قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية دمية مطرزة بالحب الجزء الثاني للكاتبة ياسمين عادل الفصل السابع

رواية دمية مطرزة بالحب الجزء الثاني للكاتبة ياسمين عادل الفصل السابع

رواية دمية مطرزة بالحب الجزء الثاني للكاتبة ياسمين عادل الفصل السابع

في قانون البقاء للأقوى، إن لم تكن ذئبًا س تنهشك صغار الثعالب
حتى كلمة ذعر هينّة عن الوصف الحقيقي للمشاعر المرعبة التي يعيشها يونس الآن بعدما علم ب إلقاء القبض على شقيقهِ وبرفقتهِ نغم أيضًا بتهمة الإتجار في المُخدرات وإيجاد كمية لا تقل عن كيلو ونصف كامل من المادة المُخدرة ب حياذتهِ.

جناية يعاقب عليها القانون المصري عقابًا عسيرًا في بعض الأحيان قد يصل للإعدام، ولا يوجد احتمال للتهاون فيها. وهذا ما جعل قلب يونس يكاد يُجتث من قوة وقع الصدمة عليه.
لم تتركه ملك وحيدًا، بل تشددت في أن تذهب معه إلى حيث يذهب بعدما التقطت آذانها تفاصيل مكالمتهِ مع المحامي الخاص بهم وعلمت بالنائبة التي حلّت على يزيد. لحقت به وفتحت باب السيارة قبل أن يتحرك، وجلست بجواره وهي تردف ب: - أنا جايه معاك.

ف نفخ يونس غير قادر على مجادلتها في هذا الوقت و: - ملك أنا مش متحمل حتى نفسي، أنزلي ومتخليش بالي ينشغل ب 100 حاجه في وقت واحد
فلم توافق بتاتًا و: - مش هشغل بالك ولا أي حاجه، بس لازم أشوف نغم يايونس زمانها منهارة.

من ناحية هي تفكر بشكل صحيح، وجود نغم ب مأزق مثل ذلك بدون أدنى ذنب بالطبع س يُصيبها بشعور سئ للغاية. فلم يجد يونس مخرج من ذلك وبدأ يقود السيارة بالفعل ولكن بسرعة جنونية كي يستطيع اللحاق به. ورغم رجفة ملك من قيادتهِ التي تكاد تجزم إنهم لن ينجون منها، إلا إنها أخفت خوفها عنه وعانت وحدها منه حتى لا يعتريهِ الندم لأنه تقبل مجيئها معه.

تحدث في هاتفهِ إينذاك وكانت نبرتهِ الغاضبة أقرب ما يكون لزئير حيوان مفترس يعاني من جرح في صدرهِ: - يعني انت وصلت ولا لسه ياعيسى؟ الوضع إيه عندك؟
ف صاحبه فجأة: - يعني إيه خطير! أديني المحامي خليني أفهم منه
أغلق يونس المكالمة ولم يُتممها، فسألته ملك بصوتٍ مضطرب: - قالك إيه؟

ف تحدث ب انفعال: - التهمة شكلها لبساه ياملك، في حد ابن آ ××××× بيلعب معانا وعايز يلبسنا بأي شكل. بس لو اعرف مين ده اللي آ ×××× هطلع آ ×××××× عليه.

كانت مذهولة من كمّ الألفاظ النابية التي لم تكن تتخيل إنها ستصدر من شخص في مثل أخلاقهِ ومثاليتهِ التي كانت تراه عليها، ولكنه محق، لقد حدث لهم ما لا يتحمله بشر. صمتت متأثرة بصدمة التفكير في نغم أيضًا التي تورطت معه بنفس القضية كونها كانت ترافقهُ، تُرى ماذا سيكون وضعها في قضية خطيرة گتلك؟!

بعدما تلقت غالية الخبر السعيد سمحت للسعادة بأن تظهر على وجهها والإبتسامة تتلألأ عليهِ. نجحت هذه المرة في الإيقاع به، تُرى ما هو التعبير الذي على وجه يونس الآن؟ تدفع ما تملك مقابل رؤيتهِ الآن.
هكذا وصل بها الحقد والشماتة واسوداد القلب الذي أعمى بصيرتها كليًا.
تركت ملعقة الطعام ونظرت صوب بِشر وهي تسأل: - جيبت البودرة من المكان اللي قولتلك عليه؟

ف أومأ بِشر موضحًا الصعوبة التي واجتهتهُ لكي يحصل على كيس المُخدرات الذي دسّهُ في سيارة يزيد: - حصل، بس زي ما قولتلك رجالة جاسر مكنوش راضيين يسلموني غير لما يعرفوا الكيس ده رايح فين
ف نفخت غالية منزعجة من تشدد جاسر (تاجر المُخدرات) الذي حصلوا على مسحوق البودرة المخدرة منه، وقالت متبرمة: - محبكها أوي، بس حقه. جاسر محتكر السوق كله وحاطه في جيبه، محدش يقدر يقوله تلت التلاته كام.

نهضت من مكانها وهي تتابع: - حتى الأمن مش عارف يمسك عليه غلطة
وقفت قبالة بِشر وسألت بفضول: - حد اعترض لما عرف إن البودرة دي ليا؟
- لأ
أشارت نحو الطعام وهي توجههُ: - متنساش تطلع أكل لمعتصم، وأول ما يكون في جديد بلغني على طول
- اللي تؤمري بيه
سارت نحو الدرج الخشبي الرفيع وهي تُتمتم بصوتٍ خفيض: - بكرة لم تلبس حكم بالمؤبد ويونس ضهره يتكسر نبقى نتفرج مين هيكون أقوى من التاني.

بالرغم من كل تلك الظُلمة التي غرقت فيها عيناه، وشعور الغضب العارم الذي يستشعرهُ. إلا أن التفكير في نغم فقط هو الذي يعنيهِ مما حدث، لقد جلب لها الأذى بدون قصد ووقعت في فخ سئ للغاية بسبب تواجدها معه. كابد العناء ليتم الإفراج عنها على الأقل ولكن ضابط المباحث رفض رفضًا قاطعًا حتى تأذن النيابة بذلك، وهذا ما سبب تفاقم ل غضبهِ أكثر.

حاول يونس أن يُسكنّ من هياج أخيهِ العصبي لكي يتحدث معه قليلًا على إنفراد ولكن الأمر كان شديد الصعوبة، ورغم ذلك لم يكفّ عن محاولة التحدث إليه وامتصاص غضبه: - خلاص أهدا، أنت عارف إني هعملك كل اللي انت عايزه بس خليني أفهم اللي حصل بالتفصيل
ف انفعل يزيد وهو يقف من جديد وصاح بدون وعي: - أنت لسه بتقولي أفهمك؟ إبن ال ×××× دبرلي المغرز ده وحط السم الهاري في عربيتي.

ف لم يترك يونس نفسه للإنفعال ووقف قائلًا: - فاهم، لما جيت تركب العربية ملاحظتش حاجه، مشوفتش حد؟ أي حاجه لفتت نظرك تساعدنا
ف لن يسعفهُ عقله للتركيز في تفاصيل تلك اللحظة التي كان منهارًا فيها و: - مش فاكر أي حاجه
ثم ترك ذلك الحديث وعاد يتحدث بشأن نغم: - يونس انت لازم تتصرف وتخرج نغم من هنا، بأي حجة. البنت مش هتنام على البورش بسببي.

ف انفعل عليه يونس بدون عمد: - يابني سيبك من نغم أنا هخلي المحامي يشوف لها حل، مش كفاية المشكلة اللي عملتها مع رئيس المباحث بسببها!
ف هدر يزيد منفثًا عن السعير الكي يأكل صدرهِ: - أمال اسيبها تدخل الحجز وسط بنات الليل والشوارعية! قولتله 100 مرة دي عربيتي وانا المسؤول وهو حمار مبيفهمش.

ف قبض يونس على ساعدهِ قبضة منفعلة وشدد عليه بلهجة شديدة التحذير: - إياك تقول كده تاني! أنت بتورط نفسك أكتر وأنت مش حاسس ياغبي. أنت مش مسؤول ولا تعرف حاجه عن الكيس ده، أنت حتى متعرفش ده عبارة عن إيه، فهمت؟
غرز يزيد أصابعهِ في رأسهِ التي تكاد تنفجر من فرط الغضب والإنفعال، ثم أردف ب: - وبعدين يايونس! المحامي قالي فيها أقل حاجه لو قاضي رحيم 15 سنة ده لو مش مؤبد كمان.

ف انتفض قلب يونس لمجرد ذكر العقوبة لمسامعهِ ورفض حتى التفكير في ذلك: - مش هيحصل، أخويا مش هيقضي عمره في السجون، مش عايزك تقلق خالص
ثم ضرب على كتفهِ و: - أنا دبرت الموضوع، هتفضل قاعد هنا لحد ما تتعرض على النيابة الصبح مش هتدخل الحجز
لم يهتم حتى بذلك وسأل عنها فورًا: - ونغم؟
—على جانب آخر—.

كانت نغم منزوية على نفسها في المهجع تشكو لنفسها مرارة الموقف الذي أُجبرت على معايشتهِ. جدران تلتهب برائحة الرطوبة والعفن، بلون قاتم يصب على الروح الألم وكأنها ستموت. ظُلمة كاحلة وكأنها في مكان مهجور، بالكاد ترى المتهمات الموجودات من حولها في كل مكان وزاوية.

ظلت روحها تتلوى وهي تستعيد في ذهنها كيف تم القبض عليهم. قبيل حتى أن يفكر أيًا منهم في حل للمعضلة الكارثية التي حطت عليهم كان ضابط الشرطة يقتحم جلستهم وهو يسأل عن ترخيص القيادة والسيارة وهويتة كلاهما. ثم أمر بتفتيش السيارة ليتم الكشف عن المخدرات في مكانها الأول ومن ثم تم التحفظ على الحرز والقبض عليهم بتهمة الإتجار نظرًا لكبر الكمية.

ترقرقت الدموع من بين عيناها ف كفكفتها بسرعة وهي تفكر في مستقبلها الذي أظلم بقضية هي البريئة الوحيدة فيها. في حين يحاول أُناس الإنتقام من يزيد تقع هي ضحية في الأمر بدون أدنى ذنب. ماذا ستفعل الآن ومن سيهتم بأمرها! لا تستطيع التفكير بشئ سوى بالوضع الذي هي منحصرة فيه. لم ترى أي بصيص من الأمل ينقذها من دوامة اليأس الذي سقطت فيه.

خرج يونس من غرفة رئيس المباحث ليجد ملك تُقبل عليه بتلهفٍ ووجهها يحمل تعابير ما بين الذعر والقلق واللهفة في آنٍ. وسألت بقلق شديد: - ها يايونس؟ عملوا إيه مع نغم؟
ف ذمّ على شفتيهِ آسفًا وهو يجيب: - في الحجز
ف تجمدت ملك بمكانها وحاولت أن تُبقى صوتها خفيضًا بينما داخلها يعج بالفوضى والصراخ: - يعني أخوك جوا في مكتب رئيس المباحث بنفسه وصحبتي اللي ملهاش أي ذنب في التخشبية!

تفهم يونس ما تعانيه وحاول أن يكون صبورًا وألا يفرغ غضبهِ فيها: - حاولت آ..
فقاطعتهُ بحزمٍ و: - أنت مش هتحاول يايونس، أنت هتخرجها من هناك مهما كان التمن. صحبتي مش أقل من يزيد، ولا هي بتتحسب بالمكانة والنفوذ!
ف نفخ يونس وهو يردف ب حِدة: - ملك! يزيد كمان مظلوم لو انتي مش حاسه ب ده أحب ألفت انتباهك.

ف انفعلت هي الأخرى قائلة: - مين البرئ دي مش مشكلتنا يايونس، لازم تتعامل مع نغم زي ما اتعاملت مع يزيد وأكتر
- ملك!
التفتت ملك أثر صوت نغم الذي كان يُناديها لتتفاجأ ب صديقتها تركض إليها والمجند يركض من خلفها. ف أوفضت ملك صوبها وضمتها إلى صدرها وهي تخفف عنها ممسدة على شعرها وظهرها: - أهدي يانغم أرجوكي.

تعالت شهقات الأخيرة شاعرة بالقهر ولوعة الظلم غير قادرة على التفوه بكلمة واحدة، فقدت طاقتها كلها في الخوف والذعر من مصيرها الذي رأتهُ محسومًا. ذهب مجهود ملك في تهدئة روعها سدى، وكيف تهدأ وقد دخلت مكان گهذا ب اتهام بشع لم يُخيل إليها يومًا إنها ستُتهم بمثلهِ.

دنى منهم يونس كي يطمئنها بإنه سيفعل اللازم كي يخرجها من هنا علها تهدأ وتكفّ عن البكاء: - نغم، أنتي وضعك مش سئ للدرجة دي لأن العربية مش بتاعتك مش عايزك تقلقي
حاولت نغم كبح صوت شهقاتها الباكية ولكنها هيهات لم تستطع، بينما تابع يونس ليوضح جدية الوضع بالنسبة ل يزيد بالأكثر: - اللي فعلًا متورط هو يزيد، عشان كده محتاج منك شوية صبر بس وانا هتصرف. ثقي فيا.

ف أجفلت جفونها وأطرقت رأسها بدون أن تنبث بكلمة واحدة، فقط تركت رأسها على كتف ملك من جديد حينما كان يونس يتابع حديثه ناظرًا صوب ملك: - كمان العسكري عنده أمر ياخدك تقعدي في أوضه تحت لوحدك مش هترجعي الحجز
ف ضمتّ ملك شفتيها وقد تفهمت أخيرًا إنه سعى منذ البداية كي يُخرج نغم من هذا المكان الموحش. ونظرت إليه بنظرة مُعتذرة عن اندفاعها، ف لم يُطل هو الأمر وسار نحو المحامي كي يتحدث إليه بعيدًا.

مشى يونس بعيدًا عن الأنظار برفقة المحامي واختلى به في زاوية وهو يسأله: - إيه اللي هيتم دلوقتي؟
- المفروض إن النيابة هتجدد حبسهم لحين ثبوت الأدلة أو إظهار دليل ينفى عنهم التهمه، وكمان نتيجة الطب الشرعي اللي هتحدد بالظبط المادة دي كانت إيه، عشان كده إحنا مرغمين نستنى.

ف كزّ يونس على أسنانهِ بغير رضا على هذا الوضع وفكر في حل جذري وسريع: - وبعدين؟ لو ملقيناش حاجه تنفي التهمه؟ لازم تتصرف ويكون عندك خطة تانية
- للأسف مفيش أي حل قانوني
ف تشنجت عضلات وجه يونس واحتقنت عيناه بنظرات ممتعضة بعدما فقد سبيل الهدوء تاركًا الوحش الثائر بداخله ليغادر محبسهِ قائلًا: - إن شاالله بالشمال، أخويا أنا مش هيتحبس ليلة واحدة. لو وصلت إني اشتري ذمة الطب الشرعي كله، هعملها.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة