قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية دمية على مسرح الحياة للكاتبة نورا عبدالعزيز الفصل الثاني والعشرون

رواية دمية على مسرح الحياة للكاتبة نورا عبدالعزيز الفصل الثاني والعشرون

رواية دمية على مسرح الحياة للكاتبة نورا عبدالعزيز الفصل الثاني والعشرون

- قتلت، عرفت عملت أيه، ماما قتلت عارف يعنى أيه قتلت
نزلت صفعة قوية منه على وجهها وأسقطتها أرضًا وجعلت شفتيها تنزف، جثو على ركبتيه بأنفعال وهو يمسكها من ذراعها بقوة حيث يألمها لتدرك معنى حديثها وقال بتحذير ولهجة غليظة: -
- إياك أسمعك تقولى كدة تانى أنتِ فاهمة. إياك
رمقته بتحدي سافر وهو يدرك بأن أبنته عنيدة ولم تخشى أحد حتى تهديده وقالت بتمرد: -.

- هقول كدة، هقول ومش هستنى لما مروان يتعدم بتهمة هو معملهاش، هقول للناس وللصحافة والتلفزيون أن القاتل الحقيقى هو مراتك صفاء هانم.

- هتسجنى أمك يا ني?ين أنتِ عارفة لو حد سمعك بتقولى كدة هيحصل أيه؟
حدقت به ببرود وقالت بسخرية قاتلة مُستفزة: -
- أمى ههههه! أنت فاكرنا لسه صغيرين ولا أيه، دى مش أمنا دى قتلت أمنا
أتسعت عيناه بذهول تام وقال بتلعثم: -
- أنتِ بتقولى أيه؟

- بقول الحقيقي اللى حضرتك فاكر ومعتقد أن أنا وزين مش عارفينها، لا إحنا عارفين أنها قتلت أمنا وأنا عندى شهر وزين كان عنده ثلاث سنين إحنا عارفين دا، عارفين أن حضرتك أتجوزتها قبل ما الأربعين يعدى على أمى بحجة أنى كنت رضيعة ومحتاجة أم عارفين، وأسفة لحضرتك أنا مش هسمح للى قتل أمى أنه يسجن مروان كمان. يمكن معيش دليل على قتلها لأمى بس عندى دليل يلف حبل المنشقة حول رقبتها.

صفعها مُجددًا بأنفعال من حديثها بعد أن أثارت غضبه لتصطدم رأسها بحافة الطاولة ويظهر بها أحمرار، وقال: -
- مفيش خروج من البيت لحد ما تنسى كل اللى بتقولى دا وتبطلى خرف
- خرف، ياريتنى كنت بخرف مكنتش شربت خمر ومخدرات وبقيت مُدمنة عشان أنسى، مكنتش سمحت للناس تعايرنى عشان مُدمنة ولما أتعاجلت أرجع تانى لما أعرف أن مراتك قتلت سارة. دا مش خرف دا حقيقي حتى المخدرات معرفتش تغيرها.

أخرج هاتفه وأتصل بأحد الحراس كى يصعد له وقيدها في السرير ثم أشار له بالرحيل و قال بتهديد: -
- هرجعلك تانى لما تعقلى
أستدار ليرحل فأوقفته بحديثها وهي تتحداه: -
- يبقى مش هترجع لأنى مش هعقل واللى عملته دا كسر أخر ذرة تفكير ممكن تخلينى أرجع عن اللى في دماغى وخلى بالك يوم ما أخرج من هنا هكون قدام النيابة وبقدم الدليل.

ألتف يحدق بها فأشاحت نظرها بعيدًا عنه ببرود وغرور تام، أغلق باب الغرفة من الخارج بالمفتاح وجعلها سجينة غرفتها...

في قصر إبراهيم أبو الغيط
كانت تلبس طفلها الصغير وهو يبتسم لها ويشاجرها فقال: -
- مامى إحنا هنروح ل dad صح؟!
وضعت سبابتها على شفتيه وقالت: -
- هششش إحنا قولنا أيه يا إياس
غمز لها بعيناه وقال بطفولية: -
- هنروح الملاهى.

أبتسمت له وذهبت لغرفة الملابس لتغير ملابسها سريعًا وتركته يلهو فوق فراشها وحين عادت لم تجده بالغرفة، زفرت بضيق على خروجه رغم تحذيرها وجلست تصفف شعرها أولاً وأخذت حقيبتها ثم أرتدت حذاءها بكعب عالى، ذهبت للأسفل فوجدت مليكة تطعم والدتها، بحثت بنظرها عنه ولم تجده أخبرت الخادمة بأن تذهب تبحث عنه في الحديقة وتحضره ودقائق مرت لتعود لها الخادمة تخبرها بأن لا وجود لطفلها بالقصر كاملاً...

في شركة الفريدة للحراسات الأمنية
كانت جالسة بأجتماع مجلس الإدارة وأمامها أكثر من خمسة عشر رجل وإمرأة، فتح الباب بقوة ودلفت عليها مريم كعاصفة قاتلة تقترب منها وتصرخ به: -
- ابنى فين يا فريدة؟
أدارت رأسها نحوها وحدقت بها وهي تقترب منها فنظرت للسكرتيرة وقالت بجدية: -
- أنا مش نبهت أنى في أجتماع ومحدش يقاطعنا
- ابنى فين؟ إياس فين؟

قالتها وهي تمسكها من لياقة قميصها فأشارت فريدة للجميع بأن يرحل، أنصرف الجميع لتعيد صراخها بوجه عابس قلق وقال: -
- فين ابنى؟ إياس لو جراله حاجة أنا اللى هقتلك بأيدى
صفعتها بقوة وهي تقول بجدية: -
- واضح أنى فعلاً معرفتش أربيكى، أمشى أطلعى برا
- أنا عاوزة أبنى، أبنى مريض ميستحملش أنتقامك وغلك أنا عاوزة ابنى، إياس ملهوش دعوة باللى بينا.

أشارت للحارس بأن يأخذها للخارج فجذبها للخارج بالقوة وهي تصرخ وتبكى وتقول: -
- سبونى، أنا عاوزة أبنى؟..
أتجهت نحو مكتبها بغيظ وإلتقطت هاتفها كى تتصل به وحين أجابها هتفت بغيظ قائلة: -
- أنت اللى عملتها يا غيث، حفيدى معاك
- معايا، وهخليها تجيلى راكعة تحت رجلى
قالها بغرور فأجابتها بأنفعال: -
- أنا مش حذرتك متقربش من إياس، وتطلع مريم من دماغك
- أسف يا مدام فريدة، أنا ميتلعبش بيا...

قالها وأغلقت الخط معها، ألقت بالهاتف وهي تجلس على مكتبها غاضبة وأخرجت زفير قوي يدل على نفاذ صبرها...

في قصر إبراهيم أبو الغيط
كانت تسير في الحديقة تحدثه بالهاتف وتنظر للأرض: -
- مش عارفة يا زين، بس عاوزة أروح أشوف المحامى، مش عاجبنى كلامه في التليفون
- ممم ماشى هوديكى بس أعملى حسابك طلباتك كترت
- أنا مطلبتش حاجة على فكرة أنت اللى عرضت
قالتها بغرور أتاها صوته من الخلف وهو يقول: -
- نفسي أعرف البوز دا أمتى هنخلص منه
أستدارت له وعلى وجهها بسمة مُشرقة، أخذ خطوة للأمام نحوها ثم قال: -
- بنعرف نضحك أهو.

أستدارت تعطيه ظهرها وقالت: -
- لا مفيش ضحك
وضع يديه على كتفيها وهمس بأذنيها وهو يقف خلفها: -
- أحلى ضحكة تخطف القلب
ألتفت له بخجل وقالت: -
- طب قول والله كدة
- والله
قالها وهو يقترب نحوها كى يداعب أنفها بأنفه، لفت ذراعيها حول خصره ووضعت رأسها على صدره ثم قالت بحب ونبرة هامسة كاد ان يسمعها: -
- بحبك
وضع سبابته أسفل ذقنها ورفعها للأعلى لتتقابل عيناهما وقال: -
- أخيرًا نطقتى، دا أبو الهول كان قرب ينطق قبلك.

ضربته بقبضتها على صدره برفق وقالت: -
- أبو الهول
- طب بحبك والله
تبسمت له بأبتهاج وقالت بفرحة عارمة: -
- عارفة وعشان كدة أتغير وبطلت تعرف بنات
- أنا مبعرفش بنات أصلاً غيرك
- بدأنا نكدب أهو، أمال كنت بتسافر مع مين بالأسابيع
قرص وجنتها برفق وقال: -
- دا أنتِ كنت متابعة بقى
تنحنحت بخجل وهي تتحاشي النظر له فقال بعفوية: -
- كنت بسافر مع شباب صحابى من غير بنات، أنا قلبى وعينى ساكنهما ملكتى وبس.

ضحكت بسعادة له وخرجت من صرخة خافتة تلقائية منها حين حملها على ذراعيه وقالت: -
- أنت بتعمل أيه، نزلنى
- هرميكى في البسين وأخلص منك
قالها وهو يأخذها نحو حمام السباحة فتشبثت به بقوة وقالت: -
- لا يا زين متعملش كدة هرجع في كلامى والله
قوس شفتيه بغضب مصطنع وقال: -
- كمان تهديد دا أنتِ تغرقي متطلعيش تانى
لفت ذراعيها حول عنقه بقوة وقالت بهلع: -
- لا يا زين وحياتى، أنا بحبك
- لا مش مصدقك
- لا صدقنى بحبك والله.

رمقها بنظره وهو يقترب أكثر من حمام السباحة وقال بُخبث ومكر: -
- أثبتى
- أزاى دى، طب أنا موافقة أتجوزك حالاً مفيش أثبت أكتر من كدة
قرب وجنته منها وأشار لها طالباً بقبلة فضربت على كتفه بقوة، وقف على حافة حمام السباحة ونظر نحوه ثم لها بتهديد وأنحنى قليلًا فهلعت بخوف وهي تتشبث به وقالت: -
- خلاص خلاص اهو
وضعت قبلة رقيقة على وجنته بخجل فأردف: -
- مش عاجبانى، مش بنفس كدة مش طالعة من القلب.

تنهدت بضجر منه وهي تشيح نظرها بعيد. ا عنه بوجه أحمر من الخجل ووقع نظرها على الحراس فقالت بتهديد ومكر: -
- أرمنى والحراس كلهم يشوفنى وانا مبلولة والفستان مبين جسمى وأحتمال كمان الحجاب يقع وشعرى يبان عادى. أرمنى.

تحدث بثقة وهي تعلم بأنه يغار بجنون عليها ويخشى أن يراها رجل أخر بقلب عاشق فأعتدل في وقفته وقال: -
- هعفو عنك عشان بغير عليكى بس ومش هخلى حد يشوفك غيرى
أبتسمت بأنتصار لتصدم حين سقط بها في حمام السبحة معًا، وضعت يدها على وجهها تجفف من المياة وفتحت عيناها وهي تضربه على صدره: -
- أنت مجنون
- مانا هخبيكى فيا ومحدش يقدر يبص عليكى أصلًا.

قالها بأبتسامة، وضعت يدها على كتفها وقدميها لا تصل للأرض وتنظر حولها فضحك عليها وتبادلا الضحكات...

في فيلا فارس أبو الغيط
دق جرس الباب وفتحت الخادمة وكان يقف أمامها بثقة وقال: -
- المقدم معتز الشيشينى مباحث جنائية، ممكن أقابل أنسة ني?ين
- ني?ين مش موجودة سافرت الساحل مع صحابها
قالها فارس وهو يأتى من الداخل بجدية، وتذكر وجهه حين رأه بالشقة فسأله مُستغربًا رحيلها فهذه الساعات القليلة: -
- سافرت؟!
- اه أقدر أساعدك في حاجة يا معتز باشا
- لا شكرًا
أتجه للخارج وهو يقول باستفزاز: -.

- معاك عربية ولا اوصلك بنفسي، معلش عشان عندى معاد مع ناس مهمين
اتجه نحو سيارته وأغلقت الخادمة الباب، وأنطلق السائق به...

كانت تحاول فك قيدها بغيظ وأنفعال وهو يقدها هنا منذ أربعة أيام وهي تتألم والحبل يجرح يدها من قوة محاولتها وهي تصدر أنين الوجع أخرج مفاتيحها من جيبها وإلتقطته وهي تحاول قطع الحبل ويدها تتألم من الجروح وهي تسيل دمها أكثر مع حركاتها حتى نجحت في قطع قيدها وفك قيد قدمها وهي تسمع صوت سيارته ترحل، أخذت مفاتيحها وأتجهت نحو الباب لتهرب ووجدته مغلق، أتجهت للشرفة ونظرت للمسافة وهي تشتعل غضبًا من تصرفات والدها وتتواعد لهما بالأنتقام وأخذ حقها، نزعت حذاءها ذات الكعب العالى، ووقفت على السور تستعد للقفز بينما جسدها يكاد يحملها من قلة الأكل ومنعها من الطعام بأمره...

أتجهت نحو سيارته وهو يفكر متى رحلت، فتح باب السيارة وقبل أن يصعد وقع نظره عليها وهي تقف على حافة الشرفة من الخارج وتستعد للقفز، نظر بذهول لثوانى من وجودها في الفيلا وكذب والدها بأخفاء وجودها...

أغمضت عيناها تجمع شجاعتها وحين فتحتهما وجدته يقف في الأسفل ويقول بسخرية: -
- دى عملية أنتحار...
لم تجيبه لينتبه إلى جرح شفتيها ورأسها ثم صمت لحظة يفكر بحديث والدها كى يدرك بأن هناك شىء خطأ وأن ما جاء له حقيقي وأنها تعلم من القاتل، فقال بجدية: -
- أنتِ هتنطى بجد
أومأت له بنعم ففتح ذراعيه لها ووقف أسفل بالضبط وقال: -
- تعالى.

ألتقطت أنفاسها ثم قفزت بخوف لتسقط فوقه ويسقطا أرضًا معًا وهي تتشبث بعنقه بقوة وخوف، شعر برجفة جسدها بين ذراعيه وهو يطوقها بقوة حتى سمع همساتها الضعيف وهي تقول: -
- خرجنى من هنا، بليز
ومن ثم شعر برأسها تسقط على صدره وتوقفت رجفة جسدها، تشبث بها بقوة خوفًا عليها ولا يعلم لماذا يخاف عليها أو لما قلبه أرتعش قلقًا عليها حين فقدت الوعى، وقف وهو يحملها على ذراعيه وأخذها في سيارته ورحل...

فتح عاصم باب الشقة وهو يختبيء في الخلف، لتدخل وهي تبكى بهلع وتكاد تفقد عقلها من البكاء، سمع صوتها من الداخل ليخرج مُسرعًا فأسرعت نحوه تبكى بخوف وقالت: -
- مروان، أنا عاوزة ابنى؟، عاوزة إياس، هاتلى إياس أنا عاوزة أبنى؟
كانت تتحدث بهسترية وهي شبه غائبة عن الوعى حتى سقطت أرضًا معاه فسألها بدون فهم: -
- أهدى يا مريم وفهمنى حصل ايه؟ وإياس فين؟

- أنا عاوزة ابنى؟ إياس مريض مش هيستحمل، هاتلى ابنى يا مروان...
هاتلى ابنى
- هو حصل أيه؟ إياس فين يا مريم؟
ضربت على صدره بقوة وعيناها تشوشت رؤيتهما من كثرة البكاء وأنفها أنتفخت بينما وجنتيها توردا أحمرار، كانت تضربه وتحدثه وهي شبه مُغيبة عن الواقع: -
- خدته منى، أنا عاوزة ابنى يا مروان هاتلى أبنى...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة