قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية دمية مطرزة بالحب الجزء الاول للكاتبة ياسمين عادل الفصل الثالث والأربعون

رواية دمية مطرزة بالحب الجزء الاول للكاتبة ياسمين عادل الفصل الثالث والأربعون

رواية دمية مطرزة بالحب الجزء الاول للكاتبة ياسمين عادل الفصل الثالث والأربعون

والبَادئ بالظُلم مُستحقهُ.
أوقف يزيد منظم الحفل في اللحظة الأخيرة قبيل أن يغير الموسيقى الهادئة التي تناسب رقصة الجميع عليها بعدما لاحظ تلك اللحظات الفريدة التي يعيشها شقيقه. ف
ذمّ على شفتيه بضيق وهو يشير له ليتوقف: - أستنى
ثم غمغم متحدثًا لنفسه: - يونس هيعمل مني كُفتة لو قطعت عليه اللحظة.

ثم نظر صوب نغم التي بدأت بالفعل مع ذاك الزميل الذي دعاها للرقص، ولكن التوتر وعدم الراحة باديان عليها. دعست على قدمهِ، ف ابتسمت ويبدو إنها اعتذرت منه وتابعت الرقص، ضحك يزيد ثم نظر حوله كأنه يتأكد إنه غير مراقب من أحدهم. ثم همس: - أحسن، ياكش تهرس رجلك صباع صباع تحت كعبها الطويل ده.

وللمرة الثانية دعست عليها مجددًا، ف ابتعد هو على الفور وهو يعبس بوجهه متألمًا. فلم يمنع يزيد نفسه من الإنفجار ضاحكًا من فرط الشغف لمشاهدتهم أكثر، ولكن على ما يبدو إنها اعتذرت عن الرقصة نهائيًا.
ف أحاد يزيد ببصره عنها ونظر في اتجاه آخر وهو يتمتم: - وقال إيه كانت عايزاني أنا أرقص معاها، عشان كنت أطبق وشها ده في بعضه لو داست بس على طرف الجزمة.

وانحنت عيناه لينظر إلى حذائه الأسود اللامع، ثم عاد يضحك مرة أخرى كلما تذكر كيف كانت دعستها ثقيلة.

ذهبت مجهوداتها كلها سدى وهي تكافح من أجل إبقاءه هنا كي لا يذهب إليهم ويُفسد حفلهم. عانت رغدة معاناة شديدة، منذ أن واجهتهُ بفداحة فعلته وقد جنّ جنونهِ وزاد مقتهِ وبغضهِ ل يزيد بعد علمه بأمر ذلك التسجيل الذي بين يدها. والأشد من ذلك إنها صرحت بشكل جاد تراجعها عن تحويل الأسهم له، وكان هذا فتيل القنبلة التي سحبت مقبسها لتنفجر في أحضانها.

لم يكترث بأوامر الطبيب الذي ألزمه بضرورة الراحة وعدم بذل مجهود وفي وقت وجيز كان مرتدي ملابسه بمفرده وقرر الذهاب الآن. لم تقوَ على منعهِ، وكيف تمنعه وقد وصل هياجه العصبي ل جذوتهِ ولم يرى أمامه سوى إنها خدعتهُ.
سار نحو الباب بخطى متعرجة، ف لحقت به ووقفت أمامه لتمنع هذا الجنون الذي سيرتكب: - مش هسيبك تخرج، خلاص اللي بتعمله مبقاش في منه فايدة.

ف صرخ في وجهها بدون أي تردد في ذلك: - خدتي اللي انتي عايزاه وخلتيني اتنازل ودلوقتي بتخدعيني! مش هيحصل يارغدة، مش هسمحلك ترمي مجهودي على الأرض
ف ضربت كتفه وهي تصيح فيه غير مصدقة ذلك الرجل الذي تقف أمامه الآن: - مجهود إيه! كذبت عليا وفرقت بيني وبين الراجل اللي بحبه. خدعتني فيك واتنازلت عن صاحب عمرك بعد الفخ اللي عملته، أنت عايز إيه تاني؟

ف انفرجت شفتاه بخبث وهو يعلن عن نيتهِ صراحة بعدما قنط كل هذا الصبر الذي لم يؤتي ثماره: - عايز اللي وعدتيني بيه، الأسهم اللي هدخل بيها مجموعة الجبالي، فين يازوجتي العزيزة؟
ف زجرته بنظرة محتقرة حامية وهي تقول بحزم: - مش هتطول حاجه منها
ف لم يرد حتى عليها وتجاوزها كي يمر، ف لحقت به من جديد كي تمنعه: - قولتلك مش هتروح يعني مش هتروح
ف دفعها دفعة عنيفة جعلها ترتد للخلف و: - وسعي من سكتي.

وخرج. لم تتوقف، دخلت لتجلب حقيبتها وهاتفها وراحت تلحق به لكي تمنع المصيبة قبل أن تقع، كفى يزيد ما طاله منها. من الآن س تحميه فقط.
لآخر فرد خرج من قاعة الحفلات كان يونس برفقة يزيد لتوديع الوفد الألماني كاملًا، كما تم الإتفاق على الموعد الذي سيزور فيه الوفد مقر الشركة الرئيسي گزيارة عادية.
وقف يونس أمام القاعة متباهيًا بما أنجزه وبجواره شقيقهِ. تنفس ب ارتياح و: - أعتقد كده أنا عملت اللي طلبته مني.

ثم نظر حياله وهو يذكره: - طلبت أقف جمبك وناخد الصفقة، خدناها. الوفد كله بقى في جيبك
ف عانقهُ يزيد ممتنًا منه و: - ربنا ما يحرمنا من بعض أبدًا
ثم ابتعد متابعًا: - ده ميمنعش إنك رئيس مجلس الإدارة ولازم تتابع الشغل بنفسك
ف تجهم وجه يونس قليلًا و: - شوية وشوية، زي ماانت عارف أنا من زمان مش ميال أوي آجي للشركة. بحب اشتغل من بعيد.

التفت يونس ليرى ملك، فوجدها ما زالت تقف مع رفيقتها نغم تتحادثان بشكل طويل، ابتسم بتلقائية. ف تلوت شفتي يزيد وهو يقول: - روح لها بدل ما تتفرج من بعيد
- عندك حق
وقبل أن يتحرك استوقفه يزيد و: - رايح فين أنا بتريق!
ف ربت يونس على كتفه و: - ملك لازم تروح، نبقى نتكلم بعدين. بالمناسبة ياريت توصل نغم عشان مش في طريقي.

وعلى الفور كان يستبقه نحوهن وكأنه يورطه، ووقف يزيد بمحله بفم مفتوح قليلًا، وما أن نظرت نغم حياله تفهم أن يونس قد أبلغها. ف أشاح برأسه وهو يهمس: - مش ممكن اللي بيحصلي يكون طبيعي
فتح يزيد سيارته بجهاز التحكم وسار نحو مقعد السائق، تلوت شفتي نغم بعدما خاب ظنها، ظنت إنه قد يقوم بحركة لطيفة ويفتح لها الباب أولًا ولكنه لم يفعل. ف فتحت الباب بنفسها وجلست: - سوري لو هزعجك.

ف لم يتوقف عن فظاظته التي قصد بها مزاحها وهو يجيب: - إيه الجديد، أنتي على طول عملالي إزعاج
ف اكفهر وجهها متلونًا ب حمرة ممتعضة، وراحت تفتح الباب كي تترجل من السيارة ولكنها وجدتها مغلقة. ف نظر نحوها بنظرات متجهمة و: - بتعملي إيه ياشاطرة؟
ف انفعلت عليه قائلة: - إيه ياشاطرة دي! أنا ليا أسم تناديني بيه. وبعدين نزلني أنا هاخد تاكسي.

ف تظاهر بالفتور بعدما فتح الإضاءة الداخلية للسيارة كي يراها بوضوح أكثر وأردف: - والله؟
- آه
ف نفخ وهو ينظر أمامه ويبدأ ب قيادة السيارة: - أمسكي كويس، أوعي تكوني بتخافي؟
ف لوحت بيدها أمام وجهه كأنها تلفت انتباهه و: - هاي، بقولك نزلني.

وسرعان ما طارت سيارته على الأسفلت طيرًا. حينها كان معتصم قد وصل توًا ولمحه وهو ينصرف، ف عاد يجلس في سيارته من جديد واقتادها خلفه متعقبًا أثره السريع وهو على دراية تامة بأن رغدة أيضًا تتبعهم.

كان يزيد يقود بسرعة كبيرة محاولًا إثارة نزعة الخوف بداخلها، ولكنه تفاجئ ببلادتها وكأن الأمر عاديًا. بالرغم من إنه سريع ومتهور، يتجاوز السيارات من أمامه قاصدًا إخافتها. ولكنها لم تهتز، لم تحرك ساكنًا. وعندما سئمت تلك اللعبة سألت: - خلصت لعب؟
- لسه شوية
ف نظرت لساعة هاتفها و: - الساعة بقت 12 ونص بعد نص الليل، ياريت تروحني.

لم يكن يزيد ملاحظًا لمراقبة معتصم له وتعقبه. ولكنه انتبه عندما أثار معتصم رؤيته وهو يقلب له الإضاءة العالية للكشافات الأمامية. دقق بصره في المرآة الجانبية على الجانبين، ف انتبهت له نغم و: - في إيه؟
ولكنه لم يجيب، انجرف بسيارته نحو اليسار وسار مسرعًا. غير مسار طريقه والتف حول الميدان كي يعود، ف نظرت نغم خلفها وكأنها تفهمت وجود شئ ما غير طبيعي: - مين اللي ورانا؟ يزيد قول حاجه؟

- أهدي، اللعبة اللي بجد لسه هتبدأ
ف بدأت نغم تحس بالذعر الحقيقي بعد كل تجاهلها لما كان يقوم به. الآن يحدث شئ غير طبيعي بالفعل، توتره وحركاته المتشنجة وتعابير وجهه الغامضة التي تحولت في لمح البصر. سار يزيد في طريق مظلم مخيف وهادئ أكثر من اللازم وهو يسحب معتصم للمكان الذي يجب أن يتحدثا فيه بعد ما حدث.

فجأة وبدون سابق إنذار كان يقف في هذا المكان المفتوح الساكن والذي كان يقترب من المدافن، حيث مكان بعيد عن عيون الأحياء. شهقت نغم متفاجئة من وقوفه هنا وقالت مذعورة: - يزيد في إيه؟
فتح يزيد باب السيارة وهو يصيح فيها: - متنزليش من هنا، فاهمه
وأغلق الأبواب عليها وهو يهمس: - مكنش لازم آخدك معايا من الأول!

وسار نحو سيارة معتصم الذي ترجل للتو ومضى هو الآخر متعرجًا نحوه. وقف يزيد بنقطة ما في المنتصف وانتظر اقترابه، حتى صاح معتصم وهو يقف بالقرب منه: - مكتفتش باللي عملته وبردت بيه قلبك صح؟ عشان كده روحت سمعتها التسجيل
وضغط على عروقه الرجولية أكثر وهو يقول مستفزًا إياه: - مش قادر تعيش وانت عارف إنها فضلتني عليك وبقت مراتي أنا وعايشة معايا في حضني أنا.

بالفعل لم يتحمل يزيد، وإذ بقبضتهِ تضرب وجه معتصم الذي لم يتحمل تلك الضربة وسقط. فهو بالطبع ما زال منهكًا متعبًا عليه آثار ما فعله رجال يزيد.
جاهدت نغم وهي تحاول ب شتّى الطرق أن تفتح باب السيارة التي احتُبست فيها. كانت ترتجف من فرط الخوف وهي ترى مُشادة كلامية واضحة بينهم إلى أن ضرب يزيد معتصم ووقع. ف ذُعرت أكثر، لابد أن معتصم سيرد على هذه الضربة الآن، لذا عليها الخروج من هنا فورًا.

وبالفعل نجحت في فتح باب السيارة عبر أحد الأزرار وترجلت راكضة حينما وصلت رغدة بسيارتها هي الأخرى لتلك البقعة الغريبة المُضاءة بأنوار السيارات فقط.
نهض معتصم وقد فاض به الكيل، ولم يجد سوى سلاحهِ الذي أخرجه من خلف ظهره وأشهره في وجه يزيد بعدما سحب الأمان خاصته، ف صرخت نغم صرخة مدوية وهي تركض ركضًا مستنزفًا أنفاسها لتقف أمامه فجأة كأنها تتفاداه. حينما أبعدها يزيد ودفعها لتكون خلفه: - أبعدي يانغم.

وكان هو الآخر يُشهر سلاحهِ الذي لا يفارقه أبدًا منذ أن سلط رجاله على معتصم منتظرًا أي رد غادر منه. وبقى اثنتاهم واقفين مُشهرين السلاح في وجه بعضهم البعض لا يقبل أيّهم وجود الآخر في حياتهِ أو وجوده على أي بقعة من بقاع الأرض..

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة