قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية دمية على مسرح الحياة للكاتبة نورا عبدالعزيز الفصل الثالث والعشرون

رواية دمية على مسرح الحياة للكاتبة نورا عبدالعزيز الفصل الثالث والعشرون

رواية دمية على مسرح الحياة للكاتبة نورا عبدالعزيز الفصل الثالث والعشرون

أخبرته بما حدث وأختفاء طفلها وهي تبكى بقوة وقطعة من قلبها مفقودة ولا تعلم أين هي؟

- أنا روحت لفريدة وهي مرضتيتش تقولى هو فين؟ أنا عاوزة إياس يا مروان
- اهدى يا مريم، إياس هرجع حتى لو على جثتى، أنا مش هسيب ابنى، هرجعه لو تحت الأرض
قالها بغضب ممزوج بخوف على طفله الصغير وضم رأسها إلى صدره لتتشبث به بضعف وخوف...
خرج من الغرفة بعد أن بدل ملابسه أوقفه عاصم بهلع وهو يسأله: -
- أنت رايح فين؟

- هدور على ابنى، أنا مش هقعد هنا حاطط أيدى على خدى زى الولاية ومش عارف هو فين؟ ومستنى حد يجبهولى.

- أنت لو خرجت مش هترجع وهتودينا كلنا في داهية وراك، أهدا كدة وانا هروح أدور عليه.

زفر بضيق وهو على وشك الأنفجار، أشاح نظره بعيدًا ليراها وهي جالسة على الأرض كما هي باكية وهي تردد جملة واحدة: -
- أنا عايزة ابنى يا مروان؟
- عاصم، أنا هخرج واللى يحصل يحصل، أنا لازم أرجع إياس. واللى عملها أنا هدفنه حى أعدام بأعدام بقى
دفعه بقوة بعيدًا عن طريقه وحين وصل أمام باب الشقة قبل أن يخطو خارجه سمع صوت صراخ عاصم يناديها: -
- مدام مريم.

أستدار للخلف فرأها سقطت على الأرض مغمى عليها، أسرع نحوها بهلع مُناديها: -
- مريم. مريم ردى عليا
مسح على وجنتها مرات عدة وهي غائبة عن الوعى لا تستجيب له.
حملها على ذراعيه ودخل للغرفة وأتصال عاصم بالطبيب ليأتى من أجلها...

خرجت فريال من الغرفة فسألها بقلق ملحوظ: -
- ها عملتى أيه؟
- عندها هبوط في الدورة الدموية واضح أنها مأكلتش بقالها فترة
- والجروح اللى في وشها أيه؟
نظرت للأسفل بحزن وقالت مُستاءة: -
- أمال لو شوفت جسمها، جسمها كله كدمات قوية يا معتز، الحمد لله أن مفيش ضلع أتكسر.

- مممم فهمت
سألته بفضول وهي تتجه للخارج: -
- فهمت أيه؟! فهمنى أنا كمان
تنهد بأختناق وقال بغضب سافر: -
- دا أثر تعذيب يا فري، عارفة يعنى أيه تعذيب
- أنت بتهزر صح؟، أنت مش قولت جبتها من بيتها. أوعى يا معتز تكون أنت اللى ضربتها.

نكزها بقوة وأغتياظ وهو يقول: -
- أنتِ مجنونة يا فرى، أنا هعمل كدة؟ و ليه؟
- ماشى، أنا هروح المستشفى لو حصل حاجة كلمنى
مسكها من ذراعها فجأة وهو يقول: -
- حاجة ايه؟ أنا ورايا شغل في القسم
- وأنا ورايا عملية أسيب الراجل يموت يعنى عشان سيادتك وراك خناق مع المجرمين.

تذمر بضيق عليها وهي تضع قبلة على وجنته وركضت للخارج مُسرعة، تنهدت بضيق وهو يشعر بكتلة نارية من غضب بداخله بعد أن سمع حالتها من أخته، سمع أنين صوتها من الخلف فأستدار بلهفة ووجدتها تخرج من الغرفة وهي تكتىء على الحائط بيدين ضعيفتين، حدقت به وهي تتوقف وتشعر بدوران في رأسها، رأى جسدها يكاد يسقط من ضعف قدميها فأسرع نحوها بخوف وتشبث بذراعيها وخصرها بقوة حتى لا تسقط منه، نظرت بعيناه وهي صامتة وسقطت رأسها على صدره من الضعف لتشعر بيده تتمسك بها بقوة ويجذبها له أكثر وكادت أن تخترق ضلوعه...

أجلسها على الأريكة أمامه وجلس هو يدوى جروح يدها برفق حتى لا يؤلمها وينفخ بها عندما تتألم، كانت تراقب وجهه بصمت وهي هادئة تمامًا، رفع نظره للأعلى لتتقابل عيناهما في نظرة طويلة صامتة وكانت نظرة عيناها مليئة بالضعف والخوف بينما عيناه كانت مليئة بالقلق والخوف عليها بوضوح تام...
أزدرد لعابه بإرتباك من عيناها التي يرغب بأحتضانها في تلك اللحظة ليطمئنها فسألها: -
- مين اللى عمل فيكى كدة؟
- محدش.

أجابته وهي تتحاشى النظر في عيناه وتجذب يدها من يده، رد عليها مُتسائلاً من جديد: -
- دا خوف؟ أول مرة من يوم ما قابلتك ألاقيكى خايفة. دا أنتِ مخوفتيش منى وأنا بحقق معاكى.

- أنت ضابط ولا وكيل نيابة
أبتسم لها وهو يتذكر حديثه مع الخادمة وقال: -
- وكيل نيابة
- وكيل نيابة كذاب، مش مباحث جنائية يعنى
- كدبة بيضة، وبعدين عرفتى منين؟
- سوزى قالتلى وأنت بتكلم بابا
- سوزى مين؟
- الخادمة
- ممممم مش هتقولى مين اللى عمل فيكى كدة
تنهدت بحيرة وقالت بترجى: -
- هقولك بس هتصدقنى
رمقها بنظرة هادئة وقال: -
- هصدقك
قوست شفتيها بحزن وقالت: -.

- بابا اللى عمل كدة عشان يحمى مراته، فاكر أن كدة بيسكتنى
سألها وهو يدفء الشوربة لها لتبدأ بتناول الطعام: -
- يسكتك عن أيه؟ ويحمى مراته من أيه؟
- عشان هي اللى قتلت مش مروان، عرفت ليه متأكدة أن مروان مش قاتل.
ترك من يده الملعقة وسألها بفضول: -
- لا أحكيلى الموضوع من أوله
- وهتساعد مروان في البراءة ولا كل اللى هيمهمك تقفل القضية
- اخلصي ياما
ضحكت ساخرة عليه وقالت: -
- اما، أنت بيئة أوى على فكرة.

- معاشر مجرمين وسفاحين مينفعش معاهم مامى وبابى، أخلصى
قالها وهو يمد لها يده بالطعام، نظرت للملعقة ويده الممدودة وقالت: -
- دى من تخصصات وكيل النيابة.

تنحنح بإحراج وهو يبعد يده، مسكت يده برفق وتبسمت له وهي تقول: -
- بس مفيش مانع تدلعنى شوية، أنا هنجحك في القضية
تناولت الطعام بإبتسامة وتقول: -
- على فكرة أنا معنديش دليل، أنا سمعتها وهي بتتكلم مع واحد في الجنينة ومشوفتش وشه. هتعرف تثبت براءة مروان.

- هحاول بس دا مش أكيد لازم دليل ملموسة عشان المحكمة تعترف بيه
قالها بجدية وهو يرمقها بنظرة حادة، أردفت بحزن قائلة: -
- يعنى مش هتساعده
مسح على رأسها بحنان وقال مُبتسمًا: -
- هساعده أطمنى، مع أنى معملتهاش قبل كدة بس هساعده عشان خاطرك
وضع يده على جرح شفتيها وسألها بهلع: -
- هو اللى عمل فيكى كدة بقى
أومأت له بنعم وهي تحدق بعيناه صامتة ثم قالت بهدوء: -
- أنا همشى
- هتروحى فين؟

- أروح أقعد في اوتيل، أكيد مش هرجع البيت
قالتها وهي تقف من مكانها، وقف من مكانه مُسرعة وقال: -
- لا مفيش اوتيلات، أنتِ مش بتقعدى مع فرى هنا. أنا كدة راجع شقتى
أردفت بإحراج قائلة: -
- لا مينفعش أختك تقعد مع مُدمنة زى، خطر عليها
أقترب خطوة نحوها وهو يضع خصلات شعرها خلف أذنيها بلطف وقال بحب: -
- ميبقاش قلبك أسود، دا كان خناق ومناقرة، وبعدين في مُدمنة قمر كدة
- دى معاكسة
قالتها مبتسمة له، اجابها بعفوية: -.

- معاكسة رسمية عسكرية
تبسمت له بدلالية وعادت لجلستها وهو يرمقها بنظره...

خرج الطبيب من الغرفة وكان واقفًا بأنتظاره ومعه عاصم فسأله بلهفة: -
- خير يا دكتور طمنى؟!
- خير أن شاء الله مفيش داعى للقلق دا كله، المدام حامل بلاش أى زعل بس عليها وأنا هكتبها علاج تأخده وتمشى عليه بأنتظام
أتسعت عيناه بدهشة وهو يستمع لحديث الطبيب، تبسم عاصم لطبيب ثم أخذه إلى الخارج، ولج إلى غرفتها والبسمة لا تفارق وجهه ورأها تقف تهندم ملابسها فسألها بأستغراب: -
- أنتِ بتعملى أيه يا مريم؟!

- هروح أدور على ابنى
قالتها وهي تغلق أخر زر في قميصها، أقترب منها بهدوء وقال بطمأنينة: -
- طب أقعد أرتاحى وأنا هروح أدور عليه بنفسى ومش هرجع غير بيه
- أنا مش هرتاح غير لما ألاقى ابنى
تحدث بجدية وهو يمسكها من ذراعها بقوة هاتفًا: -
- أقعد يا مريم بقولك لازم ترتاحى أنتِ مش عارفة...
بترت حديثه بصراخ بوجهه ونبرة غليظة: -.

- أنا عارفة أنى حامل، بس لازم أروح أدور على ابنى، لازم ألاقى إياس يا مروان، أنت عارف أنه مريض وقلبه ضعيف.

كانت تتحدث معه وهي تعود للبكاء مُجددًا فضمها إلى صدره وقال: -
- والله هرجعه يا مريم، حتى لو حياتى كانت الثمن بس أهدى.
تشبثت به وهي تبكى بأنهيار ولا تعلم ماذا تفعل لتسترجع طفلها...

- أنا عاوزك تحط صفاء تحت المراقبة وتراقب تليفون
قالها وهو جالسًا على مقعده ومُتكىء بظهره للخلف، دق باب المكتب بهدوء لينظر نحوه ويرأها تدخل من الخارج، أشار إلى الضابط بأن يذهب وهو يقف مُسرعًا ويسير نحوها فقال بصوت خشن ونبرة غليظة: -
- أنتِ أيه اللى خرجك من البيت، أنا مش قولت مفيش خروج من باب البيت لحد ما أخلص القضية دى.

- أيه دا؟! أنتِ هتحبسنى ولا أيه!، أنا أخرج وأدخل زى ما أنا عاوزة
قالتها بتذمر وصوتها شبه مُرتفع، مسكها من ذراعها بقوة أكثر وقال: -
- هحبسك حتى لو وصلت أدخل الحبس، أنا مبلعبش ولا بهزر معاكى، أنتِ فاهمة
نفضت ذراعها من قبضته بأغتياظ وقالت بسخرية: -
- أنت مجنون صح أكيد مجنون؟، أنت مالكش حكم عليا.

دلف فارس من باب المكتب وتوقف مكانه يحدق بهما وتحديدًا بطفلته المتمردة فسألها بهدوء تام وهو يضع يديه في جيبه: -
- بتعملى أيه هنا؟!
أبتسمت له بمكر ونظرة شيطانية وقالت بتهديد: -
- مش قولتلك خاف لأنى لما أخرج هكون في النيابة.

أقترب نحوهما بخطوات ثابتة وأغتياظ من تصرف طفلته وهل حقًا جلبت الدليل له، عادت بتلقائية خطوة للخلف خوفًا منه بعد أن تعرض لها بالضرب المبرح وأختبأت خلفه وهي تتشبث به، شعر بيدها الصغيرة تتشبث بقميصه من الخلف وبهما رجفة خافتة، وضع يده فوق يدها يطمئن وقال بجدية: -
- أيوة يا أستاذ فارس، أقدر أساعدك في حاجة؟
رمقها بنظره وقال: -
- أنا جاى أخد بنتى، عند حضرتك مانع؟!

- لا خالص مين قال كدة، بس دا لو ليها رغبة ترجع مع حضرتك
قالها بحدة ثم نظر لها لتتحدث فقالت بشجاعة: -
- أنا مش هرجع معاك، ومروان هيطلع براءة وقريب أوى
ابتسم معتز له بثقة وقال: -
- ممكن حضرتك تستأذن، أنا ورايا شغل وفي قاتل لازم أقبض عليه.

زفر بضيق وخرج من المكتب، أستدار لها وقال: -
- قولتلك متخرجيش لازم ننشف دماغنت ونعاند وخلاص، أتفضلى قدامى
- أستن بجد أنا جاية في حاجة مهمة
قالتها وهي تمد له يدها بالهاتف الخاص بها وأستكملت حديثها هاتفة: -
- الرجل دا بيجى الفيلا كتير عندنا وبيقابل صفاء في الجنينة وبيكون مخبي وشه
حدق بالصورة بتركير فسألته: -
- هيساعدك في حاجة
- ممممم، أتفضلى أروحك دلوقت.
قالها وهو يرن الجرس ليدخل له الضابط فقال: -.

- هاتى كل البيانات عن الراجل دا وتعرف له ملف في الداخلية ولا لا، أرجع ألاقى اللى طلبته على مكتبى. يللا يا مغلبانى.

أخذها من يدها ورحل وهي لم تتوقف عن التذمر عليه والشجار معه في حين أنه يتجاهلها صامتًا مما يزيد من غضبها وتذمرها...

?? في قصر إبراهيم أبو الغيط ??.

دلفت فريدة إلى غرفتها ووجدته يجلس بأنتظار ببرود تام، أغلقت باب الغرفة بقوة وقالت: -
- أنت أتجننت، إياس فين؟
- معرفش، قولى لبنتك الحلوة لو عاوزة أبنها تكلمنى وتليفونى مش صعب ولا عنوانى يتوه.

أقتربت منه مُنفعلة ومسكته من لياقة قميصه بغضب وقالت: -
- أنت مجنون فعلا محتاج مصحة نفسية لا عقلية، معاك 24 ساعة يا غيث باشا لو إياس مرجعش البيت ولمريم ؛ متندمش على أي حاجة.

رفع يده ليصفعها فمسكتها بقوة وتحدى وقالت بثقة وكبرياء: -
- مش بقولك مجنون، أنت لسه مترفعش مين هي فريدة ولا تقدر تعمل أيه.

دفعت يده بقوة وذهبت من أمامه، أخذ سترته واتجه نحو الباب مُشتاطًا غضبًا من تهديدها، فتحه ليتلقى لكمة قوية على وجه من مروان دفعته للخلف مُجددًا، حدق به مُصدومًا من وجوده في القصر بدون خوف من القبض عليه، دلف مروان خلفه بوجه شرس كالثور الهائج وظهرت عروق يده من غضبه عاقدًا حاجبيه وقال: -
- الحركة دى متطلعش غير من واحد زبالة زيك...
وضع يده على وجهه بألم وقال: -.

- صح، هتقتلنى أقتلنى بس ابنك مش هيرجع ولا هتشوفه تانى، هتأخد عزاءه تعرف تعملها ولا أعملهالك.

لكمه مرة أخرى وأخرى حتى أتاه صوتها من الخلف تحدثه وهي تكز على أسنانها قائلة: -
- وليك عين تيجى هنا كمان...
أستدار لها ببطيء شديد ليراها تقف هناك ومعها ضباط الشرطة، حدق بها ببرود ولم يستغرب فعلتها، أسرع نحوه العساكر ووضعه الأصداف بيديه، سألها بهدوء: -
- أرتاحتى كدة؟ خدى حقك
أقتربت نحوه ووضعت يدها على الأصداف الموضوعة في يده وقالت: -
- حقى رقبتك وهأخده قريب
أبتسم لها بسخرية وقال: -.

- ودا حق خسارتك لسارة ولا لمريم، أصلك خسرتيهم الأتنين سواء الحية أو الميتة...

صفعته على وجهه بقوة وهي تحدق به بنظرة نارية قاتلة ولو كانت نظرتها تقتل لقتلته في تلك اللحظة...
أخذه الضابط للخارج وسط صرخات أخته ووالدته، نظر على فريدة وهي تقف عاقدة ذراعيها أمام صدرها تنظر عليه بأنتصار ثم صعد إلى سيارة الشرطة...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة