قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية دواعي أمنية للكاتبة منال سالم الفصل الخامس والعشرون

رواية دواعي أمنية للكاتبة منال سالم الفصل الخامس والعشرون

رواية دواعي أمنية للكاتبة منال سالم الفصل الخامس والعشرون

في منزل مسعد غراب،
تعمدت إيناس أن تستفز باسل على قدر المستطاع طوال حفل عيد ميلاد المزيف الخاص بمسعد، فقد كانت تلك فرصتها الذهبية لتحقيق انتقامها منه..
لم تهتم بتوابع تهورها الطائش، أو حتى فارق العقليات بينهما..
فشعور الانتصار لا يضاهيه شيء، وخصوصاً أنها تأذت بشكل كبير منه..
وقف هو إلى جوارها لبرهة قبل أن يتراجع للخلف ليدرس الوضع بتأني، فالتحدي بينهما أصبح رسمياً، ومباح فيه كل شيء..

التفتت برأسها للجانب لتنظر إليه فلم تراه متواجداً حولها، فانقبض قلبها فجأة، وشحب لون بشرتها، وبحثت عنه بعينيها بتوجس..
ارتعش جسدها قليلاً، وحاولت الحفاظ على ثبات إنفعالاتها..
حدقت فيها هند بإستغراب، وسألتها مستفهمة:
-انتي بتدوري على حد؟
انتبهت لها، ورسمت على محياها ابتسامة مصطنعة وهي تجيبها:
-لا عادي، انا بس بأشوف ماما إن كانت عايزة حاجة ولا بتنادي!
هزت هند رأسها قائلة ببساطة:
-اوكي.

ثم أخرجت هاتفها المحمول لتبعث برسالة نصية إلى هدير لتبلغها بالتغيير الجذري الذي طرأ على إيناس..

-يالا يا جماعة عشان نطفي الشمع!
قالتها إسراء بنبرة عالية وهي تصفق بيديها لينتبه لها الجميع..
فتحرك بعض اﻷشخاص في اتجاه الطاولة للتجمع حولها..
ظل مسعد محدقاً بسابين بنظرات والهة وهي تبادله نظرات خجلة، وتجاهل عن عمد نداءات أخته المتكررة..
هو أراد الاستمتاع بكل لحظة معها، وأي شيء يلهيه عنها يهون..
دنت إسراء منه ومعها والدتها صفية، وهمست لها بمكر:
-شايفة يا ماما عينه ماتشالتش من عليها إزاي؟

ردت عليها صفية بإبتسامة راضية:
-اه يا حبيبتي، ربنا يجعل في وشه القبول، ده الواد ده غلبان على الأخر!
أضافت إسراء قائلة بسعادة:
-هي الصراحة البت حلوة وتحل من على حبل المشنقة!
ردت عليها صفية مؤكدة:
-الحق يتقال ايوه، ربنا يكرمك يا حبيبي ويعوض صبرك خير!
أشارت لها إسراء برأسها وهي تتابع بجدية:
-طب يالا ننادي عليهم تاني بدل ماهما مطنشينا ومش سألين!
وافقتها والدتها الرأي، وهتفت بجدية:
-ماشي.

اقتربت منهما إسراء وهي ترسم على ثغرها ابتسامة عابثة، وهتفت بنبرة عالية:
-جرى ايه يا مسعد، هتفضل حالقلنا كده كتير؟!
التفت هو ناحيتها، ورد عليها بإمتعاض ووجهه عابس من حضورها:
-ما تخليكي حلوة كده وتنفضيلنا وتنسينا خالص، أقولك اعتبرينا اتبخرنا!
غمزت له وهي تسأله بمكر:
-ليه يا مسعودي؟
رد عليها متساءلاً بلؤم وهو يبتسم ببلاهة:
-تفتكري ليه؟!
زادت حمرة وجنتي سابين للغاية وهي تستمع إلى حوارهما المقصود عنها..

وأبعدت عينيها للجانب ورفعت يدها لتضع خصلاتها المنسدلة خلف أذنها بحركة متوترة...
انضمت إليهما إيناس، وهتفت بمرح وهي تقبل سابين من وجنتها:
-ميرسي يا أحلى سابين على اللوك الجامد ده
ردت عليها سابين بإبتسامة خجلة:
-ثانكس، إنتي أصلاً كيوت
زادت ابتسامة إيناس اتساعاً، وعضت على شفتها السفلى لتقول بحماس:
-بجد إنتي آآ، مممم، بيقولوا عليها ايه، أها، افتكرت you re my soulmate ( أنتِ توأم روحي ).

نظر مسعد لأخته الصغري بإندهاش، وسألها متعجباً:
-هي ايه؟
أجابته إيناس بهدوء:
-هي Soulmate ( توأم روحي )
ارتفع حاجبه للأعلى مستنكراً، وصاح مصدوماً:
-سوبيط!
ثم التوى ثغره بشدة ليتابع بنبرة منفعلة:
-طب إزاي بقى المزة دي اسمها سوبيط!
فغرت إيناس شفتيها بإندهاش واضح من إنفعال أخيها المبالغ فيه، ونظرت إليه إسراء بإستغراب واضح، بينما احتقنت عيناه، ولوح بيده في الهواء وهو يكمل بعصبية:.

-يا شيخة حرام عليكي أومال بقى مين اللي يبقى جاندوفلي ولا حنشان؟!
ردت عليه إيناس بصوت محتد:
-جرى ايه يا مسعد، بقولك توأم روحي إيه جو السي فوود اللي قلبت عليه ده
تفهم مقصدها، فتنحنح بحرج، ثم رسم ابتسامة بلهاء على ثغره، ونظر إلى سابين بنظرات عاشقة، ثم أخفض نبرة صوته وهو يردد بعتاب:
-اها، طب ما تقولي كده من الأول!
تساءلت سابين بفضول بعد أن رأت عصبيته الزائدة على أخته:
-هي قول ايه موسأد؟

رد عليها بنبرة متيمة وهو يرمقها بنظراته التي تعبر عن حبه لها:
-دي بتقولي أغنيلك أجمل حاجة يا روحي إنك توأم روحي!
تمتمت إسراء وهي تضحك:
-سيدي يا سيدي على عصافير الحب!
ثم تحركت لتقف في المنتصف بين أخيها وسابين، ووضعت كفيها خلفهما، وتابعت بنبرة جادة:
-يالا على التورتة يا حلوين!

وقف هو على بعد يراقب الأوضاع بنظرات حادة كالصقر ليقتنص الفرصة للنيل من فريسته التي أثارت غريزته ونزعته الإنتقامية منها...
لا يعرف باسل كيف تمكن بصعوبة من ضبط انفعالاته العصبية بعد كل تلك الحركات الاستفزازية من إيناس أمام المتواجدين..
هو يعلم أنها مراهقة، وربما تكون مندفعة قليلاً، لكن ما فعلته تخطى حدود المعقول..
انتظر بتريث مجيء اللحظة المناسبة ليعلمها درسها..
وها قد حان الوقت...

اقترب مسعد من الطاولة وعيناه لم تفارقان من خفق لأجلها قلبه..
ابتسمت له سابين بإستحياء، ورمشت بجفنيها بخجل..
أشعل هو الشموع الصغيرة الموضوعة على قالب الحلوى، وتم إطفاء اﻹضاءة المنزلية، وبدأ الجميع في ترديد أغاني العيد ميلاد الشهيرة..
وما إن انتهوا حتى صاحت إسراء بحماس:
-اتمنى أمنية يا مسعد
التفت برأسه ناحية سابين ورمقها بنظرات رومانسية صريحة، وأردف قائلا بهمس:.

-هي حاجة واحدة بس اللي عايزها ونفسي فيها أوي!
تساءلت إسراء بمكر وهي مسلطة أنظارها عليه وعلى سابين
-ايه هي يا مسعد؟
تمتم بكلمة واحدة بشفتيه بصوت خفيض للغاية لم تلتقطه سوى أذني سابين:
-صابرين!
اشتعلت وجنتيها بشدة، وأسبلت عينيها خجلاً منه، ولكنها كانت مكشوفة لمن حولها..

هتفت إسراء بمرح:
-طب طفي الشمع يا حبيبي عشان أمنيتك تتحقق!
وبالفعل انحنى مسعد بجذعه للأمام لينفخ في الشموع بكل سعادة وهو يُمني نفسه بأن أمنيته الوحيدة والغالية ستتحقق...
صفق الجميع له، وهنأه والده قائلاً بصوت جاد:
-كل سنة وانت طيب يا مسعد
رد عليه ابنه بإبتسامة سعيدة:
-وحضرتك طيب يا بابا
ربتت صفية على ظهره، وهتفت بحنو و دفء:
-كل لحظة وإنت طيب يا ضنايا، ربنا يفرح قلبك ويسعدك على طول!

رد عليها مسعد مبتسماً:
-ايوه يا حاجة صفية، دعواتك معايا كثفي على أد ما تقدري، عاوزين نشوف النتيجة قريب!
هتف فارس بنبرة عنيدة، وهو يشير بيده:
-أنا عاوز جاتوه!
وأضاف أخيه سيف بنبرة عالية:
-هاتيلي تورتة يا ماما
ردت عليهما والدتهما بنبرة ممتعضة:
-طيب اصبروا، لما ندي الضيوف اﻷول!
ثم استدارت برأسها ناحية إيناس وتابعت بنبرة شبه آمرة:
-روحي نوري النور يا نوسة خليني أبدأ التوزيع!

ابتسمت لها قائلة بخفوت وهي توميء برأسها:
-حاضر
وبالفعل تحركت في اتجاه مفاتيح اﻹنارة، ووضعت يدها عليهم لتضيء الغرفة وهي غير منتبهة إلى ذلك الذي ينتظرها في الظلام...
كانت على وشك التحرك عائدة إلى مكانها حينما باغتتها ذراع صلبة أتية من الخلف لُفت حول خصرها لتحكم قبضتها عليها، وأخرى وضعت على فمها لتكممها، ثم رفعت عنوة عن اﻷرضية وكأنها لا تزن شيئاً ليتحرك بها مبتعداً عن الجميع...

ركلت بساقيها في الهواء، وتلوت بذراعيها محاولة تخليص نفسها من ذاك الذي اختطفها، وبذلت جهداً مضنياً لتتمكن من الصراخ، لكنها كانت كالمشلولة، مقيدة الحركة..
اندفع بها باسل ناحية غرفتها بخطوات سريعة قبل أن يلاحظ أحد ما يحدث بينهما...

ولأنه كان يعرف المنزل جيداً وغرفه، فتمكن بسهولة من الوصول إلى غرفتها، وأرخى ذراعه عن خصرها ليتمكن من فتح الباب بيده، وأحكم تكميم فمها، وكادت أن تفلت منه، لكنها تمكن من تقييدها، ثم ولج بها إلى داخل غرفتها، وألقاها على الأرضية بعنف، واستدار بجسده للخلف ليوصد باب الغرفة عليهما..
تأوهت إيناس من الآلم من إثر الإرتطام، واستغرقها الأمر لحظة لتستوعب ما حدث لها..

إستندت بمرفقيها لتنهض عن الأرضية، لكنها وجدث ثقلاً يجثو فوقها يثبت ذراعيها معاً فوق رأسها، ويد أخرى تكمم فمها..
حدقت بهلع في وجهه، وانتابها خوف شديد..
حدجها باسل بنظرات محتدة قبل أن ينطق بصوت هامس مرعب:
-دلوقتي نقدر نتكلم على راحتنا!
انتفضت إيناس بجسدها محاولة الخلاص منه، لكن مقاومتها لا تذكر أمام سيطرته عليها..
رمقها بنظرات أكثر حدة، وتابع بنبرته الخافضة والمحتقنة:
-بقى انتي بتتحديني يا إيناس؟!

هزت رأسها نافية وهي تنظر له برعب..
كز على أسنانه ليضيف بهدوء:
-أنا هاشيل ايدي من عليكي، وإياكي تصرخي، سامعة! أنا بأحذرك!
أومأت برأسها عدة مرات إذعاناً لأمره، فأبعد يده ببطء عن فمها، ثم أرخى قبضته عن معصميها، وتراجع بحذر عنها..
التقطت إيناس أنفاسها، وظلت أنظارها معلقة بباسل إلى أن ترك لها مساحة للحرية، فتمكنت من الاعتدال وتراجعت زاحفة للخلف..

وقف هو على قدميه، وكتف ساعديه أمام صدره ونظر لها مطولاً بثبات..
لملمت شتات أمرها، ووقفت على ساقيها وهي لا تصدق ما فعله باسل تواً..
هو اختطفها على مرآى ومسمع عائلتها، واحتجزها قسراً في غرفتها، وهي الآن مجبرة على البقاء معه صامتة ودون إبداء أي مقاومة..
ضغط باسل على شفتيه، وهمس بنبرة مغلولة:
-بقى أنا أبيه باسل؟!
ازدردت ريقها بخوف، وتوترت نظراتها وهي تجيبه بنبرة مرتعدة:
-مش، مش إنت آآ..

أرخى ساعديه فجأة، فانتفضت في وقفتها، وقاطعها قائلاً بصرامة وهو يشير بإصبعه محذراً:
-إياكي تقوليها تاني!
هزت رأسها بإيماءات متكررة، وردت عليه بخنوع:
-ماشي!
أكثر ما كان يفزعها منه، هو نظراته المشتعلة تجاهها..
لا تعرف لماذا هربت منها شجاعتها وجرأتها هكذا دون سابق إنذار..
ربما لأن المفاجئة كانت مباغتة، فجعلتها عاجزة عن التفكير – مؤقتاً – بوضوح.

جاب باسل بعينيه بنظرات متفحصة لهيئتها من رأسها لأخمص قدميها وهو يقول بتهكم:
-ايه اللي عملاه في نفسك ده؟
ابتلعت ريقها محاولة الحفاظ على ثبات نبرة صوتها وهي تجيبه:
-أنا، أنا عملت ايه؟
ضغط على شفتيه بقوة ليمنع نفسه من الصراخ، ثم همس بغضب وهو يشيح بيده في الهواء ومشيراً إلى هيئتها:
-ايه المنظر اللي أنا شايفك بيه ده؟!

نظرت إلى نفسها بإستغراب، وحدقت في ثيابها المنمقة بتعجب، ثم ردت عليه بتوتر وهي قاطبة لجبينها:
-أنا لابسة فستان!
التوى ثغره بتهكم وهو يردد بسخط:
-فستان! وده من امتى إن شاء الله؟
رأت نظرات السخرية والإستهزاء في عينيه، فإشتعل غضبها الذي خبى من خوفها، واستعادت سريعاً شجاعتها، وتلونت عيناها بحمرة غاضبة، واكتسى وجهها بالغضب، ثم ردت عليه بتحدٍ سافر وهي متجهمة في تعابيرها:
-من دلوقتي!

استفزهه عدم اكتراثها به، ونطق من بين أسنانه بغلظة:
-والله! كده عادي
ردت عليه ببرود متعمدة إغاظته:
-ايوه، هو هيفرق معاك في حاجة!
ثم نظرت له بحدة، وتابعت بنبرة شبه متعصبة:
-إنت مش قولت عني إني شبهك وعندي دقن وشنب، ومحدش هيبصلي أصلاً، مالك مضايق بقى لما ألبس أي حاجة تعجبني، ده مايخصكش!
اتسعت حدقتيه بغضب كبير، وهتف بصعوبة واضحة وهو يحاول مسك زمام الأمور قبل أن تنفلت أعصابه ويفعل ما لا يحمده عقباه:.

-وأنا لما أقولك كده انتي تتهبلي وتعملي المسخرة دي؟!
فغرت شفتيها لتردد بحنق وقد ارتفع حاجبيها للأعلى في استنكار:
-نعم، مسخرة؟!
رد عليها بحدة وهو يقترب منها:
-ايوه، لما تلبسي فستان مبين سمانة رجلك كلها، وشوية وطالع على فخادك، ده أسميه ايه!
احتقن وجهها بحمرة أخرى خجلة امتزجت مع حمرتها الغاضبة بسبب تلميحه الجريء، وإرتبكت من نظراته الموحية بأنها كاشفة لجسدها بطريقة مثيرة، وصاحت فيه بحنق:
-انت قليل الأدب.

وقف قبالتها، وسلط أنظاره على مساحيق التجميل التي جملت بها بشرتها، وهتف بسخط وهو يرمقها بنظرات ساخرة:
-ولا الهباب اللي حطاه على وشك ده
بدت كمن ينفث دخاناً من أذنيه من فرط غضبها المتأجج من أسلوبه الفج في التحقير من جمالها، ورددت بذهول من إستهزائه المهين بها:
-هباب!
هز راسه بإيماءة قوية وهو يجيبها بصوت قاتم:
-ايوه، من امتى يا إيناس بتحطي روج على بؤك؟

نجح باسل في إشعال غضبها، وأوشك على الصراخ به، لكنها أثرت أن تستخدم معه أسلوبها البارد الغير مكترث به لتشعره بعدم أهمية رأيه فيها، لذا عقدت ساعديها أمام صدرها، ونظرت له بلا مبالاة، وردت قائلة بتناكة:
-على فكرة اسمه lip gloss مش روج!
نظر لها بسخط، ثم هتف فيها بتهكم:
-أيوه، هنفضنا بقى من الزفت اللي عملاه، ونمسك ده اسمه نيلة ولا هباب!
هزت جسدها وهي تشيح بوجهها للجانب لتقول بعدم اهتما:
-والله أنا حرة.

رد عليها بنبرة مغلولة من أفعالها الغير مبالية:
-لأ مش حرة!
سألته ببرود مصطنع وهي ترمش بعينيها بدلال:
-ليه يعني؟ أنا قبل ما بأعمل أي حاجة بستأذن أهلي، وماما كانت موافقة على آآ...
لم تكمل إيناس جملتها الأخيرة للنهاية حيث قبض باسل على فكها بيده، فشهقت مذعورة، وسألته بنبرة متحشرجة وهي تحاول تخليصه من قبضته:
-إنت بتعمل ايه؟
نظر لها بشراسة، وأردف قائلاً بصوت آمر:
-امسحي المسخرة دي!

حركت رأسها بعنف محاولة تحريرها وهي تقول بصعوبة:
-اوعى سيبني!
مد باسل يده الأخرى ليمسح براحتها أحمر الشفاه من على شفتيها بإنفعال واضح، وتابع قائلاً بصوت غليظ:
-بلاش قلة أدب!
حاولت إيناس أن تمنعه من إكمال إفساد زينتها وهي تهتف بصوت مختنق:
-بس، بهدلت الميك آب!
هددها باسل بنبرة عدائية صريحة وشديدة اللهجة وعيناه مثبتتان عليها:
-لو تاني مرة شوفتك حطاه ولا غيرتي في شكلك صدقيني هاندمك!

جاهدت لتفلت فكها من قبضته، وردت عليه بغيظ:
-إنت ايه، ده أنا آآ...
قاطعها قائلاً بنبرة غامضة:
-اسمعيني كويس، إنتي لسه صغيرة، بس مش هاتفضلي كده على طول
نظرت له بنظرات مرتجفة وهي تحاول استنباط المغزى من وراء كلماته تلك...
لم يمهلها الفرصة للتخمين أو التفكير، وتابع بصوت جاد للغاية:
-معاكي سنتين بالكتير، عاوزك فيهم دكر، عسكري ماشي قصادي، وتكملي بس 18 سنة وهنتفاهم بعدها!

ارتفع حاجبيها للأعلى في صدمة، واتسعت حدقتيها في ذهول كبير، وخفق قلبها وتسارعت نبضاته مما قاله، فهي لم تتوقع أن يتفوه بمثل هذا التصريح الجريء..
هو يعدها كخطيبة له، بل ويفرض تسلطه عليها دون وجود رابط رسمي أو علاقة شرعية، لكن كلماته كانت حادة كالسيف...
هتفت مشدوهة هي تحاول استيعاب هذا الكم الهائل من الصدمات المتتالية المصحوبة بالقرارات الجريئة:
-هاه!

طالعها بنظرات متملكة ومغترة وهو يرى تأثير كلماته عليها، ثم أكمل بهدوء واثق:
-اه، قبل ما أنسى كلمة أبيه دي تمسحيها من قاموس الكلمات نهائي!
حاولت أن تعترض على تحكماته الغير عقلانية معها، فهتفت بصعوبة من بين شفتيها المضغوطتين:
-إنت، آآآ...
قرب رأسه منها، وصاح بنبرة شبه مخيفة:
-ششش، نصيحة مني بلاش تزعليني، أنا زعلي وحش على الأخر!
ارتجفت من تهديده الجاد، وابتلعت ريقها بتوجس واضح..

أرخى ببطء يده عنها، فوضعت كفها على ذقنها لتفركه من ذلك الآلم الذي سببه به..
ابتسم لها بغطرسة، ثم أردف قائلاً بصرامة:
-واعملي حسابك مش هتخرجي من أوضتك النهاردة!
تحولت من وديعة مستكينة إلى عصبية متهورة بعد قراره الأخير، وتحدته متسائلة بجرأة:
-ومين هايمنعني؟!
رد عليها بثقة مغترة:
-أنا
ثم تحرك في اتجاه الباب ليسحب منه المفتاح، فلحقت به وهي تسأله بصوت غاضب:
-انت بتعمل ايه؟
دفعها من كتفها للخلف وهو يقول بجمود:.

-ابعدي!
أصرت على تخطيه، والخروج من الغرفة، وصاحت بنبرة منفعلة:
-لأ استنى، أنا مش هاتحبس هنا!
أمسكها من كتفيها، وأبعدها عنوة للخلف وهو يقول بصوت جامد:
-ارجعي لورا!
أزاحت يديه عنها بإنفعال ظاهر في تصرفاتها، وهتفت بإصرار وهي تتوعده:
-لأ، والله لو قفلت الباب وحبستني لأزعق وأخليهم يفتحولي وآآ...
قاطعها قائلاً بنبرة غامضة وهو ينظر لها بغرابة أجفلتها قليلاً:
-بصي انتي حطي هيموكلار بعد كده عليها.

عقدت ما بين حاجبيها في إندهاش مما قاله، ورددت متساءلة:
-ايه، هيموكلار؟
ابتسم لها قائلاً بهدوء:
-ايوه!
سألته بعدم فهم وهي ترمقه بنظرات غريبة:
-ليه إن شاء الله؟
أجابها بهدوء مريب:
-عشان دي
سدد باسل لكمة قوية ومباغتة أسفل فك إيناس مما جعلها تتأوه من الآلم الشديد قائلة:
-آآه...

وباغتها بأخرى أشد قوة فقدت وعيها على إثرها، ولف ذراعه حول خصرها ليحول دون سقوطها، ثم انحنى ليمرر ذراعه الأخر أسفل ركبتيها، وحملها، واتجه به نحو فراشها، ثم أسندها عليه برفق، وحدق فيها بنظرات أسفة قبل أن يهمس لها في أذنها:
-سامحيني، بس أنا بأغير على خطيبتي المستقبلية!
ثم طبع قبلة أعلى جبينها، ومسح على ذقنها برفق بأنامله، واعتدل في وقفته، ثم تحرك بخطوات حذرة في اتجاه الباب، وفتحه، ومن ثم سحب المفتاح،.

واستدار برأسه ناحيتها لينظر إليها لمرة أخيرة، ثم التفت في اتجاهه، وخرج بهدوء، وأغلق الباب خلفه، ثم أوصده من الخارج بالمفتاح، وتركه بمكانه، وسار في اتجاه الصالة وعلى ثغره ابتسامة إنتصار مغرية...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة