كزملائه لم يستطع التعليق..
ضغط القائد على شفتيه وهو يردد:
-هو القرار فعلا صعب، بس دي أوامر عليا!
همهمات خافتة صدرت بين الضباط، فحاول القائد أن يتدارك الموقف قبل أن تحدث جلبة:
-اطمنوا، احنا مش هانسيبكم كده، كلكم هترجعوا لوحداتكم ولفرقكم القديمة!

تبادل الضباط نظرات غاضبة ومنزعجة، وبدى عليهم الاعتراض الشديد، فبعد أن أفنوا سنوات هامة من أعمارهم في ذلك التشكيل الحيوي، يلغى بكل بساطة ويضيع مجهودهم هباءاً..
أكمل القائد بهدوء حذر:
-أتمنى إنكم تقدروا إننا بنعمل الصالح ليكم، ودايماً هايكون عندنا ثقة في قدراتكم ومهاراتكم، وأكيد هتسدوا لو كلفنا أي حد فيكم بأي مهمة، ربنا يوفقكم، اتفضلوا!
-انتباه!

قالها قائد أخر بصوت جهوري صارم لينتصب الجميع بأجسادهم القوية..
انصرف القائد بعدها بلحظات، وتعالت بعدها اﻷصوات المتذمرة، والمعترضة على هذا القرار الصادم..
وقف باسل قبالة مسعد وهتف بذهول:
-يعني ايه الكلام ده؟
رد عليه رفيقه بحزن واضح وهو يحك مؤخرة رأسه:
-معناه اتسوحنا يا باسل
تساءل باسل بعدم فهم وهو يحاول استنباط الدافع الخفي وراء إلغاء وحدتهم:
-طب ليه؟ ده احنا كنا افضل تشكيل وآآ..
قاطعه مسعد متساءلاً بضيق:.

-أنا مش فاهم هما فضوا التشكيل ليه، المفروض يكملوا انجازات الفريق ضياء، ده، ده زي ما يكونوا صدقوا إنه مات عشان ينهوه!
هز باسل كتفيه وهو يرد عليه:
-محدش فاهم حاجة من اللي بيحصل
أضاف مسعد قائلاً بتوجس:
-مشكلتنا دلوقتي في صابرين. كده رسمي مافيش حد يعرف عنها أي حاجة.
رد عليه باسل بجدية:.

-طب سابين أمرها هين، بعد فترة هترجع بلدها تاني، وتخلص مشكلتها، لكن الفكرة إننا مش عارفين هنرجع على ايه بالظبط ولا هنتنقل فين
زفر مسعد بنفاذ صبر، ورد عليه بتبرم:
-الدنيا اتلخبطت على الأخر
وضع باسل يده على كتف رفيقه، وتابع بجدية:
-طب تعالى نشمشم كده لحد ما نعرف راسنا من رجلينا
هز مسعد رأسه بإيماءات ثابتة وهو يرد:
-ماشي! وأهي بجملة المصايب اللي نازلة على دماغنا!

في منزل مسعد غراب،
أعدت صفية مائدة الطعام بأشهى المأكولات، وجلس الجميع حولها..
شعرت سابين بالحرج لكونها لا تمد يد العون في أي شيء، وما زاد من خجلها وإحساسها ذلك أنها لم تكلف بأي عمل منذ وصولها إلى المنزل، ولم يطلب أي أحد منها أي نوع من المساعدة...
جلست إسراء ملتصقة إلى جوارها، وأسندت أمامها صحناً مليئاً بعدة أطعمة متراصة فوق بعضها البعض، وهتفت بحماس:
-خدي يا قمر، كلي!

ابتسمت لها سابين برقة، وأشارت بكفها وهي تقول بإعتراض حرج:
-ثانكس، بس أنا بأمشي على سيستم ( نظام ) معين in my food ( في الطعام الخاص بي )
ردت عليها إسراء بسخرية:
-ياختي، كله في الاخر بيتخن
ثم مالت عليها برأسها، وهمست لها بمكر وهي تغمز لها:
-وخصوصا بعد الجواز!
وتبعتها بضحكة عابثة حاولت إخفائها بكفها..
تساءل فارس بفضول الذي كان يطالع سابين بنظرات حادة:
-طنط انتي اشمك ( اسمك ) ايه؟

ردت عليه سابين وهي تجيبه برقة:
-سابين
ردد قائلاً وهو محدق بها بعبوس:
-شبين!
هزت رأسها نافية، وصححت له قائلة بنعومة:
-نو، ( ﻷ )، أنا سابين!
كرر فارس قائلا بجمود:
-شبين!
ابتسمت إسراء بسخافة وهي تقول:
-معلش أصله عنده مشكلة في حرف ال ( ش ) و ال ( س )!
أومأت سابين برأسها متفهمة:
-اوكي، نو ( لا ) مشكلة!
نظر لها سيف بريبة وهو يتساءل بعبوس:
-هو انتي بتكلمي كده ليه؟
ردت عليه سابين بتساءل وهي تبادله نظرات حائرة:.

-انت اقصد ايه؟ How ( كيف )؟
أشار لها بكفه وهو يجيبها:
-كده، هو إنتي عندك حاجة في بؤك؟
عقدت سابين ما بين حاجبيها في استغراب من أسئلته العجيبة، ولم تعقب عليه..
صاحت صفية بصوت حنون وهي تنظر للصغير سيف:
-ايه يا سيف مش بتاكل ليه يا حبيبي؟
رد عليها بعبوس وهو قاطب جبينه:
-مش جعان يا تيتة!
سألته جدته صفية بإهتمام وهي تشير بالملعقة:
-طب اغرفلك رز على بطاطس؟
هز رأسه معترضاً وهو يرد بنفي:
-ﻷ، مش عاوز.

أضافت إسراء قائلة بعدم اكتراث:
-سيبيه يا ماما على راحته، هو لما بيجوع بياكل
هتف فارس فجأة وهو ينهض عن الطاولة:
-انا عاوز العب كورة في الشارع يا ماما
ردت عليه إسراء ببرود وهي تدس الطعام في فمها:
-أخر النهار يا وله
وضعت سابين يدها على فمها في تخوف حقيقي بعد رد والدته الأخير، ونظرت لها مستنكرة، ثم هتفت بتوجس
-أوه، ده خطر!
ضربتها إسراء بكوعها في ساعدها وهي ترد بعدم مبالاة:.

-إنتي بس اللي قلبك ضعيف، الواد من دول لازم ينزل يتمرمط ويلعب في الشوارع لحد ما عضمه ينشف!
-على فكرة ( By the way ) انتي ممكن توديه جاردن ( حديقة ) أو club ( نادي )!
نظرت لها إسراء بطرف عينها بنظرات إزدراء، ثم عاودت التحديق في صحن طعامها، وغمغمت مع نفسها بخفوت:
-هو أنا فاهمة انتي بتقولي ايه! ده ايه النصيبة دي!
شعرت سابين بالحرج من طريقتها، فإحتاطت في حديثها، ولم تضف المزيد...

في الوحدة التدريبية العسكرية،
جمع مسعد معظم متعلقاته الشخصية في مخلته العسكرية، ثم بدأ في طي ما تبقى من ثيابه ليضعها في حقيبة أخرى..
ولج باسل إلى داخل غرفته، وسأله بهدوء:
-حاجتك خلصت؟
رد عليه بإيجاز:
-يعني
أضاف باسل بنبرة جادة وهو يكتف ساعديه أمام صدره:
-بص أنا اطأست كده وعرفت إن في كلام عن سبب فض التشكيل!
سأله مسعد بهدوء دون أن ينظر له:
-ايه هو؟
رد عليه بحذر:.

-شوف بيقولوا إن الفريق ضياء هو الوحيد اللي كان عنده معلومات تخص كل المنضمين ليه، وإن، في يعني كلام عن إنه مامتش كده
أثارت الكلمات الأخيرة إهتمام مسعد، فالتفت برأسه نحوه، ونظر له بدقة وهو يسأله بجدية:
-نعم! تقصد ايه؟
أرخى باسل ساعديه وهو يجيبه:
-بيني وبينك بيتقال إنها عملية اغتيال!
جحظ مسعد بعينيه مصدوماً مما سمعه، وهتف بعدم تصديق:
-اييييييه!
رد عليه باسل بحذر:
-الكلام مش اكيد، بس ده اللي بيتقال هنا.

وضع مسعد كفيه على رأسه، ودار حول نفسه وهو يتمتم بذهول:
-اغتيال! يعني مش قضاء وقدر!
تحرك باسل خلفه، وتابع بهدوء:
-الله أعلم، أنا مش متأكد، بس ده اللي داير هنا
فرك مسعد وجهه بيده، وأكمل بتوجس:
-ربنا يستر ومايكونش للموضوع علاقة بصابرين
رد عليه باسل بنبرة مطمئنة:
-بيتهيألي محدش يعرف عنها حاجة
ضغط مسعد على شفتيه وهو يتمتم بتخوف قليل:
-لحد الوقتي أه!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة