قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية دعني أحطم غرورك للكاتبة منال سالم الفصل السادس والستون

رواية دعني أحطم غرورك للكاتبة منال سالم الفصل السادس والستون

رواية دعني أحطم غرورك للكاتبة منال سالم الفصل السادس والستون

في الغرفة التجارية
توافد رجال الأعمال ومندوبي الشركات الاقتصادية الكبرى لحضور المؤتمر الاقتصادي السنوي، وتبادل الجميع التحية والترحيب، وبدأت تتشكل مجموعات ثنائية وجماعية من أجل عقد اتفاقات جانبية على هامش المؤتمر...
كانت الأجواء العامة هادئة، ولكن الجميع مفعم بالحماس، والنشاط..
وقف المهندس حسين يتحدث مع أحد رفاقه و، ،
-حسين بنبرة هادئة وهو يصافحه: منور سليم بيه.

-سليم بنبرة طبيعية: يا أهلا يا بشمهندس، فينك لازم يعني يكون في اجتماع ولا مؤتمر عشان نشوفك؟
-حسين متصنعاً الابتسام: معلش انت عارف الشغل بقى
-سليم بنبرة رخيمة: ربنا يعينك، بس برضوه ده مايمنعش ان المفروض نشوفك
-حسين وهو يوميء برأسه: حاضر يا سليم بيه.

ظل الاثنين يتجاذبان أطراف الحديث إلى أن انضمت إليهما جانا التي كانت ترتدي بنطالاً قماشياً من اللون الأزرق الداكن، ومن فوقه قميصاً حريراً من اللون الكحلي القاتم تنتهي ياقته برابطة عنق منسدلة فوق بعضها البعض على هيئة تموجات، ومن فوقه ارتدت سترة رمادية خفيفة ضيقة من الخصر ويزينها حزاماً فضياً لامعاً، وارتدت في قدميها حذاءاً عالياً من اللون الأسود، كما مشطت شعرها بطريقة مثيرة حيث فرقته من الجانب، وتركت خصلاته تنسدل بتمرد على جبينها، وتدلى من أذنيها قرطين من اللون الكحلي، وتفننت جانا في وضع مساحيق التجميل بطريقة هادئة وراقية..

كانت جانا أنيقة بحق، لفتت الأنظار إليها برقيها وأسلوبها المنمق...
قاطعت جانا حديث حسين مع رفيقه و...
-جانا مقاطعة بنبرة ناعمة: excuse me آنكل، انا حجزتلنا مكان هناك..!
-حسين مبتسماً: اوكي يا جانا، اسبقيني وهحصلك
-جانا وهي توميء برأسها: اوكي
-سليم بنبرة هادئة: ازيك مدام جانا
-جانا وهي تبتسم نصف ابتسامة: أهلاً بشمهندس سليم، I am fine
-سليم بنبرة حماسية: طيب عن اذنكو أشوف انا كمان مكان ليا.

-جانا وهي تشير بعينيها: شوور، اتفضل
مد حسين يده ليصافح سليم و...
-حسين بنبرة شبه رسمية: ماشي يا سليم بيه، نكمل كلامنا بعدين
-سليم بجدية وهو يبادله التحية: ان شاء الله
تحدثت جانا قليلاً مع عمها حول برنامج المؤتمر، ولكن قطع حديثهما رنين هاتف حسين، حيث وضع يده في جيب سترته، وأخرجه، ثم نظر إلى شاشته، فاستأذن جانا لكي يجيب على الاتصال و...
-يوسف متسائلاً هاتفياً: ها ايه الاخبار؟
-حسين هاتفياً بإيجاز: لسه.

-يوسف متسائلاً بقلق: يعني الواد عز مجاش برضوه؟
-حسين باقتضاب، وملامح جامدة: لأ
-يوسف بحنق: ده أنا مأكد عليه امبارح انه يجي المؤتمر مكاني
-حسين وهو يلوي فمه في ضيق: مش عارف والله
-يوسف بنظرات حائرة: هو في حد جمبك يا سحس
-حسين مبتسماً: اه طبعا
-يوسف بنبرة شبه جدية: طب انا هاقفل معاك واكلمه اشوف هو فين، ومتنساش لازم يتربى!
-حسين بنظرات متوعدة، ونبرة جادة: ده انا ناويله
-يوسف بصوت رخيم: مع السلامة يا سحس.

-حسين بصوت طبيعي: الله يسلمك يا رب
استمعت جانا إلى المكالمة بدون أن تفهم أي شيء، لذا..
-جانا متسائلة: مين يا آنكل؟
إنتاب حسين ارتباكاً ملحوظاً، فحاول أن يبدو طبيعياً أمامها و...
-حسين بتردد: آآآآ، ده حد من الشغل، الواحد زهق مافيش حاجة بتخلص
-جانا وهي تعيد رأسها للخلف: اها..
وضع حسين ذراعه على كتف جانا، ثم سار الاثنين سوياً للأمام و..
-حسين بصوت رجولي آجش: يالا بينا احنا كمان نقعد
-جانابصوت ناعم: اوكي.

وبالفعل توجه الاثنين نحو بعض الطاولات الجانبية المتواجدة بالقرب من احدى الحوائط الزجاجية التي تحيط بقاعة المؤتمرات، ثم أشارت جانا بيدها على الطاولة الخاصة بهما، ثم جلس كلاهما على مقعديهما..
في سيارة عز الدين،.

كان عز الدين ممسكاً بمقود السيارة، ويقودها في اتجاه مقر مبنى الغرفة التجارية، فرن هاتفه المحمول الذي كان مسنوداً على التابلوه، فمد عز الدين يده وأمسك به، ثم نظر إلى شاشته، فوجد أن المتصل أبيه، فأجاب على اتصاله و...
-يوسف هاتفياً بنبرة صارمة: ألوو، ايوه يا عز انت فين؟ مروحتش المؤتمر ليه؟

-عز هاتفياً بنبرة منزعجة: ايوه يا بابا، انا سايق العربية الوقتي، والله رايح بس الدنيا زحمة، وبعدين ماهو ياسين هناك أنا مكلمه من شوية وهو راح وأعد قدام
شعر يوسف بالارتياح حينما تأكد أن عز الدين في طريقه للمؤتمر، و...
-يوسف بنبرة هادئة نسيباً: أها، أصل أنا افتكرتك طنشت
-عز مبتسماً بمزاح: عيب عليك يا والدي.

-يوسف بنظرات مترقبة، ونبرة مهتمة: ماشي يا بشمهندس، عاوزك تركز في المؤتمر وتحكيلي على اللي هتسمعه وتشوفه بالتفصيل..!
عقد عز الدين حاجبيه في استغراب، ثم أدار السيارة في اتجاه منعطف قابله، ثم...
-عز بنبرة متعجبة: هي دي أول مرة يابابا أحضر فيها مؤتمر
-يوسف بنبرة محذرة: برضوه، الحرص مطلوب يمكن تلاقي في جديد ولا حاجة مهمة نستفاد منها، محدش عارف
-عز مبتسماً في هدوء: ماشي يا بوعز.

-يوسف بنبرة مشجعة: يالا أسيبك في حفظ الله
-عز بنفس الثبات الانفعالي: اوكي، سلام يا بابا..!
عودة مرة اخرى إلى القاعة المنعقد بها المؤتمر في الغرفة التجارية
بدأ المؤتمر في الانعقاد، ونهض أحد رجال الأعمال المسؤلين عن تنظيم المؤتمر ووقف أمام منصة جانبية، وبدأ بالحديث بنبرة جادة ورزينة و...
-أحد رجال الأعمال بصوت رجولي ثابت: وزي ما اتعودنا كل سنة اننا ب. آآآآآآ...

ظل الحديث في المؤتمر دائراً، وتناول أخر المستجدات والانجازات الاقتصادية العامة والخاصة، ثم تطرق بعدها مسئول المؤتمر للحديث عن جدول الأعمال الخاص بالمؤتمر...
في نفس التوقيت تقريباً حضر عز الدين هو الأخر إلى المؤتمر وهو يرتدي حلة كلاسيكة سوداء ومن أسفلها قميصاً من نفس اللون..
جاب عز الدين ببصره المكان بحثاً عن مكان خالي، وبالفعل وجد بعض المقاعد الخاوية في المؤخرة، فسار في اتجاهها، ثم جلس على أحدهم..

كان عز الدين مركزاً سمعه وبصره مع مسئول تنظيم المؤتمر، وبدأ يطالع بعينيه الورق الخاص ببرنامج جدول أعمال المؤتمر..
توقف عز الدين عن مطالعة ما يمسكه بيديه حيث جذب انتباهه وبشدة ذلك الحديث الجانبي بين شخصين كانا يجلسان على مقربة منه، فأصغى إليهما بآذان صاغية و...
-عمر بخفوت وهو يشير بعينيه: مين اللي هناك دي؟
-وائل متسائلاً في حيرة: فين دي؟

-عمر بنبرة جادة: اللي أعدة على شمالك، اهي، البنت الأمورة اللي هناك دي
-وائل بنظرات متربصة: فين؟
-عمر بضيق، ونبرة حادة نسبياً: انت اتعميت، يابني اللي أعدة جمب الراجل المليان ده
-وائل وهو يضيق عينيه: قصدك جانا؟
-عمر وهو يرفع أحد حاجبيه، وبنبرة مهتمة: هي اسمها جانا؟ ا
-وائل: أه اسمها جانا.

نظر عز الدين إلى حيث نظر الشابين، وتفاجيء بوجود المهندس حسين، وما زاد من دهشته حقاً هو تلك الفتاة المثيرة التي تجلس إلى جواره..
فغر عز الدين شفتيه في صدمة، ورمقها بنظرات متفحصة، في حين تابع عمر حديثه الجانبي و..
-عمر بنظرات متسائلة: انت تعرفها؟
-وائل وهو يلوي فمه: يعني مش اوي
-عمر بحدة: ما ترد يا عم تعرفها ولا؟

-وائل بنبرة جدية: بص هي اسمها جانا عاصم واللي أعد جمبها ده عمها المهندس حسين صاحب شركة ال ((، )) عارفها؟
-عمر بنبرة حماسية: ايوه ايوه انا أسمع عن الشركة، لكن الصراحة ماليش تعامل معاه
-وائل بنبرة جدية، ونظرات انبهار: والله هو راجل محترم جدا، وبيلتزم بالاتفاقيات اللي بيخشها وشغله ما شاء الله ناجح ومسمع كتير..
-عمر بنبرة منزعجة: ياعم انا مش بتكلم عن الراجل انا عاوز اعرف اي حاجة عنها.

-وائل على مضض: معرفش والله
صمت عمر لثوانٍ يفكر في طريقة ما من أجل التقرب من جانا التي نجحت في خطف أنظاره
-عمر بنبرة جدية: طب خلاص اسكت أنا هتصرف، انت قولتلي عمها اسمه ايه؟
-وائل بإيجاز: حسين
-عمر بنظرات واثقة، ونبرة تحمل نوعاً من الخبث: تمام أوي، أنا هتصرف
-وائل متسائلاً بتوجس: هتعمل ايه؟
-عمر غامزا: مالكش دعوة
-وائل بنبرة منزعجة قليلاً: مش عاوزين مشاكل مع حد.

-عمر بنبرة واثقة: اطمن مافيش ان شاء الله أي مشاكل
اعتلت الدهشة عز الدين بحق، فقد كان يتوقع أن يجد جانا في حالة بائسة حزينة، ترثي حالها، منهارة، وتعاني آثار الفراق ولوعة الاشتياق، ولكن من كانت تجلس في المؤتمر هي جانا جديدة تماماً مختلفة عن تلك الصورة التي وضعها لها في مخيلته، لقد كانت مثيرة، مفعمة بالنشاط والحيوية، جذابة، أنيقة، ورشيقة..

لقد آسرت أنظاره، وجعلت قلبه يخفق بقوة لها، فهي إن كانت زوجته السابقة فمازلت هي حبيبته الغالية...
أعلن مسئول تنظيم المؤتمر عن بدء فترة الاستراحة والتي ستستغرق حوالي 30 دقيقة، لذا بدأ الحاضرون في ترك القاعة، والتوجه للخارج من أجل تناول بعض الحلوى، وارتشاف المشروبات الباردة والساخنة..
قرر عمر أن يستغل هذا الوقت في التعرف إلى جانا، حيث سار بخطوات ثابتة في اتجاه المهندس حسين وجانا..

وقف عمر أمام طاولة كليهما، ثم رسم على وجهه ابتسام عريضة ومصطنعة، واستمع إلى جزء من حديثهما الخافت وهو مسلط أنظاره على جانا و...
-جانا بنظرات ضيقة: بس أنا مش فاهمة ليه؟
-حسين بخفوت: يا بنتي في كل مشروع لازم تلاقي فيه جزئية بتكون هي العقبة في اتمامه وده اللي بيخلي آآآ...
قرر عمر أن يقاطع حديثهما حينما وجد أن كلاهما لا يعبىء بوجوده و...
-عمر مقاطعاً بنبرة عالية: مش معقول، بشمهندس حسين بنفسه حضر؟

-حسين باستغراب: هه، خير يا بني؟
-عمر بنبرة متعشمة، ونظرات اعجاب: ازي حضرتك يا بشمهندس؟ ده أنا من اشد معجبين حضرتك، بجد انت عقلية فذة
-حسين وهو قاطب جبينه في اندهاش: الله يكرمك، بس انت مقولتليش برضوه انت مين وعاوز ايه؟
-عمر بنبرة مفعمة بالحماس: والله أنا مامصدق نفسي، لأ لازم أخد صورة مع حضرتك، بعد اذنك يا آنسة ممكن تصوورينا سوا.

أمسك عمر بهاتفه المحمول، ثم مد يده ناحية جانا، ووقف إلى جوار المهندس حسين وتأبط في ذراعه، في حين رمقته جانا بنظرات غريبة و...
-جانا باستغراب: أنا؟
-عمر وهو يوميء برأسه: ايوه حضرتك
التفت جانا برأسها ناحية عمها حسين، ونظرت إليه في عدم فهم، و..
-جانا متسائلة بقلق: ها يا آنكل؟
لاحظ عمر علامات الحيرة على وجه المهندس حسين، فتوجس خيفة أن يرفض طلبه الغريب هذا، لذا بادر ب...

-عمر بنبرة مُصرة: والله ما هرضى ان حضرتك ترفض
اضطر المهندس حسين أن يوافق على طلبه حتى يتجنب أن يسبب له نوعاً من الاحراج و...
-حسين على مضض: طب يا بني تعالى اقف جمبي خليني اخلص
نهض حسين من مقعده، ووقف إلى جوار عمر الذي أحاط كتف المهندس حسين بذراعه، ورسم البسمة عالية على وجهه، نظرت جانا إلى كليهما، ثم..
-جانا بنبرة رقيقة: بليز ضم عليه شوية
-عمر بخبث: ثواني اوريكي يا آنسة الكاميرا فين.

اقترب عمر من جانا، وتعمد أن يلتصق بها ويلمس أصابعها بيده، فاستنشق عبير عطرها الذي أثاره بشدة، في حين شعرت جانا بالخجل من اقترابه الشديد منها و...
-جانا بحرج: أها، اوكي
-عمر بخفوت: هو حضرتك اسمك ايه؟
-جانا بنبرة ناعمة: I am Jana
حدق عمر في جانا، ونظر إليها بنظرات ذات مغزى، ثم مد يده وصافحها وعلى وجهه علامات الاعجاب و...
-عمر بنبرة واثقة: وأنا المهندس عمر.

ظل عمر ممسكاً بكف يد جانا، ورفض أن يتركه، فحاولت جانا أن تسحب يدها منه، ولكنه تشبس أكثر به لذا...
-جانا بضيق: أهلا، بعد اذنك ايدي، مش هتتصور حضرتك؟
-عمر وهو يتنحنح ببرود: احم، آآ، هه، سوري، ايوه ايوه!
وبالفعل أمسكت جانا بالهاتف، وقامت بتعديل وضعية التصوير، ثم التقطت صورة لعمر وعمها حسين، وبعدها مدت يدها بالهاتف إليه، فأمسك به عمر وهو متعمد أن يلامس أصابعها، فارتبكت منه و...

-عمر بنبرة رجولية هادئة، ونظرات ممتنة: انا مش عارف أشكرك ازاي يا آنسة جانا ع الصورة الحلوة دي
-جانا بإقتضاب: العفو
حاول عمر أن يتجاذب أطراف الحديث مع جانا التي كانت تجيبه بإيجاز شديد في محاولة يائسة منها لكي تتخلص منه، ولكنه لم يهتم بتجاهلها إياه، فقد عقد عزمه على أن يتقرب أكثر منها رغم تيقنه بأنه غير مهتمة بحديثه و...
-عمر بنبرة اعجاب: لا بجد والله انا مكونتش متصور ان ده كله يحصل.

-جانا باقتضاب، ونظرات صارمة: لو سمحت المؤتمر هيبدأ
-حسين بضيق: مش يالا يا بني، عاوزين نركز
-عمر بحرج وهو يشير بيده: هه، أه صح، طيب عن اذنكم وهنتكلم بعدين، أنا أعد هناك أهوو
أشار عمر بيده إلى حيث يجلس، فأدار كلاً من حسين وجانا رأسيهما في اتجاه يده، ولكن تسمر كلاهما حينما لمحا عز الدين وهو جالس على مقربة من مقعد عمر...

المثير في الأمر أن عز الدين هو الأخر كان يتابعهما عن كثب شديد، وتفاجيء بهما ينظران في اتجاهه..
تجمدت ملامح جانا على الفور، وابتلعت ريقها بصعوبة فقد جف حلقها فجأة، وشحب وجهها، وانتابها توتر شديد..

سلط عز الدين بصره على جانا، ولم يحيد عنها بل ظل يرمقها بنظراته المحتقنة المغتاظة، أراد أن ينهض من مكانه، ويمسك بها من ذراعها ويلويه خلف ظهرها ويعاتبها على ما تفعل به، فقد نجحت في إثارة غيرته، بل إنها أشعلت نيران الحب بصدره من جديد
تابع حسين تلك النظرات وتبدل الملامح بين كليهما بنظرات متربصة، وقد أيقن أن مخطط اللقاء قد نجح...
التفت حسين برأسه إلى عمر الذي كان مازال واقفاً أمامهما و...

-حسين بنبرة ودودة: خلاص يا بني، نتكلم بعد المؤتمر
-عمر بنبرة متقدة: اوكي يا بشمهندس، اشوفك على خير ان شاء الله لأحسن عاوز أستفيد من خبرات حضرتك
-حسين مبتسماً بتصنع: ان شاء الله
رمق عمر جانا بنظرات دافئة وهو يحدق بها، و...
-عمر بصوت رخيم وآجش: وشكراً يا آنسة جانا على الصورة، بجد حلوووة اوي
-جانا بابتسامة: ثانكس.

حاولت جانا قد الإمكان أن تخفي ارتباكها وتوترها، وتبدو طبيعية أمام عمها، ولكن للأسف كان قلبها يخفق بشدة، وصدرها يعلو ويهبط في توتر ملحوظ
تابع حسين جانا من طرف عينه، وتأكد أن رؤيتها لعز الدين قد أصابتها في مقتل، فابتسم ابتسامة خفيفة من بين أسنانه..

عاد عمر إلى مكانه وهو يتنهد تنهيدات حارة، فاستغرب وائل منه، في حين كان عز الدين يرمقه بنظرات شرسة مميتة، فهو يود لو ينهض الآن من مقعده، ويتوجه ناحيته ويمسك به من ياقته، وينهال عليه بالضرب المبرح لاستباحته لمس زوجته التي عشقها بجنون...
-عمر بخفوت، ونظرات اعجاب: لأ جامدة
-وائل متسائلاً بحيرة: عملت ايه؟
-عمر بنبرة واثقة للغاية: كل خير
-وائل بتهكم: أنا مش شايف يعني أي قلم ولا شلوت ولا أي حاجة.

-عمر بنبرة جادة: ليه يا أخينا شايفني ايه قدامك، ده انا عمر الفتك
-وائل وهو يلوي فمه: ماشي يا فتك، وعملت ايه معاها؟
-عمر غامزاً، وبنبرة لئيمة: لسه هستأنف بعد المؤتمر
كور عز الدين قبضة يده في غضب، أراد أن يقتله على تغزله الصريح بها، ولكنه حاول أن يتحكم في أعصابه بجهد مضني حنى لا يثير المشاكل لذا...
-عز بنظرات حانقة و بغضب: ششششش، مش عارف أركز، اسكتوا شوية
-عمر مبتسماً في حرج: احم، آآ، سوري يا بشمهندس.

-وائل على مضض: مبسوط جبتلنا الكلام
-عمر وهو يغمغم بإيجاز: خلاص يا سيدي
-وائل بنبرة خافتة ومحذرة: طب اسكت بس لأحسن اللي كلمك ده المهندس عز
-عمر بعدم اكتراث: مين المهندس عز، ما أنا زيي زيه..!
-وائل بنبرة محذرة: لأ ده بعيد عنك بيلعب ملاكمة، يعني الزعلة معاه بفورة
أسند عمر ظهره للخلف، ووضعاً ساقاً فوق الأخرى و...
-عمر وهو يعيد رأسه للخلف: أها قولتلي، ما أنا برضوه بلعب مصارعة.

-وائل بتهكم: يا شيخ، ده على البلاي استشن مش حقيقي
-عمر مبتسماً: بس برضوه
ظل عز الدين يزفر في ضيق، ولم يرفع ناظريه عن جانا أبداً، وتملكه الشعور بأن ينهض حالاً من مقعده، ثم يتجه إليها، ويحملها عنوة على كتفه، ويخطفها أمام الجميع، ويعود بها إلى فيلته..
لقد سيطرت الفكرة تماماً عليه، وحينما لم يجد مفراً من التحكم في أعصابه، قرر أن يهاتفها، لعله يستطيع أن ينفرد بها..

فقام ب إخراج هاتفه المحمول من جيبه، ثم ضغط على بعض الأزرار ليتصل بها، ولكنه تفاجيء بأن الهاتف مغلق رغم أنه يراها تتحدث حالياً فيه، فإزداد حنقه، وتوقع أنها ربما تكون قد تخلصت من شريحة هاتفها القديمة، لذا عَمَد إلى أن يتصل بياسين و...
-عز هاتفياً بنبرة غاضبة: انت فين يا زفت؟
-ياسين هاتفياً بحنق: اييييييه، في ايه، هو أنا خلفتك ونسيتك؟
-عز بلهجة آمرة: انجز انت فين الوقتي عاوزك؟

-ياسين بخفوت: انا في الحمام
-عز بضيق ملحوظ: طب خلص
-ياسين بنبرة متهكمة: لأ أنا باحب أخد راحتي على الأخر اومال هما سموه ليه بيت الراحة عشان نقعد كده ونستكنيص
-عز بنبرة ممتعضة وهو يلوي فمه: ت، ايه ياخويا؟
-ياسين بهدوء: ماتخدش في بالك
-عز بنبرة متجهمة وتحمل نوعاً من الوعيد: أنا مش فايق لتفاهاتك دي، معاك خمس دقايق وتكون قدامي، الدقيقة السادسة لو ملاقتكش، مش هاقولك هأعمل ايه فيك..!

-ياسين وهو يزفر في انزعاج: اوووف، خلاص جاي، اصبررر
مرت عدة دقائق ثم دلف ياسين إلى القاعة، وجاب ببصره المكان، وبالفعل لمح عز الدين وهو جالس وعلامات الانفعال والعصبية المفرطة تتملك كل جزء فيه..
ابتلع ياسين ريقه، وسار بخطوات متوجسة نحوه، ثم جلس إلى جواره و...
-عز بنظرات حانقة: كل ده!
رمق ياسين عز الدين بنظرات متعجبة، ثم...
-ياسين وهو يلوي فمه في تهكم: ايه يا زيزوو، هو يعني فاتني فتح عكا..!

-عز بلهجة آمرة: اتنيل بص هناك
-ياسين بنظرات زائغة، ونبرة خافتة: أبص فين
-عز بضيق وهو يشير بعينيه: هناك على شمالك يا زفت
-ياسين على مضض: طيب هبص بس ماتشتمش
-عز متسائلاً بنبرة ساخطة: ها شوفت؟
-ياسين وهو يوميء برأسه، وبنظرات غريبة: اه شوفت، ايه بقى؟
-عز بتهكم وانفعال ملحوظ: انت أهبل ياض، بقولك بص عدل
حدق ياسين بصره للغاية، وجحظ عينيه، ونظر إلى حيث أشار عز الدين مجدداً و...

-ياسين بإنزعاج: ما أنا باصص أهو، على ايه بقى؟
-عز بنفاذ صبر: انت هتجنني، بص على جانا
-ياسين متسائلاً ببلاهة: جانا مين؟
-عز بضيق: جانا مراتي
-ياسين باستغراب: ودي ايه اللي هيجبها هنا
-عز بنبرة حانقة: بص هناك دي جانا، وأنا مش هتوه عنها
ارتسمت ابتسامة عريضة على وجه ياسين، وحدق في كلاهما بنظرات مشرقة و...
-ياسين مبتسماً ببلاهة: آآآه تصدق صح، هي جانا وده عم حسين..!

ضيق عز الدين عينيه، ورمق ياسين بنظرات حادة متفحصة و...
-عز وهو يجز على أسنانه: جانا بتعمل ايه في المؤتمر يا ياسين؟
-ياسين بنفس الابتسامة البلهاء: اه هي جانا، بتعمل بقى ايه؟
-عز بحنق جلي: انت بتسألني؟ رد عليا جانا بتعمل ايه هنا؟
-ياسين بإنزعاج مفتعل: وأنا مالي؟ ماتسألها انت!
-عز بنظرات جادة ونبرة صارمة: متقنعنيش انك متعرفش هي هنا بتعمل ايه، ده انت بؤك آكل ودن البت دينا.

مد ياسين يده ووضعها على فمه ليتحسسه و...
-ياسين بنبرة بريئة: بؤي، اه صح
-عز بنبرة محذرة: اتعدل يا زفت معايا وقولي ايه اللي حصل لجانا
-ياسين مازحاً: أكيد عمها رجعها لحالة المصنع
-عز بنبرة صلبة، ونظرات متوعدة: وله انت هتهزر، والمصحف مش هسيب فيك حتة سليمة لومانطقتش
-ياسين على مضض: خلاص خلاص من غير ضرب، هي غيرت النشاط
-عز وهو يعقد حاجبيه في تسائل: افندم؟

-ياسين بهدوء: أقصد رمت طوبتك، وبتعيش حياتها بالطول والعرض، وزي ما انت شايفها قدامك فلة شمعة منورة
-عز بتذمر: استغفر الله العظيم يا رب
-ياسين على مضض: طب انت مضايق أنا مال أمي؟
-عز بنبرة ممتعضة: اسكت الوقتي
-ياسين بضيق: يعني أتكلم مش عاجب، اسكت مش عاجب
-عز بنبرة صارمة: هتسكت ولا ها؟

-ياسين بخفوت، ونبرة متهكمة: اديني هاحط جزمة في بؤي وأسكت، انا عارف الواحد أصلاً بيجي المؤتمرات دي عشان حاجتين ياكل ويخش حمام!
ظل عز الدين في حالة لا يحسد عليها، فزوجته أمام عينيه وهو لا يستطيع الاقتراب منها، وفي نفس الوقت تقتله الرغبة في أخذها بين أحضانه، ويكاد يميته حنقاً أن يتودد غيره إليها، لا يعرف أن كانت الغيرة تقتله أم تحرق قلبه...

ظل يفرك عز الدين أصابعه في توتر شديد، وكلما حاول أن يشيح ببصره بعيداً عن جانا لم يستطع، فقد أصبحت أمامه انثى ناضجة بحق...
أراد المهندس حسين أن يستغل الفرصة، ويترك المجال لعز الدين لكي يتقرب من جانا، فهو لن يجرؤ على أن يفعل هذا في حضوره، لذا ادعى المهندس حسين أن...
-حسين بصوت خافت: بقولك يا جانا، هاقوم أعمل مكالمة مهمة وراجع تاني
-جانا باستغراب: الله! حضرتك مش هتكمل بقية المؤتمر.

-حسين بهدوء: لأ هاكمله، أنا جاي تاني
-جانا وهي توميء بعينيها: اوكي يا آنكل، هستناك
-حسين مبتسماً: طيب، مش هتأخر
-جانا وهي تزم شفتها: اوكي
سار حسين بخطوات سريعة نوعاً ما، وابتعد عن جانا، ثم اتصل بالمهندس يوسف ووضع الهاتف على أذنه و...
-حسين ليوسف هاتفياً بنبرة جدية وخافتة: البيه شرف وشافها
-يوسف هاتفياً بنبرة واثقة: حلو أوي
-حسين بنبرة منزعجة، ونظرات متوجسة: أنا خايف يحصل اشتباك بينهم.

-يوسف بنبرة مطمئنة وواثقة: اطمن الواد لسه بيحبها، وده متوقع، بس خليك بعيد عشان تديه فرصة يتكلم معاها
-حسين بقلق: ما أنا قومت من مكاني وواقف بعيد، بس عيني عليها..
لمح المهندس حسين عمر وهو ينهض من مقعده، ويسير في اتجاه جانا و...
-حسين بنبرة منزعجة: ايه ده بص، الظاهر ان المعارك هتبدأ بدري
-يوسف بفخر: يا أهلا بالمعارك
-حسين بقلق واضح: الله! ده في واحد جديد نزل الملعب
-يوسف بنبرة متحمسة: عظيييم، خليها تسخن.

-حسين وهو يلوي فمه في توتر: ياخوفي تقلب بكارثة
-يوسف بجدية: عز عاقل اطمن
-حسين بنبرة متوجسة: أنا مش خايف من عز، أنا خايف من جانا، بنت أخويا وعارفها
-يوسف بنبرة هادئة: طيب تابع انت وبلغني بالجديد، ومتنساش اوعى تدخل إلا في الضرورة
-حسين مبتسماً: أوامرك يا ريس
-يوسف بنبرة متقدة: حبيبي يا سحس
في نفس التوقيت، لمح عمر هو الأخر المهندس حسين وهو يسير مبتعداً عن ابنة أخيه فلكز رفيقه وائل في جانبه و...

-عمر بنبرة جادة ونظرات متربصة: بص عمها خلع، أنا مش هضيع الفرصة دي
-وائل بضيق: ياعم ما تركز كده وخلينا نشوف المؤتمر هيخلص عايه
-عمر بنبرة واثقة: كمل انت الباقي، أنا رايحلها
نهض عمر من على مقعده، وأسند حقيبته بجوار رفيقه، فحاول وائل أن يثنيه عما يفعل، ولكنه لم يستطع و...
-وائل بهمس: يا عمر، يااااا عمر، رايح فين؟
-عمر بمزاح: أنا رايح فين، أنا راجع تاني! اصبر
-وائل بقلق: مش مريح نفسك!

قرر عمر أن يذهب إلى الطاولة التي تجلس عليها جانا ليتحدث معها، خاصة وأن عمها غير متواجد بجوارها، وبالتالي ستكون الفرصة سانحة أمامه ليتحدث معها بحرية أكبر...
-عمر مدعياً الاندهاش: ايه ده آنسة جانا، انتي أعدة لوحدك؟
-جانا بنظرات متسائلة: هه، مين حضرتك؟
-عمر بنبرة هادئة وهو يبتسم: أنا عمر بتاع الصورة
-جانا وهي تمط شفتيها: أها أفتكرت
-عمر متسائلاً بلؤم: اومال فين المهندس حسين ده أنا كنت عاوزه؟

-جانا بعدم اكتراث: هو بيتكلم في الفون بره، تقدر حضرتك تروحله هناك
أشاحت جانا بوجهها بعيداً عن عمر، ونظرت أمامها حيث يتحدث أحد رجال الأعمال على المنصة، فاغتاظ عمر من تجاهلها له، وقرر أن يتمادى أكثر معها، فجلس إلى جوارها و...
-عمر بنبرة فجة: لأ مش مشكلة، أنا مش عاوزه أوي يعني
نظرت جانا إليه بنظرات غير عابئة به، وكأنه نكرة، ثم وجهت بصرها للأمام و...
-جانا بعدم اهتمام: أها..

ظل عمر يتحدث في توافه الأمور مع جانا، محاولاً إختلاق أي أسباب للحديث، في حين كانت هي صامتة بجواره..
ولكن كان الفضول يشغلها كثيراً، حيث أرادت أن تعرف ردة فعل عز الدين حينما يراها مع أحدغيره، وعلى مرآى عينيه..
لذا بهدوء حذر أدارت رأسها في اتجاهه، وكأنها تتابع الناس من حولها إلى أن لمحته بزاوية عينها وهو مسلط بصره عليها، فأشاحت بوجهها بسرعة، وشعرت بالتوتر يعتريها مجدداً..

مدت جانا يدها لتعبث في خصلات شعرها، وحاولت أن تبدو طبيعية، ولكن لا مفر، فالحب يشتعل بداخل قلبها
أطلق عمر عدداً من الدعابات السخيفة في محاولة منه للفت انتباهها، ولكنها كانت جامدة التعبيرات..
وما وترها حقاً هو أنها لمحت عز الدين وهو يتجه بخطوات غاضبة نحو طاولتها...

فغرت جانا شفتيها في صدمة، ونظرت إليه بنظرات غير مصدقة أو مستوعبة لما ينوي أن يفعله، فهي لم تتوقع أن يكون بمثل تلك الجرأة لكي يأتي إليها بعد ما صار بينهما..
خافت جانا أن يكون عز الدين قد استطاع أن يقرأ ما بين عينيها، أو استمع لخفقان قلبها النابض به..
ارتبكت جانا كثيراً مع كل خطوة يخطوها نحوها..
فكرت جانا للحظة أنه لو شعر لوهلة أنها تشتاقه فسوف يستغل هذا ضدها، لذا...!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة