قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية دمية على مسرح الحياة للكاتبة نورا عبدالعزيز الفصل الثاني عشر

رواية دمية على مسرح الحياة للكاتبة نورا عبدالعزيز الفصل الثاني عشر

رواية دمية على مسرح الحياة للكاتبة نورا عبدالعزيز الفصل الثاني عشر

في شقة الشيخ الزايد
خرجت من المطبخ تحمل بيدها كأس من العصير وصدمت حين وجدت والدتها تجلس على الكرسي واضعة قدم على الأخر ورجالها تقف في الجوار فسقط الكأس من يدها أرضًا وكسر إلى مئات الجزيئات المتناثرة، أردفت فريدة بقسوة: -
- مريم هانم
هتفت بصدمة وتلعثم شديد: -
- مامي...
وقفت فريدة من مكانها لتقترب منها وتمسكها من عنقها بيد واحدة وتضغط عليه بقوة بينما تُتمتم: -.

- أنا مش أمك، لو أمك مكنتيش أتجوزتى عدوى. أنتِ مش بنتى...
أستيقظت من نومها بفزع وهي تلهث من الخوف فوجدته بجوارها كان يحاول أيقظها، سألها: -
- أنتِ كويسة يا مريم؟
ألقت بجسدها بين ذراعيه مُتشبثة به بقوة وهي تتحدث بتلعثم: -
- مروان. كابوس يامروان. مامى هتقتلنى. لالا أنا معملتش حاجة غلط لما أتجوزتك.

مسح على رأسها بحنان يطمئنها وهو يقول: -
- أهدى يا مريم. أهدى ياحبيبتى دا حلم
أبتعد عنه بوجه شاحب خائفة من المستقبل وتغتغم: -
- لا دا كابوس، مامى هتقتلنى لو عرفت بجوازنا
وضع كلتا يديه بجوار عنقها واضعًا خصلات شعرها خلف أذنها وقال بحنان: -
- متخافيش يا حبيبتى مش هيحصل حاجة من دا، أنا عارف هأعمل
تشبثت بيده كطفلة صغيرة وقالت بلهجة واهنة: -.

- مروان. أنا مش عاوزة أخسرك أنت أو مامى، أنتوا الآثنين عندى أغلى حاجة. أنت جوزى وحبيبي وهي أمى.

أبتسم لها بخفوت ثم وضع قبلة على جبينها برفق وهو يفكر بهدوء فريدة رغم أختفى أبنتها ولم تفكر بالعثور عليها، وضعت رأسها على قدمه برفق ليغمز لها بعيناه وقال: -
- أوعدك يامريم أعمل كل اللى أقدر عليه عشان أشيل الخوف ده وتعيشي براحة بال
تبسمت له بهدوء وهي تفكر بشيء آخر...

في قصر إبراهيم أبو الغيط
دلفت إلى غرفتها واضعة الهاتف على أذنها مُتحدثة بخفوت: -
- يعنى لسه متعرفش عنها حاجة
أجابها زين بقلق: -
- لا يا مليكة سألت عنها في كل مكان والأقسام والمستشفيات مش موجودة، قلبى مقبوض حاسس أن في حاجة حصلت لني?ين.

أغلقت باب الغرفة خلفها وهي تقول: -
- لالا متقولش كدة خير بأذن الله يازين، تلاقيها عند حد من صحابها أنت عارف ني?ين على طول مع صحابها وخصوصًا أنك بتقول أنها متخانقة مع طنط.

- أنا مش معصبنى غير أمى اللى مش عاوزة تقولى أتخنقوا ليه وعشان أيه؟
قالها بأنفعال سافر فهتفت بحنان لتهدء من روعته: -
- مش مهم السبب المهم نلاقيها دلوقتى وبعدين يحلها حلال ومريم كمان مروان مش لاقيها ولا عمته.

- اممم أنا مش عارف بنات العائلة دى أتجننوا ولا أيه، كل واحدة مضايقة تطفش
قالها بجدية وأغتياظ ثم أكمل حديثه لها: -
- يا خوفى لأصحى الصبح ألاقيكى طفشانة أنتِ كمان
تذمرت عليه بينما تجلس على الفراش وقالت مُستاءة: -
- وأنا هطفش ليه بقي، طب مريم هربت عشان عمته عاوزة تجوزها غصب وهي بتحب مروان وني?ين متخانقة مع طنط أنما أنا ليه؟

أردف بضيق قائلاً: -
- عشان أنا مش عاجبك
أخفضت رأسها بخجل وفركت أصابعها ببعض بينما تُتمتم هامسة له بحياء: -
- لا عاجبنى والله بس...
بتر حديثها بذهول قائلاً: -
- أنتِ قولتى أيه؟ لا أستنى مفيش بسات أنا جايلك
أرتفع صوتها بعض الشيء وهي تقول بسرعة تمنعه: -
- لا أستن أنت تيجى فين؟ خليك دور على أختك أهم.
أجابها بسعادة وهو يركب سيارته مُسرعًا: -.

- أختى أيه؟ وربنا لأجى هو الملاك بتاعى بينطق كل يوم. أقفلى أنا مسافة الطريق وأكون عندك.

أغلق الخط معاها وقاد سيارته سريعًا ونبضات قلبه تطرب الأجواء حوله وتتراقص بين ضلوعه فوق مسرح قلبه تحت أنظار جميع الأوردة يصقفون لها...

نزلت مروة من الأعلى فقابلتها سارة صاعدة، هتفت بأستفزاز قائلة: -
- لسه أختك مظهرتش، صحيح تلاقيها واخدة على كدة ماهى تربية أجانب بقي
حدقت سارة بها بغيظ وقالت بجدية: -
- طنط لو سمحتى ياريت بلاش سخرية وأستفزاز دى مش كورة ضايعة دى أختى
لوحت بيدها بسخرية وهي تقول: -.

- دى مش ضايعة ياحبيبتى دى طفشانة تعرفي يعنى ايه ولا متعرفيش، الضايع والتايه بندور عليه ونقلق ليكون جراله حاجة لكن الطفشان دا مالهوش رابط يحكمه ولا يربيه مبنقلقش عليه...

أتاها صوته القوى من الأسفل بنبرة غليظة يقول: -
- ياريت يا تقولى كلمة حلوة يا متقوليش خالص، بلاش غلط
أجابته بحزن مُصطنع: -
- غلطت أنا في أيه يا مروان، مش دى الحقيقة مش مريم طفشانة ولا أنا بكدب يعنى
تجاهل حديثها وقال بحنان موجه حديثه ل سارة: -
أطلعى يا سارة، ومتقلقيش أنا بدور على مريم وهلاقيها.

أومأت له بنعم وصعدت حزينة مُشتاقة لأختها وقلقة عليها وإلى أين ذهبت وتركتها هنا ألم تكتفى من عذابها بذلك الحادثة؟ ولما والدتها هادئة هكذا وترغب بالأنتقام فقط؟..

حدقت مروة به بشك من أمره وهو يدلف إلى غرفة مكتبه فمنذ أن هربت مريم وهو يتغايب عن المنزل أو يتأخر عن موعده الأساسي فهتفت مُحدثة نفسها: -
- معقول مريم ممكن تكون معاك؟ وليه لا أنا قولت البنت دى في بينها وبينه حاجة محدش صدقنى، أما تبقي فرصة جاتلى على طبق من ذهب لو البت دى معاه...

أكملت نزولها بتفكير خبيث وولجت خلفه إلى غرفة المكتب ووجدته يتحدث بالهاتف مُبتسمًا: -
- متقلقيش ياحبيبتى كله تمام.
شعر بها خلفه فأستدار وهو يبعد الهاتف عن أذنه وقال بحدة: -
- مش تخبطى قبل ما تدخلى، عاوزة اية؟
حدقت بشاشة الهاتف وهو بيده ثم قالت بسعادة تخفيها خلف خزن مزيف: -
- كنت جاية أطمن على مريم أشوفك لاقيتها ولا لسه
- مانا قولتلك برا بدور عليها لسه.

قالها بهدوء وهو يضع يديه بالهاتف خلف ظهره، تنهدت بحنق وقالت: -
- ربنا يعطرك فيها يامروان، هروح أشوف ريما عن أذنك
أستدارت بخُبث وظهرت بسمتها الشيطانية على شفتيها وخرجت.
وضع الهاتف على أذنه بحذر وقال: -
- مريم
أتاه صوتها الدافئة عبر الهاتف تقول: -
- نعم
تنهد بأقتضاب وقال بجدية: -
- أكسري الشريحة دى وأنا هجيلك بليل وأجبلك شريحة جديدة معايا
سألته مُستفهمة عن سبب طلبه المفاجىء لها: -
- ليه يا مروان.

اتجه نحو الأريكة ومدد جسده عليها بتعب في حين يخاطبها بلهجة جادة: -
- مروة عندها ميزة حفظ الارقام بسرعة وأكيد حفظت رقمك ودلوقتى هتدور عليه، أكسري وأنا هجيلك بليل ولو أحتجتى حاجة قبل ما أجى كلمنى من التليفون الأرضي.

- مروان أنا تعبت مش فاهمة أيه الذنب اللى عملنا عشان مقدرش أقول دا جوزى وحبيبي وأفضل مستخبية كدة منهم
قالتها بيأس وألم تنهش بقلبها فحتى سعادتها محظورة مُقيدة، أجابها بحنان مؤاسيها: -
- هانت يا حبيبتى، هانت وبكرة تقولى للعالم كله دا حبيبي وأقول بعلو صوتى بحبك
دمعت عيناها وتلالات نبرتها بمزيج البكاء فقالت: -.

- وأنا بحبك والله وعاوزة أكون معاك على طول، من حقي ألبسك دبلتى عشان الكل يعرف أنك بتاعى وجوزى، من حقي أنزل معاك كل يوم وأفطرك بأيدى قدامى، أنت حقى يا مروان.

- ومحدش له الحق دا غيرك ياقلب وروح مروان من جوا
قالها وهو يعتدل في جلسته حين قطعه صوت أنذار بمكالمة آخر بالأنتظار فأستكمل حديثه معاها: -
- حبيبي هكلمك تانى على التليفون الأرضي معايا مكالمة ضرورى مستنيها، متنسيش تكسري الخط.

- حاضر لا إله إلا الله
قالتها بهدوء وطاعة ثم أغلقت معه وفعلت كما طلب، فتح الخط وقال: -
- أيوة يا عاصم؟
- مش خير يا مروان بيه، كارثة الشُحنة الجديدة أتحرقت في المخازن
قالها بغضب، وقف من مكانه بصدمة صارخًا بأنفعال: -
- أنت بتقول أيه؟ أنا جاى حالاً...
خرج من المكتب مُسرعًا بحالة غضب سافر يكاد يقتله وأحمر وجهه من الصدمة، وجد زين ينزل من سيارته سعيدٍا، سأله بذهول: -
- حصل أيه؟ مالك؟
- مصيبة.

قالها وهو يركب سيارته، حدق زين به بعدم فهم ثم ركب سيارته وذهب خلفه مُتناسي أمر حبيبته التي تنتظره.

في شقة بالمعادى
فتحت ني?ين عيناها بتعب وعلى رأسها شاش طبي، نظرت حولها ووجدت غرفة غريبة جديدة عليها وهناك فتاة تجلس على الأريكة تقرأ بالكتاب كانت ملامحها غريبة تمامًا عنها بدينة بعض الشيء وعيناها السوداء تخفيهما بنظارة نظر وشعرها الأسود مرفوع للأعلى على هيئة ذيل حصان، حاولت الجلوس فأنتبهت لها الفتاة وهرعت لها بسعادة تقول: -
- أخيرًا فوقتى. حاسة بأيه؟
- أنتِ مين؟ وأنا فين؟

سألتها بحدة وهي تبعد يدها عنها بأستنكار، أجابتها الفتاة بجدية ووجه حاد: -
- في بيتى، أنا فريال اللى خبطتك بالعربية
وقفت من مكانها بأستياء وقالت ببرود: -
- وهو اللى يخبط حد يجيبه على بيته ولا على المستشفي ولا خوفتى على نفسك من السين والجيم.

عقدت فريال بذراعيها أمام صدرها بغرور وقالت بتكبر: -
- لا وأنتِ الصادقة خوفت ألبس تهمة المخدرات اللى كنتِ طفحاها، وأعتقد المفروض تشكرينى على دا.

نظرت للجهة الآخرى بأغتياظ وهي تكز على أسنانها وتقول: -
- مش شرط على فكرة أشكرك، أنتِ خوفتى على نفسك. أنا كان ممكن يجرالى حاجة بسببك يعنى الصح تعتذرلى.

أشارت إليها بيدها نحو الفراش بملل وقالت: -
- لا متخافيش قوى كدة أنا دكتورة وعارفة أنك زى القرد، أترزعى هحضرلك عشاء مع انه خسارة فلسانك الطويل ودبشك دا.

تركتها وخرجت من الغرفة، تفحصت الغرفة بنظرها ثم جسدها وملابسها الغريبة عبارة عن بيجامة بيتى نسائية واسعة بعض الشيء يبدو انها ملك لهذه الفريال. جلست على الفراش بحزن وهي تتذكر شجارها مع والدتها...

عودة للقصر
دلفت فريدة من باب القصر مُتجهة إلى الدرج فأوقفتها ليلي بصوتها أتي من الصالون: -
- فريدة.
أستدارت لها بضيق وقالت: -
- نعم
سألتها بقلق: -
- مفيش أخبار عن مريم
أجابتها وهي تصعد الدرج: -
- لا، ابنك بيدور ما شاء الله مش سايب مكان
ظلت تنظر عليها وهي تصعد مُستغربة حديثها فزفرت بضيق وعادت لما تفعله...

وصلت أمام غرفتها وولجت مُندهشة حيث قطعها دخول مروة خلفها تمنعها من أغلق الباب فنظرت لها بحدة، أغلقت مروة الباب، فسألتها بضيق: -
- أنتِ عاوزة ايه؟ أطلع برا
- أنا عارفة أنك مش طايقنى والعداوة بينى وبينك مش هتنتهى بس أنا المرة دى جاية لمصلحتك
قالتها بغرور رافعة حاجبها لها، تبسمت لها بتهكم وقالت ساخرة: -
- تصدقى ضحكتينى، مصلحتى أنا معاكى أنتِ
أقتربت نحوها بخطوة ثابتة وهتفت قائلة: -.

- مش من مصلحتك برضو تعرفى بنتك فين ومع مين؟
تبسمت لها بأنتصار عاقدة ذراعيها أمام صدرها ثم همهمت بثقة قائلة: -
- مع مروان
أتسعت عيناها على مصراعيها بذهول وأزدردت لعابها بحنق ثم قالت: -
- أنتِ عارفة وساكتة
أتجهت نحو الأريكة بثقة وجلست واضعة قدم على الآخر وقالت بغرور: -
- طب وفيها أيه؟ البنت مع ابن خالها مش جريمة يعنى. أطلعى برا يا مروة وبعد كدة أبقي هاتى خبر جديد لأن كل أخبارك قديمة زيك.

رمقتها بغيظ ثم خرجت مُشتاطة غضبًا، همهمت فريدة بحسرة: -
- شكِ طلع في محله يا مريم، أخترتى مروان عن أمك وأختك. ماشي بكرة تيجى لوحدك وتقولى حقي برقبتى.

في شقة الشيخ زايد
ظلت تنتظره ليأتى كما أخبرها ولم يفعل، كانت جالسة على الأريكة وفي يدها اللاب تتجول على الفيس بوك حتى توقف نظرها امام خبر فسخ خطوبتها من غيث بسبب هروبها وأنها ذات أخلاق فاسدة وفتاة مَستهترة.

تبسمت بسعادة فحان الوقت للعودة وتخبر الجميع بأن لديها حبيب وزوج، تركت اللاب على الأريكة وركضت بالشقة نحو الهاتف الأرضي ورفعت السماعة وأجرت أتصال لرقمه مرة وثانية وثالثة وعاشرة وآخرى إلى اللانهاية ولم يجيب عليها أو يغلق الخط، أخذت الهاتف معاها نحو الأريكة وجلست بخيبة أمل مُستاءة، قليلًا وشعرت بالقلق عليه فهل ستكون والدتها تجرأت على أذيته، فحتى حين يكون بالأجتماع يجيب عليها بكلمتين ويغلق لأول مرة يفعلها.

ركضت نحو غرفتها لتبدل ملابسها وتذهب للبحث عنه بالقصر...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة