قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية دمية على مسرح الحياة للكاتبة نورا عبدالعزيز الفصل الثالث عشر

رواية دمية على مسرح الحياة للكاتبة نورا عبدالعزيز الفصل الثالث عشر

رواية دمية على مسرح الحياة للكاتبة نورا عبدالعزيز الفصل الثالث عشر

خرجت من الغرفة مُسرعة وفي حالة من القلق عليه لا تستطيع الوصول له أو معرفة أين هو وتوقفت بالمنتصف حين وجدت باب الشقة يفتح، حدقت به بصمت ووجدته يدلف مُنهكًا.
أغلق الباب خلفه ورفع رأسه ليرأها تقف كما هي ناظرة عليه ومستعدة للخروج. سألها وهو يقترب نحوها: -
- أنتِ خارجة يا مريم؟
أجابته وهي تشير بيدها عليه: -
- كنت رايحة أدور عليك
تبسم بتعب وقال: -
- هو أنا ضايع ولا تايه يا حبيبتى.

وصل أمامها واضعًا يديه بجوار عنقها ثم وضع قبلة على جبينها بلطف وقال: -
- تعالِ يا مريم
أخذها من يدها إلى أقرب أريكة وجعلها تجلس ثم مدّ جسده بجوارها ورأسه على قدميها وسألها: -
- كنتى هتروحى تدورى عليا فين بقي
- في الشركة، في القصر في أى مكان المهم ألاقيك، قلقتنى عليك على فكرة
أجابته ببراءة بينما أصابعها تغلغل بين خصلات شعره الناعم فمسك يدها بيده وقال: -
- عاوزة ترجعيلهم القصر يا مريم.

صمتت لوهلة تتفحصه بها ثم قالت بهدوء: -
- سيبك من مريم دلوقتى، قولى مالك شكلك تعبان جدًا وأيه اللى أخرك عليا على عكس العادة.

أغمض عيناه بأستسلام لتعبه ثم جذب يدها ووضعها فوق صدره وقال: -
- مشاكل في الشركة
- الشركة طول عمرها في مشاكل ولا دى مشاكل ليها علاقة بيا
قالتها وهي مُنتظرة منه الجواب فهل سببت له الأذي بقربها منه. صمت ولم يعقب على حديثها بشيء، أستكملت حديثها بنبرة مرتفعة قليلة: -
- يبقي بسببى يا مروان صح، مامى اللى عملتلك مشاكل صح
تنهد بتهكم وعمق ثم قال: -.

- لسه معرفش يامريم مخزن أتحرق بالبضاعة اللى فيه، لسه مفيش دليل على اللى عملها.

أبعدت رأسه عن قدمها وقالت مُنفعلة: -
- يعنى أنت مش عارف مين اللى عملها ومحتاج دليل يعنى...
- مريم أنا تعبان ومش فايق للخناق، قولتلك معرفش مين عملها
صاح بوجهها بنبرة مرتفعة قليلًا، لتصرخ هي الآخرى به: -
- دلوقت بقيت أنا اللى بتخانق وبنكد عليك يا مروان.
وقف من مكانه بضيق وهو يقول: -
- يووووه أنا ماشي وسيبهالك.

أخرج من جيبه شريحة جديدة ووضعها على الطاولة ثم خرج، وقفت خلفه تحاول أن تمنعه وتعتذر منه لكن لا محال فقد فر هارب منها قبل أن تتحدث ولم يترك لها مجال للجدال أو الأعتذار.

- يا مروان.
قالتها بضجر وهي تركض خلفه ولم يجيبها فقد خرج وأغلق الباب خلفه بقوة لتفزع من عصيبته. وينتفض جسدها من قوة الباب الذي يفرغ عصبيته به.
هرعت نحو الشرفة وخرجت مُطلة منها وهي تراه يذهب نحو سيارته فنادت عليه بصوت مُرتفعة: -
- مروان.

لم ينظر لها ولا يعرى لها أنتباه كما أن لم ينتبه لتلك السيارة التي تقف هناك مُلاحقة به وهكذا من بداخلها لم يلاحظ ذلك الرجل وهو يأخذ الصور له وهكذا لتلك الطفلة التي تقف هناك بالشرفة تناديه بعد أن أثرت فضول هذا الرجل...
ركب سيارته ورحلت فضربت بقبضتها سور الشرفة ودلفت للداخل قبل أن ترى تحرك السيارة الآخرى خلفه.

أخرج ذلك الرجل الهاتف من جيبه بينما يمسك الكاميرا ويراجع الصور بها وتحديدًا صورة هذه الفتاة مُقارنها بتلك الصورة التي بحوزته وأجرى أتصال واضعًا الهاتف على أذنه فقال: -
- أيوة يا مدام فريدة...

?? في شركة إبراهيم أبو الغيط ??.

دلفت إلى مكتبه مُشتاطة غضبًا من تصرفاته فهى ظلت طيلة الليل تنتظره كما أخبرها بأنه أتى لرؤيتها ولم يأتى وهكذا لم يتصل بها. ، نزعت حقيبتها من خلف ظهرها ثم قذفتها بوجه بينما هو جالسًا على مقعده خلف المكتب، زهر بتذمر على جنونها وقال: -
- في واحدة تدخل كدة على حبيبها وكمان تضربه أرحمنى يا مليكة.
صاحت بوجهه وهي تقترب نحوه: -
- حبيبها دا بعينك، أنا مليكة يوم ما أرتبط وأحب. أرتبط برجل بوق بس.

أتسعت عيناه على مصراعيها بذهول ثم وقف من مكانه وهو يلتف حول المكتب فقال: -
- بوق. بنت يا مليكة أنتِ شاربة أيه على الصبح
تنهدت بأغتياظ منه وقالت بحسرة وخيبة أمل: -
- شاربة حرقة دم وكسرة قلب.

مسك يدها بين كفيه ويردف بحذر قائلاً: -
- سلامة قلبك ودمك يا قلبي، عارف أنك زعلانة ومضايقة منى بس والله جيت وأسألى مروان بس حصل مصيبة في الشركة.

سحبت يدها من قبضته وقالت بدهشة: -
- حصل أيه؟ مروان كويس وبخير.
قهقه ضاحكًا عليها وقال: -
- متخافيش كويس بس جه الصبح مش طايق نفسه وعامل يتخانق مع كل المؤظفين...
سألته مُستغربة حديثه: -
- جه منين؟ مروان مرجعش القصر من أمبارح.

حدق بها مُستغربًا وقال: -
- أنتِ هتلغبطينى ليه؟، أنا واصل هنا قبله وهو جه بعدى وقالى جاى من البيت
شردت بعقلها قليلاً بينما تتحدث مُتمتمة بصوت مسموع: -
- غريبة؟ مروان الأيام دى بيبات برا كتير...
أستدارت له بهلع وأستكملت حديثها بوجه عابس: -
- ليكون مروان أخويا متجوز من ورانا...
نقر بأصبعه على جبينها وقال بتهكم ساخرًا منها: -.

- هو مروان هيخاف منكم يعنى؟ ولو متجوز هيخبيها عنكم ليه؟ هتأكلوها ولا هتعلقوله المشنقة.

وضعت يدها أسفل ذقنها وقالت بتفكير وعقل ناضج: -
- لا بس لو اللى متجوزها مريم يبقي هيخبي وهيخاف بس مش مننا هيخاف عليها من عمته أنت ناس هي عاملة أيه؟ وعاوزة ايه؟

تنهد بأستنكار بينما يعود لمكتبه وهتف بدون أهتمام قائلًا: -
- أنتِ خلاص خليتى مروان أتجوز ومريم. روحى شوفى وراكى أيه يا مليكة، أنا ورايا شغل لأسبوع قدام مش فاضي لأفتراضاتك الكتيرة المجهولة دى.

جلس على مقعده خلف المكتب وهو يمسك حقيبتها مُشيرًا لها بها ويقول: -
- شنطتك يا مراتى المؤدبة، أنتِ لو جاية من الجيش والمعسكرات مش هتحدفنى كدة.
قوست شفتيها له وهي تقترب منه ثم أتجهت نحوه وأخذت حقيبتها ثم عادت إلى مكتبها وجلست تفكر بأخيها ولما أصبح غامضًا هكذا هذه الأيام...

كان جالسًا بمكتبه على المقعد الجلدي نازعًا عن أكتافه سترته مُكتفيًا بقميصه الأسود رافع أكمامه لساعده ويبدو على حالته الأرق، وهو غارق في بحور أوراقه المنثورة حوله بينما يجلس عاصم هناك على طاولة الأجتماعات يعبث ببعض الأوراق هو الآخر متابعًا البعض من خلال جهاز الحاسوب ويدون البعض في ورقة جانبية.

رن هاتفه يقطعه عن ما يفعله؛ إلتقطه ليري أسمها يضيء شاشة هاتفه مُدللتى الصغيرة تبسم إبتسامة رقيقة على لقبها فرغم شجاره معاها تظل هي فقط مُدللته التي تباح لها ومن أجلها أى شيء حتى شجاره هي وحدها من يباح لها فعلته. لكن سريعًا ما تلاشت بسمته وتذكر شجارهم فوضع الهاتف على وضع الصامت وتركت الأوراق بتلقائية لا إرادية وعاد بظهره للخلف يتذكر يوم خطبتها من غيث حين أخبرته...

فلاش باك.

كانت مُسلتقية على فراشه وهو بجوارها يمسح على رأسها ليهدأ من روعتها وخوفها من الذهاب لرجل أخر، ظل يتأمل ملامحها فكانت شاردة بشيء بعيد لا يعرفه فلم تشعر به ولا تستمع لحديثه فسألها بنبرة مُرتفعة: -
- مالك يا مريم؟
أنتفضت من شردتها على صوته الخشن فأبعدت يده عنه وجلست أمامه كطفلة صغيرة حائرة وتائهة. ولم تجيب عليه بل أكتفت بسؤال واحد بتوتر ملحوظ: -.

- مروان هو أنت بتحبنى بجد؟ يعنى قصدى ممكن تزعل منى لو خبيت عنك حاجة؟
تبسم لها ثم أخذ يدها بين كفيه الدافئين وقال بحنان: -
- حبي ليكى يا مريم يفوق كل المخيلات، يعنى حتى لو غلطتى وفكرت مجرد تفكير أزعل منك هلاقينى براضيكِ عشان متهونيش عليا. لو فكرت أنى أقسي عليكى مش هقدر عشان قلبي هيتقبض ليتنزل منك دمعة تجرحه وتجرح رجولتى قبل قلبي وقتها هحس أنى مستحقكيش ولا أستحق أنى أحبك.

صمت لوهلة مُبتسمًا لها مسحورًا بنظرات عيناها له وصمتها بعد أن تبسمت له لتنير قلبه بشمعة بسمتها وشلعة حبها بداخله، واضع خصلات شعرها خلف أذنها وأستكمل حديثه ليطمئنها: -
- ولو خبيتى عليا حاجة خوف أو عدم ثقة فممكن أزعل لأن هتوجعنى أوى أن حبيبتى وأميرتى تكون بتخاف منى ومبتثقش فيا ولا أيه.

وضعت أناملها على شفتيه تمنعه من الحديث وأستكمله وقالت بسرعة: -
- لالالا ياحبيبى مش خوف ولا عدم ثقة يمكن الحاجة اللى خبتها دى هي اللى خلتنى أحبك وأشوفك بنظرة تانية خالص.

أربت على يدها بحنان وقال بلهجة ناعمة: -
- مش فاهم حاجة بس هستناكِ تيجى تحكيلى وقت ما تحبي وأتمنى أنتظارى ميطولش أوى وتقلقينى عليكى.

كاد أن يذهب من أمامها فأوقفته وهي تتشبث بيده بكلتا يديها وقالت: -
- مروان أنا. أنا. أنا مش فاقدة الذاكرة، أنا كدبت عليكم كلكم حتى مامى
صمت لوهلة لكى يستوعب ما تقوله ثم سألها بهدوء سافر بدل من الغضب: -
- أزاى؟ وعملتى كدة ليه؟

- أزاى ايه مش فاقدة الذاكرة أنا فاكرة كل حاجة. وعارفة إحنا جينا هنا ليه ومامى عايزة أيه، إنما عملت كدة ليه ف دا عشان أنا كنت سامعة كل حاجة وأنا في الغيبوبة كنت سامعة كل اللى بيحصل حواليا وخطط أمى هي كانت بتتكلم ومش عارفة أنى سامعاها وسارة كانت بتيجى تحكيلى تصرفات مامى معاكم هنا وخطفها لريما وكل حاجة، مروان مامى بدأت تأذي اللى بتحبهم بنار الأنتقام وهي مش شايفة دا. بتنتقم من جده أنه حرمها من الميراث وطردها فيك أنت وطنط وأخواتك، أنا عارفة أن في حد بيكرهنا هنا وعاوز يخلص مننا وخصوصًا بعد الحادثة دى بس أكيد مش من البيت هنا لأنه أذاك أنت كمان. كلام مامى عنك وأنت واقف قصادها وخايف على أهلك خلانى أفهم أنك مش العدو اللى مامى بدور عليه اللى يخاف على أهله لا يمكن يأذى بنت عمته وعمته.

حدق بها بهدوء ثم سألها بفضول: -
- وهتفضلى مخبية عنها دا لحد أمتى؟
لمعت عيناها ببريق دموعها يدل على بدأها في البكاء وقالت: -
- معرفش بس على الأقل لحد ما أعرف مين عدونا، أنا مكنش عندى حل وقتها غير دا من غير تفكير في اللى جاى. كان عندى أمل أغير تفكير مامى وأن لما تعرف أن بنتها فقدت الذاكرة مش هتجوزها لراجل زى غيث وهتخاف عليها عشان مريضة بس أديك شايف اللى حصل.

ضمها له بهدوء وقال: -
- متخافيش يا مريم محدش هيأذيكى ومش هسمح بدا أبدًا، يا بت أنتِ حبيبتى وأميرتى والوحيدة اللى حبيتها ووقعتنى فحبها بشقاوتها وجنانها ولا يمكن أسمح أن حد تانى يأخدك منى وكأنى هسيب حد ينزع قلبي من صدرى دا أنا أموت فيها.

شدت بيديها على خصره بخوف عليه من الموت رغم أنها تعلم بأن الموت هو الأقرب من الجميع عن السعادة وقالت بعفوية: -
- ألف بعد الشر عليك يا حبيبى...

- مروان مروان. يا مروان
قطع شروده وبسمته على حديثها ورقتها صوت أخته الصغرى، فهز رأسه ينفر الذكريات منها حادقًا ب مليكة يسألها: -
- خير يا مليكة؟!
- أنت كنت فين أمبارح مامى مبقتش تشوفك؟!
سألته بشك من أمره فتغير أخاها كثيرًا في الأوان الآخيرة، أجابها بتردد من سؤالها المفاجىء بينما يعبث بالأوراق المنثورة أمامه: -.

- كنت بدور على حل للمصيبة اللى حلت بالشركة. وبعدين أنتِ مالك؟ أنتِ بتحققي معايا يا مليكة؟!

عقدت ذراعيها أمام صدرها ثم نظرت ل عاصم فأشار لها بأنه حقًا لا يعلم أين يختفي أخاها هذه الأيام، عادت بنظرها له وقالت بمرح: -
- لا مش بحقق بس مش عارفة ليه حاسة أنك متجوز من ورانا...
وقف بفزع من جملتها يبعدها عن طريقه صارخًا بها بطريقة غريبة: -
- متجوز أيه بس؟ هو أنا لو متجوز هخاف منكم مثلاً دى لو شحاتة أو راقصة مش هخاف وهقول دى مراتى أيه اللى بتقولى دا يا مليكة.

إتسعت عيناها على مصراعيها بذهول من غضبه وأنفعاله المُتزايد عن اللزوم رغم أنها تمزح معه وهكذا كان عاصم فكان لغضبه حق أكثر من اللازم على مزحة قالتها مليكة، أردفت بذهول قائلة: -
- أنا مش قصدى أنا بهزر معاك على فكرة، مفيش داعى للعصبية. عن أذنك
خرجت غاضبة مُحرجة من صراخه عليها أمام سكرتيره الخاص وحتى أن كان صديقه...

جلس على مكتبه بنرفزة وضيق يزفر بأنفعال بينما ألقي بهاتفه على سطح المكتب بقوة وأشمئزاز وكل ذلك تحت أنظار عاصم المُستغرب وضع صديقه فهو يعرفه منذ أكثر من 15 عام ولم يراه هكذا يومًا...

?? في فيلا فارس أبو الغيط ??.

فتحت صفاء الباب وهي تنظر خلفه بخوف من أن يراها أحد فظهر أمام رجل في الأربعينات من العمر وشعره طويل وكثيف يشبه المجرمين ورجال العصابات فقالت بإرتباك ناظرة حولها: -
- أنت أتجننت، هي حصلت تيجى لحد هنا بنفسك أفرض حد شافك، أنت عاوز تجبلى مصيبة.

ضحك ساخرًا عليها وقال بتهكم: -
- لا ما هي المصيبة جاية جاية، قولى ليه بقي. عشان أنتِ يا ست هانم وجلالة السفيرة بوق بس وكلام بس. مر ثلاثة أيام والفلوس موصلتش معاكى النهاردة لحد طلوع القمر يا حلوة لو الفلوس موصلتنيش هوصل أنا حاجة تانية لمروان بيه.

غضبت بوجهه وأردفت بوجه عابس وأغتياظ قائلة: -
- أنت بتهددنى يا شمام يا قاتل القتلة
ضربت قبضتيه على بعضهم وزافرًا بضيق منها وهي تهينه ثم أخرج هاتفه من جيبه قال: -
- لا لو تحبي أوريكى شغل الشمامين بقي أورهولك. شوفى التليفون دا اللى أخترعه دا عبقري وخصوصًا للى زيا. أسمعى كدة أنا معايا أغنية جميلة هتعجبك أوى.

ضغط على زر التشغيل فأتسعت عيناها حين سمعت صوتها من الهاتف وهي تتفق معه بمكالمتها قائلة: -
- هبعتلك اللوكيشن في مسدج عاوزة ميتبقاش خشبة واحدة في المخزن سليمة، عاوزة النار تأكل الخشب كله والحيط كمان. عاوزة قلب مروان وعقله يأكلهم النار مع البضاعة كلها وشحنة الخشب كلها...

ضغط على زر الإيقاف وقال: -
- قولتى أيه يا ست السفيرة عزيزة
حدقت به بأشمئزاز وخرجت من بين ضلوعها تنهيدة قوية ثم قالت: -
- حاضر حاضر يا ابن. ماشي هتصرف وأبعتلك الفلوس بس أدينى يومين كدة...
قطعها بحدة وصوت خشن قائلاً: -
- بليل. معاكى للساعة 9، 9 ودقيقة هكون قدام مروان باشا ومعايا التليفون ومتأكد أنه هيدينى اللى أنا عاوزه وأكتر شوية. سلام يا. هاها. يا صفاء هانم يابنت القصور.

تركها ورحل فأغلقت الباب بخوف وهي تلتقط أنفاسها بصعوبة وفرت هاربة إلى الداخل بسرعة...

خرجت فريدة من القصر بأنفعال وهي تتحدث بالهاتف بغموض مُشيرًا إلى سائقها بأن يشغل محرك السيارة لتنطلق ودلفت إلى السيارة وهكذا رجال الحراس لسيارتهم وأنطلقت السيارتين، خرجت تركض خلف والدتها بعد أن سمعت أتصالها مع شخص آخر عن أختها فوجدت سليم أمامها، رمقها بأستغراب من حالتها وهي تلهث فسألها: -
- مالك يا سارة؟
تشبثت بذراعيه كطوق نجاة وقالت بترجى: -.

- سليم، مامى عرفت مكان مريم. مريم مع مروان، ودينى ليها يا سليم مامى ممكن تقتل حد فيهم.

مسح على رأسها بحنان فسألها مُجددًا: -
- أنا مش فاهم حاجة؟ أنتِ بتقولى أيه؟
- يلا بس هشرحلك في الطريق
قالتها وهي تجذبه نحو السيارة بسرعة فركب سيارته وهي معاه لمتابعة سيارة فريدة
وصلت بسيارتها أمام العمارة ثم ترجلت من سيارتها ونظرت حولها تتفحص المكان ثم قالت بخفوت شديد: -
- مخبيها في المكان دا. يا غباءك يا مروان
صعدت إلى الأعلى بصمت ونيران غضب تنهش بصدرها.

كانت جالسة تحاول الأتصال به بوجه عابس وحزينة على أغضبه منها بدون قصد، رن جرس الباب ففزعت بخوف منذ أن جاءت لم يرن الجرس فهو يحمل معاه مفتاحه...
ذهب نحو الباب ناظرة من العين السحرية فرأت وجه والدتها ليزيد من رعبتها وخوفها فظلت حائرة بين أن تفتح أو لا وبعد دقائق من الحيرة وبعقل ساذج فتحت الباب لتتقابل عيناهما معًا في نظرة صامتة منها تبث خوفًا خاشية غضب والدتها ومن فريدة تبث نار غضب تكاد تقتلها.

?? في شركة إبراهيم أبو الغيط ??.

رن هاتفه مجددًا بأسمها لكن هذه المرة ظل يرن مرارًا وتكرارًا فقطع أجتماعه مُعتذرًا من مؤظفيه وأبعد قليلًا عنهم ثم فتح الخط واضعًا الهاتف على أذنه ويقول بأنفعال من أصرارها على أزعاجه: -
- أيه يا مريم في أجتماع مفيش صبر. اللى محتاجاه هيطير يعنى...
بتر حديثه صوتها حين أتاه عبر الهاتف وهي تقول بثقة مُفحمة بالغضب المكتوم وتكز على أسنانها: -
- لا أنا مش المدام المصونة أنا حماتك يا مروان.

أتسعت عيناه على مصراعيها وخرج من الغرفة بخوف من أن تفعل شيء بحبيبته وألف سؤال يدور برأسه فتلك اللحظة كيف وصلت لها؟ أما مريم من جن جنونها وذهبت بسبب تجاهله لها وشجارهما؟ وكيف علمت بزواجهما؟ وماذا فعلت بمحبوبته؟ وغيرهم الكثير والكثير فقال بصدمة: -
- فريدة؟!
هتفت بأستحقار شديد ملحوظ بنبرتها القوية قائلة: -.

تحبي تتعب نفسك وتجيلى عش الزوجية بتاعكم ولا أبعتهالك أنا بالأبيض. بس الأبيض بتاعى غير الأبيض اللى بتتمنوا أنتوا الجوز.

أزدرد لعابه بخوف وهي تهدده بقتل زوجته وهي بذات الوقت أبنتها فما تقصده الكف وليس فستان الزفاف، هتف بقلق وتلعثم شديد شعرت بهما في نبرته: -
- هجيلك. هجيلك بس متأذيهاش
أغلقت الهاتف دون أن تجيب عليه فأسرع للخارج راكضًا فأنتبه له عاصم وعلم من ملامح وجهه بأن حدث كارثة فذهب خلفه هو الآخر...

وصل إلى الشقة بسرعة البرق فأقل من ساعة ودلف إلى الداخل ووجد فريدة جالسة على المقعد الهزاز وتهزه بخُبث بينما محبوبته جالسة على الأرضية بجانب قدم والدتها مُنكمشة في ذاتها ومُرتدية قميص النوم القصير وعليه روبه الخاص الحرير وشعرها مُنسدل على كتفها الأيسر وعلى وجنتها اليمنى شدية الأحمرار أثر أصابع تدل على ما تعرضت له من والدتها؛ باكية بشدة وترتجف من الخوف.

هتف بفزع عليها وهو يقترب نحوها قائلًا: -
- مريم.
أستوقفت قدمه عن الحركة بصوتها القوى قائلة: -
- مكانك يا مروان بيه يا ابن أخويا ياللى صونت الأمانة أووى
صرخ بها بأنفعال خوفًا على حبيبته قائلاً: -.

- أنتِ اللى بتكلمى عن صون الأمانة، ياترى أنتِ بقي صونتى الأمانة اللى ربنا رزق بيها ولا قررتى تبيعها زى أى سلعة لرجل أكبر منها بأربعين سنة وصونتى صلة الرحم وأنتِ بتأكلى من لحم ابن أخوكِ وعاوزة تكسريه عشان تحسي أنك خدتى حقك اللى أنا مليش ذنب فيه.

ضحكت ببرود تثير غضبه أكثر ثم قالت: -
- خلصت محاضراتك. طلقها يا مروان. لو خايف عليها بجد طلقها لكنك لسه متعرفش أنا ممكن أعمل أيه.

حدق بها بنظرة تحدى ثم قال بأستفزاز يثير غضبها: -
- مش هطلقها يا فريدة. مريم مراتى غصب عنك وعن أى حد وهتفضل مراتى لحد ما أموت
قوست شفتيها بحيرة مُصطنعة وكأنها ستوافقه على ما يتفوه به ثم وقفت من مكانها بهدوء وأتجهت نحو أحد رجالها وسحبت المسدس من جرابه ليفزع من شراستها فهل ستقتله الآن لكنه صُدم حين عادت لمكانها تجلس بجوار حبيبته وقالت: -.

- أنا مفيش حاجة بتحصل غصب عنى واللى يخرج عن طوعى بتكون نهايته الموت...

أجابها بتحدي أكبر ساخرًا منها: -
- وأنا موافق أموت على أيد عمتى وحماتى
تبسمت له بخُبث شديد ثم وضعت المسدس على رأس أبنتها واضعة أصبعها على الزناد، سألها بصدمة وهو يقترب منها بخطوة واحدة: -
- أنتِ هتعملى أيه؟
أوقفته بنبرة قاسية صارخة به: -
- مكانك يا مروان بيه. وأختار يا تطلق يا هتبقي أرمل
سألها بفزع ونظره يتجول بين محبوبته و فريدة: -
- هتقتلى بنتك؟!
أجابته ساخرة منها بقوة دون أن تخشي على أبنتها: -.

- بنتى ماتت، اللى تختار عدوى وتسبنى تبقي مش بنتى
- يام ا م ى أنا...
قالتها بتلعثم شديد ورجفة تستحوذ على جسدها ونبرتها بينما دموعها تنهمر على وجنتيها بخوف من شراسة والدتها وأنتقامها الذي أعماها حتى وضعت المسدس على رأس طفلتها...
قطعت حديثها وهي تقول ببرود: -
- أخترت أيه يا مروان بيه؟!

حدق بمحبوبته المُنكمشة في ذاتها خائفة وترتجف من الرعبة والموت على رأسها، كانت تبادله النظرات تستنجد به وتريده أن ينقذها ويأخذها بعيدًا عن شر والدتها.
كان حائرًا بين أطلق سراحها لتزوجها فريدة من آخر وبين شرها الذي يكاد يقتلها أمام عيناه، فهتف عاجزًا من فعل أى شيء قائلاً: -
- أنتِ عارفة أن طلاقى منها شرعًا مش هيكون مقبول وهتفضل مراتى قدام ربنا مادام أنا وهي مش راضيين ومُجبورين تحت تهديد السلاح.

نظرت لأبنتها بشر ونظرتها تحمل تهديد صريحها بأنها ستقتله إذا أختارته مرة آخرى فسألها بنبرة تهديد: -
- أنتِ مش عاوزة تطلقى يا مريم؟ مش عاوزة
أزدردت لعابها بخوف عليه من أنتقام والدتها وهتفت بتلعثم شديد بينما تحدق بعين والدتها ببرود ولا مبالاة: -
- ط ل ق ن ى يا مروان طلقنى
ناداها بصدمة من حديثها بينما يقف مكانه: -
- مريم؟!
صرخت بوجهه بوجع تخفيه وروح سُلبت منها قائلة: -
- طلقنى يا مروان.

- طلقها يا مروان بيه بنتى مش عاوزاك
قالتها بسخرية منه فهتف بتلعثم شديد بينما يحدق بها بحزن وخذلان: -
- أنتِ طالق يا مريم...
وقفت من مكانها سريعًا وأخذتها من يدها لتتجه نحو الباب وخرجت بها كما هي دون أن تغير ملابسها فوجدت عاصم أمامها فرمقته بأشمئزاز وذهبت وخلفها رجالها، نزلت إلى الأسفل ووجدت سليم بصحبة أبنتها ولم تعريهما أنتباه وأخذتها بسيارتها ورحلت.
صعد سليم و سارة إلى الأعلى ليفهموا ما يحدث...

هتفت بنبرة جامدة باردة بينما تنظر من النافذة قائلة: -
- ممكن نروح فيلاتنا مش عاوزة أروح القصر...
أجابتها بسخرية قائلة: -
- ليه عشان مش هتستحملى تشوفى حبيب القلب قدامك، أطلع على القصر يا حامد العصفورة قلبها لسه طرى ولازم يقوى.

ظلت تحظق بالخارج بقلب يبكى بدلاً من عيناها التي جفت دموعها وحدثت نفسها بنار الوجع قائلة: -
- لازم يقوي يا فريدة هانم وربنا يكفيكى شر القلب الموجوع والروح المكسورة بتبقي سكينة بتجرح كل اللى يلمسها وأنتِ أول المجرروحين يا فريدة...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة