قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية خطأ لا يمكن إصلاحه الجزء الثاني للكاتبة منال سالم الفصل الخامس والثلاثون

رواية خطأ لا يمكن إصلاحه الجزء 2 بقلم منال سالم

رواية خطأ لا يمكن إصلاحه ( رفقا بالقوارير ) الجزء الثاني للكاتبة منال سالم الفصل الخامس والثلاثون

في دبي
في السكن الخاص بندى
كانت ندى تعاني منذ فترة من بعض الآلام والتقلصات.. في البداية ظنت أنه من إرهــاق العمل ومن الضغوطات التي تعرضت لها في الفترة الأخيرة، فانكعس هذا بالسلب عليها..

ولكن ما أثار قلقها هو تأخر ميعاد الطمث الشهري.. فقد مر أكثر من شهرين على مجيئها..
خشيت ندى في نفسها أن يكون هناك سبباً أخر، ولكنها حاولت قدر الامكان أن تقنع نفسها بالعكس، لذا ذهبت إلى الصيدلية المجاورة، وابتاعت جهاز كشف الحمل المنزلي..

قرأت ندى التعليمات المكتوبة في الخلف، ونفذتها حرفياً، وانتظرت النتائج.. أمسكت الجهاز في يدها بأيد مرتعشة، ظلت تعض على أناملها وهي تراقب تلون الشريط، لقد كانت الثواني تمر على ندى كأنها ساعات... ولكنها ظلت تترقب ما سيظهره الجهاز.

صدمت ندى حينما رأت خطي الجهاز ملونين.. ارتعدت أوصالها وتأكدت الآن أن مخاوفها أصبحت حقيقية... هي حـــامل!
-ندى بأعين مصدومة: لأ... مش ممكن، استحالة، طب.. طب ازاي؟ لأ!.

تركت ندى الجهاز من يدها، ثم وضعتا كلتا يديها في رأسها تعبث بشعرها، وتحاول أن تفكر في حل ما لتلك المعضلة..
-ندى بأعين دامعة: لييييييه؟ لييييه بس كده!.

هي لم تعد تريد أن يكون هناك أي ارتباط من أي نوع بـ يوسف، فهو بالنسبة لها مرحلة قد مضت، ولكن ماذا ستفعل بشأن هذا الحمل... كانت تلك هي المشكلة الحقيقية...

ظلت تبكي بحرقة، لامست لا ارادياً معدتها بيديها، ثم وجهت بصرها إليها و...
-ندى: صعب.. صعب أوي اني اكمل معاه لوحدي، أنا.. انا مقدرش اتحمل المسئولية دي.. أنا مش عاوزة حاجة تربطني تاني بيوسف، أنا.. أنا لازم أفكر في طريقة أتخلص بيها منه.

جلست ندى تفكر مع نفسها في طريقة ما تساعدها على التخلص من ذلك الحمل، ومن ذاك الجنين الذي ينمو في أحشائها..
هي مضطرة للذهاب إلى العمل، ولكن ستحاول بشكل أو بأخر اكتشاف طريقة تمكنها من اخفاء هذا الأمر لحين التخلص نهائياً منه..
كانت ندى تعاني من الإعياء، وقد كان بادياً على وجهها، لذا حاولت قدر المستطاع أن تخبيء وجهها بوضع كمية مبالغ بها من مساحيق التجميل، هي تخشى أن يلاحظها أحد ما فينكشف سرها.. ولهذا ستتعمد خلال الأيام القادمة أن تخفي ملامحها الحقيقية خلف أقنعة مساحيق التجميل...

في منزل مروان بالتجمع الخامس
لاحظت نيرة شرود مروان كثيراً في الأيام الأخيرة، لذا قررت أن تهون عليه قليلاً..
كان مروان يجلس على الأريكة وممسكاً بالريموت في يده، ورغم هذا هو لا يتابع شيء بعينه، فقط مجرد ضوضاء يصدرها التلفاز من حوله..
وقفت نيرة خلفه، ثم وضعت كلتا يديها على كتفيه، وبدأت في تدليكهما بحنية والضغط عليهما لإزالة التوتر و...

-مروان: آآآآآآه.. بجد الواحد مش قادر
-نيرة بنبرة هادئة: سيبلي نفسك يا بيبي، وانا هعملك مساج أشيلك بيه الـ stress ده كله
-مروان: يا ريت لو كان ينفع مع الشغل مساج.. كان زماني مرتاح
-نيرة: طب ما تقولي ع اللي مضايقك يمكن أساعدك
-مروان: ماتشغليش بالك
-نيرة بدلع: لأ قولي بقى.

أصرت نيرة على أن تعرف من مروان ما الأمر الذي يشغل باله، ويزعجه في الآونة الأخيرة، لذا درات من حول مروان ثم جلست على حجره، ولفت ذراعيها حول رقبته وبدأت في الحديث بـ نعومة شديدة و...
-نيرة بنبرة ناعمة: مش أنا ناروو حبيبتك
-مروان وهو يهز رأسه بالايجاب: أهــا.

-نيرة: طب ينفع تخبي حاجة عن حبيبتك
-مروان وهو يداعب وجنتها بإصبعه: أنا والله ما عاوز أقرفك بالشغل ومشاكله
-نيرة بدلع وهي تقبله قبلة دافئة: وحياتي عندك.

اضطر مروان بعد ذلك الالحاح أن يخبر نيرة بما يرهقه ويشغل تفكيره..
-نيرة: يعني انت هتسافر وتسيبني؟
-مروان: لأ طبعاً مش هاسيبك لوحدك، انتي هاتقعدي يا عند مامتك يا عندي مامتي، شوفي المكان اللي يريحك
-نيرة: بس برضوه انت كده هتسيبني لوحدي وتسافر.

-مروان: ماهو أنا مش هاينفع اخدك معايا، أنا رايح شغل مش رايح اتفسح
-نيرة: بس برضوه اسمك مسافر، وأنا من يوم ما اتجوزت لا سافرت، ولا روحت في حتة
-مروان: معلش يا حبيبتي، بكرة هعوضك
-نيرة بضيق: لأ أنا عاوزة أجي معاك.

-مروان بنبرة غاضبة: يعني أنا غلطان اني حكيتلك
-نيرة وقد لوت شفتيها: يعني انت كمان مكونتش عاوزني أعرف انك مسافر، تلاقيك بقى مسافر تتفسح وتغير جو، وتشوف نفسك، وأنا أفضل أعدة هنا لوحدي اتفلق!
-مروان بنفاذ صبر: اوووف.. بقولك ايه يا نيرة، مالهاش لازمة نبتدي العكننة بدري بدري.

نهضت نيرة من على حجر مروان، ثم وقفت أمامه تنظر إليه بنظرات حانقة و...
-نيرة: بقى بتسمي اللي بعمله ده عكننة.

لم يكن لدى مروان أي رغبة في الجدال ما نيرة، فأخر همه الآن هو أن يتشاجر معها، لذا...
-مروان وقد نهض هو الأخر: أه.. وحاسبي بقى خليني أخش أتخمد
-نيرة وقد وضعت يديها في خصرها: طيب يا مروان خش نام براحتك بس أنا بقى مش هعديهالك...!.

ظلت نيرة تزفر في ضيق، هي تظن أن مروان يتعمد ألا يأخذها معه في مكان ما، وأنه فقط مسافر لكي يرفه عن نفسه.

في صباح اليوم التالي
في دبي
في الشركة
فعلت ندى كما قررت بالأمس، أسرفت في وضع مساحيق التجميل على وجهها، حاولت أن تبدو طبيعية على قدر الإمكان مع من تقابلهم.. ولكن كان المعظم يتعجب من هيئتها الجديدة، فهي جميلة بطبيعتها، ولا تحتاج لأن تتزين بتلك الطريقة المبالغة.

لم تعبء ندى بنظراتهم، فقد كان ما تخشاه أخطر بكثير من مجرد نظرات وتكهنات لا تتجاوز زيادة كمية مساحيق التحميل... دلفت ندى إلى مكتبها مسرعة، ثم صفقت الباب خلفها بقلق...

لاحظت مها أن ندى على غير عادتها، فدلفت خلفها إلى المكتب و...
-مها: مالها ندى، شكلها مش طبيعي النهاردة...
كانت ندى تدفن رأسها بين كفي يديها، تشعر أنها تحمل هماً أخراً يضاف إلى ذاك الجبل الذي تحمله من الهموم...

اقتربت مها منها، ثم ربتت على كتفها و...
-مها بصوت حاني: مالك يا نووودة؟ شكلك متغير النهاردة؟ في حاجة مضيقاكي؟ قوليلي ده أنا برضوه صاحبتك.

لم تتحدث ندى وإنما ظلت صامتة، استغربت مها أكثر من صمتها، لذا أكملت بـ...
-مها: يا نودة يا حبيبتي اتكلمي، قولي ع اللي مضايقك، أنا والله حاسة بيكي.

وفجــأة سمعت مها صوت شهقات ندى، والتي أجهشت بالبكاء بطريقة مقلقة، مما جعل مها تنزعج أكثر و...
-ندى بصوت باكي: اهـــيء... اهــــيء...
-مها بقلق واضح: في ايه يا ندى؟ في حاجة حصلت؟ طمنيني؟
-ندى بصوت متقطع: أنا... آآآ... أنـ..ا... حــامل
-مها وقد فغرت شفتيها: هـــــاه.. انتي ايه؟
-ندى بصوت باكي أقرب إلى الهمس: أنا.. حامل.

اعترت الدهشة جميع خلجات وجه مها، هي لم تصدق أذنيها حينما سمعت تلك العبارة أول مرة و...
-مها باستغراب شديد: حامل؟ طب ازاي؟.

سردت ندى لصديقتها مها ما حدث معها، وعلاقتها بيوسف، كانت مها مصدومة مما تسمع، لم تتخيل أن يكون كل هذا صار مع صديقتها، وأن الشخص الذي بدأ يحرك مشاعرها هو زوج صديقتها.. لم يكن لديها ما تقوله، لذا أثرت الصمت.. فقد كانت المفاجأة أكبر من قدرتها على الكلام.

شعرت ندى أنها أزاحت هماً يثقل صدرها حينما أفضت بما تحمله بين طياتها إلى صديقتها، ورغم هذا هي تريد حلاً لما هي فيه
-ندى بأعين باكية: المشكلة اني مش عاوزة حاجة تربطني بيه تاني،أنا كارهة أي حاجة ليها علاقة بيه
-مها: آها
-ندى مكملة: أنا.. أنا عاوزة أشوف حد يساعدني اني أتخلص من اللي في بطني.

صدمت مها من عبارات ندى الأخيرة، فحاولت أن تثنيها عن ذلك الرأي و...
-مها بصدمة: ايييه؟ بتقولي اييييه؟ انتي اتجننتي
-ندى برجاء: مها، انتي صاحبتي وأقرب حد ليا الوقتي، أنا.. أنا عاوزاكي تساعديني في الموضوع ده
-مها: لألألألأ.. ماينفعش، الموضوع ده خطير.

-ندى: أرجوكي يا مها، خليكي واقفة معايا، أنا مش عاوزة حاجة تربطني بالانسان ده تاني
-مها: يا ندى هو مالوش ذنب، ليه تتخلصي منه؟ مش يمكن ربنا بعته ليكي عشان يعوضك
-ندى: مش عاوزاه، ساعديني
-مها: طب خلاص.. احنا نحاول نفكر في حل للمشكلة دي بعدين، انتي ناسية عندنا presentation النهاردة
-ندى: هــه.. ده أنا نسيت الموضوع ده خالص
-مها: ماتقلقيش، كل حاجة أنا مظبطاها، انتي بس خشي اغسيلي وشك وظبطي نفسك، وبعد كده نتكلم
-ندى وهي توميء برأسها: طيب.

عقدت مها العزم في قرارة نفسها أن تساعد ندى، ولكن عن طريق اقناعها بالتمسك بذاك الجنين وعدم التخلص منه، فمهما كانت الخلافات بينها وبين أبيه، لا يجب أن تدفعها للتخلص من حياة مخلوق لا ذنب له...

في شركة Two Brothers
توجه مروان إلى الشركة كعادته يومياً، ولكن تلك المرة كانت ملامح الضيق بارزة حتى على تصرفاته..
هو يعلم أن مستقبل شركته يعتمد على الصفقة الجديدة، ويخشى أن يتركها في تلك الظروف ويسافر، فتقع الشركة في يد الأفعى علياء وبالتالي تمسك بمفاتيح الشركة في جيبها، وتوشي بأسرار العمل لذاك البغيض الذي يوظفها...
هي باتت كالشوكة في حلقه، ولم يعد يطيق بقائها أكثر من هذا..
هو يعد الأيام لكي تعود السكرتيرة ريهام إلى العمل من جديد.. حتى يضمن نهائياً إزاحة تلك الكارثة من شركته..

وعلى قدر ما كانت تتذمر وتبغض العمل في ذلك المكان، إلا أن علياء لم تكل أو تمل مما يجبرها مروان على فعله لأنها بكل بساطة تتلقى المقابل بسخاء كبير من مايا، فهي تبيع لها الأوهـــام.. وتعطيها معلومات زائفة وتتلقى الربح في المقابل...

قررت نيرة أن تفاجيء مروان، هي تعلم أنها إذا أصرت واستخدمت اسلوب الحدة معه، ستقابل كل عنف منه، لكن اذا ما تحايلت عليه وأبدت الرغبة في رفع المعاناة عنه، ربما سيعوضها ويجعلها تأتي معه إلى ألمانيا...

أحضرت نيرة باقة من الورد الأبيض، ثم دلفت إلى شركة مروان.. كانت تلك هي المرة الأولى التي تزور فيها مقر عمله...
شعرت نيرة بالرهبة من ذلك المكان، كانت مرتعدة، ولكنها حاولت بث الثقة في نفسها من جديد... توجهت إلى الاستقبال واستعلمت عن مكتب مروان، ثم توجهت إلى المصعد، وصعدت إلى حيث يوجد مكتبه...

تأملت نيرة المكان من حولها، كان كل شيء في الشركة راقياً يتمتع بذوق عالي مما أبهرها.. وصلت نيرة إلى مكتب السكرتارية، وما إن دلفت إليه حتى وجدت علياء جالسة ووممسكة بمرآة صغيرة، وتضع أحمر الشفاه على شفتيها.. أمعنت نيرة النظر في شكل وهيئة علياء المستفزة، مما جعلها تنزعج وتشعر بالضيق منها...

نظرت لها نيرة بنظرات حانقة غاضبة، ثم تحدثت بنبرة حادة و...
-نيرة بنبرة حادة نسبياً: انتي يا استاذة.

التفتت علياء إليها، ثم رقتها بنظرات استعلاء، وعادت لما تفعل من جديد، مما جعل نيرة تغتاظ أكثر منها و...
-نيرة: أنا مش بكلمك؟ مش بتردي ليه؟
-علياء ببرود: افندم، عاوزة حاجة
-نيرة: فين مروان؟

-علياء بدلع زائد: مروان! قصدك مروان بيه، هو مش فاضي يقابل حد، تعالي وقت تاني
-نيرة وهي تقلد طريقتها في الحديث: والله!
-علياء وهي توميء برأسها: أهـــا
-نيرة بحدة: الكلام ده يمشي مع أي حد تاني غيري.

لمحت نيرة باب غرفة ما، فأسرعت إليه لكي تفتحه، نهضت علياء من على مقعدها، وأسرعت خلفها لتمنعها..
-علياء: يا آنسة... يا مدام استني.

لوحت نيرة لها بيدها لكي تصمت، ولم تكترث لصراخها، وفتحت الباب عنوة و..
-نيرة وهي تلوح بيدها: شششش...

كان مروان مشغولاً بالتخطيط لما سيفعله خلال فترة سفره، خاصة في الشركة، فتفاجيء بأحد ألشخاص يفتح باب مكتبه عنوة، كان على وشك الصراخ فيمن فعل هذا ولكنه تفاجيء بوجود نيرة في مكتبه...

نهض مروان من على مقعده فور أن رأها تدلف للداخل، اعترت الدهشة ملامحه و...
-مروان فاغراً فاه: نيرة..!.

دلفت علياء هي الأخرى إلى المكتب، كانت تتحدث حينما صرخت فيها نيرة بأن تخرج و...
-علياء: أنا حاولت يا مروان بيه أمنعها تدخــ...
-نيرة بحدة: امشي اطلعي برا
-علياء بدهشة: اييييه؟ أنا؟
-نيرة بغضب: آآآه انتي، يالا
-مروان: اهدي يا نيرة
-نيرة وهي تنظر إليه نظرات حانقة: خليها تطلع بره أحسنلها
-مروان وهو يشير بيده لكي تهدأ: طيب.. طيب.

أشار مروان لعلياء بيده لكي تخرج وتغلق الباب من خلفه، بينما احتارت علياء في هوية تلك الفتاة، ولكنها رجحت أنها قد تكون شخص ما هـــام...

وما إن أغلقت علياء الباب، حتى اندفعت نيرة كالصاروخ في وجه مروان، ثم بدأت في الجدال الحاد معه و...
-نيرة بضيق: تسمح تقولي مين البت اللي أعدة برا دي
-مروان: دي السكرتيرة
-نيرة: لا والله، ودي بقى اللي بتشوف مزاج سعادتك هنا
-مروان: نيرة، أنا مش ناقص خناق هنا، ده مكان شغل.

-نيرة: البت دي تمشي من هنا حالاُ
-مروان: والله مش هاقدر أمشيها قبل ما أجيب بديل
-نيرة: يا سلام؟ يعني مافيش ولا واحدة غيرها تقدر تقوم باللي بتهببه
-مروان: للأسف كل اللي اتقدموا لوظيفتها دون المستوى، مش نافعين لحاجة
-نيرة بتهكم: ودي بقى الفالحة اللي فيهم.

-مروان محاولاً التحكم في أعصابه: بصي يا نيرة لو عاوزة تتخانقي، خليها في البيت أحسن، أنا في دماغي مليون مصيبة ومش ناقص وجع قلب هنا وفي البيت
-نيرة بضيق: برضوه مصمم تضايقني بكلامك؟
-مروان: انتي يا نيرة اللي مش قادرة تفهمي ولا تقدري اللي أنا فيه
-نيرة: هو انت جربتني أصلاً عشان تعرف ان كنت بفهم ولا لأ
-مروان: أنا مش محتاج أجربك يا نيرة، بس انتي بجد مش بتقدري مسئولية أي حاجة، لو أنا معملتش اللي انتي عاوزاه يبقى بكرهك ومش بحبك
-نيرة: وانت بتحكم عليا كده من الباب للطاء.

وقف مروان في مواجهة نيرة وقد بدأت الدماء تحتقن في وجهه من الضيق و...
-مروان وهو يزفر في ضيق: اووووف.. أنا مش هاخلص النهاردة، يعني انتي من الأخر عاوزة تتخانقي، ومش هاتهدي إلا لما نتعصب على بعض.

شعرت نيرة فجــأة أن هناك خطبٌ ما بها، هي ليست على ما يرام.. حيث بدأت تشعر بأن هناك دواراً ما يسيطر على رأسها.. لم تعد الرؤية واضحة بالنسبة لها، فصورة مروان تهتز أمام عينيها..
كانت تريد الحديث والرد على مروان، ولكنها لم تقدر، وضعت يدها على جبينها محاولة أن تمنع ذلك الدوار من الاستمرار ولكنه يزيد بصورة تدريجية..
-مروان مكملاً: انتي غاوية خناق، والظاهر انها هواية عندك وآآآ...

لاحظ مروان ترنح نيرة أمامه، وشحوب لون وجهها المفاجيء، فارتعد من هيئتها و...
-مروان بخضة: نيرة، انتي كويسة
-نيرة: آآآآ...

لم تقو قدمي نيرة على حملها أكثر من هذا، حيث ارتخى جسدها فجــأة، وكانت على وشك السقوط لولا أن أسرع مروان بالامساك بها..
فقدت نيرة الوعي في أحضان مروان، فأسرع هو بحملها بين ذراعيه، ووضعها على الأريكة القريبة، حاول إفاقتها، ولكنها لم تستجب له.. خشي أن يكون ما صار بها من قبل قد حدث مرة أخرى معها، فأسرع بالاتصال بأحد الأطباء لكي يحضر إلى شركته على الفور...

ظل مروان بجوار زوجته إلى أن يحضر الطبيب، وطلب من علياء أن تلغي مواعيده في الساعة القادمة ريثما يطمئن على زوجته...

كانت تلك هي المعلومة الأثمن التي حصلت عليها علياء.. هي أرادت أن تعرف هوية هذه الفتاة، وها قد جاء إليها الخبر على طبق من فضة...

في دبي
في الشركة
عدلت ندى من هيئتها ومن هندامها، واستعدت للذهـــاب إلى العرض التقديمي، كانت تحاول أن تبدو بحالة جيدة وخاصة أمام الأخرين، ولكن هي تشعر بالاعياء.. ولا تحتاج لمعرفة سبب ذلك الاعياء، فقد كانت أعراض الحمل تهاجمها.. وهي لا تريد لأي احد أن يعلم بهذا.. لذا تحاملت على نفسها..
سبقت مها ندى إلى غرفة الاجتماعات لتتأكد من أن كل شيء معد وجاهز.. ثم بعد هذا تلحق بها ندى...
أخبرت مها ندى هاتفياً أن كل شيء في مكانه، وما عليها إلا الحضور فقط والابتسام، وستتولى هي زمـــام الأمور...

شكرت ندى مها كثيراً على دعمها المستمر لها، ثم استعدت للذهاب إلى ذلك الاجتماع

توجهت ندى إلى المصعد بخطوات بطيئة حذرة.. كانت تتنفس بصعوبة، هي تشعر بأن الدوار والغثيان يسيطران عليها الآن، وهي لا تريد أن تلفت النظر إليها.. لذا كانت متمهلة إلى حد كبير في خطواتها...

في نفس التوقيت كان على يوسف أن يحضر ذلك العرض مضطراً، بصفته المدير العام للشركة، ورغم أنه كان لا يود أن يزعج ندى بوجوده، إلا أن ظروف العمل تقتضي حضوره...

استقل يوسف المصعد أولاً، ثم وجده يقف تلقائياً عند الطابق الذي يوجد به مكتب ندى، لم يكن يتوقع أن يلتقي بها في المصعد، ولا هي كذلك.

فحينما فُتح باب المصعد، دلفت ندى إلى الداخل دون أن تنتبه إليه، فقد كانت في حالة لا تستدعي التركيز فيما يوجد حولها، وهي فقط مسلطة أنظارها حيث تسير قدميها.

لاحظ يوسف أن هناك خطب ما بندى، ولكنه أثر الصمت حتى لا يزعجها..
اشتمت ندى رائحة عطر يوسف، مما أثار شعورها بالغثيان أكتر.. رفعت ندى بصرها لتجد يوسف واقفاً بجوارها.. شحب وجهها رعباً، خافت أن يكتشف ما بها.. لذا ابتعدت قليلاً عنه.

استغرب يوسف هو الأخر من ردة فعل ندى حينما رأته، ولكنه لم يعاتبها فهو يعلم أنها تبغضه، وتمقته، لذا لا داعي لأن يثير حنقها أكثر...
تسببت حركة المصعد في زيادة الدوار لدى ندى.. رفعت كلتا يديها لتمسك برأسها، ولكن استمر الدوار في الزيادة، لذا استندت بكامل ظهرها على جانب المصعد.

لمح يوسف بطرف عينيه أن ندى ليست على ما يرام، لذا التفت برأسه نحوها و...
-يوسف متسائلاً بتردد: انتي.. احم... آآآ... كويسة
-ندى: آآ...

لم تستطع ندى أن تجبه، ولكن للحظة ظنت أن رأسها ستسقط من بين أيديها، فمالت بجسدها كله على الجانب وكأنها تحاول الامساك بها، فأسرع يوسف ناحيتها وأسندها بذراعيه و...
-يوسف بخضة: ندى، انتي كويسة؟
-ندى: هـــه.

لم تعد ندى تستطيع أن تتحمل الدوار أكثر من هذا، وزد عليه رائحة يوسف التي زادت فجــأة فأصابتها بالغثيان اكثر.. لذا قررت ألا تقاوم أكثر من هذا وتستسلم للدوار، فأرخت ذراعيها، وسقطت مغشية عليها في أحضان يوسف...!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة