قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية دمية على مسرح الحياة للكاتبة نورا عبدالعزيز الفصل الحادي عشر

رواية دمية على مسرح الحياة للكاتبة نورا عبدالعزيز الفصل الحادي عشر

رواية دمية على مسرح الحياة للكاتبة نورا عبدالعزيز الفصل الحادي عشر

في فيلا فارس أبو الغيط
صاح بوجهها مُستفهمًا: -
- يعنى خرجت لوحدها كدة زى المجنونة، أكيد أتخنقتى معاها زى عادتك
زفر بضيق مُستديرة تتحاشي النظر له بتوتر وقالت: -
- يوووه يا فارس قولتلك متخنقتش معاها، بنتك هي اللى مخها طار منها خرجت تجرى زى المجنونة من غير ما تقول رايحة فين أو تأخد معاها التليفون ولا العربية.

صرخ بنبرة صوت غليظة: -
- طب أفهمها أزاى دى، في حد عاقل هيصدق الكلام دا. هتخرج لوحدها كدة ومتأخدش التليفون ولا العربية. هتخرج تمشي في الهو اللى حوالينا دا ومفيش تاكسيات ولا أى مواصلات طب أزاى.

جلست على الأريكة بأرتباك مُلتزمة الصمت ولم تتحدث بكلمة واحدة، حدق بها بشك ومن توترها وهدوءها هذا وأبنتها مختفية ثم دلف إلى مكتبه وأجرى أتصال بأحد أصدقاءه بالقسم ليبحث عنها...

في شقة الشيخ زايد
دلفت إلى غرفة النوم تحمل بيدها فنجان القهوة خاصته، كان يقف أمام المرآة يغلق أزرار قميصه، وضعت فنجان القهوة على الطاولة ثم ذهبت نحوه لتقف خلفه وتُديره لها فتتقابل أعينهما وتبدأ هي أستكمل ما كان يفعله بدلال وأردفت: -
- هتقولهم كنت فين أمبارح؟ ونمت فين؟
- محدش هيدقق هم متعاودين أنى بطبق في الشركة عادى يعنى
قالها وهو يتفحص ملامحها القلقة، غمغمت بخفوت: -.

- مامى هتشك في الموضوع. وهتراقبك بعد كدة
بعثر شعرها بحنان وقال: -
- متقلقيش ياحبيبتى حبيبك مش تلميذ، المهم متخرجيش من هنا ولما أتصل على تليفون البيت تردي عليا عشان مقلقش عليكى وبليل وأنا راجع هجبلك فون جديد أتفقنا.

أومأت له بنعم ثم وضعت رابطة العنق حول عنقه لتربطها لأجله فشعرت بيده تحيط خصرها بدفء لترسم بسمة مُبهجة على شفتيها وهي تكمل ما تفعله ليقترب نحوها أكثر وتخلتط أنفاسهما الدافئة معًا، أقترب أكثر من وجهها وتلمست أنفه بأنفها بدلال وتتوقف يدها عن ما تفعله بينما ترفع نظرها لعيناه بحب مُستسلمة لبريقهما الساحر وجذابيتهما المتماثلة بحبه لها، شعرت بيده تجذبها أكثر وأكثر له حتى ألتصقت بصدره القوي فظلت ساكنة هادئة بين ذراعيه مُستمتعة بتلك اللحظة العاطفية التي جمعتهما معًا رغم معارضة الجميع فغرق معًا لقاع المحيط رغم وجود الكثير من الأسماك المتوحشة حولهما التي ترغب بقتلهم وجعلهما طعام لهم.

رأته يميل رأسه قليلًا لليمين فأغلقت عيناها بأستسلام وسكينة ليضع قبلة رقيقة على شفتيها ثم أبتعد وهمهم هامسًا بأذنيها: -
- أستنينى بليل مش هتأخر عليكى
تبسمت عليه ونكزته بصدره بقوة مُبتعدة عنه وقالت بعفوية: -
- متجيش بليل، روح القصر عشان محدش يشك في حاجة
غمز لها وهو يأخذ سترته من فوق المقعد ثم أردف: -
- هجي عشان بتوحشينى يا ملكتى، good bye.

خرج من الغرفة وهي خلفه بعفوية مُتشبثة بذراعه حتى وصل لباب الشقة وقالت: -
- لا إله إلا الله
وضع قبلة على جبينها بلطف وقال: -
- محمدًا رسول الله، خلى بالك من نفسك ولو أحتجتى حاجة كلمينى.

أومأت له بإيجاب ليخرج ويتركها بالشقة ثم ركضت إلى الداخل تتراقص وتدندن بسعادة تغمرها والحب يدغدغ قلبها من الداخل ويجعله يرفرف بين قفصها الصدري وضلوعها القوية من شدة رياح العشق التي تهب علي قلبها، وتمنت أن تدوم سعادتها، ألقت بجسدها على الفراش بحب وصوت ضحكاتها يملؤ الغرفة بأكملها ورائحة عطره تفوح بالمكان بأكمله فجذبت وسادتها الصغيرة ووضعتها أسفل رأسها هائمة بفكرها بهذا الحبيب والبسمة تعلو على شفتيها تُنيره...

في شركة الفريدة للحراسات الأمنية
كانت تقف أمام النافذة الزجاجة عاقدة ذراعيها أمام صدرها وشاردة بطفلتها الصغيرة التي هجرتها من أجل حبيبها وحبها فلو كانت بشخصيتها وبرودة فكانت لم تخضع لقلبها وترك والدتها هكذا لكن هذه الحادثة لم تكن في الحسبان، ولج غيث إلى المكتب وهو يقول: -
- مريم فين يا فريدة؟
تنهدت بهدوء تهدء من روعها وتجمع شجاعتها وأستدارت له بوجه بارد وقالت: -.

- علمى علمك، مريم بتمسكنى من أيدى اللى بتوجعنى. أتفضل أرتاح
أشارت إليه بالجلوس على المقعد وجلست على مقعدها، سألها بفضول: -
- حصل أيه عشان تمشى؟
صمتت ولم تجيب على حديثه فقال بجدية وثقة: -
- مروان له يد في الموضوع؟ مريم هربت بسببه صح
حدقت به بنظرة هادئة لا تشير بنعم أم بلا وتعابير وجهها تزيد من حيرته، هتف بجدية: -.

- مريم مخرجتش من مصر. دا معناه أنها هنا وأنا متأكد أنها ف مكان قريب ومروان عارف مكانها، مروان خرج من الشركة أمبارح الساعة 3 العصر ومرجعش لحد دلوقت لا للقصر ولا للشركة مُختفي بمعنى أصح.

- غيث أنا عاوزك تفسخ الخطوبة وتعلن الخبر دا قدام الجميع
قالتها بثبات أنفعالى وهي تدير مقعدها يمينًا ويسارًا، رمقها بذهول من طلبها وقال بصوت غليظ خشن: -
- أنتِ بتقولى أيه؟ يعنى كنتِ بتلعبى بيا كل دا بقي
أبتسمت بخُبث ساخرة على تفكيره ثم أردفت قائلة: -.

- أهدى وأفهم أنا بفكر في أيه؟ لما تعلن خبر زى دا لو مروان يعرف مكانها هيوصلها الخبر وأحتمال يبقي غبى ويرجعها ووقت ما مريم تظهر هيكون كتب كتابك عليها، ويبقي ضربنا عصفورين بحجر رجعنا مريم وكتبنا الكتاب فهمت.

حدق بها بصمت وأشار لها بنعم. تبسمت له بمكر وأنتصار مُنتظرة بلهفة ظهور طفلتها وحقًا إذا كانت أختارت حبها بدلآ من والدتها ستكون هي من بدأت بالهجوم عليها...

في شركة أبو الغيط
توقف بسيارته أمام الشركة وأقترب أحد رجال الأمن يفتح له الباب ليترجل من سيارته بوقار ويدلف إلى الشركة، أقترب عاصم منه بهدوء يسأله: -
- كنت فين من أمبارح؟ مدام ليلى سألت عليك وقولتلها أنك هنا
ربت على ذراعه بلا مبالاة ويردف: -
- أحسنت، أنا في مكتبي
- لا ثوانى بس في حاجة عاوزك تشوفها قبل ما تطلع.

قالها وهو يوقفه فحدق به بأستغراب وذهب معه إلى أحدى الغرف المغلقة وقبل أن يفتح الباب له هتف بجدية: -
- عاوزك تشوف الفيديو دا، أتصور من كاميرات المراقبة
أعطاه التابلت برفق فأخذه مُستغرب حديثه ووجده فيديو مصور لما حدث مع أخته من ذلك الخائن وحديثهما فسأل بأنفعال: -
- هو فين؟ جوا
- اه بس مش عاوز ينطق بحرف
قالها بهدوء، زفر مروان بأغتياظ وصاح به: -.

- أنت عايزه ينطق يقولك أيه مين اللى قاله يعمل كدة؟ المستفيد. عمل كدة ليه عشان الفلوس اكيد. ايه اللى أنت عايزه يقوله بالظبط، بلغ الشئون القانونية تتأخذ معاه الأجراءات اللازمة.

أجابه بهدوء ثم ألاقي عليه سؤال توقعه مروان منذ أن وصل إلى هنا: -
- حاضر. صحيح لاقيت مريم؟
هتف بلا مبالاة وهو يعطيه التابلت وذهب نحو المصعد: -
- لا
تبسم عاصم عليه بخفة بطمأنينة فنبرة حديثه توحي له بأنه وجدها حقًا، ذهب خلفه صامتًا.

أقتربت نحو مكتبه بوجه عابس تحمل بيدها بعض الأوراق ناظرة بهم ثم قالت بجدية مُتذمرة: -
- زين أنا تعبت أنا مش فاهمة حاجة من الكلام دا
هتف بعفوية وهو ينهى التصميم دون أن يرفع نظره لها: -
- وأنتِ من أمتى بتفهمى ولا بتحسي يامليكة دا العادى بتاعك ياحبيبتى
حدقت به بأغتياظ مُشتاطة غضبًا ثم قالت: -
- تصدق أنا غلطانة أنى قاعدة معاك أنت في مكان واحد، من قلة المهندسين في الشركة مثلاً.

وضعت الأوراق على المكتب وأستدارت غاضبة منه فوقف سريعًا من مكانه يركض خلفها حتى وقف أمامها يمنعها من الرحيل حيث يقول: -
- أنتِ رايحة فين؟
- ماشية هشوفلى مهندس تانى يعلمنى الشغل
قالتها بجدية مُتحاشية النظر له، أردف بنبرة دافئة: -
- خلاص هعلمك بس متروحيش في حتة
نظرت له مُستغربة حديثه وتغيره المفاجىء فقالت: -
- دا أشمعنا بقى التغيير دا
أجابها بتلقائية وهو يحدق بها بنظرات تفيض بالحب لها: -.

- عشان بغير عليكى حتى من أخوكى مروان
تنحنحنت بهدوء خاجلة منه بعد أن توردت وجنتيها وقالت مُرتبكة: -
- خلاص طيب مش همشي.

أبتسم لها بعفوية لتزيد بسمته الجاذبة من ربكتها فعادت سريعًا إلى مكتبها تجلس عليه هاربة من نظراته وبسماته الساحرة. ضحك عليها بحب ثم عاد إلى عمله ينهى ما يفعل وجلس معاها يعلمها بعض الأشياء بالعمل فبدأت تشعر بحيرة كبيرة وضغط بالعمل وظلت تلعب الأقلام وهو يشرح لها فأخذ الأقلام منها وتركضها تفعل ما عملها إياه وذهب يتحدث بالهاتف وحين عاد لها بعد دقائق معدودة وجدتها تصنع من الأوراق مراكب ورقية فسألها بغيظ: -.

- أيه دا يا مليكة؟
- مراكب يازين أستنى هعملك طيارة
قالتها بعفوية ووجه بريء فصاح بوجهها بأنفعال: -
- طيارة أيه، عملتى ورق الشغل مراكب يامفترية حسبي الله ونعم الوكيل.
بترت حديثه مُتذمرة عليه: -
- أنت بتدعى عليا يازين، أمال أيه بتحبنى دى لو بتحبنى مش هتدعى عليا
مسك المراكب بيده بحسرة وقال بأستياء: -
- هو عشان بحبك تعملى مراكب يا مفترية بورق الشغل، أخوكى هيعلقنى على باب الشركة.

خفضت رأسها أرضًا وقالت بأسف: -
- خلاص sorry , بس أعمل أيه؟ أنا مش فاهمة حاجة والكلام دا مُعقد. زهقت الله مش من حقي أزهق.

نظر للطاولة بحسرة على الأوراق وقال مُستدير ذهابًا نحو مكتبه: -
- لا من حقك ياختى، من حقك عوض عليا يارب عوض الصابرين. يعنى دون عن بنات البلد كلها محبش غير دى يارب.

صدم بضربة قوية على ظهره بكلتا ذراعيها وهي تقول بأغتياظ وصوت مُرتفع: -
- مالها دى ياسي زين أنت تطول يابابا أصلاً
أستدار لها بصدمة قوية وقال: -
- أيه يابت اللى عملتى دا؟ جبتى الصحة دى كلها منين
وصعت كفها أمام وجهه وقالت بجدية: -
- الله أكبر هتحسدنى ولا أيه
- هحسدك على أيه ثم أنتِ ليك عين تتكلمى أصلاً. أتفضلى فكى المراكب دى وتأخدى الورق تروحى تطلعى عليه نسخة جديدة يللا ياختى أتحركى.

قالها بجدية وهو يجلس على مقعد خلف المكتب مما زاد تذمرها وضربت الأرض بقدميها ثم جلست مكانها أمام الطاولة تعيد الأوراق كما قال بوجه عابس وتتمتم بحديث غير مفهوم وهو يراقبها من بُعد ويكتم ضحكاته على مظهرها الطفولي...

في قصر إبراهيم أبو الغيط
خرجت من القصر ووجدته يقف أمامها فسألته: -
- بتعمل أيه هنا؟
- سارة ممكن نتكلم
قالها وهو يقترب خطوة منها فعادت خطوة للخلف حادقة به حيث قالت: -
- مش عاوزة أتكلم خالص
أقترب مرة آخرى منها يحاول مسك يدها فهتف بجدية وشراسة: -
- don t touch me
رمقها بذهول فقال غير مُصدقًا تغيرها المفاجىء: -
- سارة؟!

- سليم بعد أذنك، أنا بدور على أختى ومتأخرة وأنت وراك شغلك هناك. مش فاضية أتكلم كلمتين لا هيقدموا ولا هيأخروا
قالتها بوجه قوي يذكره بأختها وشراستها ثم ركبت سيارتها وذهبت سريعًا.

دلفت الخادمة إلى غرفة ليلى وقالت: -
- يا هانم
أستدارت لها وقالت: -
- نعم
- أنسة ريما سمعتها بتتكلم في التليفون على ورق والشركة ومحامى مفهمتش منها حاجة خالص
قالتها بخُبث، شردت ليلى في حديثها وهي تردد الكلمات مُغمغمة: -
- محامى والشركة. ياترى بتخطط لأية الحرباية دى هي وأمها. طب روحى أنتِ ولو سمعتى حاجة قوليلى على طول.

خرجت الخادمة من الغرفة، جلست على الأريكة تفكر بحديثها وشاردة...

خرج ركضًا من الشركة بعد أتصال والده وخبر أختفاء شقيقته، ركب سيارته وقبل أن يتحرك وجدتها تفتح الباب وتركب بجواره فقال بنفاذ صبر: -
- أنزلى يا مليكة
قالتها بحنان وهي تغلق حزام الأمان: -
- أنا هجى معاك يازين
رمقها بجدية ثم قاد سيارته إلى الفيلا ليفهم ما حدث. وأين ذهبت شقيقته؟ كانت جالسة بجواره تراقبه بنظرها في صمت لأول مرة تراه هكذا قلق، مضطرب، يكاد يفقد أعصابه ويجن.

كان يقود بحالة يرثي بها وعقله يفكر بأشياء كثيرة حتى شعر بيدها تحضن يده الآخر ولم ينظر لها بل تشبث بيدها بقوة لتشعر بخوفه على أخته...
وصل إلى الفيلا ثم ترجل من سيارته ودلف إلى الداخل وهي خلفه. صاح بصوت عالى قائلاً: -
- أيه اللى حصل يا بابا؟
- أختك خرجت ومرجعتش ومعرفش عنها حاجة
قالها فارس جالسًا على الأريكة عاجزًا، صرخت صفاء بها بعنف: -
- أنتِ أيه اللى جابك هنا؟ جاية تشمتى فيا يابنت ليلى. أمشي أطلعى برا.

هتفت بنبرة هادئة تقول: -
- لا يا طنط أنا جاية أطمن على ني?ين بنت عمى وعمى
صرخت بها بأنفعال أشد قائلة: -
- والنبي، وأنا المفروض أنى أصدقك. أنتِ جاية تشمتى فيا وتروحى تطمنى أمك أنك بنتى مش لاقيها.

كادت أن تجيب عليها لكن سبقها زين وهو يقول بحدة: -
- ايه في أيه؟ بقولك بنتك فين وأنتى بتتخانقي؟ ني?ين فين وأيه اللى حصل.
هتفت مليكة بهدوء وأحراج: -
- عن أذنكم، هبقي أكلمك يا زين
خرجت سريعًا قبل أن يقطعها ويجادلها فخرج خلفها ركضًا وأستوقفها حيث مسك معصمها وقال: -
- مليكة.
- أطمن على أختك وهبقي أكلمك أطمن منك
قالتها بهدوء ولمح بعينها لمعة دمعتها فهو يدرك كما هي تخشي أن يحرجها أحد فقال بهدوء: -.

- طب أوصلك أنتِ معاكيش عربية
- هخلى السواق يوصلنى عن أذنك
قالتها ونفضت ذراعها من قبضته ورحلت صامته...

في شقة الشيخ الزايد
خرجت من المطبخ تحمل بيدها كأس من العصير وصدمت حين وجدت والدتها تجلس على الكرسي واضعة قدم على الأخر ورجالها تقف في الجوار فسقط الكأس من يدها أرضًا وكسر إلى مئات الجزيئات المتناثرة، أردفت فريدة بقسوة: -
- مريم هانم
هتفت بصدمة وتلعثم شديد: -
- مامي...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة