قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية دمية على مسرح الحياة للكاتبة نورا عبدالعزيز الفصل السابع والعشرون

رواية دمية على مسرح الحياة للكاتبة نورا عبدالعزيز الفصل السابع والعشرون

رواية دمية على مسرح الحياة للكاتبة نورا عبدالعزيز الفصل السابع والعشرون

كانت تراقبها عن كُثب مُنتظرة وصولها إلى الدرج لكن الأقدار تعارض المُخططات إحيانًا، زفرت بضيق حين دلفت مريم إلى غرفة والدتها بصحبة صغيرها، خرجت مروة من غرفتها مُشتاطة غضبًا ناظرة على الغرفة ثم أستدارت كى تعود إلى غرفتها لتصدم بهلع حين رأت أبنتها تصعد الدرج، أسرعت نحوها وهي تناديها: -
- ريما أستنى...
أجابتها ريما وهي تصعد للدرجة الأخيرة ناظرة بهاتفها: -
- أيوة يا ماما...

توقفت عن الحديث وخرجت صرخة قوية منها حين دهست على الصابون بقدمها وسقطت على الدرج بأكمله حتى وصلت للأسفل وأرتطمت رأسها بحافة الدرجة الرخامية، ألتقطت نفسها الأخير مُستسلمة لألمها وأغمضت عيناها...

سمع الجميع صوت صرخات مروة المُرعبة، خرجت فريدة من الغرفة بصحبة طفلتها وصغيرها فأنتبهت للصابون، أخذت مريم بحذر للأسفل في حين أنها تحمل إياس على ذراعيها، صدم الجميع حين رأوا الدماء تسيل من رأسها وهي غائبة عن الوعى، أخذتها مروة بين ذراعيها وهي تصرخ بهلع: -
- ريما، بنتى. بنتى لا مش أنتِ، مينفعش يبقى أنتِ، رد عليا يا ريما. بنتى.

أرتعبت مريم بخوف وتشبثت بوالدتها وهي ترتجف، طوقتها فريدة بهدوء تطمئنها، أخذوها إلى المستشفي وأتصلت ب مروان في الشركة وأخبرته بما حدث، جاء لها ركضًا خوفًا على أخته الصغرى ومعه عاصم، وقف الجميع ينتظرها أمام غرفة العمليات ساعات طويلة وكانت مروة تبكى بصمت دون أن تتفوه بكلمة واحدة، فزع الجميع حين خرج الفريق الطبى بأكمله واحد تلو الأخر، سألهم مروان مُستفهمًا عن سبب رحليهم هكذا: -
- خير يا دكتور؟!

رحل الجميع بوجوه عابسة صامتين وينظروا للأسفل، توقف الطبيب وقال بأسف: -
- البقاء لله...
صرخت مروة بهلع صرخة هزت جدران المستشفى بأكملها وهي تحاول الدخول لغرفة العمليات: -
- بنتى، بنتى...
منعها مروان من الدخول فظلت تصرخ بفزع: -
- أنا اللى قتلت بنتى، أنا اللى قتلتها...
سقطت من ذراعيه فاقدة للوعى، تشبثت فريدة بأبنتها وهي تتذكر طفلتها الراحلة وكيف كانت ستأذي مريم بنفسها، هزت رأسها تنفى أفكارها...

??في قصر إبراهيم أبو الغيط ??
دلفت مريم إلى الغرفة مساءًا بعد أن أخذت طفلها إلى غرفته، رأته يقف هناك بالشرفة فذهبت له وهي تربت على ظهره بحنان وقالت: -
- مش هتنام يا مروان؟
- شوية يا حبيبتى، روحى أرتاحى أنتِ تعبانة
قالها ثم طبع قبلة على يدها، أبتسمت له بعفوية وقالت: -
- لا أنا هقعد معاك، بتفكر في ايه؟
- في مروة، أزاى تعمل كدة، مش عارف أتخيلها خالص يا مريم.

- ومش هتعرف يا مروان، هي مكنتش عاوزة تأذي بنتها ولا ريما كانت هدفها، هدفها كان أنا واللى في بطنى، كان كل اللى بتفكر فيه أزاى تخلص منى.

- ليه الغل والحقد دا كله، ليه يا مريم؟ عشان الفلوس. ملعون الفلوس والمكانة اللى تخلى واحدة تقتل بنتها، لو خيرونى بين كل ما أملك وبين عائلتى هأختارهم وأعيش معاهم في كوخ بس يفضلوا معايا وجنبى.

- عمرها ما كانت تتوقع رد فعلها هيكون في بنتها مفيش أم بتأذي نفسها أبدًا يا مروان.

جذبها إليه بحنان، وضعت راسها على صدره وحاوطت خصره بذراعيها بدلالية وقالت بنعومة: -
- ربنا يخليك ليا يا مروان وميحرمنيش منك أبدًا ولا يوجع قلبى فيك أنت وولادى...

اكتفى بوضع قبلة على جبينها بحنان وصمت لدقيقة ثم أردف بعفوية: -
- أنا هديها فلوس تكفيها العمر كله يمكن تنفعها
أبعدت عنه حادقة به وقالت بشفقة: -
- مروة حبسة نفسها في أوضة ريما بقالها شهرين وعقلها خفة على حسب كلام الدكاترة، هتعمل أيه بالفلوس في حالتها دى.

- مش عارف بس أهو تخفف عنى أحساسى بالذنب
اخذت وجهه بين كفيها وقالت بلطف ونبرة دافئة: -
- حبيبى أنت معملتش حاجة، ليه تحس بالذنب. دا نتيجة أفعالها هي وأختيارها
تبسم لها بأرتياح وقلبه يرفرف بسعادة وطمأنينة ثم عانقها بدفء...

نظر مروان بصورته المنعكسة في المرأة بسعادة بعد أنهى أرتدى بدلته البيضاء وصفف شعره ثم خرج من الغرفة المجاورة وأتجه نحو غرفة نومه، دق الباب أولاً وأنتظر قليلًا حتى خرجوا بعض الفتيات مع رئيستهم المتخصصين في تجميل النساء من الغرفة وأشارت إليه بأن يدخل لها، دلف إلى غرفته مُبتسمًا بأشراق ووجدها تقف هناك وحدها وتعطيه ظهرها مُرتدية فستان زفافها الفضي ومرسع ببعض الألماس بذيل طويل من الخلف وواسع جدًا يخفى جسدها الضئيل بداخله وهي ثابتة مكانها وتعض شفتيها بخجل، أقترب منها قليلًا وذهب ليقف أمامها تتطلع بوجهها الطفولى وهي تضع مساحيق تجميل كاملة كأى عروس وفستانها الكب ضيق من الصدر بكم شفاف يظهر ذراعيها، مُرتدية حذاءها بالكعب العالى كى تصبح أقرب له وشعرها البرتقالى مرفوع للأعلى مُثبت به تاج من الألماظ وطرحة فستانها، حدقت به بخجل وهو يرفع طرحة فستانها عن وجهها، أبتسم لها وهو يضع قبلة فوق جبينها بعفوية، رغم مرور ستة سنولت على زواجهما وبعد أن أصبحا أبًا و أمًا أراد رؤيتها بفستان زفاف كأى عروسة وأن يحقق لها هذه الأمنية الصغيرة لكنها تعنى الكثير لها، قال بحب: -.

- أيه القمر دا؟!
سألته بإرتباك وقلق من حملها: -
- بجد يا مروان؟ بطنى باينة أوى والناس هتضحك عليا صح.
- أنت فيكى حاجة يا مريم
- أنت بتهزر يا مروان.
- والله قمر يا قلب مروان من جوا
قالها ببهجة ثم مد يده لها، أبتسمت له بسعادة وقلبها يرفرف فرحًا لوجود هذا الحبيب بجوارها ورغبته ففى أى شي لأجل أسعادها فقط، اخذ يدها في ذراعه وقال بعفوية: -
- بحبك
- وأنا كمان بحبك يا مروان أكتر من أى حاجة في الدنيا.

رفع حاجبه بتساؤل وقال: -
- أكتر من إياس معقدش!
- أكتر من روحى نفسى
قالتها ثم وضعت قبلة على جبينه بحنان وقال: -
- طب يللا يا مريومتى...
خرجت بصحبة من الغرفة مُبتسمة بأشراق كشروق شمس تنير الكون بأكمله فكانت سعادتها تكفى لأشراق العالم بجميع أنحاءه، وجدت فريدة تقف أمام الغرفة وتمسك بيدها إياس أول طفل يحضر عرس والدته ووالده معا.
وضع يديه على فمه بأنبهار من ملابس والدته الغير اعتيادية وقالى: -
- مامى ملكة...

ضحك جميعًا عليه وهو يشبه والدته بأحد ملكات أفلام الكرتون الذي يشاهدها...

خرجت مليكة من غرفتها بصحبة ني?ين وصدقاتها وهي ترتدى فستان زفافها الأبيض واسع من الخصر وضيق من الصدر، مُرتدية حجابها الأبيض وواضعة على رأسها تاج من الألماظ وطرحة فستانها القصيرة، تتطلع بها بأنبهار وسعادة، أخيرًا ستصبح هذا الملكة الصغيرة له وزوجته، رمقته بخجل سافر بعد توردت وجنتيها بحياء تزيد من جمالها مع مساحيق التجميل، كانت تختلس النظر مُتطلعة له وهو يرتدي بدلته السوداء، أقترب نحوها بعفوية وهو يقول: -.

- ملكتى، أيه الجمال دا
تحاشت النظر له وهي تقول بخجل: -
- وأنت حلو يا زين
- الله الله، مليكة هانم بنفسها بتعاكسنى دا أنا أحسدك بقى
تبسمت له بعفوية، وضع قبلة على جبينها، أغمضت عيناها بخجل مُستسلمة لهذا الشعور الذي تملكها ورفرف قلبها بنبضاته المتسارعة ثم اخذ يديها في يده وأطبق شفتيه في قلب كفيها واحد تلو الآخر، تنحنحت ني?ين بإحراج وقالت بضجر: -
- أنت يا عم الحج في سناجل واقفين.

حدث مليكة بأشمئزاز مصطنع يقول: -
- بقيت بيئة أوى البت دى من ساعة ما أتلمت على وكيل النيابة بتاع المجرمين دا
قهقهت ضاحكة علي حدثه بعفوية حتى تلاشت ضحكاتها حين ضربته ني?ين بضيق من حدثه، عقدت حاجبيها بغضب وهي تقف أمامه واضعة يديها في خصرها وقالت بتهديد: -
- أيه يا ست ني?ين، إياك تضربيه تانى. أعملى في حسابك أنا بغير يا ماما
- يكش تتحرقوا في بعض.

قالتها ني?ين بذهول من جرأة هذه الفتاة البريئة الخجولة فجأة مُدافعة عنه، ذهبت من أمامهما بأغتياظ، أدارها له بسعادة من جملتها الأخيرة وعانقها بحب يدور بها بقوة، حتى شعر بيد قوية تضربه على ظهره، توقف مكانه وأنزلها أرضًا فوجد مروان يحدق به بوجه عابس حاد وقال: -
- أنت بتعمل ايه، لسه مكتبتش الكتاب يا بابا، سبها كدة، أبعدى يا بت عنه أيه مفيش أدب ولا تربية.

- لا ولا حتى كمان عاملة احترام لأخوها الكبير يا مروان
قالتها مريم تشعل غضبه أكثر وهي تغمز ل مليكة تغيظها، أجابه زين بضيق: -
- أيه يا مروان ما تخليك في عروستك يا عم
أبتسمت مريم بخُبث وهي تحدق بهما ثم وضعت قبلة على وجنته بدلالية وقالت بأستفزاز مُصطنع: -
- حبيبى، أنا بحبك
- me too يا عمرى
قالها وهو يرفع حاجبه لهما ثم أخذها ومر من أمامهما بغرور، أقترب زين منها وقال بضيق: -.

- أخوكى دا أنا هقطع علاقتى بيه قريب على فكرة
تبسمت له وكانت بسمتها كفيلة بأن تمحو غضبه تمامًا، أخذ يدها في ذراعه وأتجه للأسفل وهي تمسك فستانها بيدها الأخرى، صفق الجميع بحرارة من أجل حضروا العرسان وبدأ الحفل بكتب كتاب مليكة و زين.
وقفت مليكة بجوار مريم وعيناها تدمع من الفرحة ومُتشبثة في يدها، كان الجميع ينظر على هاتان العروستان وكلا منهما لها جمالها الخاص الساحر...

كانت تنظر على المأذون وهو يعقد قرأنها عليه حتى أتاها صوت من الخلف يهمس بأذنيها: -
- عقبالنا يا حبى
ألتفت له مُبتسمة ببهجة فمسكت بذراعيه وقالت: -
- أتاخرت ليه يا معتز؟
- فري كانت بتجهز
قالها وهو يقف بجوارها، صافحت فريال برحب، صفق الجميع بسعادة حين أنهى المأذون عقد القرأن وبدأ الجميع يبارك لهما...

أقتربت فريدة منهما وهي ترمقهما بنظراتها وقالت: -
- خلي بالك منها يا مروان، دى أخر أغلى حاجة عندى
- حضرتك بتوصينى على مريم. دا حتة من قلبى
مسكت رأسها بين كفيها بحنان ووضع قبلة على جبينها بحب وذهبت مُبتسمة...

كان سليم يحدق بها وهي مُرتدية فستان زفافها فكانت تشبه الأميرة ويحسدها الجميع على جمالها وعقله وقلبه يفكرا بمحبوبته التي سلبوها منه ؛ حتما لو كان رأها بفستان زفافها لكانت أجمل حورية ستراه عيناه في حياته، شعر بألالأم قلبه الحزين المُشتاق لنصه الآخر وأشتياق شوق لن يخمد ولن ينتهى إلا بلقاءه بها في عالم أخر، أربتت فريدة على كتفه بحزن وقالت: -
- ربنا يصبر قلبك يا سليم.

- يارب، أنا جيت عشان خاطر مريم، وكمان عشان أسلم عليكى قلب ما أسافر
أتسعت عيناها بذهول وقالت: -
- تسافر، ليه؟
- ليه؟ سارة مبقتش موجودة هنا!
قالها بأسف ثم رحل من أمامها وأتجه إلى الفندق أولاً يأخذ حقائبه، أخذ سيارته وأتجه إلى المقابر، وضع باقة من الورود على القبر وتوقف في الأمام ناظرًا لأسمها بوجع وقلب مُنقبض، دمعت عيناه بأشتياق ووجع...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة