قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية دمية على مسرح الحياة للكاتبة نورا عبدالعزيز الفصل السادس والعشرون

رواية دمية على مسرح الحياة للكاتبة نورا عبدالعزيز الفصل السادس والعشرون

رواية دمية على مسرح الحياة للكاتبة نورا عبدالعزيز الفصل السادس والعشرون

دلف غيث الغرفة بغرور واضعًا يديه في جيبه وخلفه رجلين، حدقت به بكبرياء وهي جالسة على المقعد وعاقدة ذراعيها أمام صدرها وخلفها يقف ثلاث رجال. أردف بأغتياظ: -
- أزيك يا فريدة هانم؟ أن شاءلله تكونى عقلتى وفكرتى في الجنان بتاعتك
وضعت قدم على الأرض بثقة وغرور وهي تنظر حولها على رجاله المكان الملوث الذي أخضرها إليه ثم تحدثت بلهجة مُستفزة قائلة: -.

- أنا مفيش حد لا في غباءك ولا إنحطاطك وأسلوبك الهمجي دى، أنت فاكر لما تجبنى هنا وتبعت رجالتك وتقتل السواق وأسلحة وضرب نار هخاف مثلاً، عقلك المتخلف دا صورلك أن ممكن أتهز وأخاف تبقى متخلف...

رفع يده بأنفعال كى يصفعها، منعته بيديها وهي تمسك يديه رافعة حاجبها له بأشمئزاز وقال بتحدى: -
- مش بقولك مُتخلف وغبى...
رن هاتفه فتبسمت له بكبرياء وهي تشير له بعيناها مُتحدثة له بنبرة شجن: -
- رد. رد يا غيث باشا
نظر لثقتها بشكوك ثم أخرج هاتفه ورأى أسم مروان نظر لها بتردد وإجاب عليه ثم قال: -
- ألو...
وقف مروان من مقعده في المكتب وقال بثقة وهو يتجه نحو الشرفة: -.

- غيث باشا! واحشتنى وصوتك وحشنى جدًا قولت أسمعه
- معتقدش أن مروان باشا سايب أعماله ومشاريعه المتعطلة بسبب الحبس ومتصل يسمع صوتى.

قهقه مروان ضاحكًا وقال بتهديد: -
- كويس أنك عارف، قدام الفيلا بتاعك في عربية واقفة في أنتظار مدام فريدة، اللى حضرتك عامل راجل عليها وخاطفها، ومحتاج قولك لو فريدة هانم أتاخرت حضرتك بعدها هتكون فين...

نظر غيث لها مُشتاطًا غضبًا يكبثه في داخل صدره، ضحكت مُبتسمة له وهي يبعثر سترته بأناملها وقالت بتحذير: -
- ربنا يكيفك شر عائلة أبو الغيط لما تتحد، عن أذنك
سارت للأمام قليلة وهتفت قائلة: -
- ممكن تخلى حد يفتحلى الباب
أشار لأحد رجاله بأن يُلبى طلبها بينما هو مُستديرًا للخلف ويغلق قبضته على الهاتف بضيق...

خرجت من الفُيلا ووجدت الحارس الخاص بها يقف بأنتظارها أمام السيارة وفور خروجها فتح لها الباب الخلفى للسيارة كى تصعد ثم صعد هو الآخر إلى مقعد السائق وأنطلق بها...

?? في قصر إبراهيم أبو الغيط ??.

كان واقفًا في غرفة المكتب مُنتظر وصولها فولجت عليه مريم وهي تحمل فنجان القهوة بيدها ووضعت على المكتب وعيناها تنظر عليه مُستغربة بقاءه ساكنًا بعد دخوله ولا يستدير لها، أتجهت نحوه بهدوء وعانقته من الخلف لتقطع شروده وقالت: -
- سرحان في أيه يا حبيبى؟!

وضع يده فوق يديها الموضوعة على بطنه تحيط بخصره وأربت عليها بحنان مُبتسمًا لمحبوبته والسلام الذي سكن حياتهما ويتمنى دومه بعيدًا عن الكوارث والأفكار الشيطانية من الآخرين...

- مفيش يا حبيبتى، إياس أخد العلاج؟
سألها كى يطمئن على طفله المريض بالقلب هذا المرض المزمن الذي سيلازمه طيلة حياته، أجابته وهي تشد بذراعيها عليه بحب: -
- مممم، صحيح أنت قررت أزاى أن فرح مليكة يوم الجمعة
أستدار لها بعفوية وقال مازحًا معها: -
- أهو قبل ما تتنفخى ويطلعلك بطيخك ومتعرفيش تلبسي فساتين
ضربته بيديها على صدره برفق وقالت: -
- والله.

- لا حقيقي بحاول أتخيل شكلك وأنتِ شبه البطيخ، أنتِ عارفة أنى مشوفتكيش في إياس، تفتكرى ممكن أغير رأي لو شوفتك كورة وأتجوز عليكى.

- نعم يا سي مروان عاوز تتجوز عليا، طب أتجوزنى أنا الأول وأعملى الفرح اللى معملتهوش ياخويا
قالتها بأنفعال من حديثه رغم أنه مجرد مزاح لكنه عكر صفو مزاجها لمجرد أن امرأة أخرى ستشاركها به، جذبها لحضنه بدلال وقال: -
- براحة يا مريم، أنا بحبك أنتِ وأنتِ عارفة كدة ومقدرش أشوف حد غيرك ولا أكون مع حد غيرك، أطمنى.

لفت ذراعيها حول خصره بحب ورسمت بسمة على شفتيها مُبهجة وهمهمت بعفوية قائلة: -
- عارفة يا حبيبى...
ولجت ني?ين إلى المكتب دون أن تطرق الباب ووجدتهما كما هما، أبتعد عنها بإحراج وهو يسألها بتوتر: -
- أيوة يا ني?ين، في حاجة؟
أجابته بأنفعال حاد ووجهها يزداد أحمرار من غضبها: -
- شوفلك حل مع زين، هو هيفضل يتحكم فيا كدة كتير حتى الإنسان اللى هتجوزه عاوز هو اللى يختاره.

كانت تلقى كلماتها عليه بنبرة خشنة وقوية وكأنها تلقى عليه قنايل مُفخخة على وشك الأنفجار وتدمير كل شيء، نظر إليها بهدوء وهو يتجه نحوها وقال: -
- تعالى أقعدى بس وفهمينى في أيه؟ وأنا هحل المشكلة
أخذها من يدها وجعلها تجلس على الأريكة وجلس هو بجوارها على المقعد و مريم جالسة على مسند المقعد ووضع ذراعها على كتفه مُستمعة إلى الحديث، سألها بهدوء: -
- حصل أيه؟

- مش موافق يقابل معتز ورافض موضوع جوازنا من غير نقاش
- معتز مين؟
أربت مريم على كتفه بدلال ثم قالت مُبتسمة: -
- دا وكيل النيابة اللى كان بيحقق في القضية بتاعت سارة، وفي قصة حب بينه وبين ني?ين.

- مممم، وبعدين؟
- زين مش عاوز يقابله بيقول أنه مينفعش، أتصرف يا مروان بقى؟
ولج زين إلى المكتب مُتذمرًا وهو يقول: -
- طبعًا جيتى تشتكيله زى العيل الصغيرة
- أهدا بس يا زين باشا أنت مزعلها ليه
- يا عم دا وكيل نيابة وشغله مع المجرمين ومرتبه على قده، هيكفى طلباتها أزاى
وقفت بغيظ منه وهي تقول: -
- وأنت مالك يا زين أنا موافقة، مروان لو مرضيش متجوزهوش مليكة لو سمحت...

- خلاص بقى، أقولكم كملوا خناق مع نفسك وأنا سيبلكم المكتب وماشى
قالها وهو يقف ويأخذ مريم في يده مُتجهًا للخارج، ضحكت مريم عليه بسعادة وهي تخرج معه...

?? في غرفة مروة ??.

- بقى ست مريم تطردنى أنا من الشركة، وكمان قاعدة مبسوطة متهنية بفلوس جوزى هي وأمها.

- أنتِ هتفضلى تفكرى كدة لحد أمتى، هتتعبى يا ماما؟!
تذمرت مروة على حديثها وهي تتجه نحو الفراش وقالت: -
- محدش هيأخد فلوسى، دا ورثى وحقى تطردنى منه وقدام عاصم مجرد مؤظف عندنا تهينى وتتحدنى قدامه وأسكت عن كل دا...

سارت ريما نحوها وقالت بملل: -
- مش هتسكتى طب هتعملى ايه؟
- هحرق قلبه زى ما حرق قلبى
قالتها وهي تتجه للخارج فاسرعت ريما خلفها وقالت: -
- مالكيش دعوة متتدخليش يا ريما، أنت عاملالى فيها اللى خايفة على اخوها ومصلحته.

خرجت ريما من الغرفة خلفها بضيق وقالت: -
- يا ماما أستنى بس...
لم تستمع لها وهي تركض خلفها...

لم تعود إلى القصر وأتجهت إلى الشركة بثورة نارية غاضبة من فعلته معها وتكبث النار بداخلها، تواعدت له بالإنتقام من أختطافها وتجرأه على ذلك، أعطت الظرف مغلق إلى الحارس وهي تشير له بأن يذهب إلى النيابة ويقدم بلاغاً عنه بدليل ملموس بهذه المستندات، وقفت تنظر إلى الشرفة وهي تتذكر إتفاقها مع مروان...

فلاش باك.

دق باب غرفتها بهدوء لتأذن بالدخول، دلف لها بثقة وقال: -
- ممكن أدخل
- أتفضل، مريم نايمة جوا
قالتها وهي تتجه إلى الداخل فقال: -
- ممكن أتكلم معاكى شوية
- مش عاوزة أتكلم في حاجة
نظر لها بتردد وقال: -
- أنا هخلى غيث يطلقك وننسي اللى فات عشان إحنا بينا دمنا مش مياه وعمر علاقتنا ما هتتقطع ولو فكرنا نقطع مش هينفع لأن مريم بينا وفي إياس وطفل تانى في الطريق، ممكن تفكرى في كل دا.

- وغيث أيه علاقته بالموضوع
سألته بضجر ونبرة غليظة ليرد عليها هاتفًا: -
- هيريحك من همه ونبدأ حياة من غير حقد او إنتقام، حياة مفيهاش غير سلام وأمان
- هفكر
قالتها بتردد ثم جلست على المقعد الهزاز، أتجه إلى الداخل وحملها على ذراعيه بهدوء، نظرت عليه وهو يرحل بها وأبنتها هادئة بين ذراعيه سالمة فأستوقفته قائلة: -
- أنا موافقة
أستدار لها بدهشة من سرعتها في الأجابة، حاملًا طفلتها على ذراعيه بحنان وقال: -.

- قولتى أيه؟
وقفت من مكانها وهي تعطيه ظهرها وقالت بجدية: -
- غيث ممشي ورايا عربية بيراقبنى، ولازم أخلص منه في أسرع وقت
- متقلقيش أنتِ في الأول والآخر فريدة هانم ميقدرش يقرب منك
قالها مُبتسمًا وأتجه للخارج ب مريم...

زفرت بضيق مُبتسمًا إبتسامة شيطانية بعد أن أخذته للهلاك والجحيم بيدها بسبب غلطته معه حين تحداها وهو لا يعلم من تكن، فهى كالطير الجريح واخذت من الجرح ما يكفى حتى تأخذ حذرها قبل أن تخضع لأى شخص وقبل أن تغوض بأى علاقة تدرسها جيدًا وتعلم كل شيء عن الطرف الآخر فكان على الجميع أن يحذر من الطيب حين يجرح...
قطعها رنين الهاتف فأجابت ليخبرها أحد رجالها بخبر القبض على غيث...

أسرعت نحوه بهلع وعيناها مُتسعتين من الصدمة والخوف حتى وصلت أمامه وأرتطمت بحسده مُتشبثة به بكلا ذراعيها، صُدم وكأن الوقت توقف في تلك اللحظة عندما سمع صوت رصاصة من السلاح يُصيب ظهرها بعد أن وقفت بينه وبين تلك الرصاصة المُميتة لتنقذه بفقد حياتها، شعر بأنتفاض جسدها في هذه الوهلة ثم أرتخاء ذراعيها مُستسلمة لأصابتها وصرختها المُؤلمة ترد في أذنه، سقط جسدها أرضًا وهو معها بصدمة ألجمته وأوقفت عقله عن التفكير وهكذا قلبه الذي توقف عن النبض من الصدمة، نظر لملامح وجهها بين يديه الملوثة بدموعها المُنهمرة وتلتقط أنفاسها بصعوبة بالغة نظر على يده كي يرى دماءها المتدفقة لوثت يديه وملابسه، نادها بعدم تصديق لما يراه أمامه وهو يمسك ذقنها بيده لتتقابل عيناهما: -.

- مريم!..
أستيقظ من منامه وهو يصرخ بأسمها، فزعت من نومها وهي تنير الضوء وتقول: -
- مروان، مالك يا حبيبى؟!
نظر لها بصدمة من هذا المنام المُخيف وجذبها بقوة إلى صدره وطوقها بذراعيه مُلتقط أنفاسه بصعوبة ويلهث بخوف عليها، شعرت بأن جسدها على وشك أختراق صدره من قوته، أربتت على صدره بحنان وقالت: -
- أهدا يا حبيبى دا أكيد كابوس
أومأ لها بنعم وهو يقول: -
- كابوس كابوس مُميت.

حاولت أفلات نفسها من ذراعيه فجذبها بقوة وهو يقول: -
- خليكى كدة يا مريم، متبعديش عنى
تبسمت بلطف وهي تمسح على رأسه وقالت: -
- مش هبعد يا حبيبى خالص، مش هبعد
عاد لنومه ويجذب من ذراعها يخبأها بحضنه فتشبثت به بسعادة وقالت بدلالية: -
- احلم بكابوس كل يوم.

وضع قبلة على جبينها يطمئن قلبه بأنها بجواره ولم يُصيبها شيء أو مكروه، أحكمت قبضتيها حول خصره وراسها مُستندة على صدره تستمع لصوت دقاته وتشعر بدفء جسده فأبتسمت بسعادة تغمرها وتجعل قلبها يتراقص فرحًا ثم أغمضت عيناها تعود لنومها...

- يعنى أخوكى مش موافق
قالها معتز بضيق وهو يجلس معها في الكافى، أجابته بتمرد قائلة: -
- هيوافق، أنا هستن عليه بس لما يخلص فرحه بعد بكرة وبعدها هفتح الموضوع تانى معاه...

- متأكدة أنه هيوافق؟!
- يا معتز متقلقش بقى الله
وقف من مكانه بأنفعال وهو يضع الأموال على الطاولة: -
- قومى خلينى أوصلك وأروح أشوف شغلى
أخذها إلى سيارته وذهب بها للقصر، أوقف السيارة أمام القصر وقال بحدة: -
- أنزلى
- أنت زعلان منى ليه؟
قالتها وهي تحدق به، أجابها وهو ينظر للأمام بهدوء: -
- لا، أنزلى
- طب هتيجى الفرح؟
- هشوف لسه مقررتش.

أجابها بجدية ووجه عابس، أقتربت منه وهو تتشبث بذراعه ووضعت قبلة على وجنته بدلالية ثم قالت: -
- هستناك ومروان عاوز يتعرف عليك
تنهدت بضيق ثم رسمت بسمة على شفتيه ووضع قبلة على جبينها وقال بحنان: -
- حاضر، خلى بالك من نفسك
- وأنت كمان
قالتها بحب ثم نزلت من السيارة وهي تلوح له بيدها وأتجهت للداخل بعد أن أنطلق هو...

خرجت مروة من غرفتها وهي تنظر في الرواق بحذر ثم خرجت من غرفتها وأتجهت نحو الدرج، توقفت أمام الدرج وهي تنظر حولها بحذر ثم سكبت على أول درجة زجاجة من الصابون ودلفت إلى غرفتها ركضًا، وقفت تنظر من خلف الباب وهي ترى مريم تأتى ركضًا بخطوات هادئة بسبب حملها خلف طفلها الصغير، أبتسمت مروة بمكر وهي تنظر عليها وترى بها وجه فريدة...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة