قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية دمية مطرزة بالحب الجزء الثاني للكاتبة ياسمين عادل الفصل الرابع والعشرون

رواية دمية مطرزة بالحب الجزء الثاني للكاتبة ياسمين عادل الفصل الرابع والعشرون

رواية دمية مطرزة بالحب الجزء الثاني للكاتبة ياسمين عادل الفصل الرابع والعشرون

في حياة امتلأت بالكوارث، كُنتِ أنتِ انتصاري الوحيد.
طار اللُب من عقلهِ، أصابهُ الجنون وقتما علم بما ارتكبهُ شقيقهِ من لُعبة، فقط كي يُبقيهِ بعيدًا عن الأمر ولا يسترعى قلقهِ المفرط عليه.
ولكن اكتشاف حقيقة گهذه كانت أشد إزعاجًا على يزيد، ليس كونهِ سيتبرع ل ملك ؛ لكن كونهِ حرمّ عليه حق الخوف عليه، وحرمّ عليه حق المبادرة بمساعدة ملك لئلا يتعرض هو للخطر.

طاح يزيد في الجميع، حتى تصاعدت المشكلة ووصلت لأحد مُدراء المشفى، واضطر للتدخل الفوري لأجل إرضائهِ، ورغم ذلك لم يرضى أبدًا؛ بل تفاقم غضبهِ لأضعاف.

نهض يزيد من جلستهِ على المقعد المقابل لمكتب مدير المشفى، ثم صاح بصوتٍ هادر: - ده أسمه تهريج، كان المفروض أعرف الحقيقة كلها ونبقى نتصرف بعدها أنا وأخويا مع بعض، لكن الدكتور بتاعكم يكذب عليا ويقول إني مش مطابق عشان يمنعني! ده أنا ممكن أقدم فيكم محضر وأوديكم في داهيه.

وقف المدير أمامهِ مباشرة، وأعرب عن اعتذارهِ البالغ بعد أن ذمّ على شفتيهِ بحرج: - المعلومة اللي وصلتلي إن اللي حصل كان كله من تدبير أستاذ يونس، هو اللي أصر على تلفيق الحدث ده، عشان يكون هو المتبرع
فكر مدير المشفى في كيفية إنهاء هذا الحوار ب لباقة، وتأجيل هذه المناقشة المحتدمة حتى يفيق يونس بسلامٍ من عمليتهِ الجراحية، علّه يستطع ضبط زمام الأمور والسيطرة على غضب شقيقهِ الأعمى.

ف شبك أصابعهِ، ونظر إليه بتوددٍ دبلوماسي مقنن: - إيه رأيك نأجل الكلام ده لما الباشا يقوم بالسلامة هو والهانم، على الأقل نطمن عليهم؟
رماه يزيد بنظرة قاتمة، وأشاح بوجهه عنه قبيل أن يخطو لمغادرة غرفة المكتب. بدون أن يترك ردًا واضحًا، أوفض للطابق العلوي عبر المصعد، ليتواجد أمام قسم العمليات الجراحية، على الأقل يستقبل أخيهِ بعدما يخرج من هنا سالمًا.

وصل يزيد. ف لمح على مرمى بصرهِ عيسى يقف هناك، التمعت عيناه بشئٍ من الإمتعاض، وعجّل من خطاه نحوه، حتى لاحظ الأخير ذلك، واستعد لتلك المواجهه الحامية التي لم يرغب فيها أبدًا.
وحينما اقترب يزيد، أردف بصياحٍ متسائل: - يعني كنت عارف أنت كمان!؟، وانا الوحيد المغفل فيكوا هنا؟

أشار له عيسى ليهدأ أولًا، ثم قال بحكمة راغبًا إخماد ثورتهِ الحامية: - أهدا ياباشا، أنت عارف إني عبد المأمور ودي حاجه مش بتاعتي. بس متقلقش، إن شاء الله يقوم بألف سلامة
وتردد قبيل إبلاغهِ، ولكنه لم يجد مناص من ذلك. تردد عيسى قبل أن يبوح بكل ما يحمله، ولكنه في الأخير تابع بتوترٍ: - الخطر كله على ملك هانم!

ألجم الحديث يزيد وجمده، تجلّت مخاوفهِ في بريق عيناه. وارتجفت عضلات لسانهِ قبل أن يقول: - إزاي؟ خطر إزاي؟
عودة بالوقت للسابق: -
ارتعد عيسى من مجرد عرض يونس للفكرة، خشى? كثيرًا على ربّ عمله وصديقهِ الذي سيعرض نفسه للخطر، ويعرضها هي أيضًا، ولكن لا وجود لإحتمال آخر قد ينقذ حياتها التي أصبحت على المحك.

لم يأتي بمخيلتهِ أي حل آخر، ورغم ذلك تأمل في إيجاد الحل: - أكيد ياباشا في حل تاني! مش معقول مستشفيات برا مفهاش كلية مطابقة
استهجن يونس عليه تفكيره ذلك، في ظل إنه متواجد ومطابق معها: - يعني إيه أكون موجود والنتيجة لصالحي وأقول لأ هستنى!

بتضحية متناهية، وبدون أن يفكر في العواقب، وهبها قطعة حية من جسده ل يزرع الحياة في روحها من جديد. ارتخت نبرتهِ قليلًا، وسكن صوته وهو يتابع: - لو أطول أديها حياتي كلها مش هتردد، بس تقوم تاني
شده عيسى من وصول يونس لتلك الحالة، لم يصدق. بل أن يونس بنفسهِ لم يصدق ذلك.
أجفل عيسى طرفه بعجز، لم يجد من الكلام ما يتفوه به. ف اكتفى بتعقيب بسيط: - مكنتش أعرف إنك حبيتها أوي كده، يابخت أي حد أنت في حياته ياباشا!

ف زاغت نظرات يونس بعيدًا وكأنه شرد فيها، واعترف بذهولهِ من نفسه التي عَشِقت لذلك الحدّ المهلك: - ولا أنا كنت أعرف!
تنهد بثقلٍ شديد، واضطرب قلبه مع تذكر نسب احتمالية فشل الزراعة. وأطرق رأسه وهو يقول: - الدكاترة بدأوا معاها ب مثبطات المناعة من امبارح عشان العملية تكون بكرة، في خطر شديد عليها لأنها متجهزتش قبل العملية بفترة أطول
ثم نفخ بعجزٍ شديد وهو يتابع: - لكن مفيش حل تاني! ملك حياتها كلها في خطر.

- طب ويزيد باشا! مش هتقوله!
ف بتر يونس هذا الأمر من جذورهِ وحكم فيه حكمًا لا يقبل مناقشة: - مش هيعرف حاجه نهائي، يزيد كان عايز يتبرع هو ليها عشان يعوض تقصيره ناحيتها، أنا فاهم دماغه. لكن أنا موجود، أنا أولى ب حبيبتي من أي حد تاني مهما كانت صلته بيها.
عودة للوقت الحالي: -
أطلق يزيد سبة خافتة، ومسح على ذقنهِ بكفهِ وهو يردف مستهجنًا: - يعني لما جاله الخبر كان فرحان عشان نتيجة تحاليله هو طلعت، صح؟

ف أومأ عيسى رأسه إيماءه مؤكدة، تأفف يزيد بعدها ب انزعاج شديد. تعالى رنين هاتفهِ، ف نظر للشاشة ليجد نغم تتصل به، ف أطبق جفونهِ يعتصرهما وهو يغمغم ب: - مش وقته خالص! هقول لنينة إيه دلوقتي!؟
—على الجانب الآخر —
بداخل غرفة العمليات.

كان إجراء العملية في الوقت الراهن غاية في الصعوبة، في ظل عدم توافر الوقت المناسب الذي س يتيح الفرصة لجسدها لكي يتقبل مثبطات المناعة، حتى يتكيف مع عضو جديد ستتم ذراعتهِ في جسدها.

ترنحت ملك ما بين عدم توازن نبضات قلبها تارّة، وبين قلة تشبع الأكسچين في المخ تارّة أخرى، حتى درجة حرارة الجسم اضطربت قليلًا أثناء إجراء الجراحة. وكأنها تقاوم بشراشة، تقاوم بكل ما أُوتيت من قوة، من أجل أن تنهض من هذا الفراش.
نظر رئيس الأطباء نحو شاشة عرض الرنين المغناطيسي، ثم زفر بقلقٍ وهو يتحدث ل الطبيب المساعد: - تكيفها هيكون صعب، حاسس إنها داخلة على فترة غيبوبة!

ف رجح الطبيب ذلك الرأي بشدة متفقًا معه: - أنا كمان حاسس بكده
أشرأب رئيس الأطباء برأسه حيث الجهة الأخرى، ثم سأل ب اهتمام: - أبعت حد من الممرضين يطمنا على حالة يونس بعد ما خرجناه من العملية.
ثم نظر لساعة الحائط وتابع: - المفروض يفوق بعد نص ساعة
- حاضر.

وعاد ينظر لحالة المريضة النائمة، التي لم ينتهي من عمليتها الجراحية بالكامل. وسأل الطبيب الزميل الذي كان منشغلًا بها: - مينفعش نطول أكتر من كده يادكتور، مش عايزينها تدخل في صدمة
فأجاب الأخير: - فات 3 ساعات ونص، أديني ربع ساعة يادكتور وهنخلص كل حاجه
نظراتٍ مليئة بالحزن، بالخوف، بالقلق، والعتاب.
ران إليه يزيد بناظريهِ، أثناء اهتمام الطبيب به بعد خروجه من غرفة العمليات.

راقبه يزيد من الخارج ودموع الخوف تكاد تنساب من عينيهِ، لكنه متماسكًا بشدة. بينما كانت كاريمان على النقيض تمامًا، فاضت عيناها بالدموع، وتضاعفت مخاوفها على حفيدها العزيز، حبة قلبها يونس.
وقفت بساقين واهيتين أمام الغرفة تنظر لحالتهِ، مستندة على عكازها، وعلى ذراع يزيد التي تتمسك بها جيدًا. مسحت على وجهها بأصابع مرتجفة، وسألت في قلق: - وملك فين يايزيد؟

ف خرج صوت يزيد المتحشرج، وقد غالبهُ شعور الإختناق: - زمانها استقرت في أوضتها، نغم معاها
ثم اجتذبها قليلًا و: - تعالي أقعدي يانينة لحد ما الدكتور يخرج ويطمنا
أجلسها، قبّل رأسها، ثم مسح دموعها بأصابعهِ، وحاول طمئنتها قليلًا: - كفاية عياط ياحببتي، خير ان شاء الله، ادعيله انتي بس
ف رفعت كاريمان رأسها للسماء و قالت بتضرعٍ: - يارب.

ترك الطبيب كل شئ، ونظر لزميلهِ الذي تجلت إمارات الإستفهام المدهوشة على وجهه. ثم شاركهُ بمخاوفهِ متسائلًا حول ما يجول في ذهنهِ: - مفاقش لحد دلوقتي!
نظر الآخر للمؤشرات الحيوية عبر الأجهزة الطبية، ثم أردف ب: - دي حاجه مش مبشرة خالص!
ثم عاد ينظر لزميله بنظرات جدية. يشوبها القلق، وقرر فجأة زيارة المريضة التي استقبل جسدها العضو الجديد: - لازم نشوف المريضة اللي عملنا ليها زراعة، حالًا.!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة