قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية دمية مطرزة بالحب الجزء الاول للكاتبة ياسمين عادل الفصل الثاني والأربعون

رواية دمية مطرزة بالحب الجزء الاول للكاتبة ياسمين عادل الفصل الثاني والأربعون

رواية دمية مطرزة بالحب الجزء الاول للكاتبة ياسمين عادل الفصل الثاني والأربعون

الحياة بلا حُب گورقة شجر تساقطت في فصل الخريف وراحت ضحية هبوب الرياح العاصفة، والقلب بلا أليفهُ گالأرض اليابسة التي تتعطش للمياه. قد تحترق منه، قد تتألم، وقد تحتار. لكن الحُب هكذا، لا يجوز بدون لوعتهِ.

نهض يزيد أولًا ليعلن عن انتهاء اجتماعهِ ب قسم الموارد البشرية والذي أكد فيه على ضرورة انتقاء ممتاز للموظفين الجُدد الذين سيتم تعيينهم وشدد على المواصفات القياسية للموظف المثالي گأحد ضروريات الأختيار. وقبل أن ينصرف مدير الموارد البشرية بنفسه قال معترضًا: - مستر يزيد، في بنت نزلت شغل بقالها أسبوعين أو أكتر في قسم الحسابات بدون علم القسم. زي ما حضرتك عارف إننا مسؤولين عن الموظفين كلهم ولازم يتم Interview مقابلة شخصية قبل أي حاجه.

تجهم وجه يزيد وهو يضع يمناه في جيب بنطاله وقد استشف إنه يرمي إلى نغم، وقال بمضض: - عارف
ف اقترح مدير الموارد البشرية: - أنا شايف إنه لازم يتعملها مقابلة ونحدد بعدها آ..
ف حزم يزيد من نبرته وهو يتحدث إليه آمرًا: - البنت دي عينها رئيس مجلس الإدارة بنفسه، إيه رأيك تروح تعرض عليه فكرتك؟
تردد الموظف وبُهت وجهه، ف تابع يزيد بنفس النبرة: - ملكش دعوة بأي قرار يتاخد برا عنك حتى لو في إطار شغلك، أكيد فهمتني.

أومأ الموظف برأسه متفهمًا، ف لم يتركه يزيد يخرج بتلك الحالة التي عليها وجهه وحفزّه قليلًا: - أنت ال Human Resources Manager مدير الموارد البشرية كُفء وانا مش عايز يونس يغير رأيه عنك. تمام؟
- تمام.

خرج. ف انتقل يزيد نحو مكتبه وتناول جهاز التحكم الخاص ب مُكيف الهواء، فتحه وقد أحس ببداية مبكرة جدًا للأجواء الحارة ونحن في بداية شهر نيسان أبريل. نزع عنه سترته وأرخى رابطة العنق قليلًا، ف رنّ هاتفهِ رنينًا خافتًا وقد أضعف من صوت الهاتف قبيل الإجتماع، تناوله وأجاب بقنوط: - ألو، ها يامتر حاجه جديدة حصلت؟
شحب وجهه، تغير لونه بتخوف وهو يسأل على عجل: - إتنازل إزاي؟ وإيه يخليه يعمل حاجه زي دي؟

ف ارتعجت فرائصه خوفًا من أن يكون يونس فعل شيئًا سيجعله قاتلًا لا محاله، ف أغلق الهاتف على الفور و: - طب اقفل دلوقتي ونتكلم بعيدين
وبسرعة كان يتواصل مع يونس كي يسأله، فكانت إجابة يونس على الإتصال سريعة بما يكفي: - معتصم اتنازل عن المحضر يايونس
- جميل.

ف انفعل يزيد على الفور بعدما قابل يونس الخبر بهذا الفتور وكأنه كان يعلم، وهذا ما جعل الشكوك تترسخ في ذهنه وكأنها حقيقة: - أنت عملت إيه يايونس، بالله عليك آ..
فقاطعه يونس مؤكدًا برائته: - ولا عملت أي حاجه، هو عارف إن أخرتها لصالحنا. أنت مفيش أي حاجه تدينك يايزيد، هو حب يلعب بس ئ.

فلم يقتنع يزيد كونه يعرف حق المعرفة من هو معتصم وكيف يفكر. نفى على الفور صحة تخمين يونس وأعلن ذلك صراحة: - لأ، معتصم مش هيعمل حاجه من غير مقابل
نظر يزيد في ساعة اليد خاصته و: - أقفل وانا هرجع اكلمك، لازم أعمل تليفون مهم
وحاول الإتصال ب رغدة ولكن هاتفها كان مغلقًا. ف أطلق سبّة نابية و: - ××××× أكيد معملش كده لله، في حاجه غلط
—على جانب آخر—.

عاد يونس بعد أن أغلق المكالمة كي يتابع حديثه مع الطبيب و: - يعني مفيش أي جديد؟
ف هز الطبيب رأسه نافيًا: - أنا كنت صريح معاك من البداية، الورم تفشى في منطقة الصدر والرئتين بشكل مينفعش فيه أي تدخل، دلوقتي كل الأدوية اللي بياخدها بتحاول تهاجم ال Cancer اللي خلاص بالفعل انتشر
حكّ يونس عنقهِ حكًا سبب احمرار متوهج و: - الكلام ده ياريت يفضل بينا، مش عايز ملك تعرف حاجه
- اللي تشوفه.

خرجت ملك من غرفة والدها في نفس اللحظة التي كان يغادر فيها الطبيب جليًا عليها الحزن، وأعربت عما بداخلها بصراحة: - بابا مش بيتحسن يايونس، هو الدكتور قال إيه؟
لم يرد أن يجعلها تفقد أملها، ف برر ذلك قائلًا: - العلاج الكيماوي طويل ومش بيظهر نتيجته بسرعة، متقلقيش
لاحظت بسهولة هذا الإحمرار على جلد عنقهِ، ف انعقد حاجبيها وهي تدقق بصرها ومدت أصابعها تتلمس تلك المنطقة و: - إيه ده؟

ف اقشعر بدنه وعيناه متعلقة بها وهو يردف: - إيه؟
أخرجت مرآة صغيرة جعلته ينظر عبرها فرأى تأثير أصابعه التي فركت تلك المنطقة ببعض العنف. ف أحاد بصره و: - تقريبًا هرشت فيها، متشغليش بالك
ف أخرجت أنبوب دهان ملطف للجلد ومقاوم للحكة والحساسية، راقبها وهو يسأل: - بتعملي إيه؟
- ده مرطب حلو أوي عشان الإحمرار ده.

ومسحت الدهان بأصبعيها على المنطقة بلطف شديد. كان ظل عيناه التي ترتكز عليها يوترها ويزيد من ربكتها، استشعر هو ذلك من رجفة أصابعها التي تدلك بها بشرته. وما أن فقدت القدرة على السيطرة أبعدت يدها وأسبلت جفونها قائلة: - مش هتدخل لبابا؟
فأومأ و: - هدخل، بس هجيب ميا وآجي
ف عرضت عليه المساعدة بشأن هذا الأمر و: - أنا هجيبلك وانت أدخل له.

وخطت متجاوزاه، على الأقل ل تُقلل من حِدة توترها المفرط. كلما أقدمت على فعل جرئ تلوم نفسها، وعندما تتحاشاه تعاتب نفسها أيضًا. أصبحت قاب قوسين أو أدنى، ماذا تفعل كي تكون راضية عن تصرفها معه بدلًا من هذا الندم الذي يحاوطها مع كل فعل تقدم عليه.

كانت نغم تنظر للحاسوب ولكنها لا ترى أي شئ. عقلها مُغيب تمامًا الآن. منذ أن علمت بالصدفة البحتة الصلة التي كانت تجمع يزيد ب رغدة وهي مشتتة حزينة متخبطة مصدومة، عدة مشاعر متضاربة. رغم إنها ليست زوجته الآن، ولكنها أحست بفيض من الغبطة يقتحم فؤادها الذي أصبح مُتيمًا به لا تعلم كيف ومتى، وهي التي كانت تشدد على قلبها لئلا يقع في أمور العشق هذه التي لا تناسبها وتفسد معاييرها.

أطبقت جفونها وفركتهم بشكل عنيف قليلًا، وتنهدت بثقل وهي تهمس بصوت منخفض: - مش قادرة الصداع من كتر التفكير هيموتني
دلف سيف في هذه اللحظة و: - نغم، أنتي بخير؟
ف اعتدلت على الفور وعادت تنظر للحاسوب وهي تردف بجدية لم تناسب أبدًا طباعها المرحة اللينة التي اعتاد عليها الجميع: - بخير ياسيف، في حاجه؟
- آه، مستر يزيد عايز ملف آخر مناقصة دخلناها كامل
نهضت عن مكانها وهي تقول: - حاضر.

أحضرت الملف المطلوب من المكتبة خاصتها وناولته إياه: - أهو. آ..
ترددت نغم قبل سؤاله ولكنها سألت في الأخير: - هو مستر يزيد طلبه منك ولا أوديه بنفسي؟
- لأ قالي آجي أنا أجيبه منك
ف غصبت نفسها على ابتسامة طفيفة و: - ماشي
خرج سيف. ف ارتمت نغم على المقعد وهي ترثي حالها: - عمره ما هيشوفني قدامه أصلًا، قد إيه أنا غبية!

وراحت تجلد ذاتها من جديد على مشاعر لم يكن لها إرادة فيها. مشاعر نمت وترعرعت في قلبها بدون أن تشعر بجالها وهي تفتقده وتشتاق إليه وتبحث عنه بين كل وجوه الشركة وتغار حتى إن نظر جوارهِ.
هي لا يحق لها أيًا من ذلك، ولكنها لا تستطيع كبح جماحها. وهذا ما يؤلمها بالأكثر، أن سلطتها لم تعد قادرة على قلبها الذي أحب.

بقيت ملك متوترة وكثيرة الحركة منذ أن حضرت خبيرة التجميل من أجل تجهيزها لحفل الليلة بعد إصرار من كاريمان. في بادئ الأمر ظنت إنها س تُجهز نفسها بنفسها ولكنها كانت مفاجأة من كاريمان لها.
نفخت ملك منزعجة في وجه الفتاة ف ابتعدت قليلًا لتتيح الفرصة ل ملك كي تعترض من جديد: - نينة أنا كنت هخلص كل حاجه بنفسي في وقت أقل من ده
ف هزت كاريمان رأسها رافضة شئ گهذا: - Olmaz لا يمكن.

دي أول مناسبة تخرجوا سوا ويشوفك فيها بشكل مختلف، لازم تكوني Cok tatl? حلوة جدًا
ف نظرت نحو الشرفة و: - بس ده بقاله نص ساعة واقف تحت ومستنيني، كده هيزهق
فلم تبالي كاريمان به كثيرًا و: - مش مهم، خليه يستني شوية
ثم أشارت للفتاة و: - كملي.

بالفعل كان القنوط قد بدأ يتسرب إليه وهو يقف أمام سيارتهِ ب طاقمهِ الرسمي الأنيق الأسود وكأنه أحد مشاهير هوليود وسيكون في استضافة الإعلاميين على البساط الأحمر الشهير. تأنق بشكل جذاب وساحر، مؤكد سيخطف الأنظار جميعها إليه الليلة، لولا أن تلك الفاتنة ستكون جانبه وستنال حظًا من لفت الإنتباه.

خرجت ملك من الباب وهي تمسك بذيل فستانها الزيتون المُتدلي وحركتها بها عجلة بسيطة، ف خطفت أنفاسه حقًا، شده وهو ينظر إليها معتدلًا في وقفته. أنبهر بها انبهارًا لم يكن يتوقعه، لاق بها الفستان تمامًا كما تخيل وأكثر. وتناسب مع عيناها التي تتلاعب ما بين العسلي الجبلي والأخضر حسب الضوء المحيط. تدارك الأمر قبل أن يخرج عن نصابهِ ودنى منها، مدّ يده لها كي تمسك بها وهي تنزل الدرجتين اللاتي تُحيلان بينهما متأملًا هذا الإبداع الإلهي في حُسن وجهها البديع. أبرزت خبيرة التجميل ملامحها ب شكل محترف، وجنتيها الممتلئتين واللاتي لمعت فيهن لمسة لامعة تماشت مع الأضواء الخافتة. وطلاء الشفاه البني الفاتح التي بدت فيه شفاهها مغرية أكثر، مع أهدابها التي تكثفت بفعل سائل الرموش الأسود الفاحم وخط أسود أيلاينر بيّن حواف العين واتساعها وحُسنها. توقف أمام كل ذلك، ولكن شتت انتباهه إنها دعست على فستانها بدون قصد ف ارتمت بجسدها نحوه. وسرعان ما كانت ذرعاه تُفترش أمامها لتلتقفها وهي تشهق مفزوعة، وعندما رفعت عيناها نحوه وهي تتنفس بسرعة: - آ. أسفه.

ف غرق بالضحك وهو يمسك بها جيدًا وراحت هي الأخرى تضحك من قلبها. انتصبت في وقفتها وهي تضبط أنفاسها المضطربة، وانتبهت ل أناقتهِ التي بدأت تعتاد عليها، ولكنها هذه المرة تختلف. هذه المرة مؤثرة أكثر، شملته ب إعجاب لم تخفيه وقالت بتلقائيتها المعهودة: - أنا كنت فاكرة الألوان الفاتحة بس هي اللي حلوة، طلع الأسود أحلى بكتير.

نظر لنفسه وهو يمنع ضحكة تريد الطفو على وجهه، ثم قال عابثًا معها قليلًا: - كنت فاكرك بتحبي الأبيض بس، طلع ليكي في الغوامق
ف أوضحت وجهة نظرها المتواضعة قائلة: - الأبيض بيكون حلو أوي، تحس إنك بتنور وانت لابسه. إنما الأسود مبينك فخم كده، عميق يعني
ف فرك طرف ذقنهِ قليلًا وعقب وهو يتأمل جمال الفستان عليها: - المفروض أنا اللي اعاكسك ياملك، أديني فرصتي.

ف ارتبكت على الفور وهي تُتهم بمغازلتهِ الآن بينما هي تتفوه بكل ما يأتي في ذهنها بتلقائية گطفلة لا تعي من سواد الدنيا شيئًا رغم إنها لاقت الكثير وعاشت الأكثر.
تحرجت وهي تجفل بصرها عنه و: - مقصدتش كده والله
ثم رمقته بطرف عينها وهي تقول: - مش هقولك حاجه تاني بعد كده.

فكانت يداه الأسرع إليها وهو يلتهم كفها بيده ويضغط عليه قائلًا: - إياكي تفكري في كده، أنا بس عايز فرصة أقولك الفستان قد إيه بانت قيمته وانتي لبساه، من غيرك كان ولا حاجه.

ف ذمّت على شفتيها بخجل بينما كان يسحبها هو برفق نحو المقعد الأمامي وما زال قيد النظر المتفحص فيها، فتح لها السيارة ثم رفع الفستان معها بحركة لطيفة منه أعجبتها. أجلسها، وحرص على ربط حزام الأمان بنفسه لها كي ينعم ببضع لحظات يكون فيها قريبًا من أنفاسها، نظر بطرف عينه ف إذ ب عيناها تُناديه ل يُطيل النظر، أطال. واستيقظ من غفوة مدتها عشر ثوانِ ليبتعد عنها، أغلق الباب عليها وراح يلتفت حول السيارة شاعرًا بحرارة جسده التي ارتفعت فجأة وهي يتحدث لنفسه: - إيه اللي بيحصل ده!

واستقر في مكانه محافظًا على ثباته كي يستطيع القيادة، وإلا قد يقضي الليل بالمشفى معها.
كان يزيد أول الوصول. حرص على الحضور مبكرًا بطاقم رسمي أسود اللون ولكن كسر غموضهِ بقميص أبيض ناصع أضاء وجهه الباهت قليلًا، ورغم ذلك كان وسيمًا گعادتهِ، هذب ذقنهِ وجوانب شعره وحرص على استخدام مستحضرات العناية بالبشرة خاصته كي تستعيد بشرته رونقها ونقائها.

وقف بالداخل بعد الترحيب بالوفد كله، وتابع حال موظفيه الذي انبهروا بالمكان. حيث كانت قاعة كاملة محجوزة بأسم الشركة لصالح حفلهم بأرقى وأحدث الفنادق في مصر.

ومن بينهم كانت نغم، تلك الجميلة التي كانت تتألق في طاقم أسود به بعض اللمسات اللامعة يناسب تلك المناسبة، رفعت شعرها للأعلى بدون أن تترك له ذيولًا. حيث تبيّن عنقها الجميل الذي تزينت نهايته ب عظمتي ترقوه مثيرة للنظر إلى حد ما. عيناها تعلقت ب يزيد منذ حضورها، انشغل عقلها به وكأنها تحس به، هو يتألم ولا يُظهر. به شروخ بازغة، ولكنه صلبًا قويًا. بنى مقبرة في قلبه دفن فيها ضحكته ومرحه وترك شبحًا يتعامل مع الآخرين. تشفق عليه حقًا، ولكنه لم ينتبه لوجودها بعد، وهي من تعمدت أن لا تُظهر نفسها كثيرًا، فهي أتت إلى هنا مجبرة على ذلك.

حضرت رغدة، فتشتت أكثر، كانت گنجمة لامعة في سماء امتلأت بالنجوم. ولكنه لايرى سوى تلك النجمة الكبيرة التي تمثلها هي.
أخيرًا سيتحدث إليها، فقد سئم الإتصال بهاتفها الذي كان مغلقًا طوال اليوم. وقف أمامها بهيئته، ف تخبطت رغدة أكثر وأكثر وهي تنظر إليه بنظرات كانت تنطر بها قديمًا: - شيك أوي، گالعادة
ف تجاهل ما قالت وسأل: - تليفونك مقفول طول اليوم، كنتي فين؟

ف نظرت حولها وهي تقول: - سؤال مش من حقك، لكن هجاوبك
وتجلّى القهر في عيناها وهي تقول: - كنت عند المحامي عشان أطلق من جوزي اللي خدعني وسرقني من نفسي. جوزي اللي انت بعتله بلطجية يضربوه
شتتت ذهنه الذي قد أقسم من قبل أن لا ينخدع بها مجددًا، وراح يسأل ب اهتمام: - هتطلقي؟
ف أومأت و: - آها
فضحك ساخرًا و: - خسارة، كان نفسي تستني لما تشوفي وشه الحقيقي كله قدامك
- شمتان فيا؟

فقال بغلّ يزغ في صوته بالرغم من قلبه الذي يكاد ينطق بأسمها: - جدًا، دلوقتي بقينا متعادلين تقريبًا. من هنا ورايح أنا اللي هتفرج على عذابك
وبقوة غير متوقعة كان يغرز أصابعه في رسغها ويقول: - قولتلك قبل كده طالما مش هتبقي ليا مش هسيبك تكوني لغيري. أديني نفذت كلمتي
وترك ذراعها، لم ترى في عيناه ذاك الحُب، بل رأت ظلامًا، هاله قاتمة تُحيط بحدقتيهِ الكارهتين لها رغم ما يكنّه.

وقبل أن تبدأ مرافعتها عن نفسها كانت نغم تتصدر المشهد بحضورها المفاجئ. ظهرت فجأة وأمسكت بيد يزيد ليلتفت لها وهي تقول: - بقالي شوية بدور عليك يايزيد
ف ابتسم قليلًا لها و: - أنا هنا أهو
ف ازدردت رغدة ريقها وهي تُلملم شتاتها وتستأذن: - عن أذنكم
وابتعدت على الفور، بل إنها غادرت الحفل كله شاعرة بغصة تؤلم روحها.
في حين كان هو مذهولًا قليلًا من موقف نغم، وقبل أن يسألها كانت تقول مبررة: - حبيت أساعدك.

لم يترك يدها رغم كونهم بمفردهم الآن وسط جموع من الناس كل مجموعة تقف مع بعضها البعض، وقال ممتنًا: - شكرًا
ولم تتخلى عن ترك نصيحة صغيرة قد يحتاج إليها: - مش كل اللي بنحبهم يستاهلونا يايزيد، واللي بيختار البعد مينفعش نقعد نعيط وراه ونستناه
ف نظر نحوها وهي قصيرة القامة هكذا مقارنة بطوله الفارع، كاد يسأل من أين علمت بشئ يخصه، فكانت المبادرة منها لتجيب بدون أن يسأل: - أنا عارفه إنها كانت مراتك.

فضحك مستخفًا وهو يقول: - بتقولي إنك شغلتي استخباراتك يعني بعد ما رفضت أقولك حاجه، صح؟
ف تلوت شفتيها قليلًا وهي تبعد ناظريها عن عيناه التي تتفرس بها و: - مش بالظبط، تقدر تقول إني اهتميت شوية
نظر يزيد حوله فوقع بصره على شقيقه الذي يقف في مكان ما هناك وبجواره ملك ملتصقة به أثناء تحادثه مع أحد المتواجدين على رأس الوفد. ف مط شفتيه وترك يدها وهو يقول: - تعالي نشوف جوز اليمام اللي هناك ده.

واستبقها بينما سارت هي من خلفه ببطء قليلًا متأثرة بالحذاء المرتفع الذي ترتديه.

كانت ملك تنظر حولها متحرجة قليلًا كونها تقف في مكان گهذا لم تتواجد فيه من قبل. وما زاد من الأمر أن يونس يقف على طرف فستانها بدون أن يشعر وهذا يجعلها ملتصقة به قليلًا متحرجة من قول ذلك له. ولكنها لم تعد متحملة نظرات البعض وهي بجواره وقريبة إليه لهذه الدرجة. في حين كان هو في أوج استمتاعه بقربها على غير دراية إنها مجبرة على ذلك.

حمحمت ملك وتخلّت عن صمتها أخيرًا بعد أن انصرف ذلك الأجنبي من جوارهم وبقيا بمفردهم وقالت: - يونس، آ، الفستان
ف نظر يونس للأسفل ورفع ساقه عن الثوب وهو يعتذر: - آسف، مخدتش بالي
حضر يزيد وهو يوزع نظراته الساخطة عليهم وقال متبرمًا: - لسه بدري ياصاحب الحفلة
ف ربت يونس على كتفه وهو يُشيد بوسامته: - إيه يابطل الشياكة دي؟
ف عض يزيد على شفته السفلى وهو يشعر نفسه گالأبن: - يونس أنا مش أبنك عشان تقولي يابطل!

ثم نظر له و: - أنت اللي في قمتك النهاردة
ثم نظر ب اتجاه ملك وأردف ببعض الرسمية: - أهلًا يابنت عمي
ف ابتسمت له بعفوية و: - أهلًا يايزيد، الحفلة حلوة أوي على فكرة
ف أحنى رأسه قليلًا و: - تسلمي
ف رمقتهم نغم بغرابة من تعاملهم الرسمي الزائد وعلقت على ذلك: - هو انتوا لسه متعرفوش بعض ولا إيه!، إيه الأسلوب ده؟
فأجابت ملك ببعض الضيق: - والله يزيد هو اللي عودني على كده، محسسني دايمًا إننا ملناش علاقة ببعض.

ف أحاد يزيد بصره صوب نغم و: - استغفر الله العظيم، أهدي يانغم. أهدي
لم يهتم يونس بكل ذلك، وكان ذهنه يتجه لمكان آخر. رغبة جامحة لم يرد كبحها، ف عرض على ملك فورًا: - أرقصي معايا
ف حدقت فيه قليلًا و: - هه! نرقص؟!
ف قطع عليها يونس طريق الإعتذار أو الرفض وسرعان ما أمسك بكفها قائلًا: - متقوليش مش بعرف، ده مش محتاج تعليم
داعب يزيد ذقنهِ قليلًا وهو يوزع نظراته عليهم معقبًا: - فيا شئ لله، كنت حاسس إن ده هيحصل.

سحبها يونس برفق نحو ساحة المنتصف حيث كان يرقص الأغلبية وهي تسير معه مستحية كأن الجميع ينظر إليها. وقف أمامها هنيهه، ثم بسط يده ووضعها على خصرها وهو يقول: - طبعًا مش محتاج أقولك أهدي وخليكي واثقة في نفسك
وضعت يدها على كتفهِ والأخرى تشابكت بكفهِ، وتركت انسيابيتها تتحرك بلين مع حركته.

كانت نغم تتطلع إليهم بنظرات سعيدة كأنها هي التي ترقص، حتى إنها تخيلت يزيد أمامها يتراقص معها بهدوء ويرمي على مسامعها أحب الكلام. تنهدت وهي تنظر له، كأنه في عالم آخر، ولكنها لم تتردد في قول ذلك: - ما نرقص إحنا كمان؟
ف وجه نظراته نحوها و: - أفندم؟

فلم تكررها ونظرت بعيدًا، حتى إنها ابتعدت قليلًا عنه متضايقة من فرض نفسها عليه أكثر. راقبها ولم يحرك عيناه الساكنة عنها، وعندما قرر أن يذهب نحوها كان أحد العاملين في الشركة يقترب منها ويعرض عليها: - ممكن نرقص مع بعض؟
فلم تفكر حتى بالأمر وعلى الفور وافقت كي تلهي عقلها اللعين عنه قليلًا: - ممكن
واصطحبها نحو ساحة الرقص على مرأى ومسمع من يزيد الذي حنق قليلًا و: - إن شاء الله تتكفوا على وشكوا.

ونظر نحو منظم الحفل وقد فكر في شئ ما. وسرعان ما كان يخطو نحوه كي ينفذ فكرته فورًا.
بم يترك يونس عينه تنحدر عنها بحظة واحدة، وبدون أي حديث كان يُطلعها على ما يخبو في قلبه تجاهها. هي تعلم مدى حبه بعد اعترافه الأخير لها، ولكنه هو الذي يحتاج الآن لأن تعترف به وب تربّعهِ في قلبها.
أسبلت جفونها لحظات وعادت ترفع بصرها نحوه من جديد، فكان يفاجئها بقوله: - عايز أعمل حاجه
فسألت بدون تخمين: - إيه؟

دنى، ثم دنى. ثم دنى أكثر، حتى التقت شفاهه ب وجنتها وقبّلها قُبلة استغرقت ثانيتين. ثانيتين كفيلتين بفصلها عن العالم كله، ف غاص كلاهما في بحر من فيض مشاعرهم التي تأججت في وقت واحد وهنّ يتبادلنّ النظرات الوالهه گأول اعتراف ب الحُب.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة