قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية دمية على مسرح الحياة للكاتبة نورا عبدالعزيز الفصل الثامن عشر

رواية دمية على مسرح الحياة للكاتبة نورا عبدالعزيز الفصل الثامن عشر

رواية دمية على مسرح الحياة للكاتبة نورا عبدالعزيز الفصل الثامن عشر

أقترب خطوة منها بينما تصرخ به بصدمة فعادت خطوة للخلف تصرخ بوجهه تمنعه من الأقتراب: -
- متقربش منى.

- مريم أنا معملتش حاجة غلط، أنا أحترمت قرارك اللى خدتى من ورايا متنسيش دا، متنسيش أنك هربتى وخدتى ابنى منى من غير ما ترجعيلى، أنا سبحان من صبرنى كل السنين دى وأنتِ حرمانى من ابنى ومن أن أكون معاكى فأكتر وقت محتاجنى فيه. بس جيت على نفسي عشان راحتك، بقيت بتحمل وجع قلبي وأنتِ بدوسي عليا بقرارك دا وأهتمت براحتك بس واللى أنتِ عاوزاه. أنا متحكمتش فقرارك زى ما أنتِ مُتخيلة أنا كنت بحميكم، كنت بطمن عليكم وطمنى قلبي عليكى وأنك بخير لأنك مهما كبرتى ومهما نضجتى هتفضلى حبيبتى الطفلة المتمردة وبالنسبة ليا مريم لسه طفلة لما برجع البيت بتجرى عليا زى الطفلة اللى باباها رجع من الشغل وكانت مستنياه طول اليوم، هتفضلى مريم اللى بتتصل بيا في الشغل تطلب حلويات وشيكولاتات.

أقترب خطوة منها بينما هي صامتة وهادئة تستمع له وهو يعرف سبل الوصول إلى قلبها وكيف يتخلص من غضبها ويحوله إلى هدوء، وضع يديه على كتفها بحنان ثم مسك ذقنها بأنامله وقال بلطف: -
- صدقينى يا مريم أنا عمرى ما أتحكمت فقراراتك ولا فيكى وكمان عمرى ما حسيت بتعب قلبي غير لما عرفتك بس برضو محبتش ولا هحب غيرك ولو أنتِ شايفة تصرفاتى غلط فأعذرينى لأن معاكى أنتِ أنا بتصرف بقلبي مش عقلي.

ذرفت دموعها الحارة باكية من حديثه وقالت بلهجة واهنة: -
- أنا تعبانة يا مروان ومش عارفة هقدر أقسي على ماما لحد أمتى؟ مش عاوزة أقسي عليها وبكرة ابنى يقسي عليا، تعبانة وتعبي ملهوش حل ولا علاجى.

ضمها إلى صدره بحنان وطوقها بذراعيه بينما يحدثها بلطف: -
- سلامتك من التعب يا قلب مروان، أن شاء الله هحاول أصفي المشاكل معاها عشانك وعشان ابنى وأدعيلى أنها تقبل وتقتنع ومتعاندش زى بنتها.

ضحكت بسعادة عليه وسط بكاءها فضحك هو الآخر وقال: -
- خلاص فقرة وكيل النيابة خلصت، نخش على الفقرة اللى بعدها
أبعدت عنه مُبتسمة في حين توردت وجنتيها وقالت: -
- لا خلاص مفيش فقرات تانى فيه فقرة من كلمة واحدة بس
وضع خصلات شعرها خلف أذنيه مُبتسمًا هاتفًا: -
- كلمة واحدة بس مش هتعطلنا، أسمعها
وضعت ذراعيها حول عنقه بدلال ورفعت جسدها على أطراف أصابعها وقالت هامسة له بنبرة ناعمة: -
- بحبك.

صرخت برفق حين أنحنى وحملها على ذراعيه وقال بشغف: -
- أنتِ كدة جيت فملعبي ومن حقي أشوط زى مانا عاوز
أتجه به نحو الفراش فأشارت له بسبابتها وأردفت: -
- ابنك هيصحى.

أنزلها بهدوء وعفوية ثم وضع قبلة على جبينها بحنان فأغمضت عيناها بأستسلام تستنشق رائحة عبيره وتشعر بدفئه كما أشتاقت له وذلك الشعور بالأمان والسند، مسك يدها بحنان ووضع قبلة فقلب كفها. أبتسمت له بسعادة وألتقت عيناهما فنظرة مليئة بالمشاعر المدفونة بين ضلوعهما داخل قلوب عاشقة منذ الوهلة الأولى، كان شاردًا بعيناها الساحرة والعشق الذي يفيض منهما، أقترب منها أكثر فوضعت سبابتها على شفتيه تمنعه من الأقتراب أكثر وقالت هامسة: -.

- أنا عاوزة فرح
أبتعد عنها بأستغراب وقال: -
- فرح؟ وبالنسبة للى نايم دا أيه
أبتعدت عنه وذهبت مُتمردة من بين ذراعيه تقول: -
- عادى يعنى يحضر فرح باباه ومامته مش مشكلة. أنا عاوزة فرح ماليش دعوة ولا أنا مش زى العرايس يعنى.

أقترب منها يحضنها من الخلف وقال: -
- وأحلى عروسة كمان، أعملك أكبر وأحلى فرح أتعمل وهتعمل فالبلد كلها بس أكيد مش دلوقتى يعنى.

أستدارت له مُبتسمة بخبث ووضعت ذراعها بذراعه وقالت وهي تأخذه معاها: -
- اه طبعًا وتجبلى الفستان اللى أنا أختاره وكمان بدلة لأيو امال هيحضر فرح مامته وباباه كدة يعنى.

- هو الطبيعي أن محدش بيحضر فرح أهله دا أزاى
- زى الناس ماهو هيحضر أهو
قالتها وهي تأخذه تجاه الباب فسألها بفضول وعدم فهم: -
- وماله يحضر بس هو أنتِ وخدانى على فين كدة بس؟
أخرجته من الغرفة وقالت مُبتسمة له بطفولية: -
- مفيش دخول هنا غير بعد الفرح
- نعم دا اللى هو أزاى؟ دى اوضتى وأنتِ مراتى والمفعوس الصغير اللى جوا دا ابنى.

- والله دا اللى عندى بقي مفيش دخول هنا غير بعد الفرح، عروسة ومن حقي، ويللا بقي من هنا عشان أنا جاية من سفر وتعبانة.

أغلقت باب الغرفة بوجهه ضاحكة عليه، وضع يديه خلف رأسه مُبعثرًا شعره وذهب إلى غرفة آخرى...

دلفت مليكة بصحبة زين ومعاهم ني?ين والخادمة تحمل حقيبتها فسألتها مروة بأستفزاز: -
- على فين العزم كدة أن شاء الله
- أزيك يا طنط؟ ني?ين هتقعد معانا شوية
قالتها مليكة وهي تطوق ني?ين، أجابتها بغيظ وهي تتجه إلى الصالون: -
- وماله ماهى وكالة من غير بواب، كل اللى امه تغضبه يجى هنا فتحتناها فندق هنا
- بتقولى حاجة يا طنط؟
سألها زين ببرود فأجابته: -
- بقول هضلموا قصدى تنوروا. أطلعوا أطلعوا.

خرجت فريدة من غرفتها صباحًا مُتجهة إلى شركتها فأصطدم بها إياس وهو يلهو هنا وهناك يلعب بسيارته المتحركة، نظرت له بحنان وجثوت على ركبتيها لتكون بمستواه فسألته: -
- بتعمل ايه؟
- بلعب بألعابي، بابي جابلى لعب كتيله (كتيرة) تعالى أوليهالك (أوريهالك).

مسكها من يدها ببراءة وأخذها إلى غرفة خصصها مروان له وملاءها بالألعاب، ترك يدها وركض إلى الداخل يحضر لها ألعابه شيء فشيئًا، ظلت تتطلع له بسعادة فهل حقًا أنجبت طفلتها طفلاً صغير يركض هنا وهناك، أوقفته بصوتها القوي من الخلف وهي تقول: -
- إياس روح عشان تفطر، خديه يا دارين
أخذته للخارج فأقتربت مريم من والدتها وقالت: -.

- لو فعلاً خايفة عليه وعليا أطلعى برا البيت دا أنتِ والحيوان اللى أتجوزتيه، أنا وأنتِ عارفين كويس هو عايز أيه. ولو على الشيكات اللى كاتباها عليه أنا مستعدة أديلك المبلغ وتطلقي منه بس تبطلى أنتقام لأنى مش هسمحلك تحرمنى من جوزى وتيتمى ابنى اللى لسه ميعرفش حاجة.

- مبقاش ينفع يا مريم الطريق طويل ومش بعد ما مشيته هتوقفنى هنا
صرخت بوجهها بأغتياظ قائلة: -
- يعنى أنتِ مهم عندك أوى الماضي اللى عيشتى وأنا مش مهمة عندك، الماضي والأموات يستاهلوا أنك تخسري بنتك. ماما مروان لو جراله حاجة أنتِ متخيلة أنتِ هتكونى بتعملى فيا أنا أيه. مروان مأذكيش فحاجة عشان تنتقمى منه، عشان خاطرى أنا بلاش اللى بتفكري فيه معقول خمس سنين محستش فيهم أنك واجعنى وخسرتينى.

أقتربت خطوة منها بهدوء وغرور وقالت: -
- أنتِ اللى أخترتى يا مريم مش أنا، وأنا مش هتنازل عن حقي وعن الشوط اللى أنا لعبته مش لحظة متسنحلى الفرصة أنى أجيب جول هقول لا وأرجع.

تركتها وخرجت من الغرفة، تركت العنان لدموعها وتنهمر بوجع فشعرت بيد تربت على كتفها أستدارت مبتسمة بسعادة وتقول: -
- ماما
- دا أنا يا مريم
قالتها سارة بحزن فعانقتها أختها بضعف وهي تجهش في البكاء وقالت: -
- ماما باعتنى يا سارة وأخترت الأنتقام والحرب، أنا معملتش حاجة عشان توجعنى كدة.

أربتت على ظهرها بحنان وقالت بلطف: -
- متقلقيش يا مريم، ماما متقدريش تأذيكى وبتحبك
أبتعدت عنها بضعف وقالت باكية: -
- بس تقدر تأذي مروان ودا أكبر أذي ممكن تعملهولى
جففت دموع أختها بحنان وقالت: -
- هخلى سليم يحاول معاها تانى
- مش هتسمعله
قالتها بوجع فعانقتها سارة بشفقة على حالها وتشبثتها بها بحيرة وعجز عن إيقاف والدتها عما تفكر به...

دلف إلى مكتبه بوقاره وهو يحدث عاصم بأستعجال يقول: -
- تمام أنا عاوزك تمر على الكمبوند بنفسك ومش عاوز يكون فيه أى غلطة قبل التسليم، اه وكمبوند أكتوبر عايز تصاميمه تكون بأفكار مختلفة مش تقليدية.

- حاضر
- اه عاصم أنا عاوز أعرف دبت النملة عن فريدة وتخطيطاتها الكثيرة وتشوفلى حراسة كويسة عشان إياس، أنا عارف أنها مش هتأذيه لأنه حفيدها بس برضو الثعلب اللى هي متجوزاه مش هيعديها عادى كدة.

- أطمن
دلفت السكرتيرة إلى مكتبه وهتفت برسمية: -
- أنسة ني?ين برا وعاوزاه تقابل حضرتك
- خير على الصبح. خليها تدخل
قالها بضجر وخرجت السكرتيرة ليكمل حديثه بضيق قائلًا: -
- أنا مبتفائلش لما حد يجيلى من العائلة دى. بيأكلوا فبعض
ولجت إلى مكتبه مُبتسمة أبتسامة مُشرقة ثم جلست على الكرسي أمام مكتبه فسألها بفضول: -
- خير يا ني?ين
أردفت بغيظ من سأله: -.

- أيه يا مروان الوش دا، طب قولى تشربي أيه ولا أزيك أى حاجة دا أيه. عموماً أنا عاوزة منك خدمة صغننة قد كدة.

- خشي في الموضوع عشان أنا ورايا شغل
تنحنحت بهدوء ثم نظرت ل عاصم بإحراج وعادت بنظرها له وقالت: -
- عاوزاك توصيلى ناس من معارفك
- مش فاهم وضحى أكتر
- بصراحة خدها مرة واحدة، أنا عاوزة أشتغل بس أنا ماليش فشغل الشركات والإدارة والجو دا. أنا عاوزاه أشتغل موديلز عارضة ازياء زى ماتحب شوفلى ناس بقي من معارفك ووسطة وكدة يعنى.

أغمض عيناه بأستسلام وقال: -
- شوفلها اللى هي عاوزاه يا عاصم. وابعتلى المدير المالى عاوزه
وقفت من مكانها بفرحة وقالت: -
- ميرسي يا مروان
ذهبت مع عاصم إلى الخارج تقول: -
- ها هتكلمهم أمتى؟
- النهاردة بأذن الله عن أذنك عشان عندى شغل كتير
تركها ورحل فكزت على أسنانها بضيق منه وقالت: -
- أيه جبل التلج دا
ذهبت إلى مكتب أخيها مُشتاطة غضبًا.
- ما تسمعى الكلام يا مليكة خلينا نخلص.

قالها بتذمر وهو يقترب منها مُنفعلاً فأجابته بحزن مُستاءة من حديثه: -
- لا يعنى لا، أنا متجوزش مع حد دا ليلة العمر يا زين ليه عايز تبوظهالى
- أبوظهالك عشان بقولك نتجوز مع سارة فنفس اليوم يبقي ببوظهالك
قالها بتمرد على حديثها وعنادها فأجابته بأستياء: -
- اه أنا عاوزة ليلة لوحدى ماليش دعوة
أغلقت قبضتيه أمام وجهها بغيظ وقال: -
- طب أمتى؟ عارفة لو قولتلى بكرة هعملهالك بكرة
قوست شفتيها بضيق وقالت: -.

- بكرة ايه؟ مش لسه فيه فستان أنا مخترتوش ولا قاعة ولسه في دعاوى هتطبع وحاجات كتيرة أوى يا بيبي.

- أنتِ قاصدة تعصبنى صح. قولى صح كل دا بالتليفون يخلص فيوم على فكرة بس أنتِ اللى شكلك مش ناوية تتجوزنى
قالها بضجر وهو يعود لمكتبه فصرخت بوجهه قائلة: -
- أنت بتتعصب عليا يا زين وكمان بتتهمنى أنى مش عاوزة أتجوزك
أستدار لها يشتاط غضبًا بسألها: -
- أتعصبت عليكى فين دا ها ها
أتاهما صوتها وهي تقف على الباب: -
- واضح أنى جيت فوقت من مناسب. أجيلكم فوقت تانى ولا حاجة
- لا أستنى هنا.

قالتها بغيظ وهي تستدير تحمل شنطتها وهاتفها وقالت ببرود: -
- أنا مُستقيلة من المكتب المعفن دا ومشوفش وشك تانى يا زين أنت فاهم. قال زين قال دا حاجة معفنة كدة أنا تتعصب عليا ماشي ماشي.

أخذتها ورحلت من الشركة تذمر على غضبها وهمهم بحديثه مُستاءًا منها: -
- مجنونة ومتخلفة.

نزلت من الأعلى تحمل حقيبتها الصغيرة بيدها وقالت بهدوء: -
- طنط أنا هروح مشوار سريع كدة مش هتأخر
- ماشي يا مريم ومتقلقيش إياس معايا
قالتها ليلى بسعادة وهي تلعب معه بألعابه الألكترونية فأجابتها مريم: -
- لا أنا هأخده معايا. يللا يا إياس
ركض نحو والدته بسعادة حتى وصل إليها وتشبث بيدها فقالت: -
- عن أذنك يا طنط.

أخذته وخرجت من القصر وفتح له باب السيارة ليصعد ثم صعدت هي بمقعد السائق وقادت به السيارة حتى وصلت إلى عيادة طبيب أخصائي صدر وقلب وجلست به في الأنتظار حتى هتفت الممرضة تقول: -
- إياس مروان أبو الغيط
وقفت وحملت طفلها على ذراعها ثم دلفت إلى الغرفة وجلست أمام الطبيب وهو على قدمها فقالت: -.

- دكتور هو بيتعب على طول الفترة الآخيرة دى وخصوصًا لما بيلعب بيمسك صدره جدًا ويفضل يكح أنا وديته لدكتور بطن بس قالى أجى لحضرتك.

- طب نكشف عليه ونشوف
وبعد فحص أستغرق مدة عاد لمكتبه وعادت هي خلفه تحمل طفلها الصغير تسأله بقلق: -
- خير يا دكتور
- أنا هكتبله على علاج يأخد وتعمليلى الأشعة والتحاليل دى ورسم القلب
حدق به بذهول وقالت مُستغربة: -
- رسم قلب ليه
- مخبيش عليكى أنا شاكك أن في مشاكل في القلب وكله هيبان بالأشعة
أحتضنت طفلها بقوة وخوف عليه وهي تردد حديثه: -
- القلب.

- المهم تحاولى على قد ما تقدرى متخلهوش يلعب كتير ويجهد نفسه هو صعب لأنه طفل بس حاولى.

- حاضر.

أخذت الروشته منه وذهبت للخارج وهي تحمل طفلها بين ذراعيها شاردة بحديث الطبيب بينما هو يلعب بوجهها ببراءة ولم يجد منها تبادل له أو بسمة فوضع رأسه على كتفها بأستسلام لشرودها ولف ذراعيه الصغار حول عنقها، لم تعرف ماذا تفعل وإلى أين تذهب بتلك الصدمة التي أصابتها سوى الذهاب إلى حبيبها وحده من يستطيع مساعدتها رغم أن طفلها لن يحتاج إلا لمساعدة ورحمة خالقه فقط لكن حبيبها سيرفع القليل عن الحمل عنها. ذهبت إلى الشركة ولم تجده وأخبرها الأمان بأنه ذهب فعادت إلى القصر حزينة مهمومة والحزن والوجع ينهشوا بها وشعرت بأنها إمراة عجوزة شاخت رغم أن مظهرها فتاة فبداية شبابها. بحثت عنه هنا وهناك ولم تجده...

أستيقظ مروان صباحًا يشعر بألم في رأسه وحاول الوقوف بتعب وتسمر مكانه حين وجد الدماء تلوث يديه الأثنين فرفع نظره ليصدم بها أمامه طريحة أرضًا جثة هامدة وغارقة بدماءها فنادها بصدم وهو يقترب منها مُذهولًا: -
- سارة...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة